قصة جمال الأسود البارت الحادي عشر 11 الجزء الثاني بقلم نورا عبدالعزيز

 قصة جمال الأسود

البارت الحادي عشر 11 الجزء الثاني  

بقلم نورا عبدالعزيز

خرجت "مريم" من المرحاض صباحًا بعد أستحمامها مُرتدي روب الأستحمام الوردي يصل لأسفل ركبتيها وتجفف شعرها المبلل بالمنشف فدهشت عندما وجدت "جمال" فى الغرفة، يقف أمام المرآة ويعقد رابطة عنقه مُستعدًا للخروج ببدلته الزيتى وقميص أبيض، تطلع "جمال" بها فى المرآة وقلبها يكاد يتوقف من دوامة الشوق التي تجتاحه بسببها، كم يشتاق لضمها وتقبيل جبينها فى الصباح لكنه يكبح كل مشاعره لأجل سلامتها، تحاشي النظر إليها بينما "مريم" لم ترفع نظرها عنه بوجه عابس، كم يوم مر على هجره إليها ولا تعلم إلى متي سيظل بعيدًا هاجرًا إليها بقسوة وجحود؟، ذهبت نحو فراشها وجلست عليه فى صمت، صفف "جمال" شعره ببرود غير مُبالي لوجودها حتى سمع صوتها المبحوح من الحزن تقول:-

-ملت


توقف عما يفعله وألتف لكي ينظر إليها فرفعت عينيها به ببرود وعبوس ثم قالت مُتابعة بجدية صارمة:-

-أنا ملت، لا عشان أكون دقيقة تعبت من الفراق وإحساس الظلم قاتلني، أنى أتعاقب على حاجة معملتهاش وأتظلم بالشكل القاسي دا من حبيبي وأقرب ما ليا واجعنى ومخليني مش قادرة حتى أتنفس ولا أعيش


دمعت عينيها العسليتين ووضعت يديها على صدرها من الألم والأختناق الذي تشعر به داخلها وقالت بتلعثم وهى على وشك البكاء:-

-ظلمك رجعني لأيام كنت بحمد ربنا أنى نسيتها، تمامًا زى حمزة ومختار، نفس الظلم والقسوة بس أنت أكتر يا جمال عارف ليه؟...


ظل صامتًا حادقًا بوجهها ودموعها التى أنهمرت على وجنتيها رغم عنها فقالت بلهجة واهنة وإنكسار:-

-لأنك حبيبي دا شيء الوحيد اللي مختلف عنهما عشان كدة قسوتك عليا وظلمك ليا واجعني أكتر منهم، محدش فيهم كان حاببني ولا أنا كنت حابة حد فيهما لكن أنت أزاى قادر على وجعي وقهرتي؟ أزاى قادر تشوفني بموت قصادك من وجعى وقهرتي وعادي مبتتهزش


بدأت تنهر فى بكاءها من الوجع المُصاحب إليها فقال "جمال" بقسوة ولا يكترث لما قالته أو دموعها التى تنهمر على وجهها:-

-كان لازم متخونيش يا مريم، بسببك ابني مات فى بطنك ولا مش واخدة بالك من جريمتك، بلاش نوجع بعض بالكلام 


غادر الغرفة فور أنهاء جملته تاركًا "مريم" فى حالة من الصدمة مما قاله وجريمتها التى ألصقها بها وجعلها مُذنبة بها، لم تكن الخيانة فقط، بل ألصق بها تهمة قتل طفلها داخل أحشائها أيضًا، أنهارت "مريم" فى البكاء كليًا من قهرة قلبها ووجعها الذي تضاعف للتو من حديثه، فتح باب الغرفة ودلفت "فريدة" لتراها تبكي بأنهيار هكذا وفى حالة يرثي لها أصطنعت الحزن ومن داخلها كان قلبها يتراقص فرحًا مُنذ أن دخلت هذا القصر و"مريم" لم تعرف شيء سوى السعادة وكيف تعشق وتُدلل بسبب "جمال" والآن ولأول مرة ترى دموعها داخل هذا القصر والفضل يعود لـ "جمال" فشعرت بأنها حققت هدفها وشوطًا كبيرًا فى طريقها، قالت بقلق مُصطنع:-

-خير يا مدام مريم؟ حصل حاجة؟


هزت "مريم" رأسها بهدوء ويديها تجفف الدموع عن وجنتيها بحزن، قالت "فريدة" بهدوء:-

-مدام ولاء وصلت تحت


تنهدت "مريم" بحزن ثم أومأت إليها بنعم وقالت:-

-ماشي هغير هدومي وأحصلك


غادرت "فريدة" بسعادة تغمرها من الداخل، دلفت "مريم" إلى غرفة الملابس لتبدل ثيابها.


المدينة الزرقاء 

Blue city


حزمت "طاهرة" حقيبة "مسك" و"تيام" من أجل السفر إلى القاهرة بسبب عمل "تيام" مع "جمال" مؤقتًا، نزلت "مسك" للأسفل مع زوجها وكانت السيارة فى أنتظارهما أمام باب الفندق وفتح الأمن الباب لهما بينما أتجه "جابر" إلى سيارته ليصعد بها وفتح الباب الخلفي كي يصعد ومساعده فى مقعد السائق ليُصدم عندما وجد "غزل" فى المقعد الخلفي، جلس جوارها بدهشة ثم قال بهدوء:-

-خير بتعملي أيه هنا؟


أجابته بلا مبالاة وهى ترفع ركبتيها على مقعد السائق من الخلف بتهور وتضع الحلوى فى فمها:-

-جاية معاكم القاهرة


ألتف "جابر" إليها قلقًا بأندهاش ثم قال بسخرية:-

-ودا من أيه إن شاء الله؟ 


نظرت إليه بمكر ثم أخرجت الحلوي من فمها وهمست إليه بخباثة:-

-عشان تقي سفرت أمبارح بليل القاهرة


أبتعدت "غزل" عنه قليلًا بغرور ثم قالت بأقتضاب:-

-بصراحة محبتش أركب مع مسك وتيام وأحس نفسي محرم بينهما والطريق طويل، ولعلمك أنت معندكش خير 


رفع حاجبه إليها بذهول من كلمتها الأخيرة وكأنه مجبورًا على تقبلها فى سيارته طيلة الطريق من الغردقة إلي القاهرة، تحدث بقسوة وجدية:-

-يكون فى علمك أنا مش مجبور أتحمل سائلتك طول الطريق ولا وجودك فى عربيتي الطريق دا كله، بس ...


تبسمت "غزل" بسخرية وعينيها تحدق من نافذة السيارة مُتحاشيًا النظر إليه كليًا وقالت:-

-بس مش قادر تسيبني وقررت تأخدني شفقة مش كدة، وماله زى ما تحب أنا بالنسبة ليا أهى توصيلة والسلام


أعتدل "جابر" فى جلسته وأشار إلى مساعده بان ينطلق فى طريق فبدأ فى القيادة فى رحلتهما الطويلة، كانت "غزل" طيلة الطريق تحدق فى هاتفها بصمت قاتل وهكذا "جابر" الذي يتابع عمله على التابلت الخاص به ويتحدث فى الهاتف أكثر من مكالمة لأجل عمله، تنهدت "غزل" من التعب وطقطق رقبتها يمينًا ويسارًا بملل ثم أغلقت الهاتف وضمت ذراعيها إلى صدرها وأرخت رأسها للخلف ثم أغمضت عينيها فى سلام، نظر "جابر" إليها بعد قليل ليراها نائمةجواره ففتح درج فى المقعد الأمامي وأخرج من بطانية صغيرة فوضعها على قدميها بلطف وعاد لعمله، شعرت "غزل" بالبطانية وقطع تفكيرها فعلته لكنها لم تفتح عينيها بل ظلت غارقة فى تفكيرها مغمضة العينين، تبحث فى عقلها عن طريقة مثالية للأنتقام من "تقي" حتى غلبها النوم هذه المرة، كان "جابر" يتحدث فى الهاتف مع أحد العملاء وقال:-

-خلاص على أتفاقنا أول الشهر.....


توقف عن الحديث فجأة دون سابق أنذار عندما سقطت رأسها على كتفه، أتسعت عينيه على مصراعيها بدهشة وشعر بقشعريرة جسده حتى لسانه لم يقوي على أستكمال جملته فى الهاتف، طأطأ رأسه قليلًا لينظر إلى وجهها الملاكي وغرتها التى تخفي نصف ملامحها، أبتلع لعابه بتوتر ثم رفع رأسها عن كتفه للجهة الأخري بسبابته وتنفس بأريحية كأنها كتم أنفاسه بداخله بفعلتها الغير مقصودة، عاد إلى هاتفه لكنه تعلثم فى الحديث مع كل كلمة فتأفف بخنق وأغلق الأتصال ثم نظر إلى الطريق من النافذة.



"قصر جمــــال المصــــري" 


ترجلت "مريم" من الأعلي مُرتدية بنطلون جينز وتي شيرت أزرق بكم وترتدي خف أزرق فى قدميها وتسدل شعرها على وجنتيها، نظرت إلى " ولاء" الجالسة على الأريكة وبجوارها "مكة" و"يوسف" مُبتسمة لكن فور رؤيتها إلى "مريم" تلاشت بسمتها وتبدل حال وجهها إلى الحادة والقسوة فأبتلعت "مريم" لعابها بقلق وتقدمت نحوها ثم قالت:-

-حمد الله على سلامتك يا طنط


قالتها ومدت يدها لكي تصافحها لكن "ولاء" رمقتها بنظرة أرعبتها فتحاشت النظر إليها وألتفت لكي تجلس على المقعد لكن أوقفها صوت "ولاء" قائلة:-

-متقعديش


نظرت "مريم" إليها بصدمة ألجمتها لتقول "ولاء" بحدة صارمة:-

-متقعديش، مش كفاية بجاحتك وجاية تورينى وشك كدة عادي، تخوني أبنى ويجيبك من حضن واحد غيره وليكي عين تورينى وشك وتقعدي فى قصره


كزت "مريم" على أسنانها بأختناق من قسوة حديثها، جاءت "فريدة" بلحظتها تقدم الشاى الأخضر إلى "ولاء" وسمعت "مريم" تقول بجدية صارمة وثقة:-

-أنا لو كنت خونت أبنك مكنش جابني هنا وأنتِ عارفة كويس جمال مش هقولك تعرفيني لكن أكيد عارفة رد فعل أبنك ايه؟ 


وقفت "ولاء" من مكانها وتقدمت بخطوتين نحو "مريم" ببرود وغرور شديد ثم قالت بأشمئزاز:-

-أنا ابنى جابك هنا شفقة عشان خاطر بنتك لكن لو على خيانتك فأنتِ أكتر واحدة عارفة أنه مُتأكد من خيانتك وألا مكنش نام فى أوضة تانية، لكن أوعي تفتكري أن جمال سامحك ولو هو عملها فأنا لا، لأن أنا ميشرفنيش أن واحدة زيك تكون أم أحفادي ومرات ابني وأفتكري يا مريم أنا من زمان وأنا بقول أنك متشرفيش أى عيلة ومتستاهليش تشيلي لقب العائلة دى 


دمعت عيني "مريم" من القهرة والحزن الذي شعرت به للتو جعلها تفقد سيطرتها على دموعها التى أنهمرت على وجنتيها من الخذلان والذل الذي أصابها من حديث "ولاء" فقالت بتلعثم شديد:-

-حضرتك بس اللى مش قادرة تتقبلي وجودي ولا حقيقة أنى مرات ابنك وأنا مخونتش جمال لأني أشرف من أى حد فى البيت دا وكفاية أنى عارفة نفسي ايه ورأي حضرتك ميخصنيش ولا يفرق معايا ما دام هيكون بالظلم والكره دا كله، حضرتك عمرك ما حبيتي ولا هتحبينى، أصلًا حضرتك مبتعرفيش تحبي حتى ولادك عشان تحبينى أنا ....


أستمعت "ولاء" لحديثها بعغضب سافر مما تتفوه به وتحديها لطالما كرهت قوة "مريم" وعنادها حتى قاطعت بصفعة قوة على وجهها وصُدمت "مريم" من فعلتها ورفعت يدها تضعها على وجنتها التى توردت باللون الأحمر من قوة صفعة "ولاء" لها ونظرت إلى عينيها بصدمة، تحدثت "ولاء" بقسوة صارمة وعينيها تحدق فى وجه "مريم" بغضب وكره:-

-أياكي تاني مرة ترفعي صوتك فى وشي والقلم دا عشان يعلمك أزاى تتكلمي مع أسيادك وأوعي تنسي أنك كنتِ مجرد خادمة عند مختار ولما دخلتي القصر دا دخلتيه خادمة تستخبي فيه من أبوكي مدمن المخدرات... 


مسكت فك وجه "مريم" بقسوة لتحدق فى عينيها بنظرات ثاقبة يتطاير منها الشر وقالت بتحدي:-

-أنتِ خادمة وهتفضلي خادمة، أوعي تنسي أصلك يا مريم ومتنسيش أن كل اللى أنتِ فيه دا بفضل ابني اللى أنتِ نجستي شرفه واسمه بخيانتك له 


دفعتها بقسوة بعيدًا عنها ثم قالت بنبرة حادة قائلة:-

-فريدة، خدي مكة على أوضتي وأياك الزبالة دى تلمحها حتى بعينيها 


حملت "فريدة" طفلتها وأخذتها بعيدًا للأعلي بينما "مريم" تبكي بضعف وقلة حيلة من هذه السيدة، لم يتكتفي القدر بقسوة "جمال" عليها فأرسال لها "ولاء" حتى تقضي على ما تبقي من صمود بداخلها، الجميع يتهمها بالخيانة أم هى تموت من وجع الظلم والشعور بالقهرة يقتلها أكثر.



وصلت "مسك" مع "تيام" إلى شقتهما فى القاهرة وتركت طفلها فى الفراش نائمًا وخرجت إلى غرفة المعيشة لترى "تيام" جالسًا على الأريكة ويقرأ بنود العقد الخاص بشركة "جمال"، جلست جواره على الأريكة فرفع ذراعه إلى كتفها ليحيطها به بينما يتابع عمله، تحدثت "مسك" بلطف قائلة:-

-تيام


-أمممم 

قالها بنبرة خافتة وعينيه لا تفارق التابلت الخاص به، نظرت "مسك" إلى وجهه بعبوس من أنشغاله الدائم، حين راته لأول مرة لم يكن يعرف شيء عن العمل لكن الآن أصبح مُدمنًا على العمل بسبب مسئولياته الكثيرة، أبتعدت عنه وظلت تنظر إلى وجهه فقالت بعبوس:-

-أشغل التكيف 


-أمممم 

لم يرفع نظره بها كأنه لا يشعر بوجودها جواره فنظرت "مسك" إلى المكيف وهو بالفعل مفتوحًا ألهذا القدر لا يشعر بما حوله فسألته بضيق أكبر:-

-أجبلك قهوة يا تيام؟


أومأ إليها بنعم من جديد فتنهدت غيظًا من أهتمامه بالعمل ووقفت من جواره ثم ذهبت إلى المطبخ مُتمتمة بضيق:-

-أممم أمممم أمممم مبخدش منه غير أممم 


وقفت فى المطبخ غاضبة ثم نظرت إلى الفنجان الفارغة بغيظ ووضعت ملح بالقهوة بدلًا من السكر وأعدت له فنجان القهوة ثم خرجت به إليه، وضعته أمامه، أرتشف رشفته الأولي ولم يعقب مما أدهش "مسك" وكيف لا يعقب على فنجان القهوة والملح الموجود به؟ أغتاظت "مسك" من تصرفاته فضربته على كتفه بضيق قائلة:-

-تيام


تألم من قبضتها ورفع نظره أخيرًا عن التابلت حادقًا بوجه "مسك" فقال بأستغراب:-

-أييه؟


تحدثت "مسك" بأنفعال شديد من رد فعله وقالت:-

-أيه؟ بتسألني أيه؟ بقالي ساعة قاعدة جنبك وكل ما أتكلم تقولي أممم أممم أممم تقدر تقولي أنا كنت بقول أيه؟


ترك التابلت من يده وألتف بجسدها إليها ببسمة خافتة وقال:-

-أول حاجة جيتي قعدتي جنبي وناديتي عليا تيام قولتلك أممم وبعدين زعلتي وضمتي حواجبك كدة بكلدمة وتكشير وبعدين بصتي حواليكي كدة وقولتي أشغل التكييف قولتلك أممم روحتي باصة على التكييف اللى شغال أصلًا وأتعصبتي أكثر وسألتي على القهوة وحطتيه فيها ملح وأتعصبتي أني معلقتش على الملح


نظرت "مسك" إليه بأندهاش من تصرفاته وهو يصف كل حركة وحرف لفظت به دون أن ينظر إليها فقالت بضيق:-

-كنت بتراقبي فى صمت يعنى


أخذ يدها فى قبضته بلطف ونظر بعينيها الرمادتين الجميلتين بحُب ونظرة عينيه الدافئة تهزم كل شيء بها وحتى غضبها تخمد نيرانه فقط من نظرة واحدة منه، قال بلطف دافئ:-

-أنا دايمًا عيني عليكي يا مسك حتى لو مأخدتيش بالك، أنا دايمًا معاكي وواخد بالي منك 


تبسمت بلطف على كلمته البسيطة وتناست كل غضبها منه ثم قالت بلطف:-

-خلاص سامحتك يا مُتيمي


أقترب أكثر نحوها بأعجاب شديد ومُشتاقًا لهذا الأسم منها فقال بأثارة ودلال:-

-لو تعرفي أنا مُشتاق للكلمة دى منك قد أيه؟ مرة كمان يا مسك


تبسمت إليه أكثر ورفعت يدها إلى وجهه تلمس وجنته بحنان وحُب دافئ ثم قالت بهمس مُفتونة بهذا الرجل العاشق:-

-مُتيمي 


أهداها بقبلة ناعمة تشعل جنون دقات قلبها إليه، تبسمت "مسك" وهى تتشابك الأصابع معه بدلال وقلبها لا يصف شعوره وجنون دقاته كلمات أو حديث.


كان "صادق" يقود السيارة بـ"جمال" فى طريق عودته صامتًا والأخر يحدق بالمارة فى الطريق من النافذة ومشهد دموعها وبكائها صباحًا لم يفارقه نهائيًا طيلة اليوم، أخرج هاتفه ونظر غلى صورة وجهها التى تحتل شاشة الهاتف كخلفية إليه، ظل ينظر لهذه البسمة المُشرقة التى تنير وجهها وتمتم سرًا قائلًا:-

-أستحملي يا حبيبة قلبي


فتح مربع المحادثات بينهما وكتب رسالة إليها بشوق يكاد يقتله وقلب لا يقوى على تحمل حزنها وبكائها، كان محتوى رسالته 

( أستحملي يا روحي وقريب جدًا هعوضك بعشقي ودموعك همسحها بحُبي ليكي يا مريم بس خليكي قوية يا حبيبة قلبي وعمري... 

مسح رسالته قبل أن يرسلها بعد أن شعر أن هذه الرسالة ستهدم كل مخططاته، حاول أن يكتب رسالة أخري تمدها بالقوة لكن خالي من العشق ومع ذلك فشل فى أنتقاء الكلمات، قاطعه رسالة من "جين" على هاتفه حين فتحت نافذة "جين" على الهاتف وكانت تحمل له جزءًا من الكاميرات الخاصة بالقصر صباحًا حين ضربت "ولاء" محبوبته بقسوة وسمع حديثها إلى "مريم" فلم يُصدق أن والدته فعلت ذلك مع "مريم"، هو نفسه حين رآها مع رجل أخرى لم يقوى على صفعها والآن قد أرتكبت والدته هذه الجريمة بحقها، كز على أسنانه غيظًا وقال بجدية صارمة مُخيفة:-

-بسرعة يا صادق


نظر "صادق" إلى كلمته وهكذا "شريف" الجالس جوار السائق فصرخ "جمال" من الغضب مُنفعلًا من والدته التى لمست زوجته بالضرب وهو لم يعطيها هذا الحق وتحدثت معها بقسوة ربنا قتلت "مريم" من الداخل بهذا الحديث:-

-قولتلك بسرعة حتى لو كسرت كل الأشارات 

لم يتحمل قلبه القسوة التى رآها للتو لأجل محبوبته ليكمل "جين" غضبه بزيادة أكبر عندما أخبره بأن الساعة والهاتف الخاصين بـ "مريم" أغلقوا نهائيًا، تخطي "صادق" كل الأشارات وتجاوز السرعة المحددة حتى وصل للقصر، دلف "جمال" صارخًا باسم والدته:-

-أمي، يا ولاء هانم 


رآها تنزل من الأعلي ببرود كأنها لم تفعل شيء تقول ببرود جليدي:-

-في أيه؟


صعد للدرج ومسكها من ذراعها بغضب مكبوح بداخله وقال:-

-أنتِ مين أديكي الحق ترفعي أيدك على مريم؟ مين أنتِ عشان تضربي مراتي


دُهشت "ولاء" من قسوته وعينيه التى يتطاير منها الشر لأجل "مريم" وقد نسي أن من يتحدث معها والدته فقالت بصدمة ألجمتها للتو:-

-مين أنا؟، أنا أمك


تحدث بقسوة كابحًا غضبه فقط لأنها والدته قائلًا:-

-أمي، أنهي أم أنتِ، تعرفي عني ولا عن حياتي أيه عشان تصفي نفسك بأمي، أنت مجرد ما ولدتني رميتني وكل اللى يهمك فى حياتك شكلك ومظهرك وتعيشي فين وتركبي عربية أيه؟ أنهى أم أنتِ


لم تستوعب "ولاء" ما تراه او تسمعه من ابنها فلم تقوى على التفوه بكلمة واحد، ترك ذراعها ورفع سبابته فى وجهها ثم قال بتهديد صريح وواضح وعينيه ترمقها بغضب مكبوح:-

-فكرى تلمسي مريم مرة تانية يا أمي ووقتها بس هتعرفي مين هو ابنك جمال المصري ورب الكعبة ما هتتخيلي ابنك ممكن يعمل أيه ؟


تركها وصعد إلى الغرفة حيث توجد "مريم" محبوبته مُتمنيًا ألا تكون أصابت نفسها بشيء خصيصًا بعد أن ذكرت "ولاء" لها "حمزة" وقسوته وما فعله "مختار" بها، لم ترحم "ولاء" قلبها أو روحها بالحديث أو الضرب، فتح باب الغرفة ولم يجدها فى غرفة المعيشة ليفتح الباب الجرار حيث غرفة النوم ولم يجد لها أثر، أتجه إلى المرحاض وهو يناديها بدفء:-

-مريم... مريم أنا جيت يا حبيبتي، أفتحي ولا يهمك ..


لم يأتيه جوابًا من الداخل فمسك مقبض الباب وقال بلطف ونبرة دافئة تطيب القلب والروح:-

-يا روح قلبي ولا يهمك متحطيش حاجة من اللى قالتها فى بالك، أنتِ روحي وعمري كله وأنتِ عارفة دا 


لم يجد جوابًا ففتح الباب بخفوت لكنه صُدم عندما وجد المرحاض فارغًا و"مريم" لا أثر لها، ألتف لكي يخرج من الغرفة يبحث عنها بغرفة "مكة" طفلتهما لكنه توقف عندما رأي ورقة على الفراش فسار نحوه بخطوات ثقيلة مُرتعبًا مما توقعه عقله للتو وكان ما توقعه قد حدث بالفعل عندما وجد الهاتف والساعة فوق الورقة وقد رحلت "مريم" نهائيًا عنه وتركت فى ورقتها كلمة واحدة قتلت قلبه وقطعته لأشلاء مُميتة وظل يحدق بهذه الكلمة مطولًا ولم يستوعب أن "مريم" قد هجرته نهائيًا وكتبت له (طلقني)، رحلت عنه وعن عالمه بعد أن سلبت منه قلبه وروحه وعقله معها وتركته هنا للموت فى بُعدها.

             البارت الثاني عشر من هنا 

      لقراءة جميع الحلقات من هنا  

تعليقات