ظلمات قلبه
البارت الثالث 3
بقلم هدير دودو
في الصباح تململت اشرقت في نومها قبل ان تستيقظ لتقوم بفرك عينيها بهدوء ...سرعان ما تحولت ملامح وجهها الى الفزع ، و الدهشة عندما نظرت في الساعة التي كانت بجانبها بالخطا.. لتجد نفسها انها قد تأخرت في النوم اليوم كثيرا... لكنها دُهِشت بشدة لتضم شفتيها الى امام... هاتفة بين نفسها باستغراب فكيف ارغد لم يرسل لها احد حتى ييقظها..؟؟ لتحزن بشدة ، لانه سوف يكون ذهب الى عمله دون ان تراه ...بدات توبخ نفسها سرا قبل ان تنهض متجهة الي المرحاض الملحق بغرفتها.. لتخرج من المرحاض ، تتجهة الى خزانتها و تقف أمامها تختار شئ بسيط ترتديه دون اهتمام بشئ.. ما ان انتهت حتى نزلت متحهة الى أسفل لكنها وجدت فايزة أمامها جالسة بكبرياء ، و تكبر على الاريكة الكبيرة الموضوعة في بهو الفيلا تتحدث في الهاتف .. تأففت اشرقت سرا و قررت أن تتجاهلها فقد كانت عينيها تدور بحثا عن ارغد في جميع الانحاء... لتأتيها اجابة فايزة الساخرة بعد ام انهت مكالمتها ، فهي كانت تعلم عن ماذا تبحث
:- مش موجود كلهم راحوا عشان في اجتماع طارئ لتتابع حديثها بقسوة بس انت فكرك انه بيحبك لا فوقي يا أشرفت فوقي... انت عمرك ما هتتجوزي و لا في حد هيبصلك غير اللي انا اختاره و هختارلك واحد يعاملك نفس معاملة شريف ليكي او يمكن اقسى حتى... لتتابع بحقد ، و غل ينبعث من قلبها غير عابئة بدموع تلك الواقفة امامها
:- حاولي متنسيش عشان متقعيش على جذور رقابتك... لازم تفتكري ان في واحدة متحكمة في حياتك اسمها فايزة مش هتسمح انك تعيشي يوم حلو كفاية الاسبوعين دول ارغد هدد ابوكي... بس انا اللي مش هسكت خليكي فاكرة. ..و متنسيش دايما ان انا حواليكى و موجودة كل مكان جنبك.. انهت كلامها و ظلت تنظر لها باستفزاز ، و راحة شديدة ، و يعلو على وجهها ابتسامة كبيرة.
مسحت أشرقت دموعها التي كانت تسيل على وجنتيها بغزارة من قسوة كلام تلك الامرأة ...فهي تقسم بداخلها بأن لو كان الحديث ، و الكلمات تقتل لكانت ماتت منذ زمن الزمن ....فحديث والدها، و زوجته دائما يجلدها.. تشعر كأنه نسل حاد يُغرز داخل قلبها يقطعه غير عابئا بوجعها ...لتفوق على صوت فايزة التى قالت لها بنبرة امرة
:- في ناس اصحابي جايين هنا ادخلي المطبخ ساعدي الخدامين اللي زيك في توضيب الأكل و الحاجة. قالت جملتها و ظلت ترمقها بنظرة احتقار ، و تقليل.
فتحت اشرقت فاهوها لكي تعترض على حديثها لكنها خافت منها... لتتراجع ، و تقوم بغلق فاهوها كما كان مفضلة ان تصمت ، و لا تقول شئ لتبدا تسير في اتجاه المطبخ ...و هي تبكي بصمت داعية ربها ان يخلصها من عذابها هذا... و يحلب لها هو حقها.. التي لم تستطيع ان تأخذه هي... ما ان دلفت الى المطبخ اتجهت لها يسرية المسؤولة عن المطبخ تحب اشرقت بشدة ، و تعتبرها ابنتها و اشرقت ايضا تحبها بشدة و تحكي لها عما يحدث معها دائما لتهتف يسرية قائلة لها بتساؤل و توجس
:- هي تاني اللي قالتلك تيجي و تدخلي المطبخ هنا صح.
لم ترد عليها اشرقت اكتفت فقط بايماء راسها للامام ايماأه بسيطة ... ظلت يسرية تنظر لها بحزن شديد تتمنى لها ان تخلص من بطش ابوها ، و زوحته ... اتجهت اشرقت جاذبة احدي الكراسي الموضوعة في المطبخ حول المنضدة الصغيرة ...فهي تعتبر سفرة صغيرة تتوسط ذلك المطبخ الكبير بشدة. .. يجلس عليها بعض الخدم ...جلست اشرقت شاحبة الوجه كعادتها اليومية فقد هيأ لها عقلها في ذلك الأسبوعين انها من الممكن ان تتخلص من جحيمها ، و عذابها هذا ... خاصة بعدما ابعدها أرغد عن تلك الأيام ...لكن بالفعل فايزة محقة فيجب الا تعلق نفسها باوهام كاذبة.. لم ، و لن تحدث لتقف و تبدا في المساعدة حتى انتهوا جميعا... لتحتضن يسرية قبل ان تخرج تاركة اياهم متجهة الى غرفتها. لتجلس فيها شاعرة بالملل الشديد ، لم تجد شئ تفعله كعادتها لتقوم بفتح التلفاز ، و تجلس امامه تغير في القنوات بلا هدف حتى وجدت فيلم قديم مميز للمثلة الجميلة سعاد حسنى فهي تعتبرها كالسندريلا تعشقها بشدة ..جلست تتابع ذلك الفيلم بعينين يلتمعان بالفرحة ، و الشغف... قد نست كل ما مرت به كان كل ما يشغل عقلها ، و تفكيرها هو الفيلم.... و كم هو عظيم بقصته تلك شردت فيه ...لتخرج بفضله عن الواقع متخيلة نفسها تعيش هي تلك قصة الحب البسيطة التي لم تراها سوي بالافلام التي تشاهدها ، و الروايات التي تقراها ، بعد ان انتهي الفيلم اتجهت إلى فراشها تجلس عليه كعادتها فهي دائما تظل حبيسة في تلك الغرفة.
في المساء دق ارغد الباب على غرفة اشرقت ، سرعان ما اتاهه صوتها الناعم ، الهادئ تسمح له بالدخول الى الغرفة.... دلف هو بطلته الرائعة ، و هيبته التي لا تليق سوي به... اتجه و جلس على الاريكة ليعقد حاجبيه بدهشة .. هاتفا لها مستفسرا بتساؤل ، و اهتمام شديد مبالغ فيه بشدة
:- اشرقت مال وشك شكله متغير كدة ليه في حد ضايقك انا قولت ليهم الصبح يسيبوكي نايمة عشان سهرتي بليل انت وشك اصفر ليه اكلتي يا اشرقت انهاردة..؟؟!
ابتلعت اشرقت ريقها... قبل ان تحرك راسها يمينا ، و يسارا.... قائلة له بكذب فهي بالفعل لم تأكل شئ منذ الصباح
:- ايوة اكلت لتكمل حديثها باقتضاب ، و ضيق مزيفان ، و نبرة جادة في حاجة مهمة عشان تيجي..؟؟
ضيق ارغد عينيه باستغراب... قبل ان يهتف قائلا لها بتساؤل ، و قد انتابه شعور الدهشة...فهي منذ متى و تتحدث معه بتلك الطريقة هل احد ازعجها ام انها منزعجه منه هو شخصيا ليقول لها بتساؤل
:- في حاجة يا اشرقت..؟! حد مزعلك او قالك حاجة وحشة..؟؟
اومأت اشرقت رأسها بالنفي ...قائلة له باندفاع متسائلة اياه باقتضاب و صوت عالي ..و هي تحاول بداخلها السيطرة على مشاعرها ، و قلبها الذي يصرخ بداخلها..تشعر كانها داخل دوامة بين قلبها ، و عقلها الذي تاثر بحديث فايزة... او بالاحر عاد لواقعه ، و فاق من الأحلام التي رسمتها هي
:- مفيش يا ارغد بس اظن ميصحش انك تفضل كل يوم داخل بليل ...لو بابا دخل مثلا او حد شافك هيقول عليا ايه..؟!
ضيق ارغد عينيه قبل ان يتنفس بصوت مسموع محاولا السيطرة على غضبه ...فطريقتها تلك تستفز اياه بشدة.. حاول منع نفسه بصعوبة من الا يوبخها ، و يرفع صوته عليها ؛ كى لا تخاف منه فهو يحبها و هي تتحدث معه باريحية.. دون حواجز يقسم بان لو لم تكن هي من رفعت صوتها عليه، و حدثته بالطريقة هذة ...و كان شخص اخر لكان علمه درس لن ينساه طوال حياته ...ليقوم يوضع ملف على الاريكة ...قبل ان يهتف قائلا لها بصرامة ، و جدية شديدة... لم ترهما هي من قبل
:- دة الملف اللي كنت هتظبطي الحسابات اللي فيه زي ما قولتلك و كنت جاي اراجع معاكي كم حاجة عشان تعرفي تشتغلي... بس خلاص انا شايف انه ملوش لزوم ليقوم باخذ الملف مرة اخرى ، و نهض من على الاريكة متجه الى خارج الغرفة.. لكنه قبل ان يصل الي باب الغرفه استوقفه صوتها قائلة له بتراجع و هي تضم شفتيها الى الامام بتوجس و هي تلعن اندفاعها ، و تسرعها الدائم
:- لا استنى انا آسفة.. ممكن تقعد تفهمني الحاجات دي و تسيب الملف...
هم ارغد بالرفض... لكنه عندما راي عينيها المعلقة عليه بأمل ...قرر التراجع عن قراره ، ليحرك راسه الى الامام و اتجه جلس على الاريكة مرة اخرى ، و بدا بشرح عدة اشياء لها ، فهمت هي ما قاله لها سريعا ابتسم ارغد فرحا على ذكاءها ....ما ان انتهي حتى خرج من الغرفة و ارتسم على ثغره ابتسامة واسعة.
اما اشرقت فجلست تنفذ ما قاله لها بمهاردة ، و دقة شديدة ؛ خوفا من ان تنفذ في ذلك الملف شئ خاطئ فهي تعلم مدي اهمية الشغل خاصة بالنسبة لارغد ، كما انها لن تحب ان تظهر امامه بشي خاطئ ؛ كي لا يفقد ثقته بها.
في الصباح دلفت مرام الى اشرقت... ابتسمت اشرقت لها ما ان راتها ، و هتفت قائلة لها باشتاق ، متسائلة اياها عن اخبارها ، و هي تنهض مسرعة من مجلسها و تقوم باحتضانها
:- مرام عاملة ايه وحشتيتي اوي... لتتابع حديثها بحزن مخالط باللوم مش ملاحظة انك الايام دي مش بتيجي ، و لا تقعدي معايا... الايام دي محدش بيقعد غير اسيا.
بادلتها مرام الابتسامة ...قبل ان تهتف قائلة لها باعتذار مبررة لها سبب انشغالها
:- معلش بس والله يا اشرقت مش ببقي فاضية ، و اصحابي الايام دي عندهم مشاكل ...معلش حقك عليا لتتابع مكملة حديثها بضيق واضح على ملامح وجهها
:- و بعدين يا اشرقت ابعدي عن اسيا دي... انت عارفة انها طول عمرها مش بتتقبلني ، و بتاعملني باسلوب بايخ... تحسسك انها ملكة جمال انسانة مغرورة اوي ، مع اني معملتلهاش حاجة و انت عارفة.
ضمت اشرقت شفتيها الاثنين معا للامام... قبل ان تهتف قائلة لها بدفاع ، و رفض للفكرة مودة ان تجعلهم أصدقاء هما الاثنان
:- لا والله يا مرام دي طيبة ...بتفضل تهزر على طول مش عارفو انتوا الاتنين مش بتحبوا بعض ليه... مع انكوا انتوا الاتنين طيبين.
عقدت مرام حاجبيها بضيق شديد... قبل ان تهتف قائلة لها بضيق ، و حنق محاولة التحكم في عصبيتها ، و غضبها فهي تعلم ان اشرقت لديها ما يكفيها ...لا تود ان تتعصب عليها مراعاة لشعورها
:- والله يعني معنى كدة انها بتتكلم عليا ...من ورايا عادي و... بتقول ايه بقا الست اسيا عليا قالتلك ايه قالتلك تبعدي عني.. عن اختك حبيبتك و لا ايه بالظبط..؟!
هزت اشرقت راسها بالنفي و هي تلعن غباءها ، و تسرعها ، هي تعلم انها مندفعة ...كانت تود ان تحسن العلاقة بين مرام ، و آسيا ؛ مودة ان يكونا أصدقاء لكنها فعلت عكس ذلك ؛ بسبب تهورها لتهتف قائلة لها بصوت مرتبك. كلمات غير منتظمة
:- ل.. لا .. مش بتتكلم... هتتكلم تقول ايه يعني..مش بتقول حاجة.
نظرت لها مرام بشك ، و عدم تصديق فهي تعلم ، و متأكدة مائة بالمائة بان اسيا لم تحبها... كما ان هي الاخري لا تحب اسيا ، و تعتبرها عدوة لها فاكتفت بتحريك رأسها للامام...لتتركها ، و تنزل متجهة إلى اسفل.
نزلت اشرقت من غرفتها ، و دلفت المطبخ ؛ كي تجلس تتحدث مع يسرية... اتجهت لها يسرية ما ان رآتها جلست معها قائلة لها بتساؤل ، و قلق و هي ترى ملامح الحزن المكتسحة وجهها
:- في حاجة يا حبيبتي مالك.. شكلك متضايقة كدة ليه فايزة كلمتك دلوقتي ..؟؟
تأففت اشرقت بضيق ، و قد تحولت ملامحها الى العبوس.. قبل ان تهتف قائلة لها عما فعلته مع ارغد في مساء امس.. لتنهي حديثها قائلة لها بتبرير و حزن شديد يظهر على وجهها و صوتها
:- بصي يا دادا... انا مش عارفة ازاي قولتله كدة بس فعلا حسيت... ان كلام فايزة صح ، و معاها حق في كل كلمة بتقولها... لتتابع حديثها بيأس و استسلام لواقعها الملئ بالالم و الحزن انا فعلا مينفعش اسمح لنفسي اني احب حد ، او حد يحبني.. هي صح ...هي معاها حق بعد ان انهت حديثها رأت يسرية الدموع تلتمع في عينيها فاقتربت منها و ضمتها الى صدرها بحنان و حب ظلت ترتب على ظهرها و شعرها بحنان قائلة لها بتشجيع و صوت هادئ تخشى ان يصيبها شيئا
:- عيطي يا حبيبتي... لو دة هريحك عيطي متحبسيش دموعك عيطي.
لتنفجر اشرقت في دوامة بكاء مريرة... كانها كانت منتظرة تلك الكلمات ؛ لكي تحثها على البكاء... ظلت يسرية تحاول تهدئها حتى بالفعل نجحت في ذلك.. لتهتف قائلة لها بهدوء ، و حب و هي ترفع وجهها الذي ينظر اضا ليصبح مقابل لوجهها و هتفت قائلة لها بحب
:- مين دي اللي معاها حق يا قلب الدادا... انت احلى ، و اجمل بنت في الدنيا ...مخلوقة عشان تحبي ، و تتحبي فايزة دي اصلا قلبها اسود مش هناخد بكلامها.. لو مكنتيش انت تتحبي و تحبي ...مين اللي هيحب لتتابع حديثها بسخرية هي مثلا اللي زي فايزة دي كلامها المفروض محدش يسمعه ، و لا يصدقه من الأساس... ان شاء الله ارغد عاقل و مش هيزعل.
بادلتها اشرقت الحضن بحب شديد و هي تشكر الله بداخلها انه قد اعطاها واحدة مثلها فهي تفهمها و تحبها بصدق و اخلاص شديد بالفعل اشرقت تعتبرها أُمًا لها.
في المساء دلف ارغد الى اشرقت ؛ كي يأخذ منها الملف.. ليهتف قائلا لها بتساؤل ، و عملية ذات نبرة جادة فهو مازال متأثر من حديثها امس مققرا ان يتجاهلها حتى تعلم خطأها ، و تعترف به
:- ها يا اشرقت خلصتي الملف و راجعتيه و لا لسة..؟؟
اومأت لها اشرقت برأسها ايماءة بسيطة دليلا موافقتها.. لتسرع ، و تجلبه له ...و هي تشعر بالفرحة قد تبدل ملامح وجهها في ثانية من الحزن الى الفرح.. اخذه ارغد منها ، و خرج دون ان يتفوه بحرف واحد... اصيبت اشرقت بالاحباط فهي كانت تود ان يجلس معها مثل ما كان يفعل سابقا..... لكنها علمت انه مازال متأثرا منها بسبب ما قالته له امس ...لتجلس على الفراش تضم ساقيها الى صدرها بحزن.. لكنها بدأت تقنع نفسها بان هذا هو الصواب ؛ كي تريح بالها.
كان ارغد داخل الى غرفته ، و في يده الملف... لكن قبل ان يدلف الغرفة... استوقفه صوت ماجد الذي كان ينادي عليه نظر له ارغد بعدما عقد حاجبيه بدهشة ، و استغراب... فمنذ ان أتى من السفر و هو لم يحتك بماجد سوى في الشركة هتف ارغد قائلا له بتساؤل و جدية تامة
:- نعم يا ماجد في حاجة..؟؟
حرك ماجد رأسه الى الامام بتأكيد ، و خبث ...و يرتسم على صغره ابتسامة خبيثة ..فهو قد قرر بأن ينفذ ما خطط له منذ اول يوم آتى فيه ارغد الان.