البارت الخامس عشر 15 الجزء الثاني
بقلم نورا عبدالعزيز
جلست "مريم" مع "مسك" فى أحد المطاعم يتحدثان بعد أن وضع النادل إفطار من المعجنات أمامه والقهوة الخاصة بـ "مسك" وعصير التوت الخاص بـ "مريم"، قالت "مريم" بهدوء وحيرة فى أمرها:-
-لسه مترددة وخايفة أرجع القصر، عمري ما حسيت بالأمان قد ما حسيت به جوا القصر لكن الفترة اللى بتكون فيها مامته هناك، بتكون حساسة أوى، رغم كل حاجة عملتها ومهما كانت مكانتى ونجاحي فى شغلى ألا أنها دايما بتفضل شايفة أني الخادمة اللى أتجوزها مختار وبسببه أتجوزني جمال، رغم أن ربنا يعلم أن نجاحي فى كليتي وكل برنامج قدامته كان من نجاجي ومجهودي فى مذاكرتي وشغلي، عمري ما أستغلت أسم جمال فى أى خطوة خاصة بحياتي العملية
تبسمت "مسك" بلا مبالاة وبثقة ثم قالت بجدية:-
-مريم هو أنتِ طول الوقت كدة؟
نظرت "مريم" لها بحيرة من أمرها فتابعت "مسك" بجراءة وقوة ويديها تحيط بفنجان قهوتها الساخن:-
-يعنى طول الوقت مهتمة بكلام الناس وأولهم حماتك، أحب أقولك أن الناس دى مش هتنفعك بحاجة غير أنها هتقلل دايما من ثقتك بنفسك واللى عايز ينجح مش لازم يهتم بحاجة زى دا، شوفي تفكيرك فى كلام حماتك مصولك أن جوزك لما قالك أرجعى القصر رفضتي، القصر اللى هو بيتك أنتِ، الواقع اللى مش هيتغير اللى بتكلم عنه مامته هو أنك مريم العاصي الزوجة الوحيدة لجمال المصري والأعلامية المشهورة واليوتيوبر الناجحة بقناة تجاوزت 5 ملايين، دى حقيقتك يا مريم بمعنى دا أنتِ ومش لازم تسكتي عن دا والقلم اللى أخدتيه ممكن ترديه من غير ما تلمسي حماتك لأن ميصحش ترفعي أيدك عليها، لكن من كلامك عنها أن نجاحك فى حد ذاته وأنها تشوفك على الشاشة هو القلم الحقيقي ليها عشان كدة أنا رأي من رأي جمال أنتِ لازم ترجعي للشاشة يا مريم بإذن الله
حدقت "مريم" بها كثيرًا بنظرة طويلة لا تعلم أحقًا حان الوقت لتنير الشاشات بصورتها الجميلة وصوتها الرقيق الدافئ، تابعتها "مسك" بنظراتها لترى الحيرة والتردد فى أتخاذ القرار فقالت بلطف:-
-أنا جاية أقول لك أن الوقت حان، أنتِ فى عز ناجحك ونورك مش دا الوقت اللى تتهزمي وتوقفي فيه
أومأت "مريم" لها بنعم فتبسمت "مسك" إليها ثم قالت بمرح وعفوية:-
-عارفة أنا انتقمت من تيام، ساعة لما قولتله أن مهما كانت مكانته هو وجمال لو فكرنا نهرب مش هيلاقونا، كان مجرد كلام لكن صدقيني عجبتني الفكرة وقت ما تكوني جاهزة لازم نعملها يا مريم خليهم يعرفوا قيمتنا شوية
ضحكت "مريم" بعفوية" على كلماتها وهى تطلب منها أن تلعب الغميضة مع "جمال" وكيف لها أن تفعل وهو تعلم من هروبها مرة ولن يسمح لها بفعل ذلك مرة أخرى؟ ربما "تيام" واثقًا من قدرات زوجته القتالية لكن "جمال" يعلم كم "مريم" عفوية وبريئة لا تعرف شيء عن القتال فيرسل خلفها عشرات من رجال الحراسة لأجلها غير "جين" المتصل بكل شيء خاص بها.
ألقي "جمال" ببعض الصور التى عثر عليها "عاشور" و"جين" من كاميرات المراقبة داخل الفندق والقرية كاملة ليثبت جريمة "فريدة" مع "مريم" وأيضا الصور التى التقطها "جين" من داخل القصر ونظرتها المليئة بالحقد من "مريم" ثم ألقي بكيس داخله "سكين حاد" وقال بجدية صارمة:-
-معقول فكرتي أنك ممكن تلعبي معايا، أنتِ مين عشان ترفعي عينك فيا أو فى مريم؟ مجرد حشرة أدهسها برجلي
-أنا معلمتش حاجة لمريم
قالتها "فريدة" بهدوء محاولة الكذب وإنكار جريمتها مما جعل "جمال" ينفجر غضبًا ويقف من مقعده مُسرعًا كالبرق إليها ومسك فكها بقسوة كأد أن يعتصر عظام فمها وأسنانها بين قبضته القوية وعينيه يتطاير من الشر حتى رأت بهما الجحيم القادم إليها وأرتجفت رعبًا أكثر من نبرته حين قال بقساوته:-
-جربي تنطقي أسم مريم مرة تانية وهتكون الأخيرة
دفعها بقوة حتى سقطت أرضًا للخلف من غضبه وقال بضيق شديد:-
-لسه ليكي صوت يطلع حتى بعد ما جاب عاشور السكينة من أوضتك وعليها دم أيلا
تقدم خطوة واحدة إلى الأمام ووضع قدمه على عنقها بقسوة وتابع بعيني ثاقبة ووجه ملتهب من نيران الغضب قائلًا:-
-قتل أيلا لوحده وحزن مريم كفيل بأن أقطع رأسك، مجرد حشرة تتداس بالرجل زيك تكون السبب فى نزول دموع مريم وقهرتها لليالي ...
أنحني قليلًا إليها وهى ترتجف تحت قدمه وقال بتهديد واضح ومرعب:-
-حتى قطع رأسك مش هيكفي يا فريدة على اللى الحزن اللى شوفت فى قلبي مريم
أنفجرت باكية بصراخ بطريقة جنونية تقول:-
-مريم ... مريم... مريم، فيها أيه مريم، كانت مجرد خادمة زي ...
صفعها بقوة دون أن يشعر بشيء سوى إهانة هذه الفتاة إلى "مريم" وقبل أن يضرب الثانية أوقفه صوت "مريم" تناديه بذعر:-
-جمال
ألتف بعد ان أستقام فى وقفته من الدهشة لوجود زوجته هنا، هرعت "مريم" إليه بصدمة وحزن وخيم، تقدم "جمال" خطوتين إليها وقال بقلق:-
-أيه اللى جابك هنا يا مريم؟
نظرت إلى "فريدة" بغضب شديد لكنه لا يقارن بشيء مقابل غضب "جمال" فقالت:-
-سألت عليك فى الشركة ومحدش يعرف أنت فين فسألت جين ، جمال أنت بتعمل أيه؟
نظر إلى "فريدة" بقسوة فى صمت، تحدثت "مريم" بقلق شديد من نظرات زوجها وغضبه:-
-أنت هتعمل أيه؟ أكيد مش هتأذيها
-معقول لسه بدافعي عنها حتى بعد اللى سمعتيه؟
كان مصدوم من قرار زوجته ودافعها عن "فريدة" وحياتها فقالت:-
-عنها!! مستحيل، أنا أكتر شخص أتاذي من معتوهة زيها لكن أنا خوفي كله عليك، جمال أنا لا يمكن أقابل أن جوزى يتحول لقاتل أو مجرم، أنا موافقة أنك تعاقبها لكن بالقانون يا جمال، سلمها للبوليس بالأدلة اللى معاك، لكن متلوثش نفسك بدمها
أستشاطت "فريدة" غيظًا من هذه الفتاة التى تتفوق عليها بنقائها دائمًا، قالت بتذمر وكره:-
-ومين قالك أني محتاجة رحمتك، أنا أهون عليا أني أموت على أيد جمال ولا أني أعيش برحمتك
كاد أن يذهب لها "جمال" لكن أستوقفته "مريم" للتو بخباثة ومكر فقالت بغرور شديد:-
-ومين قالك أنى ممكن أرحمك، أنا مستحيل أرحم اللى أتسببت فى موت ابني، وإذا كان كل اللى بتتمني فى الدنيا هو موتك على أيد جمال فأنا مستحيل أناولك اللى فبالك وأحقق أمنياتك
ألتفت "مريم" إلي "جمال" ونظرت بعينيه ثم قالت بهدوء:-
-جمال، الناس اللى بالحقد والكره دا كله واللى تقتل روح من غير رحمة مكانهم السجن...
أستغلت "فريدة" حديثهما وسحبت السكين من الأرض وعينيها تراقب "مريم" بكره وغضب ثم هرعت إليها وهى تصرخ بها قائلة:-
-لو كان الموت مكاني فأنا مش هموت لوحدي
أتسعت عيني "جمال" وأنتفضت "مريم" بعد أن ألتصقت بها "فريدة"، تبسمت "فريدة" بعد أن شعرت بالسكين يمزج أحشاء جسد "مريم" ومع نفضتها زادت ضحكتها بينما "جمال" دفعها بقوة بعيدًا بيده الأيسر ام الأيمن فضم به "مريم" إلي صدره يخبئها من وحشية هذه الفتاة الحية، هرع "عاشور" بقلق وهكذا بعض الرجال فصدم عندما رآوا الدماء تسيل من خصر "جمال" وقد حماها للتو بجسده ولم يبالي بهذا الجرح بقدر أهتمامه بحماية "مريم"، نظرت "مريم" إلى الجرح بخوف من رؤية الدماء فى جسد زوجها وحبيبها، مسك الرجال "فريدة" مُقيدة بين يديهما.
وصل "جابر" إلى المستشفي بأمر من "تيام" لتأكد من وجود "زوجته هناك بعد أن شعر بالقلق من فكرتها الجنونية فى الهرب، سأل عنها وأجابه موظف الأستقبال قائلًا:-
-دكتورة مسك فى العمليات
صعد إلى غرفة العمليات وجلس ينتظر أمامها حتى يرأها بعينيه ويتأكد كما طلب منه "تيام"، نظر فى هاتفه حتى يمر الوقت لكنه شعر بأحد يجلس جواره، رفع نظره بلا مبالاة لكنه دُهش من وجود "غزل" وعودتها من الجيش، نظر إليها مطولًا فتبسمت "غزل" على حملقته بها وقالت مُتحاشية النظر إليه:-
-متوقعتش أشوفك هنا خالص
أعتدل فى جلسته بظهر مُستقم وقال بهدوء:-
-ولا أنا، أكيد لو أعرف مكنتش جيت
نظرت إليه بضيق من كلمته وهو لا يريد رؤيتها فقال مُتابعًا بهدوء:-
-البُعد عنك سلام وأنتِ عارفة دا
كزت على أسنانها بأختناق شديد من كلماته ثم وقفت غاضبة منه وقالت:-
-إذا كان البُعد عني سلام فالقرب منك بيعلي الضغط ويجيب الأمراض
ألتفت لكي ترحل من أمامه لكن أستوقف قدمها عن الحركة وجمدت مكانها حين قال بلطف وعينيه تحدق فى الهاتف:-
-حمد الله على سلامتك
ضحكت بسخرية عليه لا تعرف ماذا يريد؟ يعاملها باللطف والقسوة فى آن واحد، لم تفهم هذا الرجل نهائيًا، ألتفت إليه غيظًا من حيرتها به ووقفت أمامه ليرفع نظره بدهشة من قُربها هكذا وقال بتوتر من نظراتها:-
-أيه؟
-ممكن اعمل حاجة؟
قالتها بغيظ ووجه عابس فأومأ إليها بنعم دون أن يسأل عما ستفعله فركلت قدمه بقوة غيظًا منه وقالت:-
-أخر مرة تخليني أشوفك
تبسم "جابر" عليها بهدوء مما زاد من غضبها وغيظها فقال بلطف شديد:-
-معقول مشوفكش، طيب مين اللى هيصلح وراكي ويحل مصايبك
كادت أن تضربه من نوبة الغضب التي بداخلها من هدوء هذا الرجل لكن أنقاذه من جنونها فتح باب العلميات وخروج "مسك" دُهشت من رؤية أختها وهرعت إليها تعانقها بحب شديد وأشتياق من غيابها بينما رحل "جابر" بعد أن رأي "مسك" أمامه وتأكد من وجودها.
خرجت "جميلة" من المطار فى السادسة صباحًا وأستقلت سيارتها مع السائق الذي جاء لنقلها، قاد بها إلى طريق القصر فأنطلقت سيارة أخري زرقاء خلفها، نظرت "جميلة بهاتفها تبحث عن رقم "حسام" وأتصلت به وفور أن أتاها صوته عبر الهاتف يقول:-
-حبيبتي حمد الله على السلامة
-الله يسلمك يا حبيبي
قالتها "جميلة" بسعادة وبسمة تنير وجهها من عشقها لهذا الرجل الذي سرق قلبها ودقاته، أقتربت السيارة الزرقاء أكثر من الخلف بسرعة جنونية مُتعمدًا سائقها دهس سيارة "جميلة" بفعل فاعل، أنقلبت السيارة على الطريق بعد أن همشت كليًا، سمع "حسام" صرخة زوجته القوية وتكسير السيارة ثم أنقطع الخط وحاول الأتصال مرة وأخرى بها ولم يجيب أحد بل أغلق الهاتف كليًا، جن جنونه وهرع من غرفته للأسفل....
مرت السيارة الزرقاء من جانب سيارة "جميلة" ليفتح النافذة وظهر وجه "حازم" الذي يمعن النظر إلى وجه "جميلة" والدماء تسيل منها والسيارة منقلبة رأسًا على عقب والسائق لا يقل حالة عنها مجرد جثث تركت على الأرض بسبب غدر شخص.