وكفى بها فتنه
البارت الخامس والعشرون 25
بقلم مريم غريب
تم لقاء طلب "سلاف" بصدد إرتداء النقاب بالرفض القاطع من قبل كلا من "حليمة" و "أمينة" و "عائشة" ...
لكنها ظلت عند موقفها و لم تتراجع عن قرارها أبدا رغم الإلحاح الكبير الذي تلقته لمدة إسبوع كامل ... و في النهاية إستسلم الجميع لرغبتها ، لكن كان لجدتها الرأي الحاسم
قالت الجدة أنها لن تأخذ هذه الخطوة إلا بعد الزفاف ..
وافقت "سلاف" علي هذا مع إبقاء سرها طي الكتمان ، فهي لا تريد المشاكل
رغم أنها لا تزال غير متأكدة من أن ما تقوم به هو الصواب ، بدا لها ذلك تصرفا جبانا .. لكنها أيضا لم تستطع التغاضي عما يفعله الحقير "سيف" معها
و كان هذا القرار هو الحل الوحيد أمامها لتنهي المسألة بهدوء و بدون مشاكل ..
فلو علم "أدهم" لن يمر الأمر علي خير أبدا و ستحدث كوارث
و إذا قالت لعمتها لن تقف في صفها هي ، بالطبع ستدافع عن أسرة أبنتها و لن تهدم بيتها من أجل إبنة أخيها و أيضا ستكون كلمة "سلاف" قبال كلمة "سيف"
حتما سيصدقونه هو ، فهي الجديدة عليهم و هو الذي عاش منذ صغره في هذا البيت و كبر فيه و هم كلهم عائلته ، بينما لا تملك هي سوي جدتها ربما تساندها من بين الجميع
هذا كان تفكير "سلاف" و ما يجول بخاطرها طوال هذه المدة ...
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
صباح يوم جديد ...
تلاحظ "سلاف" حركة غير طبيعية تعم المنزل ، فتذهب إلي "عائشة" و تسألها :
-شوشو هو في إيه ؟
أنا شايفة حركة غريبة في البيت من ساعة ما صحيت !!
عائشة بإبتسامة :
-أصل عمو حسن جوز عمتو راجية وصل إنهاردة من السفر و إحنا بنحضر نفسنا عشان معزومين عندهم بالليل علي العشا
نظرت لها "سلاف" بإرتياب و سألتها بتردد :
-مـ مين المعزومين يا عائشة ؟
إحنا بس و لا كل إللي في البيت ؟!
عائشة : كل إللي في البيت طبعا
سلاف مغالبة توترها :
-حتي إيمان و سيف ؟؟؟
عائشة و هي تضحك :
-دول هيكونوا أول المعزومين
عمو حسن نزل مخصوص عشان يشوف لمى دي أول حفيدة له
كتمت "سلاف" هلعها و تظاهرت بالإبتسام ، لتقول "عائشة" بمرح ساخر :
-أنا بس متشوقة أووي أشوف شكل عمتو راجية علي العشا هيبقي عامل إزاي !
أصلها نزلت إمبارح هي و مايا الكوافير و أكيد عملت New look إنما إيـــه عجب .. و ضحكت
سلاف بشئ من الإرتباك :
-طيب
عن إذنك يا عائشة
عائشة و هي تنظر لها بإستغراب :
-إتفضلي يا سلاف !
توجهت "سلاف" إلي غرفتها و هي تجر قدماها ، و راحت تفكر و قلبها يخفق وجلا ... هل ستلتقي بذاك القذر مجددا ؟؟؟ .. لو ذهبت ماذا سيفعل لها هذه المرة ؟؟؟؟؟
-لأ مش هاروح !! .. غمغمت "سلاف" من بين أسنانها و هي تضرب السرير بقبضتها ، و أكملت بصرامة :
-مش هخلي الحيوان ده يشوفني أبدا
أبــــداً !
•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••
في شقة "راجية عمران" ... و مع دقات الثامنة مساءً
يرن جرس الباب و يتوافد سكان البيت تباعا ..
"سيف" و عائلته أولا ... "لـُبنة عمران" و عائلتها ... و أخيرا "أمينة" و معها "عائشة" فقط ..
و بالطبع أول من لاحظ غياب "سلاف" كان "سيف" و لكن تولت "راجية" السؤال عنها
فقالت علي مضض :
-أومال فين أدهم و سلاف يا أمينة ؟
ماطلعوش معاكي ليه ؟
أمينة بإبتسامة بسيطة :
-معلش يا راجية أصل أدهم رجع من الشغل تعبان شوية و سلاف صممت تفضل معاه تحت عشان لو إحتاج حاجة و كمان جدتها قاعدة لوحدها
حسن بلطف :
-ألف سلامة علي أدهم
خير في حاجة ؟!
نظرت له "أمينة" و قالت ببشاشتها المعهودة :
-لأ أبدا هو كويس الحمدلله
بس مرهق شوية من الشغل
حسن بإبتسامة :
-الله يكون في عونه
و الله وحشني الولد ده و الست حليمة بردو دايما علي بالي
ماطلعتش معاكوا ليه ؟؟؟
أمينة : ما إنت عارف بقي يا أستاذ حسن السن و أحكامه
ماما بتقوم من السرير بالعافية
حسن : ربنا يديها الصحة
خلي بالكم منها دي هي بركة البيت و الله
أمينة بنبرة رقيقة :
-أمين يا رب
إن شاء الله !
-طيب مش هنتعشي بقي ؟؟؟ .. صاحت "راجية" بحدة و هي ترمق زوجها شزرا ، ثم قالت بإقتضاب :
-إتفضلوا السفرة جاهزة
جلس الجميع علي مائدة العشاء ..
عدا "سيف" الذي إعتذر قائلا :
-أنا آسف يا جماعة مضطر أعمل مكالمة مستعجلة دلوقتي
إبدأوا أنا مش هتأخر دقيقتين بس و راجع
و إنطلق صوب الشرفة ... !!!
.............
في الأسفل ..
كانت "سلاف" جالسة أمام التلفاز ، تشاهد أحد الأفلام الغربية القديمة بعد أن تركها "أدهم" و خلد إلي فراشه لينام قليلا بعد يوم متعب في العمل
و فجأة يدق هاتفهها ، فتنظر نحوه بضيق لكنها مضطرة ... فمن عساه يتصل بها الآن ؟ لترد حتي تعرف
مدت يدها بتكاسل و نظرت إلي الشاشة المضيئة ، لتجد رقم بدون إسم ..
قطبت بإستغراب ، ثم ردت بحذر :
-ألو !
المتصل : مساء الفل يا عسليتي !!
إرتعدت "سلاف" فور سماع صوته ، و إرتجفت شفتاها المزمومتين و هي تقول :
-سـ سيف !
سيف بضحكة خافتة :
-الله أكبر و كمان حافظة صوتي ؟
تسلميلي يا غالية
سلاف بغضب :
-إنت عايز مني إيه ؟
بتتصل بيا ليه ؟؟؟
سيف : أبدا يا حبيبتي
أنا بس لاقيتك ماطلعتيش قلت أتصل أطمن عليكي بنفسي
فيكي حاجة كفا الله الشر ؟!
سلاف بحدة :
-شئ مايخصكش فيا حاجة و لا لأ مالكش دعوة
و أحسنلك تبعد عني أنا بحذرك للمرة الأخير و إلا آ ..
-و إلا إيه يا عسلية ؟؟؟ .. قاطعها "سيف" بلهجة ناعمة ، و تابع :
-أحبك و إنتي خطيرة كده و بتهددي
سلاف بنفس الحدة :
-أنا مش بهدد أنا بقولك إللي هيحصل لو مابعتش عني
سيف ببرود :
-و إيه بقي إللي هيحصل ؟
سلاف و هي تعني ما تقول :
-هقول لأدهم و لمراتك و للكل
هعرفهم حقيقتك و أد إيه إنت إنسان سافل و قذر
أطلق "سيف" ضحكة مكتومة و قال :
-و تفتكري هيصدقوكي ؟
أهـــــــــــــــلـي هيصدقوكي إنتي و يكدبوني أنا ؟؟؟
إنتي غلبانة أوووي يا روحي .. ثم أكمل بخشونة :
-إسمعي يا حلوة
تاخدي بعضك بالذوق كده و تطلعي
أنا مستنيكي وحشاني أوي بصراحة و عايز أملي عيني منك
سلاف بإنفعال :
-مش طــالعـــة !
سيف بنبرة خبيثة :
-كده ؟
طيب قدامك 10 دقايق
لو ماطلعتيش أنا إللي هقلب عليكي الترابيزة إنهاردة و هفضحك قدامهم كلهم
بالبلدي يعني هتبلى عليكي و هقول إن إنتي إللي بتتمحكي فيا و بتجري ورايا و إن أنا مش عارف أوقفك و إحترت و بقيت خايف أحسن أخسر مراتي حبيبتي بسببك
هقولهم يشوفولي حل و إنتي طبعا عارفة الباقي
عارفة إيه إللي هيحصل لو الكلمتين دول إتقالوا !
إهتاجت أنفاس "سلاف" و هي تستمع إلي كلماته ، ثم صرخت بحنق شديد :
-حيوآااان حقيـــــر ! .. و رمت الهاتف بقوة و هي تهب من مكانها بعنف أصابها بالدوار
أخذت تنشج و تغص بحرقة و هي تمسك رأسها و تضغط عليها بيديها ، في حين بدأ وعيها يتسرب شيئا فشئ ... بدأ الخدر يسري بجسدها و بدأت عيناها تغمضان ، و شعرت فجأة و كأنها سقطت فوق سحابة
و بعد ثوان قليلة ... سمعت كما لو من تحت الماء صوته المألوف يناديها بذعر :
-سلاف ... سلاف .. سلاف مالك ؟؟؟؟
و كان هو أخر شئ رأته قبل أن يغيب الظلام وجهه ... و ساد الصمت بعدها .....