البارت الثامن عشر 18
بقلم نورا عبدالعزيز
دخلت "سارة" إلى مكتبها وتحمل فى يدها السترة الخاصة بها وحقيبتها، رأت شخص يجلس على مقعدها ويعطيها ظهره، ألقت بسترتها والحقيبة على الأريكة المجاورة لها وتقدمت خطوة فأدار المقعد ذو العجلات لترى "جمال" أمامها جالسًا على مقعدها، تبسمت بسعادة قصوى لرؤيته وقالت:-
-معقول دا، جمال المصري بنفسه في المكان هنا؟
رمقها "جمال" بنظرة ساخطة وأشمئزاز من رؤيتها ليقول:-
-لايق عليكي المكان دا، اللى مكنش لايق عليكي بجد الحجاب والتقوي، أصل اللى زيك ميعرفهوش الإيمان،
أقتربت بدلال نحوه حتى ألتفت حول المكتب لتبقي على قرب منه وتحدق به ثم قالت:-
-حد برضو يخبي الجمال دا كله
ضحك بسخرية عليها عندما رأها تمرر يديها على خصرها مُرتدية فستان فضي اللون لامع قصير يصل لفخذيها بدون أكمام وحذاء أحمر بكعب عالي، أدار رأسه للجهة الأخري مُتحاشيًا النظر إليها بضيق فكيف لعينيه بأن تنظر إلى أخري الآن وبقلبه هناك فتاة سكنته وأحتلت عقله وعينيه لا تخضع إلى إليها وقال بأستفزاز:-
-أنا برضو قولت كدة واحدة زيك مهوسة بجمالها وتلوينها ميلاقش عليها خالص تكون مربية فاضلة
أنحنت "سارة" تجاهه بدلال ورفعت يدها إلى وجهه تلمسه بنعومة وتحسس لحيته السوداء تكتشف نعومة شعراته بينما تجيب عليه قائلة:-
-أعتبر دا أعترف منك بجمالي
نظر. "جمال" إليها بغرور ثم قال بنبرة هادئة تُثير أعصابها:-
-دا حقيقة أنتِ جميلة لكن عندي هناك فى القصر فى أجمل منك تخليني مشوفش أى ست فى الدنيا جميلة غيرها، مريم
كزت على أسنانها بأختناق سافر ثم تبسمت بدلال تخفي خلفه غضبها الذي ألتهمها من كلمته وذكر اسم "مريم" وقالت:-
-عشان كدة جتلي
تسللت يدها إلى صدره تداعب قميصه الحرير بنعومة وإثارة وعينيها تحدق فى عينيه الخضراء وقالت بنبرة هامسة مُثيرة:-
- أدفع عمري كله يا جمال مقابل ليلة واحدة أقضيها معاك وفي حضنك
أنهت جملتها لتلقي بجسدها عليه وتجلس على قدمه بسعادة ليهمس إليها بنبرة مُخيفة قائلًا:-
-من ناحية عمرك فمستعجليش هتدفعيه.. يعنى هتدفعيه، واللى بتحلمي به دا نجوم السماء أقربلك وبالمناسبة أنا جيت أبارك على جوازك وأبلغك سلام حمزة بنفسي
نظرت له بدهشة وصدمة ألجمتها بعد أن علمت أن "حمزة" لديه ومعرفته بخبر زواجها، أرتعبت خوفًا من أن يتفوه "حمزة" بكلمة إلي هذا الرجل ويهدم كل شيء تفعله، دفعها بقوة بعيدًا عنه بأشمئزاز كأنها قطعة قمامة فسقطت أرضًا لتُصدم من فعلته وأتسعت عيناها لطالما جذبها الرجال إليهم وجلسوا عند قدمها لكن هذا الرجل "جمال" دفعها أرضًا لتشعر بإهانة أكبر من كلمته عندما وقف من مكانه وقال بجدية:-
-دا مكانك الطبيعي عند الجزمة تداسي بالرجل مع التراب، قسمًا بربي وغلاوة مريم عندي لو قربتي منها من قريب أو بعيد ما هتلاقي غيري فى وشك وربنا ما يوراكي أنا ممكن أعمل أيه ولا أوصل لفين وهنروح بعيد له أبقي أسالي حمزة دا لو لاقيته، واللي عملتيه لازم تحاسبي عليه لكن كله فى وقته أحلي وأنا راجل معندوش صبر....
دفعها بقدمه بأشمئزاز بعد أن ترك لها تهديده وغادر المكتب بعد كلمته لتظل محلها على الأرض غاضبة وتشعر بالإهانة والذل حتى أوشك صدرها على الأنفجار من الغضب وتوعدت له بالأنتقام ورد الذل والإهانة له على ما فعله....
"قصـــر جمـــال المصـــري"
تبسم الطبيب النفسي إلى "مريم" وهما جالسان معًا فى الحديقة وقد أنتهوا للتو من الحديث لتقول:-
-أهم حاجة يا مريم أنك تستمري على العلاج وتثقي أن دى فترة وعديت وكل اللى بيحصلك تهيوات من عقلك الباطن، الأحلام والكوابيس مالهاش أثر ولا وجود
أومأت "مريم" إليه ببسمة لطيفة ليقف من مكانه ويغادر، نظرت إليه ورأت "جمال" يترجل من سيارته قبل أن تصل للباب وسار نحوها لتبتسم بعفوية وقالت:-
-متأخرتش النهار دا
حدق بها بغيرة تأكل قلبه بعد أن رأها من النافذة تبتسم مع هذا الرجل وقال:-
-أنتِ بتبتسمي للدكتور!!
ضمت شفتيها بقوة بأسنانها ثم قالت بجدية:-
-لا محصلش، قصدي يعنى أتبسمت شوية لما قالي أن في أمل الأحلام دى تختفي مع الوقت
رفع حاجبه بجدية وقال بغضب مكبوح رغمًا عنه من الغيرة:-
-والله لولا أنه عشان دكتورك ومحتاجة له كنت محيته من على الأرض
تبسمت "مريم" إليه ووقفت على الأريكة بركبتها وأتكأت بيديها على صدره حتى لا تسقط لتقول:-
-بتغار؟
تنحنح بحرج من الحديث أمامها ويخبرها كم يغار ويجن عقله عندما يراها تنظر بابتسامة لرجل غيره وأخرج شيكولاتة من جيبه ليعطيها لها دون كلمة فنظرت إليه بأستغراب صمته وقالت:-
-أيوة وبعدين
-خديها
قالها ببرود كالثلج لتقول بتذمر شديد:-
-أيوة خديها بس، على الأقل قولي جبتها عشانك أو وحشتينى مثلا طول اليوم، كنت بفكر فيك !!
رفع حاجبه إليها وجذب يده بالشيكولاتة كأنه تراجع فى تقديمها لها وقال:-
-متأخدهاش
جذبت يده سريعًا إليها ومسكته قبل أن يغادر بعبوس وقالت:-
-خلاص بلاش واحشتك، هأخدها
أخذتها منه عابسة من تجمد مشاعره وعقدة لسانه التى أخبرها بها بوضوح لكنه لا يجاهد فى التقدم نهائيًا، أكلت مكعبًا منها بتذمر وتقول ناظرة للأسفل مُتحاشي النظر له بغضب:-
-حلوة شكرًا مع أنك لو قدمتها بطريقة ألطف كانت هتبقي أحلى وأطعم....
قاطعها عندما رفع رأسها بسبابته ليسرق قبلة منها دافئة فأتسعت عينيها على مصراعيها من فعلته دائمًا يسرق منها القبلة دون أى مقدمات وعلى سهو كالماكر، أبتعد عنها وهو ينظر للحديقة مُتحاشيًا النظر لها وقال بلطف:-
-تصدقي فعلًا حلوة، ممكن أخد حتة كمان
وضعت يديها على شفتيها بأندهاش تمنعه من سرقتها مرة أخرى وهي تعلم أنه يقصد القبلة وليس الحلوي لتقول:-
-يااا، أنت لئيم والله يا جمال
مال برأسه لليسار ناظرًا إليها ثم قال ويشير بسبابته عليها:-
-البنت دي عنيدة، لو تعرفي أن فى واحدة عرضت عليا ليلة من نص ساعة ......
ألقت الشيكولاتة فى وجهه لتسقط أرضًا بأنفعال تملكها وهو يخبرها بكل هدوء أن هناك من ترغب به وتتدل عليه وقالت بصراخ بعد أن نزلت عن الأريكة:-
-والله، وأيه كمان؟
تبسم علي غيرتها وعصبيتها من أجله فقال بكبرياء يتغزل بها بطريقة غير مباشرة:-
-مفيش راجل فى الدنيا يتمنى يشوف عصبية الست بتاعته لكن أقسملك يا مريم أن عصبيتك بتحليك
ضربته فى صدره بقبضتها الصغيرة غيظًا منه وهى تقول:-
-كفاية كدب بقي
ذهبت من أمامه غاضبة ليتابعها بنظراته حتى لحق بها وحملها على ذراعيه فصرخت به غاضبة:-
-نزلني..... قولتلك نزلني يا جمال
أحكام حركتها بيديه بقوة وعينيه تحدق بها بنبرة مُخيفة جعلتها تستكين بين يديه وقال بجدية:-
-مسألتنيش أنا قولتلها أيه؟
صمتت بهدوء ناظرة إلى عينيه وأزدردت لعابها خوفًا من أن يكون وافق على طلب هذه المرأة البغيضة التى تتودد إلى رجل يحمل فى بنصره خاتم مليكة فتاة أخري ،همس فى أذنيها قائلًا:-
-قولتلها أن عندي فى القصر أجمل بنت أتخلقت فى العالم
تبسمت كالبلهاء بعفوية مغرمة بهذه الكلمات التى يتفوه بها على غير طبيعته وتناست كل الغضب وأنطفأت نيران الغيرة كليًا بداخلها وقالت:-
-قول والله!!
-وحياة مريم
قالها بنبرة خافتة لترفع يديها تلفهم حول عنقه بدلال وكلما أخبرته أن يقسم أصبح قسمه بعزتها عنده وهذا كافي ليخبرها بكم يحبها دون أن يلفظ بهذه الكلمة ثم قالت:-
-معناه أن في أمل
نظر إليها مُستفهمًا عما تعنيه لتقول بلطف:-
-ما دام قولت أن عندك بنت جميلة معناه أن فى أمل فى يوم تقولي كلمة واحدة من أربعة حروف
تسمر مكانه وتوقفت قدميه عن الحركة وهو يفهم هذه الكلمة التى تنتظرها منه كأي فتاة تحب وتتمنى أن تسمعها فأنزلها عن ذراعيه بتوتر من هذه الكلمة وما تريده، يعلم بأنها لا تطلب الكثير منه لكنه يشبه المستحيل، شعرت "مريم" بربكته لتتشبث بذراعيه بلطف وقالت:-
-جمال
نظر إليها بصمت لتبتسم إليه مُتعمدة أن تهدأ من روعته وضربات قلبه الخافتة التى شعرت بها من ربكته وحبيبات العرق التى بدأت تظهر فى جبينه من التوتر، نظر إلى بسمتها الدافئة كأنها تنير ظلمة قلبه بلطفها وجمالها البريء لتقول:-
-خلينا نعمل خطوبتنا، أنا فاضلي إمتحان واحد ممكن نعملها بعده
أومأ إليه بنعم ثم قال:-
-ماشي أعملي اللى عايزاه
تبسمت وهى تسير معه للداخل وقالت بعفوية:-
-هتجبلي أيه لو نجحت بتقدير كويس، كل صحباتي متوقعين أنى مش هجيب تقدير كويس بما أني أكبرها سنًا لكن أنا قولتلهم أني هجيب أمتياز عشان جمال يفتخر بيا
تبسم إليها بهدوء ثم قال:-
-أنا فخور بيكي وعارف أنك طالبة شاطرة، عايزة أيه، عربية أحدث موديل، إيفون، أعملك برنامج تقديمي كأعلامي والله لو طلبتي قناة فضائية باسمك لأجبهالك
مسكت يده توقفه عن السير لينظر إليها بأندهاش فقالت ببراءة:-
-لا أنا مش عايزة فلوسك، خلينى أسافر بصراحة عمري ما خرجت برا الفيوم والقاهرة، تخليني أشوف برج إيفيل ممكن
هز رأسه بنعم وقال:-
-موافق أخلي سلمي تحجزلك تيكت
عقدت ذراعيها أمام صدرها بغيرة من هذا الفتاة رغم سفرها الكثير وعدم تواجدها بجواره لكنه يحترمها كثيرًا لتقول:-
-لا أنا عايزة أسافر معاك
نظر حوله بحيرة ويتمتم قائلًا:-
-بس أنا عندي شغل و....
قاطعته بسبابتها الذى وضعته أمام وجهه بحدة وقالت بلهجة أمر:-
-مفيش أعتراض ولا هقبل الرفض، أعتبرها هدية نجاحي وخطوبتنا معقول كل العرسان يقدموا هدايا الخطوبة لعروستهم وأنت جمال المصري بحاله ترفض
هز رأسه بنعم وقال بجدية:-
-خلصي إمتحانك بس وأنجحي وبعدين نشوف الموضوع دا
جلست "سارة" فى مكتبها ترفض مقابلة أى شخص بعد تهديده لها، والتوتر والقلق أحتلوها كليًا من أخذه لـ "حمزة" وإذا تحدث عن خطتها لقتل أخاه حتى تستفيد من الوصية ماذا ستفعل؟، كيف ستواجه أنتقام "جمال"؟ ولأول مرة يظهر الخوف عليها من قوة "جمال" فهى تعلم بأنها تصدد له الضربات فى ظهره غدرًا لكنها لا تقوي على الوقوف أمامه نهائيًا وتواجهه علنًا، أتصلت بالفتاة بغضب ثم قالت:-
-متعرفيش تامر وصل لأيه عن مريم؟ او بيخطط لأيه؟
أجابتها الفتاة بهمس شديد قائلة:-
-حاولت أتجسس عليهم لكنهم كتومين جدًا لكن كل اللى اعرفه أنه بعت حد يراقب خطواتها وتحركاتها
-ماشي لو عرفتي أى جديد كلمينى؟
قالتها بتوتر ثم أغلقت الخط وألقت بالهاتف على المكتب وتقول:-
-لازم أتصرف، فكري يا سارة فكري.
"قصــــر جمـــال المصــــري"
جلست "جميلة" مع "مريم" فى الحديقة، أعتدلت "مريم" فى جلستها احترامًا لهذه الفتاة وتحاشت النظر لها لتقول "جميلة":-
-أرتاحي أنا مش شايفاكي زى ماما
تنفست "مريم" بهدوء وأريحية ثم رفعت نظرها إلى "جميلة" التى تبسمت لأجلها بعفوية ومرح ثم قالت:-
-أنا بثق فى حنان بما أنها اللى ربتني طول الفترة اللى عشتها هنا، وربت جمال وأعتنت به طويلًا وما دام قالت أنها كانت تتمنى يكون عندها بنت زيك فدا معناه انك طيبة وجميلة
-شكرًا
قالتها "مريم" بحرج وهى لا تعلم ماذا تقول أو أيحق لها الحديث مع هذه الفتاة لتقول:-
-حبتيه؟ بصراحة كل الخدم بيتكلموا عن الصراع اللى داير فى القصر لما بتتخانقوا لكن برضو بيتكلم عن حُبك لجمال؟ مستغربتش الصراع قد ما أستغربت حبك لجمال، أنتِ أول واحدة تحبه، أنا وماما مبنتحملش قسوته وأوامره عشان كدة أنا قررت أدرس الطيران وأبقي كابتن طيران أنشغل فى السفر عنه وأكون بعيدة قدر الإمكان لحد ما ماما قررت أنها تسافر ونعيش فى لندن
تبسمت "مريم" بخفة وهى تتذكر ذكرياتها معه وقلبها ينبض لأجله عاشقًا لهذا الرجل فقالت بهيام:-
-قسوته!!، أنا مشوفتهاش قسوة، رغم كرهه ليا فى أول يوم جت فيه لكن مقدرش يدوس على ضعف طفلة بتترجاه يحميها من أبوها اللي عايز يأخدوها بالغصب، رغم عدم أهتمامه وأن عمره ما رفع عينيه فيا لكن بمجرد ما عرف أني أتخطفت جي جري عشاني وطرد كل الحراس رغم أنه عارف أنهم مالهمش ذنب فى خطفي ولا تقصير منهم، خصص خادمة ليا مخصوص عشان بس مربيتي كانت بتنشغل عنى وقت نومها أو دخولها الحمام وعين ليا حارس شخصي مع أنى مبطلعش من البيت، أجبرني أن ملبسش قصير أو أحط ميك أب ولا أتعامل مع أى راجل عشان بس أهتم بدراستي وأنجح وأعوض اللى فاتني، أشتري مدرسة كاملة وهو مبيفهمش فى إدارتها عشان بس الطلاب هناك ضايقوني، غير لبس المدرسة من جيبة لبنطلون عشان كانت قصيرة، رغم أنشغاله طول الوقت لكن أول ما طلبت منه يجي معايا مشوار ساب كل حاجة وجه، مع انه مبيأخدش الأوامر من حد، مقاليش بحبك ولا لمح بيها لكن أهتم بكل حاجة فيا، حتى خوفي وطلب ليا دكتور نفسي، رغم أصابته برصاصة بسببي لكن كان بيطمني ويهدأني، فضل ماسك فى أيدي وهد المكان على اللى فيه ورفض يروح المستشفي إلا لما يرجعني، قدم لي بوكيه ورد حتى لو من غير كلمة حب، بيغير وقت أحط ميك أب وأكون جميلة ليعاكسنى أى رجل مع أنه واثق أن مفيش بنت مبتتعاكسش، بيمسحلي دموعي وقت خوفي وبيطبطب عليا بدفئه فى عز بردي، جمال يمكن مبيتكلمش لكن كل تصرفاته بتتكلم، قوليلي لو مكنش دا حب هيكون أيه
تبسمت "جميلة" على حديثها لتقف من مقعدها وتجلس بجوار "مريم" وعينيها تتلألأ فرحًا ثم قالت:-
-أنتِ بتحبيه اوى كدة؟
نظرت "مريم" إليها بإمتنان وحب ثم قالت:-
-أول واحد أحس معه بكل حاجة حلوة، أول واحد يمسح دموعي ويكون حنين عليا رغم قسوته اللى كلكم بتتكلموا عنها، أول كل حاجة حلوة حسيتها معه حتى أول مرة أقول بحبك كانت معاه، معقول محبهوش
ربتت "جميلة" على ذراعها بلطف وقالت:-
-عارفة أيه أكتر حاجة ممكن أقدمها لجمال من غير ما اخف أنه يرفضها
نظرت "مريم" إليها بصمت لتتابع بعفوية شديدة قائلة:-
-أني أقدم له رحلة طيران جميلة وأسافر به من بلد لبلد وفى أغلب الأوقات مبيكونش عارف أن أخته الصغيرة هى اللي بتطير به، لأن فعلًا أنا مبحبش أواجهه فى حاجة، عشان كدة اتمنى أنك تقدري تصلحي الخراب اللى جواه عشان أقدر اتعامل معاه من غير خوف
لكمه "جمال" بقوة فى وجهه الذي لم بقي به أنش سالمة لتتلقي الضرب، أبتعد عنه ينفث دخان سيجاته ثم أطفأها فى عنقه وهو يقول:-
-أدعي أن موتك يقرب قبل ما مريم تكون مراتي
نظر "حمزة" له بألم شديد ولم يعد يتحمل الألم من الضرب المبرح والعذاب الذي يعيشه مع "جمال" ورجالة طيلة هذه الفترة، لم يعد يعرف التوقيت ومتي يكون الصباح ومتي المساء، مُنذ أن أخذه "جمال" وهو يعاني كله ما يعرفه أن فصل الشتاء انتهي وحل الربيع وهذا الوحش البشري لا يتوقف عن تعذيبه، نفذت السجائر من "جمال" ليتأفف بضيق ثم قال:-
-خدوه من خلقتي، وأنا عند وعدي لما تقرر تقولي فين الجثة ممكن أفكر أخفف عنك الأذي شوية
أخذوه الرجال وهم يسحبوه بسبب كسر قدمه ليقول بتمتمة وبنبرة أستفزاز:-
-أنت عايزها عشان تتأكد من سبب موته صح، لسه مبتثقش فى مريم وعايز تتأكد هو موت بالمسدس وقتلته ولا أنا اللى قتلته
كز "جمال على أسنانه بأختناق وألتف كي يلكمه لكن منعه "عاشور" وهو يقول:-
-أهدا يا ريس وكفاية اللى خدوه النهار دا
ضحك "حمزة" بسخرية على أستفزازه وألقي به الرجال داخل الغرفة لينطلق "جمال" بسيارته غاضبًا من كلمته حتى بتر غضبه وشروده اتصال منها فأستقبله ووضع الهاتف على أذنه ليسمعها تصرخ بسعادة قائلة:-
-أنا نجحت يا جمال، والله نجحت بأمتياز مع مرتبة الشرف، أنا بقيت أعلامي رسمية
تبسم لأجل فرحتها وسعادتها التى تظهر فى نبرتها مُستمعًا إلى صوت قفزتها العالية بعد أن نجحت كليًا الآن فقال:-
-مبروك يا مريم بتستاهلها
-متتأخرش النهار دا بليز
قالتها بعفوية وسعادة كأنها تسارع الوقت حتى تلتقي به وتنقل له سعادتها ولا تريد سوى مشاركته هذه الفرحة التى تغمرها فوافق على طلبها ثم أغلق الأتصال وهو يفكر بأى هدية يجب أن يشتراها مع عودته لأجلها، وصل للشركة ليستقبله "شريف" وبدأ يخبره بمواعيده اليوم ليقاطعه "جمال" بتذمر ولأول مرة يعارضه:-
-شريف!! عذرًا بس أجل مواعيد النهار دا لوقت تاني
أتسعت عيني "شريف" على مصراعيها بدهشة ألجمته لأول مرة هذا الرجل المدمن على العمل يتهرب منه ولأجل ماذا، دلف إلى مكتبه ومعه "أصالة" و"شريف" ليقول بحيرة:-
-أصالة
تبسمت بحماس شديد يصيبها كلما لفظ أسمها بهذه النبرة المُرتبكة وتعلم جيدًا أن القادم بخصوص فتاته الصغيرة ليقول:-
-عايزك تشوفي هدية تكون جميلة تنفع أنها تكون هدية تخرج مميزة
تلاشت دهشة "شريف" من وجهه وأسترخي بعد أن علم أن تهربه من العمل بسبب نجاح هذه الفتاة التى تسكن قلبه لتقول "أصالة" بحماس:-
-فى حاجة معينة تحبها أو فى بالك يا مستر جمال
هز رأسه بلا وهو يجهل هذه الأمور أى شيء ستفضله وتحبه النساء أو بالأحري فتاته ليقول:-
-مفيش حاجة بعينيها لكن مهم جدًا أنها تعجب مريم
-زى أيه مثلًا
قالتها بحيرة ليقف من مقعده وسار إلى النافذة بعد أن فتح الهاتف وخصيصًا على تطبيق الواتس أب الخاص بها لينظر إلى صورتها التى تضعها لحسابها وهو لا يملك صورة لها فقال بهيام ونبرة دافئة:-
-معرفش، لكن هديتها لازم تكون برقتها وجمالها
-أكلم شركة المجوهرات الفرنسية تبعت عقد ألماظ
سألته بحيرة من كلماته التى لا تساعدها فى أختيار الهدية ليقول وعينيه تحدق بوجه "مريم" وبسمتها:-
-لا، مبتحبش العقود بتقيد رقبتها، هي عاملة زى الفرسة البرية متكرهش قد أن حد يكتفها ويمنع حريتها، طول الوقت شعرها مفرود بحرية وتكره تقيده بدبوس واحد، ولا مرة شوفتها حاطة ماسكرا لرموشها الطويلة عشان متكتفهمش بها، رقبتها مفهاش غير سلسلة رقيقة، عمر الأساور ما لمست أيديها تقيدهما وصوابعها مستحيل تلبس فيهم خاتم، أنا عارف أنها مستحملة خاتم الخطوبة بالعافية فيهم، دايما بتجري فى القصر حافية، مريم زي الفراشة تعشق الحرية ومتكرهش قد التكتيف وأن حد يقيدها..
ظلت تستمع لغزله بها وتمنت أن تكون "مريم" هنا لتسمع كيف يوصفها بنبرته الدافئة هائمًا بعشقها حتى لو لم يعترف، تبسم "شريف" رغمًا عنه مع سماعه لهذا الحديث عنها وأخيرًا سقطت هذا الوحش فى العشق لأجلها وقريبًا سيتنازل عن قسوته وهذا الرعب الذي يبث منه بطاقته المخيفة سيتلاشوا معًا ويذيبهما الحب، تابع حديثه وهو يلمس بسمتها بأصابعه دون وعي منه:-
-واثق أنها موافقتش تكون خطيبتي طول الوقت لأني بجبرها على دا لكن باللطف واللين وافقت، أتاكدي أن الهدية تليق بحريتها يا أصالة، لو كان بأيدي لأختارت فرسة جميلة بتشبهها لكنها بتكتفي بإيلا، مش مهم الهدية أيه قد ما مهم أن مريم تحبها ومتبالغيش فيها لأنها بسيطة وبتحب البساطة
أومأت إليه بنعم ثم غادرت المكتب لتعد له هدية تليق بهذه المواصفات التى لم تقدم العون لها نهائيًا قبل أن يغادر الشركة...
أستدار كي يباشر عمله فرأي "شريف" يحدق به ببسمة خبيثة كأنه يعلم ما يدور بداخله فتنحنح بحرج ثم قال:-
-بتستاهل هدية على نجاحها
-اه طبعًا مفهوم، مفهوم
قالها بسخرية ليرفع "جمال" حاجبه فتوقف "شريف" سريعًا عن الأبتسام والخبث خوفًا منه ثم تابع بجدية:-
-هروح اعدل الجدول عشان نأجل المواعيد عشان نجاحها بيستاهل
هرب من أمامه قبل أن يغضب من طريقته فضحك "جمال" بخفة وبدأ عمله..
أخذ "نادر" المال من "سارة" ووقع لها على إيصالات أمان بالمبلغ بالفائدة وأنطلق ليقدم الأوراق الخاصة بالمشروع بحماس وما يفيد كونه يمتلك الميزانية الكاملة لهذا المشروع وبدأ يفكر كيف ينتصر على "جمال" فى مقابلة اللجنة التى ستحكم بينهما، دلف "تامر" بحماس شديد يتمالكه وقال:-
-وصل
ألتف "نادر" إليها بسعادة لا يصدق أو يستوعب ثم قال:-
-بعتلك مخططات جمال للمشروع
اومأ "تامر" له وهو يضع الفلاشة على المكتب أمام "جمال" وقال:-
-طبعًا وبكدة بقى نستعد كويس بمخطط أفضل منه يعجب اللجنة
تبسم "نادر" بأنتصار شديد وهذه ستكون الضربة القاضية فى حربهم وسيأخذ المشروع بلا شك ما دام يعرف خطة الطرف الأخر كاملة.
"قصـــر جمــــال المصـــــري"
وصل "جمال" على القصر وهندم ملابسه قبل أن يدخل وحمل فى يده باقة الورود الوردي وأخذ نفس عميق من لقائها الآن، دلف للقصر لتستقبله "حنان" ببسمة كبيرة تحتل وجهها وهو يعلم أن الجميع الآن يشاركون هذه الفتاة سعادتها وفرحة نجاحها، بحث عنها بنظره لكنه لم يجد لها أثر، تمتمت "حنان" بلطف بعد ان انتبهت إلى بحثه الصامت عنها:-
-مريم بتلبس فوق، خمس دقايق والعشاء يكون جاهز
-ماشي، أنا هغير هدومي
قالها بجدية ثم صعد للأعلي بحرج من نظرات الجميع المُسلطة على باقة الورد التى يحملها بإعجاب من فعله ذلك، كان الطابق هادئًا كالمعتاد لم تصعد به أى خادمة طبقًا لقواعده فدلف إلى غرفته ليُدهش عندما رأها تقف هناك مُرتدية فستان أسود طويل من الدانتيل بأكمام شفاف وحول خصرها رابطة من الحرير الحمراء وتستدل بطول فستانها من الخلف وشعرها البندقي الجميل مُسدل على كتفها الأيمن وظهرها ويظهر حلق أذنها بأذنها اليسري، تقدم إليها بخطوات هادئة حادقًا بوجهها التى وضعت به مساحيق التجميل تزيدها جمالًا وتبتسم لأجله، رائحة عطرها الناعمة تعبأ الغرفة وتغتصب أنفه وعقله، وصل أمامها بإعجاب شديد ثم قال:-
-قصتي شعرك؟
تبسمت وهى تلمس شعرها الذي تخطي منتصف ظهرها بقليل بعد أن قصته وهو دائمًا ينتبه لأى تفاصيل تخصها وقالت بأرتباك:-
-طول زيادة عن اللزوم، كدة وحش؟
لمس خصلات شعرها بأنامله بلطف يتحسسهم وقال:-
-بالعكس أحلي لكنك دايمًا بتعتزي بشعرك من يوم ما شوفتك ومقصتهوش ولا مرة إلا لما رفضتك وزعلتي
أخذت خطوة نحوه بحب وعينيها تحدق بعينيه لتقول بنبرة دافئة:-
-طول أوي، كمان حبت أغير شوية
تبسم بصمت ويديه تتسلل للأسفل مع خصلات شعرها حتى وصل إلى أطرافهم ليرفعهم إلى أنفه يستنشق عبيرهما بعشق فتبسمت على فعلته الناعمة وقالت:-
-ممكن تجهز بسرعة عشان العشاء، أنا عملته بنفسي عشانك
أومأ بنظره إليها لا يستوعب كل هذا الحب الذي تقدمه إليه وجرعاته تتزايد فأقترب ليسرق قبلته المُفضلة لتضع يدها سريعًا على فمها تمنعه من هذه السرقة وقالت:-
-لو سمحت متفسدتش ميكاجي النهار دا بالذات، أنا تعبت عشان أكون جميلة
مسكها من ذراعها بقوة وهو يجذبها إليه حتى ألتصقت بصدره وأصبح يشعر بأنفاسها وضربات قلبها ثم قال:-
-أنتِ جميلة من غير حاجة يا مريم
ضحكت بسعادة على هذا الأعتراف وقالت بهمس:-
-متتأخرش
هربت من أمامه لتتركه يستعد وسرقت منه باقة الورود ونزلت للأسفل والسعادة تغمرها لكن سعادتها لم تُدوم كثيرًا عندما رن هاتفها وسمعت صوته عبر الهاتف كالميت الذي عاد حيًا للتو مُدمرًا كل سعادتها .