وكفى بها فتنه البارت التاسع 9 بقلم مريم غريب


وكفى بها فتنه
البارت التاسع 9
بقلم مريم غريب





في الأيام التالية ... كانت "سلاف" تتجاهل "أدهم" تجاهلا تاما كما قررت

فأصبحت كلما تراه لا تعييره أدني إهتمام و تمضي من جانبه و كأنه هواء ، كانت سعيدة لأنها لمست إنزعاجه من تصرفاتها فقد لاحظت أنه يتحين الفرص لملاقاتها
أحست أنه يبحث عن ذريعة لينفذ منها و يتحدث إليها في وجود أمه أو أخته

كان لديها فضول لتعرف ماذا يريد أن يقول لها ، لكنها في نفس الوقت تركت ذلك الفضول و إستمرت في تجاهله .....

و في أخر يوم من إسبوع إمتحانات الفصل الدراسي الأول ..

خرجت "سلاف" مع "حلا" من المدرج و هي تقول بسرور :

-الحمدلله الإمتحان كان سهل جدا يا لولو

حلا مبتسمة :

-الحمدلله عدا علي خير
مع إني دايما ببقي مرعوبة من أخر إمتحان
ربنا ستر

سلاف بحماسة :

-إحنا لازم نحتفل بقي بعد المعسكر إللي كنا فيه

حلا : نحتفل إزاي طيب ؟!

سلاف : نخرج مثلا
إيه رأيك ؟ و هو بالمرة ناخد معانا شوشو

حلا بتفكير :

-مش عارفة يا سلاف
ممكن ماما ماتوافقش علي حكاية الخروج دي

سلاف بإبتسامة :

-أنا هكلمها مالكيش دعوة إنتي

حلا و هي ترد لها الإبتسامة :

-أووك ياستي ده شئ يسعدني طبعا Go Ahead .. ثم سألتها بإهتمام :

-بس إنتي سألتي إللي عندك في البيت الأول ؟ يمكن مايوافقوش !

سلاف بثقة :

-عمتو أمينة و نناه حليمة مش بيرفضولي طلب
هيوافقوا

حلا بشك :

-طيب و أدهم ؟!

سلاف بإستغراب :

-ماله أدهم ؟

حلا : ممكن يرفض

سلاف مزمجرة و قد إصطبغ كل شئ أمام عيناها باللون الأحمر :

-و ده يرفض بصفته إيه ؟ ده مالوش أي سلطة عليا
و بعدين أنا و هو مابنكلمش بعض أصلا بقالنا مدة
طيب خليه يفتح بؤه و رحمة بابا ما هسكتله المرة دي و هـ آ ...

-إيه إيه يابنتي خلاص إهدي ماكانتش كلمة دي إللي قولتها .. هكذا راحت "حلا" تهدئها بلطف ، و أردفت بتفاهم :

-أنا قصدي يعني إنه ممكن يرفض من باب الخوف عليكي
ماتنسيش إنك في مصر لأول مرة يعني ماتعرفيش حاجة هنا

سلاف بغلظة :

-و لو . أنا ماليش إختلاط بالبني آدم المتخلف ده
و بعدين مين قالك إنه عنده إحساس و هيكون خايف عليا ؟
ده حيوان مابيحسش

حلا بلوم :

-لأ يا سلاف . أنا كده هزعل منك بجد
أدهم شخص كويس جدا و أخلاقه عالية و مؤدب و محترم
الكل يشهدله بكده . ماتقوليش عليه الكلام ده تاني
هو يمكن قاسي في التعبير بس ده لأنه دوغري و بيقول علي الصح صح و الغلط غلط بدون تفاهم . هي نقطة وحشة و حلوة في نفس الوقت بس ماتغلطهوش . أدهم راجل يا سلاف

سلاف و قد لانت نبرتها عن ذي قبل :

-أنا ماقصدش أغلط فيه يا حلا
بس بصراحة أنا ماشفتش منه حاجة حلوة لحد دلوقتي
أنا بحس إنه بيكرهني مع إني و الله ماعملتلوش حاجة
حتي لما حطيت إيدي علي كتفه كان غصب عني
كانت حركة عادية طلعت لوحدها . يعني ماكنتش قاصدة أحط إيدي عليه .. ثم زفرت بضيق و أكملت :

-جرحني أووي . و أحرجني حسسني فعلا إن بابا مات
ده بابا ذات نفسه عمره ما زعق فيا بالشكل ده
و لو كان موجود ماكنش حد قدر يعمل معايا كده

حلا بحنان :

-يا سوسو إحنا كلنا حواليكي يا حبيبتي و تأكدي إن محدش فينا أو غيرنا يقدر يدوسلك علي طرف
و صدقيني أدهم كمان مايقصدش إللي فهمتيه

سلاف بغيظ :

-أومال يقصد إيه يا حلا ؟؟؟
بقولك بهدلني و طردني من أوضته !!!

إبتسمت "حلا" و قالت :

-إنتي مش قادرة تفهمي
أدهم زيه زي كل إللي شافوكي في البيت . مبهور بيكي
بشكلك . هو بردو راجل و بيحس و عنده مشاعر و غرائز
هو خايف علي نفسه منك عشان كده بيتجنبك خصوصا إنك قاعدة معاه تحت سقف واحد .. ثم أكملت بدهشة :

-أنا كنت فاكرة إنه لا يمكن تيجي واحدة تحرك مشاعره
لكن إنتي قدرتي بسهولة جدا . و يمكن هو ده إللي مخليه متغاظ منك و أحيانا مش طايقك

سلاف بعدم فهم :

-أنا مش قادرة أفهم كلامك بصراحة !
بقولك ده حجر مابيحسش ده كل ما عينه تيجي في عيني بالصدفة بيقول أستغفر الله العظيم كأني مليكان عريان قصاده !!

حلا و هي تضحك بمرح :

-عسل يا سوسو . عموما مسيرك تتأكدي من كلامي .. ثم قالت بمكر :

-و مين عارف !
يمكن أدهم بنفسه هو إللي يأكدلك

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°

و في المنزل ... تحديدا في شقة "أدهم عمران"

جمعت "سلاف" عمتها و "عائشة" داخل غرفة جدتها لتعرض طلبها ..

سلاف بإبتسامتها الرقيقة :

-ها قولتي إيه يا عمتو ؟

أمينة بتردد :

-مش عارفة يا سلاف !
يمكن أدهم مايرضا آ ..

-يا أمـــي حرآاام عليكي .. قالتها "عائشة" مقاطعة و تابعت بضيق شديد :

-البت بتطلب منك إنتي مش من أدهم
خلي عندك شخصية شوية

أمينة بحدة :

-إحترمي نفسك يا عائشة إنتي بتكلمي واحدة صاحبتك ؟

عائشة بحنق :

-ما إنتي سايبة كل حاجة لأدهم بصراحة
فين كلمتك إنتي ؟ دايما كلمته هو إللي بتمشي !

أمينة : أه يا حبيبتي كلمته تمشي طبعا
إلهي يجعل حسه في الدنيا كمان و كمان ده راجلنا يا ماما ربنا يخليه و يطولي في عمره

زفرت "عائشة" بضجر ، بينما تدخلت "حليمة" قائلة بهدوء :

-قوليلي يا سلاف إنتوا لو خرجتوا يعني هتروحوا فين ؟

سلاف : أنا و حلا و إحنا راجعين من الجامعة شوفنا مطعم بيتزا فتح جديد في أخر الشارع فإقترحت عليا بدل من نبعد عن البيت نروح هناك أحسن و هتبقي المسافة مش بعيدة

أومأت "حليمة" بتفهم و قالت :

-طيب كويس أوي ده .. ثم نظرت لإبنتها و أردفت بصرامة :

-خلي البنات يخرجوا مع بعض يا أمينة
عائشة بردو محتاجة تفك عن نفسها شوية
عاجبك يعني ربطتها جمبك دي ليل و نهار ؟
إتقي الله فيها شوية مش كفاية حرمتيها تكمل تعليمها ؟؟

أمينة بإمتعاض :

-إنتي عارفة إني مش السبب في كده يا ماما
أبوها الله يرحمه بقي كانت دماغه ممشياه و إبنه كمان وارث نفس الدماغ و أنا عارفة رأيه هيبقي إيه أنا بالنسبة لي ماعنديش مانع بس هو أنا متأكدة إنه هيرفض

حليمة بحزم :

-مالكيش دعوة بأدهم . أنا هعرف أقنعه

-عايزة تقنعيني بإيه يا أحلي جدة في الدنيا ؟ .. قالها "أدهم" بنبرته اللطيف

لتتعلق نظرات عائلته به و هو يقف عند عتبة الباب مصوبا نظراته الباسمة إلي جدته ..

تابع "أدهم" و هو يمشي ناحية سرير "حليمة" :

-المفروض إنك عارفة إني مقدرش أرفضلك طلب
إنتي بالذات معاكي كارت بلانش يا لولو إنتي تؤمري بس و أنا أنفذ .. ثم إنحني ليقبل يدها

حليمة بإبتسامة و هي تمسح علي شعره :

-حبيبي . حمدلله علي السلامة
ربنا يخليك ليا
يبقي كده سهلت الموضوع بسرعة
خلاص بقي روحوا إجهزوا يا بنات

رفع "أدهم" رأسه و سألها بإستغراب :

-يجهزوا لإيه بالظبط ؟!

حليمة : أصل سلاف و حلا خلصوا إمتحانات إنهارة
و حابين يخرجوا و ياخدوا عائشة معاهم
أمك قالت أدهم مش هيوافق فأنا قولتلها سيبيلي أدهم أنا هقنعه و زي ما توقعت حفيدي حبيبي مش ممكن يرفض طلب لجدته

أدهم و قد تحولت نبرته :

-يخرجوا فين بس يا تيتة ؟ 3 بنات هيخرجوا لوحدهم إزاي ؟؟؟
إنتي عارفة خروجات يعني إيه ؟ مضايقات مالهاش أخر ده غير حاجات تانية كتير منتشرة أوي اليومين دول الواحد بيسمع عنها

-إحنا مش هنمشي في شوارع مهجورة يا دكتور أدهم ! .. قالتها "سلاف" بصوت حاد ، و أكملت :

-أظن إن المنطقة هنا راقية و عمرانة

زم "أدهم" شفتاه و رد بلهجة صارمة دون أن يلتفت إليها :

-أختي مش هتخرج في حتة
لو إنتي عايزة تخرجي إنتي حرة أعملي إللي إنتي عايزاه
أنا ماليش دخل فيكي أصلا

-أدهـــم ! .. صاحت "حليمة" غاضبة :

-ماتتكلمش مع بنت خالك بالإسلوب ده
و بعدين كلامك معايا أنا

أدهم بضيق :

-يا تيتة إنتي عارفة إن كلامي صح ليه مصرة تجادليني !

حليمة : أيوه إنت صح . بس هما مش هيبعدوا عن البيت
معاهم ساعة واحدة بس و هيرجعوا . لو قلت لأ و الله يا أدهم هزعل منك

أدهم بضيق أشد :

-خلاص . بس لو حصل حاجة إبقي إفتكري كلامي

حليمة بإبتسامة :

-إن شاء الله مش هيحصل حاجة .. و ربت علي خده بلطف

تنهد "أدهم" و قال بكدر :

-عن إذنكوا !

ثم قام من مكانه متجها إلي الخارج و هو يتحاشي النظر إلي "سلاف" ..

بينما إبتسمت "عائشة" إبتسامة عريضة ، أما "سلاف" فرفعت حاجبيها متمتمة بتعجب :

-و الله ما طبيعي !

•••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••

صعدت "سلاف" إلي "حلا" بعد أن إحتست الشاي مع جدتها ...

و قبل موعد الغداء بنصف ساعة ، كانت جاهزة و تقف أمام المرأة لتلقي نظرة شاملة علي نفسها

و بعد أن إرتدت فستانها اللؤلؤي القصير ، و جزمة سوداء عالية الكعب ، و وضعت مكياچ بسيط ، و عطر من مجموعات Chanel الصيفية ، ثم أخيرا تركت شعرها حرا بعد أن صففته في خصيلات لولبية ..

خرجت من الغرفة التي خصصتها "لبنة" لها .. ثم سألت الجالسون ( كانوا عمر و لبنة و حلا التي جهزت مسبقا ) و هي تدور حول نفسها ليروها من جميع الجهات :

-إيه رأيك يا طنط لبنة ؟ إيه رأيك يا عمر ؟ و إنتي يا حلا ؟

لبنة بإبتسامة صادقة :

-زي القمر يا حبيبتي

عمر بإعجاب شديد :

-مزززززة جآامدة يا سووو . أوووف يخربيت جمال أمك .. لكزته أمه لكزة غاضبة في كتفه

تذمر "عمر" هامسا :

-آااخ إيدك تقيلة ياست الحبايب

حلا بعدم ثقة :

-حلوه طبعا يا سلاف
بس نصيحة إوعي تظهري كده قدام أدهم

سلاف و هي تضحك بقوة :

-إطمني
حتي لو ظهرت قدامه كده مش هيبصلي .. ثم قالت و هي تتجه نحو الباب :

-يلا أنا هنزل أستناكي تحت عند شوشو
ما تتأخريش

و هبطت "سلاف" مستخدمة المصعد بما إنها تنتعل كعبا عاليا سيكون شاقا عليها أن تهبط الدرج دون أن تنزلق ساقها

قرعت الجرس ، لتفتح لها عمتها بعد لحظات قصيرة ..

أمينة بإبتسامة :

-سلاف !
تعالي يا حبيبتي إدخلي .. و أفسحت لها مجالا للدخول

سلاف : شوشو جهزت و لا لسا يا عمتو

أمينة : بتجهز يا روحي . و لو إني مش عارفة غدا إيه ده إللي هيبقي أحسن من أكلي ؟
ده أنا عاملة أكل حلو أوي إنهاردة صعبان عليا أقعد أكله أنا و أدهم لوحدنا . ما بلاش يا سوسو حكاية الغدا برا دي و إدخلي كلي معانا !

و هنا إلتقط نظرات "أدهم" بنظرات "سلاف" بعد كفاح و مقاومة شديدة منه ألا يغلبه فضوله و يلقي نظرة علي مظهرها ..

إبتسمت "سلاف" بإلتواء و قد أرضاها أن تري عينيه تجحظان لحظة واحدة قبل أن يعود و يضبط تعابير وجهه ، ثم ينكب فوق طعامه مجددا متظاهرا بأنه لم يري شيئا

لكنها بالطبع إستطاعت أن تتبين غضبه الدفين الظاهر في حركاته البسيطة ..

إنتظرت "سلاف" إبنة عمتها نحو الربع ساعة ، و أخيـــرا إنتهت .. لكن "حلا" لم تأتي حتي الآن ...

حاولت "سلاف" أن تدق لها علي الهاتف ، لكنه مغلق ، فقررت أن تصعد ثانيةً لتتفقدها بنفسها

فتحت باب المصعد ، لتصطدم برؤية "سيف" زوج "إيمان" إبنة عمتها الكبيرة ..

-هاي يا سيف إزيك ؟! .. قالتها "سلاف" بإبتسامتها الجذابة

لم تكن تظنه سيئا .. لم يخبرها أحد بعد ...

سيف و هو يجري بنظراته الجائعة علي وجهها حتي قدميها :

-أهلا بالقمر . إزيك إنتي يا سكر ؟؟؟

سلاف و هي تنضم إليه داخل المصعد الواسع :

-كويسة الحمدلله
و إيمان أخبارها إيه !

سيف بقلة إهتمام :

-أهي كويسة .. طالعة و لا نازلة يا جميل ؟

سلاف : لأ طالعة عند طنط لبنة

ضغط "سيف" علي زر الطابق الذي تسكن فيه "لبنة" ..

و لكن ثمة شيطان خبيث قدم له فكرة شريرة جعلته يمد يده خلسة و يضغط علي زر التوقف

لتشعر "سلاف" بأنهما علقا بالمنتصف ..

-إيه ده ؟ الأسانسير عطل و لا إيه ؟؟؟ .. قالتها "سلاف" بقلق

ليسرع "سيف" و يهجم عليها مطوقا خصرها النحيل بذراعيه القويتين ..

سلاف بصدمة :

-إيه ده إللي عملته ده يا سيف ؟؟؟!!!

سيف بنبرة مستثارة :

-بعمل الطبيعي يا قمر
بعمل إللي أي حد مكاني لازم يعمله ! .. ثم مرر يده فوق وجنتها برقة

بدا أنه لم يلاحظ أنها تدفعه بقوة ليبتعد عنها ، لكنه لم يتحرك من مكانه ، و كأنها تدفع بصخرة 
..

-من فضلك إللي بتعمله ده مايصحش ! .. قالتها "سلاف" و هي تشيح بوجهها عنه كاتمة أنفاسها

سيف بنظرات ملتهبة :

-ما بصراحة أنا أبقي عديم النظر لو قدامي الجمال ده و عديته من جمبي كده بسهولة .. و إلصق جسده بجسدها أكثر

بحيث أصبحت محتجزة بينه و بين جدار المصعد الحديدي

سلاف بغضب :

-إسمع
إنت لو مابعدتش عني دلوقتي هصرخ و هتفضح في البيت كله

سيف و هو يضحك بقذارته المعهودة :

-طيب إيه رأيك أنا عندي حل للمشكلة دي
و ممكن تصرخي براحتك بردو و محدش هيحس بينا !

و قبل أن تفهم قصده ، جذب رأسها فجأة و أطبق بفمه علي شفتاها ..

سرت موجة من القرف و الخوف في جسدها ، و تقلصت أحشاءها .. كان جسده الغليظ يضغطها للخلف و الأسفل ... بدأت تصارع و تقاوم بهياج

لكن بدا كل هذا من غير طائل ، فقد كان حائط بشري لا يتزحزح قيد أنملة ..

بدأت دموعها تنهمر و قد أحست بإنها مقهورة في هذه اللحظة ... تخيلت إنها سوف تستسلم و أنه سيستغل الفرصة كاملة

و لكن الصوت المنقذ دوي فجأة قبل أن يسلب منها ما لم تكن لتمنحه له أو لغيره برضاها ...

-هي ماجتش عندك ؟ دي قالتلي طلعالك ..... !!!!!




                  البارت العاشر من هنا 


تعليقات