البارت العشرون20
بقلم ايمى نور
اخذ رائف يجوب بهو منزله ذهابا وايابا بخطوات عصبية سريعة يشد بانامه خصلات شعره بغضب بينما جلست سهيلة تضع ساقا فوق الاخرى تراقب بعينين تشع بفرحة وسرور
وهى ترى عزة الواقفة بارتباك تظهر فوق ملامحها علامات الذعر قائلة بصوت خائف متردد
= والله يا رائف بيه ما شوقتها ولاعرفت انها خرجت الا لما حضرتك طلبتنى اطلع اخليها تفتح تليفونها
توقف رائف عن الحركة بغتة بهتف
= يعنى ايه ؟ لا انتى ولا الاغبية اللى بره عرفتوا انها مش موجودة فى البيت الا لما انا اتصلت ازاى محدش حس بيها ولا شافها وهى بتخرج؟
هنا اعتدلت سهيلة فى مقعدهاتنظر الى اظافرها قائلة بعدم اهتمام
= علشان هى عاوزة كده
التفت اليها بحدة قائلا بجمود
= تقصدى ايه؟
نهضت سهيلة واقفة تتجه اليه بخطوات هادئة حتى وقفت امامه تماما تمد يدها لياقة بذلته تتلاعب بها قائلة بخبث
= يعنى هى اللى عاوزة ان محدش يشوفها وهى خارجة وزاى ما سمعت عزة قالت انها طلعت اوضتها علشان هتنام ومش عاوزة ازعاج ولما عزة طلعت لها ملقتهاش لاهى ولا شنطة اديها و محدش من امن البوابة شافها وهى خارجة يبقى ايه يا رائف
التمعت عينى رائف بشراسة ينظر اليها بتفكير للحظات ساد خلالها صمت قاتل حتى دوى صوت جرس الباب مزيحا الصمت امامه ليتلتف رائف الى عزة يشير لها بفتحه لتهرع الاخير اليه بخطوات متلهفة كمن وجد حبل النجاة تفتحه ليدخل منه ياسر يتحدث فور دخوله وبصوت ملهوف
= مفيش جديد ولا حتى اتصلت
زفر رائف مرة اخرى يبتعد عن سهيلة يجلس بجمود فوق احد المقاعد فيتقدم منه ياسر قائلا بصوت حاول بث الهدوء والطمنينة فيه
= متقلقش ممكن تكون خرجت ونسيت تفتح موبايلها او ....
هنا هب رائف من مكانه كالعاصفة الهوجاء يصرخ
= هو ده اللى عاوز اعرفه خرجت راحت فين انا مسبتش مكان مسألتش عليها فيه بقالى كتر من اربعة ساعات وانا بلف ومش عارف اوصل لحاجة لا سعاد جارتها شافتها ولا موجودة فى شقة اهلها حتى مها متعرفش عنها حاجة انا هتتجنن يا ياسر هتجنن خايفة يكون جرلها حاجة
ربت ياسر فوق كتفه قائلا بهدوء
= متقلقش انا وزعت الرجالة ومش هيخلوا مكان الا هيدورا فيه
زفر رائف مرة اخرى يعاود الجلوس مرة اخرى فوق مقعده يشعر كما لو كانت قبضة قوية تضغط فوق صدره بعنف بسبب عجزه وعدم قدرته على فعل شيئ فمنذ ان علم بعدم تواجدها فى المنزل وقلبه يؤلمه وبشدة يتسلل اليه هاجس فقدانها يزداد كلما كتلت فترة غيابها عنه والان وقد اخذت كلمات سهيلة اليه منذ قليل تردد بداخله تدق ابواب عقله بقوة تجعله يفكر ان كان غيابها واختفائها هذا حقا متعمدا منها وانها قررت حقا الابتعاد عنه الى الابد لتزداد تلك القبضة ضغطا فوق صدره وقلبه خوفا ان يكون ما قالته صحيح وحقا تنوى الابتعاد عنه
ولكن لما وماالذى حدث لتتاخذ هذا القرارهكذا والان بعد كل ما وصلوا اليه فى علاقتهم لماذا ؟ لماذا !
اخذ عقله يصرخ بتلك الكلمة حتى تعالى صوت رنين هاتفه لينتفض سريعا يختطف الهاتف من داخل جيبه ينظر اليه فينعقد حاجبه بشدة يتغير وجهه ليقترب منه ياسر قائلا بلهفة وقلق
= مين يا رائف ؟
رائف بصوت قلق خافت
= ده خال زينة همام هو اللى بيتصل
تسمر ياسر مكانه ينظر الى رائف فى عينيه سؤال اجاب عنه رائف بفحيح قبل ان يقوم بفتح الاتصال
= اه لو طلع هو اللى عملها مش هيكفينى عمرهم كلهم
رفع الهاتف الى اذنيه يهتف بصوت خشن قوى
= ايوه يا حاج همام
صمت قليلا يتستمع الطرف الاخر قبل ان تلتمع عينيه بالقسوة ويصبح صوته قاسيا هو الاخر يسأل بتجهم
= يعنى هى الى جات بنفسها ..لاااا لاااا تمام يا حاج همام مسافة السكة وهكون عندك
اغلق الهاتف يتجه سريعا ناحيه الباب دون ان ينطق كلمه واحدة وجهه متجمد لا يظهر عليه شيئ من المشاعر سوى فى خطواته السريعة الغاضبة
ليهتف به ياسر خلفه بلهفة محاولا اللحاق به
= فى ايه يا رائف مالها زينة ؟يابنى استنى فهمنى. ياارئف! طب استنى انا جاى معاك
يسرع الخطى خلفه يغادر هو الاخر لاحقا به
تقف سهيلة والتى كانت تتابع كل ما حدث بعينين متيقظة مهتمة قائلة بوجوم وغل
= ياارب ماتلحقى ترجعى سليمة ابدا يا شيخة واخلص منك بقى
💜💜💜💜💜💜💜
استلقت زينة فوق الفراش تدعى النوم فهى ومنذ حضورها تحاول التهرب من مواجهة خالها بدعاء النوم تعلم بانه سيقوم بحصارها حتى يستخلص كل الحقيقة منها والسبب وراء مجيئها اليهم هذا ان لم تكن زوجة خالها قد قامت باخباره بالفعل اسرعت بهز راسها تنفى الفكرة فمن المستحيل ان يمرر خالها الامر دون ان يأتى اليها ويستخلص كل الحقيقة منها ليهتف صوت بداخلها قائلا
او ان الامر لا يهمه لذلك لم يهتم بسؤالها وهذا ما تفضله فلا نية لديها ان تخبر احد بما حدث يكفيها انهيارها ام زوحة خالها ولتدعو الله الا تقوم باخبار احد مثلما وعدتها بعد حديثهم معا لذا ظلت مستلقية فى الفراش فى انتظار ماهو اتى حتى وصل الى مسامعها صوت الباب يفتح وبعدها صوت خطوات ثقيلة بطيئة تقترب من فراشها فاسرعت باغماض عينيها بقوة تحاول ان تهدء من وتير انفاسها حتى يظنها القادم انها مازالت نائمة تشك فى نجاح فعلتها هذه المرة فهى على الحال لساعات طوال من بعد ذهاب زوجة خالها وليس من الطبيعى نومها كل هذا القدر لكنها استمرت فى المحاولة لتفيق من افكارها تشعر بالهدوء الشديد يسود الغرفة من بعد صوت تلك الخطوات فلا تسمع شيئ بعدها ينبأها بوجود احد اخر معها فى الغرفة ولكنها ظلت على حذرها تشد الغطاء فوقها لوقت طويل لم يتغير شيئ اثناءه فظنت انها اصبحت وحيدة وان صاحب الخطوات قد انصرف بعد ان وجدها مازالت نائمة لذا رفعت الغطاء عنها بحذر وهدوءتنظر الى الجهة المقابلة لوجهها فلم تجد احد امامها فتدير راسها ببطء واطمئنان الى الجهة الاخرى لتشهق فزعة بصدمة ورعب وهى تراه يجلس فوق احد المقاعد القريبة من الفراش يضع ساقا فوق اخرى بينما تستند ذقنه فوق سبابته وابهامه ينظر باتجاه الفراش بعينين يشع غضبها ليصل اليها يحرقها بنيرانه تشعرها بالخوف والرهبة منه لكنها لم تظهر له اىمشاعرها هذه له بل اسرعت بالنهوض تجلس فوق الفراش قائلة بصوت حاولت اظهار فيه البرود والجفاء
= انت بتعمل ايه هنا ؟ خالى اللى اتصل بيك مش كده ؟ بس مكنش ليه لزوم تيجى لانى مش راجعة تانى معاك
استمر على صمته ينظر اليها بجمود ووجه خالى من التعبير الا من عينيه والتى اخذت تمر فوقها ببرود اصابها بالقشعريرة كما لو ان اصابع باردة تلامسها فترتجف بقوة تسرع بالنهوض فورا من الفراش تقف فى الجهة الاخرى منه تضعه يبنهم كحاجز امن استعداد للعاصفة الاتية بعد ان تلقى بكلماتها القادمة له والتى قالتها بسرعة وارتباك
= يااريت تخرج وتنزل عند خالى تحت وانا هجهز وانزل علشان نتكلم وننهى كل حاجة
ومرة اخرى وعلى عكس توقعها لم تتلقى منه اى ردة فعل سوى نهوضه واقفا ببطء وتخشب فظنت انها قد نحجت اخيرا فيما تسعى اليه تشعر بقلبها يتحطم الى شظايا متناثرة بداخلها يؤلمها بقوة لتضع يدها دون وعى فوق صدرها لعلها بحركتها هذا توقف هذا الالم المتزايد بداخله لكن وامام عينيها المذهولة وجدته يلتفت فى اتجاهها ليقف امامها تماما بصمت لا تظهر من مشاعره اى شيئ حتى عينيه اصبحت من الصعب عليها قرائتها لاترى فيها سوى الجمود قبل ان يهمس لها ضاغطا على كل حرف يخرج من شفاه
= خمس دقايق وتكونى جاهزة علشان هتنزلى معايا على القاهرة حالا
تراجعت للخلف بخوف وذهول من كلماته ولكنها اظهرت التماسك قائلة بتلعثم
= مش ..هتحرك من ..هنا ..وازى ما قلت من شوية كل حاجة انتهت وان كان على الوصية انا موافقة الطلاق يستنى سنة لحد ما تستلم ميرا.....
قطعت كلماتها تصرخ بالم حين قبضت انامله فوق ذراعها يجذبها اليها بقوة يفح من بين انفاسه
=مسمعش صوتك لحد ما نوصل للقاهرة وزاى ما قلتلك ادامك خمس دقايق زودتى عنهم هتلاقينى طالع اجيبك بنفسى وساعتها متلوميش حد غير نفسك على اللى عمله
دفعها عنه باشمئزاز كما لو كان يمسك بشيئ مقزز بين يديه فتصطدم بالفراش خلفها عينيها تتابعه بتوجس وخوف يتجه الى الباب تاركا لها خلفه دون ان يلقى بنظرة واحدة عليها لتهبط جالسة فوق الفراش بهمود لاتدرى كيفية التصرف الان ولا خطوتها التالية
💜💜💜💜💜💜💜
دخلت الى الغرفة والتى اشارت زوجة خالها لها بدخولها بعد ان قبلتها بحنان تهمس لها بكلمات مشجعة وعينين متهربة منها نظراتهم مبهمة لم تستطيع قراءة الكثير داخلهم فتطيعها تدلف الى الداخل بهدوء وقلب مرتعش
فيسود الصمت فور ارجاء المكان بينما تقف هى تدير عينيها فى الحضور لتجد رائف المتجهم الوجه يجلس بجواره ياسر المحتقن الوجه بشده هو الاخر اما خلانها فقد جلسوا متجاورين كالمرة السابقة يتوسطهم خالها الاكبر همام الذى هتف بها بصوته الجهورى يدعوها للدخول قائلا لها
= تعالى يا زينة اقعدى هنا
واشار الى حد المقاعد لتسير اليها باقدام ثقيلة مرتعشة تجلس بهدوء تتحفز جميع حواسها للقادم
ليكمل خالها بهدوء
= جهزى حالك علشان هتنزلى مع جوزك الليلة على بيتك ومن هنا وجاى ......
لم تدعه زينة يكمل بل نهضت من مقعدها صارخة
= مش ممكن ارجع معاه تانى انا عاوزة اطلق استحالة ارجع معاه
هب خالها جلال باتجاهها يهتف بغضب اعمى
= والله عال بتعلى صوتك على كبيرنا يابنت حسين وبتقولى لا كمان
ثم رفع يده فى الهواء عاليا ينوى صفعها وبقوة لتغمض عينيها بسرعة وخوف تنكمش على نفسها فى انتظار صفعته القادمة ولكن طال انتظارها لتفتح عينيها ببطء فترى يد خالها معلقة فى الهوا بفضل يد رائف والتى منعت عنها اذى وغضب خالها تراه يقترب بوجهه من خالها وهو مازال قابض فوق معصمه قائلا بتحذير ضاغطا فوق كل حرف من كلماته بغضب مكبوت
= محدش يمد ايده على مراتى وانا واقف والا حسابه هيكون معايا انا ولو هو مين
تبادل رائف وجلال النظرات فيما بينهم تتحفز عضلاتهم للعارك حتى اتى صوت همام مناديا لاخيه بحزم جعل هذا الاخير يختطف يده من بين اصابع رائف الضاغطة عليها ثم ينظر باحتقار الى زينة المنكمشة خلف رائف برعب للحظات قبل ان يعود الى مكانه السابق ليحدثه همام بعنف
= انت اتجننت عاد بترفع يدك على بنت اختك وانا قاعد
جلال بغل وعنف وهو يجلس فوق مقعده
= دى بنت حسين قبل ماتكون بنت اختى وبعدين عاوزنى اسكتلها عاد وهى بتعلى صوتها عليك
زفر همام بقوة عينيه ترسل لاخيه توبيخا صامت للثوانى قائلا بعدها بحزم موجها انظاره الى زينة والتى وقفت خلف رائف تتمسك بظهر بذلته بقوة شعر بها رائف وبارتجافها لكنه لم يعيرها اهتماما بل وجه انظاره الحادة الى همام الذى تحدث قائلا
= شوفى يا زينة مرات خالك قالت لينا على الوضع كله
شعر بقبضتها تنفك من حول قماش بذلته تبتعد عنه للوراء قليلا بينما همام يكمل بحزم
= وكان لازم قبل ما تسيبى بيتك تعرفى جوزك على حصل وهو كان قادر يتصرف علشان كده احنا قررنا ترجعى معاه وهو ادرى الناس هتصرف ازاى مع الكلب ده
اخذت زينة تهز راسها بالرفض كلما استمر خالها بالكلام تهمس من بين شفتيها برعب والم
= بس انا مش عاوزة ارجع مش عاوزة
هنا ولم يستطع رائف الصمت طويلا يلتفت اليها وجهه كانه قد صنع من حجر قائلا بفحيح وهمس لم يسمعه غيرها
= مستنية ايه تانى! اللى جيتى تطلبى حمايتهم سلموكى ليا..انا... لجوزك... ولاا مستنية قلم جلال على وشك علشان تفوقى لنفسك
وقفت تنظر اليه بعيون متألمة مذعورة قبل ان يقاطع خالها الحديث قائلا بحزم
= انتى جيتى هنا علشان خايفة جوزك يعرف بلى حصل من الكلب ده معاكى بس جوزك عرف كل حاجة دلوقت وملهوش لزوم تسيبى دارك وانا عارف ومتأكد ان رائف قادر يحميكى ويحافظ عليكى
هنا ولم تستطع زينة الصمود بل اخذت تبكى بقوة تسرع فى اتجاه باب الخروج تغادر فورا فيسود الصمت ارجاء الغرفة حتى تنحنح همام ينهض من مقعده فى اتجاه رائف يده يده على كتفه وقد كان يقف ظهره للجميع ينظر فى اثر تلك الباكية ليلتفت مرة اخرى حين حدثه همام باحترام
= شوف يا رائف يا بنى انا سمعت كلامك ورجعتها معاك علشان عارف ومتأكد انك قادر تحميها تحافظ وسيبتلك الطريقة اللى تتصرف بيها ولسه عند كلمتى اى وقت هاتحتاجنا فيه هتلاقينا جنبك انت بس تطلب هنجبلك الكلب ده متكتف تحت رجليك
مد رائف يده اليه مصافحا قائلا باحترام هو الاخر
= وانا مقدر اللى عملته يا حاج همام وصدقنى عمرى ما هنساه ابدا ووعد منى انا اللى هجبلك الكلب ده لحد عندك وساعتها تقدر تاخد حقك منه بالشكل اللى يريحك وان كان على زينة متقلقش ابدا زينة جوا عنيا
هز همام راسه موافقا هامسا بتاكيد
=عارف يا بنى عاارف
وقف الرجلين متواجهين يدور بينهما حديث الاعين قبل الالسن تظهر فى نظرات كل منهم لاخر كل الاحترام والتقدير
💜💜💜💜💜💜💜💜
تمت رحلة العودة بهم بصمت ووجوم يجلس ياسر امام المقود يقود السيارة بهدوء شديد وتركيز اما رائف قد تراجع براسه فوق مسند مقعده يغلق عينيه يظن من يراه انه قد استسلم للنوم لكنه كان فى حالة بعيدة تماما عنه راسه تعصف بيها الافكار وتثور بداخله المشاعر بعنف وغضب كلما اتى الى فكره ما فعلته وما قررته هى بهروبها بعيدا عنه وطلب الحماية منه اهلها وليس منه هو ليصرخ بداخله بغضب والم هاتفا
الى هذه الدرجة تظنه بهذا الضعف يخشى مواجهة من تطاول على زوجته
الى هذا الحد تراه غير قادر على حمايتها لتهرب منه ساعيا الى اهلها طلبا لحماية
ارتسمت ابتسامة مريرة فوق شفتيه يهتف صوت ساخر مرير بداخله
ذهبت الى اهلها ! من طلبت حمايتك منهم سابقا اصبحوا درع الحماية بالنسبة لها الان حتى منك
زفر بقوة يشعر بطعم المرارة فى حلقه يكاد يخنقه يلتفت براسه ناحية النافذة يرى الظلام خارجها يماثل ظلامه
سمع ياسر زفرته تلك يدرك ما يمر به الان ليفتح فمه يهم ان يحدثه لكنه اغلقه مرة اخرى فلا شيئ سيقال الان يستطيع تهدئة الامور والاجواء المشتعلة فرفع عينيه الى المراة الامامية يلقى نظرة على تلك الجالسة فى الخلف بجمود وصمت منذ خروجهم من منزل اهلها تنظر من نافذتها الى الظلام بخارجها بشرود ليزفر هو الاخر يدرك صعوبة ما يمر بهم هذان الاثنين يتمنى لو يرى امامه ذلك الكلب المدعو فريد الان لينبش اظافره فى عنقه يخرج روحه المتعفنة بيديه يلتمس لرائف كل الاعذار فذا كان هذا حاله هو فما باله رائف ما يمر به الان لكن اكثر ما يقلقه هو هدوء رائف وصمته الشديد هذا فهو ان اصبح على هذا الحال علم ان الاتى سيكون كالجحيم للجميع وان هذا سكون وما قبل العاصفة والتى يعلم جيدا انها اتية لا محالة
💜💜💜💜💜💜💜
دخل ثلاثتهم الى المنزل بعد اصرار رائف ان يبيت ياسر ليلته هنا فى منزله الذى ساده الهدوء والظلام النسبى ولكن ماان دلفوا الى داخل حتى نهضت سهيلة من فوق احدى الارائك كانت مستلقية عليها تلقى بالمجلة والتى كانت تطالعها قبل ان تسرع فى اتجاهم تهتف بلهفة
= حمد لله على السلامة يا رائف
لتبهت ملامحها تتوقف مكانها بغتة فور ان رات زينة الواقفة فى الخلف لتكمل بعدم اهتمام
= ايه ده انت عرفت توصل لطريقها وترجعها ! حمد على سلامتك يا زينة
نقطت جملتها الاخيرة بسخرية وابتسامة ملتوية لكن زينة لم تكن فى حالة تسمح لها بمجاراتها لذا قالت بصوت خافت مرهق تتجاهل سهيلة تماما
= انا تعبانة وعاوزة ارتاح بعد اذنكم هطلع اوضتى
وبالفعل اتجهت خطواتها باتجاه الدرج دون انتظار لرد احد منهم تتابعها عينى رائف بأهتمام وتجهم حتى غابت عن انظاره لترى سهيلة نظرته تلك فتسرع فى سؤاله بلهفة وفضول
= لقيتها فين يا رائف ؟ ومعرفتش سابت البيت ومشيت ليه ؟طيب عرفت هى ...
قاطع رائف سيل اسئلتها الفضولية قائلا لها بهدوء ولكن بصوت حازم
= سهيلة اعتقد الوقت اتاخر والافضل تتطلعى انتى كمان علشان ترتاحى فى اوضتك
شحب وجهها تنظر ناحية ياسر باحراج والذى تجاهلته منذ دخوله ليقابلها هو الاخر بالتجاهل ولكن هذه المره لم يفعل بل بادلها نظرتها اليه باخرى شامتة فرحة ترتسم ابتسامة ساخرة فوق فمه لتزفر بعنف ثم تلقى بتحية مساء سريعة محرجة تتجه الى الدرج هى الاخرى فى اتجاه غرفتها ليزفر ياسر قائلا بعبوس
=ياساتر عليها حاجة بجد تخنق انا مش عارف سيبها هنا لحد دلوقت ليه
رائف بعدم اهتمام قائلا
= سيبك منها دلوقت وتعال معايا على المكتب عاوزك
اتجاها الى المكتب سويا غافلين عن من تقف فى اعلى الدرج تختفى خلف الحائط تتابع دخولهم باهتمام وفضول قبل ان تهمس بتفكير ومكر
= لااا ده الموضوع اكبر من انها زعلت منه وسابت البيت وانا بقى لازم اعرف الموضوع من اوله مش هبقى زاى الاطرش فى الزفة كده لازم اعرف ايه الحكاية بالظبط
💜💜💜💜💜💜💜
منذ صعودها الى غرفتهم وهى تجلس مكانها فوق الاريكة تنظر امامها بشرود تفكر فى كل ما حدث تتذوق طعم المرارة فى فمها فالان اصبحت مدانة فى نظره تعلم جيدا انه لن يغفر لها ابدا هروبها وطلبها لحماية من احد اخر غيره وهى تعطى له كل الحق فيما يفعل فقد خرجت الامور عن سيطرتها واصبحت تتصرف بهسترية دون تفكير منذ لحظة معرفتها بوجوده فى منزل اهلها .... ابتسمت بمرارة تتذكر اهلها وخذلانهم لها امامه ورميها مرة اخرى اليه ليتولى هو حمايتها فيتقبل هو الامر مستعدا بصدر رحب كحاله دائما معها
زفرت ببطء تفكر بانها قد تخطت كل الخطوط الحمراء معه عندما وقفت امام الجميع تطالب بالانفصال عنه وهذا لما لن يمرره لها ابدا لذا ستجلس هنا حتى صعوده وستتحدث معه بعقلانية ستفعل ما رفضت فعله من قبل ستخبره السبب وراء فعلتها هذه ومن المؤكد انه سيتفهم ويغفر لها بعد كل ما مرت به....
طال انتظارها حتى كادت ان تغفو فوق الاريكة لكن تنبهت حواسها حين فتح الباب تراه يدخل منه بخطوات متثاقلة متعبة فظلت مكانها تتابعه وهو يقوم بالقاء الجاكت الخاص به فوق احد المقاعد ثم يقوم بحل ازرار قميصه ببطء دون ان يعيرها اهتمام اويلتفت لها رغم رؤيته لها جالسة لذا نهضت هى تهتف باسمه فيتوقف فى منتصف الطريق الى خزانته بجمود لكنه لم يلتفت لها فاسرعت بالقول
= رائف عاوزة اتكلم معاك لو سمحت
لاحظت توتر عضلات ظهره بعد اكمال حديثها
لكن لم تجد منه ردة فعل اخرى لتكمل بخفوت
= ممكن تسمعنى وتعرف كل اللى حصل وبعدها اعمل اللى يريحك
ساد الصمت طويلا لم يسمع فيه سوى صوت انفاسه الخشنة حتى يئست ان يتحدث معها ولكن يأتى صوته الاجش الخافت كبارقة امل لم تستمر طويلا حين قال
= هنتكلم فى ايه ؟ هنتكلم عن هروبك عند اهلك تطلبى حمايتهم علشان جوزك الضعيف مش قادر يعمل ده
ولا هنتكلم عن طلبك للطلاق ادام كل اللى كان موجود حتى بعد ما عرفتى انى عارف كل حاجة
ولا هنتكلم عن انك تخبى عنى كل ده من الاول وتسيبينى وتقررى تخرجى من حياتى
من غير لحظة تفكير واحدة منك
صمت قليلا يتنهد بألم قبل ان يقول بتحشرج
= كفاية كده ولا فى حاجة تانية عوزانا نتكلم فيها
وقفت ببهوت مكانها لا تدرى كيفية الرد عليه فعندما واجهها بكل ما فعلت شعرت كم كانت طفولية هوجاء فى تصرفاتها لا تجد ما تستطيع الدفاع به عن نفسها لذا لاذت بالصمت عينيها يغشاها الدموع تراه يحمل ملابسه يتجه الى الحمام ولكن توقف فجاءة قبل عدة خطوات منه قائلا بصرامة وظهره مازال لها
= وعاوزك تعرفى هخلص من موضوع فريد الكلب ده و هتنفذ طلبك
عقدت حاجبيها بحيرةللحظات قبل ان يتابع سيره وهو يكمل حديثه بحزم
= هطلقك بعدها على طول
ثم دلف الى الحمام يغلق بابه بعنف خلفه دون ان يترك فرصة واحدة لها للحديث وهنا شعرت بقدرة قدميها على حملها تنهار لينهار معها جسدها هو الاخر فتسقط ارضا بعنف تنظر امامها بذهول تتحرر دموع عينيها اخيرا يهتف بداخلها صوت متوحش قاسى
اليس هذا ما سعيت اليه من البداية وهاهو قد تحقق لك ..