البارت الثاني عشر 12
بقلم نورا عبدالعزيز
رحل الشاب مع أخاه من القصر لتنزل "مريم" إلى الصالون بغضب سافر بسبب كلمته التى ألقاها كالقنبلة تنفجر بها وقالت:-
-خطيبتك!! مين خطيبتك إن شاء الله... أنا... خطبتني أمتي، معقول معزومتنيش على خطوبتي
أجابها بنبرة غليظة غاضبًا من هذا الموقف واليوم جاء رجل لطلب يدها وغدًا ماا سيحدث هل ستخبره بأنها سقطت فى الحب:-
-غوري من وشي يا مريم دلوقت، وإياكِ الموقف دا يتكرر تاني
صرخت بأنفعال شديد به أثناء وقوفها فى البهو وقالت:-
-ما أنا كنت عايزة أغور من هنا خالص لكن حضرتك...ههههه والله خطيبتك ومين قالك أني هوافق أتخطب لك
ألتف إليها قبل أن يدخل المكتب وقال بسخرية من رأيها:-
-ومن قالك أني محتاج رأيك، أنتِ دلوقت خطيبتي
-خطيبتك منين أنا؟
قالتها بصراخ ثم ألتفت إلى "شريف" وقالت بصدمة ألجمتها:-
-أنا خطيبته؟
أومأ إليها بنعم فطالما قال "جمال" بأنها خطيبته سيخبرها العالم أجمع بأنها خطيبته صرخت من الغيظ وأتجهت إلى "نانسي" وقالت:-
-أنا خطيبته يا نانسي
-اه
قالتها "نانسي" بخوف من مخالفة كلمته التى تشبه الأمر لتحاول "مريم" تمالك أعصابها وأغلقت قبضتها بأحكام قبل أن تجن وسألت "حنان" بنبرة مرتجفة قائلة:-
-أنا خطيبته يا حنان
-أيوة يا مريم
صرخت من الغيظ وهى تقول:-
-خطبتني منين وأمتي أنتوا عايزين تجننوني
ربتت "حنان" على كتفها بلطف ثم قالت:-
-ما دام هو قال خطيبته يبقي خطيبته وأهدئي يا مريم بدل ما يخرج من جوا ويقولك مراته وهتلاقي قسيمة جواز تثبت أنك مراته فعلًا
وضعت يديها على وجهها بصدمة مما تسمعه الآن، صعدت لغرفتها غاضبة من الجميع رغم قلبها الذي يشعر بعكس عقلها الذي يكاد يجن ويفقد صوابه، قلبها الذي يفقز على ضلوعها الصلبة من الفرح ودقاته تسبب الإزعاج إلى هذا العقل، ألقت بجسدها على الفراش مُستسلمة لهذا الصراع الذي يحدث بداخلها بين القلب والعقل.
داخل الملهي الليلي وسط أصوات الموسيقي والرقص وصراخ الشباب، ولج "نادر" وترجل الدرجات الحديدية وسط الزحام لتبتسم "سارة" بمكر عندما رأته ووقفت تنهدم فستانها الذي يشبه قميص النوم من كثرة التعري فكان فستان أزرق طويل مفتوح من جهة اليمين من الفخذ ويظهر قدمها كاملة وبحمالة رفعية وعاري الظهر كليًا وترتدي حذاء أبيض بكعب عالي، بعثرت شعرها بطريقة عفوية ثم أتجهت نحوه بخطوات دلالية حتى وقع نظره عليها فتبسم بإعجاب وهو يتفحصها من الرأس حتى اخمص القدم وخطواتها المُثيرة وعندما وصلت أمامه قالت:-
-نورت المكان كله
أخذ يدها الناعمة فى راحة يده وأنحنى ليضع قبلة عليها ثم قال بلطف:-
-المكان منور بالجمال اللي فيه
تبسمت بدلال ثم قالت:-
-تحب تقعد فى الصالة ولا نطلب المشروب فوق في مكتبي في الهدوء بعيد عن الدوشة
أجابها بلطف وعينيه تتجول فى المكان قائلًا:-
-زى ما تحبي
تبسمت وسلكت الطريق أولًا إلى مكتبها لتصعد الدرج الحديدي الموجود بالخلف وهو أول مكان يكون خاليين من الزبائن فى هذا المكان المزدحم، صعدت بدلال أمامه وهي تشعر بنظراته التى تلتهمها فتبسمت بخبث وصرخت بألم بعد أن التوى كاحلها بالكعب العالي ليتشبث "نادر" بها بقلق وهو يقول:-
-حصل أيه؟
-اااه رجلي
قالتها بدلال مُفرط وعينيها لا تفارق عينيه كأنها تلقي عليه تعويذة النظرات السحرية فقال بلطف:-
-أسمحيلي
حملها على ذراعيه وصعد بقية السلالم بها لتلف ذراعيها حول عنقه حتى أصبحت على قرب كبير منه وبات يشعر بحرارة جسدها البارد من التكيف وخصيصًا فى هذا الشتاء وأنفاسها الدافئة تضرب وجهه، دخل للمكتب وأنزلها على الأريكة بلطف ثم جلس على الارض أمامها ورفع قدمها على ركبته وخلع حذاءها لتبتسم عليه فهو رجل أعمال ذو نفوذ كثيرة والآن يجلس عند قدمها برحب شديد، قالت بدلال مُصطنعة الألم:-
-اااه
نظر إلى وجهها ثم إلى قدمها من جديد وبدأ يدلكها بلطف، راقبت "سارة" عينيه التى تعتصر جسدها بنظراته خلسًا لكنها قرأتها بمهارة عيناه التى تسعى لأكتشاف كل أنش بها وتشعر بيده تحسس قدمها بلطف فتبسمت بخبث شديد كالصقر الذي حصل على فريسته للتو وسحبت قدمها منه بلطف ثم قالت بنبرة ناعمة خافتة:-
-شكرًا تعبتك معايا
وقف من مكانه ليجلس جوارها مُبتسمًا وهو يتفحصها عن قرب لتهرب من هذه النظرات إلى المكتب ورفعت سماعة الهاتف كي تطلب زجاجة من الخمر الفاخر غالية الثمن لأجلهما وبدأت تتدلل عليه كلما سكبت إليه كأس متعمدة أن تزرع بداخله سحرها الأنثوي بضحكات رقيعة وهمسات فى الأذن ومداعبة رابطة العنق حتى تصل يدها إلى عنقه تمامًا كما فعلت مع "مُختار" وأستطاعت أن تسحبه للزواج وظلت زوجته لسنواته طويلة لأول مرة فهى الوحيدة التى أستطاعت أن تكن زوجته لسنوات فالبقية لا يكملن شهرًا واحدًا معه، ممارستها لسحرها علي هؤلاء الرجال سلس كتنفسها الهواء بسلسة دون أى مجهود، أنهوا زجاجتهما التي شربها "نادر" كاملة تقريبًا فى حين أن "سارة" لم ترتشف سوى كأسين فقط، وقفت بدلال من الأريكة وقالت:-
-هطلب واحدة تانية
مسك "نادر" ذراعها بقوة وجذبها لتسقط على قدميه جالسة وقد فاض به الأمر من دلالها المُفرط ووصل لأقصي درجات الصبر فى تذوق هذه المرأة، شعرت بيديه تداعب ظهرها العاري من الخلف والأخري تسللت إلى وجهها يلمسه بدلال وقال بحالة سُكر:-
-كفاية... أنا ...
توقف عن الحديث عندما طبع قبلته على عنقها لتبتسم بدلال ثم فرت هاربة من بين ذراعيه بمكر بعد أن زرعت بداخله الرغبة بها.
"قصـــــر جمــــال المصــــري"
ترجلت "مريم" من الأعلي صباحًا مُرتدية بنطلون جينز وتي شيرت أبيض اللون وفوقه بلطو باللون الازرق وترتدي حذاء رياضي بنفس لون تي شيرتها وتصفف شعرها على الجانبين بحرية دون أن تقيده بأى دبوس شعر، تحمل حقيبة ظهرها الصغيرة فى يدها وهاتفها، أخذتها "حنان" للإفطار وهناك راته يجلس على السفرة فرفضت الجلوس بخطوة للخلف لكن "حنان" دفعتها للأمام قائلة:-
-أرجوكي أقعدي أفطرى معه، مستر جمال مراحش الشركة لحد دلوقت عشان يفطر معاكي ... أقعدي
تأففت بضيق ووضعت الكتب والحقيبة على السفرة بضيق وعصبية ليرفع نظره إليها من عصبيتها فتحاشت النظر إليه وبدأت تأكل فى صمت بتعجل حتى ترحل ليقول بنبرة حادة:-
-مش محتاج أقولك لو عرفت أنك اتكلمي معاه أو حتى عينيك جت عليه هيحصل أيه
تنهدت بضجر وتركت الشطيرة من يدها فى الطبق ثم نظرت إليه وقالت ببرود أعصاب:-
-والله أنا اللى مش محتاجة أفكرك أنك تصلح اللى بوظته أمبارح وتقولهم أنى مش خطيبتك ولا نيلة وبعدين دى عيني وانا حرة فيها تبص علي اللى عايزاه
تبسم وهو يضع المربي بالسكين فى شطيرته دون أن ينظر إليها وقال ببرود سافر:-
-بس أنتِ خطيبتي
بروده الثلجي أشعل نيرانها كأنه يتعمد هذا الشيء ويتلذذ برؤيتها تغلي كالبركان لترفع يديها الأثنين فى وجهه وقالت بضيق:-
-أنا سنجل ومش خطيبتك ولا حضرتك مش ملاحظة أن أيدي فاضية
نظر لها بطرف عينيه نظرة مُخيفة أرعبتها ثم قال:-
-عشان كدة نزلتي أستوري على الواتس بليل مصورة أيدك الفاضية وكاتبة الحمد لله على نعمة السنجل، كنتِ بتوصلي له رسالة أنك مش خطيبتي مثلًا ولا بتطلبي منى أجبلك خاتم الخطوبة بس بشياكة
وضعت ذراعيها على السفرة مُتكئة عليهم ببرود شديد مثله وحدقت بعينيه مباشرة وقالت:-
-بالظبط بوصل له رسالة أنى مش مخطوبة واللى قولته مجرد تخاريف ونصيحة مني متحاوليش تختبر صبري كتير لأنك متتخيلش جناني ممكن يوصلني لفين يمكن أرجعلك من الجامعة فى أيده وأقولك أنا أتجوزت
قالتها ببرود ترد له القنبلة التى قذفها بها ثم وقفت من مكانها كي تغادر لكنها لا تدرك ما فعلته بكلمتها إليه وما العواقب التى ستحل عليها نتيجة نصيحتها المعتوهة، تنهد بغضب محاولًا كبح غضبه بعد كلمتها وهى تهدده بأنها تستطيع الزواج من غيره إذا أرادت فوقف "جمال" من مكانه، سارت بخطوات سعيدة وهى تعلم بأنها أنتقمت منه للتو وانتصرت لكن سرعان ما تلاشت بسمتها عندما حملها على كتفه بسهولة لتصرخ بصدمة أحتلتها وسقطت حقيبتها وهى تضربه على ظهره بغضب وتقول:-
-أنت أتجننت يا جمال، نزلنى
صعد للدرج بها غاضبًا لينظر "شريف" إلى "حنان" فقالت بأستسلام:-
-راحت أيام الهدوء فى القصر دا، إحنا لازم نستعد للحرب
ضحك "شريف" فالقادم بين هذا الثنائي حربًا فعلًا وكل واحد منهما يفكر فى قذف التاني أولًا ليرد الأخر بالأنتقام، صعد "جمال" للردهة وهى لا تتوقف عن الصراخ ويقول بجدية صارمة:-
-أنا هوريكي أزاى تفكر فى الجواز من ورايا
فتح باب غرفتها وأنزلها فى منتصف الغرفة لتهندم شعرها المُبعثر بأنفعال وحدقت فى وجهه بغضب سافر قائلة:-
-أنت مجنون رسمي، أنت فاكرني كلبة عندك وهتحبسني هنا
لم يبالي بكلمتها ووضع يده فى جيب سترته الداخلي وأخرج منه العلبة ليفتحها بانفعال وأخرج الخاتم منها ووضعه فى بنصرها الأيمن بقوة لتتألم من فعلته وحاولت جذب يدها منه بكل قوتها ليقول بعناد وكبرياء شديد:-
-عشان أيدك متبقاش فاضية
دفع يدها بغضب أحرق كل خلايا عقله من كلمتها فكادت أن تنزع الخاتم من يدها ليقول بتهديد صريح:-
-جربي تقلعيه يا مريم وأنا هجبلك هدية ملفك من الكلية وأبقي وريني هتكلمي سنتك الأخيرة أزاى
توقفت عما تفعله وتركت الخاتم فى يدها وعينيها تحدق به فى صمت لا يخرج منها سوى صوت أنفاسها المرتفعة التى تخترق أذنيه لتخبره كم هى غاضبة وتحترق من الداخل كعقدة حاجبيها وتقوس شفتيها كل تعابير وجهها وجسدها يطلقوا العنان لهذا الغضب أمامه، تبسم على هذا الغضب وشعر بأرتياح فى داخله بعد أن رد لها جمرة الغضب التى أحترقته بها بالأسفل وأنحني قليلًا قرب رأسها وهمس فى أذنها ووجنته تلمس وجنتها المُلتهبة من الغضب:-
-قولتلك مشوفش قلم روج فى وشك بس واضح انها عجبتك
أدارت رأسها له بخجل بعد أن أزدردت لعابها الجافة فى حلقها بدهشة من تحوله المُفاجئ وهى تعلم أنه يتحدث عن قبلته لتتقابل عيونهما ويسرق منها قبلة جديدة بسرعة وهرب من أمامها قبل أن يعطيها المجال لمقاومته أو دفعه بعيدًا، ظلت محلها كالجبل المتجمد مكانه بعد أن أنصهر غضبها من قبلته كأنه أطفي النار التى بداخلها بهذه القبلة السحرية، لم تشعر بشيء سوى صوت الباب يغلق من الخارج بالمفتاح لتسرع إليه بصدمة وقالت:-
-جمال، أفتح جماااال
ضربت الباب بقدمها بضيق ثم جلست على الفراش بأستسلام للأمر ولمست شفتيها بسبابتها ببسمة رُسمت للتو عليهما لأجله وبدأ قلبها يقتل صراخ عقلها المتحجر، لمحت لمعة الخاتم وهى تمرر يدها على شفتيها فأنزلتها لتنظر إلى الخاتم بسعادة فكان رقيقًا جدًا يليق بأناملها النحيفة لتُتمتم بلطف:-
-أنا بقيت خطيبته بجد؟!
تبسم "حمزة" وهو جالسًا فى سيارته أمام القصر بعد أن حصل على رسالة للتو تحمل بداخلها رقم "مريم" الشخصي فأنطلق بسيارته وهو لم يعد بحاجة إلى المراقبة هنا فبمجرد أن يتصل بها ستهرع إليه وتأتيه مهرولة دون تفكير، يكفيه أتصال واحد إليها، لكن سعادته تضاعفت من المُرسل الذي قبل بالتعاون معه من داخل القصر ليكون عينًا له ومساعده فى أى شيء يريد أن يفعله داخل القصر دون أن يجازف بحياته.
"شــــركــة الجمــــال جى أند أم للألكترونيات"
فتحت "أصالة" باب المكتب وولجت بهدوء حتى وصلت إلى مكتبه وهو مُنغمس فى عمله بجد لتقاطعه لطف عندما قالت:-
-نادر الهواري متصدر الأخبار النهار دا
فتحت له الشاشة المجاورة للمكتب ليظهر له المقالات الكثيرة التى كُتبت عنه بطرق مُختلف لكن محتواها واحدًا
(رجل أعمال صالح فى الصباح ويقدم الخدمات للشعب وفى المساء يتردد على الحانات والنوادي الليلى)
تبسم "جمال" وهو يعود بنظره إلى اللابتوب الخاص به وقال بسخرية:-
-هم كانوا فاكرين أنه صالح بجد!! ميعرفوش غير الظاهر اللى بيحصل على المسرح لكن اللى خلف الكواليس لا، اللى زينا جوا هم بس اللى عارفين قذارته وأن مفيش مشروع دخله إلا بطرق غير مشروعة ومخالفة، بس متقلقيش يا أصالة ما دام الصحافة حط عينيها عليه هتكون مسألة وقت ويعرفوا عنه كل حاجة
تبسمت بفخر شديد كونها تعمل مع هذا الرجل لسنوات وقالت بلطف:-
-فى نفس الوقت الصحفيين اللى متعاقدين معانا بدأوا ينشروا مقالات عن شركتنا وسيرتك المهنية اللي زى البرلنت
أومأ إليها بنعم ثم تذكر "مريم" ليخرج بطاقته البنكية فتبسمت "مريم" بحماس وتحدثت قبل أن يفعل:-
-أجيب أيه؟
ضحك بخفة لأول مرة على حماسها ثم قال:-
-بقيتي حافظني يا أصالة
نظر نحو الباب بأرتباك من أن يدخل "شريف" ثم قال:-
-أشتري هدية تنفع تكون هدية خطوبة وفى نفس الوقت للصلح
أتسعت عينيها على مصراعيها بدهشة من كلمة خطوبة وظلت تحدق به وفمها مفتوح من الذهول ليقول بجدية:-
-مالك يا أصالة؟
فاقت من شرودها وقالت بخوف من جديته وتحوله المفاجئ هاتفة:-
-تحت أمرك ..
"قصـــــر جمـــــــال المصـــــري"
خرجت "مريم" من المرحاض بعد أن أخذت حمام دافئ وجلست أمام المرآة تجفف شعرها بمجفف الشعر الكهربائي ففتح باب الغرفة لتترك المجفف من يدها وألتفت كي تنظر للباب وكان "جمال" الذي عاد من عمله بعد يوم طويل حبسها به داخل غرفتها، دُهشت عندما رأته يحمل باقة من الورود الحمراء مصنوعة داخل صندوق أسود على شكل قلب، وقفت من مكانها مذهولة من رؤيته يأتي إليها بورد وهذا لا يليق بشخصيته التى تعرفها، رمقها بنظره صامتًا وهى تسير نحوه حافية القدمين مُرتدية بيجامتها الوردي المصنوعة من الفرو لتحميها من هذا البرد القارس فى شهر فبراير وشتاءه وشعرها مسدول على الجانبين وظهرها بفوضوية وما زال يحمل بها بعض قطرات المياه، وصلت أمامه وعينيها لا تفارق بالباقة ولمعت ببريق الحب كأي فتاة تحصل على هدية رومانسية من حبيبها، رفرف قلبها بسعادة تغمرها كليًا لتقول بهدوء:-
-أيه دا؟
حاول أن يخبرها بأن هذا لأجلها لكن الكلمات كانت صعبة عليه فى الخروج والنطق بها، تلعثم كثيرًا أمامها رغم أنه ربت كلماته أثناء طريق عودته لكن أمامها تهرب الكلمات منه ولا يقوي على فعلها، رأت "مريم" ربكته وتلعثمه لا تعلم أهذه الكلمات البسيطة صعبة عليه بهذا القدر، مُنذ دخلت لهذا القصر ولم تجده عاجزًا أمام شيء لكن اليوم عجز كليًا فى التفوه بالقليل أمامها، تسألت أتعاقب قسوته التى جعلت من قلبه مُتحجر لهذه الدرجة أم تعاقب "مُختار" وزوجته على خيانتهم له حتى صنعه منه هذا الوحش الذي يخشي الحب ولا يستطيع النطق به، تبسمت بلطف وأخذت الباقة من يده بهدوء مُتفهمة موقفة ثم قالت:-
-شكرًا
-العفو
قالها بحرج شديد ثم ألتف كي يغادر لكنها أستوقفته بكلماتها اللطيفة عندما قالت:-
-أبقي شوفي الأستورى
أكمل طريقه للخارج وأتجه إلى غرفته ويده تخرج الهاتف من جيبه، فتح مقبض الباب ودخل وبيده الأخري يفتح تطبيق الواتس أب ليفعل كما طلبت منه، رأها حذفت حالة أمس ووضعت اليوم حالة جديدة بصورة لها جميلة وتضع يدها بين خصلات شعرها تظهر خاتمها وكتبت أسفل صورتها
(I got engaged)
تبسم بعفوية بعد أن أعلنت للجميع بأنها خُطبت والآن أصبحت تملك رجل فلن يقترب منها أخر، قال بعفوية وهو يلقي بسترته والهاتف على الفراش:-
-تستاهلي الهدية
دلف للمرحاض وأخذ حمام دافئ لكنه أنهت سريعًا عندما سمع صوت صراخها من الخارج، خرج من المرحاض بروب الأستحمام ليستمع لصوت الرعد والامطار الشتوية فألتقط هاتفه وضغط على الضبط ليقول "جين" بصوته القوي الالي:-
-لقد تم تفعيل عازل الصوت
لا يعلم ماذا يحدث لها عندما تسمع صوت الرعد وأى حالة هلع تصيبها، أرتدي ملابسه سريعًا وخرج إلى حيث غرفتها ليراها مُنكمشة فى ذراتها بغرفة الملابس الوردات الجميلة منثورة على الأرض، بحث عن "نانسي" لكنه لم يجد لها أثر ليكز على أسنانه بضيق من هذه الخادمة التي أمرها بألا تفعل شيء سوى مرافقتها والأعتناء بها، أقترب منها بلطف ثم جلس على ركبتيه وكانت ترتجف وتضع يديها على أذنيها بقوة تحاول إلا تسمع شيء وتغمض عينيها التى تعود بها لهذه الليلة المُخيفة وصوت صراخها وتمزيق ملابسها يلحقها مهما ضغطت على أذنيها فهو عالق بعقلها من الداخل، منظر جثة "مُختار" والدماء المُنثورة بكل مكان لا تقوي على تحملها رغم إغلاق عينيها لكن هذه الصورة لا تفارقها، مسك "جمال"يديها بلطف ليبعدهما عن أذنيها وهى تنتفض كليًا، نجح فى إبعاد يديها عن أذنها ليُدهش عندما أنتفضت من مكانها بهلع وعانقته بخوف مُتشبثًا بعنقه، شعر بجسدها الدفء يخترق جسده الصلب ببرودته وألتصقت به كأنها تريد الأختباء داخل قفصه الصدري هاربة من هذا العالم، طوقها بذراعيه بحنان بعد أن سمعها تُتمتم بخفوت شديد:-
-دا ماضي يا مريم... دا ماضي يا مريم... دا ماضي يا مريم
همس إليها بنبرة دافئة يقول:-
-أنا هنا!!
ظل بجوارها حتى أدركت أن صوت الرعد أختفي وتوقفت هذا الأصوات الموجودة بداخلها تؤلمها، راقبها عن كثب حتى هدأت تمامًا ليقول:-
-أنتِ كويسة؟
أومأت إليه بنعم بحرج من ماضيها الذي تخفيه مُتحاشية النظر إليه، سألها بفضول:-
-أنتِ بتسمعيه أيه مع الرعد؟
وقفت من مكانها بخوف من ذكر الماضي وكيف تخبره بأنها قتلت أخاها مع أعتدائه عليها فهل سيصدقها من الأساس، صعدت لفراشها وقالت بخفوت وقلق:-
-أنا عايزة أنام
خرج من غرفتها مُتعجب لحالها دون أن يضغط عليها.
وقف "حمزة" تحت الأمطار وصوت الرعد يسمعه بأستمتاع شديد وهو يعد له الذكريات مثلها تمامًا وقال:-
-الليلة دى مناسبة لشوفتك يا مريم....
أخرج هاتفه وأرسل لها رسالة تحمل صورة المسدس الخاص بـ "مختار" ومعه عنوان للقاء وقال برسالته هستناك الساعة واحدة.. واحدة وخمسة لو مجتيش هتكون هديتي عند جمال فى المكتبة.