وكفى بها فتنه البارت الرابع والاربعون 44 بقلم مريم غريب

وكفى بها فتنه 
البارت  الرابع والاربعون 44
بقلم مريم غريب



إنتقلا "أدهم" و "سلاف" إلي العيش في شقة "أمينة" مؤقتا ...

فقد إقترح "أدهم" هذا ليؤمن فترة الحمل لزوجته و يضمن سلامتها ، قرر أن يضعها بعيدا عن مكائد عمته كليا

و حتما لن تطولها يدها و هي وسط الجدة و "أمينة" علي وجه الخصوص

فالأم تتربص للعمة و تتحين لها أقل خطأ ..

و مع إبقاء خبر حمل "سلاف" طي الكتمان لبعض الوقت ، إنتشر خبر خطبة "عائشة" و أتي يوم الزيارة الذي حدده "أدهم" للدكتور "زياد" و والده

..................

كانت "عائشة" في غرفتها عندما دخلت لها "سلاف" ... وجدتها تجلس أمام المرآة و تنظر لنفسها بشرود

إبتسمت "سلاف" و مضت صوبها و هي تقول :

-العروسة الحلوة سرحانة في إيه ؟!

أفاقت "عائشة" من شرودها و قالت و هي تنظر لها في المرآة :

-سوفا !
أبدا مش سرحانة
بس كنت بفكر

سلاف و هي تضع يدها علي كتفها :

-بتفكري في إيه يا حبيبتي ؟

عائشة بتوتر :

-أنا أول مرة أتحط في الموقف ده
مش عارفة خايفة أووي

سلاف بلطف :

-خايفة من إيه بس يا شوشو ؟
مافيش حاجة تخوف
الناس هيجوا يزرونا عادي . و إنتي هتبقي وسطنا و أدهم موجود
لو ماعرفتيش تتكلمي خلاص علي راحتك
أدهم هيتكلم و الليلة هتعدي علي خير إن شاء الله

عائشة : ربنا يستر بقي ! .. و عبست غير مرتاحة

سلاف بإستغراب :

-الله !
مالك يا شوشو ؟

نظرت "عائشة" لها و قالت بتردد :

-بصراحة أنا مش مرتاحة يا سلاف
أدهم جابلي كل حاجة ورا بعضها
عايز يخلص الموضوع كله في قاعدة واحدة و المطلوب مني يا أوافق أو أرفض

سلاف و قد فهمت ما ترمي إليه :

-إنتي يعني قصدك إنك محتاجة تتعرفي علي زياد أكتر ؟
طيب يا حبيبتي ده حقك

عائشة : إنتي ممكن تأيديني
بس أدهم مش من أنصار الأفكار دي
هو مديني حرية الإختيار بس منغير إسثناءات

سلاف : لأ يا عائشة أدهم مش بيفكر كده
إنتي أكيد ظالماه و بعدين هو مايعرفش إنتي حاسة بإيه و إنتي ماطلبتيش منه حاجة و هو عارضك فيها
طيب بصي يا حبيبتي و لا يهمك
أنا هكلمه إنهاردة بعد الزيارة و هقوله عائشة لازم تقعد مع زياد لوحدهم و يتكلموا عشان يتعرفوا علي بعض أكتر
أنا هقنعه بكده ماتقلقيش

عائشة و قد أشرق وجهها :

-بجد يا  سوفا !!

سلاف بإبتسامتها الرقيقة :

-بجد يا شوشو

قامت "عائشة" و إحتضنتها و هي تقول :

-ربنا يخليكي يا حبيبتي و مايحرمنيش منك أبدا

سلاف و هي تضحك :

-طيب خلاص نأجل العواطف دي لبعدين
خليني أساعدك شوية معاد الناس قرب
إنتي هتلبسي إيه ؟

عائشة : ما أنا لابسة أهو !

نظرت "سلاف" لها من أعلي إلي أسفل و قالت بعدم رضا :

-لأ يا شوشو مش الحلو الفستان ده
كحلي ؟ هتقابلي عريسك بفستان كحلي ؟؟!!

عائشة : طيب ألبس إيه ما أنا مش عارفة !

سلاف بإبتسامة :

-أنا كنت عاملة حسابي
جبتلك فستان من بتوعي و شلتهولك عند نناه
هاروح أجيبه و جيالك

عائشة بإمتنان :

-شكرا يا سوفا
تسلميلي يا حبيبتي

سلاف : شكرا علي إيه يا عبيطة إنتي
ثواني و رجعالك

............

و مع دقات الثامنة مساءً بالدقيقة ...

دق جرس الباب ، فذهب "أدهم" ليفتح

وجد صديقه يقف بالخارج و بجانبه رجل يشبهه كثيرا ، لكن آثار التقدم في العمر واضحة جدا في تجعيدات وجهه و شعره الأشيب الناعم ..

زياد بإبتسامة ودية :

-السلام عليكم يا دكتور أدهم !

أدهم و هو يرد له الإبتسامة :

-و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته
دكتور زياد مواعيدك مظبوطة دايما .. ثم نظر لوالده و مد يده للمصافحة قائلا :

-أهلا يافندم شرفتنا

الوالد بإبتسامته الوقورة :

-أهلا يا دكتور أدهم
الشرف ليا و الله

زياد : عايز أقولك إني واقف قدام الباب من ربع ساعة
بس إلتزمت بالمعاد و دقيت الجرس 8 بالثانية

أدهم بصدمة :

-لا يا راجل !
إنت بتهزر يا زياد ؟
معقول وقفت والدك علي الباب ربع ساعة ؟
لأ بجد أخس عليك أنا مش مسامحك علي التصرف ده علي فكرة

زياد و هو يضحك :

-طيب معلش المرة دي
أنا بس حبيت أمشي علي الأصول

أدهم : يبقي سيادتك ماتعرفش حاجة عن الأصول
لما تسيب والدك واقف جمبك كده طول الوقت ده دي إسمها قلة ذوق

الوالد ببشاشة :

-خلاص يا دكتور أدهم
إحنا مالحقناش نتعرف علي بعض إوعي تقلب عليه دلوقتي و تروحنا بدري الله يباركلك

ضحك "أدهم" و قال :

-إنتوا علي راسي و الله يافندم
إتفضلوا . إتفضلوا أهلا و سهلا بيكوا

زياد : بس قبل ما ندخل إتفضل إنت الحاجات دي .. و أعطاه باقة ورد و علبة حلوى

أدهم بعتاب :

-ليه تعبت نفسك يابني
مالهاش لازمة الحاجات دي

زياد : دي حاجة بسيطة جدا و الله
إنتوا مقامكوا كبير أوي يا دكتور

أدهم : شكرا يا سيدي
طيب إتفضلوا بقي وقفنا كتير كده

و أدخلهم "أدهم" إلي الصالون ، ثم إستأذن ليذهب و يخبر عائلته بحضورهم ..

-باين عليه كويس الدكتور زميلك ده يا زياد ! .. قالها والد "زياد" مبتسما برضا

نظر "زياد" له و قال :

-مش باين عليه يا بابا
أدهم عمران شخص كويس جدا
كل إللي يعرفه يشهدله بأخلاقه و صفاته الكويسة
علي المستوي الشخصي أدهم ده راجل محترم جدا و ملتزم جدا جدا

الوالد : لو أخته زيه كده ربنا يجعلك نصيب فيها

زياد بثقة :

-أخته كويسة جدا يا بابا
حضرتك مش شايف يعني ؟ الجواب بيبان من عنوانه

و هنا عاد "أدهم" و هو يمسك بكرسي جدته و أمه تسير بجانبه راسمة علي ثغرها إبتسامة خفيفة ..

حليمة بوقارها المعتاد :

-أهلا أهلا
أهلا و سهلا بيكوا
نورتونا و الله

يقوم الإبن و الوالد و يقول :

-أهلا بحضرتك يافندم ! .. و مد يده للمصافحة

فأوقفه "زياد" و هو يهمس بأذنه :

-إوعي تفكر تعملها
مابيسلموش
محدش بيسلم هنا و خلي بالك أم أدهم إللي واقفة جمبه دي
إوعي تفكر تسلم عليها . من بعيد يا بابا

سحب والد "زياد" يده و هو يومئ له متفهما ..

أدهم بلطف :

-إتفضلوا يا جماعة أقعدوا
إستريحوا

و بعد أن جلس الجميع ..

والد زياد : نتعرف الأول بقي
أنا عادل فخر الدين والد الدكتور زياد .. و أشار إلي إبنه ، و أكمل :

-أنا جاي إنهاردة علي سمعة العيلة الطيبة و لما شوفت بعيني زاد يقيني أكتر و حقيقي يشرفني جدا إني أطلب دلوقتي إيد الأنسة عائشة لإبني الدكتور زياد

أدهم : الشرف لينا يافندم و الله

عادل : يافندم إيه بس ؟
إرفع الألقاب يا دكتور
ممكن تقولي يا عم عادل
أو يا عمي لو محرج أوي

أدهم و هو يضحك :

-ماشي يا عمي
بس لازم ناخد رأي العروسة الأول

زياد و قد تلاشت إبتسامته :

-هي لسا ماقررتش ؟
إنت قولتلي لو وافقت أجيب والدي و أجي يا دكتور أدهم !

نظر "أدهم" له و قال بإبتسامة :

-ماتقلقش يا دكتور زياد
إن شاء الله خير
بس العروسة من حقها تاخد فرصتها في القبول أو الرفض قبل ما نخوض في أي تفاصيل
و في الأخر ربنا هو الفصل و الحكم و كله مكتوب فـ ماتقلقش .. ثم قام مكملا :

-أنا هاروح أجيبها
مش هتأخر
عن إذنكوا

..................

كانت "عائشة" في أقصي مراحل توترها و فشلت جميع محاولات "سلاف" لتهدئتها ..

يلج "أدهم" إلي غرفتها فجأة ، فتتسمر عيناها عليه و تزداد ضربات قلبها و تقوى

أدهم : إيه يا شوشو
مالك يا حبيبتي وشك أصفر كده ليه ؟
شوفتي عفريت ؟

عائشة بإرتباك شديد :

-لـ لأ يا أدهم
أنا  تمام

أدهم بنظرة شك :

-يا شيخة !
طيب يلا عشان الناس مستنينك برا

عائشة بتوتر :

-هو أنا لازم أخرج ؟

أدهم : أيوه طبعا
لازم تقولي قرارك النهائي قدامهم

هزت "عائشة" رأسها بحيرة ، لتشجعها "سلاف" قائلة :

-يلا يا شوشو
ماتخافيش يا حبيبتي إحنا معاكي مش هيحصل حاجة

عائشة و هي تنظر لها بتردد :

-أنا مش خايفة
ماشي . يلا !

إبتسمت "سلاف" و نظرت إلي زوجها قائلة :

-طيب روح إنت يا أدهم و إحنا جايين وراك
عشان شوشو تطلع بالعصير و تقدمه

أدهم : ماشي
بس ماتنسيش تنزلي النقاب و إنتي خارجة
يلا ما تتأخروش

ناولتها "سلاف" صينية المشروبات و زودتها بكلمات مشجعة ... و خرجت "عائشة" تتبعها "سلاف"

تماسكت و سارت بخطوات ثابتة و هي تشد ظهرها

إبتسمت برقة و حرصت علي إخفاض بصرها ، لكن عيناه إجتذبتها و وجدت نفسها تنظر له رغما عنها

غمرت الحمرة وجهها و هي تحيد عنه بإستحياء شديد ..

ذهبت لتقدم المشروبات ، و عندما وصلت عند "زياد" إرتجفت يداها بشكل ملحوظ فحاولت جهدها أن تتجلد و تثبت

و لكن توترها تفاقم و غلبها ...

زياد بإبتسامته الجذابة :

-تسلم إيدك
شكرا .. و أخذ كأسه

تنفست "عائشة" الصعداء لمرور هذه اللحظات الشاقة ...

مضت صوب الآريكة التي يجلس عليها شقيقها و زوجته و جلست بينهما و هي تنظر بالأرض

يبدأ "أدهم" الكلام هذه المرة و يقول و هو ينظر لأخته :

-عائشة
دكتور زياد جاي مع والده إنهاردة عشان يطلبوا إيدك بشكل رسمي
أنا سمعت موافقتك المبدئية قبل كده
بس لازم تأكدي عليها دلوقتي قدامنا كلنا

إنعقد لسانها أكثر و سيطر الخجل عليها كليا ، فلم تنبس بحرف و لم تأت بأي حركة

و لما طال صمتها قال "عادل" :

-شكل عروستنا مكسوفة
بس عادةً السكوت علامة الرضا و لا إيه يا عروسة ؟

نظرت "عائشة" لأخيها ، و أومأت بخفة ..

تنهد "أدهم" مفتخرا بأخلاق أخته ، ثم نظر إلي صديقه و قال بإبتسامة :

-طيب علي بركة الله
مبروك يا زياد

زياد بسعادة :

-الله يبارك فيك يا أدهم

عادل : إستنوا بس مبروك إيه
مش لما نتفق الأول !

أدهم بجدية :

-يا عمي الإتفاق ده أمره سهل بإذن الله
أهم حاجة يبقي بينا الوفاق و المعروف و زي ما بيقولوا إحنا بنشتري راجل

عادل : صدقت يا دكتور و شكرا كلامك علي عيني و راسي و الله
بس دي حقوقكم علينا
أولا إحنا عايزين العروسة بشنطة هدومها
زياد أبني ما شاء الله عليه إشتري بيت لنفسه من سنتين و جهزه من حر ماله أنا ماقدمتش أي مساعدة
و البيت مش ناقصه أي حاجة غير العروسة بس

أدهم : بس ...

-مابسش يا دكتور أدهم .. قاطعه "زياد" بصرامة و أكمل :

-أنا راجل أحب أكفي مراتي و بيتي
و مش هقبل إن إللي هتجوزها تصرف علي نفسها أو علي البيت
أنا موجود و الحمدلله أد المسؤولية

أدهم بثقة :

-طبعا أدها مافيش شك
طيب خلاص يا زياد
إللي يريحك

عادل : طيب هنحدد معاد الفرح إنهاردة و لا ليكوا رأي تاني ؟

زياد بإسراع :

-لأ نحدد إنهاردة يا بابا
إحنا كلنا حاضرين مافيش داعي نأجلها لوقت تاني

نظر "عادل" إلي "أدهم" و قال :

-إيه رأيك يا دكتور أدهم
أول الشهر الجاي

أدهم : أول الشهر الجاي !
ده كده بعد إسبوعين

عادل : أه و ماله
طالما متفقين و كله تمام نتأخر ليه

أدهم بعد تفكير :

-ماشي
أنا موافق .. و نظر لأمه :

-عندك أي ملاحظة يا أمي ؟

أمينة بصوت خافت :

-إللي تشوفه إنت يا حبيبي

أدهم : و إنتي يا تيتة !

حليمة بإبتسامة :

-ربنا يتمم بخير يا حبيبي
زي ما قلت علي بركة الله

و هنا دق هاتف "أدهم" فإعتذر من الجالسين و قام ليرد

لكنه جمد فجأة و هو ينظر لأسم المتصل ..

أمينة و هي تنظر له بإستغراب :

-في حاجة يا أدهم ؟!

نظر "أدهم" لأمه و قال بدهشة :

-إيمـــــان ! ........ !!!!!!!!!!!!!!





تعليقات