وكفى بها فتنه البارت الثاني والعشرون 22 بقلم مريم غريب


وكفى بها فتنه
البارت  الثاني والعشرون 22
بقلم مريم غريب



عادت "سلاف" إلي البيت برفقة "ادهم" ... إلتزمت غرفتها كما قال لها

و لكن الصدمة التي خلفتها كلماته قبل أن يتحرك بها بإتجاه المنزل لم تفارقها حتي هذه اللحظة ..

ماذا يعني بأنه لا يريد أن يراها الليلة ؟ .. و لا يريد أن يسمع صوتها ! .. يريد كما لو أنها ليست موجودة معه تحت سقف واحد !!!!

لماذا ؟؟؟ .. لقد تحسنت الأوضاع بينهما و إجتازا معا مراحل هائلة

شخص غيره لكان رقص من الفرحة لإتاحة فرصة بقائه وحيدا مع حبيبته

إنما هو ... علي ما يبدو ... خائف !!!

-مآااشي يا أدهم . أنا هعرف أتعامل معاك كويس .. تمتمت "سلاف" بهذا لنفسها ، ثم قامت متجهة نحو خزانتها

فتحت الدرج المفخخ خاصتها ... راحت تنقب بتركيز شديد ، إلي أن أستقرت علي بيچاما مثيرة جدا تحمل بطاقة فرنسية فخمة

كانت قصيرة من الشيفون الأسود ، مزركشة ببعض الشرائط الوردية المنسوجة من الساتان اللامع ، تذكرت أنها أعجيتها بعد أن رأتها علي إحدي العارضات بمجلة ما فصممت أن تشتريها حتي لو أنها تناسب المتزوجات ، ستحتفظ بها حتي يحين الوقت ..

ألقت بها فوق السرير و تناولت منشفتها و خرجت من الغرفة بدون أن تحدث أي ضجة ... و أثناء مرورها بالرواق حاولت جعل خطواتها خفيفة حتي وصلت إلي الحمام

أغلقت الباب خلفها بدون صوت ، و تعمدت الإستعجال خلال إستحمامها ... و بالفعل إنتهت بسرعة و لفت جسمها بالمنشفة الكبيرة ، ثم إنطلقت عائدة إلي غرفتها بنفس الطريقة التي تسللت بها إلي الحمام ..

نشفت شعرها جيدا و أسرعت بإرتداء البيچاما ...

ألقت نظرة علي ساعة هاتفهها ، إنها الثانية عشر .. منتصف الليل تماما ، يبدو هذا وقت مناسب

صففت "سلاف" شعرها ببراعة و جعلته يبدو فوضويا قليلا ، ثم راحت تضع مساحيق التجميل برقة شديدة فلم تكثر منها ، و أخيرا إختارت العطر الأمثل لخطتها ... ( Amber Romance ) من ڤيكتوريا سيكريت

إرتسمت إبتسامة رضا علي وجهها و هي تنظر لنفسها في المرآة ، الآن ستضع حدا لشبح الرهبة المستحوذ علي زوجها

إستنشقت "سلاف" نفسا عميقا ، ثم عقدت العزم و قصدت غرفة "أدهم" ...

........

كان مستلقيا علي فراشه ... بين النوم و اليقظة

يطارده وجهها الجميل ، إنها الليلة معه .. وحدهما تماما ، زوجته و حبيبته الوحيدة

ليس هناك حائل أو مانع يقف بوجهه ... الشيطان رغم أنه ليس بحاجة لوساوسه

لم ينفك يصور له كم سيكون الأمر رائعا لو أنه يتحلي ببعض الشجاعة فقط ، لن يصيب أحد أي ضرر ، فهي زوجته و تحل له مئة بالمئة ..

و لكنه ثبت علي موقفه و صم أذنيه عن تلك الوساوس ، و لو أنه يتلظي و يتعذب من دفق الأفكار الذي لا يتوقف

و فجأة يشعر "أدهم" بيدها الطرية الرقيقة تحط علي كتفه

إرتعد و إنتصب جالسا بسرعة ، لتصعقه الصدمة عندما يراها ...

-سـلاف ! .. صاح "أدهم" مصدوما ، و أكمل بغضب :

-إيه إللي جابك هنا ؟
و إيه إللي إنتي عاملاه في نفسك ده ؟
إتفضلي إطلعي برا حالا .. و لكنه لم يستطع إزاحة عيناه عنها ، فشل بجدارة

إبتسمت "سلاف" و هي تقول بصوتها الرقيق :

-إهدا شوية يا أدهم
أنا جيت عشان أتكلم معاك في حاجة مهمة

أدهم بإنفعال :

-أنا قولتلك إني مش عايز أشوفك نهائي الليلة دي
و نبهت عليكي تتجنبيني حصل و لا لأ ؟؟؟

سلاف بلطف :

-حصل يا أدهم
بس أنا مش مقتنعة بموقفك . إنت بتعمل كده ليه ؟؟!!
أشرحلي وجهة نظرك لو سمحت لإني مش شايفة أي مبرر لأفعالك السلبية دي
أنا دلوقتي مراتك و من حقي أفهم . قبل الجواز فهمت إنت كنت بتبعد عني ليه
إنما دلوقتي أنا مش فاهمة أي حاجة شوية بتكون كويس معايا و شوية بتتحول تماما فهمني بليز إنت مالك ؟؟!

أدهم بعصبية مكبوتة :

-مـآاليش . أنا عايزك تخرجي دلوقتي بس
دلوقتي حالا يا سلاف إنتي تجاهلتي كلامي و ده مش من مصلحتك

سلاف بغضب :

-هو إيه إللي مش من مصلحتي ؟
هتعملي إيه يعني ؟ إنت جوزي يعني المفروض أنا واثقة فيك و دورك إنك تعزز الثقة دي مش إنك تخوفني منك و تحط حواجز بينا

كظم "أدهم" إنفعاله و رد و هو يركز علي عيناها الخضروين الآن :

-أنا مش بخوفك مني يا سلاف
أنا بحميكي

سلاف : بتحميني من إيــــــه ؟؟؟

أدهم بجدية ممزوجة بالمرارة :

-بحميكي مني . أنا لسا مقتنع إني إرتكبت غلطة كبيرة لما فكرت إتجوزك . دايما بحاول أماشي خطواتك و عقليتك علي أمل ألاقي مقدار واحد بينا متساوي بس لحد دلوقتي مش لاقي حاجة .. أنا خايف أظلمك بجوازي منك . خايف تندمي
رغم إني قولتلك لو وافقتي علي الجواز مش هيكون من حقك ترجعي عن قرارك . لكن بصراحة أنا منتظر منك في أي وقت إنك تيجي و تقوليلي أنا مش عايزاك . مستنيكي تقلعي الدبلة دي و تقوليلي نسيب بعض
مستنيكي تقوليلي أنا إكتشفت إنك مش مناسب ليا . و صدقيني يا سلاف لو قولتيلي الكلام ده دلوقتي حالا أنا مش هعارضك أبدا . هديكي حريتك و إنسي كل الكلام إللي قولتهولك إنتي من حقك تعيشي حياتك مرتاحة بالطريقة إللي تعجبك

نظرت له "سلاف" غير مصدقة ، و قالت :

-معقول كل ده بتفكر فيه ؟
ليه ؟ كل ده عشان فرق السن يا أدهم ؟؟؟ ... و خرج صوتها بحدة أكبر مما أرادت

بينما أطرق "أدهم" رأسه ، لتكمل و هي تحني رأسها محاولة القبض علي نظراته :

-أنا مش قولتلك قبل كده إن دي حاجة تافهة ؟
إنت ليه محسسني إنك عجوز ؟ أدهم إنت لسا راجل صغير علي فكرة !

و هنا رفع "أدهم" وجهه ، لتري "سلاف" المعاناة في عينيه من جديد ..

قال بآسي :

-أنا فعلا مش عجوز يا سلاف . بس إنتي صغيرة أوي
12 سنة فرق بينا . جايز ماتحسيش دلوقتي و تعيشي معايا كام سنة مبسوطة و مرتاحة
لكن أنا متأكد إنك هتحسي بالفرق قدام . و ساعتها هتندمي

رمقته "سلاف" بغضب و وضعت كفيها علي جانبي وجهه و قالت :

-إسمعني كويس يا أدهم عمران
شغل الجنان بتاعك ده تبطله بالذوق كده أحسنلك . إللي هو ساعة تروح منك و ساعة تيجي الكلام ده مش عايزة أشوفه أبدا . إنت لحد إنهاردة من خمس ساعات بس كنت في منتهي الرقة و التفاهم معايا
فجأة إتقلبت أول ما خرجت أنا و إنت من المستشفي لوحدنا
لازم تفهم إني إنسانة حرة . و لما وافقت إتجوزك قررت ده بإرادتي فآاهم ؟ و عمري ما هندم علي ده أبدا طول ما أنا شايفة الحب في عيونك و حاسة بيه
أنا حاسة إنك بتحبني . رغم إن الحب كان أبعد حاجة ممكن أفكر فيها . بس قلبك كان مغنطيس . سحب قلبي غصب عني و إتلحموا ببعض . أنا بحبك يا أدهم و عايزة أعيش حياتي معاك إنت ! .. و أنهت "سلاف" عبارتها الحارة و بقت في إنتظار رده

إبتسم "أدهم" بوداعة و عيناه تلتمعان بحب ... أمسك بذقنها و رفعها متفحصا وجهها ، ثم قال بدفء :

-و أنا بعشقك و الله . ربنا يعلم إنتي إيه في قلبي
حياتي قبلك كانت متبرمجة عي سيستم واحد . روتيتة يعني
إنتي بقي جيتي كسرتي الروتين ده و مليتيها بهجة و سعادة و .. و عذآاب

تلاشت إبتسامة "سلاف" و هي تردد :

-عذاب !!

أدهم و هو يضحك :

-إنتي مش شايفة إنتي لابسة إيه ؟
علي فكرة إنتي كل يوم بتلبسي مصايب و أنا بعمل نفسي مش واخد بالي بس الليلة دي تقلتي العيار أوووي
روحي يا سلاف علي أوضتك الله يرضي عليكي و غيري الهدوم دي . هتموتيني أقسم بالله

ضحكت "سلاف" هي الأخري و قالت :

-بعد الشر عليك يا حبيبي
بس ده جزائي يعني ؟
أنا بلبس كده عشانك . إنت مش عايز تشوفني حلوة علطول و لا إيه

أدهم بجدية :

-إنتي عارفة إنك حلوة يا سلاف ماتعمليش عليا ذكية و بعدين أنا دلوقتي بتكلم جد . إتفضلي علي أوضتك يلا و ماتضغطيش علي أعصابي أكتر من كده أنا عازب بقالي 32 سنة

إنفجرت "سلاف" ضاحكة و نطقت بصعوبة :

-يا حبيبي ... صعبت عليا

أدهم : إضحكي إضحكي و إتريقي براحتك
بس بردو يلا علي أوضتك

سلاف بجدية :

-أوضتي إيه يا أدهم ؟
إنت فاكرني هنام الليلة دي في أوضتي ؟؟؟

أدهم بإستغراب :

-أومال هتنامي فين ؟!

سلاف بإبتسامتها الرقيقة :

-هنام هنا طبعا
علي سريرك . جمبك

أدهم بصدمة :

-بتقولي إيه ؟؟؟ إنتي إتجننتي ؟؟؟؟؟

سلاف بصرامة :

-أدهــــــم !
قلت هنام جمبك يعني هنام جمبك . لازم يبقي عندك ثقة في نفسك أكتر من كده نومي جمبك مش كارثة و إنت تقدر علي حاجة زي دي

نظر لها بعدم ثقة ، فزمت شفتاها بحزم و رفعت الغطاء متخذة مهجعا بجواره ..

-يلا بقي مش هتنام ؟ .. قالتها بتلك النبرة الخفيضة التي تذيبه

فأغمض عيناه بشدة و هو يقول :

-نهايتي علي إيدك !

كشرت "سلاف" و غمغمت و هي تجذبه من ذراعه :

-إنت بتبالغ أووي ... و لم تعطه فرصة و توسدت صدره بسرعة و هي تلف ذراعه حول خصرها

غضن "أدهم" أنفه و تنهد شاكيا :

-و كمان حطالي بيرفيوم ؟
الله يسامحك !!

كتمت "سلاف" ضحكتها و قالت بحدة مصطنعة :

-خلاص بقي نام وراك شغل الصبح

أدهم بتذمر :

-حاضر
تصبحي علي خير

سلاف بإبتسامة :

-و إنت من أهله !

و مرت ساعة كاملة و كان "أدهم" يتململ بقلق بين الحين و الأخر ... حتي هدأ و هدأت حركته تماما ، و علمت "سلاف" أنه غط في النوم عندما شعرت بإنتظام أنفاسه

تنهدت بعمق و أحست براحة غامرة لتلك النتيجة التي وصلت إليها .. و بعد قليل غفت هي أيضا بين ذراعيه الدافئتين و هي تشعر بالسعادة ...





تعليقات