قصة عشقت امرأة خطرة
البارت الثاني والعشرون 22
بقلم ياسمينا احمد
"فى غرفة مها "
إستيايها كان كبير وواضح وهى ترتدى ملابسها وتتجهز للخروج تتشاجر مع زوجها بغضب بالغ:
-على آخر الزمن اتهزق ،انا جايه هنا عشان أتاسف لصبا اللى مربيها عندى
أوقفها حسين متعصبا :
-مها حاسبى إي مربيها عندك دى وبعدين انا لسه مش بالعلك انك ضربتيها
هتفت نافيه:
-انا ماضربتهاش
رمقها بحده كى تتراجع وقال:
-زيد مش هيتبلى عليكى
طوت ذراعيها وإستدارت عنه وتمتمت بإنفعال:
-يعنى إي هو انا كذابه؟
أجاب وهو يقف بوجها كى يتأكد من شكه:
-مش عايز اقول كدا بس من الاول قولتلك صبا بتتعبك وانا عارف لكن تمدى ايدك عليها لاء مهما كان دى بنتى
صاحت بحنق :
-خلاص يا حسين بنتك بنتك
أنهت جملتها وانطلقت نحو الخارج ،فازت "صبا" فى أول جولة وأجبرت على الاعتذار لها والاعتراف بخطأها حتى تحافظ على زيجتها المهدده بالانتهاء والمعلقة بكلمه واحده لصبا كلمه اعتذار لا تفى ما فعلته بها طيلة حياتها لكنها كانت تثتكثرها عليها ،هكذا هى طبيعه المؤذيين فى حياتنا يفعلون كل ما تسؤل لهم نفسهم المريضه بفعله بمنتهى الإستخفاف وعند الإعتذار يصبح الأمر ثقيل.
ظلت "صبا" واقفه أمام الباب بتردد الأمر أشبه بالنسبة لها كالتراجع خطوتين للخلف قبل الإنطلاق لسباق الألف ميل
أخيراً إتخذت خطوة للأمام خطوة واحدة خارج غرفتها واشتد ظهرها وفاح عطر قوتها خرجت بكامل زينتها وظهرها مشدود ما مضي جعلها أكثر قوة من ذي قبل وأكثر إستعداد للحياه ، نزلت عن الدرج ويدها بيد مريم تمشي واثقه وكأنه لم يحدث شئ وصراخها الذي كان يحرك جدران القصر كأنه كان ضحكات من يراها بهذه الصورة البهيه لا يصدق ابدا أنها لاتزال العلامات الزرقاء تلطخ جسدها المستور بعبائه سوداء مطرزه بالذهبى على حذاء ذو كعب عالي يدق الارض دقا بخيلاء ومرونه ،ناظرها من بالاسفل" ونيسه وبثينه،مها" بحقد وغيظ دفين قلوبها تشتعل وأسنانهم تكاد تنكسر من قوة الضغط ،مالت بثينه الى ونيسه لتهتف بحنق:
-شوفتى القادرة ولا كأنها عملت حاجه
ضغطت "ونيسه " على قلبها وهى تقول بعصبية:
-سيبنى فى همي بالله عليكى قلبى هيقف
وقفت "صبا"بينهم بكبرياء لم يظهر عليها أى تأثر سواء بالضرب أو حتى التأثر نفسيا ،أسرعت "مها"بالاعتذار لانهاء الامر قبل الخروج من القصر حتى تنهى عقوبتها مهدت قائله:
- مبروك ياصبا ،دا يوم المنى بالنسبالى
أضافت وهى تعض طرف شفاها لتخفف التوتر الناجم عن غضبها:
- وعشان كدا حابه أعتذر عن أى تقصير صدر منى أو أى اذي اتسببتلك فيه عشان نبدأصفحه جديده
رفعت "صبا"أحد حاجبيها مستنكره ما تقوله يبدوا واضحا أن احدا أجبرها على هذا لم تعتذر يوما ولم ترى نفسها لمرة واحده على خطأ ضيقت عينها وانتظرت تفسير واضحا، زاغ بصر "مها" تحت نظراتها الفاحصه عليها أن تذكر سبب هذا حتى ينتهى الامر ويسمح لها "زيد" بالبقاء الذي يقف بانتظارهم بالخارج :
- ياريت تبلغى زيد إني اعتذرت
فهمت "صبا" سبب الاعتذار الآن وهذا ما شد عضدها أكثر وجعلها تؤمى بخبث ناظره بأعينهم وكما قال جدها وصدق "زيد هو مصالحتها وظهرها وقوتها ،زيد من سيغير حياتها"
تمعنت فى وجوهم العابسه ونظراتهم الغاضبه و
ابتسمت بهدوء ،استدارت لتنطلق نحو زيد تبعها الثلاثة دون إضافة فالأحداث بات تجرى لصالحها.
"بالخارج"
كان زيد بانتظارها يعقد يده امام صدره وتعلقت عينه بها فور ظهورها لها طاله تسرق العين والقلب وحضور مميز تتقدم بخطوات واثقة متزنه كالملكه ابتسامتها التى تعلو ثغرها تُعلمه أنها إنتهت من حرب للتو وانتصرت فيها ،الجميلة الخَطرة حضرت تمكنت من قلبه الطاغى وأعلن إنتصارها تُعجبه بمرارتها وجنونها ومشكلاتها وخطورتها لولا نظارته التى يخفى بها عيناه لإفتضح أمر وقوعه التام بها، كلما إقتربت منه إرتفعت حراراتة
وقفت قباله مباشره وإبتسمت له برضاء تام وسعاده ثم سألته :
- انت خليت مها تعتذرلي !
حاول السيطرة على نبرته وهيامه بها ليكون أكثر جدية حتى تظل تحت يده ولا يبدى اى مشاعر قد تستغلها الخطرة ضده الطريق فى بادئه :
- ايوا عشان ضربتك وما ينفعش أبدا حد يرفع ايدوا على مرات الكبير
إتسعت إبتسامتها لتقول بغنج وهى ترفع أحد كتفيها قبل أن تتجاوزه:
-يسلملى الكبير
تمكنت الخطيرة كان يكفى منها ابتسامه رضاء لتشعله وتجعله طوع بنانها ، وقف قليلا ليعود إلى رشده حتى تبعتها الجميع ليجلسوا بالخلف ثم التف حول مقدمة السيارة ليجلس خلف المقود الى جوارها تجاهل وجودها
حتى يمرر هذه الرحلة على خير خاصتا بوجود عمته وأمه وكذلك زوجة أبيها
"فى محل الذهب "
وقفت "صبا" تنتقى ما تشاء مما قدم إليها وبات "ونيسه"أمام الأمر الواقع فبدأت بإستغلال سلطتها كحماه لتفسد فرحتها متعمده لكن بذكاء لقد فات أوآن رفضها وأصبحت مفروضه بالقوة ،ناولها البائع أحد أشكال المصوغات وهو يقول:
-بصي دا حاجه ذوقها عالى تساهل حضرتك
كان يبدوا عليها السعاده والسرور وأبدت إعجابها بشكل ملحوظ مجيبه وهى تلتقط الطقم بين يديها:
-الله شكله جميل اوى
دفعته "ونيسه"عن يدها وهى تهتف مضايقة إياها:
- لأ دا لأ مش حلو
اختفت ابتسامة "صبا"وعضت طرف شفاها متأكده انها تريد إزعاجها بأي شكل لذا اشارت على آخر قائله بزنق:
-خلاص هاخد دا
كررت "ونيسه"رفضها بتعند:
-أهو دا أوحش منه
تدخل "زيد"بينهما حتى لا يزداد الأمر سوء:
-يا أمي سبيها تختار اللى هى عايزاه
رمقته بحده وهى تزمجر به بعصبيه:
- الله أومال أنت جايبنى ليه ؟ولا احنا كمالة عدد مش عايزنى اختار شبكة ابنى ولا ايه؟كنت خلتنى هناك بقى بدل الشحططه دى
قررت "صبا"التدخل لكن بحكمه كى لا تؤكد لها أنها لن تفسد مزاجها ،نظرت الى زيد وهتفت بنبرة ماكره وهى تمنحها نظرات ذات مغزى :
- سيبها تختار اللى عايزاه يا زيد انا اصلا أى حاجة بتليق عليا
صرت"ونيسه"على أسنانها فأمسكت بيدها" بثينه"لتهدئها عندما شعرت بأنها ستنفجر بها فمالت لها هامسه :
- يا ونيسه إستهدى بالله البت بتكايد فيكى
ردت ونيسه بغضب مكتوم:
-شايفه البت وعمايلها
نظر "زيد"نحو صبا بتمعن وأجاب عن ما قالته بفهم واضح لما تفعله:
-والله
سألته بإبتسامه مشاكسه كي تحيد إنتباه عن فعلتها:
- والله ولا انت شايف حاجه تانيه
مال اليها وقال بحزم شديد:
-انا شايف انك تلمي الدور شويه مشي الدنيا ولمى الليلة
حاولت السيطرة على نفسها والهدوء حتى تثبت للكل أنها أضحت مالكة الكبير إبتسمت نافضه رأسها لتعطي شعورا للحاضرين بالإجماع أنه يشاكسها سرا
همست ونيسه بغضب تحاول السيطرة عليه:
- شوفتى عمايل زيد ؟!
مالت بثينه هى الأخري عليها لتهديها:
- معذور يا ونيسة مسحور مش بإيدوا
أشارت "صبا "قاطعة الهمسات:
-انا هاخد الطقم دا يا زيد
ماكان منه الا الاستجابةقال:
-شوف حسابه
نفذ البائع وبدأ بالحساب ثم قدم لأئحه من خاتم الزواج
مشيرا:
-اختارته من هنا ايه ؟!
أشارت صبا الى إحداهما وإنتقت أفضلهم :
-دي حلوه ؟ايه رايك يا زيد؟
تحمحم عندما وضعته تحت المجهر أمامهم وكأنهم يختاروا بتفهم فقال محاولا عدم التأثر بما تجره اليه:
- المهم رأيك مش انتى اللى هتلبسيه ؟
لم تهدأ "صبا " فردت قائله بمكر :
-مش انت اللى هتلبسهالى ؟اختار معايا
صوت واحد تردد بداخله بجملة واحده:
- يارب عدى اليوم دا على خير
أمسك بأحداهم بشكل عشوائي وقدمه لها قائلا بإقتضاب:
- دا
لم تتناوله منه وهتفت مصره على احراجه:
-لابسهولى
رمى لها نظرات جامده حتى تحد من تصرفاتها الماكره امام أسرته لكنها بدت غير مهتمه سوى براحتها وعيش لحظات جميلة لن تتكرر خاصتا بعد رضائها التام عن زيد زوجا لها ،مدت يدها أمامه حتى يضع الخاتم بإصبعها وابتسامتها الواثقة من أنه سيفعل رقصت على شفتها استعدادا للنصر ،زفر بضيق وهو ينفذ رغبتها قائلا:
- يارب صبرنى
وضعه بيدها وبدت أكثر فرحا وهى تمد بيدها امام عيناها لتشاهد الخاتم على اصبعها،ثم التفت لتري كم أحرقتهم ولم تكتفى بهذا بل هتفت متصنعه البراءه:
-إيه دا ما فيش زرغوطه ،يلا مش مهم أزرغط انا شكلكم ما بتعرفوش
رفعت يدها لفمها لتحرك لسانها وعلا صوتها الرنان فأمسك زيد بيدها ليوقفها فتوقفت بالفعل لكنها لم تخفى ابتسامتها وعادت تهتف بحماس :
-ننقى بقى واحد لمريومه
مالت بجذعها لتنتشل "مريم" من الارض ، لم تكتفى من غيظهم تعلمت فن الكيد ونجحت فى اغضابهم دون أى خطأ
تدخلت ونيسه صاعقة اياها:
-مريم هتجيب مع خالتها مالكيش دعوة بيها
فعلا ظهر عليها الضيق هذه المرة نجحت فى إخفاء ابتسامتها بتذكيرها أن زيد سيتزوج غيرها فيما بعد
اختطفت مريم من بين احضانها وهى ترمى لها نظرات شامته ،إستدا رت"صبا" لترد بنبرة جاهدت ان تبدوا غير مكترثه:
-ومالوا زيادة الخير خيرين
شعر زيد بما تشعر وزاد اعجابا بتماسكها وقوة تحملها
قرر مشاركته بالاختيار لمريم ليخفف عنها وطأت الأمر ومساعدتها للتجاوز والاستمرار على الابتسامات التى حافظت عليه حتى الآن ،بدوا كأى عروسين متافهمين ذوقهم قريب لبعض وتفكيرهم واحد أسعدت "مريم "
وسعدت بها غنجتها كثيرا وغازلت يدها المحاط بالخاتم الذهبى :
-يا جمال الصوابع عايزه تتاكل مريم حلوه
ابتسمت مريم وكطفلة بريئه نسيت تماما التخويفات التى سرد عليها من قبل .
اخرجهم زيد للسيارة وعاد ليحاسب وياخذ ما انتقاه تركهم معا .
"فى السيارة "
جلست "مها "بجوار "بثينه" و"ونيسه "تنظر لصبا التى امامهم بشرودطويل كل هذا وهى لا تشترك بشئ تحلل وتدقق حتى تفهم ما تنوى له صبا وما وصلت اليه شئ واحد أن صبا حصلت على أكثر مما تتوقع وأنها إن استمرت على هذه الحالة وهذا الهدوء ستميت الكل قهرا وتصبح الأمر الناهي بالقصر المسيطرة على كل شئ
لم تستطيع "ونيسه"الصمت وهتفت لتغيظ صبا":
-يلا يا بثينه ربنا ما نصافناش فى الجوازه الأولى إن شاء الله ينصفنا فى التانيه
ردت بثينه عليها لتجريها بالحديث:
-ايوا إن شاء الله دى نهى بنت حلال هو فى زيها
سألت "مها"حتى ترى مدى قوة التحمل التى وصلت لها صبا حتى الآن مثبته عيناها عليها:
-هو زيد هيتجوز التانيه إمته؟!
كانت تبدوا ثابته وداخلها بركان لكن لن تنولهم غرضهم مهما كان ستصمد ولن يخرجها احد عن طورها لقد بات كل شئ بحساب سمعت بأذنيها قهقت "ونيسه " وسخريتها :
- يمكن تانى اسبوع الفرح أنا متاكده أن دى مش هتعمر معاه يومين
هتفت "بثينه " ضاحكه:
- وحياتك هو يوم واحد
إنساقت مها مع ضحكاتهم وصار صوت ضحكاتهم كالوقود على الحطب بالنسبة لصبا إشتعلت بداخلها لكن صمتها أشعلهم أكثر منها وعندما قررت الحديث والرد ردت بمنتهى الهدوء وهى تعبث بأصابع مريم هاتفه بصوت كالنصل البارد:
-مهما قولتوا وعملتوا أنا مش زعلانه ومش هزعل لأنى ببساطة مقدرة موقفكم وحقكم طبعا ما أنا اللى كسرت لـعـنـة زيــد وخليتوا يوافق على الجواز بعد ماكان رافض نهى وغيرها
استدارت بنصف جسدها لتنظر لونيسه حتى لا تفوت مشاهدتة وجهها الآن مستأنفه حديثها بنبرة لوم:
-دا بدل ما تشكرينى يا حماتى بتتريقى عليا !
بالفعل أفحمتها وانفجر الدماء بوجهها وأمسكت أعلى رأسها وهى تصيح بالم:
- دماغى بنت بشرى هتجيب أجلى أشكرك انتى على أي اشحال ما انتى ممشياه بالاسحار
استدارت تضيئ وجهها بإبتسامه فلازالت النقاط لصالحها تزداد واحده تلو الاخري لترد عليها دون الاهتمام بما تتهمها
مضيفه قوة لقوتها ،هاتفه و أحد حاجبيها مرفوع:
- طيب كويس إنك عارفه إهدى بقى عليا بدل ما أسخطهولك خنفسه
صاحت بها بثينه :
-بعد الشر عليه ،ياحفيظ منك
لم تبالى "صبا"بما يثرثرون وأيا كان ما يتهموها به فهذا يعزز من قواها ولن تلتفت أبدا له طالما تعرف نفسها جيدا
فلن يضرها ما قيل فيها .
تأكدت مها ان" صبا " ستشكل خطر كبير فى المستقبل هدوئها وعدم اكتراثها يزيد من خطورتها والأهم من ذلك قدرتها فى التأثير على زيد .
مازال "زيد" يتحرك بسيارته ليقضي كل تجهيزات الفرح لكن الصمت المخيم بالسيارة لم يعد مريحا له خاصتا وهو يفهم جيدا ما تفعله صبا والضغط الذي تمارسه على والدته الذي بدأ يظهر على وجهها المحتقن ويدها الموضوعه على قلبها بإشارة واضحه عن ألم يفتك بها وتحاول إخفائه ،وصلوا الى أحد المولات الخاصة بملابس الزفاف
وترجل الكل من السيارة وتحركوا للداخل فى كل مكان كانت تحط قدمها به صبا كانت تزداد سعادة تضيئ بشدة وهى تراهم يحترقون ،مهما حدث لن ترحم أحد فسابقا كانت فأر تجارب لثلاثيتهم وحقل للنفايات أفعالهم الشاذه وتفريغا لغضب لم تعرف سببه ولم تعد تبحث عن سببه .
تعمد "زيد"مجاورتها فهو يريد التحدث إليها رفأتًا بأمه
جاور خطواتها وهم خلفهم ومال إليه ليقول بصوت خفيض:
- لمى اليله يا صبا ،أمى تعبت .
حركت عينها فى مقلتيها بخفه وكأنها لا تفهم ولا تكترث وأجابته:
-الف سلامه عليها مالها ؟
أمعن النظر بها كاشفا خداعها وإدعائها عدم المعرفه وقال بشئ من الحده:
- انتى هتعمليهم عليا انا كمان ؟ انا فاهمك كويس اوى
لم تبالى بما يفهم المهم أنه لن يستطيع إثبات ما يفهم ما دامت تتدعي عدم المعرفه لذا نظرت اليه ببرائه ولامته بحزن وتأثر :
- وانا هكون بعمل أي يا زيد ؟انا بس فرحانه انى بجهز لفرحى بيتهايقلى دا شئ طبيعي بالنسبالي لأنى أول مرة اتجوز .
بالفعل خطيره تؤنبه للومها على فرحتها وتعطيه ضوء تحذيري أنها تفهم سبب عدم تقديره وتفاعله معها لزواجه من قبل ،توقف عن محاذاتها بالمشي وظل يحدق لها بحيره بدأت حربا بارده لن يعرف فيها كيف ينقذ من يدها عائلته "صبا"يلزمها ترويض ومجهود كبير حتى تنصاع لأومره دون أن تحاول تنفيذ رغبتها في مضايقة من ضايقوها من قبل ورد الاساءه بالإساءة وإلا فستلفت من يده وبطريقتها هذه سيكون "زيد" هو أول ضحاياها.
رجعت إليه من جديد عندما لاحظت توقفه عن التقدم معها وسألته :
- وقفت ليه؟
ثوان ظل يحدق بها برويه فستعيده لأيام صباه فالدم الذي يجري بعروقهم واحد وإن كانت تستطيع إقناعه
أن ما تفعله من كيد غير مقصود فهو يستطيع أيضا إقناعها
بكل ما يريد واللعب بعقلها حتى تأتى له خاضعه وتنتظر إشارة من طرف بنانه للتحدث ،يستطيع أن يجعلها تكتم انفاسها خشية من إزعاجه ، هتف بهدوء غامض :
- إعملى اللى يريحك
تجاوزها ليلحق بأمه وعمته فى نهاية الممر ،ظلت تنظر له بقلق زيد مصدر قوتها ولا تريد أن تخسره لكن ما يفعلوه هم بيها يجعلها لا تقوى عن رد حقها وقتى لكن التعقل والتريس أمر هام وضروري فى كل الحروب .
-برافوا يا صبا
التفت على صوت"مها"الذي جاء على غفله من خلفها
سألتها صبا بتعجب:
-برافوا على ايه؟
مسحت على طرف كتفها بعنايه وهى تجيبها:
-على اللى انتى بتعمليه، أخده زيد درع وبتحاربى الكل
زفرت "صبا" بملل وهتفت ببرود:
- انتى اكيد شايفه غلط انا مش واخده زيد درع زيد بيحبنى وانا بحبه والكل غصب عنهم لازم يقبلوا بالحب دا
وانا مش بحارب أنا بعيش .
رفعت حاجبيها مستنكره مراواغتها وهدرت هازئه:
- بيحبك وبتحبيه دا من امتى إنتى لسه كنتى هاربانه منه يوم كتب كتابكم !
جاهدت "صبا" أن لا تبدى تفاعلا على وجهها يوحى بأنها هزمت أو زعزعت ثقتها،ورفعت ذقنها عاليا وهى تقول:
- الموضوع دا انتهي وياريت ما تجبيش سيرته تانى
حركت مها رأسها بالقبول وتسألت مدعيه الاسف:
- صحيح انتهى خلينا فى الجديد هو زيد اللى بيحبك هيتجوز عليكى ازاى ؟
ثبتت عينها على مقلتيها لتستشف الألم الذي تخبأه عن العالمين، مهما كانت تدعى القوة فهذه الفعله ستضعفها مئات المرات،ضغطت صبا على اسنانها لتستدعى قوتها وايمانها بنفسها وقدرتها على تحويل كل شئ ضدها لصالحها وهتفت بغضب مكتوم :
-زيد مش هيتجوز غيرى أنا ،أنا وبس .
لم تقف عندها وتجاوزتها متعمده لكم كتفها بجسدها .
حدث "زيد"والدته بالطف:
- مش عايزك تحطى تصرفاتها فى دماغك مهما كان دى عيلة و....
قاطعته محتده:
-عيله انا اتجوزت أصغر منها ما كنتش بالبجاحه اللى بتعملها دى، انا مرراتي هتفقع منها دى نسيت اللى عملته وعينها باكسه.
زفر انفاسه بتروى ليرد عليها بهدوء:
- برضوا، هو انا لازم افكرك اننا قفلتا الموضوع دا وبدأنا صفحه جديده، بلاش نبقى مختلفين انا وانتى فى اولها عشان الكل مش عايزنى أبقى الكبير وأولهم جوزك .
اجفلت مما يقول تعرف هذه الحقيقة المره وتعانى من الإجبار فى تقبل كل شئ سواء زوجها أو زوجة ابنها .
ركضت "صبا"مع مريم"فى ركن ملابس زفاف الاطفال
لتنتقي منها إحداهم وتركت الكل .
وقفت مها بجوار "بثينه" تسألها باهتمام:
- هااا ما روحتيش يعنى للشيخ اللى قولتى عليه؟
حركت "بثينه"رأسها لتنظر لها بحيره لم تعرف كيف تأمن لها كى تتخذ هذه الخطوة معها سكتت واختفى الكلام من رأسها فإستأنفت مها لتحمسها:
-مش هيفك السحر إلا السحر .
حركت كتفها مجيبه بإنصباع:
-انتى شايفه كدا ؟خلاص تيجى معايا واللى يقولوا الشيخ ننفذه سواء
كانت ترى فى صبا قوة لن يقدرها أحد من الإنس لذا فكرة الاستعانة بالجن كانت من وجهة نظرها صائبه جدا "صبا" لابد أن تسقط وهى بيضة هاشه قبل أن تصبح تنينا قوياً
"بالداخل"
بدأت فى انتقاء فستان أبيض يليق ب"مريم" وساعدتها بارتدائه وهى تحادثها بسعاده:
- الله مريم حلوه،احنا نجيب للفستان دا تاج وتبقى ملكه
سألتها مريم بطفولة :
- انتى هتجوزى بابا
لوت فمها وحاولت تجاهل سؤالها ،لكن مريم كانت لحوحه :
- انتى هتجوزى بابا يا صاصا هتاخدى بابا منى هتشدى شعري
كادت أن تتجاهلها لكن الدموع التى تجمعت فى عينها وخشيت أن تكرر ما فعلته بالسابق فنزلت على قدمها تسألها بفضول:
-أيوا بقى مين قالك الكلام دا
اتسعت عين "مريم " وهى تنظر اليها برعب ،فرفعت "صبا"يدها لتنهاها عن البكاء الذي تنوى الدخول فيه:
-اوعى تعيطي قولى وما تخافيش
ظلت كما هى رافضه الإجابه ،فإضطرت صبا التحدث بهدوء:
- اللى قالك كدا مخوفك انك تقولى ؟!
ظلت محدقه بها دون رد فتحدثت متسائله بهدوء :
- طيب انا عمرى ما ضربتك
حركت رأسها بالنفي فإسترسلت :
-كويس وعمرى ما هفكر اضربك انا بحبك وعايزاكى تبقى دائما مبسوطه
نظرت لها مريم بحزن وحاولت مسح عينها التى تسقط منها الدموع رغما عنها ،ثم سألتها ببكاء:
- وبابا هيحبك أكتر منى
شعرت "صبا"بالآسي على حالتها كففت بيدها دموعها وحاولت السيطرة على دموعها التى تؤلم قلبها ثم أجابت بصدق:
-أهو أبوكى دا اللى مش عارفه هعمل معاه إيه ؟
ما تصعبيهاش عليا يا مريم أنا عايزاكى مبسوطه ومرتاحه
دخل اليهم "زيد" لتقفز مريم مهرولة بإتجاه دون انتظار نهضت صبا من الارض لتلتف اليه رأته يضمها بحنان الي صدره وعينه تعانق تفاصيلها كأنها هى عروسته مشيدا بفستانها بإعجاب:
-إيه بس الحلاوة دى يا مريومه
عاد السؤال يقفز الى رأس صبا هل زيد يعشق مريم لأنها إبنته أم لأنها إبنه عشيقته وحبيبته الأولى سؤال طفولى لكن بالنسبة لها سيفرق كثيرا لا تنكر مشاعر الانجذاب
تجاه لكنها تود أن تكون متبادلة.
فى احد المطاعم
جلسوا على طاولتان مختلفتان لرغبة زيد فى الانفراد بصبا بعد انتهاء جولتهم حتى انه ترك مريم لجدتها حتى يستطيع التأكد من تركيز صبا بما سيقوله،تركها تأكل ما أمامها بشراهه حتى إنتهت ،ثم ضم يده فى مقابلها على الطاوله وثبت نظره عليها ليوضح لها ويحذرها فى آن واحد:
-سمعتى أو ما سمعتيش قبل كدا أنا حابب الكلام دا تسمعيه منى لأنى هحاسبك عليه بعدين
أبدت إهتمامها لما سيقوله وإعتدلت فى جلستها متأهبه لكل ما سيقوله ما إن رأي منها الاهتمام وفضول الإنصات حتى تحمحم قائلا:
-عيلة الواصل من أكبر وأعرق العائلات فى المدينه وبرغم اننا هنا مدينة مش قريه إلا إن طباعنا تميل للقري وعادتنا وتقاليدنا لازالت العامل المسيطر على المنطقة وللجوء للقضاء يعتبر نادر والحكم هنا حكم عرفى بيتكون فى مجالس عرفيه ،جدي أهمهم وأكبرهم سناً ومقاماً وعشان
هو أشتهر بالعقل والحكمه والنزاهه وسرعة البديهة أصبح المقصد الأول لأصحاب المشكلات ربنا يديله الصحه وطولت العمر اشتغل طول عمره على قضاء حوائج الناس وحرص على تعليم ولدى وإدماجه فى المجالس دى عشان يكون خليفته ويكمل مسيرة إسم عيلة الواصل من بعده
ولما ولدى الله يرحمه توفي كانت كسرة كبيرة لجدى من بعدها بدأ يحطنا كلنا فى اختبارات صعبه عشان يشوف مين فينا الأنسب وانتهى الأمر بإنه إختارنى انا.
كانت السعاده تغزوها وهى تصتنت الى هذه الحكاية المشوقه والتى لم يسعى أحد لسردها لذا اهتمت بشده وركزت على كل حرف يقوله،إسترسل هو وقد بدى على وجهه بعض الضيق وكأنه لم يكن يريد هذا :
-جدي دايما كان يقول إن قضاء حوائج الناس مش انت اللى بتسعالها هى اللى بتسعى لصاحبها ،اختياره ليا وتفضيلى عن اخواتى وأعمامى شئ كبير وعظيم خاصتا وإن بعد عمرا طويل كل ما يملك جدى هيكون تحت تصرفى أنا والعيلة بالكامل هتكون تحت إدارتى واللى هيفكر يخرج براها زى ماقلك جدى بيطلع فاضي بالظبط زى حالنا دلوقت عيشينا كلنا تحت أمره ومافيش حاجه بإسم حد فينا ،بس طبعا اللى بيحتاج حاجه بيتساعد
وبيتوفرله كل اللى يلزمه فى حدود المعقول
أوقفته لتسائل بدهشة:
-يعنى حتى بابا مش ليه املاك
اجابها بجديه:
-ولا املاك ولا ورث الاملاك كلها بتورث لشخص واحد اللى هيبقى الحاكم عليهم ومن بعده للى بعده وكل واحد بيسلم للى بعده الأملاك دى زايده من غير نقصان وكل شئ بيتحط عليه قَسم وبيحضر عليه شهود عشان كدا الكبير لازم يكون فى شروط كتير جداً مش عشان يحكم بين الناس وبس لازم يكون عنده عدل ورحمه وما يجورش على حق حد ويكون حارس أمين على عيلة بقالها سنين طويلة واقفه بثبات وبيطلع منها أحسن رجالة اخرهم جدى فايز الواصل
هذه المقدمة الطويلة والتوضيح لابد كان يريد أن يوصل لها رساله هامه وها قد حان وقتها:
-انا بقول كل دا عشان تقدرى حجم المسؤولية اللى عليا وعليكى لازم تفهمى إن انا زى ما عليا ألف عين إنتى كمان هيبقى عليكى ألف عين ما ينفعيش تغلطى ولا عينك تغفل كل حركه بحساب وكل كلمه بحساب لأن تصرفاتك بتعكس مدي إحترامك ليا وطاعتك
بجديه أشد من ذي قبل وعينه بعيناها أضاف:
-مستحيل أحكم البلد وانا جوه بيتى مش عارف أحكمه حطى دا قدام عينك تملى
أبتسمت وحركت رأسها بالقبول وردت بإقتضاب:
-ما تخافش هشرفك
لم يكن لديه شك فى إستيعابها الأمر رغم ضخماته وكان يجب عليها الخوف لكنها بدت شجاعه مستعده لأي شئ
كانت لائقه تماما لمثل هذا الدور ،هتف من جديد:
-مرات الكبير لازم هى كمان تحفظ كرمتها وممنوع حد يهنها واللى بيتجرأ بيكون مصيره زى مها أو الطرد
ولازم هى كمان ما تجبش لنفسها المشاكل وتكون حريصة أنها ما تعرضش زوجها للشكوى .
شعرت بما يحاول ادخاله برأسها ومحاولة إقصائها عن مجادلة أفراد أسرته التى تكرها وأن لا تتطغي فى استخدام سلطتها فنفخت مدعيه الضجر وهى تقول:
- خلاص فهمت
لم يرتاح لما تدعيه من ضجر فرفع إصبعه لينبها:
-مش عايز أنبه عليكى وأوصيكى بأمى ومريم يا صبا لازم تخافى خافى أوى من إن فى يوم تيجى على أمى أو مريم انا ممكن أتساهل فى أى حاجه إلا الظلم عمرى ما هسمح بيه ،أمى هى ظهرى وبنتى دى قلبى الاتنين دول خط أحمر .
تحولت ملامحا وظهرت أكثر عدائا وهى تضع يدها أسفل ذقنها هادرة بحنق:
- يعنى امك خط احمر وضهرك وبنتك قلبك وخط أحمر وأنا ايه خط فودافون ما تشوفنى معاهم يازيد ولا أنا شفافه .
رفع حاجبيه بدهشه من جرئتها بالمطالبه بحقها والبحث عن مكان يخصها بداخله فظل صامتا حتى تلقى ما فى جعبتها،تحدثت بعصبيه :
- إنت عايزنى أخلى بالى من تصرفاتى واركز على كل كلمه واحافظ على شكلك وأقدر مكانتك وفى الآخر تقولى أمى ضهرى وبنتى قلبى وكمان هتجوز عليا
هتف متظاهرا بالضيق من طريقتها ،حديثها ،تذمرها:
- يعنى إنتى عايزه إيه من الآخر ؟
أجابت بجديه وعينها تتسلط على عيناه بنبرة شبيه بالرجاء:
- ما تتجوزش عليا يا زيد
سكت تماما كان صعب عليه تنفيذ طلبها برغم أنها انصاعت لكل أومره دون رفض أيا منهم رغم صعوبتهم عليها وتناقضهم مع شخصيتها، بلل شفاه وأشاح بوجهه عنها فأضافت متوسله :
- الحاجه دى هتكسرنى بجد هتوجعنى أوي وبلاش إنت بالذات توجعنى .
حديثها يؤلمه كان يتمنى أن يكون فى قدرته تحقيق مطلبها لكن الامر كان معقد واصعب مما تتخيل عاد ببصره إليها وهتف موضحا :
-ما ينفعش جوازى التانى مربوط بوجود مريم معايا
لم تضغط عليه لكنها ستفعل المستحيل ليكون "زيد"لها وحدها رجعت للخلف وجلست بارتياح وهى تنظر بعيد
وكأنها واثقه من هذا ،نظر لها زيد دون إطمئنان هذه الجلسه الواثقه التى لا تليق بحجمها الصغير تشي
بأنها" إن أرادت ستفعل "لن تهدأ هذه الخطيره حتى تحتل قلبه الذي بدأت فعلا بخوض أرضه دون سلاح تركض بحريه حافيه القدمين.....