ظلمات قلبه
البارت الخامس 5
بقلم هدير دودو
"بعد مرور اسبوعين"
كان اليوم هو اليوم الموعود للجميع... قد كان كل شخص في تلك العائلة يشعر بشعور مختلف عن الآخر بدايةً من
ارغد الذي كان في كل ثانية تمر عليه يجلد ذاته بتفكيره في الثانية الف مرة... و يدور في عقله الف سؤال هل هذا نتيجة حبه ، و عشقه لها ..؟! فهي الان ستتزوج من غيره بكل سهولة ...ستتزوج مِن مَن احبته ليس احبته فقط بل فقدت اغلى ما تملك من اجله ...كان يراها كالملاك لكنه صُدِمَ فيها بابشع شئ من ممكن ان يتخيله ، و يصدقه ؟؟..لم يستطع ان يفكر فيها بتلك الطريقة في احلامه حتى.. ليغمض عينيه بقوة مانعًا ذاته من التفكير مزمجرا من بين أسنانه بقسوة محدثا نفسه كانه يتحدث مع شخص اخر امامه
:- بس بقا كفاية اخرحي من عقلي و تفكيري انا اقوى من ان حاجة زي دي تأثر فيا ما هي مش هتتجوز انهاردة و انا قاعد هنا بفكر فيها.... هي انسانة رخيصة متستاهلش انها تاخد ثانية من وقتي ابدا مش
"ارغد العزايزي" اللي تيجي حتة بت زبالة زيها تهزه ماشي يا اشرقت ليقول جملته الاخيرة بتوعد شديد ...
انهي حديثه مع نفسه ...و ارجع راسه الى خلف المقعد الجالس عليه يتنفس عدة مرات بغضب يشعر ان بداخله نيران لو اخرجها حرقت العالم باكمله نيران الغيرة و الغضب تمنى لو انه في حلم و يستيقظ منه يجد نفسه لم يحبها....
تنهد بغضب قبل ان ينهض من مجلسه متجها الى المرحاض ؛ ليأخذ دوش يمكن ان يبرد تلك النيران الذي يشعر بها لكنه واثق ، و متأكد مائة بالمائة ان ماء العالم باكمله لن تطفئ تلك النيران ابدًا ليخرج من المرحاض يتجه الى غرفة الملابس... و يقف امام الخزانة يختار بدلة سوداء انيقة بعد ان انتهى من ارتدائها التقط مفاتيحه قبل ان يتجه خارج الغرفة يخرج متجها الى الشركة لكن استوقفه صوت والده الذي هتف قائلا له متسائلا بدهشة ، و نبرة صارمة قوية كعادته
:- انت رايح فين يا ارغد..؟!
سرعان ما التفت اليه ارغد ، و قطب حاجبيه باستغراب شديد قبل ان يجيبه بتعجل
:- هنزل اروح الشركة اخلص كم صفقة ، و كم حاجة متعطلة في الشركة
رَدَّ عليه عابد قائلا له برفض ، و جدية تامة
:- لا طبعا مينفعش انت ناسي انهاردة في ايه ...انهاردة كتب كتاب ابن عمك ، و بنت عمك ... و انت جاي تقولي شركة بدل ما تنزل تجهز الدنيا.. ليكمل حديثه بنبرة آمرة ، حادة لن تقبل النقاش قائلا له
:- انزل يا ارغد يلا جهز الدنيا ، و كدة انهاردة يوم مش عادي.
كان ارغد يستمع اليه ، و هو يشعر بالغضب الشديد ليضغط على يديه بقوة شديدة حتى ابيضت مفاصله ، و برزت عروقه بغضب ..قبل ان يتحرك متجها الى الاسفل كى يفعل ما قاله والده فهو يعلم بأنه على حق.
في الغرفة حيث عند اشرقت كانت جالسة تضم ساقيها الى صدرها تبكي بحزن ، و تنظر امامها بشرود... تتذكر ما مرت به في تلك الاسبوعين عندما ارسلت يسرية الى ارغد تشرح له الامر ؛ كي ينقذها ..لكنه صدمها عندما قال لها انها لا تعنيه مجرد ما ذكرت اسمها فقط دون ان يستمع لها حتي... تشعر كأن تلك الأسبوعين مروا عليها كسنتين قالت لوالدها فيهم الف مرة انها رافضة تلك الجوازة ، لكنه كعادته وبَّخها غير عابئا بما تقوله ليزداد بكاءها عندما تذكرت تجاهل ارغد لها... فهو قد قال لها صراحةً انه لا يطيقها ، و لا يطيق رؤيتها ابدا و ان اهتمامه بها ليس سوى شفقةً بها " و بحزنها انه كشفها على حقيقتها... ليزداد بكاءها اكثر ، و اكثر شاعرة بألم شديد في قلبها... لتفوق من حالتها تلك على يد تلمس و تتحسس على وجهها ببطء... انتفضت سريعا مبعدة اياه عنها فلم يكن سوى هو ماجد... السبب في تعاستها تلك الايام تعلم انه لم يفعل شي سوى ان يزيد في اوجاعها ، و تعبها ... تشعر بالاستنكار الشديد اليس ما مرت به على يد ابوها و زوجته كافي ..؟؟ لتهتف قائلة له متسائلة بارتباك و خوف و هي تنهض من فوق الفراش مبتعده عنه
:- ا.. انت .. ايه اللي جابك هنا.. و ا.. ازاي تسمح لنفسك ان تحط ايدك على خدي ، و تلمسنى...
لترفع سبابتها في وجهه قائلة له بتهديد ، و قوة مزيفة حيث تبدلت حالتها في ثانية
:- لو كررت اللي عملته دة مش هيحصلك كويس ابدا.
ضحك ماجد بشدة ، و هو يمسك سبابتها داخل يديه و يضغط عليه بقوة الى اسفل مسببا لها الم شديد ، جلعها تتلوى بين بديه... محاولة تحرير اصبعها ليترك اصبعها اخذت هي تفرك في اصبعها ، و تفرك به... قبل ان يهتف هو مجيبا اياه بسخرية ، و تسلية ، و هو يلعب في خصلات شعرها
:- اممم و انت بقا هتعملي ايه... تفتكري مثلا اني هخاف ، و اعيط .. ليكمل حديثه باستفزاز مود ان يثير غضبها قائلا لها
:- متنسيش ان خلاص كلها كم ساعة ، و هبقي جوزك و مش هلمس خدك بس ..تؤتؤ هلمسك كلك على بعضك يا حبيبتي ظل يطالعها بشهوة ... ليتركها ، و يضع شئ ملفوف على الفراش ، و يهتف قائلا لها بسخرية و ابتسامة مستفزة تعلو ثغره
:- دة فستان اشتريتهولك يا حبيبتي ؛ عشان تحضري بيه كتب الكتاب بس ايه مشتريه تحفة جدا زوقي هيعجبك انا واثق... اصل مش هينفع الكل يكون عارف اني بحبك ، و مجبش فستان ليكي عيبة في حقي يرضيكي كدة انهي حديثه ، و اتجه خارج الغرفة... تاركا اياها تلعنه و تسبه في سرها ... لكنه راي ارغد واقف من بعيد ينظر الى غرفة اشرقت فيقوم بالتمثيل انه يعدل ملابسه ، و ينظر له باستفزاز.
تنهد ارغد بغضب مود ان يمسكه ، و يظل يضربه حتى يموت من يديه لكن اكمل طريقه متجاهلا اياه
بعد دقائق دلفت اليها فايزة زوجه ابيها التي قالت لها بأمر ، و غرور مشيرة لها باحدى اصاعبها دليلا على انها تقلل منها
:- اخلصي و قومي اجهزي مش هنستنى سيادتك يا ست الاميرة... متنسيش نفسك لتقترب منها و تهتف قائلة لها بهمس فحيح قريب من اذنها
:- امم اوعي تفتكري انك كدة ارتحني مني ... لا يا حبيبتي انا مش اي واحدة ، و عمري ما هسيبك و لا هتخلصي مني هفضل عملك الاسود في الدنيا.. الجديد بس بعد جوازك اني مش هكون انا اللي لوحدى لا سيلان هتكون بتمرر عيشتك معايا انت اكتر واحدة عارفة كويس ان ماجد ملوش كلمة حياته كلها بتمشي بأمر سيلان اخته اللي تطيق العمى و متطقكيش أنتِ ..اهنيكي يا حبيبتي فرحانة اوي بالجوازة دي لتظل تضحك بشماتة ، لتبتعد عنها خارجة من الغرفة لكنها قبل ان تخرج قالت له بأمر
:- يلا ابداي اجهزي ماجد قال انه عطاكي الفستان لو اتاخرتي هقول لشريف انك مش عاوزة تنزلي يطلع هو يجيبك بطريقته اللي أنتِ عارفاها كويس... اظن انك مش عاوزة تتهاني قدام كل اللي موجودين .
اومأت اشرقت لها براسها دون ان تتفوه بحرف واحد لتنجه ، و تغلق الباب عليها بأحكام ...ثم اتجهت الى الفراش و قامت بفتح تلك الغطاء الموضوع على الفستان لتشهق بخضة ما ان راته... تقسم أنها استحالة ترتدي ذلك فستان لتقول لنفسها بسخرية شديدة ، و استنكار
:- فستان ايه دة ...دة قميص النوم .. لا لا قميص النوم بيبقي محترم عن كدة... حتى ذوقه زبالة زيه البس انا دة ازاي.. لتتابع حديثها بتصميم و حسم
:- لا طبعا انا عمري ما هلبس فستان زي دة استحالة البسه طبعا دة اتجنن.
كان الفستان بالفعل اشبه بقميص النوم كما شبهته هي كان من اللون الأبيض قصير بشدة فهو يعتبر قطعة قماشة فقط.
خرجت اشرقت من الغرفة ، و هي حاملة تلك الفستان بين زراعيها ..لتصتدم في ارغد فيقع ذلك الفستان ارضا لكن رأه ارغد ، و راي منظره ليمسكها ، و يجرها خلفه دون ان يمهلها فرصة حتى دلف بها الى غرفتها مجددا هاتفا بها بقسوة ، و غيرة شديدة غير متخيل ان من الممكن ان احد يراها ، و هي مرتدية فستان مثل هذا يقسم انه كان سيقتل ، من يراها به يعلم انها لم تستحق حبه لها لكن ماذا يقول الى قلبه الذي مازال متعلق بها
:- انت شكلك اتجننتي على الاخر ، روحتي بعتيله مواصفات الفستان اللي عاوزة تتنيلي تلبسيه ..و هو جه و قالنا انه هيبعت التصميم اللي هتموتي عليه لمصمم ينفذه مخصوص... قولت عادي بيحبها و عاوز يفرحها رغم انكوا انتوا الاتنين متستهلوش بس انا متدخلتش.. لكن ان الفستان اللي بتقولي عليه و اللي نفسك تلبسيه يكون بالمنظر القرف دة ... يبقي استحالة اوافق عليه انت اتهبلتي على الاخر عاوزة تلبسي فستان زي دة و تمشي بيه وسط الكل عادي دة انت مش هتكوني لابسة حاجة على ايه تلبسيه انت تخرجي عريانة بس اقول ايه انت زبالة و تفكيرك زبالة زيك فكري في سمعة العيلة مش هقولك سمعتك عشان انت متستاهليش.
لتشهق بشدة واضعة يديها فوق فمها قبل ان تهتف له بغضب و اندفاع شديد فهي لن تسمح له أن يهينها هو الآخر
:- لو سمحت احترم نفسك مسمحلكش ابدا انك تغلط فيا و لا في اخلاقي انا محترمة غصبا عن اي حد ايه اللي بتقوله دة و على فكرة انا مخت.. جاءت لتشرح له الامر
لكنه قطعها عندما ضحك ارغد باستهزاء و لوى فمه قبل ان يهتف مجيبا اياها بسخرية
:- امم قولتيلي محترمة ، و علاقتك بماجد دي ايه يا ست المحترمة.. اه صح لا ماجد عادي يدخل ، يخرج ، يلمس كله عادي.. و دة اقل حاجة مع واحدة زبالة زيك كفاية انه جه على نفسه و قرر ان يصلح قرفكوا، و يتجوزك دي في حد ذاتها كفاية يا ست المحترمة قال كلمته الاخيرة بسخرية لاذعة.
جاءت لتتحدث ، و ترد عليه لكن كلامه صدمها ...جعلها تقف كالمشلولة رغم انها لم تفهم مقصده بالظبط.. لكنه الان يستهزا بها ، و باخلاقها يرى هو الاخر ان جوازها من ماجد صواب.ظظ جميع من في المنزل يستغل اياها و يهينها دائما... لتفوق على صوته و هو يتحدث في الهاتف قائلا للطرف الاخر بثقة و رزانة و نبرة عملية طاغية
:- ايوة عاوز كولكشين فساتين ابيض هادي .. لا لا مش لفرح لكتب كتاب.. ليكمل بتاكيد اهم حاجة يكونوا محترمين ابعت على رقمي دة و انا هبعتلك اللي هختاره و في خلال نص ساعة يكون عندي الحفلة انهاردة...ليغلق الهاتف ، و سرعان ما وصلت له رسالة لتعلم هي أنها بشكل الفساتين ...متخيلة انه سوف يتركها هي تختار ، لكنه خالف جميع توقعاتها عندما ارسل هو رسالة صوتيه يقول فيها انه قد اختار ذلك الفستان ...دون حتى ان تتطلع عليه ، او تراه لتهتف قائلة له بانزعاج و صوت عالى نسبيا معترضة على ما يفعله
:- ايه اللي انت عملته دة على الاقل توريني ، و انا اختار اللي يعجبني مش تختار انت افترضنا انه معجبنيش. .و انا واثقة ان ذوقك مش هيعجبني اصلا.
لوى ارغد ثغره باسنهزاء...قبل ان يهتف قائلا لها بقسوة ، و غضب شديد مشيرا الى ذلك الفستان الملقي ارضا
-: و دة بقا الفستان اللي عاجب سيادتك... انت تخرسي خالص ، قال اختار انا اللي يعجبني كان يقولها بطريقة ساخرة مقلد اياها ليكمل حديثه.. بغضب اكبر انت فاكرة نفسك عروسة بجد و لا ايه اللي زيك متستاهلش تلبس فستان اصلا و كدة كدة مش هثق في اختيارك ...انت انسانة متستهليش ان حد يثق فيكي اول ما الفستان يوصل هجيبه ليكي " او ابعته مع اي حد من الخدم ، و هاتي القرف دة ليمسك ذلك الفستان القصير و ياخذه معه متجه الى الخارج...غالقا الباب خلفه بقوة شديدة هزت ارجاء الغرفة ، و جعلتها هي تنتفض كليا لتغمض عينيها ، و تجلس تبكي بصمت كعادتها ..
بعد مرور بعض الوقت
دلفت احدى الخادمات بعدما دقت الباب على غرفة اشرقت ، و وضعت لها الفستان الجديد على الفراش ، و خرحت باحترام شديد دون ان تتفوه بحرف واحد كما امرها ارغد ... نهضت اشرقت متجة نحو الفستان لتقوم بفتحه ما ان راته حتى ابتسمت بشدة ..فهو بالفعل كان جميل ، بسيط ، طويل ، محترم ، هادئ لتغمض عينيها بفرحة تتخيل نفسها فيه قبل ان تأحذه، و تبدأ بارتدائه و هي تشعر بالفرحة الشديدة من داخلها ...غطت الفرحة التي تشعر بها على الحزن التي كانت تشعر به منذ القليل ..قد نست كل الشي مقررة ان تستمع بتلك اللحظات التي سوف تفضيها ، و هي مرتديه ذلك الفستان تعلم جيدا بان تلك الفرصة لن تتكرر لها ابدا.. انها سوف تدخل الي جحيم اخر..
لتنتهي من تجهيز نفسها ، و تجلس تنتظر اي شخص يقول لها ان تنزل... لتجد احدى الخادمات دلفت اليها قائلة لها باحترام كما نبه عليها ارغد بنفسه للمرة الثانية
:- اتفضلي يا اشرقت هانم بيقولوا لحضرتك تنزلي.
اومأت لها اشرقت ، و خرجت متجهة الى اسفل ما ان رأها شريف... حتى قام و اتجه اليها و قام بجذبها خلفه بقوة شديدة ، و كان وجهه يشع غضب لترتجف اشرقت بخوف بين زراعيه وقف بها بعيدا عن الناس... ليهتف بها متسائلا بغضب ، و صوت عالى بشدة يعلم انه لم يوصل الى الداخل بسبب صوت الموسبقى
:- عملتي ايه يا بنت ال*** عملتي ايه خليتي ماجد يهرب من الفرح ، و يسيبه ردي عليا يا *** عملتي ايه ..؟؟ ظل يسالها و يهزها بعنف شديد لكنها كانت واقفة بين زراعيه مصدومة لم تعلم تفرح على انها قد تخلصت من ذلك الزواج الذي كان سوف ينهي حياتها ، ام تبكي على سمعتها التي تشوهت فالجميع سوف بتحدث عنها الان لن يرحمها هتف شريف بغضب شديد
:- مش هتقولي انا هخليكي تقولي بطريقتي ليرفع يديه عاليا بقوة اغمضت اشرقت عينيها بخوف تنتظر الصفعة التي سوف تُهبط على احدى وجنتيها لكنها فتحت عينيها على وسعهما عندما سمعت صوت ارغد الذي تعلمه جيدا يقول لوالدها بثقة و قوة
:- خلاص يا عمي الموضوع انتهى ...الحفلة هتتم كتب كتابي على اشرقت دلوقتي ليكمل حديثه بثقة اكبر قائلا : طول ما انا موجود استحالة اخلي حد يسوء اسم عائلة "العزايزي" ابدا كل هذا تحت سمع اشرقت الواقفة مصدومة بينهما لم تفهم شئ ...