قصة خداع قاسي البارت السادس عشر 16 بقلم ديانا ماريا

قصة خداع قاسي

البارت السادس عشر 16

بقلم ديانا ماريا

تظاهر الرجل بالتفكير لبرهة قبل أن يقول بتسلية: تقدري تقولي معرفة لماما، هي فين بقى؟


قالت بارتجاف من الخوف: هي...هي مش موجودة دلوقتي.


ثم أغلقت الباب بسرعة في وجهه، كان تصرف تلقائي نبع من توترها وخوفها خاصة أنها أحست أنها أخطأت حين أخبرته أن والدتها ليست في المنزل وأنها وحيدة هنا.


سمعت ضحكة من الخارج تبعه صوت الرجل بمرح: كدة تقفلي الباب في وش عمو يا قطة؟ على العموم عرفي ماما إني جيت.


لم تجب داليا وهي تقف مكانها مرتجفة بخوف ثم أرهفت السمع وحين تأكدت أنه ذهب تنفست الصعداء وذهبت لتجلس بضيق.


أين ذهبت والدتها وتركتها لوحدها؟ ومن هذا الرجل الغامض؟


أصدرت معدتها صوت من الجوع فنظرت حولها بحيرة ولم تجد حل غير أن تنتظر إلا أنه مرت ساعة أخرى ولم تعد فنهضت تبحث مرة أخرى عن شيء يصلُح للأكل حين وجدت علبة متبقي فيها بعض من الجبن ولكنها لم تجد خبز تستطيع تناوله معه فوقفت تفكر حتى تساءلت هل تستطيع أن تسأل الجيران ليعطوها؟


فتحت باب المنزل وتوجهت بتردد للشقة المجاورة ثم طرقت الباب.


فتح الباب فتاة تظهر في عمر داليا أو أكبر قليلا رفعت حاجبيها باستغراب: فيه حاجة؟


قالت داليا بارتباك: لو..لو سمحتي عندك رغيف عيش؟


حدقت إليها الفتاة بدهشة: نعم؟


كررت داليا بإحراج: عيش، أصل أنا جعانة ولما دورت في بيتنا لقيته خلصان وماما مش موجودة.


تفحصتها الفتاة ثم ضحكت: اه موجود طب تعالي بما أنك قاعدة لوحدك اقعدي معانا.


ردت داليا بتعجب: معاكم؟


أجابت الفتاة ببساطة: اه مفيش حد غيري أنا وماما بدل ما أنتِ قاعدة لوحدك.


ترددت داليا لأنهم غرباء ولكن في المقابل ستجلس وحيدة حتى تعود والدتها فابتسمت بتوتر: تمام.


دلفت بتوتر تتفحص الشقة بعينيها فوجدتها عادية وغير بعيدة عن ديكور شقتهم، أشارت لها الفتاة بالجلوس فجلست ثم اختفت الفتاة في زاوية من الشقة وعادت بعد دقيقتين تحمل لها رغيف الخبز.


قالت بمرح: اتفضلي العيش أهو، قولي لي بقى إسمك إيه؟


ابتسمت داليا بخجل: أنا داليا وأنتِ؟


أسندت الفتاة ذراعها على مسند الأريكة: أنا نورهان، أنتِ مين بقى؟ أنا أول مرة أشوفك.


ردت داليا بتلقائية:جارتكم تبقى ماما وأنا جيت أعيش معاها هنا.


نظرت لها نورهان بدهشة: بجد؟ بس إزاي أول مرة أشوفك! وكمان إحنا عمرنا ما عرفنا أنها متجوزة وعندها بنت.


أخفضت داليا رأسها: ماهو بابا وماما متطلقين وأنا كنت عايشة معاه.


هزت نورهان رأسها ثم رفعت كتفها بلامبالاة، كانت داليا تتجاوب بحذر مع نورهان حتى مضى بهم الوقت وانسجمت معها تمامًا في الحديث متخلية عن بعض توترها ووحدتها حتى انتبهت للوقت المتأخر فشهقت: إيه ده أنا لازم أروح زمان ماما رجعت ومش عارفة أني هنا.


نهضت بسرعة فسارت معها نورهان حتى الباب، ما إن فتحت الباب حتى صرخت بفزع هي وتمسكت بنورهان حتى تبين لها أن ذلك شاب يرتدي قناع مخيف.


ضحكت نورهان: مش هتبطل عادتك يا ياسر! شوفت البنت اتخضت.


خلع ياسر القناع وابتسم لداليا بعبث: والله كنت ناوي اخضك أنتِ بس حظها بقى.


التفتت نورهان لداليا قائلة: ده ياسر ابن خالي، ساكن قريب من هنا وبيحب يرخم عليا علطول.


أومأت داليا ولم تتفوه بكلمة لأنها محرجة من وجود ياسر الذي يظهر أنه يكبرها ببضعة سنوات ثم ذهبت لشقتها متجاهلة نظراته، دلفت لتجد والدتها لازالت في الخارج 

فاستقلت على الأريكة بإحباط وقد فقدت شهيتها للأكل.


همست بحزن: أنتِ روحتي فين وسيبتيني لحد دلوقتي يا ماما؟


غفت مكانها حين سمعت صوت الباب يفتح فنهضت على الفور لتجدها حسناء.


قالت بارتياح: أخيرا يا ماما كنتِ فين كل ده؟


نظرت لها حسناء بتعجب وقالت باستياء: أنتِ إيه اللي مصحيكي لدلوقتي


ردت داليا مستغربة: أنا كلها ملقتكيش في الشقة ومعرفش أنتِ ومش بتردي على التليفون حتى ملقتش أي أكل في الشقة غير حتة جبنة فروحت جيبت عيش من الجيران، أنا كنت قاعدة خايفة لوحدي ليه مقولتيش أنك خارجة؟


تأففت حسناء بضيق: جالي تليفون علشان شغل وروحت أشوفه.


قالت داليا بتساؤل: شغل؟ ليه؟


نظرت لها حسناء بغضب: وأنتِ فاكرة هنصرف منين ياعيون أمك؟ مش أبوكِ سابك لازم فلوس علشان نعيش.


نظرت لها داليا بذهول فتداركت حسناء ما فعلته وقالت بابتسامة: متزعليش مني يا حبيبتي بس أنا تعبانة دلوقتي، إحنا دلوقتي مش معانا فلوس لحد ما باباكِ يبعت المصروف لازم أتصرف.


أومأت داليا بصمت وهي مازالت تتطلع إليها ثم قالت بصوت منخفض: طب مش هناكل؟


سارت حسناء لغرفتها بينما تقول بلامبالاة: مش قولتي جيبتي وكلتي من عند الجيران يبقى خلاص، أنا واكلة برة.


ثم دخلت وتركت داليا واقفة مكانها بحيرة كبيرة من تصرفات والدتها الغير منطقية.


في اليوم التالي استيقظت داليا وخرجت لتجد والدتها تستعد للذهاب مرة أخرى فقالت بدهشة: أنتِ هتمشي من بدري كدة يا ماما؟ طب هترجعي امتى؟


قالت حسناء ببرود: مش عارفة لسة يا داليا هبقى أكلمك.


ثم توجهت لتخرج فقالت داليا بسرعة: طب متنسيش تجيبي أكل وأنتِ جاية مفيش حاجة في البيت.


ابتسمت حسناء بسخرية: شوفي من الجيران أو انزلي خدي من البقال وهبقى أدفع له الفلوس.


ثم غادرت تحت نظرات داليا المذهولة ولأنها ستمضي نهارًا طويلًا لوحدها بدأت تشعر بالملل على الفور وحاولت إيجاد شيء ليسليها وبعد أن تحدثت مع صديقتها لبعض الوقت وجلست على الهاتف ألقته جانبها بضيق.


ضمتها ركبتها لصدرها وهي تستند عليها بذقنها تفكر بحزن أنها اشتاقت لوالدها كثيرًا ولم تقصد أن تكسره بذلك الشكل لكن في المقابل عليه أن يتفهم رغبتها!


ضايقها تفكيرها أكثر ولم ترد أن تجلس وحيدة حتى أتى في بالها لما لا تذهب لنورهان؟ تلك الفتاة التي من عمرها، ربما يمكنها إنشاء علاقة طيبة معها خصوصا أنها لا تعرف أحد هنا وأيضا تمضي معها بعض الوقت خلال غياب والدتها.


ذهبت بتردد وهي تدعو أن تكون في المنزل حين فتحت لها فابتسمت داليا: أنا كنت قاعدة لوحدي شوية لأنه ماما في الشغل فلو فاضية ممكن نقعد مع بعض شوية؟


رفعت نورهان حاجبها بابتسامة: في الشغل؟ تعالي يلا أنا كمان قاعدة لوحدي لأنه ماما أغلب الوقت نايمة.


مع مرور الوقت عرفا أشياء أكثر عن بعضهما فقد علمت داليا أنا والد نورهان مسافر خارج مصر ويأتي في إجازات سنوية ولا تمتلك أي إخوة مثلها.


فجأة حضر ياسر فشعرت داليا بالتوتر ونهضت لتغادر فسألت نورهان بتعجب: رايحة فين؟


قالت داليا بحرج: همشي بقى.


ابتسم ياسر ففهمت نورهان سبب مغادرة داليا فقالت باستنكار وهي تشدها لتجلس مرة أخرى: يا شيخة أنا فكرت فيه حاجة اقعدي ده ياسر مش غريب شوية وهتتعودي عليه.


ثم تابعت نورهان الحديث والمزاح مع ياسر وداليا صامتة، كان ياسر يحاول فتح حوار معها ولكنها كانت تجيب باختصار ثم بعد مرور بعض الوقت غادرت.


تنفست الصعداء حين عادت للمنزل لأنها كانت تشعر بالتوتر الشديد في حضور ياسر وانتظرت والدتها كالعادة التي عادت في وقت متأخر.


أصبح ذلك النظام المعتاد في الأيام التالية كانت والدتها تغادر فيما سمته العمل بينما تبقى داليا وحيدة مع نفسها وهي مستغربة تصرفات والدتها التي لا تقضي معها أي وقت فكانت تلجأ لنورهان وتقضي معها وقتها ورغم امتناعها في البداية إلا أنها اعتادت على وجود ياسر تدريجيا وتحول صمتها لحديث سطحي معه في بعض الأحيان، كان اشتياقها لوالدها يكبر مع مرور الأيام ولكننا لا تخبر والدتها بذلك لأنها حين قالت لها في مرة أنها ستتصل به غضبت بشدة مخبرة إياها أنها ستخرب ما يفعلوه بفعلتها تلك وأن على والدها أن يشتاق لهم ويشعر بألم خسارتهم بحيث يصعب عليه العيش بدونهم وبذلك سيعود لهم لذلك صمتت.


كانت نورا تجلس مع علياء في المطبخ بينما يجلس أمجد في الصالة.


زفرت نورا بضيق: أمجد عامل إيه يا علياء؟ هيفضل كدة كتير؟ 


أجابت علياء بهدوء: والله يا نورا مش كويس خالص  زي ما أنتِ شايفاه كدة بس بنحاول نمشي الدنيا نشوف هترسى على إيه.


غمغمت نورا بعصبية: أنا مش فاهمة هي عايزة منه إيه؟ حالفة لتخرب حياته طول العمر، ربنا ينتقم منها!


ترددت علياء ثم قالت بتساؤل: نورا أنا عايزة أعرف إيه حصل بالضبط، يعني أمجد فهمني شوية من الموضوع إنما عمره ما حكى لي إيه حصل بالضبط وليه أنتِ بتكرهيها أوي كدة؟ أظن من حقي أعرف وأفهم.


نظرت لها نورا لبضعة لحظات ثم تنهدت بأسى: أنا هحكي لك كل حاجة.


كانت داليا تحلس كعادتها مع نورهان وياسر يتبادلون أطراف الحديث ويضحكون على بعض النكات، لاحظت داليا مؤخرا أن ياسر ينظر لها بشكل خاص ويطيل النظر إليها مما آثار ارتباكها بشدة، حين حان موعد مغادرتها لحقها ياسر حتى الباب قائلا: داليا ممكن أقولك على حاجة مهمة؟


التفتت له داليا بارتباك: نعم فيه إيه؟


تقدم ليقف أقرب إليها وابتسم قائلا: داليا، أنا معجب بيكِ...


             البارت السابع عشر من هنا 

         لقراءة جميع حلقات القصه من هنا

تعليقات