رواية غفران العاصى
البارت الثاني والعشرون22
بقلم لولا
فرحه الفوز والشعور بالانتصار وكأنك حصلت اخيراً علي الدرع الذهبي بعد سنين طوال قضيتها في العدو والركض وراء هدف معين واستطعت تحقيقه في النهايه بغض النظر عن الطرق التي سلكتها للوصول الي ذلك الدرع حتي لو تحالفت مع الشيطان للوصول الي هدفك !!!!!
كان هذا شعور نسرين بعدما سمعت باذنيها صوته الرخيم وهو يطلب يدها للزواج امام الجميع ....
تماماً كما فعلها من عام مضي في نفس المكان وامام نفس الاشخاص وطلب يد غريمتها للزواج ...
وما اشبه اليوم بالبارحه !!!!
فأمس كانت تشعر بالغيره والحقد والغل لانه لم يختارها هي ..!!!
اما اليوم فهي تشعر انها تحلق فوق السحاب بعدما اخيراً وبعد عذاب اختارها هي .. هي نسرين الحوفي اختارها عاصي الجارحي .....
اختارها لتكون في مكانها الصحيح ... في المكان الذي من المفترض انه حقها ... اختارها وقد تأخر اختياره كثيراً ولكنه وصل اليه اخيراًً ...
ستكون زوجته... زوجه عاصي الجارحي !!!
المكانه التي حلمت بها وتحالفت مع الشيطان حتي تصل اليها ... المكانه التي ستفعل اي شيء من اجل الحفاظ عليها حتي لو اضطرت ان تحارب عاصي نفسه لو فكر في ان يقصيها من حياته مره اخري مثلما فعل من قبل !!!!
صدح صوت دريه من خلفها اخرجها من شرودها وهي تتحدث بسعاده: ياااااه يا عاصي اخيراً ...
اخيراً فوقت وعرفت مين اللي تناسبك وتليق لك ...
بجد احسن قرار اخذته في حياتك....
الف مبروك يا حبيبي ... قالتها وهي تنهض من جلستها وتقترب منه تضمه الي حضنها بسعاده....
ابتسم عاصي بجاذبيه وهتف يجيبها: بتباركي علي ايه بس يا امي .. مش لما العروسه توافق الاول...
شكلها مش موافقه علي طلبي والدليل علي كده انها لسه مردتش ....!!!
هتفت دريه وابتسامتها تتسع من الاذن للاخري: مش موافقه ازاي ، دي بس مش متوقعه..
انت عارف نسرين طول عمرها بتحبك مش كده ولا ايه يا نيسو...!!!
قالتها وهي تنظر الي نسرين بفرحه شديده...
صدح صوت الجد منصور من خلفهم هاتفاً بنبره جاده متسائلاً: كلام ايه اللي بتقوله ده يا عاصي ؟؟؟
استراح عاصي في جلسته واضعاً قدماً فوق الاخري متحدثاً بنبره مؤكده: اللي حضرتك سمعته يا جدي...
انا قدامكم كلكم بطلب ايد نسرين للجواز ومستني اسمع رأيها...!!
حركت كل من نسرين ودريه انظارهم بين الجد وحفيده في قلق خشيه من وقوف الجد عقبه في تحقيق هدفهم ....
قطب الجد جبيبنه بعبوس قائلاً بنبره مستنكره: تتجوز ومن مين ؟؟ من نسرين؟؟
وغفران ..مراتك وام ابنك؟؟
هتفت دريه مسرعه تجيبه: ما هو طلقها خلاص ومابقتش علي ذمته..
نظر لها الجد نظره قويه اخرستها ...
ثم وجه انظاره الي عاصي الذي اجابه بنبره جامده موجهاً نظراته في عمق عينه: غفران!!!
وهي فين غفران ؟؟؟
هي خلاص اختارت حياتها وشايفه انها مرتاحه وهي بعيد .../
وبعدين هي كانت مرحله في حياتي وانتهت خلاص ....النصيب انتهي بينا لحد كده .
وكل اللي يربطني بيها بعد صله الدم اللي بينا هو ابني ...
وابني انا هعرف الاقيه واوصل له وساعتها هوصل لاتفاق مع امه انه يتربي بينا ..
هكون كريم معاها ومش هعمل زيها واحرمها منه زي ما هي حرمتني منه...
ثم تابع يضيف بنبره ذات مغذي وهو يوجه نظراته نحو نسرين التي تتابع بترقب: وبعدين انا من حقي اعيش حياتي بالشكل اللي انا عاوزه ، انا رجل ليا اسمي ووضعي ولازم اتجوز الانسانه اللي تلييق ليا وينفع تشيل اسم عاصي الجارحي ...!!!!
صمت ينظر اليها يرصد رد فعلها علي حديثه والذي ظهر بوضوح علي لمعه عينيها ...
ثم تابع موجهاً حديثه لجده: انا سمعت كلام حضرتك قبل كده لما طلبت مني اتجوز غفران وفي النهايه ايه اللي حصل ؟؟؟
ولا حاجه ... كل واحد مننا في ناحيه علشان احنا مش مناسبين لبعض ...
ودلوقتي جيه الوقت اللي اختار انا فيه شريكه حياتي بنفسي ...
صاد صمت طويل بينهم في انتظار رد الجد علي حديث حفيده والذي جاء مخالف لتوقعاتهم : عموماً يا ابني انا مش هقدر اقف في طريق سعادتك ...
لو انت شايف ان سعادتك هتكون مع نسرين ...
فألف مبروك ربنا يسعدك ويهنيك ...
انا كل منايا في الدنيا دي كلها اني اشوفك سعيد ومتنهني في حياتك ... انت حفيدي اللي ماليش غيره في الدنيا ... انت امتدادي وامتداد امبراطوريه الجارحي من بعدي....
ابتسم عاصي باتساع ونهض يقبل يد جده هاتفاً بامتنان: ربنا يخاليك لينا يا جدي ويديمك فوق راسنا...
علي الرغم من الدهشه المرتسمه علي وجه دريه ونسرين من موافقه الجد ومباركته لاختيار عاصي ، الا ان سعادتهم بموافقته لا توصف ....
اقترب عاصي من نسرين حتي وقف امامها وهتف بنبره رجوليه جذابه داعبت اوتار قلبها : ها يا نيسو مش هتقوليلي رأيك في طلبي؟؟
اتسعت ابتسامه نسرين وهتفت تجيبه دون خجل : طبعاً موافقه يا عاصي .. انت عارف ان انا بحبك من يوم ما وعيت علي الدنيا وكنت مستنيه اللحظه اللي قلبك يحس فيها بقلبي وبمشاعري ناحيتك...!!!
اتسعت ابتسامه عاصي وهو يناظرها بنظره لن تفهم مغذاها ، ثم تابع قائلاً : تمام .. ييقي احنا كده متفقين..
هتفت دريه بسعاده وهي تقف تتوسط عاصي ونسرين وتحيط كل منهم بذراعيها: الف مبروك يا ولاد اخيراً فرحتوا قلبي ...
تحدثت موجهه حديثها لعاصي: بقولك ايه انا عاوزه فرح مصر كلها تحكي وتتحاكي عنه ، ده المره دي الفرحه الحقيقيه وجوازه العمر ان شاء الله ...
مش كده ولا ايه يا نيسو..
هتفت نسرين بفرحه وهي تنظر لعاصي بهيام تكاد تخرج قلوب من عينيها وقلبها يكاد يخرج من بين ضلوعها من شده السعاده: اللي يقول عليه عاصي انا موافقه عليه...
يا سيدي علي الحب ، كده سلمتي ورفعتي رايه الاستسلام من اولها ... قالتها دريه وهي تبتسم ابتسامتها المستفزه ..!!!
تحدث عاصي مؤكداً علي حديثها: كل اللي نسرين عاوزاه هيتعمل واكتر ...
اسرعت دريه تضيف بحماس: خلاص احنا نعمل الفرح الخميس اللي بعد اللي جاي ، ايه رأيكم...
ويبقي كله مره واحده الشبكه وكتب الكتاب والفرح كله في يوم واحد ....
تعالت دقات قلب نسرين بقوه حتي كادت ان تخرج من صدرها وتحطمه من فرط السعاده كلما اقتربت من تحقيق حلمها ....
تحدث عاصي بنبره جاده قاطعه: لا فرح ..لا..!!!
تبدلت ملامح نسرين وشعرت بالاحباط ظناً منها انه لا يريد ان يقيم لها حفل زفاف مثلما فعل مع غفران...
سالته دريه مستفهمه: ليه يا عاصي مش عاوز تعمل فرح ..ولا نسرين مش زي غفران !!!!
كز عاصي علي دروسه يطحنها كاتماً ضيقه: الموضوع مش كده يا امي ../
انا هعمل فرح وكل حاجه .. بس الاول محتاج فتره انا ونسرين نقرب فيها من بعض .. مش عاوز اتسرع واعمل زي المره اللي فاتت ..
ده غير ان الجناح بتاعي محتاج اغيره واغير كل حاجه فيه وده اكيد هياخد وقت ...
فاحنا ممكن نعمل خطوبه هنا في القصر الخميس اللي بعد الجاي زي ما حضرتك قلتي ولما الجناح يخلص نبقي نحدد معاد الفرح ...!!
هتفت نسرين مسرعه بفرحه : وانا موافقه يا عاصي...
هتفت دريه باستسلام: خلاص يا حبيبي اللي تشوفوه ..انا اهم حاجه عندي سعادتكم...
تعالي معايا يا نيسو ده احنا ورانا حاجات قد كده عاوزين نلحق نخلصها قبل معاد الخطوبه....
قالتها وهي تسحب نسرين من يدها وتصعد بها الي اعلي حيث غرفه الاخيره حتي تبدأ في الاعداد والتجهيز للحفل ....
وقف عاصي واضعاً يديه في جيب بنطاله يتابع انصرافهم من امامه وقد تبدلت ملامح وجهه الي ملامح غير مقروءهً ثم تبادل نظرات ذات مغذي مع جده والذي اخذ يهز راسه بهدوء داعياً الله ان يحسن لهم تدبير آمرهم ......
.................................
بعد اسبوعين......////
عدلت غفران من وضع صغيرها في عربه الاطفال المتحركه واحكمت الغطاء حوله جيداً خوفاً عليه من بروده الجو في الطائرة...!!!
لقد حسمت آمرها وقررت العوده مره اخري دون انتظار موافقه اي احد...
لقد قررت منذ اليوم الذي رحلت فيه ستكون هي سيده قرارها ، ستدير حياتها بالشكل الذي تراه مناسب لها ولن تسمح لاي احد مهما ان كان التدخل في شؤنها حتي ولو كان هذا الحد جدها !!!!!
جدها الذي اخذ يراوغها ويحاول اقناعها بعدم الرجوع في الوقت الحالي وهو الذي كان يتلهف لعودتها بفروغ الصبر !!!!
وعندما ضيقت عليه الخناق لمعرفه السبب تحجج بانه مشغول في صفقه كبيره ولم يكون متفرغ لها ولولدها عند عودته!!!
وهو الامر الذي لم تقتنع به علي الاطلاق مما جعلها تشك ان هناك شيء خطير يحدث معهم ولم يرضي جدها ان يعلمها بشيء....
والذي اكد ظنونها موقف آدم وحديثه المطابق لحديث جدها ..
مما جعلها تتخذ قرارها بالعوده دون الرجوع لاحد ، فقط ارسلت رساله الي آدم تخبره بموعد وصولها ورقم رحلتها واغلقت هاتفها .....
اسندت رأسها علي النافذه بجانبها تتطلع في منظر السحاب امامها وشردت تتذكر حديث آسر معها قبل اسبوعين ...!!!
Flash back.....
تحدث آسر مسرعاً دون تفكير : غفران انا بحبك وعاوز اتجوزك ....!!!!
انعقد لسانها ولم تعرف كيف تجيبه ، فهي بالرغم من احساسها ان آسر يكن لها مشاعر ، وحاولت بقدر الامكان التلميح له اكثر من مره انها لم ولن تتزوج مره اخري او ترتبط باي رجل بعد عاصي ....
الا ان حديثه الصريح صدمها وألجم لسانها ....
حاولت ان تصيغ كلماتها حتي لا تتفوه بشيء يجرحه فهي رغم كل شيء تحمل له جميل مساعدتها هي وابنها والوقوف بجانبها ...
حاولت التحدث بطريقه لبقه ولكن نظره التلهف في عينيه وترتها وشعرت بالشفقه عليه فهي اكثر الناس معرفه بشعوره ....!!!
شعور ان تعشق شخص لا يشعر بك ولا يراك نصفه الثاني ، تعشق عشق مستحيل تحقيقه !!!
ابتلعت غصه تسد حلقها وهتفت تحدثه بهدوء: آسر !!! ممكن تسمعني ارجوك وتفهمني كويس...
هتف آسر بنبره حانيه: انا مستعد اسمعك واسمع صوتك العمر كله ... بس بالله عليكي ما تقولي كلام يوجع قلبي اكتر من كده ....
صمتت ولم تعرف كيف تتحدث وهو يشعرها بالذنب والشفقه عليه اكثر واكثر....
تحركت من امامه وجلست علي احد الارائك وجلس هو في الاريكه المقابله لها متلهفاً لسماعها ...
استجمعت غفران شجاعتها وتحدثت محاوله بقدر الامكان اختيار عباراتها بدقه: شوف يا آسر ...
انا مقدره مشاعرك كويس اوي ومش هكدب عليك واقولك اني اتفاجئت بمشاعرك..
الحقيقه انا كنت حاسه ان في مشاعر منك ناحيتي من فتره ...
بس للاسف يا آسر انا مستاهلش مشاعرك دي !!!
انقبض قلب آسر بين ضلوعه وسالها بنبره متألمه: ليه يا غفران ؟؟؟ لو انتي ما تستاهليش مشاعري اومال مين اللي يستالها ....!!!!!
اجابته غفران بصراحه: واحده تانيه غيري...
واحده تانيه قلبها ومشاعرها يكونوا ملكك انت ، مش ملك رجل تاني غيرك ...
واحده تكون انت الاول والاخير في حياتها ...
مش واحده زيي قلبها ومشاعرها لسه بتدور في نفس الدايره ومهما حاولت تخرج منها بتفشل بجداره...
همس يسألها بنبره مرتعشه حزينه: ياااه يا غفران بعد كل ده لسه بتحبيه؟؟؟
ابتسمت غفران بمراره واجابته بصدق: عرفت ليه بقولك انا مستاهلش حبك...!!
لان ببساطه قلبي مش ملكي ،مهما حاولت اقاوم وانكر واقول اني هنسي واطلعه من قلبي ، بلاقيه بيحتل قلبي اكتر من الاول ....
اخرجت تنهيده مثقله من قلبها واضافت: حتي وانا عارفه ان رجوعنا لبعض مستحيل ومفيش فيه أمل ..
لان انا مجروحه منه اوي ومع ذلك مش هقدر انساه ولا هقدر اطلعه من قلبي ..
زي ما برضه مستحيل اني اقدر ارتبط بحد غيره...
لان ببساطه حبه اتولد معايا وعاش جوه قلبي عمري كله وللاسف مش هقدر اعيش من غيره....
نظر لها آسر بملامح حزينه وقلب يبكي حزناً وآلماً عليها وعلي نفسه ...
هتف بنبره متحشرجه : وانا مش هيآس اني في يوم اكون موجود مكانه في قلبك ، بس انتي ساعديني واديني فرصه ...
شعرت غفران بالاسف عليه والحرج منه ، وهتفت تجيبه بتسويف : ربنا يعمل اللي فيه الخير ، كل واحد بياخد نصيبه.....
End of flashback......
فاقت من شرودها علي صوت المضيفه تطلب منها ربط حزام الامان استعداداً لهبوط الطائره في ارض الوطن .....
بعد نصف ساعه كانت تخرج من مطار برج العرب في الاسكندرية تجر حقيبه سفرها وعربه صغيرها ،
وكان آدم في استقبالها....!!!
بعد قليل كانت تجلس بجوار آدم في سيارته ، نظرت له وهو يقود السياره مركزاً نظراته علي الطريق امامه وملامح وجهه لاتفسر !!!!
سالته مستفهمه: مالك يا آدم انت مش مبسوط ان انا رجعت ولا ايه؟؟؟
اجابها آدم نافياً: ايه اللي بتقوليه ده يا غافي ، انتي عارفه انا كنت مستني اليوم اللي ترجعي فيه انتي وعمر بفارغ الصبر...
هتف تتابع بنبره مستنكره: اومال شكلك بيقول غير كده ليه .، حاسه انك مضايق او مش مبسوط..
ابتسم آدم ورد بمراوغه: ابداً شويه مشاكل في الشغل شاغله دماغي ....
ماشي هعمل نفسي مصدقاك .... ثم نظرت امامها ودققت في الطريق حولها ووجدت انه طريق غير طريق القصر..
سالته بحيره/: انت رايح فين ده مش طريق القصر ..
نظر لها آدم ولا يعرف كيف يجيبها ...
هل يقول لها ليتها ما جاءت اليوم بالذات .؟؟
هل يقول لها انها اختارت ان تعود في يوم خطوبه عاصي علي نسرين؟؟؟
اجفله صوتها العالي : ما تقول يا آدم انت موديني علي فين !!!
اجابها آدم بنبره مهمومه: رايحين عندي البيت ، ومن غير اسئله كتير لما نوصل هفهمك علي كل حاجه!!!!
قالها وهو يدعس علي دواسه البنزين والافكار تعصف برأسه خائفاً من مواجهتها بالحقيقه ولكن ليس امامه خيار اخر سوي اخبارها بنفسه بدلاً من ان تعلم من غيره....!!!!
بعد بعض الوقت كانت تجلس امام آدم في شقته باعصاب مشدوده والظنون تلعب بها ...
هناك شيء يخفوه عنها وهي متاكده من ذلك ، كل الشواهد حولها تؤكد حدسها.!!!
هتفت تساله بقلق: ممكن بقي اعرف في ايه وانت مخبي عني ايه بالظبط علشان كده جبتني علي هنا ومرجعناش القصر ...
صمتت تتفرس في ملامحه قليلاً ثم تابعت تضيف بنبره ساخره حزينه: ولا عاصي باشا لسه رافض رجوعي للقصر وهو دع اللي مخاليك مش عارف تتكلم من ساعه ما وصلت ....
عموماً انا عاوزاك تطمنه ان قعادي في القصر هيبقي بشكل مؤقت لحد ما اخد بيت ليا ولابني ، انا مش هعيش معاه تحت سقف واحد مره تانيه ، وقوله كمان....
انهارده خطوبه عاصي يا غفران .....!!!!!
قالها آدم مسرعاً كمن يلقي بحمل ثقيل من علي اكتافه حتي يرحمها من تخيلاتها وظنونها التي تكاد تذبح روحها حتي لو ادعت هي غير ذلك.....
هل شعر احد في يوم ما ان هناك من يشق صدرك ويخرج منه قلبك يعتصره بيده بقوه دون رحمه دون اعطاءك مخدر للتحمل هذه الآلام الرهيبه!!!
هذا هو شعورها عندما سمعت ما تفوه به آدم ...!!ظنت في الاول انها ربما لم تسمع جيداً او ربما يقصد احد غيره ، ولكن نظراته الحزينه المتعاطفخ معها اكدت لها ما سمعته...
نعم حقيقه، عاصي خطب غيرها ، عاصيها اصبح لامرأة اخري غيرها ...
امرآه اخري ستنعم بقلبه وعشقه ودلاله ، امرآه اخري ستاخذ ما هو حقها ، قلبه وعقله وجسده سيكون ملكاً لاخري غيرها ....
ابتلعت غصه مؤلمه مره كالعلقم في جوفها وتحدثت بثبات زائف رغم جرح قلبها النازف في صدرها: طب وايه يعني ما يخطب ولا يتجوز ....
ده شيء متوقع يعني هو هيعيش عمره كله راهب .!!
ربنا يسعده ويهنيه ...
وعلشان كده انت وجدو ما كنتوش عاوزني ارجع علشان الباشا عريس وبيخطب !!!!
شعر آدم بالشفقه عليها وهتف بنبره حانيه: مش القصد ، يعني جدي كان قصده انك يعني ترجعي بعد ما يخطب مش نفس اليوم يعني .. علشان ما تضايقيش...
هتفت تتحدث بسخريه مريره: لا اطمنوا ، مفيش حاجع هتضايقني من هنا ورايح ...
وعاصي كل اللي ببني وبينه ابنه وبس ، وكل واحد مننا له حياته يعيشها زي ما هو عاوز...
كاذبه ، تعلم انها كاذبه ، وآدم يعلم انها كاذبه وتتعذب بسبب عاصي وتتحدث بتلك القوه الواهيه لتواري خلفها آلم قلبها وجرح كرامتها ...
هتفت تساله بنبره مرتعشه ولم تستطع منع فضولها لمعرفه هويه من سرقت حقها: ويا تري بقي مين العروسه ؟؟
اجابها آدم بعبوس: نسرين ...نسرين بنت خالته!!!
ظلت لدقائق كي تستوعب صاحبه الاسم الصادم ،
نسرين !!!! نسرين التي كانت تسعي اليه طوال عمرها ولم تكف عن الاعيبها لتحصل عليه حتي بعد زواجهم ....!!!
وهو كيف استطاع ان يفعلها .؟؟
والله لو كانت واحده اخري ما كانت ستشعر بتلك الآلام التي تذبح روحها وكانت ستتمني له السعاده من قلبها حتي وهو ليس لها ...
ولكن ان يختار نسرين دوناً عن غيرها ، هذا هو ما يجرحها ويؤلمها ...
مسحت دمعه خانتها ونزلت علي وجنتها وهتفت بنبره متحشرجه: ربنا يتمم له علي خير...!!
يالا انت قوم ارجع علي القصر اكيد وراك حاجات هتعملها علشان حفله باليل ...
وما تقلاقش عليا انا هاخد شاور وانام من تعب اليفر وبكره نبقي نتكلم ...
قالتها وهي تنهض تجر حقيبه سفرها خلفها متجهه الي الغرفه التي وضعت فيها صغيرها عند وصولها تهرب من عينيه المشفقه عليها ، وتجرجر خيباتها وجراحها خلفها كما تجر حقيبتها ...
وقف آدم يتطلع في ظهرها الموالي له شاعراً يالعجز والشفقه عليها ، ولا يعرف كيف يتصرف معها ومع عاصي وهو مكبلاً ومقيداً بوعد قطعه مع جده وعليه الالتزام به حتي يحين وقته....!!!!!!
..................................
في المساء...
كانت حديقه قصر الجارحي مزينه بالاضواء المبهجه التي تعكس جمال وروعه القصر ....
وكانت الجموع من المدعوين منتشرين داخل الحديقه ملتفين حول الطاولات المتنوعه ما بين الطاولات العاليه ذات المقاعد الطويله العاليه والمزينه بالتل الذهبي والورود ، وبين الطاولات المستتديره ذات المقاعد العاديه والمزيينه ايضاً بنفس الشكل مما اعطي لها مظهر راقي وجذاب ..//
كان الحج منصور الجارحي يجلس علي طاوله مستتديره تتوسط الحديقه ويجلس معه كبار رجال الدوله وبعض الوزراء ورجال الاعمال .../
اما عاصي فكان متالقاً ومتانقاً كعادته بحله رماديه انيقه ابرزت جسده العضلي بشكل واضح ، وصفف شعره البني الطويل نسبياً كعادته للخلف ،وكانت لحيته الكثيفه المنمقه تعطيه مظهر رجولي جذاب !!!
وكذلك نسرين التي كانت السعاده تشع من عينيها وهي تتألق في ثوب عاجي اللون بكتف واحد ذو طبقات منتفخه من القماش وتركت الكتف الاخر عاري وصففت شعرها في تسريحه جانيه اسدلتها علي جانب كتفها العاري!!!!!
كانت تتعلق نسرين بذراع عاصي والفرحه تكاد لا تسعها وهي تتلقي التهاني من الحضور بمناسبه تحقيق حلمها اخيراً ....
وكذلك دريه التي كانت تسير بين الحضور بسعاده غامره وهي ترحب بهم وتتلقي منهم التهاني والتبريكات!!!!!!
تعالي التصفيق والتهليل بعد ان البسها عاصي الشبكه الماسيه والتي عباره عن طقم الماس باهظ الثمن والتي انعكست لمعته علي عين نسرين الجشعه ، والتي لم تكن تتخيل في احلامها ان ترتدي مثله من قبل ...//
في نفس الوقت ترجلت غفران من سياره ليموزين امام بوابه القصر الخارجيه تحمل صغيرها ...
وقفت تنظر للقصر الذي تضوي انواره في السماء ، ابتسمت بالم وهي تتذكر لحظات حياتها داخل هذا القصر وكيف عاشت فيه سنوات عمرها معذذه مكرمه وكيف خرجت منه مطروده بعدما اتهمت في شرفها واتهمت بالخيانه ....
نفضت عنها شعورها بالمراره وهي تخطو بخطواتها الي داخل القصر ..
فهي عادت اليوم غفران اخري غير التي خرجت من هنا ، غفران اقوي واشجع ...!!!
دلفت من بوابه القصر الجانبيه وكان في انتظارها خادمتها نعمات بعد ان هاتفتها قبل مجيئها واخبرتها ان تنتظرها وان لا تخبر اي حد بمجيئها .../
هتفت نعمات بسعاده وهي تقترب منها تضمها بعاطفه اموميه صادقه: غفران يا حبيبتي ... الف حمد الله علي سلامتك وحشتيني يا غاليه يا بنت الغاليين...
ضمتها غفران بقوه فهي تكن لنعمات محبه ومعزه خاصه ، فهي من قامت بتربيتها بعد وفاه والدتها....
هتفت غفران بحشرجه تغالب دموعها: وانتي كمان يا داده وحشتيني اوي ....
اخرجتها نعمات من حضنها ونظرت الي صغيرها بحنان وهي تاخذه منها تضمه لحضنها: ما شاء الله هو ده عمر ...!!!
يا حبيبي شبه ابوه الخالق الناطق ...
ثم تابعت تضيف بنبره حزينه: ربنا يهديه وينور له بصيرته... شوفتي وصل بيه الحال لفين بعدك !!!
مين كان يصدق ان ده يحصل بقي عاصي باشا يتجوز بعدك ومين ... نسرين ...!!!!
انا والله ما مصدقه نفسي كاني بحلم ...!!
اجابتها غفران تغالب دموعها : مالوش لزوم الكلام ده يادادا خلاص كل واحد فينا اخد نصيبه...!!
ثم تابعت قبل ان تسترسل نعمات في حديثها: عاوزاكي تاخدي عمر تنيميه في اوضتي ... اوضتي القديمه يا دادا ..
اومأت لها نعمات وهي تتحرك تصعد الي اعلي تتابعها نظرات غفران حتي اختفت عن انظارها ....
وقفت غفران تاخد نفس عميق تهديء به من روعها وتستجمع شجعاتها قبل ان تدلف الي الحديقه...
وقفت تلقي نظره اخيره علي نفسها في مرآه جانبيه
تتاكد من هيئتها ....
كانت ترتدي فستان باذنجاني بدون اكتاف علي شكل قلب من الصدر واطلقت العنان لشعرها مسدلاً علي جانبي وجهها مع زينه خفيفه ...
كانت هيئتها تجمع بين البساطه والجرأه تناسب شخصيتها الجديده
دلفت من بوابه الحديقه تتهادي في خطواتها حتي لمحته اخيراً ....!!!!
واقفاً بهيئته الجذابه كما هو بل اشد وسامه من ذي قبل.....
تحركت بخطوات رشيقه تقترب منه وعينيها لا تتزحزح عنه هو وغريمتها التي تبتسم بسعاده ....
وقفت امامه تنظر اليه بقوه وترسم علي وجهها ابتسامه واسعه تخفي خلفها غيرتها والمها وجرحها منه وهي تراه امامها واقفاً بهيئته الرجوليه الوسيمه والذي ازدادت اضعافاً عن اخر مره رأته فيها ...
يقف جنب امراه اخري غيرها ، امراه اخري غيرها كتبت علي اسمه
ابتلعت غصه مسننه تسد حلقها وزيفت ابتسامه واسعه علي ثغرها اتقنتها ببراعه ...
سارت تتهادي في خطواتها حتي وصلت ووقفت امامه...
شعر برجفه في قلبه وتسارعت دقات قلبه بشكل غير مسبوق لم يحدث له منذ رحليها ...
لم يدوي قلبه بمثل هذا العنف الا لها وفي حضرتها ولكن اين هي؟؟؟
ابتلع غصه في حلقه ومرارتها لازالت عالقه في جوفه...
هوي قلبه بين قدميه وارتجفت اطرافه عندما استمع الي نبره صوتها التي لا يخطئها ابداً ..
ظن انه يهلوس من شده اشتياقه اليها ولكن تاكدت ظنونه عندما استمع الي صوتها الذي اصبح اوضح من قبل حتي انه طغي علي اصوات الموسيقي العاليه حولهم...
ادار راسه نحو مصدر الصوت وقد تاكدت ظنونه عندما وجدها تقف امامه في كامل حسنها وبهاءها ...
جميله هادئه رقيقه ولكن ثمه شيء بها مختلف !!!!
التهمها بنظراته المشتاقه والتي جاهد الا تفضحه ولكنه فشل بجداره في اخفاء مشاعره وشوقه لها...
جاء صوته الرقيق وهي تمد يدها اليه تتحدث برقه ممزوجه بقوه : مبروك يا عاصي ربنا يتمم لك بخير...
اتسعت عينيه علي وسعها وهو يراها اخيراً امامه في هيئه خطفت انفاسه .!!!
انها هنا ... اخيراً ....
لماذا اليوم تحديداً اختارت ان تعود ؟؟؟
هل عادت اليوم تحديداً لكي تزيد من عذابه؟؟
هتفت تتحدث وهي تناظره بقوه داخل عمق عينيه: ايه يا عاصي مش عاوز تسلم عليا؟؟؟؟
فاق من سرحانه في حسنها البهي ونظر الي يدها الممدوده اليهً، ثم مد اليها يد مرتعشه يضع يده في يدها ، وهتف بنبره اجشه يخفي خلفها اشتياقه اليها: الله يبارك فيكي....
حولت نظراتها الي نسرين التي ترمقها بغل والجنون يلمع داخل مقلتيها بعدما وجدتها امامها ...
رمقتها غفران بنظره متعاليه وهي تنظر لها من اعلي الي اسفل ثم هتفت دون ان تمد يدها اليها: مبروك يا نسرين .. اتمني تكوني حققتي اللي كنتي طول عمرك بتسعي له ...
ثم رمقتهم هما الاثنين معاً بنظره ممتعضه: لايقين علي بعض اوي....
قالتها وتحركت مغادره توليهم ظهرها وعلي وجهها ترتسم ابتسامه ساخره.......