ظلمات قلبه البارت التاسع عشر 19 بقلم هدير دودو

ظلمات قلبه 
البارت  التاسع عشر 19
بقلم هدير دودو

دفع ارغد باب المنزل الذي لم يوجد سواه في هذا المكان المهجور... سرعان ما فتحه.. وجد المنزل لم يوجد به سوى غرفة واحدة.. تمنى لوهلة ان يتراجع و بترك هذا المكان... فاذا ما كان مكتوب في الرسالة صحيحًا لا بعلم ماذا سيفعل... لكنه خطى خطواته نحو الغرفة ببطء حاسمًا امره.... سرعان ما قبض على مقبض الباب فاتحا اياها... ليرى ما جعله بتصنم في مكانه يتمنى ان يموت قبل ان يرى هذا المنظر... راي اشرقت نائمة على الفراش، و ماجد يخرج من المرحاض واضعا حول خصره منشفة... ابتسم ماجد ما ان رآه و وضع سبابته على فمه باستفزاز قائلا له بخبث، و فرحة لم يستطع اخفائها، و قد شعر انه وصل الى هدفه
:- هشس اوعي تتكلم يا ارغد سيب أشرقت حبيبة قلبي نايمة اصلها بذلت مجهود جامد، و جامد اوى كمان...
انهي جملته غامزًا له بـ احدى عينيه بوقاحة، و استفزاز..

شعر ارغد بالدماء تغلي في عروقه، نبضات قلبه تزداد بعنف شديد.. ظل يوجه بصره نحو اشرقت تارة، و ماجد تارة اخرى... تمنى ان يموت قبل ان يرى هذا المنظر في حياته قط... لم يشعر بنفسه سوى، و هو يتوجه نحوه قاطعا تلك المسافة التي كانت بينهما، و هجم عليه يضرب اياه بقوة، و غل، ظل يلكمه عدة مرات متتالية خلف بعض يلكمه بكل غل، و غضب.... حاول ماجد الدفاع عن نفسه هو الاخر لكنه لم يستطع... استيقظت اشرقت في هذا الوقت بدأت تفتح كلتا عينيها ببطء، و هي تحاول ان تتذكر ما حدث لها، لتشهق بصدمة واضعة يديها على فمها بعدم تصديق عندما رأت نفسها في هذا الوضع، و رات ارغد الذي كان يضرب ماجد بقوة، و هو يسبه
بـ افظع، و اسوأ الالفاظ، جاءت تنهض؛ كى تبعد ارغد عنه حتى و هي تخشى ان يموت في يديه.. لكنها تذكرت وضعها، وضعت يديها على وجهها و دموعها تسيل على وحنتيها بغزارة ، و هي تدعي ربها الا يكون ماجد قد فعل بها شئ، لا تعلم كيف، و متى وصل ارغد امامها..؟! كان يطالعها بنظرات غاضبة محتقرة تشعر ان نظراته كـ جمرات من النار تحرقها جعلتها تحرك راسها يمينًا، و يسارًا بنفي... تحاول ان تشرح له الامر لكن قطعها هو، و هو يقوم بإلقاء ملابسها في وجهها؛ كي ترتديها، و هو يتمنى ان يقتلها في تلك اللحظة... القت بصرها على ماجد لتجده ساقطا في الارض من الواضح عليه انه فاقد الوعي، التقطت ملابسها التي قد كان متساقطة على الفراش اثر القاء ارغد لها، و بدأت ترتديهم بيدين مرتعشيتن... تتمنى ان ارغد يفهم انها ليس لها دخل فيما حدث، بالفعل ما ان انتهت من ارتداء ملابسها  قامت بالخروج اليه، وجدته واقفا واضع يديه داخل سترته، و هو يتطلع امامه بغضب عينيه تشتعل كالنار...اتجه نحوها جاذبًا اياها من زراعها يقربها له، و هو ينظر لها باشمئزاز، و احتقار قائلا لها بغضب، و قسوة
:- من انهاردة انت بالنسبالي ميتة... انت مش مراتي و لا حتى بنت عمي، زيك زي اي واحدة رخيصة و*** باعت نفسها، و باعت كل حاجة... سامحتك و قولت انك بريئة فعلا، و اني هجيبلك حقك بس لا طلعتي كدابة قذرة، مخادعة.. انا  هطلقك يا اشرقت قدام الكل حقيقي انا بكرة نفسي، و بكرهك، و قرفان من نفسي اني لمست انسانة قذرة زيك، انت وصمة عار على الكل و العيلة كلها.. كانت تشعر ان حديثه كالسوط يجلدها و بقوة..قوة شديدة، كم تشعر بالتعب، و الاهانة 
لكن هو الاخر على حق... فهو يشعر بالضعف، و الانكسار... يشعر كأن احد قام باخراج قلبه من صدره، و ضربه بقوة ظل يكرر فعلته حتى تفتت قلبه متحولًا من قلب الى اشلاء... 

ابتلعت اشرقت ريقها، و انسالت دموعها على وجنتيها كالشلال اثر حديثه القاسي هذا، جاءت لتنحدث تدافع عن ذاتها، و تشرح له الامر... لكنها لم تشعر سوى بغيمة سوداء تحتاجها، و قد سقطت مغشية عليها تهرب من الواقع الاليم، الظالم، القاسي عليها... لكن مهما هربت فلابد المواهجة 
_الهُـروبُ ليس حلًا لجميع مُشكلاتنا، هو لمْ يَـعملْ  سوى على تأجيلِ وقت المُواجهةِ فقطْ، المُواجهةُ حَـتْـمًا و لا بد سَيأتِي وقْـتُـها_
لم يشعر ارغد بنفسه سوى و هو يحملها على زراعيه بقوة، يشعر بان قلبه سيتوقف الان من شدة خوفه عليها، و هو يرى حالتها تلك... لوهلة نسى كل شي حدث لم يتذكر سوى محبوبته، و هي شاحبة بين زراعيه بتلك الطريقة .... تحرك سريعا بخطواته نحو الخارج تاركا هذا المنزل، و هو يتمنى ان ما رآه يكن حلمًا، و يستيقظ منه اتجه سريعًا نحو سيارته واضعا اياها على المقعد الذي بجانبه برفق، و هو يخشى ان يكون قد اصابها شيئا، يلعن ايضا قلبه الذي رغم كل هذا مازال يتعلق بها، و يخاف عليها...انطلق بسيارته سريعا نحو اقرب مستشفى تقابله... ما ان وصل المستشفي،  دلفت طبيبة لكي تفصحها، و هو يشعر بالتوتر، و القلق عليها... كان يشعر بالكره لنفسه يكره ضعفه نحوها، خوفه عليها بتلك الطريقة بعدما عَـلِـم حقيقتها... الشي الوحيد الذي لم نستطع التحكم به هو القلب...فـ قلبنا لم نستطع التحكم به يحب، و يتعلق، و يخاف على من يريد.... هو من يختار ما يريد، يتعلق من تخترقه، تخترق اسواره بالطبع هي من اخترقت قلبه بأسواره، و قوانينه هي من ترعرعت داخل قلبه...سار عشقها كالدم الذي يسير في الاوردة ليصل الى القلب..بالفعل نجح عشقها ليصل الى قلبه.. 

في الغرفةِ حيثُ توجد اشرقت ما ان استعادت وعيها حتى طلبت من الطبيبة ان تتاكد اذا كان فعل ماجد بها شي ام لا..؟؟!  كانت تشعر بالخوف ينهش قلبها بـ اكمله، شرحت اشرقت  لـ الطبيبة ما حدث معها ابتسمت الطبيبة في وجهها محاولة ان تُـخفف عنها، و طمئنت اياها بهدوء... 

وصل ارغد بصحبة اشرقت الى المنزل... كان كل منهما طوال الطريق ملتزم الصمت يفكر فيما يحدث شعروا ان الطريق قد طال و بشدة ، وجد ارغد ان الحميع قد نام فهما تأخروا كثيرًا، اتجه هو الاخر نحو غرفته تاركا اياها تقف بمفردها... لكنها سرعان ما ذهبت خلفه دلفت الغرفة لتجده جالس على فراش ينظر امامه في اللا شئ بجمود، توجهت نحوه بخطوات بطيئة، مهلكة قائلة له بخفوت، و صوت منخفض 
:- ا..ارغد انت فاهم غلط على فكرة.. 

نظر لها ارغد بـ عينيه نظرة حادة، أرعبتها بقوة جعلتها تنتفض بقوة... قبل ان يهتف هو قائلا لها بنبرة حادة قوية، قاسية.. كأن قنبلة مشحونة انفجرت بها  
:- هتشرحيلي ايه، هتضحكي عليا زي ما عملتي قبل كدة و اتفقتي مع يسرية... تضحك عليا، و تفهمني ان فعلا حصلك اغتصاب، و هي بتداري على عملتك الزبالة مع الزفت ماجد، و انا اللي زي الاهبل صدقتها و قولت فعلا اشرقت عمرها ما يكون بينها، و بينه علاقة...  انا واثق فيها لا ازاي طلعت مغفل،و انت ماشية مدوراها معاه  بدل ما تحمدى ربنا انه سترك مفضحكيش لا ازاي كملتي علاقتك القذرة معاه.. قد ايه انا كنت مغفل... قال كملته الاخيرة بسخرية لاذعة، و هو يجاهد ان يكبت غضبه فـ اذا اطلق له عنان... يقسم انه لن يكفيه موتها، يشعر بالم منبعث من قلبه.. انين، و وجع يشعر بالتعب فقد نفذت طاقته اليوم، لم يتحمل ان يراها امامه، صورتها امامه تذكره بما... حدث فهي مثل القشة التي كسرت البعير  لذلك قرر ان يخرج تاركا اياها، او بالاحر يهرب...يهرب من ضعفه، و غضبه... 

كانت هي تحلل كلماته التي قالها... لتعلم على فور ان ماجد على حق، و ما فاله لها كان بالفعل صحيحًا.. هو تغير معها في السابق بسبب شكه بها، شكه المستمر الذي مازال حتى الان... رفضه ان يستمع اليها هو سبب مشكلتهما الان... فـ اذا استمتع اليها، كانت سوف تفهمه لكن بالفعل هو مازال لم يثق بها، و لم يشعر بها ايضا تشعر بالم يضاهي حبه في قلبها باكمله... جلست تضم ساقيها نحو صدرها تبكي بصمت، و هي تشعر بالقهر و التعب... تشعر انها كانت زهرة متفتحة تعيش بين ازهار قلبه، و حبه... الحب الذي جعلها تتفتح، و تكبر ليزداد زهوها... لكن بكل اسف جاء وحش انتشلها من بينهم و قبض يديه عليها بقوة يضغط باقصي ما لديه... لتتحول من زهرة متفتحة الى زهرة ميتة منطفئة، ليس لها اهمية..

في الصباح استيقظت اشرقت، التي كانت نائمة، و هي مازالت على وضعها هذا... لا تعلم  كيف، و متى نامت هي ..؟!
- اخر ما تشعر به هو بكاءها و هي جالسة على وضعها هذا، تشعر ان قلبها سوف بنفجر؛ بسبب الحزن الذي
يَـحْمله، فـ حُـزْنها الي تَـحْمله بهذا الوقت اذا توزع سوف يكفي الجميع، و يغيض ايضًا...وجدت مرام تدلف عليها، و يعلو ثغرها ابتسامة سعيدة ما ان نظرت لـها تفحصت اشرقت الفرق الظاهر بينهما كم كانت مرام تبدو سعيدو نسبةً لها... اما هي حزينة، وجهها شاحب.. كانت مرام تنظر لها بعيون حاقدة، فَرِحَة... هتفت قائلة لها بتساؤل، و هي تَـدَّعي القلق
؛- ايه يا حبيبتي مالك... شكلك تعبانة كدة ليه...؟!

جاهدت اشرقت ان تُرسمَ ابتسامة مصطنعة في وجهها الذي كانت جميع ملامحه شاحبة، حزينة، باهتة قبل ان تردف مُـجِـيـبة اياها بصوت حزبن، مبحوح من اثر البكاء 
:- مفيش يا مرام، مفيش يا حبيبتي.. انت اللي بقالك كتير مش بتيجي تقعدى معايا..  

لوت مرام فمها بتذمر، و ضيق.. قائلة لها بسخرية، و هي تشعر بتراقص قلبها بداخلها؛ لـ رؤيتها بهذا المنظر و الحزن البادي على جميع ملامح وجهها بـ اتقان 
؛- يعني هو ارغد بيسمح لحد يقربلك.. كأننا هناكلك بيحبك بقا يا ستي، و بيغير عليكي..

اغمضت اشرقت كلتا عينيها بألم... ما ان استمعت الى اسم ارغد، لتضغط على شفتيها السفلي بالم مانعة نفسها بقوة من البكاء، نكزتها مرام في كتفها كى تجذب انتباهها عندما طال صمتها.. اومأت اشرقت لها برأسها قائلة لها بخفوت، و وهن 
:- روحي انت معلش عشان تعبانة، و هنام لما اصحى هبقي اجيلك انا.. 

ابتسمت مرام بسعادة عندما رات حالتها الدال على ان خطتها هي، و ماجد قد نجحت بالفعل.. 

كانت اسيا جالسة فوق الفراش في غرفتها شاردة، لا تعلم ماذا تفعل.. لـ تُـقرر ان تذهب، و تخبر اشرقت قبل ان يحدث شئ... لكنها تراجعت قررت ان من الافضل ان تُخبرَ اخاها اولًـا؛ لذلك قامت سريعا بـ التقاط هاتفها و اتصلت به... لكن للاسف وجدت هاتفه مغلق اعادت اتصالها عدة مرات، و كانت النتبجة نفسها ان هاتفه مغلق... تنهدت بضيق قررت ان تتصل على مالك مرة اخرى على الرغم من انها لا تريد ذلك لكن الامر ضروريًا لذلك قامت بالاتصال عليه... بالفعل قام بالرد عليها 
ما ان اجاب عليها حتى هتفت قائلة له بتساؤل، و اقْـتِـضاب.   و هي مازالت تتذكر ما حَدثَ بينهما في اخر مُحادثة تمت 
:- هو فين ارغد..؟!

ابتسم هو من اسلوبها هذا... علم على الفور انها مازالت غاضبة منذ ما حدث امس.. لكنه سرعان ما انتبه لسؤالها ليعقد ما بين حاجبيه بـ دهشةٍ قائلا لها باستنكار 
:- فين ارغد!! ارغد اصلا مجاش انهاردة الشركة، و مشى من امبارح زي ما قولتلك..

شعرت هي بالضيق، حاولت ان تمسك دموعها لكنهـا للاسف فشلت في فعل ذلك... سَمِعَ هو صوت شهقاتها المنخفض، شعر كإن آلـة حادة تُـقَـطِعُ في قلبه؛ لذلك سالها بصوت قـَلِّـق، و اهتمام 
؛- ايه يا اسيا مالك...؟! هي سيلان هددتك تاني لو كدة متخافيش انا هحل الموضوع كله اصلا... بطلي عياط متخافيش انت طول عمرك قوية. 

بدات تهدأ بالفعل ما ان استمعت الى كلماته... قامت بمسح دموعها التي كانت تسيل على وجنتيها، قائلة له بنفي، و صوت منخفض يكاد الا يستمع لكنه وَصَـلَ الى مسامعه 
:- لا، مش عشان كدة.. سيلان مهددتنيش بس انا خايفة اصلا ممكن اجيلك عشان افهمك حاجة مهمة..

همهم هو مجيب اياها بموافقة، و انهى معها المكالمة  ركضت سريعا لترتدى ملابسها، و تذهب اليه..و هي مازالت خائفة.. 

بعد مرور بعض الوقت
كانت اسيا قد وصلت الي الشركة... وقفت امام مكتبه ابتسمت السكرتيرة الخاصة به ما ان راتها... فهي تعلم من هي، لكن اسيا ما ان راتها حتى ظلت ترمقها بنظرات تملاها الغيرة.. تتفحص اياها من اعْلاها الى ادنَـاها زفرت بغيظ، و دَلفت الى مالك الذي اندهش بشدة عندما رآها تدفع الباب بتلك القوة، و العصبية... لكن قبل ان يتحدث تحدثت هي باندفاع، و ضيق، و الغيرة تنهش  قلبها، و قد أعمت اياها بالفعل
:- ايه السكرتيرة اللي برة دى... انتوا بتشغلوا بنات حلوة معاكم ليه اكيد؛ عشان تعاكسوها ايه الجديد... لوت فمها بغيظ لكنها سرعان ما انتبهت على ما 
تَـفوهت.. فضَّلت الصمت، و ظلت ترمقه بنظرات متوجسة.. 

ابتسم هو على غيرتها الظاهرة. لكنه سرعان ما اخفي ابتسماته بمهارة قائلًا لها بهدوء،  و هو يشير بسبابته نحو الكرسي الذي كان امامه 
:- اتفضلي يا اسيا اقعدى، و فهميني بقا ايه اللي مخوفك... ليتابع حديثه بقوة، و ثقة.. بس قبل اي حاجة لازم تعرفي ان حوار سيلان انا هحله، مش عاوزك تقلقي منه نهائي..

اومأت له براسها الى الامام، و بالفعل جلست حيثُ اشار.. لها هو، و بدأت تقص عليه ما يوترها، و يُخِـيفُها 

بعد مرور يومين 
صعد شريف الى غرفة اشرقت... وقف امام باب الغرفة مترددًا، لا يعلم اذا يدخل ام لا..؟!
يشعر بالتردد الشديد.. لكنه حسم امره فهي طوال تلك اليومين لم تخرج من غرفتها... حتَّى الطعام رفضت ان تاخذه.. دق الباب دقات بسيطة لم يأتيه رد؛ لذلك دلف و هو يشعر بالخوفِ من ان يكون قد اصابها شيئًا ما.. لكنه شعر بالقلق ما ان دخل عندما وجدها جالسة ارضًا في ركن من اركان الغرفة تضم ساقيها نحو صدرها و تبكي.... تبكبي بصمت دموعها تسيل على وجنتيها شفتيها تتحرك مُصدرة صوت انين خافت.. تَشعر ان صوتها لا يريد ان يخرج... كإن احبالها الصوتية مُربَّـطة منظرها هذا ايقظ مشاعر عديدة مدفونة بداخله.. دفنها هو منذ ان حدث لها تلك الحادثة، التِي غيرت مجرى حياتها تمامًا.. اقترب منها بخطواتٍ بطيئةٍ ، و عيونه مازالت مثبتة عليها... جلس بجانبها جاذبا اياها داخل حضنه، شعرت لوهلة انها تحلم، و تتخيل الان... لذلك ظلت تطالعه بصدمة، و عدم تصديق تُـكذِّب عيونها فاقت على صوته، و هو يقول لها بتساؤل، و قلق يحاول ان بطمئن عليها 
:- في ايه يا اشرقت مالك..؟! 

اومأت له برأسها الى امام، و هي مازالت مصدومة من مجيئُـه اليها.. لكنها حاولت ان تخفي صدمتها، و اردفت مجيبة اياه بهدوء، و هي تمسح دموعها سريعًا
:- مفيش يا بابا مفيش حاجة.. تحولت نبرتها المُـجِـيبَة الى اخرى متسائلة تسأل اياه باستنكار، و تعجب 
:- انت يا بابا ايه اللي جابك، في حاحة حصلت يعني..؟! 

ابتسم في وجهها قائلا لها بهدوء، و هو يتطلع لها 
:- مفيش، انا جاي اتطمن عليكي بقالك يومين مش بتاكلي، و ارغد مش موجود، انتوا متخانقين لو في حاجة قوليلي.. 

شعرت اشرقت لوهلة ان اُذنها تُـهَـيِّـئ لها اشياء كاذبة   ضحكت فجاءة بسخرية، و استهزاء قائلة له بنبرة ساخرة
:- تفرق معاك اوى يعني يا بابا، و لا ايه..؟!  
متشغلش بالك انت اهه الحمد لله انك خلصت مني، و من العبء اللي كنت شايله..

اغمض عينيه بقوة لاول مرة يشعر بقساوته معها.. حاول ان يتجاهل هذا الشعور.. قائلا لها بتبرير شارحًا لها اسبابه المُزيفة التي زرعتها فيه فايزة 
:- انت ليه مش متخيلة ان فعلا كان في فضيحة كنت هتفضح في وسط الناس، سمعتي، و سمعة العيلة كله كان هيضيع بسببك... 

تنهدت هي بقوة، و صوت مسموع قائلة له بضيق و عصبية، و قد طفح بها الكيل فـ لمتى ستصمت، و هي تستمع الى اهانتها في شئ ليس لها دخل به..؟! لمتى سيظل يعاقبها على شي لم تفعله..؟! ما ذنبها هي..حتىى الان لم يفهم انها هي الضحية لست المجرمة، هي المجني عليها لست الجاني، هي الظلمومة لست الظالمة... لكنه لم يفهم ابدا شئ من هذا 
:- بس بقا ايه..بس.. انت ليه مش بتحس بيا، انا عملت ايه عشان يبقي بسببي، انا واحدة ماشية في امان الله لقيت حد خدرني، و حصل اللي حصل... لا مش بسببي مفيش حاجة بسببي، و انت اللي المفروض ابويا بدَّل ما تقف في ضهرى، و تساندني.. لا طبعا ازاي!! اكسر فيا اكتر، و اكتر.. فضلت تدوس عليا كاني مش بحس، بقيت تهيني، و تصربني... تخلي واحدة بتكرهني تتحكم هي فيا ليه كل دة..؟! كانت تسأله بـ استنكار، و وهن شديد..

كانت كل كلمة تتفوها يشعر هو كأنها خنجر يقطع في قلبه، و يجرحه... يشعر كم كان ضعيفًا، قاسيًا معها، شعر بغلطته بالفعل.. فدائمًا هو كان عونًا لها، لكنه للاسف تغير كثيرا معها؛ بسبب ما حدث.. نظر لها بأعين نادمة.. جذبها الى حضنه مرة اخرى، و ظل يمرر يديه على ظهرها بحنان قائلا لها بصوت يملؤه الندم، و الحزن 
:- انا اسف يا اشرقت اسف.. بس انت طول عمرك كنتِ مصدر قوتي بعد امِك زينات الله يرحمها حسيت بعد اللي حصل اني ضعيف.. انك مش مصدر قوتي بنتقم من نفسي، و من الكل  فيكي حسيت اني انكسرت..  

شعرت بدمعة من عينيه نزلت على كفها.. حرَّكت رأسها بعدم تصديق... رفعت راسها تنظر له لـ تتأكد 
وجدته بالفعل يبكي ظلت تطالعه بذهول، و عدم تصديق فهي اول مرة تراه ضعيف بهذا الشكل...لتردف  قائلة له بصوت منخفض اشيه بالهمس و هي تُـزيدُ من احتضانه 
:- هش خلاص يا بابا.. خلاص.. عشان خاطرى متعيطش انسى اي حاجة.. انا اهه الحمد لله اتحوزت، و الموضوع اتحل، و انتهى... انساه يا بابا..  

ابتسم لها بـ وهن و ابتسم ابتسامة باهتة، قبل ان يقوم بتقبيل باطن كفها برفق، و حب.. ليتذكر سريعا مظهرها عتدما دلف لذلك سألها باهتمام 
:- في ايه بقا... اول ما دخلت كان مالك بتعيطي ليه..؟!

صمتت لبرهة لا تعلم.. بماذا تُجيبه، او ماذا ستقول له..؟! لذلك هتفت قائلة له بكذب  
:- مفيش يا بابا انا بعيط؛ عشان حلمت حلم وحش، و مش بنزل عشان عندى دور برد مش اكتر.. 

ابتسم شريف في وجهها رغم علمه انها تكذب عليه الان لكنه لم يريد ان يضغط عليها، فـ اومأ لها براسه بهدوء قائلا لها بابتسامة حانية  
:- قومي نامي على السرير، و انا هقولهم تحت يعملولك حاحة تشربيها عشان البرد.. 

همهمت مجيبة اياه بالموافقة، و بالفعل تحرَّك هو الى اسفل... كانت اشرقت تشعر بالتعب، لكن ليس في جسدها بل كان تعب صادر من قلبها، تريد ان تبكي.. لما لا!! فـ قلبها الان بداخلها يصرخ ليس يبكي فقط..

عند ارغد كان يحلس في مكانٍ ما يشعر بـ الحيرة، و الحزن، و الخوف... مزيج من المشاعر لكن ما ينتابه بشدة، و يسيطر عليه هو شعور الكرة،  و النفور.. يكرهها، و يكره نفسه.. كيف له ان يثق بها، و يعاملها بتلك الطريق..؟! الـ هذا الحد هو ضعيف يكره ذاته لكونه ضعيف امامها، امام حبها... يتمنى ان يخرجها من قلبه لكنها كالعلقة ستظل موجودة مهما فعل، و اذا جاء و ازالها سيظل اثرها في قلبه لم يستطيع التخلص منها كما بحدث الان بالفعل..  فتح هاتفه ليجد العديد من الاتصالات من مالك. قرر ان يتجاهل الجميع... فهو ليس على استعداد ليواجه احد.. لكن راى شي جعله يتجمد مكانه بقوة شاعرًا بجميع جسده يتجمد....  




تعليقات