قصة جمال الأسود البارت العشرون 20 الجزء الثاني بقلم نورا عبدالعزيز

 قصة جمال الأسود

البارت العشرون 20 الجزء الثاني  

بقلم نورا عبدالعزيز

أخرجها "جابر" من حضنه ونظر إلي وجهها ثم قال:-

-غزل أنتِ مدركة وفاهمة أنتِ بتقولي أيه؟


أومأت إليه بنعم بثقة وإصرار على قرارها وهذه المشاعر التى تجتاحها لأجله ونبضاتها التى باتت تصرخ باسمه وحده، صمت "جابر" قليلًا فأخذت يده فى يدها بدفء ثم نظرت إليه لتراه يحدق بيديهما معًا ثم قالت بثقة:-

-مدركة وعارفة أن قلبي بقي فيه حتة ليك 


هز رأسه بنعم تمامًا فظلت تنظر إليه منتظرة جوابه أو رده لكنه ترك يدها عمدًا وقال:-

-أستنيني لحد ما أقدر أتكلم مع والدك دكتور غريب


وقفت من مكانها أمامه بتحدي وعناد وقالت بجدية:-

-بابا ماله، حتى لو رفض صدقنى أنا متمسكة بقرارى وبمشاعري يا جابر


وضع يديه الإثنتين فى جيوبه بثقة ثم قال:-

-ونتجوز من وراءه زى ما مسك عملت، تفتكري دا صح؟


أخذت خطوة نحوه ببسمة خافتة تغمرها ثم قالت بهيام:-

-نتجوز أنا وأنت يعنى 


نقر بأصبعه على وجنتها بقوة من هيامها وتحولها المفاجئ لسعادة بعد غضبها، قال:-

-من أمتى وأنتِ بقيتي تفكري فى الحاجات دا


رفعت يدها إلى وجنته تلمس شعره قرب أذنه بدلال ثم قالت:-

-باين لما وقعت فى عشق الشعر الأبيض اللى مش موجود دا، أنت بتصبغ يا جابر


أبعد يدها عنه بجدية صارمة ثم قال بلطف:-

-حاولي تتحكمي بنفسك وممنوع اللمس مش بعد ما أشيب نرجع لعمايل المراهقين دي ونغضب ربنا 


قهقهت ضاحكة بعفوية عليه ليأخذها إلي غرفتها بالأسفل وتركها ثم جلس بالخارج لتخرج "مسك" إليه فتبسمت بهدوء وقالت:-

-مش كنت تقولي يا جابر أن غزل مفتونة بيك


تنحنح بحرج مما يسمعه والحديث عن مشاعر هذه الفتاة المجنونة التى باحت للجميع عن عشقها له، تحدث بهدوء قائلًا:-

-تفتكري فى أمل والدك دكتور غريب يوافق ومامتك مش هتعترض، أنا عارف أن غزل ليها مكانة خاصة عندها


تبسمت "مسك" بلطف وهي تسير جواره فى الرواق وقالت:-

-أنت ليه محسسني أنك بتكلم عن بنت 18 سنة، لعلمك غزل قربت تكمل الـ 36 ولعلمك أكتر ماما امنيتها تفرح بيها لأن غزل مضطربة عن الجواز كليًا والأرتباط فهى زى أى أم أمنيتها غزل تقول أنها هتتجوز وتبقي عروسة وبعدين يا جابر أنتِ مش أى حد ومش عجوز يعنى 


تنهد "جابر" بهدوء ثم قال بحرج وخجل من عمره:-

-دكتورة مسك أنا أكبر منها بـ20 سنة حضرتك مدركة دا، المشاعر دي ممكن تتختفي مع الوقت 


نظرت "مسك" إليه بعد أن توقفت عن السير وسألته بلطف:-

-أنت بتحبها؟ مش عايزة أسمع منك جواب عشان متتحرجش لكن عايزك تجاوب على السؤال دا لنفسك، هتتقبل فكرة أنك تشوف غزل مع راجل تاني؟ عادي بالنسبة ليكي أنها تتجوز راجل وتترمي فى حضنه غيرك؟ هتقدر تعيشي فى حياة مفهاش غزل من غير ما توحشك أو تقلق عليها وتهتم لأمرها؟ جاوب على الأسئلة دى ولو في سؤال أترددت فى أجابته يبقي أبعد عنها واللى جواك مش مشاعر حقيقية 


نظر "جابر" إليها يفكر فى إجابات أسئلة التى أقترحتها "مسك" فلن يقبل برؤية مع رجل أخر وألا ستقتله الغيرة ويقتل معها "غزل" وذلك الرجل، لن يستطيع العيش دونها والتوقف عن الأهتمام لأمرها والإشتياق إليها، هذا الرجل الذي على وشك الشيب وقع بعشقها وأعترف للتو بحبه إليها أمام نفسه، مُنذ قليل عندما كانت تصارع الموت كاد قلبه أن يتوقف من مكانه من فكرة أذيتها أو فقدها بسبب جنونها.


أستيقظت "مريم" بألم تشعر به فى يدها لكنها دُهشت حين رأت "جمال" يضع الثلج على يدها المتورمة فقالت بصوت ناعس وشبه مبحوح:-

-جمال


رفع نظره إلى وجهها النائم ليري برائتها وجمالها الذي خلقت به بهذا الوجه الملاكي، تبسمت "مريم" بلطف إليه بينما "جمال" نظر إلي النافذة وأشعة الشمس التى أخترقت زجاج النافذة وقال:-

-أنا هخرج


كاد أن يقف من مكانه لكنها تشبثت بيده بأحكام وأعتدلت فى جلستها جواره ثم قالت بعفوية رغم عينيها الشبه مفتوحتين:-

-أنا أسفة يا جمال، حقيقي مكنش قصدي أزعلك بكلامى أو أضايقك، أنا عارفة أني لو عايشة لحد النهاردة وبتنفس فدا بفضلك بعد ربنا سبحانه وتعالي، أنا مُمتنة ليكي وعلى كل مرة انقذت حياتي من الموت فيها، أنا بس تعبت من الضغط والخطر اللى عايشة فيه طول الوقت 


أومأ إليها بنعم مُتفهمًا حديثها والضغط الذي تشعر به فى حياتها فتبسمت "مريم" وجذبته إليها لتضع قبلة رقيقة على وجنته فأغمض عينيه مُخدرًا بهذه القبلة وشفتيها تداعب لحيته، أبتعدت "مريم" عنه بلطف ثم نظرت إلى عينيه عن قرب وقالت:-

-حقك عليا يا جمال


رفع يده إلى وجنتها يلمسها بدفء ونيران قلبه الدافئة المُلتهبة بداخله وصلت إلى قلبها من خلاله، نظرت إليه هائمة وساكنة تاركة كل شيء ما عدا نظرة عينيه التى تعانقها فقال "جمال" مسحورًا بها كليًا:-

-معقول ملاكي الجميل بقي شرس، برافو عليكي يا مريم.... إذا أتجرأ ولمسك أى حيوان أقتليه وأنا هجي أكمل عليه ، اوعي تخافي يا ملاكي لأني فى ضهرك


تبسمت "مريم" وهى لا تصدق حتى الآن أنها ضربت أحد فقالت بحماس طفولي:-

-أنا كنت مرعوبة يا جمال بس عارف بعد لما ضربت وفتحت رأسه أنبسط جدًا لأنه يستاهل


ضحك "جمال" بلطف على فتاته البريئة ثم قال بلطف مُبتسمًا:-

-يستاهل يا روحي، أنا هقوم ألبس عشان هتأخر


أومأت "مريم" له بنعم ثم عادت للنوم من جديد بمنتصف فراشها الحريري، نظرت بهاتفها بتكاسل وظلت تتابع مؤشرات المتابعة لبرنامجها الجديد وتقرأ التعليقات التي ذكر الكثير منها عن جمالها ولباقتها والبعض كان دعوات طيبة لها والقليل يؤيد حديثها فتبسمت من حُب المشاهدين لها وتمكنها من نيل مكانة لديهم، قاطعها قبلة من "جمال" على جبينها ورائحة عطره الفرنسي أخترقت أنفها حين قبلها بحب قبل أن يرحل وقال:-

-هتوحشينى، مش عايزة حاجة أجبهالك وأنا جاية


تبسمت إليه بحماس وهى تمطي جسدها وقالت بلطف:-

-ينفع تجبلي شيكولاتة، حاسة انى محتاجة أتكافي على نجاحي وتفوقي


تبسم بعفوية وعينيه ترمق هاتفها ليراها متحمسة لا تقرأه عنها فقال بحب ودلال:-

-شيكولاتية واحدة بس، أحلى بوكس شيكولاتى وهدية كمان يا ملاكي


قبلها من جديدة قبلة الودع ثم رحل من الغرفة ومع مغادرته للغرفة تحول وجهها الباسم الجميل إلى وجه حاد وغاضب مُتجمدًا ثم أخرج هاتفه يحدق بهذه الرسالة التى وصلت إليه من "عاشور" تحمل اسم "حازم"، فتح "صادق" باب السيارة له وصعد بها "جمال" ثم أتصل بـ "عاشور" الذي ظل طيلة الليل خارج القصر يبحث عن حادثة أخته وأخيرًا أرسل له اسم الفاعل فى رسالة أشعلت نيران بركانه الغاضب، قال "جمال" فى الهاتفبجحود وقسوة:-

-أنا عايزه حي يا عاشور، ورحمة أبوه اللى ميجوزش عليه غير الرحمة لأخد قرنية عينيه لجميلة ولو منفعتش هأخد قرنية كل فرد عزيز عليه ولو منفعوش يبقي يعيش الكل فى الضلمة مع جميلة 

 


دلف مساعد "جابر" إلى المكتب بعد أن بحث عن "تقي" لأجل "غزل" وأعطه التابلت الخاص به ثم بدأ يخبره قائلًا:-

-البنت دى خبيثة فضلت تتقرب منه رغم معارضة والدته اللى كانت راقصة وجاحدة ومشوار المهنية كله غير مشروع لأنها عارفة أنه الوريث الوحيد وبقيت الكل فكل معاه بدل أمه اللى دخلت مستشفي المجانين، صحيح تخيل مين الولد دا


نظر "جابر" إليه بهدوء ثم قال بفضول:-

-مين؟


تبسم المساعد إليه بخبث شديد ثم قال:-

-ابن أخوه جمال المصري


أتسعت عيني "جابر" على مصراعيها بصدمة ألجمته فقال بعدم أستيعاب:-

-جمال المصري عمه!!


أومأ مساعده له بثقة من صحة حديثه فنظر "جابر" إلى صورة "تقي" وتذكر حزن "غزل" ونيران الوجع الكامنة بداخلها بعد أن قتلت هذه الفتاة أخاها عمدًا ونيران الأنتقام التى تحرق "غزل" من الداخل بسببها فقال بغضب ناري مُميت:-

-وأن يكن دا ميمنعش اللى هنعملوا، اللى غلط لازم يتحمل غلطه، أعمل اللى أتفقنا عليه ولما تنفذ قولي ....


أومأ المساعد له وغادر المكتب فظل ينظر إلى صورة "تقي" وقال بتمتمة:-

-لأجل عيون غزل تستاهلي اللى جاي



تبسم "تيام" حين أخبرته بما حديث أمس وكيفسقط "جابر" فى الحب لأول مرة، عاش عمره كاملًا فى العمل مع جده وإدارة القرية السياحية الخاصة بهم دون أن يعطي فرصة لامرأة بان تقترب منه حتى لا تسرقه من العمل وما يحبه حتى جاءت "غزل" إليه تقتحم حياته دون سابق إنذار أو مبرر، كالرصاصة التى شقت صدره بسرعة البرق على غفلة، تحدث "تيام" بتعجب:-

-أنا مش مصدقة اللى بسمعه، معقول جابر يحب 


تحدثت "مسك" وهى تقف فى المطبخ تصنع كوبين من الكاكاو الساخنة لهما قائلة:-

-ولا لا يا تيام ما هو بني أدم وبشر زينا عنده قلب ومن حقه يحب ويتحب لكن الفكرة الغلط الوحيدة أنه ساب نفسه للعمر دا 54 سنة كتير اوى أن حد يسيب نفسه لحد السن دا وأرجع أقول أن يمكن مقابلش اللى تخطفه زى ما غزل عملت، النصيب جمعهم متأخر أوى يا تيام


خرجت من المطبخ بالكوبين ثم أعطي "تيام" واحدًا وجلست جواره فوضع الكوب على الطاولة ونظر إلي زوجته بحب وقال:-

-قلوبنا مالناش سلطان عليها يا مسك، عندك إحنا عمرنا ما كنا نتوقع أننا نكون لبعض، أنا أصلًا عمري ما تخيلت انى أكون رئيس القرية أو أحب وأتجوز ولا حتى أكون أب، القدر له رأي تاني فى كل حاجة فى حياتنا وأنا أريد وأنت تريد والله يفعل ما يريد يا مسك، وحقيقي أنا ممتن للقدر اللى جمعني بيكي يا مسك


رفعت يدها تلمس وجهه بسعادة من كلماته التى جعلت نبضاتها تجن من محلها بين ضلوعها وقالت:-

-أنتِ قدري الجميل يا مُتيمي 


أخذ يدها عن وجنته وقبلها رغم جرحها فتألم قلبه لرؤية جرحها ثم قال:-

-رجاءًا يا مسك متقفيش قصاد الخطر بشجاعة، والله قلبي ما بيستحمل أبدًا يشوفك مجروحة ولو خدش صغير


تبسمت "مسك" إليه وأومأت إليه بنعم ثم قالت:-

-حاضر مع ان فى الحقيقي أقولك سر، أنا كنت مبسوطة أوي وأنا بضربهم من زمان مضربتش حد كدة 


قهقه "تيام" ضاحكًا على زوجته التى تسعد بضرب الأخرين الذين يستحقوا الضرب المبرح فقال بلطف:-

-أه أحسن بيستاهلوا، وإذا زعلك حد تاني أضربي زى ما تحبي لحد ما تتبسطي ولا يهمك يا روحي


ضحكت "مسك" عليه بحب وهو يخبرها بأن تفعل ما تريده وهو سيصلح الأمر لأجلها، أقترب أكثر ووضعت رأسها على صدره بحنان تسترخي بين ضلوعه الصلبة، طوقها بذراعه بحب ثم قبل جبينها مدللًا إياها وقال:-

-فداكي العالم كله يا حبيبتي



خرجت "تقي" من العمارة التى تسكن بها وأقتربت من سيارتها لكي تصعد بها لكن سرعان ما ظهر أحدهم من الخلف قام بتخديرها ثم أخذها فى سيارة أخري وأنطلق وسقط هاتفها أرضًا جوار سيارتها.

بنفس اللحظة التى أقتحم رجال "عاشور" الملاهي الليلي قبل أن يفتح أبوابه لاستقبال الزبائن وأمرهما "عاشور" بهدم المكان كليًا، بدأ الرجال بتكسير كل الزجاج والحوزائط الزجاجي والمسرح وأدوات الغناء لم يبقوا على أى شيء ألا الطاولة التى يجلس "عاشور" عليها، قليلًا وجاءوا من الداخل يسحبون "حازم" بالقوة وهو يقاومهم بغضب ويصرخ بهم:-

-أنتوا مين؟.


توقف عن الحديث والسؤال عندما رأي وجه "عاشور" فقال:-

-جمال اللى بعتك مش كدة


وقف "عاشور" بغرور وتكبر ثم تقدم بخطوات بطيئة تثير خوف "حازم" كلما أقترب فقال:-

-جمال!! قصدك جمال بيه عمك!! واضح أن اهلك مكنوش فاضين يربوك وقدري أنك تتربي على أيدي أنا 


أشار لرجاله ببدأ الضرب المبرح به بقوة ليصرخ "حازم" بقسوة فقال "عاشور" بتهديد مُرعبة أثناء أشعال سيجارته:-

-بلاش وشه عشان جمال بيه محتاج القرنيتين لمدام جميلة


أرتعب "حازم" مما سمعوا ورغبة "جمال" بأقتلاع عينيه لتعويض نظر أخته الذي فقدته فى هذه الحادثة، بعد جولة من الضرب المبرح أمرهم "عاشور" بأخذه فى السيارة ليقول "عاشور" مُتحدثًا فى الهاتف:-

-إحنا فى الطريق .



تبسم "جمال" بمكر خبيث بعد أن سمع كلمة "عاشور" بالقبض على "حازم" والآن حان وقت الإنتقام لأجل أخته "جميلة" فأنطلق فى طريقه للخارج ووجد أمامه "تيام" و"جابر" ليقول:-

-أنا مُتأسف بس لازم أمشي ، خلينا نأجل ميعاد النهاردة   


نظر "جابر" إلي "تيام" وقبل أن يتحدث ويعارض الأمر وصل له رسالة من مساعده بصورة إلى "تقي" بين قبض رجاله فأستغل الفرصة موافقًا على قرار "جمال" من أجل الأنتقام إلى "غزل" ..

       البارت الواحد والعشرون من هنا 

       لقراءة جميع الحلقات من هنا 

تعليقات