قصة عشقت امرأة خطرة
البارت السادس عشر 16
بقلم ياسمينا احمد
فى مكتب جده كان الشجار بينهم حاد غضب عارم بين الطرفين غضب "فايز" إستمرار اخطائه
وغضب"زيد" من عدم تصديقه له لم يكذب طيلة حياته ، كيف يكذبه امام كلمه واحده قالتها "صبا"
بدافع الغضب والانتقام
بعد حوار طويل وصل معه لهدذه النقطه قائلا :
ـ يعنى انا هكدب لى ؟
سأله جده بعصبيه :
ـ وصبا هتكذب ليه ؟
أشاح "زيد" وجهه عنه وهو لا يعرف بما يرد على هذا السؤال عض على شفاه واطال الصمت
ثم هدر :
ـ مافيش متهم بيتحاكم بتهمه هو مش معترف بيها
بدأ يفهم أن هناك شئ غير واضح بين صبا وزيد يخفيه عمدا فسأله بمكر:
ـ إنت كنت عايزها تطلع معاك ليه يا زيد ؟ ورشدى ليه زقك ؟ هو كان بيدافع عنها ؟
إشطاط "زيد "عند سماع إسمه وهتف بإنفعال :
ـ الولد بصاته ليها مش مريحه
وضع "جده" يده على فمه واستمر بالتحديق به دون تعليق مما دفع "زيد" لتبرير خشيه ان يفهمه خطأ:
ـ حتى لو ما حبتهاش ولو كنت مغصوب عليها عمرى ما كنت هسمح بإن حد يتجرأ على بنت عمى أو حاجه
تخصنى
ظل على نفس سكونه وهو ينصت إليه ،يعرف "زيد" جيدا لم يكن ابدا كاذبا ويصعب إغضابه وما قاله الأن ليس
لديه شك به تصرف "رشدى " كافى ليحرك رجولة "زيد" وإستفزازه، لكن الوضع بات صعب وجوده سيعرقل كل
شئ بل سيخلق مشكلات عديده ويسبب شك أنه يدافع عن حفيده ويغطى على أخطائه لذا إتخذا قراره ،اخير نطق
قائلا بحسم :
ـ زيد اطلع على القاهره عشان تجهز للفرع الجديد ما ترجعش غير لما عمك حسين يرجع وتكتب الكتاب
إذدراء ريقه وكأن الكلمه ثقيله على انفاسه تقطع كل أمل بالحياه لم ينفر من إقصاء جده له أو يشك أنه لم يصدقه
هو أيضا بحاجه للهرب ،كاد يستسلم لرغبته ويفر من البلده بأكملها لكن تذكر شئ هام جعله يتراجع هاتفا :
ـ مريم ، ميلاد مريم قرب
اشار له وهو يجيبه بضيق :
ـ ابقى تعالى اعمله المهم إمشى دلوقتى يا زيد
"على باب مكتب جده "
كانت تقف "ونيسه " بترقب لم يرتاح جسدها أبدا غدت الطرقه ذهابا وايابا بإنتظار خروج والدها
تضم يدها إلى فمها وتدعوا الله كثيرا حتى لا يتأذى ولدها ، بينما "صبا" أتت مهروله نحو غرفة جدها
لكنها ما إن رأت "ونيسه " تراجعت وإكتفت بالمتابعه من بعيد
خرج "زيد" وسارعت "ونيسه " بإتجاهه تسأل بقلق :
ـ عمل إيه ؟
لاحظ أقدام غريبه تتراجع فثبت نظره لمعرفة صاحبها وكان من السهل كشف هويه "صبا" رغم أنها تحاول الاختباء
، حدث نفسه هازئا:
ـ فاشلة حتى فى دى
كررت والدته السؤال وقد أذدات توتر من صمته :
ـ قول قالك إيه ؟
إنتبه إليها ليجيب :
ـ هنزل القاهره ومش هرجع غير على كتب الكتاب
وضعت يدها على قلبها وهى ترد بصدمه :
ـ يا لهوى يا زيد هتفرطوا من إيدى ، انا رضيت بالهم عشان تفضل جانبى وفى الاخر
هو يمشيك بسهوله كدا
همت لتندفع نحو غرفة "فايز" وهى تقول بغضب :
ـ انا هدخل اكلمه وان شاء الله يبعتنى معاك
امسك "زيد" يدها ليمنعها من الدخول إليه هادرا بتروى :
ـ إصبرى يا أمى
رفع وجهه تجاه الركن الذى تقف به "صبا" ليجدها واقفه تحدق نحوهم بصدمه ظهرت جليا على تعبير وجهها
وكذالك فمها المفتوح بقى نظره معلق تجاها وإختطلت مشاعره بين غضب وشفقه غضب مما فعلت وشفقه
على ما قد تواجهه مع جدها بسبب كذبتها الكيديه هذه، اخرجه صوت والدته المنزعج من تلك المشاعر :
ـ كلوا من بنت المؤذيه صدقتنى يا زيد لما قولتك هتخربها وتقعد على تلها دى بنت بشرى بنت القادره
نكاية فى "صبا" اجاب متوعدا :
ـ كلها مده بسيطه واتجوزها وامشيها على عجين ما تلغبطوش
كادت "صبا" أن تقفز وتقبض على عنقه عرف كيف يستفزها ويأخذه حقه منها مازالت صغيره
على الوقوف بوجه "زيد الواصل" رددت "ونيسه " القول بضيق:
ـ إن شاء الله ما توعى ما تجبليش سيره الجوازه دى الله يرضى عليك والله فى سماء لو
يسبونى عليها لأقتلها أنا مش هستنى تانى تضيع عيالى انا عمرى ما انسى انها كانت سبب
فى انى أسقط اول عيل ليا
أكتفى "زيد" مما تقوله والداته خاصتا عندما لاحظ إستعداد "صبا" للهجوم عليهم ،هتف :
ـ خلاص يا امى بقى المهم خلى بالك من مريم لحد ما أرجع
هتفت "ونيسه" باستسلام :
ـ هتوصينى على مريم! ربنا يحميك يا ابنى بس ...
القت اخر كلمه بتردد جعل "زيد" يشعر بالقلق لكن القلق الذى نشب داخله كان اكبر من التكهن لذا سأل :
ـ بس إيه ؟
اجابته "ونيسه " بحرج :
ـ ع...عمك كان بيعملك حساب لو مشيت يعنى .....
قاطعها بشراسه :
ـ وانتى مفكره إنى هبقى بعيد أوى كدا أى جاجه تحصل تبلغينى بيها وانا هكلمك كل يوم
ما تخفيش من حاجه طول ما انا عايش على وش الدنيا
ربتت على كتفته لطالما كان "زيد" عوضا جميلا عن ما عانت لأجله ،تحملت الاجبار على الزواج
من "عماد" ومستعده لتضحيه بنفسها لاجله وليس هو فقط جميع ابنائها تحبهم لدرجه التقدس امسكت
بوجنتيه وهى تدعو له برضاء:
ـ ربنا يحميك يا حبيبى يا سندى وعوضى من ربنا الغالى
قبل رأسها بحنو وهو يرد عليها :
ـ ويخليكى ليا يا امى
ألتفت "ونيسه " لتهم بالمغادره وقد خشى "زيد" أن تلاحظ حضور "صبا" لكنها من الواضح انها رحلت
مبكرا أثناء إنشغاله بالحديث مع والدته .
"فى منزل شاكر "
انفعال حاد ملاء الاجواء من"نهى " عندما علمت بالخبر الذى صعقها وراحت تستنكر بانفعال
أمام والدتها واخيها :
ـ يعنى إيه ؟ أصوم أصوم وفى الاخر واحده تشاركنى فيه
زفرت والدتها التى تحيرت كيف تقنعها فقد طال رفضها ولازالت مصره على تنفيذ رغبتها،هتفت برويه :
ـ يا بنتى افهمى بقالنا مده بنفهم فيكى، يا كدا يا تنسى موضوع زيد دا خالص
جده قال لابوكى لو مش عاجب بنتكم خدو "مريم " وهو هيتجوز بنت عمه وانتى هتدخلى بعدها
زعقت "نهى" وقد أذدادت عصبيه :
ـ انتى بتقنعينى بإيه ؟ يتجوزنى على واحده شرطى انه يتجوزنى انا وبس
نهضت والدتها من جلستها لترد عليها بغضب :
ـ إنتى بتشرطى على إيه إذا كان البنت اللى بنضغط عليهم بيها قالك خدوها، مش دا زيد
اللى وجعتى دماغنا بيه اهو جالك وطلبك اخيرا يا تقبلى يا ترفضى وتقفلى الموضوع
دا خالص
تدخل"ياسر " الذى كان يصتنت للحديث بصمت وينتظر نتيجه :
ـ والله لو تسمعى كلامى يا "نهى " إرفضى إنتى ضفرك برقبته هتجوزيه على ايه ؟
إلتفت اليه"نهى " وردت عليه غاضبه :
ـ وعندك مين احسن منه دا "زيد الواصل" بنات البلد كلها بتمنى يبصلها مش يطلبها للجواز
قاطعتها والدتها وهى تضع يد فوق الاخرى :
ـ وأهو طلب ايدك إنتى اللى بتأمرى
صاحت بها "نهى":
ـ بعد ايه بعد ما يتجوز بنت عمه أدخل على ضره
اجابتها والدتها برويه لعلها تقتنع وتنهى هذا الشجار :
ـ أولهم ولا أخرهم وكويس انه هيتجوز التانيه الاول عشان تاكلى عقله انتى لسه
قايله بلسانك دا زيد الواصل الف واحده تتمناه يوم لما يجينا برجليه نرفضه إحنا
تذمرت قائله :
ـ يا ماما ....
قاطعتها والدتها ناهيه :
ـ ولا ماما ولا بابا ارضى بنصيبك هو يعنى لو زيد مشى هيجى مين احسن منه إنتى كبرتى
ولو حد فكر يقرب من بيتنا هيبقى يا متجوز يا مطلق يا أرمل وفى رقبته كوم عيال يبقى زيد
أحسنلك وإذا كان على بنت عمه دى عيله عندها عشرين سنه ومش هتعرف تعيش معاه ومش
واخده على طبعنا وإنتى وشاطرتك بقى ممكن تمشيها من تانى يوم وتبقى إنتى الكل فى الكل
صمت"نهى " وقد بدى عليها التفكير فى الامر كلام والدتها كله منطقى لكن كرامتها تؤلمها
ما كانت تنظر زيد وبيده زوجه اخرى كانت تصبر حتى يخرج من حزنه ويأتى إليها
لتعوض سنوات عاشتها فى حرمان ولوم ونظرات شفقه استمرت بالشرود حتى أخرجها
عنه أخيها وهو يسأل سؤال هام :
ـ وهو إيه اللى يخلى عيله بتاع عشرين سنه تجوز واحد ارمل وهيتجوز عليها بعد شهر
السؤال هذا إستفز "نهى " فهى من الان تشتعل بها نار الغيره لترد بحنق واضح :
ـ هيكون ليه اكيد ناقصه ايد ولا رجل ومش لاقين حد يتجوزها
وكزت والدتها ابنها وهى تحثه على الصمت قائله :
ـ الله اعلم بيها ربنا يستر على ولاينا هو يعنى ما كانش فى غير زيد فى البيت ما اسم الله
عليه بلال ومن بعده يحيى الموضوع فى إنّ، الله اعلم بيها
اجابتها كانت مُرضيه ل " نهى " أو على الاقل أرضت غرورها بأنها الكامله المُكمله التى اختارها
زيد بكامل إرادته .
"فى الحديقه "
عادت "صبا" لتلاعب "مريم " متظاهره بإلابتعاده عن الضجيج الذى حدث من ساعات لكن فى
الحقيقه هى تغطى على تأنيب ضميرها من جانب "زيد" خاصتا إن فى عنقه طفله رقيقه ك"مريم"
والتى من الممكن أن تتأذى بإبتعاده وأثناء مرحها توقف أمامه شقيقها الاصغر "وليد" بتعند
سألته "صبا" بجفاء :
ـ فى حاجه يا شاطر
إبتسم بمكر وهو يرد معاندا :
ـ كنت عايز أقولك إنى أخدت أوضتك وما فيش مكان ليكى
إنزعجت من حديثه وسألته بضيق :
ـ وحاجتى وديتوا حاجتى فين؟
هدر وهو يهتز بفرح :
ـ رمينها فى الزباله
إحتقن وجهها وهى تستمع إلى ما يقول غاضبه من تهميشها وعدم تفكيرهم بحيذ لها فى حياتهم بأكملها
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
فى الجانب الاخر
وقف "زيد" فى شرفته بعد أن أعد حقائبه إستعداد للمغادره يريد توديع "مريم" لم يحتاج وقتا
حتى يحدد مكانها فقد كانت واقفه الى جوار" صبا " من جديد ودون ترتيب تظهر امامه وكأنه
هو من يلاحقها سكن قليلا حين إطمئن على إبنته وما إن هم ليستدير حتى لاحظ تجاهل "صبا"
لاخيها والذى على ما يبدو إنفعل وضربها بقوة فى ركبتها وهرب ، تعجب بشده من عنف الجميع
تجاهها وتعجب اكثر من إستسلامها ووقوفها عاجزه تمسك بركبتها وتتألم فى صمت ،لكنه لازال
منزعج من تصرفها الاخير معه وخاصتا إصتفافها فى جانب رشدى وإظهر رفضها المباشر للزواج
منه وذكر كل مأسيه التى تنعتها بالعيوب على كلا فهو استعد لتنفيذ رغبة "جده" وقِبل بالابتعاد للراحه
من كل شئ يخصها ويخص مستقبله الملئ بالمفاجأت ليحيا حياه ترضيهم جميعا دون أن يعيش حياته هو
اما صبا فقد وضع خطه محكمه إما لتغييرها أو لقمعها .
التف لينادى "نجلاء " التى اسرعت بتلبيه النداء قائله :
ـ نعم يا بيه
هتف أمرا :
ـ إنزلى هاتى مريم عشان اودعها والفتره اللى هغيب فيها إوعى عينك تنزل من عليها وتباتى معاها
لحد ما ارجع
لقد كانت مطمئنه لوجود صبا لذا اجابت بخنوع :
ـ حاضر يابيه
إستدارت لتنفيذ أمره وجلب مريم إليه .
"عادت بثينه فى الظهور"
جائت خصيصا لترحب ب"مها" زوجه أخيها وفور رؤيتها إحتضنتها بود وهى تقول:
ـ اهلا اهلا بالغاليه مرات اخويا اخيرا نورتينا
احتضنتها "مها" وهى تبدى لها الموده الجميع الآن تحت مجهرها تريد استكشافهم بدقه لتعرف
من سيساعدها فى إقصاء "صبا" عن "زيد" وإنهاء هذه العلاقه دون رفض "فايز " بل وبرغبته
ـ اهلا بيكى بجد كان نفسى اشوفكم من زمان
"بثينه" جلست إلى جوارها وتحدثت :
ـ وإيه اللى مانع ؟ البيت مفتوح والبلد مش عايزه تاشيرات
بسرعه شديده اقحمت "مها" صبا" فى الحوار لتستشف مشاعرها تجاها :
ـ كنت مشغوله موت مع الولاد إنتى عارفه الولاد ومشاكلهم وصبا متعبه جدا ومش بتبطل
مشاكل
الحديث عنها أغضب "بثينه" هى تريد بكامل قواها محو إسمها من الارض إمتعض وجهها
وعلقت قائله :
ـ وهى هتطلع لمين لازم تطلع لأمها
إبتسمت "مها" بسخريه يبدو أن مهمتها أسهل مما تتخيل الجميع يرفضها وزيجتها شبه مستحيله
سألتها وهى تدعى البراءه :
ـ لكن إعذرينى فى السؤال ايه سبب جواز زيد من صبا ، وإوعى تفهمينى غلط انا بس حابه
أطمن على حياه بنت جوزى اللى مربيها
كادت "بثينه" أن تنفعل عليها لكن هدأت نفسها لتعطيعها اسباب اخرى مهينه لشخص "صبا " :
ـ مش عارفه هى جات عندى يومين وقالت عايزه تجوز عامر إبنى لعبت بيه زى الكوره
وشويه وقالت عايزه زيد ،لحد عارفها هى عايزه مين ولا عقلها فين ؟ من قلة ادبها راحت باتت
فى اوضة "زيد" عشان تلبسه مصيبه فأبويا قال بلاها فضايح ونجوزها زيد
التفاصيل كانت واضحه كوضوح جرحها ، لقد افادت بشده "مها " التى عرفت أين ستضرب
ضربتها الثانيه تركت "بثينه" تستأنف حديثها والذى يفيض بمعلومات لم تعرفها من "صبا" نفسها :
ـ زيد دا على الدغرى راجل بميت راجل لاعمره بص لبنت ولا شفته فى حاجه وحشه
لو عملت قرد عمرها ما كانت هتعرف توقعه عشان كدا باتت في اوضته هو كمان مش عايزها ولا عايز حد
الراجل عايش لمريم وشغله وبس من يوم ما ماتت مراته الاولى
سألت "مها" بإهتمام :
ـ ماتت إزاى؟
أجابت "بثينه " باقتصار لتعود لحديثها الاساسى :
ـ كانت بتجهض وماتت ، المهم البنت خربت الدنيا عندنا زى امها بالظبط ،أمها دى كانت تقوم حرب
لوحدها يالهوى على اللى عملته فى القصر من كام سنه دا احنا ارتاحنا منها
باقى ثرثارتها لم تهتم بها "مها " فقد اخذت ما ارادت وعمدت إلى تنفيذ خطتها، نهضت من مكانها
لتستأذنها قائله :
ـ عن إذنك بس هروح اطمن على اخويا وارجع نرغى مع بعض لصبح
سألتها "بثينه" متعجبه :
ـ اخوكى مالوا ؟
اجابت بإبتسامه بارده :
ـ زيد إبن اخوكى ضربه
تركتها مدهوشه واستدارت نحو غرفة اخيها .
وصلت إليه وكان ممدد على فراشه وجهه مغطى الشاش فى اماكن متفرقه يأن بصوت مسموع
وما إن راها حتى اندفع قائلا :
ـ إنتى سبتينى وروحتى فين ؟
اجابته والابتسامه تغطى وجهها :
ـ كنت بجبلك الاخبار يا سيدى
جلست على طرف الفراش بمقابله ليهتف هو مزجرا :
ـ ااه الواد دا مش هرتاح إلا اما اضربه الواد خدنى على خوانه
لوحت له بعدم اهتمام وهى تقول :
ـ سيبك منه تعال اقولك حبيبة القلب دافعت عنك إزاى قدام جدها ؟
امسك رأسه وهدر متألما :
ـ انا كنت فايق لحاجه
إذدات حماسا وهى تخبره :
ـ على فكره المهمه أسهل مما تتخيل البيت كلوا مش طايقها وما فيش حد موافق على الجوازه دى
وزيد هو كمان مغصوب
أعتدل سريعا وسألها بغير تصديق :
ـ صحيح عرفتى إزاى ؟
أجابت وقد شعرت بالفخر بذكائها :
ـ عمتها قالتلى إن هى بات فى اوضته عشان تدبسه لكن " صبا " قالتلى إنها مش عايزها
وهى بس قالت إسمه عشان هو كمان مش عايز يتجوز لكن المفأجاه إنه وافق اكيد فى حاجات
كمان حصلت إحنا ما نعرفهاش
بعدما أنصت لها " رشدى" جيدا شعر بالغيره "صبا "التى تركته ليال طويله يحاول محادثتها تنام
بغرفة رجل اخر بهذه السهوله، سكت وقد ظهر على وجهه الشرتعجبت اخته من صمته بعدما
توقعت فرحه مما حكته لذا هتفت لتشجعه وتطمئنه :
ـ عموما لوحبيت تأخدها وتمشى مافيش حد هيكلف خاطره ويدور عليها البنت دى ما تلزمش حد
"صبا "
وضعت سماعات الرأس فى اذنها وانسلخت تسمع مخدارتها التى أدمنتها كلما ضاق بها الحال
ومع صخب موسيقى جديده لم تسمعها من قبل رأت "زيد" ينزل عبرالدرج بكامل اناقته وهيبته يحمل حقيبه
كبيره مستعدا للرحيل وما إن وقعت عينه عليها بالاسفل ثبت نظرته بغموض ثم ابتسم لها ابتسامه ماكره
أوجفت قلبها فى التو ،ومع ابتسامته تزامنت كلمات أغنيه جديده زادتها رعباً
ـ خاف م الديب لو ضحك الديب يبقى مرقدلك
تلون وجهها عندما انطلقت الكلمات فى اذنها تباعا ،ابتسامته لم تكن عادية بل مخيفه كتحذير الاغنيه تماما
مر من امامها وأشار لها باطراف اصابعه ملوحا بالوداع لينطلق مقطع اخر فى أذنها ضاعف رهبتها
_ ما تخافش غير م اللى عارف فين بيوجع
هى لم تحتاج توضيحا أو إشارة اكثر من هذا "زيد" ينوى لها شي وبالتأكيد شي لن يعجبها .
رحل "زيد" وتوالت من بعد الايام بقيت "صبا" تهتم بمريم وتقضى يومها بالكامل معه
ويوم بعد يوم تزداد فراغا وألما وكأنها فى إنتظار حكم الاعدام الجميع يتأمر ويتهامس
وياليت الكل يعلم أنها لاتحتاج سوى أن تعيش بسلام ،إتجهت رغما عنها للانترنت
بدأت باستخدامه لترفيه عن نفسها بشكل يومى وإتخذت كاميرا هاتفها كبوابه للتواصل
مع أشخاص لم تعرفها فتحت بث مباشر على تجمعات نسائيه وبدأت التسلسيه لتنسى
هموما لم تعرف كيف تنسها تريد رمى كل شئ عن اكتافها لتجد شخص يقتسم معها الهم
ترتدى أجمل ما لديها وتضع مساحيق تجميل وتظهر بجمالها الأخذ الذى يخفى خلفه كثير
من المآسى تأخذها الحكايات وترد على الأسئله بأريحيه، كان بداخها شعور ورغبه قويه
أن تعطى حياتها لشخص وتهرب .
من جانب "زيد"
إنهمك فى عمله وقد كان كافيا جدا للعمل حتى ينسى كل شئ فإنشاء فرع جديد فى مدينه أخرى
بعيده عن منشأئه وتحديد عروض جذابه كى يلفت الانتباه ويثبت وجوده ولذالك وجه جهوده فى إنشاء
تصميم حديث ومنفرد ليفت الانتباه ويحدث ضجه لم يحدث مثلها من قبل فى سوق الاثاث وهو موهوب
فى ذالك ، وما بين تجهيزات المعرض والتصميم واستيراد الاخشاب لم يكن له وقتا حتى للتنفس أو تذكر
أى شئ وكأنه مخدر تماما .
"بعد مدة طويله "
اخيرا استطاع الاستراخاء وتمديد جسده على الاريكه امام الشرفه الزجاجيه الكبيره ارخى رأسه للخلف
الضجيج الذى يصدر من هاتفه لا يعادل الصخب الذى يضج برأسه لقط سيجاره وأشعالها وراح يتابع
الدخان المتطاير بشرود متجاهلا تماما هاتفه الذى لما يكف عن الرنين من مده طويله رقم مزعج بدون
إسم ،فضل راحته على معرفة هويته ومع اصرار المتصل تشنج بضيق وهو يميل ليضعه على وضع
صامت واستمر فى الصمت والشرود هو لا يريد شئ سوى الاسترخاء والراحه والتحديق بصمت
بعد مده قصيره عاد ينظر الى النور المنبعث من هاتفه فإمتعض وهو يتمتم بانزعاج :
ـ مين المزعج دا ؟
قرر بعد مده طويله الاجابه فقط لينهى هذا الضجيج المتلاحق الذى طال من ساعات بشكل متفرق
أخيرا فتح الخط ورفع هاتفه على اذنه قائلا بضيق واضح فى نبرته :
ـ ايوا مين ؟
جائه صوتها الناعم الذى يشبه النسيم صوت متناغم لم يغفل عنه عرفه من اول حرف نطقت به
عندما قالت :
ـ الو
كانت نبرتها متردده قبل ان تستأنف بحرج :
ـ انا صبا
سكن مكانه وإنتظر ما ستكمل والحقيقه انها لم تتأخر :
ـ انا عايزه أعتذرلك إنى كنت السبب فى إنك تبعد عن بنتك المده دى
عاد الانفعال بنبرتها وهى تدافع عن نفسها بسرعه :
ـ إنت السبب على فكره إنت استفزتنى وما كنتش فى لزوم تضرب رشدى وتعمل
مشكله إنت وعدتنى إنك هتكون حمايتى ليه فجأه بقيت عايز تأذينى فين وعدك ليا
و.....
قاطعها متسائلا وكأنه لم يسمع أى شئ مما قالت :
ـ جبتى رقمى منين ؟
شعرت بالحرج من سؤاله فأجابت بتعلثم :
ـ م ...ااا,, من,,,جدوا
عاد ليسأئلها بنبره هادئه ماكره تعرف الاجابه قبل طرح السؤال :
ـ هو اللى إدهولك ؟
إذدادت حرج وقد إتضح فى نبرتها التوتر والحرج تعمد هو وضعها به :
ـ لاء ... انا... اخدته من تليفونه من غير ما يعرف
تركها تتحدث بتوتر لم يكن يريدها أن تكف عن الحديث وكأنه فجأه إحتاج ونيس وشريك
ـ مريم بتسأل عليك كل يوم بلاعبها بكل الالعاب اللى اشترينها سواء
عادت نبرتها للحزن وهى تخبره بطفوله :
ـ وبياخدوها منى عشان يضايقونى
أردفت بسعاده :
ـ بس هى بضيقهم عشان ترجعلى وما تنمش غير في حضنى لو شفتها دلوقتى بتقول كلام كتير
وحفظت بعض الحروف والالوان
كانت تتحدث ببهجه عنها وكأنها تتبهاهى بجّل إنتصارتها نبث فمه بإبتسامه فرحا بما وصلت إليه
إبنته بعد مده طويله قضتها فى صمت،عاد الحزن لنبرتها وهى تقول بتأثر على وشك البكاء:
ـ مش عايزه ابقى مرات ابوها بالله عليك يا زيد ما تحطنيش فى الدور دا
أدمعت عينها وهى تتوسل إليه بعجز تام ،استقبل هو حديثها بتأثر شديد ،غاضب بشده من رفضها
له ومتألم بقوة لحالتهم المعقده وكأنها ولدت لتكون له رغم كل التحديات والعقبات قذفتها الدنيا
لتزعز إستقراره وتستفز عناده واصراره على عدم الزواج مسح جبهته لقد زادته تعب على تعبه
وأرهقته إستمع إلى نشيجها بصمت لقد فرضت عليهما الظروف وضع يرفضانه معا بكامل إرادتهم
لكن القدر كان صارم فى حسم القرار.
شهقت شهقه عاليه كطفل سلبته الدنيا كل ما بيده وبقى وحيدا ينظر للسماء ويرجوها أن تعيد له فقط الامان
أشتعل صوت دندنه هادئه وكأنه عزف خافت يقطع الوتين متماشى تماما مع صوتها الحزين المختلط بالبكاء:
ـ انا احترامتك فى الاول عشان علاقتك بمريم بالله ما تعيشهاش مع مرات أب
من توصى من عاش قسوة اليتم بأبشع صورها لازل يذكر كيف إستدرجه عمه وطعنه بغدر وتركه غارقا بدمائه
فى أرض خاليه تبعد عن قصره مسافات تحديدا فى المزرعه كان صغير يرتجف خوفا من صوت الذئاب التى تدور
بالمكان تركه يصارع الموت بفزع، نعم نجا لـــكـــن مــــات قـــلـــبـــه.
سكوته المطول أثار قلقها فنادته :
ـ زيـــد
خرج من شروده يزفر بألم وكأنه فى غمامه سوداء صارعت قلبه نفخ بضيق ليخرج الهواء ثقيل :
ـ أوووف
ساد صمت قصير هَام به كل واحد فى وادى لتفهمه "صبا" أنه مل من بكائها وشكواها المتذمره
تحيرت بما تقول لقد حولت الحديث فجأه إلى كآبه تامه ، نظر فى ساعة يده ليجد أنها اشارت إلى
لوقت قريب من منتصف الليل قاطع الصمت متسأئلا :
ـ أتعشيتى
إندهشت من سؤاله فى وسط كل هذا بينما هو يعرف أنها لا تحب طعام المنزل وفى الغالب أنها
لا تعرف كيف تطلب ما تحب من الواجبات السريعه ومؤكد "ونيسه"وقوانينها الصارمه تجعل
من المستحيل مرور هذا من باب القصر.
كرر سؤاله بنفاذ صبر :
ـ إتعشيتى
فهتفت متعجبه :
ـ بتسأل ليه ؟
أجاب مازحا :
ـ أصل النكد دا ما بيجيش غير من معده فاضيه
جعلها تبتسم مرغمه إكتفى بهذا بأن قال ليقطع الحديث :
ـ انا هشوفلك حد فاتح وابعتلك عشا إتعشى ونامى بس خلى بالك من ونيسه لتقفشك
أنهى حديثه برويه لينسيها كل ما حدث وكل ما قالت نادته لتشكره بأمتنان :
ـ زيد ,,,,, شكرا
أغلق بينه وبينها وحدق بالهاتف ليطالع ارقام هاتفها الذى لم يكن يخطط يوما بإضافته
لكن الآن هو ليس بحاجه لاضافته هو حفظه عن ظهر قلب ..