ظلمات قلبه
البارت الثاني 2
بقلم هدير دودو
خرج ارغد من غرفته ؛ لكي يتمشى في حديقة الفيلا فهو لم ياتيه نوم منتظر كي يرى حبيبته اشرقت.... يشعر بالقلق الشديد عليها ، و بالغضب ايضا ليغمض عينيه متمنيا ان يدلف اليها.... لكن للاسف لم يعلم غرفتها حتى يدلف اليها ، و يراها.... استوقفه فجأة صوت بكاء ضعيف يخرج من الغرفة التي امامه... ليدق باب الغرفة عدة مرات و لم يسمع رد لم يسمع سوى شهقات بكاء.. اضطر ان يدلف الى الغرفة.. لينصدم مكانه يشعر كأن قد شُلَّت حركته ... عندما وجد اشرقت حبيبته هي من تبكي جالسة في ركن من اركان الغرفة تضم ساقها الى صدرها ، اتحه سريعا يجلس بجانبها قائلا له بتساؤل ، و قلق... يشعر كان قلبه سوف يخرج من مكانه
:- في ايه مالك يا اشرقت ...بتعيطي كدة ليه و مين اللي مزعلك..؟؟
مسحت اشرقت دموعها سريعا بظهر يديها ...و ظلت تنظر له باستغراب محاولة ان تتذكر من هو ... فهي تشبه عليه ...لتعقد حاجبيها و تتحدث باندفاع موجهة اليه عدة اسئلة متتالية دون ان تمهله فرصة للرد على سؤال واحد حتى
:- ا.. انت مين..؟ و بتعمل ايه هنا..؟ و عارف اسمي منين اصلا ..؟؟و ازاي تدخل اوضتي من غير ما تستأذن..؟؟
ابتسم أرغد عليها ، و على طريقتها تلك ...قبل ان يهتف قائلا لها بمزاح ؛ محاولا ان يخرجها من حالتها تلك
:- ايه كل اسئلة دي اجاوبك ازاي ، و بعدين انت مش عارفاني لا دة انا ازعل بقا و ليا حق كمان المفروض تكوني عارفة انا مين.
عضت اشرقت على شفتها السفلى بتوجس ..قائلة له باحراج و هي تنظر ارضا
: لا بصراحة مش عارفاك.... او ممكن عارفاك و ناسية ممكن تقول بقا انت مين..؟
ابستم ارغد قبل ان يرد عليها بثقة معرفا اياها من يكون هو ، و ما علاقته بها
:- انا ارغد العزايزى ابن عمك يا اشرقت يا نساية قال كلمته الاخيرة بمزاح مُقَلِّد اياها.
سرعان ما ابتسمت اشرقت ابتسامتها المشرقة التي لا تليق سوى بها هي فقط... التي تسحر ارغد و تسلبه عقله ما ان يرى تلك الابتسامة .... مذكرة نفسها و هي تلعب معه عندما كانت صغيرة ، و عندما كان دائما يدافع عنها امام فايزة... تذكرت عدة مواقف ' لتلعن ذاكرتها الف مرة ...قبل ان تهتف قائلة له بفرحة ، و اشتياق و قد تَبدَّل حالها تماما في ثانية
:- ارغد ازيك ..؟!...معلش انت عارفني بنسى على طول.
اومأ لها ارغد رأسه يؤكد حديثها.. منفجر في الضحك على منظرها فقد اصبحت وجنتيها مصبوغة باللون الاحمر القاني من شدة الاحراج... ليقف فجاءة قائلا لها بجدية و صرامة سائلا اياها عندما تذكر منظرها في بداية دلوفه الى الغرفة
:- صحيح يا اشرقت كنت بتبكي ليه مقولتليش برضو ..؟
ابتسمت اشرقت ابتسامة مصطنعة ...قائلة له بكذب كي لا تزعجه لا تود ان يعلم شي مما تعيشه
:- مفيش يا ارغد دة انا كنت حاسة اني تعبانة شوية ضيق ارغد عينيه بتفكير غير مصدق ما تقوله ابدا ليعلم انها تكذب عليه ...لاحظ فجأة علامات الضرب على وجهها و زراعيها ...ليسألها متمتا من بين اسنانه بصوته الصارم الحاد و الشرر يتطايرر من عينيه
:- اشرقت مين اللي ضربك كدة و متكذبيش قولولي الصراحة انت مش شايفة ايدك و وشك عاملين ازاي..؟! ظلت هي صامتة لا تعلم ما تقوله الا انه صرخ في وجهها بصوت عالى قائلا لها قوولي يلااا مين اللي عمل كدة..؟؟
اومأت هي برأسها مجيبة اياه بصوت هامس منخفض متقطع يكاد الا يستمع من الاساس و هي تشعر بالحزن و الاحراج خافضة رأسها ارضا
:- ب.. بابا ..و فايزة .. هانم.. عشان... عشان لتفرك يديها بتوتر مكملة انا اتاخرت برة.
احمرت عيني ارغد ، كان الشرر يتطاير من عينيه ...يود ان يتجه الى عمه ، و زوجته يقتلهما... جاء ليخرج من الغرفة ؛ كى لا ترى غضبه .... لكن مسكته هي من يديه قائلة له برجاء و صوت هادئ مرتعش
:- ا... ارغد ممكن تهدى.. محصلش حاجة... انا متعودة على كدة .. كل يوم... مش جديدة ممكن تهدى.
اغمض ارغد عينيه متنفسا بصوت مسموع ؛ لكي يتحكم في غضبه.. فهي بدلا من ان تقوم بتهدئته ازدادت من غضبه تخبره انها يحصل فيها ذلك كل يوم.. ليتمتم قائلا لها بهدوء على عكس ما بداخله من نار
:- خلاص يا اشرقت ممكن اي حد يعمل لك اي حاجة تجيلي على طول و انا مش هخلي اي حد يلمسك او يضايقك بكلمة واحدة ماشي ... ظل ينظر في عينيها بهدوء يبث بداخلهما الاطمئنان.
اومأت اشرقت برأسها ، و ابتسمت بفرحة شاعرة بداخلها بالامان ، و الفرحة بوجوده ليستأذن منها... و عاد الى غرفته ، كي ينام ....لكن صورتها كانت لم تفارق خياله ابدا تمنى لو انه يقدر يضمها الي صدره و يغرقها من حنانه غير مصدق ما يحدث لها مقررا بالا يسمح لاي احد مهما كان ان يزعجها و يفعل لها شئ.
في الصباح استيقظ ارغد ، و دلف الى المرحاض ليقوم بعدها بارتداء ملابسه العملية المكونة من بدلة من اللون الرمادي انيقة.. و يضع عطره المفضل خلاب الرائحة الذي سرعان ما انتشر في الغرفة... ما ان انتهى حتى خرج من الغرفة متجها الى اسفل وجد الجميع جالس على مائدة الطعام منتظره لتقوم اسيا و احتضنت اياه بادلها ارغد بحب ، و حنان ...جاءت تليها مرام التي سَلَّمَت عليه و قالت له بتساؤل
:- ازيك يا ارغد عامل ايه..؟؟
سرعان ما اجابها ارغد بجمود و برود كعادته مع الجميع
:- الحمد لله كويس ليتركها و يتجه ليجلس على المائدة لكنه تفاجأ بان اشرفت لم تكن جالسة ليسأل عنها قائلا لهم باستفسار و اهتمام شديد يخشي ان يكون قد اصابها شئ بعدما تركها أمس
:- امال فين اشرقت مش قاعدة تفطر ليه..؟
صمت الجميع ..و لم يرد احد عليه ...اعاد ارغد سؤاله بصوت اقوى لا يقبل للمناقشة
:- انا سألت اشرقت فين..؟؟ ليكمل حديثه بتوضيح و تعليل عن سؤاله ؛ كي لا يفهم احد شي مما بداخله ما هو مش معقول كله يقعد يفطر و هي مش موجودة.
ردت عليه فايزة بلا مبالاه ، و غرور ، و كذب ؛ كي لا تضع نفسها في مأزق ...فهي من امرت ان اشرقت لا نجلس تتناول فطورها معهم ..رغم اعتراض عابد فكلما كان يجلبها كانت تهينها امام الجميع ، معاملة اياها بعجرفة ؛ لذلك صار يتركها تتناول فطارها مع نفسها كي لا يكون السبب في اهانتها
:- أصل أشرقت مش بتاكل معانا اصلا و لتتابع حديثها بتبرير عندما راته غاضب بشدة هي مش بتاكل في المعاد دة و احنا سايبينها براحتها مش بنغصب عليها.
ظل ارغد يرمقها بنظرات غاضبة لم يقتنع بحديثها قط .. قبل ان يهتف قائلا بجدية و صرامة و هو يوجه بصره الى شقيقته اسيا
:- ازاي يعني اطلعي يا آسيا اندهيها ، و قوليلها ان كلنا هناكل مع بعض و قوليلها تنزل دة معاد الفطار.
اومأت اسيا برأسها ، و انصرفت مهرولة إلى غرفة أشرقت... اما فايزة فظلت تتابع ما يحدث امامها بغضب جاءت لتتحدث معترضة على حديثه.. لكن مسك شريف يديها من اسفل المنضدة مشيرا لها بأن تصمت... دلفت اسيا الى غرفة اشرقت بعدما دقت الباب عدة مرات و لم ياتيها رد ، لتجدها نائمة على الفراش ، و شعرها منتشر حولها بفوضى.. لتقوم بهزها في كتفيها عدة مرات... تململت اشرقت في فراشها بانزعاج تفتح عينيها بثقل لتجد اسيا امامها فهتفت لها متسائلة ...و ما زال اثار النوم في عينيها و صوتها
:- في ايه يا اسيا.. في حاجة..؟
ابتسمت لها اسيا.. و هتفت قائلة لها بمزاح
:- اه طبعا في حاجات مش حاجة.. جيت عشان اقولك ان ارغد بيقولك انزلي افطري معانا تحت كلنا هنفطر مع بعض.
ابتسمت اشرقت بفرحة ، و اشراق تشعر بسعادة ، و فرح...لكن سرعان ما تلاشت ابتسماتها ...هاتفة لاسيا الواقفة أمامها بتساؤل ، و صوت مهزوز
:- و ... بابا.. و فايزة هانم .. اعترضوا او .. قالوا حاجة.
هزت اسيا رأسها بالنفي.. قائلة لها باطمئنان ، و مرح
:- لا محدش اعترض و لا قال حاجة ..لتتابع حديثها بفخر و عينيها تلتمع بالحب الشديد لاخيها
:- و بعدين هيقولوا ايه ارغد قال كلامه خلاص هو ارغد اي حد برضو كلمته ليها احترام عند الكل.
انفجرت اشرقت تضحك بشدة حتى ادمعت عينيها .. لتلتقط رابطة شعرها واضعة اياها في شعرها باهمال ..و نزلت مع اسيا متجهة الى اسفل و هي تشعر بسعادة شديدة لم تشعر بها مند زمن.
ما ان رآتها فايزة حتى ظلت تطالعها بنظرات الكره ، و الخبث ...غير راضية على جلوسها و طعامها معهم.. بينما ارغد ابتسم بشدة ما ان رآها ... جلست اشرقت بجانب اختها مرام ، و بدأت في تناول طعامها بهدوء نظر ماجد الى ارغد بخبث ..فهو قد فهم بأنه لديه مشاعر تجاه اشرقت... ليقسم في داخله بأنه لم يسمح له ان يحبها و يعيش حياة سعيدة معها.
ليهتف ارغد لأشرقت قائل لها بنبرة آمرة.. يتخللها بعض الهدوء ، و اللين
:- بعد كدة يا اشرقت تنزلي تاكلي معانا على طول مفيش حاجة اسمها مش بتاكلى دلوقتي ماشي ليقوم بتحريك رأسه للامام مشجعا اياها ان ترد.
اومأت له اشرقت بهدوء ، و بتأكيد قبل ان تهتف قائلة له بصوتها الهادئ
:- حاضر.. لتبتسم بعدها ابتسامة صادقة منبعثة من قلبها الذي يتراقص الان بداخلها شاعرا بفرحة شديدة.
بعد ان انتهى الجميع من الفطار ...قامت فايزة بالميل تجاه اشرقت ؛ لكي تهمس داخل اذنها قائلة لها بصوت هامس ، ضعيف يكاد الا يستمع ...لم يصل سوي لها هي فقط
:- متاخديش على كدة يا حبيبتى.. بكرة مش هيبقى موجود ، و مش هتاكلي غير مع الخدامين اللي زيك دة مستواكي.
ابتلعت أشرقت ريقها ، و قد شحب وجهها مما قالته.. فرت الدماء هاربة من وجهها ...لاحظ ارغد تغير ملامحها ليفهم بأن فايزة قد ازعجتها في شئ ما ....لتتحول سريعا ملامحه الى الضيق ، و الغضب الشديدان ، و قد برزت عروقه بغضب...ليجاهد بصعوبة التحكم في غصبه فهو يقسم بأن بداخله غضب... يكفي ان يدمر عالم باكمله ظل يفكر ماذا قالت لها تلك الحرباية التي تدعو زوجة اباها..؟؟!
دلفت مرام الغرفة الي اشرقت... لتجدها جالسة على الاريكة ممسكة باحدى الروايات مندمجة في قراءتها لتتجه نحوها ، و هتفت فجأة قائلة لها بمزاح
:- امم مش ملاحظة ان ارغد في حاجة من ناحيتك.. لتغمز لها باحدى عينيها قبل ان تنهي حديثها.
احمرت وجنتي اشرقت.... و عضت مسرعة على شفتيها بخجل قبل ان تهتف ..قائلة لها بكذب تنكر ذلك الحديث ، و هي تهز رأسها يمينا ، و يسارا دليلا على النفى
:- ل.. لا .. طبعا ايه اللي بتقوليه دة ...كل دة عشان قالي انزل اكل معاكوا سيبيني يا مرام اكمل الرواية بالله عليكي قبل ما بابا او فايزة هانم يدخلوا.
اومأت لها مرام برأسها... لتقوم باحتضانها سريعا و اتجهت مهرولة الى الخارج... تاركة اشرقت خلفها شاردة فيما قالته لها
عند سيلان كانت جالسة تتحدث مع ماجد شقيقها... لتهتف فجأة قائلة له بتساؤل تكسر ذلك الصمت.... فهو يجلس شارد لا يتحدث معها
:- في ايه يا ماجد من ساعة ما ارغد رجع... و في حاجة بتنويلها فهمني بالظبط ...لتتابع بثقة شديدة انا اكتر واحدة عارفاك ، و قعدتك قدامي بالمنظر دة بيدل انك بتفكر و بتخطط لحاجة.
تنهد ماجد بضيق ، و كره واضح يشع من وجهه ....قبل ان يهتف قائلا لها بتأكيد
:- اظن انت عارفة يا سيلان ان انا من صغري مبطيقش ارغد...ليكمل حديثه قائلا بغل ، و حقد كل حاجة في العيلة دي ارغد ..ارغد ...الواحد زهق ، و جاب اخره.
هزت سيلان راسها ، و جاءت لتتحدثث معه ، و تعلم ما ينوى اليه ....لكن قاطعها رنين هاتفها لتنظر و تجد ان المتصل هو زوجها ...فاستاذنت من شقيقها ، و دخلت متجهة الى غرفتها ؛ كي تتحدث باريحة.
بعد مرور اسبوعين لم يحدث فيهم اي شئ جديد.. الا ان علاقة ارغد باشرقت قد تحسنت ، و تطودت كثيرا عن سابق.
كانت اشرقت جالسة في غرفتها على الاريكة... تشعر بالكثير من الملل ، لم تجد اي شئ لكي تفعله... اتجه ارغد الى غرفتها بعدما عاد من عمله ليقوم بدق الباب عدة مرات متتالية ... لكن لم ياتيه اي رد فعل... ليكرر فعلته مرة ، و اثنان شعر بالقلق ينتابه ...ليضع يديه على مقبض الباب ، و يضغط عليها لاسفل ... ليجدها جالسة تلعب في خصلات شعرها على الاريكة... زفر هو بارتياح و يتوجه اليها مباشرة ، و لينطق اسمها عدة مرات لكنها كانت شاردة بشدة فلم تنتبه ....فيقوم بوضع يديه على احدي كتفيها و يهزها برفق شديد... انتبهت له اشرقت ما ان وقع نظرها عليه حتى اتسعت ابتسامتها المشرقة.. قبل ان تهتف متسائلة اياه باهتمام ..فهي لن تنكر ان قلبها قد تعلق به كثيرا من تلك الاسبوعين... احبت اهتمامه بها خاصة بعدما اتفقا سويا ان يصيروا اصدقاء ...و نبه على اباها ، و تلك المدعوة الملقبة بزوجته بالا يزعجاها و الا سوف يأخذ ضدهما اجراء لن يعجبهما
:- في ايه يا ارغد من امتة ..و انت موجود و ازاي مركزتش انك دخلت..؟!
بادلها ارغد الابتسامة ...ليهتف لها مجيبا اياها بسؤال اخر ، و نبرة هادئة
:- انت اللي قاعدة سرحانة كدة ليه ...و مش مركزة نهائي كدة ليه..؟؟! انا خبطت عليكي قد كدة قبل ما أدخل.
اخفضت اشرقت نظرها بخجل شديد لعدة دقائق.. شاعرة بأنه محق بالفعل... فهي كانت شاردة غير مركزة بأي شئ ...لترفع بصرها بوجهه و ضمت شفتيها بخجل قبل ان تهتف قائلة باعتذار و اسف مخلوط بالخجل
:- معلش كنت زهقانة ، و سرحانة فمسمعتكش مكنش قصدي.
كانت عينيه مركزة على شفتيها تمنى لو ان يخطفهما في قبلة عميقة حانية... يعبر لها عن كم المشاعر التي تنتمي لها بداخله ... ابتلع ريقه بتوتر ...ليحمحم بعدها عدة مرات ؛ محاولا اعتدال هيئته قائلا لها بجدية مزيفة
:- لا عادي متعتذريش.. ليسألها بشغف مشيرا الى المكتبة الخشبية الصغيرة الموضوعة في غرفتها المليئة باكملها بجميع الانواع روايات ، و كتب ، و قصص.. انت بتجبي القراءة اوي كدة كل دي حاجات جايباها تقرأيها.
هزت اشرقت رأسها بحماس شديد... مشيرة بديها الى المكتبة ...لتبدأ تشرح له مدى عشقها ، و حبها للقراءة و انها احبتها ؛ بسبب وقتها الفارغ بشدة... كان ارغد ينصت لها بانتباه شديد مدققا في كل كلمة تفوهت بها.. بعد ان انتهت تحدث هو قائلا لها بتساؤل بعد ان عقد حاجبيه بدهشة و استغراب
:- ما انا بقالي أسبوعين موجود اهو ..مش بشوفك بتقري فيهم ليه طالما بتحبيهم اوي كدة..؟؟!
احتل التوجس جميع ملامحها لتتبدل سريعا من السعادة الى الحزن زافرة باحباط لتضم شفتيها بطفولة هاتفة له بحنق و حزن شديدان
:- ما هو اصل انا مخلصاهم كلهم ، و حفظاهم كمان.. و نفسي لما انزل اشتري تاني لتضيف بحزن خالص بس انت عارف بقا مش هنزل.. و مرام الفترة دي مشغولة كنت هخليها تجبلي بس قالتلي انها مش فاضية هستناها لما تفضي ، و تجيبلي..هي اللي جايبالي دول اصلا دايما بتشتريلي اللي اعوزه.
اغلق ارغد عينيه بشدة ...قابضا على يديه بقوة حتى ابيضت مفاصله مانعا نفسه بصعوبة من الا يضمها اليه و يربت عليها بحنان ...يتمنى ان يحمل عنها جميع الحزن الذي يحمله قلبها.. ليهتف مقترحا عليها بتفكير ، و حب
:- طب ايه رأيك لو انا اجيبلك الحاجة اللي عاوزاها... و كمان بما انك خريجة ادارة اعمال اجيبلك بعض الملفات تشتغليها ..بس الاول اقعد ساعة كل يوم ادربك ؛ لأنك مشتغلتيش خالص قبل كدة و كدة تكوني بتملى وقتك الفاضي.
ابتسمت اشرقت... و هي تكاد ان يتوقف قلبها من فرط السعادة... فهي منذ رجوعه من السفر و هي تتلقي مفاجأة تلو الاخري.. لتشكره عدة مرات خرج هو تاركا اياها بعدما تأكد عليها ، و على راحتها... يشعر دائما بان يومه لا يكتمل سوى برؤيتها.. غافلا عن تلك العيون التي كانت تراقبهما منذ البداية و الحقد و الغل يتأكلهما.