قصة عشقت امرأة خطرة
البارت الثلاثون 30
بقلم ياسمينا احمد
فتحت عينها على فجأة لتنهض سريعاً من مخدعها،إنتفض زيد من جوارها ليتسأل بلهفه وقلق فى آن واحد:
-صبا مالك يا حبيبتي فيكي إيه؟
نظرت بإتجاه ورأسها بالكامل مشوش إعتصرت عينها بقوة كي تراه جيدا وردت سؤاله بآخر غريب :
-أنا كنت فين؟!
أدهشته بسؤالها ورغم ذلك أجاب :
-إنتي وقعتى تحت وماما قالت إنك قطعتى النفس وجيت فورا شيلتك وطلعتك هنا
هتفت وهى تضغط على رأسها بقوة :
-لاء أنا كنت فى مكان تاني كان ضلمه و...
قطعت الحديث فور سماع صوت صافره عاليه بداخل رأسها قطعت كل شئ مالت للامام متأوه فهوي قلب زيد معها سارع بإسنادها وحاول جاهدا مساعدتها لكنها كانت تدفع يده عنها بشراسه وعدونيه كبيره ما جعله يتسأل:
-مالك بس قولى إنتي حاسه بإيه
إعتدلت لتلتقط أنفاسها من جديد ثم أجفلت قليلا وكأنها تعيد ترتيب الأشياء بداخلها فسارع "زيد"بضمها وتقبل رأسها بلطف إستشعرت دفئ حضنه وهدئت شيئاً فشيئا
عندما تذكرت كل ما حدث صاحت ببكاء ولوم:
- إزاي هونت عليك تعمل فيا كدا أنا إتهنت أووي إنهارده
زاد من ضمها إلي صدره وضغط على رأسها ليدثرها بين ضلوعه قائلا بحنان:
-ما عاش اللى يقل منك وانا عايش
وكأن الأمور السيئه تتزاحم فوق رأسها فإذدات بكاء وتوعدت كالأطفال:
-مش هتجوزها يازيد مش هتجوز غيري حتى لو حصلت أصورقتيل فى البيت دا
مسح على رأسها وظهرها بإطمئان اخيرا خرج صوتها وعنادها الذي خشي أن يفقدهما فى الساعات الماضية
وسألها بهدوء:
- سيبك م الكلام دا دلوقت طمنينى عليكى انا بعت للدكتور وزمانوا على وصول
نفضت رأسها وهتفت بضيق:
-لأ أنا كويسه
لا يعرف كيف يرضيها بعد ما حدث لها تبدو غاضبه وحالتها مخيفه لذا قرر أن يهديها هدية لعل ذلك يهدئها قليلا.
ابتعد عنها وهو يهتف بهدوء:
-طيب أسيبك أنا عشان عندي مشوار
التفت هي الأخرى لتنظر من شرفة الغرفه طاوية ذراعيها وتحدق بغموض للفارغ.
نزل للاسفل وتقابل مع والدته التى كانت يعتريها قلق كبير مما حدث هدرت بسرعه:
- طمني يا زيد عاملة إيه؟!
أعجب بقلق والدته عليها وشعر ببصيص أمل لحياة هانئه اجابها متحير:
- مش عارف هي فاقت بس حالتها غريبه ومش فاهم مالها
وضعت يدها على صدرها وتنفست بتوتر لتقول :
- ياساتر أنا قلبى وقع فى رجليا
نظر فى عينيها وإبتسم لرقة مشاعرها وأمسك بمنكبيها وهتف :
- سلامة قلبك يا أمي،أنا مبسوط إنك بقيتى طبيعية مع صبا والحياه إبتدت تمشي
نفضت يده وكأنما لدغها عقرب وهدرت بحده:
-طبيعيه مع مين يا زيد هو انا هنسي هي مين وبنت مين ؟ إنت مش واخد بالك ان المصايب نزله ترف على دماغنا من ساعة ما دخلت بتنا
انزعج من اتهام صبا والظلم الموجه لها دون أن يكون لهاأي ذنب هي ايضا مظلومه نظر لها مستغربا وتحدث بضيق :
- معقول إنتي ظالمه لدرجادى صبا مش بالبشاعه دي
من يوم الفرح ومافيش حاجه ما اتأذتش فيها مافيش واحده فى الدنيا تقبل إن جوزها يبعتها تخطبلة قبل ما تكمل شهر وتوافق عشان صورته ما تهزش قدامكم
اشاحت بوجهها للامام دون إكتراث وهتفت بدهشه:
- والنبي اقعد ساكت إنت مسحور منها ومش فاهم حاجه ودفاعك دا أكبر دليل انت مش ملاحظ انك اتغيرت
تعجب من حديثها وضم حاجبيه بانزعاج وتسأل:
- انتى ازاى إتحولتى كدا إنتى اللى مش أمي اللى عارفها
اقتربت منه ووضعت يدها على وجنتيه وسألته برجاء:
-انا امك يا حبيبي ما تصدقش البت دي وما يخيلش عليك الحبتين اللى عملتهم دول
زاد غضبه من ظلمها المتكرر لكنه زم فمه بيأس لن يغير شيئا مادام أصبح لديهم عقيده ،احاد الحديث لعلها تفهم أن صبا مظلومه وتسائل :
-ماشي مش هيخيل عليا ممكن أعرف مين قطعلها فستان فرحها وكان عايز يهد فرحتها
بسرعه إستدارة من وجهه لتخفي تعبيرها الفزعه لقد وقعت فى ورطه وعليها الخروج منها لن تخبره الفاعل حتي لا يحدث إنقلاب فى عائلة الواصل ،إذدريت ريقها لتجيبه لكن نبرتها خرجت متقطعه ومرتبكه:
-مااا..اعرفش..
كلمح البصر كان واقفا أمامها ويضع عينه بعينها متأكد أنها تعرف لكنها تخفي عنه ،قال بضيق:
-بتخبي عليا هو انا مش ممكن أعرف بيكي أو من غيرك
دا قصر الواصل لو حاجه تمت فيه أنا ما أعرفهاش يبقى أنا ما إستهلش أبقى الكبير
أجبرها بلهجته الغاضبه واصراره على القول لكن سبق حديثها التوسل وهي تقول:
-هقولك بس سايق عليكي النبي محمد ما تعمل حاجه واعتبرها غيرة ستات وغلطه وخلاص
صاح بنفاذ صبر:
-قولي وخلصيني
حركت فمها بتردد قبل أن تتفوه بإسمها :
-نهي ،سلطت واحده من اللى جم يخدموا فى الفرح
-نهي
كرر إسمها بتعجب من فعلتها ،صر على أسنانه متوعدا لن يترك فعلتها تمر مرور الكرام ،صوت صراخ"مريم" القادم من الأعلي جعله يتشتت انطلق نحو الدرج ليقفز بسرعه كبيره متجها نحو صوتها الصارخ
وصل الى غرفتها فوجد صبا تقف بجوارها ممسكه بعصا الهاتف الخاصة بالصور ومريم متمده ارضا وتصرخ بشده وانفها ينزف نظر الى إبنته والى صبا المتجمده مكانها فور رؤيته واتسعت عيناه غير مصدقا أن صبا أذت إبنته بهذه القسوة والبشاعه
"فى جانب آخر "
"فايز "يسير بسيارتة فى شوارع المدينة يجلس بالخلف إلي جوار إبنه" عماد " يستند على عكازه بشرود أبي أن يتحدث مع إبنه الذي فتحه فى عدة موضوعات لكن صمته أخرسه ،"فايز"يشعر بثقل كبير على صدره لا يعلم سببه وفى الغالب كلما زاره هذا الشعور أحدث معه مصيبه آخر مرة زاره توفى إبنه "نادر" ،المسؤلية تزداد وكتفه يوهن ينظر بوجوه الماره ولا يعرفهم ،فى الماضي كان يعرف الكل الآن بعدما توسعت المدينة صار الحصر صعب والحكم على عقول مختلفه بات مستحيل ،على فجأة وقف رجل كبير بالسن فى وجه السيارة يرفع يده وكأنه يستغيث رغما عن السائق توقف فرفع "فايز "رأسه بإهتمام محاولا التعرف على الرجل سرعان ما إستغل هذا الغريب التوقف واتجه نحو جهة فايز ليتغيث به هادرا:
-فى عرضك يا حاج انا فى عرضك
زعق"عماد"فيه وهو يسحب يد فايز لخارج السيارة :
-ايه يا راجل انت اللي انت بتعملوا دا
لوح "فايز"بيده الطليقه لعماد ليسكته هاتفا :
-استني يا عماد ،عايز إيه يا جدع إنت؟
هتف الرجل والبؤس يقطر منه:
- حالي واقف من مده وجاري فى الارض حسبي الله ونعم الوكيل فيه قاطع رزقى وميل حالى وفي يوم لاقيته بيرش مايه على عتبة داري ضربته بالفأسه فتحت رأسه إشتكانى للمركز وانا عندي عيال وبقالي شهر ما دخلتش بيتى
سأل"عماد"بانزعاج :
-ولما انت عندك مشكلة ما جتش على المكتب ليه ؟بدل ما توقفنا فى نص الشارع كدا
قاطع فايز لومه بضيق وصاح ليسكته:
-خلاص يا عماد ملئ إسمك لعماد وإسم اللى شكيك وهنحلك حكايتك
مال الرجل الغريب الذي لم تسعه السعاده لمساعدته وتشبث بيده :
-ايدك ابوسها يا حاج
سحب فايز يده ونهاه بحنق:
- استغفر الله ،إنت إسمك إيه؟
أجاب الرجل بتلهف:
- جمعه سيد المزين يا حاج
سأل فايز من جديد وهو يدقق النظر به لعله يذكره:
-واللى شاكيك إسمه إيه؟!
اجاب الرجل بسرعه:
- رمضان احمد حفناوي
اشار له بالسماح وقال :
-خلاص تعال بكرا الصبح المكتب ونشوف الحكاية دي
اشار للسائق لينتطلق فظل الرجل يدعي له :
-ربنا يعلى مقامك يباركلك فى عيالك يسترها معاك
في غرفة زيد
جذب ابنته من الارض ومسح انفها من الدماء ووضمها الى أحضانه وساد صمت عجيب من جانبه فأثار حفيظة "صبا"والتى تعلم انه يظن بها سوء،حاولت مناولته القطن
لكنه دفع يدها بقوة ورفض مساعدتها فهتفت هي :
- إنت فاهم غلط يا زيد ،احنا كنا بنلعب سواء وعصاية السلفي وقعت عليها انا ما عملتلهاش حاجه
وجهة سؤالها لمريم لتصدق على حديثها:
- طبعا ،مش دا الى حصل يا مريومه
نفضت "مريم"رأسها وهدرت ببكاء:
-لااا انتى ضربتينى
اتسعت عين صبا وصاحت بها غير مصدقه:
-انا ضربتك إنتى بتكدبي
استمع زيد لكيهما دون ان يرد فقط عينه كانت تنتقل بينهم بصمت مريب فمالت صبا بإندفاع نحو "مريم"بغضب وهي تمسك بذراعها و تزجرها بحده:
-هو انا علمتك الكلام عشان تكدبي
تشبثت "مريم"اكثر بوالدها وارتعشت بخوف منادية والدها بنبرة باكيه:
-بابا
كلماتها زادت من حنق "زيد"تجاهها وصاح بها محتدا وهو يدفع يدها عن إبنته:
-شيلي إيدك إنتى اتجننتى يا صبا
اذداد حده وضيق من معاملة زيد لها وهتفت محتده هى الاخري:
- زيد دى بتكدب انا ما عملتلهاش حاجه
نهض زيد من مكانه وهو يحمل مريم على كتفه وقد زاد غضبه من حدة وصراخ صبا بوجهه فهتفت بحزم:
-صبا الموضوع إنتهي ما تعامليش مع مريم تانى
نظرت له بدهشه وانفاسها تتلاحق لم تصدق انه ابعدها عن إبنته ولم يصدقها كيف لا يثق بها أيتكرر الخذلان من جانبه كما كان من والدها فهتفت بضيق ودون تفكير :
-ماشي إلولع إنت وبنتك
اشتعلت عيناها بالنار وبات نظرتها لها مخيفه ألجمتها تماما
فتراجعت من امامه رغما عنها لتصدم بوالدته التى كانت واقفه من مده ،إستدارت لها برعب لتهتف ونيسة :
-بعد الشر عليهم إن شاء الله عدوينهم
لم تتحمل صبا الأمر وإنطلقت للخارج تاركه الغرفه ومن فيها ،وقفت ونيسه بوجه إبنها وهي تسأله :
-يا رب يا إبني تكون شفت بعينك حقيقتها دي محراك شر
ربت على ظهر" مريم " بلطف وقبلت وجنتها رغم اندهاشه من تصرف صبا لكنه لن يكذب مريم أبدا فهي دوما قريبه من صبا وتحبها كثيرا وليس هناك ما يدعوا لكذبها لكن صبا ايضا كالطفلة ويبدوا ان الاثنان فى هذه الفترة ليسوا على وفاق لذا هتف مبررا لأمه :
- صبا ما تقصدتش يا امي هي بس اضايقت عشان قولتلها ما تقربش لمريم تاني وانتى عارفه مريم بالنسبالها إيه !
اتسعت عيناها غير مصدقه ان والدها سحُر تماما فصرخت به:
-انت لحد دلوقتي مش فاهم انت مسحور يا ابنى اللى مسحور مش هيشوف اغلاط اللى ساحرلوا إنت مش هتفوق من السحر دا غير على مصيبه إسمع مني انا امك وعارفه
زاد الضغط عليه فصاح بنفاذ صبر:
-كفايا بقي بلاش دجل وقلة دين البنت قاعدة ليل نهار فى البيت تحت عنينا لا راحت ولا جات
انفعلت ونيسه من مدافعته رغم رؤبته بأم عينه أخطائها وردت عليه بغضب:
- كفايا إنها بنت بشري بت محراك الشر انتوا هتفضلوا طول عمركم عامين عنيكم عن اغلطهم غير بالسحر
كل غلطه من غير حساب لحد إمتي دي امها سقطتنى وعاشت بينا عادي وجدك عدهالها
لم يتحمل كل هذا الضغط والظلم تجاه صبا وتحميلها اخطاء والدتها دون تبين ،وقف بوجهها ليقول بتعب :
-على فكره دا وهم فى خيالك إنتي بس انا سالت جدو وقال إنها كانت معديه من جانبك وبس وإنتى اللى رجلك إنتنت ووقعتي لوحدك هي ما زقتكيش
احمرت وجنتيها وصاحت بشر وكأن الواقعه كانت بالأمس :
- كدابه هي واللى يصدقها زقتنى وحطت زيت صابون قاصده توقعنى هي من امته كانت بتمد إيدها فى حاجه دي عملت السلم مخصوص عشان توقعني .
هذه المره لم يتحمل هو فقد نفذ صبره فعلا فصاح غاضبا:
-خلاص كفايا بقى انا مش عارف الاقيها منين ولا منين
ملعون بشري على صبا على البيت كلوا انا هاخد بنتى وأمشي .
بالفعل استدار عنها وترك لها الغرفة تماما بل والقصر بالكامل رغم أن وقته لا يتسع حاليا لأخذ قسطاً من الراحه بسبب مضاعفتة لساعات العمل ،لكن الضغط يولد الإنفجار وهو فى ضغط مستمر من مدة طويلة حتى من بداية زواجه لم يرتاح ،حمل إبنته وكأنها كل ما يهمه بهذا العالم وإن كانت صبا ساكنة عقله فمريم تتربع فى قلبه ،أخذها بأحضانه وهو يقود سيارته دون أن يعرف وجه محدده رأسه يضج وجسده منهك لكن حملهُ النفسي كان أثقل غاضبا من صبا غير مصدقا تصرفاتها الهوجاء مع مريم ومعاملتها بقسوة بحث على أعذار كثيره لكنه لم ينكر ابدا أنها لم تفعل، ظهر على وجهه تشنجات عديدة وهو يحاول السيطرة على مشاعره وتفكيرة المظلم
وكأنه دخل من بوابه سوداء وضاع فى غياباتها "الشك"قادر على إختلاق قصص لا أساس لها ويدعمها بمواقف كثيره غير موجودة ،انتبه اخيرا لصوت بواق سيارة فى محاذاته كلا منهم فى طريق معاكس نظر من شباك سيارته ليجد جده بوجه يسأله وهو يحذر:
-كنت فين ؟وبتك معاك ليه؟
لم يخفي على جده تعابير وجه المكفر وشروده أثناء القيادة لدرجة أنه لم يلاحظ مرورهم وهم بجواره
اجاب محاولا ضبط انفعاله:
- كنت فى البيت،امي قالتي صبا وقعت ورحت ألحقها رجعت بمريم عشان هى كمان اتعورت
ظل يحدق به فايز دون رد وكأنه يقرأ ما بداخله حرف حرف ليعود بسؤاله :
-ولاقيت صبا عاملة ايه؟
إسمها كان يضغط على أنفاسه لدرجة حبسها لذا زفر وهو يرد :
- بقت كويسه اوى
تأكد فايز من شكوكه زيد فى ورطه عاطفيه كبيره بين قلبه وعقله لكن تفاصيلها تحتاج وقت أكبر لكشفها وجلسة طويلة غير هذه التى يجلس بها كل فردا بسيارته، سأله برويه وهدوء:
-وانت هتروح ببنتك فين الساعه دى
نظر باتجاه مريم ليخفى وجهه عن جده الذي تفرسه وقرأه مائة مرة دون صعوبة وقال بحرج:
-هاخدها معايا المعرض انا قولت تغير جو و .....
صاح فايز مقاطعا اياه بحده:
-تغير جو ايه وشغلك اللى واقف وبتك اللى هتلبخك هتبقى عينه فى وسط رأسك عليها ولا على شغلك ،انا ما جوزتكش عشان تتشتت كدا المفروض تبقى أحسن من كدا يا زيد
زفر وهو يرد بضيق مستعدا للمغادرة:
- هعمل المطلوب منى ما تقلقش ،وافتتاح المعرض هيبقى فى معاده عن اذنك
كان عماد يكبح جماح نفسه من التدخل بينهم رغم عدم قدرته على تحمل زيد وضع طرف بنانه تحت فكه كى يجبر نفسه على الصمت حتى يرحل عدوه اللدود دون أن يخلف مشكلة معه يظل والده يوبخه عليها طوال الطريق،فور ما إستدار عنهم حتى هتف بسخرية:
-هو دا هيتجوز اتنين دا شايل بنته من أول واحده
نظر اليه "فايز" وسكت تماما حالة زيد تسوء وهذا ما لم ينتظره من صبا كان يتوقع حياة افضل بوجودها لكن على ما يبدوا أن هناك عواقب وخيمة ستأتي من وراء المشاكل بين ونيسة وصبا تمنى أن تنطوي المسافة سريعا ويصل الى ونيسة ليفضي غضبه بها ،لم يهتم بما قال عماد وانتظر ان يدفع جم غضبه بها لأنها تفشل في تعديل العلاقات بينها وبين صبا وادارة البيت بشكل لائق والحفاظ على الهدوء والاستقرار.
اخيرا وصل للمنزل وترجل من سيارته مشي نحو المدخل
وفور ما وصل الى ساحة القصر الداخلية زعق بشده مناديا على "ونيسة" :
-ونيسة
وقفت امامه سريعا فقد بدي فى نبرته الغضب وهي أدري به لقد عاشت هنا طويلا لتعرف بسهولة ما وراء النداء
سألته بقلق:
-ايوا يا حاج
أعطاها ظهره وقال :
-تعالى ورايا
تحركت من خلفه وقد إذدات قلق وجهه لا يبشر بالخير
دخل الى مكتبه فتبعته فإذداد حده وهو يأمرها :
-اقفلى الباب وراكي
إمتثلت لأمره وهي تشاهده يجلس خلف مكتبه ويعقد يداه امامه بتأهب شديد لمحاسبتها ،استدارت وهي تسأله:
-خير يا حاج
لم ينتظر حتى تكمل مسيرها تجاه وتجلس قباله وزعق محتدا :
-إنتي هتبطلي قلة عقل إمتي يا ونيسه
جلست أمامه وزاغ بصرها وهى تسأله بدهشه:
-انا عملت إيه يا حاج
اجاب وهو يلوح بيده بوجهها وقد ظهر على وجهه الانزعاج:
-لا هو ناقص ايه ما عملتهوش البت ونكدتى عليهاوالولد ماشي وبنته على كتف وشايل هم الدنيا على الكتف التانى هو البيت دا مش سكن وراحه ولا هم ونكد
ارتخت نظراتها دون مبلاه وهتفت ببرود:
-والله مش أنا اللى زعلتوا البت اللى اختارتهالوا انا ماليش دخل
ضيق عينه وهو يحذر ما وراء ذلك لتغنيه هي عن السؤال وهي تستند براسغها على سطح المكتب قائلة:
- ضربت مريم وعورتها زيد بيقولها ليه كدا يا صبا قالتوا اولع انت وبنتك و....
- بس اسكتي بطلي حكي فاضي
قاطعها بزنق وإسترسل :
- إطلعي منها وسبيهم يعيشوا حياتهم
سألته هي رافعة احد كتفيها:
-وانا ما الى انا بحكيلك اللى حصل
لم تعجبه مراوغة ونيسة له واجاب بانزعاج:
-اوعك تكوني فاكرة اني مش واخد بالي انتى بتعمليها ازاى واللى عملتيه على الاكل عدي عليا كدا بالساهل
هنا اظهرت مخالبها ،كما هو لا يريد التدخل فى شؤنه فهي لا تريد تدخله فى شؤن المنزل من أجل هذا هدرت :
-لااا يا حاج دي حتتى انا ست الدار هنا انا من حقي أعدل المايل بطرقتي واللى ما يعجبنيش اقول مش عاجبني واللى عاجبنى اقول عاجبنى من امتى وانت بتدخل فى أمور زى كدا ما غالية كانت عايشه وبتاخد ما يكفيها اشمعنا بت بشري اللى مش طايق عليها كلمه
صاح بإكتفاء:
-ايوا جينا لمربط الفرس ،هي بت بشري لو فضلتى فاكرة انها بت بشري مش هترتاحى ولا هتريحيها ولا هتريحي حد
سألته وقد كشرت عن أنيابها:
-اشمعنا يعنى هى بشري كانت احسن منى فى ايه عشان تفضلها ع الكل
بالفعل أزعجته من سنوات طويلة وهم عالقين فى نفس القصة ولا يعرف كيف يخرج من رأسها كل هذه السموم،هتف بنفاذ صبر:
-يوووا رجعنا تاني للكلام الماسخ ،يابتى انا ما ميزتش حد عن حد وهي عندي زيك بالظبط انتي بس اللى شايفه ان هى أحسن منك
هدئت نبرته لعلها تفهم ليخبرها موضحا:
-الانسان يا ونيسة لما بيكره بيتحط على عينوا غشاوة يستحيل بيها يشوف حقيقة الإنسان اللى قدامه وان قال صباح الخير تبقى منه تقيلة وغم وان حصله مكروه يبقى ذنب وان فرح يبقى بيكيده، لو بس كل واحد يعامل التاني على إنه عبد زيه زيه عند ربنا وربنا ما بيظلمش كان الانسان ارتاح .
شعرت بمرارة الماضي تسري فى حلقها والم وأوجاع ماضية تلكم صدرها فسالته :
- أرتاح إزاي أنا لما جيت هنا لاقيت البيت زى الجيش كل حاجه زى الساعه بقيت أعمل أقسي جهدى عشان أعجب وما أتوبخش وانت شاهد إني شيلتكم من على الارض شيل ،ووقت ما جات "بشري" كل شئ إتغير بقى مسموح لها تغلط وتعترض وتشيلنى فوق طاقتى وتتحجج بأي حاجه عشان تهرب من المسؤلية وكل ما أجي افتح بقى تقولولى ونيسة عيب إنتى الكبيرة مرات الكبير العاقلة مايصحش تشتكي ولا تكلى ولا تملي عملت كل حاجه غلط وما حدش حاسبها حتى لما وقعتنى من على السلم وقصدت تصقطنى ما حدش حاسبها
رفع يده وهتف مكتفيا فهو يعرف كل الحكايات الغامضه عن بشري ويعرف جيدا ألعيبها فى التهرب وذكائها فى التبرير ونفي أى تهمه عنها دون تعقيد ،تحدث بروية :
-بشري سابت البلد كلها ومشيت وماتت بمرض لعين ولسه فاكرة شوية حاجات عبيطه عملتها ،انها ما طبختش معاكى ما غسلتش معاكى و كانت بتنسب اى حاجه ليكي ليها ولو حصل خناقة تطلع نفسها منها ،فاكرة كل دا ومش واخده بالك إنه إنتهي ماضي وولي انتي دلوقتي فين وهي فين ؟
ضيقت عينها ولمعت بحزن شديد وصاحت مخبرة إياه بألم وصوت عالى :
-أنا هنا لسه فى قصر الواصل لسه بتعيدوا الزمن وجبتوا بنتها تركب على كتفى وتدلدل رجليها وتسحر إبنى تخليه تحت طوعها زى ما الكل كان ماشي تحت طوع أمها .
لم يتفاعل "فايز"مع غضبها ولا صوتها العالى يتفهم جيدا أنها لا تعرف التعبير عن ما يؤلمها وتنثر حقها فى الهباء بطريقتها الجافه واسلوبها الخشن لذا رد بهدوء:
-بشري كانت أذكي منك حتى لو غلطانه بتعرف تبرر لنفسها وانتى لو معاكي الحق بتضيعيه زى دلوقت بالظبط بتاهجمي الكل وبيتهيقلك إنها أحسن منك عشان كدا مش بتركزى على نقطه واحده دايما تتهميها قبل ما تقولى اللى عندك ودا اللى كان بينهي اى مشكلة وانتى غلطانه قبل ما تبدأ ،مين يقدر يقول إنها بتسحر من غير دليل انتى بتشتكى لقاضي بلد يا ونيسة مش عيل فى الشارع هيصدق وفوق كدا صوتك العالى اللى بيضيع حقك
انا عارف إن هى كانت بتحبطك قبل كل شكوى وتقولك ماحدش هيصدقك لكن إنتى قلة ثقتك فى نفسك كانت بتخليكى تصدقيها وتيجى تشتكي وانتى متأكده إنك مالكيش حق بس دى مش قصتى انا دى بتاعتك انتى
انا ماقدرش يتحط قدامى أدلة وما اخدتش بيها وفى حاجه جديده انتى ما تعرفيهاش كل مرة كنت بديها الحق كنت بوبخها وبهددها بينى وبينها لكنها كانت دايما ترجع واثقه فى نفسها وانتى زى ما انتى تيجى تبوخى الكلمتين زى الوبور الولع وتزيدى فوق منها ماحدش هياخدلي حقي انا عارفه ومع ذلك ما عمريش زعلتك أو حتى حكمت عليكى بغلط لأنى عارفك وعارفها بس اعمل ايه بينكم
هى كانت بتكسب بذكائها وانتى بتخسري بغبائك .
ظلت تحدق به بصمت وتسترجع ذكريات كل ما قاله وتتذكر كيف كانت بشري محط أنظار الجميع وفى علو دائم رغم أن هى من تستحق هذه المكانه لأنها زوجة الكبير والاولي بالمنزل ،لكن بشري كان لها طريقتها الخاصة
فى الحصول على ما تريد والخروج من أي مشكلة
بذكاء وقد سبب هذا غيرة كبيرة من جميع من يشبهوها
فدوما أصحاب الشخصيات القويه يبدون فى أعين الناس أشرار ،الثقه بالنفس والذكاء دون تكافؤ يعتبر خطر بل وخطر مُخيف.
"فى غرفة صبا"
جلست امام هاتفها لتحادث مع اصدقائها لعل الضجر الذي إمتلك قلبها يختفي لكن فضحتها حديثها الغير منظم وشرودها الدائم وعدم تركيزها فى شئ مما جعل الكل يسأل ما بها ويلح حتى ضاقت ذرعا من هذا وأغلقت البث
دون وداع ،عادت لتجول فى الغرفه والتفكير بغضب فيما تفعله مريم معها والعداء الصريح من قبلها لو ان أحد آخر فعلها لإنتقمت منه أشد إنتقام لكنها مريم .
اخيرا إهتدت إلى النوم وتمددت إلى الفراش وأغلقت عيناها لتستسلم لنوم هانئ بعد يوم طويل ومرهق وشاق
بعد نصف الليل أتى زيد مازال حاملا إبنته على كتفه والتى ابت تركه وبرغم من غضبه الشديد من تصرف صبا إلا انه لم يقرر هجر الغرفه وقرر ان يبيت هو ومريم معها ،وضع مريم فى منتصف الفراش وبدل ملابسه وتمدد الى جوارها استدار الى جانبه لينظر إلي "صبا"الغاطه فى نوم عميق وإشتعلت أفكاره من جديد،ما الذي يجعلها تحاول
أذيت مريم لما الكل يشتكي منها وهى بعينه ملاك لم يرأي أبدا إمرأة بتلك الجاذبية والخطورة .
إستيقظت فى الصباح لتري مريم بينهم فى بادئ الأمر ابتسمت لعودته غرفتها ووجودها بين ذراعيها لكن سرعان ما تبدل هذا عندما حضر الشيطان ليخبرها أن مريم كانت سبب خلاف كبير بينها وبين زيد وسبب لذهاب زيد لنهي
فتحولت الابتسامه لعبوس واندفعت من الفراش لتبحث عنه بالغرفه وما إن إستمعت الى صوت الماء المنهمر حتى عرفت أين هو ؟
رتبت خصلاتها ومسحت وجهها لتمحى آثار النوم وعدلت من ملابسها كي تبدو بمظهر جيد امامه ،وقفت امام الباب وسألته بصوت عال تعمدت به الضيق :
_ إنت صحيت ؟
انتظرت إجابته التى تاخرت ثم إستمعت إليه يرد بسخرية:
-لاء لسه
عضت طرف شفاها لتقيد ضحكتها ثم عادت لجديتها وهى تسأله:
-بتعمل إيه عندك ؟
أجابها وقد زادت سخريته:
-تعالى شوفى بنفسك
غطت فاها بكلتا يدها وردت مدعيه الإنزعاج:
-اخاف تكون بتكسف
اوقف الماء وساد صمت من جانبه تعرف أنها أثارت ذكري قديمه بينهم لكنها كانت لطيفه ومع تبديل الأدوار وتغير الزمان قد يحدث شئ لم تتوقعه هي ، مالت اكثر على الباب لتسمع إجابته بتلهف لكن سرعان ما انتفتح الباب فجأة وسقطت هي فى أحضانه بروده جسده جعلتها تنفض
حاولت الابتعاد لكنه تشبث بها ونظر لها بقوة متسائلا :
- إنتى لسه ما عرفتيش انا بتكسف ولا لاء
حركت رأسها بالنفي بعدها بالقبول الحقيقة ان مباغته لها
وحرجها الشديد منه جعل عقلها يتشتت ظلت عالقه بعينه وهو ممسك بذراعيها أسبلت عينها وهى تري خصلات شعره السوداء يقطر منها الماء زادت من جذبيته ووسامته
تعذر عليها معرفة ما في عينه بسبب الغموض المسيطر عليها لم تدرك أنه قرر ان يحبها بصمت وان لا يكشف عن مدي هيامه بها وتأثره الشديد بقربها منه لكن كلما نوي اغرته بعينيها الساحره التى تمتلئ بالحياة والمشاكسه
لم تكن المسافة بينهم كبيرة لكن هى دائما تنفذ إلي قلبة دون جهد ،هتف وعينه معلقه بعينها :
-عايزه إيه ع الصبح
إذدرئت ريقها وأجابته ببرائه:
-عايزه أطمن عليك
ضيق عينه وسألها بخبث :
-عايزه تعرفي انا مخاصمك ولا مصالحك صح
عادت هى لمكرها مادام سألها بخبث ستجيب بكر يليق بها جاهدت ان تخفي إبتسامتها وهي تقول:
- انا عارفه إن زيد حبيبى عمره ما يزعل منى أبدا
لم تكن إمراه عادية ابدا من يوم ما عرفها وهى يدرك مدي خطورتها على قلبه إنها تنسيه كل شئ بكلمة واحده وتزيد نيرانه بحلم رضائها بالفعل هي الوحيدة التى سيطرت على مشاعره ومليت حواسه رغما عنه إبتسم دون مقامه ورفع بنانه ليلمس طرف انفها قائلا بيأس:
-عفريته
إبتسامته طمئنتها فإبتسمت هي الآخري وعادت عينها بالاختفاء لتزداد جمالا وروعة وتسرق عقله الخطيرة التى إن إبتسمت أربكته وجعلته مسلوب الإرادة إن أرادت مقابل إبتسامتها حياته لأعطاه لها عن طيب خاطر ،رفعت يدها وحاوطت عنقه لتقول بغنج:
- عفريته عفريته بس بتحبنى
لم يتوانى عن محاوطت خصرها ورفعها عن الارض ليهتف مكذبا إياها:
- غــلــط،أنا مش بحبك أنا بعشقك بموت فيكي عايزه إيه تانى يا خطيرة
وكأن الدنيا كلها ملك يدها وسعاده كبيرة تغمرها لتسأله:
-إنت اللى عايز إيه؟
مال مالت برأسه على أذنها وهمس برقه :
- عــايز أســعـدك وبــس.
نجحت بسهولة فى إستقتطابه وأنسته الخطأ منها وحولت الدفه الى إتجاهها إمراة فى هذا السن بهذه القدرة يهابها الجميع لأنها إمرأة خطرة .....