قصة جمال الأسود البارت الرابع والعشرون 24 الجزء الثاني بقلم نورا عبدالعزيز

 قصة جمال الأسود

البارت الرابع والعشرون 24 الجزء الثاني  

بقلم نورا عبدالعزيز

 دلف "جمال" إلى الغرفة بتنهيدة وعينيه ترمقها هذه الفتاة الشاردة التى تقف أمام الشرفة تتطلع فى الخارج والفراغ، صمتها وهدوئها منذ الحادث يقتله ويفتت حال قلبه العاشق، تنحنح بهدوء ثم تقدم للأمام بعد أن أغلق الباب ونظر إليها ، أخذ فى يده الشال المصنوع من الكروشيه ثم وضعه على أكتافها بحنان لتنظر "مريم" إليه فى صمت فقال بلطف:-

-مريم متعبتيش من الوقفة هنا 


عادت بنظر إلى الأمام حيث فرسها الجميل الذي يركض هناك فى العنان تحت ناظرها، نظر "جمال" للفرس الذي جلبه لها بعد وفأة إيلا ورغم ذلك لم يعوضها بفقدان فرستها الغالية، بل كان كأى فرس تراه لم تصعد على ظهره كثيرًا ولم تهرب من همومها للركوب عليه، رغم ذلك النظر إلى هذا الفرس يركض أمامها بحرية مُطلقة دون قيود ربما يعيد إليها بسمتها، تحدث "جمال" بلطف قائلًا:-

-مريم دى مشيئة ربنا، والحمد لله أن عندنا مكة ربنا يباركلي فيكم وأنتوا عندي بالدنيا كلها 


دمعت عينيها بحزن خافت وألم قلبها لا يشعر به أحد غيرها، أدارها "جمال" إليها لينظر بعينيها الباكيتين رغم دموعها السجينة داخل جفنيها فقال بلطف:-

-قولى الحمد لله يا مريم، مهما كان اللي حصل أو اللى هيحصل خلينا نحمد ربنا على كل حاجة 


اومأت إليه بنعم بحزن أكبر حتى تساقطت الدموع عن جفنيها تشق طريقها على وجنتيها الباردتين من البرد فجفف دموعها بأبهامه بحنان يكفى لشفاء جروحها وندوبها، أقتربت "مريم" منه بلطف ودفنت رأسها فى صدره ليشعر بيدها تلف حول خصره بأحكام كأنها تتشبث به بقوة حتى لا تسقط فى القاع المظلم مع أحزانها وأوجاعها، طوقها "جمال" بحب دافئ فسمعها تُتمم بين ضلوعه وصوتها مبحوح واهنًا:-

-أنت دافئ يا جمال، ياريت العالم كان عليا بدفئك، أنا بقول الحمد لله على دفئك

تركها بين ذراعيه تشعر بدفئه قدر ما تريد حتى تشعر بالأمان الذي تريده، شعر بجسدها يسترخي وتكاد تسقط منه فتشبث بها جيدًا وقال بقلق:-

-مريم


تحدثت بصوت واهن جدًا هامسًا:-

-جمال أنا عايزة أنام، أنام ومصحش يمكن النوم يكن راحتي ويخفف من أوجاعي


دمعت عينيه بحزن على ما ألت إليه الأمور والحزن الذي قضى على ما بقي من محبوبته وجعلها تتمني الموت للحصول على الراحة، أنحني قليلًا ليحملها على ذراعيه فسقط الشال عنها أرضًا، دلف للغرفة بها حتى وصل للفراش ووضعها به برفق، تبتسم رغم أوجاعه فى وجهها الملاكي ويده تداعب وجنتيها بلطف ثم قال:-

-أرتاحي يا مريم ونامي زى ما تحبي بس ما تطوليش لأني هنا مشتاقلك وواحشاني ماشي يا ملاكي


أومأت إليه بنعم وأغمضت عينيها كي يترك لها قبلة على جبينها وغادر الغرفة غاضبًا مما وصلت له محبوبته فأتصل بـ "عاشور" وفور أستقبله للأتصال قال بجدية وحدة:-

-أقتلها، لأني لو جيت ولاقيت فريدة بتتنفس هقتلها وأقتلكم كلكم 


قاطعه "عاشور" بصدمة وهو لا يصدق أن "جمال" سيقتل أحد لكن "جمال" صرخ بعناد وترك العنان لغضبه الناري بأن يخرج:-

-من غير بس يا عاشور، أنا بسببها خسرت ولادي الأتنين، دى مستاهلش الشفقة والرحمة وهى نفسها مرحمتش عيالي اللى متخلقوش فى الدنيا، أنا بسبب فريدة أتحرمت من أنى أكون أب مرة تانية فى حياتي كلها وبسببها مريم مستحيل تكون أم لطفل ، قسمًا بربي اللى خلقني وخلقك لو ما أخدت روحها لأخد روحكم كلكم ومش هشفق على حد ..



وصلت "غزل" إلى شقتها الجديدة الذي أشترتها بعيدًا عن الجميع بعد أن هجرت الكل، ألقت بجسدها على الأريكة بتعب ثم أغمضت عينيها لترى صورته أمامها، ما زال عالقًا بداخلها، حتى رائحة عطره الرجولي تخترق أنفها فى الحال فتحت عينيها بحزن لكنها صُدمت عندما رأت "جابر" أمامها ورائحته لم تكن من ذكرياتها بل بسبب وجوده أمامها، وقفت بصدمة من وجوده وعينيها مُتسعة على مصراعيها من هول الصدمة فقالت:-

-أنت بتعمل أيه هنا؟ وعرفت مكاني منين؟


أجابتها بثقة وهو يقف واضعًا يديه فى جيوبه قائلًا:-

-أنا المكان الوحيد اللى ممكن تستخبي مني فيه هو الجيش ومش أكيد أني مقدرش أدخله 


تأفف بغضب سافر وأشارت إلى باب الشقة وقالت:-

-أطلع برا، ومادام أنا مسمحتلكش تدخل بيتي يبقي متدخلهوش... برا


أقترب "جابر" منها أكثر مُتجاهلًا كلماتها لتقذف المزهرية الزجاجية بطريقه حتى تناثر الزجاج فى أرجاء الأرض فتوقف "جابر" مكانه ونظر للزجاج المنثور أسفل قدميه ثم رفع عينيه يحدق بها، تقدم للأمام هو يخطى علي الزجاج ولا يبالي بشيء مما جعل عينيها تتسع على مصراعيها من الصدمة وهو يأذى نفسه لأجلها، قال بهدوء:-

-همشي بعد ما تقوليلي مين اللى سمح لك تمشي؟ 


أبتلعت لعابها بتوتر شديد ثم قالت بجدية:-

-أنا وأنا مش محتاج أذن من حد 


-حقك

قالها بهدوء ثم مسك ذراعها بقوة وجذبها إليه غاضبًا من تصرفها وعنادها ثم نظر بعينيها بأختناق وغضب وقال:-

-لكن مش من حقك تسرقي قلبي وتمشي، أديني قلبي ورجعني لحالي وأبطل أخاف وأقلق عليكي وبعدين أمشي 


نظرت له فى صمت لا تملك جواب له، لا تعرف كيف ترد له قلبه وتجعله يتوقف عن عشقها فقالت بهدوء:-

-أنا أتنازلت عنك زى ما أنت أتنازلت عني من أول مواجهة 


ترك يدها بصدمة من كلماتها ثم قال بهدوء:-

-عشان مقبلتش أتجوزك من غير موافقة أهلك يبقي أتنازلت عنك، عشان مقبلتش بإهانة أبوكي ليا وهو بيقولي خدوها ربيها يبقي أتنازلت عنك، كنتِ قابلة بإهانته ليا ولا كنتِ مستنية أنه يقولي ولما تخلف منها هتبقي أب وجد للطفل، مأخدتيش بالك من إهانته ولا مشوفتيش غير أنى مشيت عشان أحفظ كرامتي ولما أرجع أدور عليكي ألاقيكي هربتي مني كأنك أقتنعتي بكلامه وقبلتي وصدقتي كل كلمة قالها عني وأني منفعكيش... بس فعلا دا المنطق الوحيد لتصرفاتك أنكي قبلتي بكلامه كله .. براحتك يا غزل


ألتف لكي يغادر بعد أن قبل الطاولة عليها وجعلها هى من تخلت عنه، مسك يده بسرعة جنونية من صدمتها بحديثه وقالت بتلعثم غير مستوعبة تفكيره:-

-أنا مصدقتش حاجة ومقبلتش بإهانته ليك ، أنا هربت لأنك جبان خوفت تتجوزني في حين أن أنا نفسي قبلت أني أتجوزك من غير أذنه وأكون مسئولة عن نفسي لأني مش صغيرة وعارفة أنا بعمل أيه وبحبك أزاى


تقدم خطوة للأمام كي يرحل لكنها تشبثت بيده أكثر تمنعه من الرحيل أكثر بخوف من فقده بعد حديثه وأن يُصدق [أنها أقتنعت كليًا بحديث والدها عن فارق السن بينهم وتخلت عنه فقالت بتلعثم:-

-جابر متسبنيش.. دى أول مرة أتوسل لحد 


أستدار إليها بهدوء وحدق بوجهها العابس وهى على وشك البكاء وصدق كلماتها تغلغل إلى قلبه وربت على روحه فقالت مُتابعة تشبثها بهذا الرجل:-

-جابر أنا36 سنة يعنى مش صغيرة وكبيرة كفاية أنى أقول أنى عايزة أتجوزك والجواز قبول وأشهر وأنا قابلة بيك و مستعدة أقول للعالم كله أنى أخترت الراجل دا يكون جوزى وحبيبي ورجلي وسندي محتاج أيه أكتر من كدة يثبتلك أنى بحبك وعايزك ها ؟ أنا مستعدة أعمل كل حاجة وأى حاجة عشانك لكن أنت مش مستعدة أنك تقف قصاد مأذون وتقولي زوجتك نفسي 


النظر لعينيها ووجهها كفيلان بأن يجعله يخضع لحديثها ورغبتهما فى الجمع تحت سقف واحد، تابعت الحديث قائلة:-

-أنا مبقولكش تعال نتجوز فى السر ولا عرفي، أنا عايزة أتجوزك قصاد....


قاطعها بنبرة دافئة وثقة كبيروة قائلًا:-

-تتجوزني ، دلوقتي ؟!


تبسمت بسعادة ودموعها تحولت لبريق لامع فى عينيها من العشق والسعادة التى غمرتها للتو ثم أومأت برأسها بنعم دون أن تفكر كثيرًا فى قرارها وقالت:-

-امممم 


أخذها من يدها دون أن تغير ملابسها وذهب إلى مكتب المأذون لتُدهش "غزل" بوجود "مسك" و"تيام" كأن "جابر" كان مرتب لكل شيء قبل أن يذهب إلى شقتها وحتى والدتها "بثينة" موجودة ليعقد قرانه عليها واتفق أن بأخر الأسبوع سيكون حفل زفافهما وقال بجدية:-

-أنا عملت اللى عليا ودخلت البيت من بابه والفرح هيكون يوم الجمعة ، إذا حب دكتور غريب يحضر أنا مش همنعه لكن هو مالهوش حق الرفض لأن غزل دلوقت بقيت مراتي


تبسمت "مسك" بسعادة لرؤية بسمة أختها وعانقتها بسعادة ثم قالت بهمس فى أذنها:-

-عملتيها أزاى، جننت الراجل بيكي يا غزل... مبروك يا عروستي


تبسمت "غزل" مع كلماتها ونظرت إلى "جابر" الذي يُحدث والدتها على زفافهما فقالت بلطف:-

-دا الحب يا مسك أعتقد أنك جربتيه مع تيام


ضحكت "مسك" بعفوية وعينيها رمقت زوجها الذي بدل العشق حاله كليًا وقالت:-

-فعلا الحب لوحده بيغير  


تحدثت "أصالة" عن مواعيد "جمال" بهدوء قائلة:-

-النهاردة عند حضرتك مزاد تابع لشركة بلص الساعة 5


تحدث "جمال" بهدوء وعينيه لا تفارق شاشة العمل قائلًا:-

-أبعتي شريف أو حد فى الشركة


أجابته "أصالة" بجدية ترفض أقتراحه الشديد قائلة:-

-هنعمل مشكلة مع رئيس الشركة وكمان رئيس المعروضات، هم حاببين وجود حضرتك كضيف شرف للمكان، وجود حضرتك هيعلى من قيمة الأسعار وكمان المعرض دا استثمار باسم حضرتك وزى ما إحنا بنعمل وهم متأخروش علينا فى حملة الإعلانات 


تأفف بضيق ثم قال:-

-أتصرفي يا أصالة، أنا مش فى مود أنى أحضر حفلات نهائي


تأفف بضيق ثم ألتفت لكي تغادر لكن أوقفها فجأة قائلًا:-

-أقولك أنا هروح، أبعتي فستان لمريم على القصر عشان تجهز


تبسمت "أصالة" بسعادة ثم قالت:-

-حاضر فكرة حلوة جدًا وجود مريم فى المكان باسمها كإعلامية هيرحبوا بالفكرة جدًا


كادت أن تغادر بحماس شديد لكن أوقفها "جمال" ببسمة خافتة وقال:-

-ياريت الفستان يكون لونه أزرق يا أصالة


أومأت إليه بنعم ثم غادرت لينظر إلى صورة "مريم" التى تحتل طمكتبه وبجوارها صورة لـ "مكة" طفلته وقكانت بسمة "مريم" كفيلة بأن تثير نبضات قلبه وقال بهمس مُتمتمًا:-

-كأن الأزرق خلق ليكي يا مريم.


"قصر جمــــال المصــــري"


نزلت "مريم" من الأعلي مُنهكة و"مكة" تمسك يدها ببراءة وتتحدث كثيرًا عن يومها الأول فى الروضة وكيفية بكت كثيرًا لأنها تريد العودة للمنزل فقالت "مريم" بهدوء:-

-مش إحنا أتفقنا إنكِ تكوني بنت جميلة ومتعيطيش عشان أجبلك هدية


-كنت خايفة من الولاد هناك يا مامي والميس بتزعق كتير

قالتها "مكة بعبوس فى وجهها وحزن، فقالت "مريم" بعد أن وصلت للطابق الأول:-

-ماشي يا مكة بكرة أكلم الميس ، نانسي


جاءت "نانسي" لها فقالت بجدية:-

-خدي كوكى غيرلها الهدوم وأكليها حاجة 


أخذت "نانسي" طفلتها من يدها فألتفت "مريم" خلف الدرج وتنظر فى هاتفها على رسالة من المحطة الفضائية بموعد التصوير للبرنامج كتذكر، كادت أن تكتب رسالة لهم لكن قاطعها صوت "ولاء" تقول:-

-أموت وأعرف عملتي أيه فى حياتك بتتعاقبي عليه فى كل فرحة تتكسر 


رفعت "مريم" نظرها عن الهاتف بهدوء وأخذت تنهيدة قوية قبل أن تبدأ مشاحناتها مع "ولاء" وقالت:-

-وأنهي ذنب حضرتك عملتيه عشان تتحرمي من حب ولادك


قهقهت "ولاء" ضاحكة بسخرية ثم قالت:-

-مين اللى ضحك عليكي وقالك أن ولادي بيكرهوني ، أنا أم ومهما عملت أنا أمها وهفضل أمها.. الدور والباقي على واحدة أتقطع نسلها من الدنيا زى أمها تمامًا جابتها وأتقطع نسلها وعمرها كله من الدنيا


جاءت "حنان" مُسرعة بعد أن ذكرها "جين" بأجتماع الأثنتين بسبب أمر "جمال" لتسمع كلمات "ولاء" الحادة إلى "مريم"، تنهدت "مريم" بعيني دامعة من حديثها الذي جرحها وزاد من نزيف قلبها وروحها وظلت تمقن "ولاء" بعيني ثاقبة تتمنى لو تستطيع صفع هذه المرأة التى تقسو عليها بقوة بل تدهسها، تابعت "ولاء" ببسمة أنتصرت من رؤية غرغرة دموع "مريم" قائلة:-

-بس أنا ذنبي أبني أيه أنه يعيش فى الدنيا بطوله من غير عيل يتسند عليه لما يكبر، بسببك أبنى اتحرم من أنه يجيله حتة عيل يشيل أسمه ويكون سنده فى الدنيا ...


تمتمت "مريم" بقهرة وحزن شديد قائلة:-

-أسكت 


تابعت "ولاء" بلا مبالاة هاتفة:-

-حتى لما أتوكستي وشلتيه عيل جت بت فقرية زى أمها .


صرخت "مريم" بلا مبالاة لهذه المرأة ومن تكون، لا تهتم سوى لجرحها الذي فاق طاقتها فى تحمل وجعه للتو قائلة:-

-أسكتي قولتلك أخرسي.. مين أنتِ عشان تدوسي على أوجاعي، مين أنتِ عشان تدوسي على روحي ووجعي، بأي صفة ولا أى حق تتكلمي معايا كدة ها فاكرة نفسك مين، فوقي أنا مش ضعيفة ولا عاجزة أنى أرد عليك 


تبسمت "ولاء" بسخرية من ثقة هذه الفتاة وقالت:-

-اكيد مش ضعيفة بعد ما أتجوزتي جمال المصري لكن قبل كنتِ مجرد حشرة تتداس بالرجل كان أخرك ويبقي أقصي أحلمك أنك تمسحي جزمتي


تحدثت "حنان" بهدوء وخوف من "جمال" عندما يعلم بحديث والدته مع "مريم" قائلة:-

-مدام ولاء بعد أذنك 


تحدث "مريم" بغضب لا تشعر بشيء من إنشقاق قلبها المجروح :-

-حشرة!! قولتي حشرة، ليكون فى علمك أنا مريم العاصي الأعلامية رقم واحد فى البلد والوجه الأعلاني لأكثر من شركة وماركة تجارية وأنتِ وأمثالك ليكي الشرف أنك بتشوفني أصلًا لأن غيرك يتمني أنه بس يشوفني صدفة، وكل دا أنا وصلته بمذكرتي وتعبتي ومجهودي عشان كدة أياكي مرة تانية تفكري أنى قوية عشان مرات جمال المصري أنا قوية بأسمي ومجهودي ونجاحي اللى واحدة زيك موصلتش لأى حاجة غير أنها ولدت جمال المصري بس ويكون فى علمك أنا فاض بيا منك والنهاردة يا أنا يا أنتِ اللى هتبقي بالقصر وخلينا نشوف جمال هيختار مين تبقي.

 

أنهي عمله تقريبًا مُتأخرًا على موعده فأنطلق مع "عاشور" إلى المكان المحدد للحفل وأنتظر قدوم سيارة "مريم" التى وصلت بنفس اللحظة تقريبًا، فتح "عاشور" لها الباب لتترجل "مريم" مُرتديًا فستان أزرق طويلًا بأكمام وضيق يظهر نحافتها وبه رابطة من الخلف تحيط بظهرها وذراعيها ذات اللون الأبيض وتستدل شعرها البني على ظهرها مُرتديًا كعب عالي ليمد "جمال" يده إليها فوضعت يدها براحة يده لكنها دُهشت عندما قبل "جمال" يدها بلطف، مساحيق التجميل زادت من جمالها أكثر فلم تكن نجمة إعلامية فقط بهذا الحفل، بل كانت نجمة الحفل كاملًا بجمالها، رحب الجميع بهم ثم أخذهم المسئول لكي يعرض عليهم المعروضات قبل بدأ المزاد حتى وصلوا أمام قلم أسود لكاتب عظيم داخل صندوق زجاجي فتبسمت "مريم" أمام هذا القلم وتمنت لو أستطعت أن تترك أثر خلفها يُقدروا الجميع كهذا القلم، ذُهل "جمال" من ظهور بسمتها للتو بعد معاناة كبيرة ومحاولات كثيرة منه فى إعادة البسمة لوجهها فلم يسمع كلمة واحدة من الموظف ، بل شرد بجمال بسمتها التى ظهرت أمام هذا القلم الأسود الذى لا يقارن بأى قلم ثمين أشترته "مريم" من قبل، لم يري بسمتها البريئة منذ أن فقدت جنينها من جديد والآن قد لمعت بوجهها، تحدث "جمال" بخفوت فى أذنها:-

-عجبك؟ 

نظرت إليه بلطف وأومأت برأسها قليلًا، جلسوا على المقاعد المخصصة لهم ثم بدأ المزاد على الأغراض الموجودة حتى حان وقت القلم، تحدث رجل أخر عن السعر الذي بدأ بـ ١0٠٠٠٠ جنيه لتُدهش "مريم" عندما قال "جمال" بثقة:-

-٢٠٠ ألف

رفع الرجل سعره فمسكت "مريم" يدى زوجها بحرج ثم قالت:-

-جمال خلاص دا مجرد قلم 

لكنه لم يتنازل عن القلم حتى وصل سعره إلى ٦٠٠ ألف وقد تخطي النصف مليون جنيه، أعطاها القلم بنظرة دافئة تلمع فى عينيه وقلبه لم يكن بحاله الطبيعي، بل جن جنونه فور رؤيته لبسمتها، همس إليها بحب قائلًا:-

-مش مجرد قلم يا مريم، دا رجعلي ضحكتك اللى أتحرمت منها وأنا ممكن أبيع العالم كله بكنوزه مقابل الضحكة دى منكِ

نظرت للقلم مطولًا ثم رفعت نظرها إليه وعقلها شاردًا بكلماته كيف لقلم يضحكها وينير وجهها ومعها رجل كـ "جمال" لا يقارن بأي شيء، بادلها النظرات فى صمت مُبتسمًا لتقترب "مريم" وتعانقه بهدوء بينما هو مُمتن لهذا القلم الذي أثار براءة زوجته الحزينة وخلصها من حزنها...

عاد للقصر معها فى السيارة الخاصة به لتقصى له ما حدث ما والدته وقالت بجدية صارمة:-

-أنا فاض بيا يا جمال، حقيقي أن حد يدوس على وجعي وميقدرش شعور بيوجع أكثر، قولي سبب واحد أو حاجة واحدة أنا عملتها عشان تكرهني الكره دا كله، بقالي أكثر من 8 سنين فى قصرك ولسه مش قادر تتقبلني، أنا معنديش مشكلة أنها تقاطعني أو تكرهني لكن متوجعنيش وتدوس على وجعي على الأقل تخليها فى حالها وأنا فى حالي وكأن العالم مشبعش من أوجاعي فى كل الناس فبعتلي الست الوالدة كمان


تنهد "جمال" بهدوء من تصرفات والدته وقال:-

-معلش يا مريم أنا هتصرف، حقك عليا أنا 


أخذت نفس عميق بهدوء ثم قالت:-

-وأنت ذنبك أيه؟ أنا كل مرة كنت بسكت وبقول مش لازم أحكيلك ومعملش مشكلة مع الأم وابنها لكن صدقنى يا جمال وجعني وطاقتي منها فاضوا بيا لأني بشر ومن لحم ودم


قبل "جمال" جبينها بلطف لتضع رأسها على صدره بأسترخاء فأخذ يدها فى قبضته يعانقها لتبتسم "مريم" بعينيها التى تراقب أصابعه وهي تتغلغل بين أصابعها ..

     البارت الخامس والعشرون من هنا 

     لقراءة جميع الحلقات من هنا 

تعليقات