ظلمات قلبه
البارت الواحد العشرون 21
بقلم هدير دودو
هَـمَـست اشرقت، و هي غير واعية على ما تتفوهه فـ عينيه سلبت عقلها تمـامًـا افكارها، و كل شي.. خططت له، قد تبخر في الهواء.. ما ان تقابلت عيونهما سويًـا،لم تَـشْـعر بـِ ذَاتِـهَـا سوى، و هي تخبره... على الرغم من انها خططت الا تقول له
:- ا...ارغد انا.. حامل..
كَـانت كَـلِـماتها البسيطة تلك كـ القنبلة التي تفجرت في عقل ارغد، لوهلة تجمدت اطرافه، تجمد عَـقْـلُه.. يَـشْـعر ان كل شي قد توقف الان، و انْـتَـهَـى في تلك اللحظة لـ يهتف متمتما من بين اسنانه بـ قسوةِ، و عدم تفكير يسأل اياها بنبرة جامدة، قاسية، صوت متحشرج
:- من مين، حامل... من مين..؟!
ما ان اسْتمعت هي الى سؤاله هذا... حتى شعرت ان العالم سينتهى الان... اغمضت عينيها بقوة واضعة كلتا كفيها على اذنيها.... فـ سُـؤَالُـه هذا يتردد الان داخل اذنيها بقوة... فطهذا كان اخر كا توقعته كيف له ان يسألها سؤال مثل هذا... هذا اخر ما فكرت به هو الان بكل برود، و قسوة يشكك بنسب طفله..
كان كل هذا يدور تحت سمع مرام التي قد كَـلَّـفْـهَـا ماجد بمراقبة كل كلمة تحدث بينهماعندما يصل ارغد البيت... استمعت الى خطوات تقترب من باب الغرفة لذلك فرت هاربة بأقصي سرعة لديها، و هي تشعر بانقباض قلبها خوفًـا من ان احد يفتح الباب، و يراها و خاصة ان الخطوات تقترب من الباب... لم تنكر انها شعرت بتراقص قلبها عندما علمت ان ارغد يشك في حمل اشرقت سرعان ما وصلت الى غرفتها فتحتها بسرعة، و دلفت بها بسرعة اشد... غالقة الباب خلفها بصوت منخفض..
تركها هو جالسة مكانها، و اتجه بخطواته سريعا نحو الباب الملحق بالغرفة يفتح اياه... نَـظَـر يمينًا، و يسارًا لبتأكد من عدم وجود احد يستمع اليهما كالعادة... فهو يعلم كل شئ، هو كان يعلم بوجود مرام في الخارج لمحها عندما كان يدلف الى الغرفة... تنهد بـ ارتياح عندما لم يجد احد، و علم ان صوت خطواته قد وصل لها فهو قام بارتفاع صوتهما مدبدبا في الارض بصوتٍ عالٍ؛ كى يصل الصوت الي مسامعها... تلك الخبيثة الواقفة قي الخارج تراقبهما ...
عاد ارغد مرة اخرى الى مكانه... جاء ليتحدث لكن قطعته هي قائلة له بصوت غاضب، و قد فاض بها الامر... لكن الى طفلها، و كفى... منذ ان علمت بحملهت عندما كانت في المستشفى، و قد بَـنَـت كل احلامها، و طموحاتها على حياتها مع طفلها، او طفلتها...
:- انت اتجننت صح.. قول انك اتجننت ارغد قولتلك مية مرة انا، و ماجد محصلش حاجة، و مش هبررلك؛ لانك بالنسبة ليا خلاص مبقتش شخص مهم بالنسبالي.. عشان افهمك جيت افهمك، و انت اللي سكتني، و مرضتش تسمعنى.. لكن الطفل اللي في بطني دة ابنك هتصدق مش هتصدق هو ابنك، و انت ح...
وضع هو يديه على فمها مانعًا اياها من مواصلة حديثها هذا... اعترضت هي على فعلته تلك.. الا انه قام بجذبها نحوه بقوة، مما ادى الى ارتطام جسدها بصدره لتصبح داخل حضنه... ضمها هو بلهفة، و شوق، و هو لا يستطيع ان يكبت مشاعره، و شوقه لها اكثر من ذلك.. همس امام شفتيها اللتان اشتاق اليهما بشدة
:- مبروك..مبروك يا قلب، و روح، و عقل، و دنية، و حياة ارغد كلها...
سارت رعشة قوية بجسدها نتيجة همسه لها بتلك الطريقة المغزية... لكنها تجاهلت كل هذا... تنظر له بصدمة، و كأن الدنيا قد انتهت فهو منذ كم دقيقة كان يسأل اياها عن نسب الطفل، و الان هو بهذا الشكل.. اقسمت بداخلها انه لديه انفصام بشخصيته... حاولت ان تبتعد عنه الا انه كان محكم على قبضته عليها.. كان واضعًا زراعيه خلف ظهرها يقرب اياها اكثر، فأكثر حتى اصبح جسدها يلتصق كليا بجسده... لا يفصل ببنهما انشًا واحدًا، ابتلعت ريقها بتوتر... قائلة له مدعية القوة بالرغم من ان قربه لها بهذا الشكل يضعفها، و بشدة جاهدت ان تجعل نبرتها قوية مثل نظراتها له... الا انها للاسف فشلت كانت نبرتها نبرة مهزوزة، متوترة
:- ا.. ايه اللي بتقوله دة يا ارغد ا.. انت مش لسة كنت بتسأل ع.. عن..
قطع هو حديثها هذا ملتقطا شفتيها بين شفتيه يقبل اياهما بنهم شديد... على الرغم من اعتراضها بين يديه في البداية، ظلت تتلوى بين يديه محاولة ان تبعده عنها الا انها بعد ذلك قد تاهت في بحور عشقهما فهي بالرغم من غضبها، و قوتها التي تتظاهر بها... الا انها انثى و لا يجب ان ننسى ذلك... ابتعد عنها عندما شعر بحاجتها الى الهواء استغلت هي تلك الفرصة، و ابتعدت عنه خطت بعض الخطوات الى الخلف ليصبح بينهما مسافة... ظلت تأخذ نفسها عدة مرات مـتـتالية بصوت مسموع جاءت لتتحدث لكن قبل ان تتفوه بحرف واحد اردف هو قائلا لها بثقة، و غضب حارق يحرقه هو
:- عارف يا اشرقت... عارف..
طالعته هي باعين تملَأها الصدمة ، و ما زالت لم تستطع ان تفهم مقصده، اذدردرت ريقها بصعوبة قائلة له بتساؤل، و هي تشعر بالتوجس، و عدم الفهم...قد راود عقلها الان العديد من الاسئلة
:- ع.. عارف ايه يا ارغد..؟!
تنهد ارغد بصوت مسموع... علم انه لا بد ان يفمهما ما ور في عقله، و ما ينوى له... فلا مفر، على الرغم من انه يخشى ردة فعلها.. يخشى ان يصيبها شئ
:- انا عارف كل حاجة عارف... ان اللي حصل لعبة من ماجد، و الو*** مرام... ليتابع بتوعد، و غضب، و قد كان الشرر يتطاير من عينيه عروقه بارزة بغضب.. تشعر انه سوف ينفجر الان من شدة الغضب الذي يشعر به...
اغمضت اشرقت عينيها بقوة... تضم شفتيها معًا الى الداخل... قائلة له بتساؤل، و هي تشعر بالتشتت لا تفهم شئ... كيف علم هو، هل اسيا هي لتي خبرته، تشعر كأنها تائهة لا تعلم ماذا يحدث حولها..؟!
:- ع.. عرفت ازاي..كنت عارف من امتة..؟!
اغمض ارغد عينيه... قائلا لها بغيرة، و هو يشعر بآلم ينهش قلبه، متذكرا منظرها عندما ذهب الى ذلك المكان... اجابها بصوت متحشرج، متعب
:- عارف من الاول، من قبل ما اروح اصلًا... بعد ما خلصت الاجتماع لقيتك باعتة ماسدج على الواتس و بعتالي فيها الماسدج اللي اتبعتـتـلك اسكرين، و شوفت الماسدج اللي الكلب ماجد باعتها ... وقتها حسيت اني مش مستحمل، و فهمت ان كل دة لعبة كنت حاسس اني مرعوب، و قلبي هيقف خايف احسن يعمل فيكي حاجة، و انا ملحقش اوصل عندك... اول ما اخدتك المستشفي خليت الدكتورة تطمني عليكي انه معملش حاجة..
ارتعشت شفتي اشرقت بشدة، فهي بالفعل ارسلت له رسالة عبر تطبيق الواتساب تخبره بما حدث... عندما اتصلت عليه، و وجدت هاتفه مُغلق.. شعرت ان قدميها لم تعد تتحملها.... لوهلة شعرت ان الدنيا حولها تدور وضعت يدها على دماغها بتعب.... اسرع ارغد نحوها يُـسند اياها حتى وصل بها نحو الفراش واضعًا اياها فوقه برفق، و هو يشعر بالخوف عليها.. وضع يده اسفل وجهها رافعا اياه الى اعلى، و هو ينظر لها بدقة يتامل، و يتفحص اياها، و هو يسالها برفق، و هدوء، و اهتمام جمٍ
:- ايه يا اشرقت... حاسة بحاجة يا حبيبتي مالك..؟!
نفضت اشرقت يديه من على وجهها... وهي تشعر ان كهرباء هي من قامت بلمسها ليس هو... ابتعدت عنه قائلة له بجمود، و اقتضاب
:- ابعد عني، متلمسنيش تاني..انتَ واخدني لعبة في ايدك..
ضَـغَـطَ ارغد على اسنانه بقوةِ... قابضًـا على يديه محاولًا ان يتحكم في ذاته، قائلا لها بهدوء، و هو يرى حالتها تلك بأعين يتآكلها الندم... لم يتمنى بـ عمره ان يراها في حالة مثل هذة
:- اهدي يا حبيبتي... اهدى عشان خاطرى.
لم تعقب على حديثه، و لا كأنها سمعته من الاساس هو يطلب منها ان تهدأ... كيف لها تفعل ذلك..؟! فهي كل شي بداخلها يصرخ وجع، و الم، و الانكسار... فاجأته هي بسؤالها له... تسأل اياه بضيق، و قد اختتق صوتها بالبكاء... تشعر كأنها دُمية يلعب بها الحميعع مثلما يريدوا، غير عابئين بها، و بمشاعرها..التي تتحطم الى اشلاء يظل بقاياها يصرخ بداخلها
:- انت الصبح ازاي اتكلمت كدة، و انت بتقول انك عارف من الاول، و و احنا عند ماجد ازاي قولتلي كدة..؟!
شعر ارغد بـ سكاكينِ تُـقَـطِّـعُ في قلبه عندما رآها تبكى و تتحدث بتلك الطريقة.... لعن الحميع، و اولهم نفسه لكنه كان سيخبرها بالتأكيد منتظرا الوقت المناسب، اردف مجيبا اياها بهدوء، و هو يحاول ان بجعلها هي تهدأ
:- عشان مرام الصبح كانت بتسمع زي ما كانت بتسمع من شوية...و عند.ماجد عشان يفهموا ان خطتهم نجحت و ميأذوكيش تاني يا حبيبتي... ليتابع حديثه بندم قائلًا لها بتبرير و هو يحاول ان يجعلها تفهم مقصد ما فعله
- انا كنت هفهمك يا اشرقت كل حاجة والله بس..
قطعته هي تسأل اياه بحدة، و نبرة جافة لم يوجد بها اي مشاعر، و هي تشعر كأن احد قام بجلب سكين، و غرزها في منتصف قلبها، و وقف يشاهدها متلذذًا بآلمها و اوجاعها
:- امتة كنت هتقولي امتة، ابعد عني بقا حرام عليك و عليكوا كلكوا.... متقوليش حـبـيـبـتي تاني انا مش حبيبتك، و لا حبيبة اي حد... انهت جملتها و انطلقت سريعًا بخطواتها نحو المرحاض غالقة اياه عليها، و هي تشعر انها ستنهار الان.... حاول ارغد ان يفتح الباب الا ان جاءه صوتها الباكى، و هي تخبره ان يتركها تجلس مع ذاتها...
:- انا خارج، و هسيب الاوضة اقعدى براحتك من نفسك
كان هذا رده عليها عندما رآها لم تريد ان تخرج و مازالت تحبس ذاتها داخل المرحاض... انهي جملته و خرج خارج الغرفة، و المنزل باكمله شعرت هي ان قلبها سيتوقف بالتاكيد.. لا تعلم ما سبب كل هذا الحزن الذي في حياتها، و هي لم تفعل شئ... فتحت صنبور المياة و ظلت تضع الماء على وجهها عدة مرات بيدين مرتشعتين، و هي تتمنى بالفعل ان تذهب من تلك الحياة... فلماذا تظل معه، و مع اي احد..؟! لم يوجد احد يجعلها تعيش لاجله.. لكنها على الفور نَـهَـرَّت ذاتها عندما تذكرت طفلها الآتي في الطريق... ستعيش لاجله، و تفعل كل ما في جهدها لتجعله يعيش سعيدًا بعيدًا عن حياتها تلك... اغلقت صنبور المياة، و خرجت من المرحاض بعدما تأكدت من نزوله بالفعل... وضعت يديها على بطنها و ابتسمت بتلقائية عندما تذكرت طفلها التي تحمله هي همست قائلة لـ ذاتها بقوة، و تشجيع كانها تتحدث مع شخص اخر محاولة ان تعطي نفسها طاقة، و قوة تشجع نفسها مقررة الا تعتمد على احد مرة اخرى
:- خلاص من هنا، و رايح كل حاجة هتحصل طبيعية، و انا بنفسي اللي هعرف كل واحد غلطه، و هعاقبه عليه
لـ امتة هفضل ضعيفة مكسورة كدة...
ذَهَـبَ ارغد الى الشركة عندما نزل من الغرفة... دلف عليه مالك ما ان علم بوجوده، اردف قائلا له بتساؤل و قلق
:- ارغد كنت فين يا ارغد بتمشي، و تيجي عادى كدة..؟!
تنهد ارغد بصوت مسموع، و هو يشعر بالتعب حرفيا ليقسم ان يذيق كل من اخطا من نفس الكأس نتيجة على ما فعله، فـ كل ساقي سيسقي بما سقي به اردف مجيبا اياه باقتضاب، و هو يشعر بالضيق لكونه انه ترك محبوبته و هي في تلك الحالة...
:- مفيش يا مالك، انت في حاجة حصلت مهمة..
اوما له مالك براسه، و جلس امامه يقص له ما اخبرته اسيا به عندما جاءت له المكتب من قبل ايام... برزت عروق ارغد بغضب، كان الشرر يتطاير من عينيه.. و هو يستمع اليه، نعم يعلم كل هذا، و كل ما قص له مالك يعلمه من البداية... لكنهط مجرد التفكير في تلك الفكرة يجعله يغضب، و بشدة... يجعله يتصرف بدون تفكير و عقل نعم فعندما يتعلق الامر بها يترك عقله، و يلغيه تمامًا... حاول ان يهدا نفسه، و من ثورة غضبه تلك، و هو يتمنى ان يقتلهم جميعًا... كيف لبريئة مثلها تقع مع وحوش مثلهم..؟!حاول ان يتصرف بعقله... فكل تصرف يتصرفه محسوب عليه، يجاهد بصعوبة الا يفعل شئ خاطئ يحعلهم يشكون بهم، و يفعلوا بها شئ اخر..
-الْـحـبُ أَقْـوَى مِـن كُل شَئ فِـي تِـلْك الْحَـيَـاة، هُـوَ مَـن يُـسَـيْطِـرُ عَـلَى عَـقْـلِـنَـا، فـَ عِـنْـدَمَـا نُـحِـب
ُ بـِ الْـطَـبْـعِ يَـنْـتَـصِرُ قَـلْـبُـنَا بِـ كُلِّ سِـهُـولَـةٍ-
قام مالك بالندداء بـ اسمه ليحذب انتباهه، فبماذا شرد هو..؟!قد توقع رد فعله غير هذا تمامًا..
نظر له ارغد، و قد فاق من شروده قائلًا له بنبرة جافة، قاسية، خالية من ايةٍ مشاعر
:- عارف..عارف يا مالك عارف كل حاحة متخافش سرعان ما عقد حاجبيه باستغراب قائلا له بتساؤل، و خبث.. فهو يعلم كل شئ بينه هو، وشقيقته... لكنه كان ينتظر، و يتركها تعيش حياتها بنفسها فهو لن يدوم لها كان يتابع اياها دائمًا من بعيد فقط ... قرر الا يصمت، و ينتظر اكثر من ذلك
:- بعدين ثانية يا مالك، اسيا ازاي تسيب الكل، و تجي تقولك انتَ..؟! اشمعنا انتَ بالذات..؟!
حمحم مالك عدة مرات بتوتر، و قلق و هو يشعر ان هذا هو الوقت المناسب... ييخبره فهو لن يسمح لـ سيلان ان تهدد اسيا مرة اخرى، لن يجعل اسيا تأتى على كرامتها و تتحمل اهانة سيلان لها، و لعبها بمشاعرها... يعلم انها لن تريد سوى اثارة قلقها، و توترها اردف قائلا لـ ارغد بصوت جاهد ان يمحى توتره، و يجعله هادئ
:- اصل يا ارغد في حاجة كمان.. انا طالب ايد اختك اسيا، و لو كدة خدلي معاد من عمي عابد ..نظر له ارغد بغضب على سلاسته تلك ليتابع مالك سريعا حديثه مسترد نبرته مرة اخرى مكملا حديثه
:- لا اهدى كدة ،و متبصش بالطريقة دي انا عمرى ما عملت حاحة من وراك انا بحترمك و كل مرة دخلت فيها بيتك كنت بصونكؤ و عمرى ما كلمتها فيها، و انت اكيد واثق من دة... كان كلامنا عادى زي ما بتشوف، و بعدها سافرت.... فمتخليش دماغك تروح بعيد ...
لم يخبره شئ عما حدث معها في الماضي ،و لا عن ذلك الشاب ...لم يريد ان يشوه صورتها امام اي شخص حتى لو كان هذا الشخص اخيها ..
تنهد ارغد بهدوء قائلا له بجدية.. فهو بالفعل يثق به، و يعلم جيدا انه لم يتجاوز شئ مع شقيقته
:- هشوف يا مالك ...هشوف، و اقولك ..
اومأ له مالك، و خرج تاركًا اياه يجلس بوجه مكهفر يعيد ترتيب افكاره، و هو يشعر بالتعب في جميع خلايا عقله خلية خلية قد ارهقت من عدة التفكير ،و الافكار التي يفكر بها هو الان...
نزلت اشرقت من غرفتها متجهة نحو المطبخ... طلبت من يسريه ان تصعد اليها، و صعدت هي مرة اخرى نحو غرفتها.... بالفعل بعد دقائق كانت يسريه تقف امامها في الغرفة... قبل ان تتفوه بحرف واحد كانت اشرقت قد وجهت لها سؤالها بنبرة صارمة، و هي تتمنى ان تُـكَـذِّب ما قالته لديها امل زائف في هذا
:- انت قولتي لـ ارغد ايه لما جه، و سألك على اللي حصلي و كدة... فركت بديها بتوتر، و هي تشعر بالانكسار، و الارتباك... عندما تتذكر ما حدث... هذا الوحيد الذي لم تستطع نسيانه، او محيه من عقلها... لكن لم تنكر ايضا ان في تلك الايام التي مضتها مع ارغد.. كم كانت سعيدة يستطيع هو ان يجعلها تنسى العالم باكمله ليس تلك الذكرى فقط..
علمت يسرية ما تقصده... فهي لم تحتك بـ ارغد كثيرًا سوى عندما طلبها هو و سألها لكنه ايضًـا نَـبَّـه عليها الا تقول لـ احد شئ... اذدردرت ريقها بتوتر قائلة لها بلجلجة، و هي لا تعلم ماذا تقول، و ماذا تجيبها على سؤالها هذا.
:- ا.. اصل يا بنتي..سألني على ايه بالظبط..؟!
تنهدت اشرقت بصوت مسموع... قبل ان تردف قائلة لها بجدية
:- انا عارفة كل حاجة... ارغد قالي انه جه سالك، حابة بس اسمع منك..
جلست يسريه بجانبها، و بدات تقص لها ما حدث بينهما ودت اشرقت ان تبكي، فهذا الحديث يؤكد لها ان ما قاله ماجد كان صحيحًا ماذا تنتظر هي... تشعر انها حمقاء بشدة فقد كان لديها امل ان يكون هذا الحديث كاذب.. اغنضت عينيها بوهن، و تعب... و هي تشعر ان كل ما عاشته معه كان حلمًا، و قررت هي الاستيقاظ منه و نهيـه... احتضنتها يسرية، ظلت تربت على ظهرها بحنان، و رفق قائلة لها بحنو، و هدوء خاصةً عندما رأت منظرها هذا
:- اهدى يا حبيبتي.. محصلش حاجة، و ارغد بيه بيحبك والله..و ربنا عوضك بيه..
اومأت اشرقت براسها باستهزاء على هذا الحديث الساخر نسبة لها.. و اردفت قائلة لها بصوت متحشرج، و هي تشعر انها الان ستنهار باكية
:- لو سمحت يا دادا سببيني لوحدى شوية بعد اذنك..
اومات لها يسريه، و بالفعل خرجت تاركة اياها ما ان خرجت هي.... حتى انهارت في نوبة من البكاء..
دلف ارغد المنزل بخطوات متعبة، مرهقة لكن استوقفه صوت والده و هو يهتف بـ اسمه... التفت ارغد له ليجده جالسًا على الاريكة من الواضح انه كان ينتظر اياه اتجه نحوه، و جلس بجانبه
اردف عابد يسأل اياه... و هو يشعر بالقلق عليه
:- في ايه يا ارغد مالك الايام دى، في حاجة معاك انتَ و مراتك..؟!
ابتسم ارغد في وجهه ابتسامة مصطنعة، و هو يردف مُجيـبًـا اياه بكذب؛ كي لا يقلقه
:- مفيش حاجة يا بابا... انا مشغول بس شوية الايام دى
مش اكتر.. ليردف مكملا حديثه؛ كى يشوش عليه فهو يعلم ان والده يعلمه عندما يكذب
:- بابا صحيح مالك طالب ايد اسيا بس متقولهاش حاجة عشان عاوز انا اقولها الاول...
اومأ له عابد، و هو يشعر بالفرح فهو يثق بمالك كثيرًا و لم بجد افضل منه لابنته... استأذن منه ارغد، و قام صاعدا نحو غرفته..
وصل ارغد امام غرفته وقف مترددًا كثيرًا... لا يعلم اذا كان يدلف ام لا..؟! قلبه يحثه على الدخول ليطمئن عليها فهو ينهش بالقلق.... اما عقله يجثه على ان يتركها لترتاح قليلًا مع ذاتها كما قالت، و طلبت هي.... لكن بالطبع انتصر القلب.... فبتلك المعركة، و عندما يكون الحب صادق لم يكن للعقل مكان.... دلف ارغد الغرفة لكنه تفاجا ان اشرقت لم تكن موجودة في الغرفة... دلف الي المرحاض سريعًا يبحث عنها... لكنه ايضًا لم يجدها.... شعر ان قلبه سيتوقف الان خوفًا عليها... كان يبحث في حميع انحاء الغرفة كالمجنون الذي فقد عقله.. لما لا فهو بالفعل عندما يتعلق الامر بها يفقد كل شي من الاساس..ليس عقله فقط
كان سيخرج يبحث عنها اسفل... الا انه تفاجأ بها تدلف الغرفة، و وجهها شاحب بشدة شفتيها مرتشعتين يديها باردة كبرود الجليد.. لا يعلم ما بها، و ما الذي وصَّل حالتها الي تلك الحالة.. كانت منظرها كمن رات عفريت امامها فـ انفزعت من رؤيتها له...