قصة خداع قاسي
البارت الحادي عشر 11
بقلم ديانا ماريا
صدمت داليا من كلمات والدتها فرددت بعدم تصديق: أهرب؟
حثتها حسناء متابعة: اه طبعا تهربي وتيجي عندي في البيت ساعتها أمجد هيبقى قدام الأمر الواقع ويعرف أنه خلاص هيخسرك لو فضل مع اللي اسمها علياء دي وهيطلقها ساعتها.
صمتت داليا بحيرة وهي لا تعلم هل تطيع والدتها في تلك الخطوة المتهورة أم لا، تعلم أنها خطوة كبيرة وخطيرة للغاية ربما تتسبب في استياء والدها الشديد منها.
حين أحست حسناء بأن داليا تفكر ويمكن أن تتراجع أردفت بصوت حزين متأثر: فكري يا داليا وردي عليا، إحنا دلوقتي بنعمل أي حاجة علشان نخلي أبوكِ يشوف الحقيقة وإلا لو عرف اللي عملناه ساعتها هيحرمني منك ومش هعرف أشوفك تاني أبدا وعلياء هتكون انتصرت علينا كلنا.
قالت داليا بتردد: مش عارفة يا ماما، أنا عارفة أنه معاكِ حق بس....
قاطعتها حسناء بتلهف: بس إيه؟ دلوقتي مش عايزة تساعدي ماما؟
سارعت داليا تنفي ذلك بلهفة: لا طبعا يا ماما أنا أعمل أي حاجة علشانك بس الموضوع كبير.
أحست حسناء أنها إن ضغطت أكثر على داليا ربما ترفض فردت بصوت كسير: خلاص يا داليا فكري وبراحتك.
أغلقت داليا الهاتف وبقيت مكانها لقد وقعت في حيرة شديدة ولا تعرف كيف تقرر أمرًا بدى أكبر من عمرها وخبرتها وقدرتها على الحكم من ناحية هي تريد عودة والدتها بشدة ومن ناحية لا تستطيع الهرب من المنزل ذلك سيُغضب والدها منها بشدة، تنهدت بشدة وهي لا تعرف كيف تحسم أمرها.
في الخارج كانت علياء تجلس صامتة أمام أمجد.
رفعت بصرها له وقالت بجدية: أنا هروح عند أهلي فترة.
حدق إليها والرفض يظهر واضحًا في عينيه إلا أنها تابعت بتصميم: لازم ده يحصل، أنا فكرت طول الليل، أي تفاهم بينك وبين داليا مش لازم يحصل وأنا موجودة وأنا كمان محتاجة أريح أعصابي شوية.
تنهد وهو يهز رأسه دون أن يتكلم، نظر لغرفة داليا بتفكير وهو يعلم أن هناك لغز يجب عليه حله وفي أسرع وقت ممكن.
طرق الباب فنهض ليفتح ليجدها نورا أخته التي بادرته بقلق: مالك يا أمجد؟ صوتك مكنش طبيعي في التليفون حصل حاجة؟
قال أمجد بهدوء: اتفضلي يا نورا بس الأول مفيش حاجة.
دلفت نورا تحمل ابنها الصغير على ذراعها ثم توقفت تنظر لعلياء التي ظهر الإرهاق على محياها، نهضت علياء لترحب بها.
سلمت عليها نورا ثم نظرت لوطنها بتفحص: مالك يا علياء؟
ثم عادت لأمجد: ماحد يرد عليا! باين خالص أنه فيه حاجة مش طبيعية!
حاولت علياء الابتسام: مفيش حاجة يا نورا إحنا كويسين الحمد لله.
ردت نورا بعناد: لا فيه حاجة وحاجة كبيرة كمان، يعني أنا مش هعرف صوت أخويا لما يكون تعبان! ده كفاية الواحد يبص في وشكم! احكوا لي يمكن أقدر أحل معاكم.
نظرت علياء لأمجد الذي أمسك نورا من ذراعها وأجلسها: اقعدي بس ونتكلم يا نورا.
قالت علياء لأمجد: أنا هدخل أنا يا أمجد أحضر شنطتي.
أومأ أمجد بينما حدقت إليهم نورا باستغراب: تحضر شنطتها ليه؟ مسافرين؟
قال أمجد بضيق: علياء هتروح تقعد عند أهلها فترة.
شهقت نورا بذهول: ليه اتخانقتوا!
رد بتوتر: مش ده الموضوع بس حصل سوء تفاهم والفترة دي مفيش تفاهم بينها وبين داليا.
قاطعته نورا بسخط: اه قولي كدة من الأول يبقى الموضوع كله بسبب داليا!
قال أمجد بانزعاج: نورا لو سمحتِ اسمعيني الأول ولا مش بسبب داليا قولتلك مجرد سوء تفاهم وهي هتروح ترتاح فترة وترجع تاني.
قالت نورا بحنق: لا مش سوء تفاهم يا أمجد وأنا عارفة من الأول اللي هيحصل! أنا مش هسيبها تدمر حياتك زي ما أمها عملت قبل كدة!
نهرها أمجد بحدة: نورا! آخر مرة أحذرك تجيبي سيرة الموضوع ده على لسانك أنتِ فاهمة!
نهضت نورا بغضب: طيب وبعد ما أسكت؟ هتسيب حياتك تتخرب تاني! قولتلك ألف مرة أنك بتدلعها ولازم تقف لها علشان متبوظش مسمعتش كلامي، دلوقتي بقى أنا اللي هقف لها يا أمجد!
ثم أسرعت باتجاه غرفة داليا وفتحتها على غفلة منها ففُزعت داليا وهي تنظر لعمتها الغاضبة التي اتجهت نحوها وسحبتها من ذراعها لتقف صارخة: أنتِ يا بت أنتِ مش هترتاحي غير لما تخربي حياة أبوكِ!
قالت داليا بدهشة: فيه إيه ياعمتو حصل إيه؟
لحق بها أمجد وأبعدها عن داليا قائلا بحزم: خلاص يا نورا مينفعش اللي أنتِ بتعمليه ده!
حدقت إليه نورا بغيظ: لا وينفع اللي هي بتعمله أوي!
عادت نورا تحدق لها بحنق: هتستفيدي إيه لما تخربي حياته مع مراته؟ قوليلي ها؟ أنتِ شكلك وراكِ حاجة مش مظبوطة!
خافت داليا من أن يكون انكشف أمرها فقالت بارتباك حاولت إخفائه بالاستياء: يعني إيه كلامك ده مش فاهمة! أنا معملتش حاجة.
ابتسمت نورا بسخرية: لا دور الملاك تعمليه مش هيدخل عليا، الدور اللي عملته أمك زمان ما أنتِ طالعة زيها!
صدع صوت أمجد العالي في الغرفة باحتدام: خلاص! إيه مش مالي عينك يا نورا ولا إيه! قولتلك كفاية!
صمتت نورا أخيرا فأمسكها أمجد وأخرجها من الغرفة ثم أغلق الباب فجلست داليا على سريرها بخوف وتوتر من الواضح أن عمتها لن ترك الأمر يمر على خير وربما تقلب والدها ضدها أو ينكشف أمرها، فماذا ستفعل حينها؟
نظرت إلى الهاتف وتذكرت كلمات والدتها، هل يمكن أن تكون تلك الحل؟
في الخارج وبخ أمجد نورا بشدة: لو أنا مش راجل ومالي عينك يا نورا ساعتها قوليلي وأنا هسيبك تحلي مشاكلي وتزعقي في بنتي قدامي ومش عاملة أي احترام ليا!
زفرت نورا بضيق: يا أمجد أنا زعلانة علشانك علشان كدة فقدت أعصابي مش عايزة أشوفك زعلان ومضايق، مش هستحمل أبدا أشوفك تاني في الحالة اللي كنت فيها قبل كدة ولو ليوم واحد حتى!
أغمض عيناه وأخذ نفسا عميقًا قبل أن يفتحها ويرد بهدوء: أنا قولتلك أنه كل حاجة هتتحل بإذن الله، وأنا مش هسمح أنه حياتي مع علياء تتهد فمتقلقيش يا نورا واهدي شوية، أنا بزعل من اللي بشوفه منك تجاه داليا.
أشاحت بوجهها للناحية الأخرى وقالت بتبرم: أنا عايزة أدخل لعلياء.
هز رأسه بيأس من شقيقته لكنه يعلم أنها تفعل كل ذلك قلقًا عليه فأشار لها: تعالي يلا.
دلفوا للغرفة وفي ذات الوقت فتحت داليا باب غرفتها بروية وهي تتفقد بعينيها إذا كان هناك أحد في الصالة أم لا، لم تجد أحد فخرجت من الغرفة وهي تتلفت حولها بتوتر، تقدمت بخطوات ثقيلة إلى الباب، عيناها تجول في المكان بخشية، ترددت للحظة وهي تضع يدها على مقبض الباب وشعورا من الاختناق يسيطر عليها ثم فتحت الباب بهدوء حتى لا ينتبه أحد وأغلقته ورائها بتمهل.
بعد قليل خرج أمجد من الغرفة وترك علياء ونورا لوحدهما، فكر بأن يذهب ليتحدث مع داليا حتى لا تستاء من عمتها ومن حديثها.
طرق الباب لعدة مرات وحين لم يجد إجابة فتح باب غرفتها، قطب باستغراب حين لم يجدها في غرفتها فدخل وهو يناديها ظنًا منه أنها في الحمام.
انتظر لدقيقة قبل أن يقتحم الحمام معتقدًا بخوف أنها متعبة أو فقدت الوعي، وقف مكانه بذهول حين وجده فارغًا.
خرج مسرعًا من الغرفة ليبحث بصورة سريعة عنها في أرجاء المنزل ثم نادى علياء ونورا بصوت عالي مما أفزعهم فخرجوا لهم على الفور.
قال أمجد باضطراب: أنا مش لاقي داليا في أوضتها ولا في البيت كله، داليا مشيت من البيت!...
لقراءة جميع حلقات القصه من هنا