وكفى بها فتنه
البارت الثامن8
بقلم مريم غريب
لا يدري لماذا شعر بقلبه ينخلع من مكانه عندما قالت أخته هذا ...
ليسمع أمه تكرر نفس الجملة بإستنكار حاد :
-مش موجودة في أوضتها ؟ إزآاي يعني ؟؟؟ يعني إيه مش موجودة في أوضتها ؟؟؟؟؟؟
عائشة بتوتر :
-زي ما بقولك كده يا ماما . و الله ما لاقيتها جوا و دولابها فاضي تعالي شوفي بنفسك
نظرت "أمينة" لإبنها المتصلب في جلسته و صاحت :
-عاجبك كده ؟ مبسوط دلوقتي يا أدهم باشا ؟؟؟
أهي البت طفشت مننا بسببك .. ثم تهاوت علي مقعدها ثانيةً و أكملت و هي تميل بجسدها من جانب لأخر :
-أجيبها أنا منين دلوقتي ؟ يا تري راحت فين ؟ ليه كده حرام عليك يابني دي أمانة
لو جرالها حاجة هبص في عنين أبوها إزاي لما أقابله ؟
حرآام عليك إنت السبب . و الله يا أدهم لو حصلها حاجة عمري ما هسامحك
نظر "أدهم" لها و قال بإنفعال :
-أنا ماقولتش لحد يمشي . أنا مالي ؟ أنا أصلا بكلمهاش و لا بتعامل معاها رامية الذنب كله عليا ليـــه يا أمي ؟؟!!
عائشة بصوت مهدئ :
-يا جماعة مش كده إهدوا
إهدوا عشان نعرف نفكر دي مش طريقة كلام دي .. ثم قالت بجدية :
-أهم حاجة دلوقتي إننا نوصلها في أسرع وقت يمكن تكون سابت البيت من فترة قصيرة . أنا هجرب أكلمها علي الموبايل
و أمسكت "عائشة" بهاتفهها و فورا بحثت عن رقم "سلاف" و ضغطت علي زر الإتصال ..
-مغلق ! .. قالتها "عائشة" بإحباط شديد ، بينما تأوهت "أمينة" بمرارة و تمتمت :
-آااااه . أهي خلاص مشيت يا أدهم
مشيت و ريحتك . ان شاالله بس تكون مبسوط دلوقتي
يا ربي . لما جدتها تصحي أقولها إيه ؟ أقولها إيه بس !!!
زم "أدهم" شفتاه غاضبا و قام من مكانه بعنف و مضي صوب باب المنزل ليذهب من هنا ... بعيدا عن إتهامات أمه و كلماتها التي لا تحتمل ..
مد يده إلي مقبض الباب و جذبه بقوة ، لتجلل الصدمة وجهه لحظة إصطدام عيناه بعيناها
كانت تهم بدق الجرس عندما رأت الباب ينفتح فجأة ، ثم رأته هو يقف أمامها ..
أطال "أدهم" النظر في وجهها رغما عنه ، بينما حمحمت "سلاف" قائلة بصرامة :
-ممكن تعديني لو سمحت ؟
أنتبه "أدهم" مما كان فيه ، و غض بصره علي الفور متنحيا بعيدا عن طريقها ..
-سلاف يا ماما ! .. هتفت "عائشة" بصوت مرتفع لتسمعها أمها
أما "سلاف" فدخلت و هي تبتسم تلك الإبتسامة الرقيقة خاصتها ، و مشت نحو عمتها بخطوات متوازنة ..
-صباح الخير يا عمتو .. قالتها "سلاف" بنبرتها العذبة ، و دنت من "أمينة" لتقبل وجنتها
أمينة بصوت مختنق :
-كنتي فين يابنتي ؟ حرام عليكي إللي عملتيه فيا ده
أنا كنت هتجنن . لأ كنت هموت من القلق و الرعب
سلاف بتأثر :
-بعد الشر عنك يا عمتو . ألف بعد الشر .. و ركعت أمامها و إحتضتنها ملقية برأسها علي صدرها الحنون
أدهم بصوت أجش :
-أنا ماشي يا أمي . السلام عليكم .. و ذهب
-روحتي فين يا سلاف ؟؟؟ .. تساءلت "أمينة" و هي تجوس بأصابعها بين لفائف شعرها
سلاف : أنا نازلة من عند طنط لبنة يا عمتو
أمينة بإستغراب :
-نازلة من عند لبنة ؟ طيب ماقولتيش ليه ؟ و هدومك ليه مش في دولابك ؟؟؟
إبتعدت "سلاف" عنها قليلا و أجابت بثبات و هي لا زال محتفظة بالإبتسامة علي ثغرها :
-أنا قررت أقعد فوق عند طنط لبنة يا عمتو
لما فكرت في كلامك إمبارح لاقيت إني مش هقدر أمشي و أزعلك إنتي و نناه حليمة . عشان كده قلت النهار هقضيه معاكوا و الليل هقضيه فوق مع حلا و طنط لبنة هنام فوق يعني
أمينة بإستنكار :
-إيه إللي إنتي بتقوليه ده ؟ إنتي فكراني ممكن أسيبك تعملي كده ؟
أنا مآمنش عليكي برا بيتي و بعدين أنا ماضمنش دول ممكن يعاملوكي إزاي !!
سلاف بهدوء :
-يا عمتو ماتقلقيش هما بيعاملوني كويس أوي و أنا بجد مرتاحة معاهم جدا
أمينة بعتاب :
-يعني قصدك إننا بنعاملك وحش يا سلاف ؟ و إنك مش مرتاحة معانا ؟!
سلاف بإسراع :
-لأ يا حبيبتي مش قصدي . أنا من ساعة ما جيت و إنتوا مرحبين بيا و بتحبوني .. ثم أكملت بحزن :
-بس أدهم هو إللي مش عايزني
أنا حسيت بكده من أول مرة قابلته
أمينة بغيظ :
-أدهم ده غبي . و الله لأفرجه لما يرجع
سلاف بإبتسامة :
-مافيش داعي يا عمتو . أنا خلاص حليت الموضوع
أمينة : لأ يابنتي ماينفعـ آ ..
-من فضلك يا عمتو أمينة .. قالتها "سلاف" برجاء و تابعت :
-أنا كده هكون مرتاحة أكتر . إنتي مش عايزاني أبقي مرتاحة ؟!
نظرت لها "أمينة" بحيرة و قالت :
-يا سلاف أنا قلبي مش مطاوعني
طيب إللي في البيت يقولوا إيه بس .. زفرت "أمينة" بضيق و أكملت :
-خلاص زي ما إنتي عايزة !
إبتسمت "سلاف" و قالت بلطف :
-أنا مش عايزاكي تزعلي . أنا بردو هبقي معاكي علطول .. ثم أردفت بإبتسامة :
-أنا هدخل أصحي نناه حليمة بقي
أصلي لسا مافطرتش و نزلت بدري عشان ألحق أفطر معاها !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في شقة "راجية عمران" ...
كانت "مايا" تساعد والدتها بالمطبخ و هي تتهامس معها أيضا ..
مايا بشماتة :
-سمعتهم بالليل و هما بيتخانقوا يا ماما
و سمعت أدهم و هو بيزعقلها و بيطردها من البيت كله
راجية بإبتسامة واسعة :
-ها و بعدين ؟ كملي يا مايا !
مايا : ساعتين زمن بعد ما الكل نام حسيت بيها طالعة من الشقة . بصيت من ورا الباب لاقيتها طالعة شقة خالتي لبنة
شكلها غضبانة عندها
راجية و هي تضحك :
-غضبانة ! الله يجازي شيطانك يا مايا .. ثم أكملت بجدية :
-بس المهم قوليلي ماعرفتيش إيه سبب الخناقة ؟؟؟
مايا : لأ بصراحة مقدرتش أعرف السبب
بس المسألة واضحة . أدهم مش طايقها و مافيش بينهم عمار خطط طنط أمينة كلها هتطلع علي فشوش .. و ضحكت
راجية بتأييد :
-كل إللي بيحصل في صالحنا لحد دلوقتي . أول مرة يا مايا أتبسط من دماغ أدهم المتربسة أهو كده لو فضل يديها فوق دماغها مش هتستحمل و هتطفش من هنا
مايا بإلتواء :
-بس أنا بردو مش مرتحالها . حاسة إنها بتلعب لعبة و إنها ممكن تكون سابت الشقة عشان يروح يصالحها و يرجعها بنفسه
راجية و قد تسلل إليها القلق :
-إنتي هتخوفيني ليه ؟
ده لو قصدها زي ما بتقولي يبقي دماغها سم .. ثم قالت بغلظة :
-بس حتي لو دماغها إيه . أنا أدها
مش هسمحلها تخطف أدهم مننا أبدا !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في المساء ... كانت "سلاف" جالسة مع عمتها و "عائشة" في الصالون الصغير بعد أن طلبت الجدة الخلود إلي فراشها لكي تنام باكرا
كانت تسرد عليهما حكاية طريفة مرت بها هي و والدها قبل ثلاث سنوات ، بينما كانتا تنظران إليها و تضحكا كما لو أنهما يشاهدان فيلما ممتعا ..
يدخل "أدهم" هنا في نفس اللحظة تنظر "سلاف" بساعة يدها و تقول :
-أنا هطلع لحلا بقي يا جماعة . كده معاد نومي قرب خالص
-السلام عليكم ! .. قالها "أدهم" بصوته العميق و هو ينظر بالأرض كعادته
الجميع : و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
تقوم "سلاف" عند ذلك قائلة بنبرة ناعمة :
-طيب يا عمتو . طيب يا شوشو .. هطلع أنا بقي تصبحوا علي خير
عائشة / أمينة بحزن :
-و إنتي من أهله يا حبيبتي .. و أكملت "أمينة" :
-هنسناكي بكره علي الفطار ماتتأخريش
سلاف بإبتسامة :
-حاضر مش هتأخر .. ثم إستدارت مغادرة و هي تتعمد تجاهل وجود "أدهم"
تماما كما لو أنه هواء غير مرئي ..
-إيه ده ! .. قالها "أدهم" بعدم فهم :
-هي رايحة فين دي ؟!
نظرت له "عائشة" و قالت بحنق :
-طالعة تنام عند عمتك لبنة ياخويا
أدهم بإستغراب :
-تنام عند عمتي لبنة ؟ ليه ؟ و بعدين قولولي هي كانت فين الصبح ؟؟؟
عائشة : كانت عند عمتك لبنة بردو
أدهم : و ده ليه بقي ؟!!
أمينة بتهكم ممزوج بالغضب :
-و كمان بتسأل ليه ؟ عامل نفسك مش عارف ؟
دي كويس إنها ماسبتش البيت أصلا و قالت علي الأقل تبات كل ليلة عند لبنة عشان تترحم منك
أدهم و قد إنفعل فجأة :
-نعــم ! تبات إزاي عند عمتي لبنة ؟
هي مش عمتي عندها شاب بردو ؟ إنتي إزاي تسمحي بكده يا ماما
أمينة بسخرية :
-ما هي كانت قاعدة هنا و سيادتك رآاجل مش شاب
إشمعنا سمحت بكده بقي ؟!
أدهم بصرامة :
-أنا حاجة و عمر حاجة . أنا مستحيل هبصلها لكن عمر ممكن جدا
أمينة ببرود :
-و الله هي حرة . هي عايزة كده أنا مقدرش أقف قصادها
رمقها "أدهم" بغيظ و قال مزمجرا :
-يعني دلوقتي مابقتيش خايفة عليها ؟
فين كلامك بتاع الصبح ؟؟؟
أمينة بجدية :
-سلاف مش صغيرة و عارفة مصلحة نفسها
حدق "أدهم" في أمه بغضب لبرهة من الزمن ، ثم قال :
-ماشي يا أمي . إللي إنتي شايفاه
إللي شايفاه صح إعمليه .. تصبحي علي خير .. و توجه إلي غرفته
عائشة بإستغراب :
-الله ! هو ماله أدهم محموق كده ليه يا ماما ؟ إيه مشكلته إن سلاف تقعد فوق عند عمتو لبنة ؟!
صمتت "أمينة" قليلا ، ثم قالت بشرود :
-الله أعلم يا عائشة
صعب أتنبئ بحاجة دلوقتي . بس كل شئ مسيره يوضح .....