قصة ساتزوج منحرفا
البارت التاسع عشر 19
البارت العشرون20
بقلم امانى عطيه
ما إن انفرد ممدوح برفاقه حتى تنفس عادل الصعداء قائلاً :
- يا إلهى لقد كدت أختنق
بادله أشرف سخطه قائلاً :
- حتى السيجارة لم نستطع حرقها وهم ينظرون إلينا هذه النظرة الطفولية
ابتسم ممدوح قائلاً :
- مهلاً يا رفاق ما زال الوقت مبكراً على هذا الغضب ، فهذه المسرحية سوف تستمر إسبوعاً على الأقل
صاح عادل مستنكراً :
- أسبوعاً ، أسبوعاً نستيقظ قبل أن ننام لنجلس مع هؤلاء الجبابرة
أجابه ممدوح ساخطاً :
- إنها العادات والتقاليد فى هذه القرية يا صديقى
قطع حديثهما كمال الذى قال متلهفاً :
- دعك من هذا الآن وحدثنا عن العروس
وقال أشرف فى لهفة أعنف :
- من هى ، هل رأيناها من قبل ؟
أجابه ممدوح فى اقتضاب زادهم شغفاً :
- كلا
ـ هل رأتك هى من قبل ؟
ـ لم ترنى ولم أرها من قبل .
ـ هل هى عانس بالفعل ..؟ دكتورة فى الجامعة كما تقول والدتك ؟
ـ لم تحصل سوى على الماجستير ولديها إصرار يدهشنى للحصول على الدكتوراة
ـ ليست عجوز شمطاء إذاً ، هل هى جميلة ؟
ضغط ممدوح على حروفه قائلاً :
- فينوس
حدق ثلاثتهم فيه فتابع في شغف :
- ولديها من الغرور والعناد والجنون أيضاً ، ما يبعث على التحدى
صاح عادل فى عدم تصديق :
- إن كانت حقاً باهرة الجمال كما تقول ، فلماذا قبلت الزواج بهذه الطريقة ، هل أغرتها سمعتك الحسنة فى القرية ؟
ابتسم ممدوح قائلاً :
- يبدو هذا
تمتم عادل ساخراً :
- كيف هذا وسمعتك فى القرية يخشاها الرجال قبل النساء ؟
ضاقت عينا ممدوح قائلاً :
- مغامرة صغيرة تجرب اللعب مع الكبار ، ولكم يسعدنى أنها سقطت فى أرضى
قال أشرف فى تهكم :
- إنها مجنونة إذاً
ابتسم ممدوح قائلاً :
- هذا ما أقرت به بعد الدرس الأول
هتف به كمال مستنكراً :
- لا تقل أنك عذبتها من الليلة الأولى !!!
قال ممدوح وهو يتأمله ساخراً :
- لقد ضغطت عليها قليلاً ، بعد أن وجدت أن معلوماتها عنى غير كافية
صرخ به كمال فى ضيق :
- تباً لك أيها المتوحش ..! يبدو لى أنها رقيقة جداً
ـ أنت أبله ، فهى نمرة شرسة تحتاج لمن يروضها ، وسأفعل هذا بكل سرور
سأله أشرف فى لهفة :
- هل هى عذراء ؟
ـ كانت حتى صباح اليوم أيها الأحمق
ابتسم عادل فى شغف قائلاً :
- حسناً ، قص لنا الآن ما حدث بينكما من الألف إلى الياء
صاح ممدوح مستنكراً :
- ماذا ؟
قال أشرف مندهشاً :
- ما بالك مصدوم هكذا ؟ لقد كنت تقص علينا ما يحدث بينك وبين الأخريات بأدق التفاصيل
ـ هذه المرأة زوجتى ، تحمل اسمى وربما غداً تحمل طفلى أيضاً .
قال أشرف متفهماً :
- حسناً ، لكن حديثك عنها ملأنا شوقاً لرؤيتها .. أم أنك ترفض ذلك أيضاً
ابتسم ممدوح قائلاً :
- ليس لهذا الحد
كانت عقارب الساعة تشير إلى السادسة عندما نهض ممدوح واستعد للذهاب ، فأمسك عادل بذراعه قائلاً :
ـ إلى أين ستذهب ؟
أجابه ممدوح وهو يتثاءب :
- سأوى للفراش
علق أشرف ساخراً :
- لكنها ما زالت السادسة مساءً وليس صباحاً أيها الزعيم
ضحك عادل متسائلاً فى خبث :
- قلت لى من سيروض الآخر ؟
انفجروا يضحكون جميعاً وبينهم ممدوح حتى سأله أشرف متصنعاً الخوف :
- هل الأستاذة تستخدم العصا ؟
عاد عادل يضحك قائلاً :
- ربما تحرمه من درجات السلوك
وقال كمال :
- اتركوه يمضى إذاً حتى لا تتسببوا فى رسوبه
تصنع أشرف الجدية قائلاً :
- إذا كان الأمر كذلك ، يجب أن ندعك تمضى فهو مستقبلك يا صديقى
ثم نظر إلى عادل وكمال فى ذعر مصطنع وقال :
- يجب أن نحترس يا رفاق حتى لا نسقط فى قبضة الأستاذات القرويات ، يبدو أن لهن سحر خاص
نظر عادل إلى ممدوح الذى كان يراقبهم مبتسماً وقال :
- معك حق يا أشرف ، انظروا ماذا فعلت إحداهن بالزعيم ؟
ابتسم ممدوح فى مرح قائلاً :
- أيها الغجر ..! لم أذق للنوم طعماً منذ أمس
قال أشرف فى خبث :
- نحن نقدر موقفك
ضحك ممدوح قائلاً :
- أنتم لا تطاقون ، خاصة وأنا فى مثل هذه الحالة
ثم أردف وهو يفتح الباب :
- غداً سنلتقى لأخذ ثأرى
******
دلف ممدوح إلى حجرته وأغلق الباب بقدمه فى عنف كعادته فاستيقظت ليلى مذعورة وأسرعت تغادر فراشها وما إن وقع بصره عليها حتى ابتسم قائلاً :
- هل كنت نائمة ؟
زفرت بضيق صامتة فتابع فى مكر :
- لماذا لم تنتظرى حتى أوقظك ؟
غمغمت ساخطة :
- لقد أيقظتنى بالفعل بأسلوبك الهمجى هذا .
جذبها إليه هامساً :
- أنت تفضلين طريقة الأمس إذاً ؟
حاولت التخلص منه قائلة :
- بل أفضل أن تتركنى لأغسل وجهى
تأملها متهكماً كانت ترتدى روباً حريرياً أبيض اللون ، طويل الذيل والأكمام ، وقد لفته حولها بإحكام حتى لا يظهر منها شئ ، تركها فجأة فكادت تسقط أرضاً بينما قال فى لا مبالاة :
- بدلى هذه الثياب ، فأنا لا أنوى الصلاة الآن
أسرعت هاربة من أمامه وهى تغمغم بسيل من السباب والشتائم لم يفهم منها شيئاً لكنه صاح فيها قائلاً :
ـ عشرة دقائق ، وربما نضطر لتغيير باب الحمام
التفتت إليه قائلة فى بلاهة :
- لماذا ؟
أجابها فى نبرة باردة :
- لأنى سوف أكسره
ظلت تحدق فيه بنفس البلاهة فأردف بصبر نافد :
- لاتتأخرى يا....... دكتورة
أغلقت باب الحمام خلفها فى عنف وخطوات قليلة تفصل بينها وبين الجنون ، كل ما يفعله هذا الوغد يثير جنونها ، نظراته الوقحة ، لسانه الفظ ، لمساته العنيفة ، أسلوبه الهمجى ، والأدهى من ذلك كله ، تلك اللامبالاة التى ينتهجها ، أطلقت تنهيدة عميقة ورفعت عينيها إلى السماء تلتمس المعونة وترجو من الله أن يغفر لها هذا الذنب الذى ارتكبته فى حق نفسها ويمنحها القدرة على التحمل والصمود حتى النهاية ، كادت تنفجر باكية حين سمعت صياحه بالخارج قائلاً :
- هيا يا دكتورة ، لقد انتهت الدقائق العشرة
غمغمت فى سخط :
- اللعنة عليك وعلى هذه الدكتوراة التى ألقت بى فى قبضتك
غسلت وجهها سريعاً وخرجت إليه فى عبوس صارخة :
- ماذا تريد منى ؟
أجابها فى نبرة هادئة وشبه ابتسامة تتراقص على شفتيه :
- ألا تجيدين التخمين ؟
تخضب وجهها خجلاً وهى تلملم روبها الحريرى حولها بأحكام أكثر فأطلق ضحكة طويلة قبل أن يردف فى لهجة زادتها خجلاً :
- لقد أخبرتنى والدتى بأنك لم تتناولى طعاماً منذ أمس
ابتلعت ريقها بصعوبة قائلة :
- لم تكن لى رغبة فى تناول الطعام
قال فى تهكم :
- أراهن أن لك رغبة الآن
صاحت ساخطة :
- لا تظن أننى كنت أنتظرك
قال وابتسامة تتلألأ على شفتيه :
- أتنكرين هذا ؟
أتسعت عيناها فى استنكار قائلة :
- يالك من متعجرف !
شهقت فى فزع حين أحاط خصرها بذراعه وهو يقودها إلى مائدة الطعام فضمها إليه وقبلها قائلاً :
ـ سأعلمك كيف تكفين عن الفزع كلما لمستك يا ليلى .
نزع روبها بقوة وألقى به جانباً وهو يهمس :
- هكذا أفضل كثيراً
قالت بصوت مختنق :
- أنا جائعة جداً
أجابها فى نبرة تملؤها الرغبة :
- أنا أيضاً جائع جداً ، لكنك جعلت شهيتى تسلك طريقاً آخر
راح يلتهم شفتيها وعنقها فى نهم بالغ ، حاولت التملص منه حتى فقدت القدرة على المقاومة وماتت شفتيها المرتعدة فلم تعد تشعر بهما تحت وطأة قبلاته العنيفة الشرهة ، بدأت الحجرة ترقص بها وجدرانها تقترب منها ، انطفأت الأنوار فجأة وتسارعت دقات قلبها فى جنون وكأنها فى سباق مع الزمن وعادت لتتوقف كلها دفعة واحدة وقد وصلت إلى نهايته .