قصة جمال الأسود البارت الثالث والعشرون 23 الجزء الثاني بقلم نورا عبدالعزيز

 

 قصة جمال الأسود

البارت الثالث والعشرون 23 الجزء الثاني  

بقلم نورا عبدالعزيز

بحث "جابر" بكل مكان ممكن أن يجدها به ولم يعثر عليها حتى مر النهار كاملًا وغابت الشمس عن سماءها فلم يبقي بعقله ذرة عقل واحدة وجن جنونه من غيابها، كان يعلم أنها بخير لكنها هربت وحدها بعيدًا عن الجميع، لن يصيبها شيء، تنهد بغضب مكبوح بداخله وهو يتذكر كيف رحلت معه حافية القدمين وبملابس بيتها فماذا إذا كانت كما هى حتى الآن فى الطرقات، ألمه الكثير من الغصات فى قلبه على فراقها وجنونها، تذكر كيف أعترفت بالحب له وكانت على أستعداد على القفز من الأعلي بتهديد فهذه الفتاى التى فتن بها مجنونة كليًا ولا تخشي الموت لطالما كانت توقع نفسها فى الخطر للحصول على ما تريده، وصل إلى قاعدتها فى الجيش لكن رجال الجيش لم يسمحوا له بالدخول مهما كانت مكانته فعاد إدراجًا يكاد يفقد صوابه..


 


خرجت "غزل" من غرفتها فى القاعدة الخاصة بالجيش وقد بدلت ملابسها المبللة من المطر بزي الجيش الرسمي فأت إليها صديقها وقال:-

-فى حد سأل عليكي على البوابة 


أعطاها الهاتف لترى تسجيل الكاميرات فرأت وجه "جابر" بوجهها العابس لتقول مُتجاهلة حديثه:-

-أبعت حد البيت يجيب عربيتي 


أخد المفاتيح منها وأنطلق يلبي طلبها فرغم أنوثتها لكنها ما زالت القائدة لقسم الهندسة والجميع تحت قيادتها، سارت وحدها بعيدًا للخارج رغم البارد القارس الذي يصاحب الشتاء وشردت فى حديث والدها ثم قالت:-

-خلينا نشوف مين الأقوي.


فتحت "فريدة" عينيها بتعب شديد فى رأسها لتُصدم عندما رأت وجه "جمال" أمامها، أعتقدت أنها لن ترى هذا الوجه الذي عشقته مرة أخري بعد دخولها للسجن فقالت:-

-جمال


تبسم بخبث شديد ثم قال ببرود قاتل مُرعب:-

-أفتكرتي أن السجن ممكن يحميكي مني أو يمنعني عنك، معقول عقلك المريض وصلك فكرة أنى ممكن أرحمك ومريم عايشة فى كوابيس بسببك، بسبب جريمتك واللى عملتيها فيها مراتي ببتفزع من نومها كل ما تغمض عينها، تخيلي أنا ممكن أعمل فيكي أية؟


أنتفضت من حديثه بعد أن أدرجت أنه هربها من السجن لكي يقتلها ويكمل أنتقمه بطريقته فقالت بتمتمة:-

-هتقتلني، هتقتل بنت


ضحك بسخرية على كلماتها وقال بتهكم:-

- بنت أنتِ حية ولازم يقطع رأسك وأوعى تفكري أنك ممكن تخرجي من هنا حية ولا أنك تشوفي نور الشمس مرة تانية، أنتِ لعبتي فى النار لما قربتي من شرف مراتي، كنتِ متخيلة أنك هتستخبي وتخربي فى بيتي كدة ومش هأخد بالي منك

لم تتحمل هذا العشق الأبدي القائم بقلبه لأجلها ورغم ما عانت منه فى السجن بسبب "مريم" ألا أنه يراها ملاك فتحدثت بصراخ:-

-واشمعنا مريم، فيها أيه مريم ؟ جمال أنا بحبك ولو رجع بيا الزمن هعمل اللى عملته من غير ما أتردد لحظة، مريم مش ملاكي زى ما أنت فاهم مريم.


صفعها بقوة على وجهها صارخًا بها :-

-ملعون أبو دا حب يخليكي تقتلي روحي وتلوثي شرف بنت زيك، حب أيه دا ؟ دا حتى نفسك معرفتيش تحبيها لأنك لو حبيتي نفسك كنتي خوفتي عليها من اللى هعمله فيكي 


تحدثت بأنهيار تام ودموعها تبكي بغزارة قائلة:-

-حبيتك أكثر من نفسي يا جمال، أموت على أنك أشوفك مع مريم


تعجب من هوسها به رغم ما قضته فى السجن لكنها ما زالت تتحدث عن حٌبها له فقال بسخرية منها:- 

-لا أنتِ مجنونة تمامًا، تخربي بيتي وعايزة تسرقيني من مراتي وبنتي


رفعت عنقها للأعلي بقوة تشير له بأن ينحر هذا العنق وتقول:-

-أقتلني يا جمال لأنك لو مقتلتنيش أنا اللى هقتل مريم لأنها اللى فى طريقي ليك، أصلًا أنا مستحيل أتمنى حاجة قد أنى أموت على أيدك وتكون أخر حد أشوفه فى الدنيا دى 


مسكها من شعرها بقوة وسحبها للأعلي كي تقف أمامه على قدميها وقال بتهديد واضح مُرعب:-

-وحتى أمنتيك دى مش هحققهالك، أنا هخليكي تعيشي اللى عيشتي لمريم، العين بالعين والسن بالسن والبادى أظلم، الخيانة والشرف دول عقابك ونارك اللى هتحرقك يا فريدة 


أبتلعت لعابها برعب تملكها من نظرة عينيه والجحيم الذي رأته فى عينيه الخضراء، ألقي بجسدها على الأرض بقوة ثم غادر المكان تاركها مع رجاله .




وصلت "مسك" إلى شقة "غزل" لتُصدم بشاب وفتاة يرتدوا زي الجيش يخرجان من العمارة ويحمل الشاب حقيبة سفر ثم فتحت الفتاة سيارة أختها لتهرع إليها بصدمة وقالت:-

-أنتِ مين؟


ترجم الأثنين أن هذه توأم قائدتهما بسبب الشبه القائم بينهما فقالت الفتاة:-

-إحنا من فريق القائد غزل وجينا نأخد عربيتها وبعض الأغراض عشانها بأمر منها


أبتلعت "مسك" لعابها بتوتر ثم قالت بقلق على أختها التى أختفت:-

-غزل في الجيش؟!


أومأت إليها الفتاة بنعم ثم قالت:-

-أه وأستلمت مهمة جديدة عشان كدة جينا نأخد حاجاتها ضروري وبالمناسبة بعت لحضرتك رسالة


أعطتها الفتاة ظرف مُغلق فنظر "مسك" إليه مُطولًا وقالت:-

-عن أذنك


غادرت بسيارة "غزل" دون أن تعطي فرصة إلى "مسك" لتمنعها، فتحت "مسك" الرسالة وقرأتها بحزن وبدأت دموعها تنهمر على وجنتيها

(لأول مرة يا مسك أختار حاجة بأرادتي، جابر الحاجة الوحيدة اللى اخترتها بكامل أرادتي ورغبتي وكالعادة السيد الوالد منعني عنها ورفض لكن أنا مستحيل أقابل أن يقرر مصير حياتي، طول عمرى بعمل اللى هو عايزه، حرمني منك ورامني لأمي وقبلت، قرر يدخلني الجيش عشان أكون قوية وقبلت حتى مفكرش يسألني أنا أحب أكون أيه؟ لكن المرة دى أنا مستحيل أقبل أنه يقرر خطوة جوازي كمان، المرة دي يا مسك أنا اللى همشي بأرادتي قبل حتى ما يفكر يرمينى أو يقرر حاجة نيابة عني، المرة دي خلينا نشوف مين الأقوي أنا ولا السيد الوالد، من اللحظة دى ياريت تعتبروا غزل ماتت لأني مش هرجع لحياتكم مرة تانية، المرة دى أنا اللى هخرج وامشي يا مسك وحتى جابر همشي بعيد عنه لأنه مقدرش يقف قصاد الدكتور العظيم ويقوله أنه هيتجوزني حتى غصب عنه ولا أنه بيحبني وكويس لأن بفضله أنا هقدر أتخطاه وأنسكوا زى ما أنت نسيتوا مين غزل.... سامحيني يا مسك )


جهشت "مسك" باكية فى الطريق بعد أن أدركت أن أختها لن تذهب إلى مهمة جديدة بل غادرت حياتهم جميعًا للأبد، جلست على الأرض تبكي وبداخلها بركان من الغضب بسبب تصرف والدها و"جابر" الذي خذل قلبها، نظر المارة عليها من صوت بكاءها وجلسوها على الأرض بأنهيار تام.



" قصــــر جمــــال المصــــري"


كانت "مريم" جالسة على الأريكة تطعم الطفلين فأخذ "يوسف" قطعة من اللحم وأعطاها إلى "مكة" فضحكت "مريم" بعفوية وقالت:-

-كل يا يوسف أنت، أنا هأكل مكة


تبسم "يوسف" ومسك بيد "مكة" ثم قال ببراءة طفولية:-

-أنا حايز أكلها بأيدي 


تبسمت "مكة" بسعادة إلى أمها ووضعت رأسها على كتف "يوسف" بدلال ثم قالت:-

-شوفتي يا مامي يوسف بيحبني أزاى


أتسعت عيني "مريم" على الأطفال وقالت بدهشة:-

-بيحبك!!


تبسم "يوسف" مُتشبثًا بيد "مكة" ثم قال:-

-أكيد يا طنط مريم، أنا بحبها وقررت أتجوزها لما نكبر


لم تستطيع أستيعاب ما سمعته فأنفجرت ضاحكة عليهما وفصلت يديهما عن بعض وحملت "مكة" لتجلسها بالجهة الأخري وتبقي "مريم" فى المنتصف بينهم ثم قالت:-

-قال أتجوزها قال، ناقصني مصايبكم أنتوا كمان... نانسي


جاءت "نانسي" إليها فقالت "مريم" وهى تمسك هاتفها بقلق:-

-خدي الولاد كملي أكلهما ومتقعدهمش مع بعض ... قوموا من وشي  


حاولت الأتصال بـ "مسك" كثيرًا فهي لم تستطيع الوصول إليها منذ يومين، وكالعادة مؤخرًا لم تجيب عليها فزاد قلق "مريم" عليها فصعدت للأعلي كي تستعد للخروج وأرتدت تنورة بيضاء وقميص أحمر بكم ووضعت البلطو الأبيض فوقهما وخرجت من غرفتها وهى تنظر فى الهاتف، ركضت "مكة" مع "يوسف" من الغرفة وهو يقذف الكرة خلف "مكة" لكن هذه المرة لم تصل إلى "مكة" بل ضربت الكرة بطن "مريم" ليسقط الهاتف من يدها وصرخت بألم شديد فى بطنها وبسرعة البرق فلتت قدمها عن الدرج لتسقط من فوق وصرخت "مكة" مع "يوسف" وخرجت "حنان" ونانسي" وبقية الخدم على صوت صراخها وأرتطم جسدها على الدرج ليُصدم الجميع عندما وصلت "مريم" لمنتصف الدرج فاقدة للوعي، هرعت "حنان" مع الخدم إليها وقبل أن تناديها لجم لسانها بقوة حين رأت بركة الدماء التى لوثت تنورتها بغزارة من بين قدميها فقال "حنان" بذعر مما حدث وخصيصًا عندما يعلم "جمال":-

-مريم

-مامي

قالتها "مكة" بخوف وبكاء طفولي بطريقة هستيرية عندما رأت والدتها تسقط أمامها، هرع "يوسف" إلى غرفته وأختبي فى خزينة الملابس بخوف من مشهد سقوط "مريم".



خرج " جمال" من غرفة الأجتماعات مع "شريف" وقال:-

-فكرة أننا هنستلم مشروع بالضخامة دى من الحكومة مش خطوة سهلة يا شريف، لازم تباشر العمل خطوة بخطوة بنفسك وأختار المهندسين اللى هيشتغلوا على المشروع دا بدقة ، دى خطوة مهمة للشركة تثبت للبلد كلها قيمة الذكاء الأصطناعي .....


قاطعه رنين الهاتف فأخرجه من جيبه وكانت "حنان" فتعجب من أتصالها ليقول:-

-حنان، روح أنت يا شريف، تعال يا عاشور أنا عايز


أستقبل الأتصال وهو يفتح باب المكتب وقال:-

-ألو.....


توقف على الحديث عندما سمع صوت إنذار سيارة الأسعاف القريب جدًا فقال بهدوء:-

-حنان


أتسعت عينيه على مصراعيها بصدمة ألجمته عندما وقع الخبر على مسمعه فدفع "عاشور" بقوة وخرج بسرعة البرق من المكتب، ركض "عاشور" خلفه وهو لا يفهم شيء، لم يصدق أن "مريم" قد أصابها شيء وبهذه الخطورة، قاد "عاشور" السيارة بسرعة جنونية و"جمال" يضع الهاتف على أذنه مع "حنان" فقالت:-

-لسه الدكاترة عندها


قلبه لم يتوقف عن الأنقباض بقوة من الخوف عليها وقبل أن يصل كان قد أنتشر خبر أصابة "مريم" على الأنترنت بسبب شهرتها مما زاد خوفه وغضبه من تصرف البشر مع نقل الأخبار بهذه السرعة، الجميع يبحث عن الشهرة ومواكبة الأخبار قبل أن يطمئنوا على المصاب، وصل للمستشفي وكانت "حنان" وحارس أمام غرفة "مريم" ففتح الباب بخوف دون أن ينتظر شيء وكان الطبيب على وشك الأنتهاء من فحصها وهى غائبة عن الوعي، ألتف الطبيب له بوجه عابس ثم قال:-

-ممكن نتكلم برا


أرتعب "جمال" من كلمته وألقي نظرة على وجه محبوبته ثم خرج مع الطبيب فقال:-

-للأسف الجنين نزل


أغمض "جمال" عينيه بحزن خيم على قلبه من فقد محبوبته وما تعيش به من مصائب ثم نظر للطبيب بهدوء وقال:-

-مش مهم قدر الله وما شاء فعل المهم مريم؟


تنحنح الطبيب بخوف مما يحمله فى جبعته وقال بجدية:-

-هى كويسة وشوية وهتفوق بس..


نظر "جمال" له بقلق شديد مما هو أتي داخل فمه وقال بتلعثم خائفًا:-

-بس أيه؟ كمل


-مدام مريم مش هتقدر تخلف 


أتسعت عيني "جمال" على مصراعيها بصدمة قتل عقله للتو وهذا الطبيب يخبره أن زوجته أصبحت عقيمة لن تنجب له أطفال مرة أخرى وقال:-

-ليه؟ مريم ولدت قبل كدة، اللى حصل دا مجرد حادثة


تنهد الطبيب وأعطه التابلت التى أحضرته "حنان" ثم قال:-

-أنا بصيت على الفحوصات السابقة لمدام مريم، وأن دا مش اول جنين ينزل، والتحاليل القديمة اللى شوفتها هنا بتقول أنها اتعاطت دواء بيمنع الحمل ودا أثر على الرحم وبالفعل رحم مدام مريم دلوقت مش هيقدر يشيل جنين وكل حمل هينزل


نظر "جمال" على التابلت وخصيصًا ها التحليل الخاص بها الذي يتحدث عنه ليقع نظره على تاريخ التحليل وكان حين فقدت طفلها السابق بسبب "فريدة" وسرعان ما ترجم عقله أن "فريدة" من أعطتها هذا الدواء خلسًا دون أن تدرك "مريم" ما تشربه، أرتعب قلبه خوفًا على "مريم" حين تعرف بهذا الخبر فسأل بخوف قائلًا:-

-طب هو مالهوش علاج أنا ممكن أسفرها برا تتعالج وأحسن مستشفي فى العالم مش مهم، مهما كانت التكلفة من جنيه لمليار مش مهم 


صمت الطبيب بحزن فتنهد "جمال" بيأس شديد، لا يعرف كيف سيخبرها بعقمها؟ أو كيف ستتقلب "مريم" الخبر؟ أرتعب من الخوف من حزنها ربما سيصيبها بالمرض النفسي من جديد او يفقدها فى هول الصدمة ألا يكفي خبر فقدها لطفل جديد 




ألقت "مسك" الرسالة فى وجه "جابر" بأستحقار لكي يقرأها فأتسعت عينيه على مصراعيها من هروبها وقال بتعلثم:-

-أنا متخلتش عنها...


-وهيفيد بأيه؟ أهي مشيت بسببك؟ أنت ملزم ترجعلي أختي زى ما ما مشيتها وألا يا جابر متلومنيش على اللى ممكن أعمله ..

         البارت الرابع والعشرون من هنا 

        لقراءة جميع الحلقات من هنا 

تعليقات