البارت التاسع والعشرون 29
بقلم نورا عبدالعزيز
وقفت "مريم" فى الساحة تصور فيديو إعلاني عن الجهاز الألي الذي يصنع القهوة وحده دون الحاجة لأيد بشرية وتحمل فى يدها كوب القهوة، تبسمت "مريم" بسعادة أمام الكاميرا ورفعت كوب القهوة لترتشفوا لكن توقفت بعد أن شعرت بغثيان من رائحة القهوة قرب أنفها ولم تستطيع تناول رشفة واحدة لتركض للمرحاض ويتوقف الجميع عن التصوير بقلق، خرجت بعد ان أستفرغت ما فى معدتها كاملًا لتري فتاة تمد لها مناديل ورقية، اخذتها "مريم" منها بلطف وخرجت لتري "عاشور" يقف أمامها فنظرت إليه بتوتر ثم قالت:-
-فى أيه؟
أشار على الفتاة ثم قال:-
-ميرفت الحارسة الشخصية الجديدة لحضرتك
نظرت "مريم" للفتاة ثم قالت بضيق:-
-أنا مكتفية بحسام وأساسا متقبلة وجوده معايا بالعفاية تقوم تجبلي واحدة تانية
تنحنح "عاشور" بحرج شديد من كلماتها ورفضها ثم قال:-
-أسف لحضرتك لكن دا أمر من جمال بيه وأوعدك أن حضرتك مش هتحسي بأى ضغط من وجودهم
-خدها وامشي وانا هتكلم مع جمال
قالتها بضيق شديد ثم سارت للأمام بأختناق ليسير خلفها قائلًا:-
-بعد اذنك يا مدام مريم
قاطعته "مريم" بضيق شديد يجتاحها وهؤلاء يشعروها دومًا بعدم الراحة كأنها مُقيدة رغم أن قدميها حرية، عينيهما تراقبها دومًا كأنها سجينة لديهما هتفت قائلة:-
-قولتلك مشيها، فين جمال؟
-فى الشركة
قالها "عاشور" بهدوء لتصعد بسيارتها غاضبة وأنطلق "حسام" بها إلى القصر بسبب خمول جسدها ودروان رأسها...
وصلت السيارة إلى القصر فترجلت "مريم" من سيارتها بتعب وصادفت "جميلة" تترجل من سيارة صديق لها عائدة من العمل، ذهبت إليها بقلق عندما رأت جسدها يهتز وخطواتها غير متزانة، مسكت "جميلة" يدها بلطف وقالت بقلق:-
-خير مالك؟ شكلك تعبانة..
أخذت "مريم" نفس عميق بضيق شديد يقتلها من الداخل، رفعت نظرها إلى "جميلة" ثم قالت:-
-تعبانة، وهو أنا طول ما أخوكي ورايا هرتاح
دخلت "مريم" للداخل بضيق رغم حُبها إليه لكنها أحيانا تشعر بانه يقيد حريتها ويراقبها كطفلة صغيرة أو لا يثق بخطواتها، ربما ما زال بداخله جزءًا من خيانة زوجته الاولي لذا يراقبها اكثر، هذه كانت الفكرة الوحيدة التى تقتل عقلها كليًا بداخلها، نظرت "جميلة" إلى "حسام" الذي يقف فى الخلف بجوار السيارة ثم أعطت يد "مريم" إلى "حنان" وعادت إليه ومدت يدها بوجه حاد عابس:-
-ممكن مفتاح عربيتي
تشابكت يديه الأثنين أمامه فى هدوء وبطريقة رسمية قال دون أن ينظر إلى عينيها:-
-أسف لكن معنديش أمر بدا
تأففت بضيق شديد من كلماته وأغلقت قبضتها بأحكام قبل أن تفقد أعصابها على هذا الرجل الذي يطيع أمور أخاها بحزم كأنه إنسان الي وقالت بشجن:-
-أمر بدا، يعنى أنت ورئيسك مبسوطين وكل يوم حد من زمايلي بيوصلنى بسببكم
نظر "حسام" إلى سيارة هذا الشاب الذي تغادر القصر بعيدًا ثم أخرج ورقة من جيبه وكتب بها رقم هاتفه وقال بهدوء:-
-دا رقمي لو حضرتك بلغتينى بمواعيد رجوعك هتلاقينى فى أنتظارك ومحدش يوصلك
نظرت للورقة بأشمئزاز ثم غادرت من أمامه دون ان تأخذ الرقم منه، دلفت للقصر بانفعال شديد وصوت تنهيداتها يخترق أذنه، تبسم على تصرفاتها وتذكر طفلته الصغيرة عندما تغضب منه وذهب بعيدًا وحده وأتصال بزوجته لكي يتحدث إلى طفلته لكنه صُدم عندما وجدها رفضت الجواب عليه وأرسلت له رسالة بعد قليل تخبره بأنها غدًا سترفع قضية خلع إذا لم يطلقها اليوم .
وصلت "سارة" إلى النادي الليلي بأختناق وتتحدث فى الهاتف بجدية:-
-يعنى أنا مطلوب مني أيه دلوقت؟
أجابها "نادر" على الجهة الأخري من الهاتف:-
-أنا عايز مفتاح شقة مختار
سألته بفضول شديد وتعجب لطلبه:-
-ليه؟
-يوووه أنتِ مش عايزاني أخلصك منه يبقي تساعدني
قالها بتذمر لتبتسم بجدية من قرب هدفها على التحقق ثم قالت:-
-هحاول لكن موعدكش
أغلقت الهاتف وبدأت تبحث عن أبنها فى كل أرجاء المكان أوقفت أحد العاملين بالمكان ثم قالت:-
-مشوفتش حازم؟
أجابها النادل بهدوء قائلًا:-
-لا مشوفتوش
صعدت إلى مكتبها وحاولت الأتصال به كثيرًا لكن هاتفه مُغلق وعقلها يكاد يتوقف من التفكير عاجزًا عن أستيعاب الأمر وكيف لأبنها العاجز السكير أن يحرر فتاة من قبضة رجل قوية كهذا وحده، تمتمت بقلق شديد:-
-معقول مختار يكون ساعده...
قاطعها صوت "مختار" الذي دخل المكتب على سهو دون سابق أنذار يقول:-
-هو مين اللى أنا ساعدته
رفعت نظرها إلى "مختار" ببسمة مُزيفة وليونة مُفرطة ثم قالت:-
-لا مفيش... لا في حازم مش عارفة أوصله
جلس على الأريكة ببرود شديد من حديثها ثم قال:-
-داهية تأخده أنا مش عارف أنتِ خلفتيه ليه ما أنتِ كنتِ حلوة وزى القشطة لوحدك ناقصك هم العيال
تذكرت "سارة" ماضيها وما فعله هو و"ليلي" بها بعد أن حرموها من الأنجاب تمامًا لكنها حاولت كبح غضبها أكثر بداخلها ووقفت من مقعدها بدلال مصطنعة وسارت بخطواتها نحوه بينما تهتف بدلال:-
-كنت حلوة يعنى دلوقت مش حلوة
رفع "مختار" نظره بها أكثر ليراها تسير نحوه بليونة مُفرطة ولين خطواتها يسقط على عقله ويأسر عينيه بفستانها الفضي القصير الذي يصل لأعلي ركبتيها وبأكمام رغم أنه مفتوح من الصدر على هيئة قلب وحذاء أزرق بكعب عالي وشعرها مُرفوع على الجانب الأيسر حتى وصلت أمامه وجلست على قدميه ليقول:-
-ولسه حلوة، مفيش فى حلاوتك أتنين، عمليات التجميل مخلتش لازم نديها جائزة نوبل دكاترة التجميل اللى خلوكي أصغر من مريم نفسها
قهقهت ضاحكة بصوت مرتفع لتشعر بيديه تحيط بخصرها النحيل فتبسمت بخبث وتذكرت طلب "نادر" منها لتبتسم أكثر بمكر شيطانية داخل رأس هذه المرأة الجميلة، رفعت يديها تتسلل إلى رأسه وتتغلغل أصابعها النحيلة إلى خصلات شعره وجذبته بقوة من شعره إليها وقالت:-
-تحب أوريك دكاترة التجميل عملوا أيه تاني
نظر إلى جسدها بشهوانية وتبسم بينما يمرر لسانه على شفتيه فأبتسمت "سارة ثم وقفت من مكانها وجذبته من رابطة عنقه وأنطلق من المكان وهى تقول:-
-تعالي يا حياتي.
"قصــــــــــــر جمــــــــــال المصـــــــري"
عاد "جمال" بنهاية اليوم من العمل بعد أن أخبره "عاشور" برفض "مريم" للحارسة الشخصية وغضبها، نظر إلى زوجته التى تتابع قناتها على اليوتيوب فى اللابتوب الخاص بها بتركيز شديد وغضبها واضحًا بملامحها وعبوسها رغم عدم وجوده لكن الغضب يحتلها وجعل عقلها كأرض مُحتلة تحت سلطته، شعرت بحضورها لكنها لم تنظر إليه ولم تتفوه بكلمة وأيضًا هو لم يلقي حتى ترحيب ودلف إلى المرحاض وبدل ملابسه بعد الأستحمام وجلس على المقعد المقابل للأريكة وقال بجدية:-
-أتكلمي بدل ما تطقي
أخرجت زفير قوي من أنفها ثم أغلقت اللابتوب ونظرت إليه ببرود شديد وقالت بحزم:-
-هو حسام مبينقلكش أخباري كويس عشان تجبلي حد تاني
نظر "جمال" إلى عنفها رغم هدوئها لكنها مُشتعلة من الداخل كالبركان فهو خير الناس معرفة بزوجته التى تربت على يديه وأكتسبت من قوته الكثير وقال:-
-ومين قال أن حسام بيراقبك؟
وقفت من مكانها بأنفعال وسارت فى الغرفة بعيدًا عنها تضحك بسخرية على كلمته وقالت:-
-مين قالي؟ أنت مش واخد بالك ولا أيه؟ أنت جاي من برا وأنت عارف أنى غضبانة ومضايقة منك، يا تري عرفت منين لو البهوات اللى ممشيهم ورايا قالولك...
وقف "جمال" من مكانه بعد أن تنحنح بهدوء مُدركًا غضبها لطالما كان يعرف بأنها لا تعشق شيء قدر حريتها ولا تكره شيء كتقييدها ومراقبتها، وضع يديه فى جيب بنطلونه القطني الأزرق وقال:-
-مريم أنا مبراقبكيش أنا .....
-أنت بتشك فيا؟
سألته بغيظ شديد فأتسعت عينيه على مصراعيها من سؤالها وكيف تتهمه بشيء كهذا ليسير نحوها وقال ساخرًا منها:-
-قولتي أيه؟ بشك! مريم أنا شكت فيك ولو واحد فى المية هطلقك أو أقتلك أيهما أقرب لأني مش هعاني تاني ولا هستني لما أتأكد من شك ويبقي خيانة...
خرجت منها شهقة ساخرة وقالت بعناد وعينيها تحدق بعينيه:-
-تطلقني أو تقتلني؟ ليه عشان شايفني ممكن أكون ليلي التانية وأخونك لدرجة دي أنتِ مش واثق فيا ولا مُصدق حُبي لك، تفتكر يا جمال أنا لو عايزة أخونك مش هعرف ولا هخاف من اللى ممشيهم ورايا....
قاطعها غضبه عندما تفوهت بجملتها الأخيرة التى أشعلت نيران غضبه ليمسك ذراعها بقوة وجذبها أليه فى حركة سريعة حتى انتفضت جسدها من محله وأرتطمت بصدره القوية وعينيه تحدق فى عينيها بعد أن تحولت للأحمر الشديد من الغضب الذي يجتاحه وعقله لا يستوعب كيف ستخونه أوكيف تفكر فى الحديث عن ماضيه بهذه السهولة وقال:-
-جربي تنطقيها مرة تانية يا مريم ومتلومنيش على اللى هعمله مش هقولك جربي تعملها ... لا جربي تقولها حتى من باب السخرية أو التهديد ومتلومنيش
دفعها بقوة بعيدًا عنه ليرتطم جسدها بالحائط وشعرت بدوران فى رأسها من دفعته القوية لجسدها بينما تابع "جمال" حديثه بغضب سافر:-
-أوعي تستغلي حٌبي ليكي ولا تفكري أنى ضعيف قصادك عشان بحبك، أنا جمال المصري لو نسيتي أحب أفكرك ومتنسيش يا مريم أنى مسكت نفسي عن ضربك مرتين قبل كدة بلاش تفقدني أعصابي لأن المرة الجاية مش هضمن لك أني أتحكم فى غضبي....
سار نحو باب غرفة المعيشة وفتح الباب الجرار بينما "مريم" تقف محلها تحاول تنظيم أنفاسها لتسيطر على دوران رأسها وقشعريرة جسدها الباردة التى اصابتها، توقف "جمال" قبل أن يخرج من الغرفة وقال بجدية حازمًا أمره على تصحيح تفكيرها حتى وأن كان غاضبًا:-
-ولعلمك أنا لو بعمل كدة أنا بعمل كدة لحمايتك وعشان بخاف عليكي وبحبك ومقدرش أتخيل أن ممكن يحصلك أذي لكن لا براقبك ولا بشك فيكي يا حرمي المصون
خرج من الغرفة وأغلق الباب بقوة مُعبرًا عن غضبه منها وأستهانتها بالحديث عن ماضيه المؤلم وذكر أسم "ليلي" أمامه كأنها تُذكره بهذه الليلة التى تعرض للخيانة بها من زوجته وأخاه وجاءته الطعنة من أقرب الأقربون، جلست "مريم" على الفراش بتعب فى جسدها ثم تناولت القليل من الماء ووضعت الكوب على الكمودينو، فتحت الدرج وأخذت قطعة من الحلوى المُحلي ووضعتها فى فمها قليلًا وكلماته الأخيرة تضرب أذنيها وعقلها ووخزات قلبها تقتلها من الداخل..
وقع "حسام" على أوراق الطلاق وطلب رؤية أبنته قبل أن يغادر لكن رفضت زوجته وحتى لا يفتعل شجارًا معها غادر فى هدوء بعد ألحاح والد زوجته، عاد للقصر وكان مهمومًا وغاضبًا مما حدث، لم يدوم زواجه لخمسة سنوات وأبنته ذات الأربعة سنوات ستدفع الآن ثمن أختياراته هو وطليقته...
جلس فى الحديقة ينفث دخان سيجارته فجاء "عاشور" إليه وقال بهدوء بعد أن جلس جواره:-
-أنت بتدخن؟
هز "حسام" رأسه بلا ونظر "عاشور" بخمول كأنه لا يملك طاقة لفعل أى شيء ولا حتى الحديث فأكتفي بهز رأسه، ربت "عاشور" على قدمه بلطف ثم قال ببسمة مُتفائلة:-
-ولا يهمك بكل تتعدل وتحلوي ومتشلش هم بنتك
أومأ "حسام" إليه بنعم ثم نظر الأثنين للأمام وكانت "جميلة" جالسة هناك تلعب مع جروها الأسود من سلسلة الروت ويلر ومعها المدرب الذي يساعدها فى تربية كلبها الصغير وتدريبها على التعامل معه، أشار "عاشور" إليه على هذا الكلب وقال:-
-حتى الكلاب بتتأقلم وتتعود، عذرًا فى الكلمة بس بنتك هتتعود وتتأقلم على الوضع دا بس المهم تفضل على صلة بها ومتختفيش من حياتها
أومأ "حسام" إليه بنعم ليذهب "عاشور" من جواره بعد أن أعطاه كوب من القهوة الساخنة فظل "حسام" يراقب هذا الجرو الصغير...
فتحت "مريم" باب الغرفة الجرار ليطفي "جمال" سيجارته سريعًا لأجل حساسيتها ومرضها الصدري، جلست جواره وهو ينظر فى الهاتف ويشعل خاصية تنقية الهواء فقالت "مريم" بهدوء:-
-مش أفضل تسيبه على الأقل تعاقبني
لم ينظر إليها وتنهد بهدوء شديد محاولًا التخلص من ذكرياته التى ضربت عقله بعد حديثها تنبش فى الماضي وتعبث به ثم قال:-
-أنا لو عايز أعاقبك مش هعاقبك بالمرض والتعب، بس أنتِ...
مسكت وجهه لتُدير رأسها إليه حتى ينظر إليه ويكفي عن التهرب من مقابلة عينيها وقالت بعد أن تلاقت أعينيها:-
-بس أنا أيه؟ مهونش عليك؟!!
حدق بها بهدوء صامتًا فقالت بندم شديد يجتاحها بسبب فعلتها وذكر الماضي فى شجارها معه:-
-أنا أسفة مكنش قصدي بس كنت متعصبة من الصبح وعمالة أفكر في سبب لتصرفاتك، أنت أكتر واحد عارف أنا بكره قد أيه التقييد وأن أفضل حاسة طول الوقت أن عليا عيون كأني متراقبة، بفضل متوترة ومرتبكة حتى لو العيون دي مش شر ولا كارهني، متزعلش منى أنا اليومين دول عصبية زيادة وخلقي فى مناخيري، أنا أسفة
أبعد يدها عنه وأنزلهما للأسفل ثم تركهما تمامًا وقال بجدية:-
-مريم أنا مُتفهم أن مسئولية الجواز وشغلك اللى فى بدايته ومحتاج مجهود كبير منك والمشكلة اللى حصلت وفصلك من القناة وأن كل مأثر عليكي ومحسسك أنك مضغوطة لكن أرجوكي تفهمي أنتِ كمان وضعي أنا شايل جبال فوق كتافي من غير ذكر أى حاجة منهم لكن تأكدي أنى أخر حاجة ممكن أكون محتاجها لما أرجع بعد ساعات ويوم طويل يكاد يكون 16 ساعة برا البيت فى ضغط هى أني أتخانق معاكي أو أشوفك مضايقة، أنا بستني اللحظة اللى أرجع أرتمي فيها فى حضنك وأشوف ضحكتك عشان أقدر أصحي الصبح أكمل فى نفس الدايرة
أومأت إليه بنعم وتفهم ثم فتحت ذراعيها على مصراعيهم أمامه وقالت ببسمة مُشرقة تنيروجهها وتمتص كل غضبه:-
-أتفضل، تعالي
تنهد "جمال" بهدوء ثم جذبها إليه يُضمها بقوة حتى اوشك على أعتصر عظامها بين ذراعيه يستنشق عبيرها ورائحة شعرها بهيام على عكس "مريم" التى دفعته بعيدًا بضيق من رائحة الشامبو الذي تحمم به وتفوح منه رائحة الياسمين ووضعت يدها على فمها وأنفها وقالت:-
-أيه دا.
لم تكمل كلماتها وركضت للمرحاض بالغرفة الأخري تستفرغ كل ما بأحشائها، تعجب "جمال" من تصرفها ثم حاول يستنشق رائحته بقلق من أن يكن به رائحة سيئة لكن لم يجد شيء، ذهب خلفها بقلق عليها وقال:-
-أنتِ كويسة؟
أتكأت على ذراعيه بعد أن خرجت بتعب لكن ما زالت الرائحة به فقالت بأشمئزاز بعد أن أبتعدت عنه:-
-جمال أنت رائحتك عاملة كدة ليه؟ روح أستحم أو روش أي أسبري ... أنا مش قادرة
تعجب من تصرفها كثيرًا وبدل ملابسه سريعًا، رغم أنه لم يفهم شيء ولم يشم به رائحة سيئة.
تسللت "سارة" صباحًا من الفراش وأخذت سترة "مختار" معها وهربت من الغرفة على أطراف أصابعها وبحثت بداخل الجيوب حتى وجدت المفتاح الخاص بالشقة وهو عبارة عن بطاقة لتُدرك أن "مختار" يضع باب إلكتروني بكلمة سر فتأففت بضيق لفشل خطتها وقررت أن تذهب اليوم إلى شقته عوضًا عن شقتها بحجة قضاء الليلة معه حتى تراه وهو يكتب كلمة السر أمامها....
أتاها صوت "مختار من الداخل يناديها فألقت بالسترة بعيدًا وأصطنعت الوقوف أمام البار، خرج "مختار" بسعادة حتى وصل إليها وقبل عنقها بسعادة وأثارة ثم قال:-
-مش أنا بعت الهدية على النيابة .. تفتكري هديتي هتعجب جمال
تحمست بسعادة وألتفت إليه بفرحة تغمرها ثم قالت:-
-بجد أحلف
نظر إلي جسدها الشبه عاري بقميص نومها الشفاف الذي يظهر ملابسها الداخلية من أسفله وقصير جدًا ثم قال مُجيب عليها بنبرة ناعمة مُثيرة ويديها تلمس قدميها حتى وصلت إلى خصرها بإغراء:-
-وشرفك... لا بلاش شرفك وجمالك اللى مفيش منه أثنين
عانقته بحب وبدأت تقبل عنقه ويديها تتسلل أسفل ذراعيه بسعادة لتحقيق رغبتها.
ركضت "إيلا" بحماس فى السياج مع الكثير من الخيل داخل هذا السباق وعلي ظهرها "مريم" التى تشعر بالحرية وصعودها على "إيلا" فى المسابقات يخفف من ضغطها وتوترها التى تعيش به هذه الأيام ويُزيدها حماس من أجل الفوز، فـ "إيلا" كفيلة بأن تمتص منها كل طاقة سلبية وتشعر بالحماس والحرية التى تُريدها، شعرت "مريم" بدوران من جديد بسبب سرعة "إيلا" والحلقات الدائرية التى تركض بها، بدأت "إيلا" فى القفز فوق الحواجز الحديدية لكي تصل لخط النهاية، لم تتحمل "مريم" الدوران أكثر فجذبت شعر "إيلا" فى يدها حتى تتوقف وبدأت عينيها فى الأغلاق وجسدها يُهزمها لكن "إيلا" لم تتوقف بل فهمت إشارتها خطأ وزادت من سرعتها مُعتقدة بان "مريم" تتشبث بها جيدًا لتعطيها تصريح بالركض أسرع من أجل الفوز، سقطت "مريم" من فوق ظهرها أرضًا فاقدة للوعي ليهرع إليها "حسام" وتوفقت "إيلا" بصدمة بعد أجتيازها لخط النهاية وتحقيقها الفوز رغم سقوط "مريم"..
أخذها "حسام" للمستشفي بخوف شديد وأتصل بـ "جمال" لكن هاتفه كان مُغلق ليتصل بـ "عاشور" حارسه الشخصي الذي يلازمه دومًا وأخبره بمرض "مريم" ولسوء حظ "مريم" كان "عاشور" بالخارج لكنه قال بجدية:-
-أنا هطلع على الشركة على طويل، عينيك متفارقش المدام نهائيًا لحد ما أجي لك أو أبلغك بأمر جمال بيه
أومأ "حسام" له بنعم ونظر إلى الغرفة التى بها "مريم" بقلق حتى خرج الطبيب وأخبره أنها بخير ويمكنها المغادرة، تعجب لصمت الطبيب وعدم تفوهه بشيء حتى انه لم يخبره ما حدث لها فعاد بها للقصر سريعًا ولا يعرف ماذا سيقول إلى "جمال" أو ماذا أصاب زوجته فنظر إلى ساعة يده وكانت السابعة مساءًا وبكل الأحوال أقترب موعد عودته حتى لو لم يخبره "عاشور"...
أتصلت "مريم" كثيرًا لكنه لم يُجيب فظلت بفراشها صامتة تنتظره حتى جاء إليها بعد ساعة ونصف تقريبًا من الأنتظار...
دخل "جمال" إلى غرفته ليلًا بعد يوم طويل فى العمل واتصالات أكثر منها، رآها تنتظره فى فراشها وتنظر فى هاتفها بسعادة تغمرها على وبسمة لا تزول من فوق شفتيها وعينيها تلمعان ببريق جديدًا عليه ليس حبًا أو فرحًا شعور جديد يجتاحها فقال بقلق بعد أن جلس أمامها:-
-أنتِ كويسة؟ قالولي على اللى حصل؟ فى حاجة بتوجعك
تبسمت "مريم" بحب يغمرها وتركت الهاتف من يدها ثم نظرت إليه بسعادة وشيء جديد بنظرة مُختلفة كليًا عن السابق لم يعهدًا من قبل، سألته بدلال ونبرة ناعمة:-
-أنت قولتلي كنت عايز بنت ولا ولد؟!!
رفع حاجبه بأستغراب لسؤالها وحدق بعينيها مُطولًا فى صمت حتى يفهم ما يحدث مع هذه المرأة التى تبتسم بلا توقف رغم حادثتها وتكاد تقفز من فراشها عوضًا عن بكائها، تعجبت إلي صمته فزاد بسمتها أكثر على شفتيها وهتفت بلطف:-
-بنت!!
حاول أستيعاب بسمتها التى تغمرها ومشاعرها التى تحتلها حتى أتسعت عينيه على مصراعيها فجأة بدهشة ألجمته ثم قال بذهول:-
-أنتِ حامل؟!
أومأت إليه بنعم بحماس شديد ثم رفعت هاتفها أمام عينيه ليرى صورة لأشعة التقطتها إلى طفلها الذي يشبه النطفة فى رحمها فى أسبوعها الخامس وقالت بحيوية:-
-اه حامل، شوفته صغنن أزاى يا روحي عليه
لم تري بسمة على وجهه بل رأت القلق والخوف وشيء أخر لا تعرف ماهيته فسألته بهدوء وخوف:-
-ما لك يا جمال؟ أنت مش فرحان؟
تنحنح بهدوء شديد ثم رفع يده إلى وجهها بلطف وحدق بعينيها ليري فرحتها على وشك الأنطفاء من رد فعله ليقول بجدية:-
-فرحان ونفسي فى بنت شبهك أنا مغيرتش كلامي بس..
صمت لتتابع "مريم" حديثه بعد أستيعاب سبب فعلته وتجمد وجهه الذي يخبرها بأنه تلقي صدمة وليس فرحة وهدية من الرب:-
-بس.. بس أيه؟ كمل أنت مش عايز تخلف؟
هز رأسه بلا ثم قال بذعر بعد أن رأي فرحتها قُتلت أمامه بسبب بروده:-
-لا عايزاه والله يحميكم ليا لكن مريم أنا مش مستعد دلوقت...
دفعت يده بعيدًا عنها بسخرية وأتسعت عينيها على مصراعيها وفتحت فمها بصدمة ألجمتها للتو من كلماته ثم قالت بتحذير شديد وغضب سافر:-
-مش مستعد... وأهو حصل أنا محملتش لوحدي ومتفكرش تطلب منى أنزله
أخذ يديها فى قبضته بحنان ونظر إليها بحب شديد ثم قال بنبرة هادئة:-
-لا، مستحيل أقتل روح وأنزله ليه وأنا عايزاه وبحبك، دا حتة مني ومنك وبذرة حُبنا ونعمة ربنا كرمنا بيها غيرنا بيتمنى ضفرها، مستحيل أفكر أو أطلب منك دا
تنهدت بضيق شديد لا تفهم شيء مما يحدث ثم قالت:-
-أنا مش فاهمة حاجة منك
سألها بقلق شديد من هذا الخبر الذي سيدمر كل شيء وسيجعل أعدائه وأولهما أخاه يفكرنا فى أذيتها:-
-من غيري يعرف بالحمل دا؟
-محدش حتى حسام أنا طلبت من الدكتور والممرضة ميقولوش حاجة ليه؟ كنت عايزاك أول واحد تعرف
تبسم بسعادة قصوى الآن كأنها أخبرته للتو بحملها وليس من قليل ومسح على رأسها بحب شديد ثم قال بتحذير:-
-مريم، أنا ليا طلب عندك وبالله عليكي متعارضنيش ومتسألنيش ليه؟
نظرت إليه بصمت مُنتظرة أن تعرف ما طلبه منها الذي يترجاها بأستماتة هكذا لفعله دون معارضة فتابع "جمال":-
-محدش يعرف أنك حامل ولا حتى أمي ولا حنان مفيش جنس مخلوق خلقه ربنا يعرف ولا حتى وأنتِ بتتكلمي مع إيلا... شوفي إيلا نفسها اللى هى حصان متعرفش
تعجبت كثيرًا من هذا الطلب وأستماتة زوجها لهذا الشيء وهذا الخوف الذي تراه بداخل عينيه ويحمله فى طلبه كادت أن تسأله عن السبب ليقول:-
-قولتلك يا مريم متسألنيش
أومأت إليه بنعم ثم قالت بهدوء:-
-حاضر لكن دا حمل مش هيستخبي كثير كلها شهرين ثلاثة وبطني، هتكبر أنا فى أسبوعي الأول فى الشهر الثاني
هز رأسه لها بنعم كأنه يفهم هذا الشيء لتؤمأ إليه بنعم مُطيعة لأمره فتبسم بلطف ثم قبل جبينها بحنان .....
قاطع حديثهم صوت طرقات الباب بهلع شديد ليُفتح "جمال" الباب وكانت "حنان" فسألها بقلق:-
-فى أيه؟
نظرت إليه بقلق لتخبره بان هناك من يتنظروا بالأسفل، ترجل للأسفل وكان مقدم من الشرطة يقف قرب باب القصر فنظر "جمال" إليه بهدوء ثم قال:-
-أفندم؟
تحدث المقدم بنبرة خشنة قوية لا يهب هذا الرجل ولا مكانته او سلطته قائلًا:-
-أستاذ جمال حضرتك رهن الأعتقال بتهمة قتل زوجتك المدعوة ليلي قاسم البنهاوي.