البارت الثلاثون 30 والاخير الجزء الثاني
بقلم نورا عبد العزيز
تنهدت "مريم" بهدوء وترجلت من فراشها بلطف خائفة من لمس الأرض بأناملها فتبسمت بعفوية ثم وقفت من مكانها وتقدمت سيرًا إلى المرحاض وبابه مفتوحًا، وقفت تنظر إلى زوجها الذي يقف أمام المرآة ويقصر لحيته الطويل قليلًا فقالت بخفوت:-
-أنا مش فضولية بس شوفت الباب مفتوح
ألتف إليها فور سماع صوتها وتبسم بإشراق إليها وقال:-
-خوفت تصحي وتحتاجي حاجة ومسمعكيش
تقدمت إليه بخطوات بطيئة ووقفت جواره تنظر فى المرآة بينما ناظره لا يفارق وجهها فتبسمت "مريم" فى المرآة بعفوية وقالت:-
-هتفضل تبصلي، كمل عشان متتأخرش
ألتف لكي يقف خلفه يحيطها بذراعيه بأريحية وهمس فى أذنها بخفة:-
-مش مستوعب أنك واقفة قصادي على رجلك يا ملاكي
ضحكت " مريم" بخفة كخفة روحها التى تشبه فراشة ملونة جذابة بألوانها الطيبة، ألتفت إليه كي تتقابل عينيهما معًا، رفعت يدها إلى وجهه تلمس لحيته بأناملها النحيفة بشغف وشوق يطرب ضلوعها وكأن قلبها يأبي الأسر بين ضلوعها ويرغب بالهروب إليه، فقالت بدلالية ونبرة دافئة تحمل قليًا من عشقها إليه:-
-دا عشان أنت مسبتنيش يا جمال، تخيل لو كنت تخليت عني وسبت أيدي
مسك يدها الموضوعة على وجنته بأستماتة وخوف تملكه من الفكرة وحدها وقال بجدية:-
-مستحيل يا مريم، أنا مقدرش أسيب الأيد دى ولا أفلتها مني
تبسمت "مريم" بدلالية وأخذت ماكينة الحلاقة فى يدها لتكمل ما كان يفعله بنفسها، مُجيبة عليه بأمتنان لوجوده معها:-
-ودا اللى خلاني واقفة قصادك دلوقت يا جمال، أنك ماسك ومتبت فيا
أحاط خصرها بيديه مُستسلمًا لما تفعله دون حركة منه ثابتة لكن عينيه تعانقها بحُب وأشتياق فقالت "مريم" بلطف:-
-جمال
أومأ إليها بصمت مُنتظر بقية الحديث:-
-أمممم
رفعت نظرها إلى عينيه وأبعدت يدها عن رقبته حتى لا تجرحه دون قصد وقالت بدفء:-
-أنا بحبك
تبسم إليها بلطف ثم قال:-
-تاني
تبسمت إليه بدفء وقالت بإصرار:-
-بحبك ولو عايزني أقولها ألف مرة هفضل أقول بحبك العمر كله لو تحب
أخذ منها ماكينة الحلاقة ووضعها على الحوض ثم حملها على ذراعيه بدلال وبسمته تنير وجهه وقال بلطف:-
-مش لازم أروح الشغل النهاردة
قهقهت ضاحكة عليه وهو يسير بها للخارج فقالت بتذمر وسط ضحكاتها الطفولية:-
-لا متكسلش أنت عندك شغل يا جماال
ضمها إليه أكثر ووضع قبلة على جبينها بلطف ثم قال:-
-ودي بقي حلاوة أنى رئيس الشركة
كتمت ضحكاتها بخجل وتوردت وجنتيها بلون دمائها التى تسير بعروقها، ولم تشعر بشيء سوى قبلاته تحيط بجبينها وجنتيها كأنه يُكافأها بحبه على إعادتها للحياة ليرمم ما دهس بداخله من فراقها من خوف ووجع .
فى مكتب "تيام" كان جالسًا على مقعده وأمامه صور لعمل "جمال" فى قريته السياحية، تحدث "تيام" بجدية حماسية قائلًا:-
-كويس أنهم خلصوا قبل دخول موسم الصيف، بكرة تكون فى الغردقة يا جابر وتتأكد من كل حاجة بنفسك وأنا اسبوع كدة ولا حاجة وأحصلك
تنحنح "جابر" بتوتر مُترددًا ثم قال بعبوس:-
-أنا أسف بس أنا مش هقدر أسافر دلوقت
نظر "تيام" إليه بأندهاش لأول مرة هذا الرجل يرفض قراره أو يهرب من العمل فسأل بتعجب:-
-أفندم
-غزل حامل ولسه فى الأول مقدرش أسافر وأسيبها ولا أخدها معايا الطريق دا كله
قالها "جابر" بجدية صارمة فقال بهدوء:-
-ربنا يقومهالك بالسلامة بس أنا أعمل أيه بحملها؟ سيبها هنا يا سيدي، أنا عندي فوج إيطالي جاي أول الشهر وعايز استعدادات وتجهيزات
تنهد "جابر" بأختناق فى صمت لدقيقتين يفكر قبل أن يتحدث فقال بهدوء وعناد:-
-أنا أسف مش هقدر ، ممكن حضرتك تبلغني باللى محتاجه وأنا هوصله للمؤظفين هناك وكمان انسة زينة وزين هناك ويقدروا يعملوا اللى أنا معملهوش
تنهد "تيام" بهدوء ثم قال بلطف:-
-ماشي يا جابر براحتك ومرة تاني مبروك ربنا يقوملك غزل بالسلامة
أومأ إليه بنعم ببسمة خافتة ، خرج من الغرفة فتمتم "تيام" قائلًا:-
-حتى جابر الحب شقلب حاله .
"قصر جمـــال المصــــري"
وقفت "جميلة" أمام المرآة تصفف شعرها ونظرت مُطولًا لهيئتها فى المرة منذ أشهر وهى لم تذهب للعمل والآن ستصعد لمتن الطائرة قائدة لها، تفحصت نفسها بملابسها الرسمية للطيران ثم تبسمت بعزيمة ، جاء "حسام" من خلفها ليضع قلادة حول عنقها فتبسمت بعفوية على قلادته الجميلة فقالت بإمتنان:-
-حسام
أغلق القلادة ووضع قبلة على عنقها بدفء ثم قال:-
-أجمل كابتن طيران شوفت
ألتفت إليه بسعادة وعينيها تتلألأ فرحًا لكلماته وهذا الحب الذي يحمله لها، قالت بحنان:-
-أنت أجمل من أى حاجة يا حسام، أنا لولا وجودك جنبي مكنش زمان عايشة أصلًا
رفع يده إلى وجهها ليضع خصلات شعرها خلف أذنها بدلال ثم قال بهمس:-
-بحبك
-وأنا بعشقك يا حبيبي
قالتها "جميلة" بسعادة وألتفت إلى المرآة مرة أخري تنظر إلى القلادة وهى تلمسها بأناملها وكان هذا القلب اللؤلؤي يحمل بداخله علامة إلى الأبد فقال بحب:-
-أستنيني خمسة دقائق بس هلبس وأجي أوصلك
ذهب إلى الدولاب وأخذ قميصًا وبنطلونًا فى يده مُسرعًا فوقفت "جميلة" أمام باب المرحاض من الخارج وقالت بتهكم:-
-أنا هتأخر كدة
فتح الباب بسرعة جنونية رافضًا ذهابها دونه وكان قميصه مفتوحًا فقال بتعجل:-
-أنا خلصت أهو مش هأخرك
ضحكت عليه وهو يذهب إلى المرآة يصفف شعره فوقفت أمامه تغلق أزرار قميصه بلطف وبسمتها تنير وجهها، تهتف بلطف:-
-هتخرج كدة يعنى
تبسم "حسام" بعفوية وعينيه ترمقها عن قرب ثم قال بدفء:-
-أنا عايز أوصلك النهاردة، عايز أفضل جنبك أول يوم ومسبكيش لوحدك
-عشان كدة بحبك يا حسام عشان عمرك ما سبتني فى الحلو قبل المر
قالتها بدفء ثم أخذت يده فى يدها وأنطلقت وهو يحمل حقيبتها فى يده .
جلست "مريم" الأريكة فى الأسفل تنظر إلى الرسائل الكثيرة التى وصلتها فى مرضها وكم الحُب التى تلقته من الناس المجاورين لها وكم شخص قلق عليها وتمنى لها الشفاء، تبسمت بلطف على هذه الكلمات اللطيفة التى ساعدتها على الوقوف من جديد، جاءت "نانسي" لها بأطفالها الصغار وقالت:-
-أكلناهما وغيرنا وجه دور ماما
تبسمت "مريم" وهى تترك الهاتف لأجل أطفالها ثم حملتهما الإثنين على ذراعيها بصعوبة لكنها ترفض ترك أحدهما، ضمت الإثنين إليها بحب وتأملت ملامحهم، فتح باب القصر مع وصول "مكة" و "يوسف" من الروضة، ركضوا الإثنين إلى "مريم" ليروا الأطفال فتبسمت "مكة" إلى أخواتها بينما قال "يوسف" ببراءة طفولية:-
-طنط مريم هى إيسل هتكبر زينا
اومأت إليه بنعم ليقول بسعادة تغمره:-
-طب خلاص أنا هتجوزها مش عايز مكة
ضربته "مكة" بتذمر من حديثه بقوةفنظرت "مريم" إلى هذان الأثنين ليقول "يوسف" بأنفعال شديد بعد أن وقف من مكانه:-
-اه مش عايزك ومش بحبك أنتِ بتلعبي مع الولاد فى الحضانة، كام مرة قولتلك مالكيش بالواد يزن دا ها
ضحكت "مريم" رغمًا عنها من حديثهما وهذا الطفل الذي لم يملك ثلاثة سنوات ونصف يتحدث عن الغيرة والحب والزواج، صُدم الجميع عندما ظهر "جمال" من العدم ورفع "يوسف" للأعلي بذراعيه وقال:-
-أنت بتزعق لبنتي
تذمر "يوسف" منه وغضبه من "مكة" يسيطر على قلبه الطفولية فقال بانفعال:-
-أيوة المفروض تزعقلها انت كمان يا خالو عشان بتلعب مع يزن
نظر "جمال" إلى طفلته و"مريم" تكتم ضحكاتها بصعوبة فقال بفضول وعدم فهم :-
-يزن مين؟
أجابته "مريم" بعفوية وضحكاتها تملأ المكان:-
-طفل معاهم فى الحضانة
أنزل "جمال" "يوسف" أرضًا بغضب وقال:-
-أطفال اخر زمان
هندم "يوسف" ملابسه بتذمر وقال بغضب:-
-برضو مش عاوزها، أن ما ربيتك يا مكة
-ولااااا
صرخ "جمال" به بأنفعال فى حين أن "يوسف" ركض للأعلي غاضبًا فضحكت "مريم" عليهم ونظرت إلى "أسر" وإيسل" وقالت بحيرة:-
-وأنتوا هتعملوا فيا أيه؟
تبسمت "إيسل" فى وجهه والدتها لتبتسم "مريم" على طفلتها كأنها بهذه البسمة تتواعد لها بفعل الكثير كأختها "مكة" .
شعرت "غزل" بملل شديد من البقاء فى الفراش بسبب زوجها فوقفت من مكانها بضيق وذهبت إلى الخارج وهى تمسك الهاتف تتصل به لكنها دُهشت عندما سمعت صوت رنين الهاتف بجوار باب الشقة، ألتفت لتراه يدخل من باب الشقة فتبسم وقال بعفوية:-
-شوفتي مقدرتش أتاخر عليكي قلبي حس أنك عايزاني فجيت على طول
ضحكت "غزل" عليه وقالت:-
-جبتلي أكل طيب
ضحك "جابر" عليها لطالما كان اهم شيء لها هو الأكل، جلس جوارها على الأريكة ووضع الأكياس التى يحملها على الطاولة وفتح ذراعيه إليها كي يضمها مُشتاقًا إليها لكنه دُهش عندما تجاهلت ذراعيه وأقتربت للأمام خطوة تفتح الأكياس باحثة عن طعامها فقط وما جلبه إليها، تنهد بزمجرة وأسترخي يراقبها فى صمت فأخذت أحد شطائر الدجاج المقرمش وعادت للخلف بظهرها ورفعت ذراعيه بلتقائية لتختبيء بداخلهما وهى تحدثه دون أن تنتبه لفعلتها أو غضبه:-
-هتصدقني لو قولتلك أن نفسي كانت رايح له من الصبح وعقلي بيقولي قومي أطلبي دليفري بس جابر هيزعق عشان منع عني الدليفري وماسك فى الأكل الصحي بس
ظل يرمقها فى صمت بعد أن أختبأت بين ذراعيه وتتكأ بجسدها الصغير على صدره العريض وتُحدثه وعينيها تلتهم شطيرتها قبل فمها، أخذت لقمتها وأنتبهت أنه لا يُجيب فرفعت نظره له لتراه يراقبها صامتًا فأبتلعت لقمتها وأبتعدت عن صدره رغم أنها لم تغادر ذراعيه وقالت بحرج:-
-شايفني طفسة صح، والله غصب عني أنا بقيت جعانة على طول ولو قعدت فى الثلاجة نفسها هفضل جعانة برضو ، حط فى بالك أني دلوقت بأكل لأثنين مش ليا لوحدي يعنى أبنك هو اللى طفس مش أنا
أستمع لحديثها ولهجتها الخافتة كأنها خائفة أن يراها شرسة وتلتهم الطعام بلا توقف حتى تصاب بالبدانة فرفع يده إلى وجهها يضع خصلات شعرها خلف أذنها بلطف وقال بهدوء:-
-كُلي زى ما تحبي ولو عايزة تاني وثالث نطلب دليفري لحد ما تشبعوا أنتوا الأتنين ولا يهمك
تبسمت بسعادة هذه البسمة التى قتلت قلبه فى الحال وأمتصت كل الغضب والتذمر منه بسرعة البرق، عادت للقرب منه والبقاء بداخلها كأنها وريده وأنفاسه التى تتسلل إلى رئته فضمها بسعادة مُستمتعًا بوجودها قربه هكذا، فتح عبلة البطاطس وبدأ يطعمها بيديه أكثر فتبسمت بسعادة وقالت:-
-نسيت الشويبس صح !
أخرجه من الكيس الأخري الملأ بالشيكولاتات والحلوي الثمينة التى أشتراها خصيصًا لزوجته ، فتح علبة المشروب الغازي لها وعلبة من الحلوي المصنوع بالفراولة ثم قال:-
-كملي أكلك على ما أخد دوش وأختريلنا فيلم نتفرج عليه سوا
أومأت إليه بنعم ثم قالت:-
-ماشي يا روحي متتأخرش
قبل جبينها وذهب إلى الداخل فقالت بصوت مرتفع:-
-مدورش على التيشرت الأسود أنا كنت لابساه وحطته فى الغسالة
أتاها من الداخل مُتذمرًا وقال أثناء وقوفه فى منتصف الردهة:-
-طب وبالنسبة للتيشيرت الأزرق
ألتفت إليه وهى تمسك شطيرتها فى يد والأخري بها علبة المشروب الغازي وتبسمت بسعادة حين رأته يمسك تيشيرته الأزرق الممزق وقالت بعفوية طفولية:-
-كنت لابساه وغسلته فحبت أنشفه بالمكواة أتحرق، أبقي سيبلي الفيزا أنزل أجيبلك غيره
قذف التيشيرت فى وجهها بغيظ وهو يركض نحوها وقال بتذمر:-
-يعنى مش مكفيكي دولابي اللى بقدرة قادر أتنقل كله فى دولابك وكمان بتحرقهم والأنيل عايزاني أنا اللى أدفع عشان تجيبي
ركضت "غزل" من مكانها وضحكاتها تملأ المكان بسعادة وتمسك بطنها من كثرة الضحك فقالت بتعب من الركض والضحك:-
-خلاص يا جبورتي والله بطني وجعتني ، كفاية
وقف مكانه مُتنهدًا من أفعالها وقميصه مفتوحًا لم يكمل تغيير ملابسه فقال بتذمر:-
-ماشي خلاص كفاية جري عشان صحتك، خليها عليا وأسامحك المرة دي تعالي
فتح ذراعيه بمكر إليها لكنها كالبلهاء عاشقة لم ترفض عناقًا مرة فركضت إليه تعانقه ليطوقها بذراعيه بأحكام وهمس فى أذنيها:-
-مسكت، أنا مش طيب عشان أسامحك كدة بالساهل ، أنتِ لازم تتعاقبي على هدومي اللى بتبوظ من ساعة ما اتجوزتك دى
ضحكت وهى تحاول مقاومة قبضته المحكمة عليها وقالت بتذمر:-
-مكانوش 4 قمصان وبلوفرين و5 تيشرتات وبنطلون عملته شورت يا جابر فى أيه
أحكم قبضته أكثر من مقاومتها وقال بغيظ من بساطتها للأمر:-
-يا مفترية أنتِ عارفة القميص منهم بكام ولا البلوفر اللى حطيته فى الغسالة دا أنا صعب عليا أرمي وشلته لابني يا شيخة
توقفت يديها عن مقاومته فوق صدره ونظرت فى عينيه ببراءة وتحدثت بلطف ونبرة عاشقة:-
-أمال أيه أنا فداكي وروحي فداكي وأنتِ حبيبتي وروحي ما دام شوية هدوم بعشرومات ألف بتضربني عليهم وعايز تعاقبي
تسارعت نبضات قلبه أمام عينيها ونبرتها التى لمست أوتار هذا القلب المُتيم بها وقال بدفء:-
-تدفعلي تمنهم حالًا
أتسعت عينيها على مصراعيها بدهشة من طلبه وقالت:-
-طب خلاص هديك فلوسهم، سيبني وأنا هحولك تمنهم على حسابك
أقترب أكثر منها ووضع جبينه على جبينها بحب يشعر بأنفاسها، بل تتغلل أنفاسها الدافئة إلى رئتيه وقال:-
-أنا مش عايزهم فلوس
ضربته على صدره بقوة وعادت لمقاومته بقوة أكثر قائلة:-
-جابر أتلم ، إحنا أتفقنا نتفرج على فيلم سوا
حملها على ذراعيها بالقوة وأسرع بها إلى الغرفة وهى تضرب صدره وتقضم كتفه بأسنانها ربما يفلتها لكنه أسكتها بقبلة دافئة لتتوقف عن مقاومته وتسترخي بين ذراعيه وشفتيه مٌلتصقة بوجنتها الحارة .
وصلت سيارة "جمال" إلى قرية المدينة الزرقاء بعد أن وصله دعوة للإقامة فى القرية كمكافأة على ما قدمه من عمل إلى "تيام"، مد يده إلى "مريم" لتتشبث به وهى تترجل من السيارة وتتذكر كيف جاءت لهذا المكان من قبل؟ وبسبب حادثة قتل فرستها "إيلا" قرر "تيام" أن يدخل "جين" هذا النظام إلى أجهزة الأمن بالمكان، تبسمت "مسك" حين رأت وجه "مريم" مع "جمال" ولا تصدق أن هذه المرأة الآن باتت صديقتها المُقربة عكس مرتها الأولي هنا لطالما أسقطتا الأثنتين أزواجهما فى الخلاف بسبب حُب كلا منهم إلى اميرته المدللة، ضحكت "مريم" إلى "مسك" بسعادة كأنها عادت هى الأخري بذكرياتها مع "مسك" ، أخذهما "تيام" بنفسه إلى المنزل المخصص لهم ورغم رجال الحراسة الخاصة بـ "جمال" إلا أنه لم يهتم لوجود أحد سوى زوجته المُبتسمة، ترك أطفاله لثلاثة ليالي حتى يسرقها من العالم بأسره في هذه الليالي القليل لأجله، كادت أن تصعد إلى الأعلي فمسك "جمال" يدها بلطف قبل أن تكمل الصعود فوقفت أعلاه بدرجتين ليرفع رأسه للأعلى لأجلها وقال:-
-مريم
نظرت إليه ببسمة دافئة ليتابع حديثه بحب مُتيمًا بها:-
-أنا بحبك
أندهشت من كلمتها دون مناسبة فقالت بلطف:-
-وأنا كمان يا روحي بحبك
-متتأخريش
قالها بدفء ثم وضع قبلة فى قلب كفها وغادر، لم تفهم كلمته وعلى ماذا ستتأخر فصعدت للأعلي وفتحت الباب لتُسعد بدهشة عندما وجدت الغرفة مزينة بالبلالين والورود وهناك على الفراش فستان أسود جميل وبجواره كعب عالى فضي ومعه ورقة، أخذت الورقة وفتحتها كانت بخط يده الذي تحفظه عن ظهر قلب (لطالما كنتِ حوريتي الجميلة، لم يكن لجمال الأسود جمالًا ألا عندما أرتديته يا ملاكي، سأنتظرك بعد ساعة واحدة رجاءًا من قلب عاشق لا تتأخري فقلبي لن يتحمل الأنتظار ونيران شوقه إليك تقتله
ملحوظة يا حبيبتي أتركي شعرك حرًا لطالما عشقت رؤيته يزين وجهها الملاكي + بحبك )
رفرف قلبها فرحًا من كلماته وأختره للعربية الفحصي فى أنتقاء الكلمات التى تقلب حال قلبها رأسًا على عقب، هرعت إلى المرحاض وأخذت حمام دافيء سريعًا من السفر وخرجت بروب الأستحمام بقلب يرفف فرحًا ثم جلست أمام المرآة وضغط على زر التابلت لتستمع إلى أغنية "أنا كلي ملكك _ شيرين " بدأت تجفف شعرها بالمجفف ووضعت مساحيق التجميل على وجهها حتى رسمت شفتيها بأحمر الشفاه، رفعت شعرها للأعلي بمشبك الشعر وأتجهت إلى الفستان الذي جلبه، طويلًا بأكمام مغلق الصدر وله رقبة طويل تخفي عنقها أسفلها، وقفت أمام المرآة تتأمل الفستان الذي زاد من جمال جسدها وفاتنتها ثم سحبت مشبك الشعر لينسدل شعرها على ظهرها وذراعيها، وضعت لمسها الأخير من العطر الفرنسي الذي يعشقه، ترجلت للأسفل وكان يقف بأنتظارها أمام الدرج، سمع صوت كعبها العالي على الدرج الرخامية فرفع نظره مُسرعًا واللهفة لرؤيته قد مزقت قلبه خلال هذه الساعة القصيرة، تبسم فور رؤيتها وتنفس بتوتر من ضربات قلبه الجنونية حتى وصلت "مريم" أمامه فصعد الدرجتين المتبقيتين لها، وقف أمامها معجبًا بل مُتيمًا بها وقال بهمس وصوت دافيء:-
-كنت عارف أنك أجمل من الجمال نفسه يا مريم، تعالي خلينى أحضنك
فتح ذراعيه الأثنين إليها فتبسمت وهى ترمس بجسدها بينهما بسعادة تغمرها فقال بهمس بعد أن أغمض عينيه كأنه لا يرغب بشيء أخر من هذا العالم سوى عناقها :-
-يالله يا مريم، كنوز العالم كله متساويش حاجة قصاد حضنك
تبسمت بسعادة ثم أبتعدت عنه ورفعت نظرها إليها ثم سألت بفضول:-
-هتوديني فين؟
مسك ذقنها بلطف ثم قال:-
-أوديكي فين وأنتِ بالجمال دا، معقول أسمح لرجل عينيه تقع عليكي وأنتِ بالحلاوة دى كلها، والروج دا أنا كام مرة قولت مشوفش فى وشك قلم روج واحد ها
أقترب لكي يسرق قبلته منها فوضعت يدها على فمها سريعًا تمنعه ثم قالت بتذمر:-
-جمال متبوظليش الميك أب، يلا خرجني معقول بعد ما لبست وقعدت ساعة قصاد المرايا مش هتخرجني
أشاح يدها عن فمها بالقوة ليسرق هذه القبلة رغمًا عنها ثم أبتعد عنها ويده تحيط بخصرها ويجذبها إليه حتى ألتصقت به وقال:-
-أممم لو عليا مش عاوز أخدك فى حتة غير حضنى يا ملاكي، بس مفيش مانع أوديكي مكان ما تحبي أنت بس شاوري يا مريم، أنا جاي هنا عشان اعوضك عن كل حاجة وحشة وكل دمعة نزلت منك، انا جاي هنا تحت أمرك ورهن إشارة منك، أعمل كل اللى نفسك فيه وأنا معاكي وفى ضهرك... أقسمك أن مفيش حاجة بقدر حُبي ليكي بعد عبادتي لربنا، أنا عبده الضعيف قصاد عشقك يا مريم، أنا بعمل كل اللي أقدر عليه عشان يرضي عني بعد ما رضاني وكرمني بلطفه وبعتلي مريم، ربنا يقدرني وأقدر أحافظ عليكي يا ملاكي وويقدرني أفضل أشكره وأحمده عليكي وأنتِ نعمته اللى مهما شكرته وحمدته عليها لكان قليل عليك يا مريم
رفعت يديها الأثنين إلى وجهه تأخذه بين راحتيها الدافئتين ثم قالت:-
-أنا كنت عارفة أن صبري على اللى فاتت هيرضيني بيا يا جمال، فى كل مرة متمرديش فيها على قسوة الدنيا وحمزة وغيره كنت دايما بقول أكيد ربنا هيراضيني عشان أنا بقول الحمد لله حتى على القسوة وراضيني يا جمال، كرمه فاق كل تخيلاتي عمرى ما تخيلت أنه ممكن يعوضني بجمال وحبه ليا، أنا بحبك يا جمال.... لا لالا يا حبيبي أنا بعشقك ولو في حاجة ممكن توصف اللى جوايا أكتر من العشق لقولتها ليك
دمعت عينيه لوهلة من حديثها فجففت دمعته قبل أن تشق طريقها على وجنته ثم رفعت قدميها قليلًا لتقبل عينيه الباكيتين فرحًا وقالت:-
-لا عاش ولا كان اللى ينزل دموعك يا حبيبي
جذبها إليه بقوة يضمها فلفت ذراعيها حول عنقه بقوة مُتشبثة به بأحكام، أبتعد عنها بهدوء ثم قال:-
-تعالي يا مريم
أخذها إلى خارج المنزل حتى وصل إلي الشاطئ لتراه كتب أسمها على مياه الشاطئ باللؤلؤ وطائرة في السماء كتبت بالدخان الملون (عيد ميلاد سعيد يا مريم) أتسعت عينيها على مصراعيها وألتفت لكي تنظر إليه وتذكرت أن اليوم عيد ميلادها، رمقته بهدوء وقالت:-
-جمال
-يا قلب جمال وروحه
قالها بدلال لتعانقه بقوة وفرحة تغمرها حتى سمعت تصفيق "مسك" و"تيام" وبعض المارة فضحكت بخجل من فعلتها أمام الجميع وظلت مُختبئة خجلًا فى صدره، همس بحب :-
-كل سنة وأنتِ حبيبة قلبي وروحي وعمري كله يا مريم، عقبال كل سنة وأنتِ فى حضني ومعايا وماسكة فى أيدي
-وأنت معايا يا حبيبي
قالتها "مريم" بخجل ثم جلسوا معًا يحتفلوا بعيد ميلادها ويتناولوا الكعك وضحكاتها تنير وجهها مع "مسك" بينما هو يراقبها عن كثب رغم حديثه مه "تيام" لكنه لا يقوى عن إشاحة نظره عنها، غادر الأثنين وأخذها فى يده يسيرون على الرمال بعد أن نزعت حذاءها وبدأت تسير حافية القدمين، بدأت السماء تمطر قليلًا حبيباتها الباردة، ألتفت "مريم" تقف أمامه وتنظر فى وجهه وتسير بظهرها بينما هو يضع يده فى جيبه والأخري يمسك بها يد "مريم" قال بحذر:-
-أمشي عدل هتقعي
-معقول أقع وأنت معايا يا جمال
قالتها بعفوية وعينيه تتلألأ ببريق السعادة، هز رأسه بلا فتوقفت عن السير للحظة وقالت بهمس:-
-زى دلوقت تحت المطر كانت اول مرة أقولك بحبك، ودلوقت كمان بقولك بحبك يا جمال بس أنا مش طفلة مراهقة المرة دى ولا صغيرة... وقتها خدت أول قلم منك ولومتني أنى متهورة، أنا جاية أقولك دلوقت وأنا بالغة وأم لثلاثة أولاد منك أنى بحبك والنهاردة مش هتعرف تضربني كف
سحب يده بقوة لتلتصق به هذه المرة فتشبثت بقميصه من قوته، همس إليها وعينيه تعانقها بل تلتهمها عشقًا:-
-وقتها كانت أول مرة قلبي يدق ليكي يا مريم ومن خوفي ضربتك كف، النهاردة أنا قلبي كله معايا، أنتِ سرقتي قلبي وروحي كأنك بتعاقبني على الكف دا... كأنك بتقولي أنت خوفت من دقة قلبك فأخذتيه كله
قهقهت ضاحكة على أعترافه وأن هذا الرجل الذي يخشاه الجميع بصرامته وقسوته لأول مرة يخاف شيء كان دقة قلب بين ضلوعه لأجلها، كأنه أدرك أن القلب ليس له سوى مُتيمه وعاشقه مهما حارب الأمر وهرب منه سيركض القلب إلى مُحبه رغمًا عنه لطالما لم يكن للقلب سلطانًا عليه، فقط مجرد رصاصة تخترقه حتى تجعله أسيرًا للعشق .
تمت بحمد الله
وايضا زورو قناتنا سما القاهر للروايات
من هنا علي التلجرام لتشارك معنا لك