قصة يونس البارت الرابع والعشرون 24 بقلم إسراء على

قصة يونس 

البارت الرابع والعشرون 24

بقلم إسراء على 

كلمة السر التي تفتح جميع الخزائن..هي كلمة الحب...
تجمدت يداه عليها..تخشب جسده وبدت على ملامحه الغموض وكأنها قالت طلاسم يعجز عن عقله ترجمتها..بينما هى ظلت تحتضنه وتبكي...
أخيرًا إستعادت عضلاته القدرة على الحركة..أبعدها عنه وقد إرتفع وجيب قلبه وكأنه يخشى أن ما قالته خيال..إزدرد ريقه بـ صعوبة ثم قال بـ خفوت
-أنتي قولتي إيه!!
-أزالت عبراتها بـ يدها وقالت بـ إبتسامة خجولة:قولت بحبك...
أغمض عيناه وأخذ شهيقًا عميق وكأنه يستنشق الكلمة التي لم تمر عبر مسامعه فقط..بل وحُفرت في فؤاده..وُشمت على جسده كله..كلمة طالت نفسه إلى سماعها وكأنها الترياق..
جذبها مرة أخرى في أحضانه بـ قوة وإلتفت يداه حولها حتى كادت تعتصرها..دفن رأسه في خُصلاتها وقال بـ تأوه
-اااه..وأخيرًا قولتيها..أخيرًا حسيتي بيا
-إبتسمت وقالت:إتأخرت عارفة..بس مكنش ينفع مقولهاش...
وإلتفت يدها حوله تضع رأسها على صدره..وإبتسامتها العاشقة تحولت لأخرى خجولة..وهى تستشعر قُبلته على أذنها..رقيقة مثلها..وجامحة كـ مشاعره..ثم همس في أُذنها بـ سأم
-أعمل فيكي إيه دلوقتي!..أحلف ما سيبك ونموت سوا..ولا أسيبك تروحي وأشتاقلك؟!
-إبتلعت ريقها بـ صعوبة وقالت:أنا مش عاوزة أشوفه يا يونس..خايفة!!
خائفة..كان وقع الكلمة مُرعب على مسامعه..أتخاف وقد كُتب لحبهما الحياه!..أتخاف وقد وعدها الحماية!..أتخاف وهى تقول أنه الأمان والحصن!..ألا تعلم الأميرة أنها ستُحتجز في ذلك البرج المُحصن..ذاك البرج الذي لن يتخطاه الأعادي...
تنهد عدة مرات ثم أبعدها عنه وقال بـ جدية
-إسمعي..قولتلك متخافيش طول ما أنا معاكي
-هزت رأسها بـ نفي وهتفت بـ إعتراض:بس أنت مش معايا
أحاط وجهها بـ يديه وتشدق بـ حب
-لأ معاكي وفـ قلبك...
كاد أن يُكمل ولكن قاطعه محمد قائلًا بـ نفاذ صبر
-يونس..التأخير مش فـ صالحنا..هنتكشف
نظر له يونس وأماء بـ رأسه..ثم عاد ينظر لها قبّل طرف أنفها وقال بـ تنهيدة حارة
-كل اللي عاوزك تعمليه..أنك تمثلي عليه..أنتي متعرفيش حاجة
-مش هعرف
-لأ هتعرفي..عشانك..عشان ميقربش منك..سمعاني!!
أماءت بـ رأسها ولا تزال عبراتها تجري..أزال هو تلك اللألئ بـ إبهاميه..ثم أب يده وأخرج من جيب بنطاله حلقة نُحاسية لُفت فوق بعضها عدة مرات بـ صورة مُتتالية لتُكون حلقة عريضة..أمسك يدها اليمنى و وضع بـ بنصرها تلك الحلقة وقال بـ مرح
-هو المفروض أطلب إيدك بـ خاتم ألماس..بس دا المُتاح حاليًا...

إمتزجت عبراتها بـ ضحكات على عرض الزواج الغريب..لتقول بـ إبتسامة وهى تتأمل تلك الحلقة

-يعني المفروض أنك بتطلبني الجواز!!

أماء بـ رأسه بـ قوة..لتعود وتضحك بـ قوة..ثم قالت بـ سعادة

-أنا موافقة..موافقة

تهللت أسارير يونس ما أن نطقت "موافقة"..كاد يقفز كـ المجنون فرحًا بـ موافقتها..ولكنه أحجم جنونه حاليًا..ليرفع يُمناها مُقبلًا بنصرها فوق الحلقة النُحاسية مباشرةً بـ رقة ورُقي...

وضعت هى يدها على لحيته الشبة طويلة ثم قالت بـ رجاء

-إرجعلي بسرعة

-هتف بـ أبتسامة:هرجعلك أسرع مما تتخيلي..هرجعلك وهاخدك فـ حضني قدام كل الناس..

إقتربت بـ بطء وقبلت وجنته بـ خجل..ثم هتفت بـ صوتٍ شبه مُتلعثم

-هسـ..هستناك توفي بوعدك..دا وعد الحر دين

-إبتسم بـ عذوبة ثم تشدق:دا لما يبقى حر..مش محبوس بين جدران حبك...

وقُبلة أخرى على الجبين ثم دفعها إلى الطائرة..نظر إلى محمد وقال بـ صرامة

-تخلي عدي يسلمها لأهلها...

-تمام..

وتحرك محمد من أجل الإقلاع بـ الطائرة..وقف أمام الباب وظل ينظر لها من خلفه..تحركت شفتاه وهو يصرخ بـ جنون ما أن بدأت الطائرة بـ الصعود

-بحبك...

**************************************

وعلى الجانب الأخر ما أن تلقى من صديقه تحركه بها..إلا وقد إتصل بـ عز..ليأتيه صوته البغيض

-هااا؟!

-هتف عدي من بين أسنانه:حصل..وبتول كمان حداشر ساعة وهتكون فـ مصر...

-إتسعت إبتسامة عز وقال:حلو أوي...

-هدر عدي بـ صوته الجهوري:وأبويا

صمت عز الدين عدة لحظات ليُسري التوتر في جسد عدي..إلا أنه قال بـ الأخير بـ نبرة باردة

-تقدر كمان ساعتين ونص توصله بيتكم...

قبض عدي على يده بـ غلٍ بائن ثم تشدق من بين أسنانه بـ وعيد

-نهايتك هتكون ع إيد ولاد العقيد رفعت...

-سلام...

قالها عز الدين بلا مبالاه وأغلق الهاتف..وضعه بـ جانبه على الأريكة الخلفية..ثم أمر سائقه بـ جفاء

-إطلع على بيت الدكتور إسماعيل

-حاضر يا عز بيه...

وإنطلقت السيارة في إتجاه المنزل...

****************************************

كان المنزل يسوده حاله من الركود..وكأن الطقس أصبح غائم والسماء تُمطر بـ غزارة..خمول شديد حلّ على أصحاب المنزل مُنذ إختفاءها...

والدتها تضع صورتها بـ أحضانها وتبكي..و والدها لم يترك أحدًا من معارفه ولم يطلب منه المساعدة..أخيها الذي إستطالت لحيته وقد بدأ يُصيبه اليأس..فقد لذة الحياه مع فقدها...

صوت طرقات على باب المنزل نبأت إسماعيل الذي نهض بـ فتور من مقعده ليتجه ناحية الباب..فتحه ليجد عز يقف أمامه..فـ هتف بـ ذهول

-عز!!

-تسمحلي أدخل يا عمي؟!

تجهم وجه إسماعيل بـ شدة فهو لم ينسَ أن ما حدث كان هو السبب الرئيسي به..إبتعد قليلًا ليترك له المساحة ثم قال بـ إقتضاب

-إتفضل...

دلف عز الدين ولم يتعجب من حالة التهجم التي أصابته..فـ هو يعلم أنهم يلوموه على ما أصاب إبنتهم..دلفت بدرية خارج الغُرفة وهى تتساءل بـ فتور

-مين يا أبو...

وإنقطعت جملتها ما أن رأته أمامها..تطاير من عينيها الشرر إنطلقت في إتجاهه كـ قاذفة صاروخية وهى تهدر بـ عنف

-وليك عين تيجي هنا..جاي بعد أما بنتي راحت

قالتها وقد أتبعها نشيج..أمسكته بـ تلابيبه وظلت تهزه بـ قوة وبـ حرقة قلب أم على فلذتها قالت

-ضيعت بنتي منك لله..حسبي الله ونعم الوكيل فيك..حسبي الله ونعم الوكيل فيك..بنتي ضاعت..بنتي ضاعت مني

قالتها بـ تحسر..أما عز فـ بقى جامدًا يلا يتحرك..يعلم أنه يستحق فـ هو من أوقعها في تلك المُعضلة..أسرع إسماعيل يُبعدها عنه وهو يقول بـ حدة

-بس يا أم إسلام..مش أصول..الراجل فـ بيتنا

كادت أن تتحدث ولكنه أشار بـ يده لتصمت..ولكنها لم تكف عن حدجه بـ نظرات مُشتعلة..إلتفت إليه إسماعيل وقال

-إتفضل

دلف عز ولم يؤثر به ما حدث..فقط محبوبته ستأتي وتكون بـ أحضانه بعد عدة ساعات..جلس في الصالون ومعه بدرية وإسماعيل

وعلى إثر الجلبة الخارجية خرج إسلام..وما أن لمح هو الأخر حتى إرتسمت معالم الشراسة على وجهه..كاد أن يتهجم عليه ضربًا ولكن والده أمسكه من معصمه وتشدق بـ صرامة وحزم

-الراجل جاي يقول كلمتين هنسمعهم وهيتكل ع الله..لو هتقل أدبك يبقى تخش أوضتك..

-هتف إسلام بـ إعتراض:بس يا بابا...

-قاطعه والده:بلا بس و لا مبسش..أنا قولت كلمة

وعلى مضض جلس إسلام وهو الأخر يحدجه بـ نظرات حارقة..قابل عز كل هذا بـ برود..ليبدأ إسماعيل الحديث

-جاي ليه يا عز!!

-تنحنح عز وقال:أنا عارف أنكوا مش طايقني لأني السبب فـ إختفاء بتول

-حدجه إسلام بـ سخرية وقال:وهو أنا شوفنا خلقة حضرتك من ساعة أما إتخطفت..

حدجه إسماعيل بـ تحذير ليصمت إسلام على مضض..تجاهل عز الدين ما قاله وإستطرد حديثه

-أنا عاهدت نفسي إني أحميها..بس فشلت مرة..وندمان..بس والله ما سكت أبدًا..أنا عملت اللي عليا كله عشان أرجعها...

إبتسم بـ حبور ثم تابع

-وعشان كدا هي هتكون هنا كمان كام ساعة...

صدمة ألجمت الجميع..ربما صُعقت أبدانهم مما قال فـ شلت أعضاؤهم وعضلاتهم عن الإستاجة لأي مؤثر..كان أول من تحدث هو إسماعيل وهو يهتف بـ عدم تصديق

-أنت بتقول إيه!

-أيوة يا عمي بتول هترجع النهاردة

إنتفضت بدرية تسأله بـ سعادة ممزوجة بـ خوف

-يعني أنا هحضن بنتي كمان كام ساعة!..طب هي كويسة!..محصلهاش حاجة صح!!

وبـ الرغم من جهله إلا أنه أماء بـ نعم لتتهلل أسارير الجميع بـ فرحة جعلت إسماعيل يسجد لله شكرًا..لتضم بدرية يدها إلى صدرها قائلة بـ بُكاء

-الحمد لله يارب..بنتي هترجع

-إحتضنها إسلام وهو يبكي بـ سعادة ثم قال:بتول هتنام فـ حضننا يا ماما

ربتت على ظهره وإختلط صوت شكرها لله مع بكاءها..إحتضنهم إسماعيل ولسان حاله لا يتوقف عن الشكر وذكر الله..أخذت بدرية تُثرثر بـ ما ستفعله ما أن تعود إبنتها...

تركهم عز ورحل..ليدلف خارج المنزل وهو يبتسم بـ سعادة..ساعات فقط وتعود بتول إلى أحضانه..رفع حلقته الفضية وقبلها بـ حب..ليهمس بـ إصرار

-أول أما ترجعي هنتجوز يا قلب عز...

***************************************

وعلى الجانب الأخر ما أن أختفت الطائرة حتى جلس يونس على الأرض يضع رأسه بين يداه وإبتسامته لا تُغادر شفتيه..ظلت كلمتها "بحبك"تتردد في أُذنيه مرات لا يعلم عددها...

تمدد على الأرض واضعًا يده خلف رأسه وقال بـ حزن رُصع بـ السعادة

-وحشتيني من دلوقتي يا بنت السلطان...

وظل عقله يعمل..كيف سيكون اللقاء بعدما يُنهي عمله هنا!..بالطبع الإشتياق سيكون سيد الموقف..ليعود ويبتسم وكلمتها تتردد في أذنه...

وعلى بعد أمتار عديدة..كان أحدهم يُراقب ما يحدث بـ إبتسامة خبيثة..رفع هاتفه وإتصل بـ عز الدين

-أيوة..كل حاجة حصلت..وخطيبتك مشت

-إبتسم عز الدين بـ ظفر وقال:منا عارف..أخوه قالي

-حك سيف ذقنه وقال:طب هنعمل إيه!...

إلتفت إلى تلك التي تتطلع إلى يونس بـ هيام..ليضحك بـ سخرية..ثم عاد يسأل عز الدين الذي طال صمته

-ما ترد!

وأتاه صوت عز الدين الخالي من الحياه بـ نبرة تحمل عداء قال

-أقتل يونس...

-حاضر

خرجت تلك الحروف خبيثة من فاه ذلك المعتوه الذي يحلم هو الأخر بـ موته..أغلق الهاتف ثم إلتفت إلى ذاك الذي يقف بـ جانبه وتشدق

-هيا أقتله...

أماء الرجل بـ رأسه وتوجه ناحية يونس..أما الأخر فـ إلتفت بـ خبث وتشدق إلى التي تقبع بـ جانبه

-إن أردتي الفوز بـ ذلك الحب..فـ أنقذيه

نظرت له أنچلي بـ عدم فهم..ليُخرج هو سلاح من خلف جذعه ومدّ يده به ثم قال بـ كلمات ماكرة

-هيا أقتلي الوغد الذي سيقتل معشوقك

-ماذا؟

هتفتها بـ إستنكار ورعب..ليضع السلاح بين يديها وبنبرة إصطنعت البرود قال

-لكِ الأختيار..أعتقد أنه سيموت لا محالة..هذا الأرعن مُحترف وأنتي ستخسرين حبًا بـ التأكيد...

ثم أغمض عيناه واضعًا رأسه على مسند المقعد..وبعد ثوان سمع صوت باب السيارة يُغلق..إبتسم بـ خبث شيطاني وأدار المُحرك ثم رحل...

وعلى الجانب الأخر كان ذاك الرجل قد وصل إلى يونس..وما كاد الأخير أن يلتفت حتى وجد تلك القبضة تهوي على وجهه...

ترنح يونس إثر الضربة..فـ قواه الجسدية مُنهكة بـ درجة عالية..والأخر جاثيًا فوقه يكيل له اللكمات وهو يُحاول صدها قدر الإمكان..وبـ الفعل وبـ حركة سريعة أمسك حفنة من الرمال وقذفها في وجه الأخر..تشتت و وضع يده على عيناه ليستغل يونس ذلك الوضع وينقلب الوضع..أبعده عنه ثم ركله بـ بطنه ليسقط على الأرض...

نهض يونس والأخر نهض..وقبل أن يتقدم كان الرجل يُخرج سلاحه موجهًا إياه إلى وجهه..توقف يونس ليدرس الوضع..ولكن لم يكن هناك وقت..فـ قد سحب الأخر صمام الأمان وبعدها إنطلقت الرصاصة...

***************************************

أخذت تطلع إلى تلك الحلقة النُحاسية بـ إبتسامة شاردة..ولكنها كانت الأكثر عاشقة..ظلت تُردد على مسامعها بـ خفوت

-من النهاردة مفيش غيرك يا يونس..مش هعرف أحب غيرك...

نظر إليها محمد فـ وجدها تتطلع إلى تلك الحلقة وإبتسامتها تحكي عنها..إبتسم هو الأخر وتشدق بـ هدوء

-يونس إنسان كويس..كويس أوي ويستاهل إنك تحبيه

إنتبهت بـ أنه يُحدثها..لتقول بـ إستفهام

-أنت قولت إيه!!

-إبتسم محمد وأعاد قوله:بقولك يونس إنسان كويس أوي ويستحق أنك تحبيه

إبتسمت بـ إتساع وظلت أصابعها تُحرك الحلقة وبـ خجل قالت

-منا أخدت بالي

-تنحنح محمد وقال بـ جدية:يونس مش هتلاقي زيه أبدًا ..فـ حافظي عليه..لأن اللي زي البني أدم دا لما نخسره مبنعرفش نعوضه تاني...

-وبـ إصرار طفولي قالت:أنا عمري ما هزعله أبدًا..يونس وراني مفهوم تاني للحب..الحب اللي كنت فاهمها غلط..معاه وبس إكتشفت حاجات كتير...

وإبتسم لها مُجاملة وصمت بعض الوقت..ثم عاد ليتشدق

-إحنا قدامنا عشر ساعات ونوصل...

وعلى وجهها لمح ذلك السؤال المُغلف بـ خوف لـ يقول بـ إطمئنان

-متخافيش..عدي هو اللي هيستلمك و يوصلك لأهلك...

إلتوت شفتيها بـ ضيق ثم تمتمت بـ حنق طفولي

-لأ دا عز أرحم من الظابط على ما تفرج دا...

***************************************

إنطلقت الرصاصة وعم السكون..وضع يونس يتحقق من نفسه هل أصابته الرصاصة أم لا!..بات يشك أنه كان محض خيالات..ولكن إنهيار جثة ذلك الأرعن والدماؤ تتدفق من ظهره..جعلته يوقن أن ما حدث حقيقي...

ومن خلف إنهيار الجثة وجد أنچلي تُمسك السلاح بين يديها المُرتجفة وهى تُحدق في الجثة الهامدة بـ أعين مُتسعة..إتجه يونس إليها سريعًا وهو يسألها بـ حدة

-كيف علمتي أين أنا؟!

-نظرت إليه بـ شرود وقالت:هل مات؟!

زفر يونس بـ ضيق ومن ثم جذبها من ذراعها وتحركا من ذلك المكان..فـ صوت الرصاص كان مُدويًا وبـ الطبع ستحدث الكثير من الجلبة...

وبعد مدة من التحرك أجلسها على صخرةٍ ما ثم جلس أمامها وطلب منها بـ لطف

-أخبريني ماذا حدث!

إبتلعت ريقها الذي جف من الأساس وبدأت في سرد كل شيئًا عليه..ليُتمتم بـ ذهول

-أنتِ أيضًا أنقذتني تلك المرة الأولى؟!

أماءت بـ رأسها بـ خفوت ولم تتحدث..تخللت أصابعه خُصلاته القصيرة بـ عصبية..وهو لا يُصدق ما يُحاك خلف ظهره..أغمض عيناه ليُهدأ من إنفعالاته وبدأ يتحدث بـ صوته الواجم

-إذًا كُنا نُساق إلى فخ!

-بلى

قالتها بـ صوتٍ خفيض..حدق هو بها بـ قوة ثم قال بـ جدية

-حسنًا..سأطلب منكِ شيئًا..فهل ستُلبينه!

-أجابت بـ لهفة:بـ الطبع..أي شئ...

ظهرت طيف إبتسامة على شفتاه..فـ ها هو سيعود إلى محبوبته في أسرع وقت..تدفق الإدرنالين من فرط الحماس..ليتشدق بـ نبرة جدية

-حسنًا..أريد منكِ أن تُخبري رئيسك بالعمل أنني متُ..وأن كافة المعلومات معك..إتفقنا!

-وبلا أي تردد هتفت:إتفقنا...

أخذ منها السلاح و وضعه خلف جذعه ثم قال وهو ينهض

-وأخبريه أن يكون المشتري حاضرًا في أسرع وقت..لأن رجال عز الدين يبحثون عنها هم الأخرون...

أماءت بـ رأسها..ثم أمسكت هاتفها وبـ بضع كلمات مُقتضبة وجادة للغاية..حقًا إنبهر يونس بـ ثباتها وتمثيلها الرائع..تمنى أن تكون بتول مثلها من أجلها قبل أن يكون من أجلهما..إنتهت محادثتها وإلتفتت إليه قائلة

-طلب مني أن أذهب إلى المنزل ومعي تلك المعلومات..

-أماء بـ رأسه وقال:عظيم..هى بنا

وكادت أن تتحرك..إلا أنه أمسك يدها وبـ إمتنان حقيقي تشدق

-حقًا شكرًا لكِ..أنقذتي حياتي مرتين

-إبتسمت بـ خجل وقالت:لا داعي لهذا..فقط أفعل ما توجب عليّ فعله..كما أنني أفعل أي شيئًا من أجلك...

تلاشت إبتسامته تدريجيًا وقد فهم ما ترمي إليه ولكنه تصنع عدم الفهم وقال بـ إقتضاب

-هيا لا داعي أن نتأخر...

***************************************

وبعد مرور عشر ساعات..كان عدي يقف في ذلك المكان المُتفق عليه..وفي ظل الإنتظار وجد عز الدين قادم..حل ساعديه وإتجه إليه بـ خطىٍ سريعة وقد تخطى الحرس بـ سهولة..وبـ نبرة حادة تشدق

-أنت إيه اللي جابك هنا!

-جاي عشان خطيبتي..

بـ برود قالها ليستفز عدي أكثر..كور عدي قبضته ومن بين أسنانه هتف

-مينفعش تكون موجود..أنا هوصلها لأهلها وأنت تقدر تشوفها من هناك

إقترب عز الدين منه ودنا بـ وجهه ثم بـ نبرة هادئة حادة قال

-مش بـ مزاجك..أنا هنا لخطيبتي ومحدش هياخدها لأهلها غيري

-زفر عدي بـ ضيق وتشدق بـ نفاذ صبر:أسمع الكلام...

-لأ

قالها عز الدين بـ حزم ثم أكمل بـ قتامة

-ومنين أأمنلك..ما أنت ممكن تطلع زي أخوك وتخطفها

-حجظت عيناه وقال بـ صوتٍ هادر:أنت جرا لمخك حاجة...

تحولت نظرات عز الدين إلى الشراسة وقبل أن يتفوه كان عدي يسبقه بـ غضب

-خلي رجالتك يمشوا ورانا..ومش من حبي فيها هخطفها مثلًا..أنا هوصلها لأهلها ودا بـ أمر رسمي..

-تشدق عز الدين بـ حدة:خلي أوامرك تنفعك..أنا اللي هاخدها...

زفر عدي بـ ضيق..يعلم أنه لن يستجدي من تلك المُحادثة بـ شئ..لذلك بـ عنف دفع الحرس وإتجه إلى الداخل..وبـ سرعة أخرج هاتفه وحادث محمد صديقه الذي رد عليه على الفور

-حالًا يا محمد تغير مكان نزولك لمدرج تلاتة..هنجهزهولك حالًا

-حصل حاجة!!

-هدر عدي بـ عنف:سي عز زفت واقف..وأنا مش هقدر أخلي بوعدي مع أخويا حتى لو كنت بكرها..

-رد عليه محمد بـ تفهم:خلاص..خلاص. أنا أصلًا قدامي بالظبط نص ساعة..كلمهم وأنا هنزل هناك...

-تمام...

تمتم بها عدي بـ إقتضاب..ثم إتجه إلى وحدة التحكم وأخبرها بـ تغيير مدرج الهبوط إلى الثالث..أماء الرجل بـ طاعة وقال

-حاضر يا عدي باشا...

وبـ خطى سريعة تحرك عدي إلى الخارج..رمق عز الدين نظرات ساخطة ومن ثم إختفى عن ناظريه...

وبعد نصف ساعة كانت الطائرة تحط على الأراضي المصرية..هبطت بتول من الطائرة لتجد عدي يقف أمامها ينظر إليها شزرًا ونظراتها لم تقل عنه..دنى منها وبـ تجهم قال

-قدامي يا ست الحسن

-إنتفخت أوداجها غضبًا ومن ثم هتفت بـ حنق:أحترم نفسك يا ظابط نص كم أنت..ويلا عاوزة أشوف أهلي..

كظم غيظه ومنها ولم يرد..أشار بـ يده لها كي تتقدمه..بـ الفعل تحركت بـ خطوات واثقة مرفوعة الرأس..شامخة..إرتفع كِلا حاجبيه بـ عجب وتمتم بـ تعجب

-إيه دا!!..كنت مستحملها إزاي يا يونس..دا أنا من دقيقة وكنت هطبق فـ زمارة رقبتها أطلعها فـ إيدي...




تعليقات