البارت التاسع 9 الجزء الثاني
بقلم نورا عبدالعزيز
كان "جمال" جالسًا على طاولة فى أحد أركان المطعم البحري وبجواره تجلس "مريم" تناول الطعام فى صمت بسبب هذا الرجل الذي قطع لحظتهم معًا لأجل العمل مع زوجها، تحدث "جمال" بهدوء قائلًا:-
-أن شاء الله تنورنا فى الشركة وكل حاجة تتم حسب رغبتك
تبسم الرجل وهو يكمل الحديث مع "جمال" عما يريده، سقطت الملعقة من يد "مريم" فأنحنت قليلًا كي تجلبها، عينيه لم تفارق وجه الرجل لكن يده أسرعت بلمس حافة الطاولة كأن قلبه لن يتخلي عن اهتمامه بها رغم أنشغال عقله، نظرت "مريم" ببسمة خافتة إلى يده وهو يخشي أن ترتطم رأسها بحافة الطاولة فتتألم ولو قليل، نظرت إلى "جمال" الذي لم يرفع نظره عن عميله وكأنه يخبرها مهما كان مُنشغلًا عنها فهو لا يهتم سوى بها، نظرت "فريدة" إلى رد فعله التلقائي لأجل "مريم" وأندهشت فكيف يهتم بها حتى دون أن ينظر إليها، تحدثت "نانسي" بهدوء بينما يجلسون على طاولة أخري بعيدًا عنهما:-
-كلي يا فريدة ومريم لما تعوزك هتنادي عليكي بطلي تبحقلي فيهما أنتِ هنا عشان تنفذي طلباتها مش تراقبيها
تأففت "فريدة" بضيق والغيرة تأكل قلبها مما تراه وعشق "جمال" إلى "مريم" يزرع بداخل بذور الحقد والغيرة تجاهها ولما هى لم تعثر على رجل مثله فى حياتها؟ تسائل عقلها ما هى ميزة "مريم" لتحصل على كل شيء وعلى عشق كهذا؟ لم تتناول لقمة واحدة من كرهها إلى "مريم"، ذهب الرجل بعد مصافحة "جمال" وأتفق على أن يزور شركته فى القاهرة قريبًا، نظر "جمال" إلى "مريم" ببسمة مُشرقة ظهرت للتو لأجلها وتخلي عن جديته وكبريائه فور نظره إليها، قال بلطف:-
-حقك عليا حتى فى إجازتي بشتغل
صمتت "مريم" وعقلها مفتون ببسمتها وكيف لها أن تغضب منه بعد هذه البسمة؟ مسكت يده بيدها بدفء ثم نظرت إلى عينيه وقالت بنبرة ناعمة وقلبها لم يقل حالة جنون عشقه عن أول مرة غُرمت به:-
-ولا يهمك يا حبيبي
بدأ "جمال" يضع الطعام فى طبقها بيده ويدللها كأنها أميرة بل ملكة مُتوجة على عرشه، أنهي غدائه معها ثم وقف مُمسكًا بيدها ليقف "عاشور" ورجاله من طاولتهم فأشار "جمال" للجميع بأن يبقوا مكانهم وقال بجدية:-
-خليكم يا عاشور، خلصوا أكل على راحتكم وأرجعوا على الشاليه ، نانسي
نظرت "نانسي" إليه بهدوء وبسمة ترحيبية فقال بجدية صارمة:-
-خدي مكة معاكي وخلي بالك منها لحد ما نرجع
أومأت إليه بنعم فأخذها ورحل وحدهما دون حراسة أو خدم، جلست "نانسي" على مقعدها من جديد ونظرت إلى "مكة" النائمة فى عربتها الصغيرة الخاصة بالأطفال وتبسمت بعفوية، خرج من المكان مع "مريم" وحدهما وكانت فى أقصي درجات السعادة من لحظتهما معًا وبدأ يتجولا فى البلد معًا وبسمتها لم تفارقها بل تزداد حتى تصدر منها صوت ضحكاتها .
دخل "جابر" إلى مكتبه ويتحدث فى الهاتف بجدية قائلًا:-
-إحنا هنتفق مع شركة الجمال جى أند أم بخصوص موضوع نظام الأمن الجديد عشان سلامة النزلاء .
توقف عن الحديث عندما رأى "غزل" نائمة على مكتبه بتهكم وعينيها شبه مُغمضتين وتنظر فى اللاب ، أنهي حديثه فى الهاتف بضيق من دخولها إلى مكتبه ووضعه فى جيب سترته بينما قال بضيق:-
-أنتِ مين اللى دخلك هنا ؟
قفزت من مكانها بسعادة وحماس شديد وبدأت تصرخ بطريقة جنونية و"جابر" مُتعجبًا من تحولها المفاجئ، ظلت تُتمتم بحماس قائلة:-
-قفشته، والله أنى ما في مني أتنين
ركضت نحو "جابر" بحماس وقالت:-
-معلش دخلت مكتبي، لأنه المكتب الوحيد اللى بعرف باسورده أبقي غيره لو مش عايز تشوفني هنا تاني
كادت أن تمر من جانبه لكنه مسك ذراعها بقوة يمنعها من الحركة، رفعت نظرها إليه فبادلها النظر بجدية وجهها مُبتسمًا وعينيها الرمادتين تلمع ببريق الحماس كأنها عثرت على جائزة أو منجم للذهب وشعرها الأسود ترفعه على شكل ذيل حصان وغرتها على الجانب الأيسر من وجهها وترتدي بنطلون جينز وقميص من الجينز تدخله فى البنطلون وحذاء رياضي أبيض، سألها بقلق من حماسها فكلما تحمست هذه الفتاة جلبت كارثة:-
-كنتِ بتعملي أيه فى اللاب بتاعي، لتكوني هكرتي؟ ولا بتراقبي حد تاني؟
أقتربت "غزل" منه خطوة للأمام وعينيها تحدق به مباشرة فأزدرد لعابه من قُربها بأرتباك لتقول بهدوء مُخيفة:-
-أكيد بعمل مُصيبة..
ربتت على صدره بكبرياء وقالت بلا مبالاة بعد أن أحاشت نظرها عنه:-
-أستعد عشان تحل المصيبة
مسك يدها التى تربت عليه بيده الأخري وقال بضيق شديد من حديثه:-
-كل مرة تقضي إجازتك هنا تعملي مصيبة، لكن المرة دى مش مسموح لك باى مصيبة يا أنسة غزل، أنا مشغول كفاية ومش ناقصني مصايبك
ضحكت بعفوية بعد أن أفلتت يديها الأثنين منه وهرعت إلى طريق الخروج وقبل أن تخرج من الباب ألتفت إليه وقالت بمزاح ونبرة قوية:-
-أعمل أيه؟ نصيبك هنا محدش فاضي يتحمل مصايبى غيرك وبما أنك من البداية أتحمل مسئوليتي لازم تكون قد المسئولية دى يا جبورة ولعلمك أنا بصغرك ب16 تحديدًا فبلا أنسة غزل أنا أفضل تخليها غزولة... باى باى
هرعت إلى الخارج ليغلق قبضته بأقتضاب غاضبًا وصرخ بأنفعال مُناديًا على مساعده الذي دلف فور أن سمع صوته العالي ليقول "جابر" بأختناق:-
-هاتي مهندس كمبيوتر بسرعة
أومأ إليه بنعم وجلس "جابر" على مكتبه غاضبًا ويتمنى أن يستطيع مهندس الكمبيوتر أن يعرف عما كانت تفعله "غزل" بحاسوبي ليستعد للكارثة قبل أن تحدث ولكن هذا الأمل كان ضعيفًا فـ "غزل" ليست مهندسة كمبيوتر بل حاصلة على شهادات دولية فى القراصنة ولن يتوفق عليها أى شخص.
ظلت "فريدة" تقف فى شرفة غرفتها ليلًا تنتظر أن يعود "جمال" لكنه لم يفعل، من أن أخذ "مريم" عصر اليوم ولم يعود حتى بعد منتصف الليل مما يزيد فجوة الحقد والغضب بداخلها تجاه "مريم"، جلست على هاتفها تحديد على تطبيق الفيسبوك وكتبت منشورًا مجهول الهوية عن فتاة تسرق قلب حبيبها وبدأت التعليقات السلبية تأتي إليها لكن تعليق واحد أعجبها بشدة هو من فتاة مُختلة مثلها تقريبًا عندما أخبرتها أن تفرق بينهما بشيء قوية وحينها سيتمزق الحب، ظلت حتى شروق الشمس تفكر فى هذا الأمر وكيف تفرق بينهما وتلوث الحب الموجود بقلبهما حتى جاءت لها الفكرة الشيطانية من وسواس شيطاني حقًا.
كان "تيام" يسير فى بهو الفندق مُرتديًا بدلته الرسمية ذات اللون الأسود وبجواره "مسك" يأخذ يدها فى يديه بسعادة لتقول:-
-أنا عجبتني الفكرة جدًا لما سمعتها من جابر وأن نركب كاميرات مراقبة ونظام مراقبة عالي بمستوى عالمي زى اللى بتقدمه شركة الجمال جى أند أم حاجة حلوة جدًا، أنا بحثت عن الشركة وعرفت أنها قدمت مشروع سكنى بيساعد ذى الإعاقة ووحدات سكنية لكل واحد حسب إعاقته فى الحقيقي شيء مذهول تخيل واحد كفيف يلاقي اللى يوصف له كل حاجة قصاده كأنه شايف مش بس حافظ المكان لأنه عايش فيه ...
تبسم "تيام" بعفوية ثم قال:-
-عشان كدة رحبت بالفكرة
توقفت "مسك" أمام أبواب الفندق الزجاجية وقالت:-
-أنا مش هأخرك على ميعادك مع جمال، لكن أو ما تخلص هتلاقينى مستنيكي على البحر
أومأ إليها بنعم ثم قبل وجنتها بحب لتبتسم "مسك" بسعادة تغمره وهمست إليه وهو بهذا القرب:-
-متتأخريش يا مُتيمي
-مقدرش يا قلب مُتيمك
قالها بحب وعينيه تتلألأ ببريق الحب، ذهب مع "جابر" وأنطلقت "مسك" تبحث عن "ورد" أو "غزل" أو حتى "مريم" لتقضي وقتها مع أى أحد حتى لا تبقي وحيدة بعد أن تركت طفلها نائمًا فى الأعلي مع "طاهرة" .
كانت "مريم" تقف فى الحديقة المصاحبة للمنزل مع فرسها الجديد لم تعطيه أسمًا بعد، مُرتدية فستانًا أزرق اللون بأكمام من الدانتيل الشفاف ومُغلق بأزرار حتى عنقها وبالخصر حزام قماشية بنفس لون الفستان، مررت يدها على جبين الحصان وهى تتذكر لحظاتها مع "أيلا" فرستها السابقة، دمعت عينيها لكن تحملت وأمنت بقضاء الله ومشيئته، تبسمت بلطف إلى حصانها وقالت بلطف:-
-متسبنيش أنت كمان أتفقنا
حرك الفرس رأسه وأصدر صهيل بلطف كأنه يقطع وعده إليها بألا يتركها كما طلبت منه، رن هاتفها فأخرجته من جيب فستانها، رأت رسالة من مجهول ويتحدث بصفة المؤنث يخبرها بان "جمال" الآن معها بغرفة نومها، مع كلماتها المُميتة أرسلت صورة إلى "جمال" وهو نائمًا فى الفراش، أنقبض قلبها خصيصًا أن "جمال" عاري الصدر ورأت هذه الندبة التى حصل عليها فى خصره من الهجوم الذي حدث له معها وأخذ الرصاصة عنها، تأكدت من هذه الندبة أنه "جمال" وليس كذب فهرعت إلى الخارج وحدها كالمجنونة دون أن تخبر أحد ولا حتى "نانسي" أو الحرس الذين كانوا يضحكون ويتحدثون دون أن ينتبهوا لخروجها وخصيصًا بغياب "عاشور" الذي رافق زوجها للخارج، سقط الهاتف من يدها أثناء ركضها ولم تعري أى أهتمام لأى شيء سوى خيانة "جمال"، أنفاسها تخنقها بل تقتلها ولا تقوي على الخروج، تشعر باختناق كأنها تغرق تحت الماء ولا تقوي على التنفس، وصلت للفندق وضربت "غزل" فى كتفها أثناء ركضوها لكن لم تهتم أو تعتذر عن فعلتها صرخت "غزل" بضيق شديد قائلة:-
-مش تفتحي
لم تحصل على جواب منها فتأففت بضيق وركبت "مريم" المصعد حتى وصلت للأعلي خصيصًا على هذه الغرفة التى كانت الرسالة تحمل رقمها، وجدت الباب مفتوحًا لتتوقف للحظة خائفة من الدخول فماذا ستفعل إذا وجدت "جمال" بالداخل مع امرأة أخرى؟ أرتجفت يديها بخوف مُميت أحتلها ودفعت الباب بهدوء ثم دلفت وفور عبورها الباب رأت ظل أحد خلفها فألتفت إليه بذعر حينها رأت رجل مُلثم أغلق الباب ووقف أمامه لتذعر وتبتعد عنه بخوف وقالت:-
-أنت مين؟
لم تنتبه أن مع أبتعدها عنه كانت تتسلل لداخل الغرفة شيئًا فى شيئًا، هجم الرجل عليها لتصرخ وهى تركض منه بذعر لكنه مسكها جيدًا بسبب قوته البدنية وبسرعة البرق وخز عنقها بأبرة لتصرخ "مريم" بذعر وأخذت المزهرية التى وصلت لها يدها وضربته على رأسه ليبتعد عنهامُتألمًا، ركضت للخارج لكن المخدر كان أقوي من طاقتها فسقطت أرضًا فاقدة للوعي، حينها ظهرت "فريدة" من غرفة النوم وظلت تنظر إليها وهى على الأرض غائبة عن الوعي سألها الشاب بقلق:-
-هنعمل أيه؟ هتصوريها وتبعتي الصور لجوزها
ظلت ترمق "مريم" وعقلها يذكرها بكل اللحظات التى رأت فيها أهتمام "جمال" اللانهاية له بها، قالت بمكر شيطاني:-
-لا، عشق جمالها ليها هيخليه ميصدقش الصور حتى لو كل اللى الأدلة أكدت له أن الصور حقيقية، جمال مُتيم بها بجنونه ومش هيصدق ألا لو شافها بعينيه
جلس الشاب على المقعد بأسترخاء ثم قال:-
-طب ماهو جمال المصري مش غبي، حتى لو أتصلنا وجبنا هيعرف أنها متخدرة وأن حد عمل فيها كدة
أنحنت "فريدة" لتجلس جوار "مريم" تحدق بوجهها مُطولًا وعقلها مُخيبًا لم يتذكر حُسن معاملة "مريم" لها فقط كل ما يراه عشق "جمال" إليها وطمعها بهذا الرجل، قالت بهدوء شديد:-
-مريم بريئة ونقية صدقت الصورة وجت تجري زى المجنونة ومخدتش بالها أن الصورة كانت فى أوضتهم وأن جمال نائم عادى، وقت لما صورته الصورة دى كان زى القمر وهو نائم كنت عشان أحتفظ بصورة له معايا متخيلتش أنها هتكون سبب سعادتي لدرجتى، لكن جمال ذكي وماكر ووقت الجد بيقلب شيطان عشان كدة الصور مش هتقنعه
وقفت بحماس وحملت "مريم" مع هذا الشاب إلى غرفة النوم وظلت معها تنظر إلى وجهها حتى خطرت لها الفكرة الأكثر شيطانية وقالت:-
-أنا هكلم جمال أو ما مفعول المخدر يروح، جمال لازم يجى يلاقيها صاحية بس خلي بالك لأن هم دقائق معدودة لازم تخلص فيهم عشان مريم مجرد ما تفوق مش هتسكت ودلوقت أتفضل أطلع برا
جعلته يخرج من الغرفة لتجرد "مريم" من ملابسها وظلت قربها حتى مر ساعتين تقريبًا وعندها غادرت الغرفة بعد أن أرسلت نفس الرسالة إلى "جمال" الذي كان فى مكتب "تيام" بالطابق الأعلي.
-مفيش مانع أتواصل مع شريف وهو هينفذ لك كل حاجة
قالها "جمال" بهدوء وجدية وقبل أن يتحدث "تيام" سمع الجميع صوت ألي يتحدث من ساعة "جمال" وكان "جين" يقول:-
-لقد حدث خلل بساعة m
اتسعت عيني "جمال" عندما سمع التنبه وأخرج الهاتف الخاص به وهو يعلم أن هذه الساعة ملك إلى "مريم" وحدها، كانت نبضات قلبها جيدة وهكذا أنفاسها فلم يفهم أى خلل حدث بمؤشراتها الحيوية، أثناء نظره فى الهاتف مُتابعًا مؤشراتها الحيوية وصلت له الرسالة التى جعلته يُجن كالمجنون وخرج مُسرعًا من مكانه ونزل للطابق الأسفل وكانت "فريدة" تختبيء بزى الموظفات النظافة بعيدًا وعندما رأته أتصلت على الشاب وقالت بخبث:-
-جمال جه، أدخل عند مريم بسرعة
أغلقت الخط وظلت تراقب من بعيد.
فتحت "مريم" عينيها بتعب شديد فى جسدها ووضحت رؤيتها فأتسعت عينيها على مصراعيها بصدمة ألجمتها من وجودها بهذه الغرفة وقد بدأت تستعد وعيها وتدرك ما حدث وتذكرت هذا الرجل، حاولت أن تحرك جسدها لكنها صرخت من ألم شديد يمزق نصفها السفلي، وهرعت دموعها بجنون فى جفنيها عندما وجدت جسدها عاريًا، فتح باب الغرفة ودلف الشاب ليُصدم مما فعلته "فريدة" فهى لم تخبره بأنها جردت "مريم" من ملابسها، ذعرت "مريم" بصدمة حين رأته يدخل بدون قميصه وأنفاسها أوشكت على الأنقطاع، أقترب الشاب بخوف مما فعلته "فريدة" وقال بهدوء:-
-أهدئي والله محصلش حاجة... أنا
جلس أمامها على الفراش بخوف من هذه الحية التى تركته فى وجه "جمال" ككبش فداء لرغبتها، حمل فستان "مريم" وأمده إليها برعب تملكه خصيصًا أنه يعلم أن "جمال" أمام الباب الآن وسيقتله حتمًا فهو ليس بأى شخص، كانت "مريم" ترتجف من الخوف والصدمة لا تعرف ماذا حدث بها؟ وألمها تزداد أكثر وأكثر، كان الشاب لا يهتم بشيء سوى ستر جسدها العاري قبل أن يدخل "جمال" لكن فتح باب الغرفة بقوة ليغمض عينيه بصدمة من وصوله...
أتسعت عيني "جمال" على مصراعيها بصدمة ألجمته شلت كل أطرافه وحركات جسده حينما رأى "مريم" زوجته الجميلة بين ذراعي رجل أخر غيره فى الفراش، تسارعت أنفاسه من هول الصدمة وأشتعلت نيران الغيرة بين ضلوعه ولم تكن غيرة فقط بل ألم مزقه لأشلاء بسبب الخيانة التى شعر بها كليًا فى عقله وقلبه العاشق وعاد بذكرياته للماضي حين خانته "ليلي"زوجته الأولي مع أخاه ورأهما فى نفس الوضع، لم يتخيل للحظة أن" مريم"رغم كل العشق الذي قدمه لها تخونه كما يري الآن، هرع إلي هذا الرجل وسحبه من شعر رأسه بسبب جسده العاري ولكمه فى وجهه لكمة قوية اسقطته أرضًا عن الفراش من قوته التى أخرج بها كل الألم والغضب الذي شعر بهما داخله....
ارتطم الرجل بالأرض بسبب قوة "جمال" الذي ألتف إلى زوجته يحدق بها بنظرات أشمئزاز وقرف ولأول مرة فى حياته منذ أن رأها ينظر لها بهذا الأستحقار والأشمئزاز، رفعت "مريم" الغطاء تخفي جسدها العاري وجسدها يرتجف بل ينتفض كهزة كهربائية أصابتها ودموعها لم تتوقف عن النزول وطأطأت رأسها بأنكسار فلم تقوى على النظر إليه بعد أن عثر عليها بهذا الوضع، ألقي الملابس فى وجهها بقسوة وغضب حتى ترتديها وتستر جسدها العاري بينما ألتف إلي هذا الرجل الذي خانت معه بعد كل شيء قدمه لها ولم يجد له أثر بعد أن استغل الفرصة وهرب أثناء نظر "جمال" لها...
وقفت بعد أن أرتدت ملابسها ولم تتوقف لوهلة واحدة عن البكاء والأرتجاف تقدمت خطوتين للأمام نحوه ولسانها متجمدًا لا يقوى على نطق حروف اسمه بسلسلة فقالت بتلعثم:-
-جـ مـ ـا ل....
لم يبالي لها فى بداية الأمر لكن سرعان ما أنتفض فزعًا عندما صرخت من الألم وسقطت أرضًا تضغط بيدها على أسفل بطنها من الوجع وتصرخ به، ظل ينظر إليها بهذه الحال حتى دلف "عاشور" على صوت صراخها ورأها بهذا الوضع وصدم الأثنين من بركة الدماء التى ظهرت بين قدميها..
كان الشاب يركض بجنون مُحاولًا الهرب من "جمال" ورجاله وهو واثقًا أن جمال لن يتركه فذهب إلى حيث "فريدة" وصرخ بها بغضب قائلًا:-
-أنتِ أتجننتي، إحنا أتفقنا على صورة على أنه يدخل يشوفني فى الأوضة ودا كفاية لكن ... المنظر اللى عملتيه دا أيه؟ دا جنان
تأففت "فريدة" بضيق شديد من هذا الشاب ذو القلب الضعيف وقالت:-
-كان لازم يصدق أن مريم خاينة، هو لو لاقها بهدومها هتفرق أيه؟
رفع الشاب سبابته بوجهها بغيظ شديد قائلًا:-
-أنتِ أتجنتتي خالص وأنا مش هدفع تمن جنونك لوحدى، أنا لو جمال وصلي هقوله على كل حاجة ما أنا مش هيقطع رأسي لوحدي
ألتف لكي يغادر فتنهدت "فريدة" بضيق شديد وغيظ من هذا الرجل الذي سيدمر كل شيء بغبائه، نظرت حولها بحيرة ورأت حجر صخري كبير، حملته وركضت كالمجنونة ولم ترى شيء أمامها سوى هوس حُبها بـ "جمال" وضربه على رأسه بقوة ليسقط أرضًا وظلت تضربه حتى همشت رأسه كالمغيبة حتى فارق الحياة .
كان يجلس فى الأنتظار مُنتظر أن يخرج الطبيب من غرفتها بعد أن يفحصها، رن هاتفها بتنبه ليفتحه وكان "جين" يخبره بأرتفاع نسبة مادة مخدرة فى جسم "مريم" وهذه المادة تخطي نسبتها الطبيعي فقد تودي بحياتها، صُدم "جمال" مما يسمعه من "جين" الذي أخبره أن أحدهم أوقع زوجته فى فخ وأرسل صورة إلى الرسالة التى وصلت إلى "مريم" عن خيانته بسبب أتصل هاتف "مريم" بـ "جين" فاستشاط غضبًا وظل يحدق بصورته مُطولًا لينتبه إلى ما لم تنتبه له "مريم" وهو غرفته، فتأكد أن الفاعل من هؤلاء الخدم أو الحرس الذي وثق بهما وجلبهم إلى هنا معه، موت "أيلا" ودخول غرفة نومه وألتقاط صورة له، الوقوع بزوجته فى فخ كهذا هو شخص قريب منهما، فتح باب الغرفة وخرج الطبيب بوجه عابس، نظر "جمال" إليه بقلق وفى عقله جملة "جين" أن نسبة المخدر التى أخذتها "مريم" قد تقتلها فقال بتلعثم:-
-مريم جرالها حاجة؟
-للأسف إحنا لاقينا مادة سامة فى دم مدام مريم وفى تحليل الدم أتضح أنها كانت حامل فى 3 أسابيع والجنين نزل وحصل لها نزيف بسبب المادة دى
قالها الطبيب بهدوء شديد ليغمض "جمال" عينيه بغضب تملكه وصدمة قاتلة من موت طفله الذي لم يعرف بوجوده حتى لكن مُمتن لهذا الطفل الذي أخذ الموت عن والدته، لولا وجوده لكانت "مريم" هى المتوفية الآن، دلف "جمال" إلى الغرفة وكانت "مريم" بفراشها تبكي بحسرة مما حدث إليها وخصيصًا بعد أن علمت بحملها وقتل طفلها بسبب هذا المجرم...
جلس "جمال" بهدوء جوارها ومسح على رأسها بلطف ثم قال:-
-مريم
نظرت إليه بأنكسار وحسرة تملكتها وكأن قلبها كُتب عليه الألم فقط وحياتها الآن ليست سوى منبع للجحيم والوجع:-
-مين يا جمال؟ مين بيكرهني بالحجم دا عشان يقتلي أيلا ويقتلي أبني ويلوث شرفي، مين عنده كل الغل دا مني
أبعد يده عنها بهدوء ثم حدق بها بوجه جاد غاضبًا وعابسًا ثم سألها بنبرة مُخيفة:-
-خونتي ليه يا مريم؟
أتسعت عيني "مريم" على مصراعيها بصدمة ألجمتها لم تصدق ما تسمع وأنه يتهممها بالخيانة، تحدث بقسوة قائلًا:-
-كان لازم تحسبي حساب اللحظة دى وقت لما فكرتي تخونني، أنا جمال المصري مبتخانش يا مريم وخيانتك ليه هتدفعي ثمنها غالية أوى يا مريم
غادر الغرفة غاضبًا بينما جهشت "مريم" باكية بحسرة وألم لا تستوعب كلماته وعن أى خيانة يتحدث فهل صدق ما رأته عينيه عن ما يشعر به قلبه، وكان "عاشور" بأنتظاره ليقول بحدة صارمة:-
-خليهم يجهزوا عربية لمريم، إحنا هنرجع القاهرة حالًا ومن اللحظة دى مريم ممنوع تشوف مكة بعينيها حتى لو من بعيد مفهوم
حدق "عاشور" به بصدمة ألجمته فرغم حديث الطبيب ووجود دليل قاطع أن أحدهم أوقع بها صدق أنها خائنة والآن قرر أن يحرمها من ابنتها مع خسارتها لطفلها الأخر.
(قصـــر جمــــــال المصـــري)
وقفت "حنان" تستقبلهما لتُصدم عندما رأت "مريم" تترجل من سيارة غير سيارة "جمال" ونانسي" تساعدها على المشي و"فريدة" ترجلت من سيارة "جمال" وتحمل "مكة" بين ذراعيها، أتجه "جمال" إلى غرفة المكتب وصعدت "مريم" بوجه عابس إلى غرفتها، لحقت "حنان" بها لكن منعتها "نانسي" من الدخول قبل أن تخبرها بما حدث، فى بداية الأمر أعتقدت أن "مريم" ساءت حالتها بسبب موت "أيلا" لكن بعد سماع القصة صُدمت وكأنها تسمع لقصة خرافية، هى أكثر شخص شهد على عشق "مريم" إليه فكيف لها بأن تخونه.
تحدث "شريف" بقسوة معه غاضبًا ولم يبالي لكون "جمال" رئيسه وقال:-
-يعنى أيه؟ رغم أن الدكتور أكد لك أنها أتخدرت أتهمتها بالخيانة، بلا الدكتور مريم خليته يكدب عليك لكن جين، أنت بحياتك كلها موثقتش فى حد قد ثقتك فى جين وهو أكد لك دا أزاى كدة، مريم!! مريم يا جمال معقول عقلك مستوعب وقابل بدا
ألتف "جمال" صارخًا بجنون يفتك بعقله ولأول يخرج عن هدوءه من الوجع الذي يحتله بالداخل من فراقها وتمزق قلبه لأشلاء:-
-لا مستحيل أصدق ولا أستوعب أن مريم تعملها، حتى لو شوفتها بعيني هكذب عيني وهصدق مريم، لو ما كنت بثق فيها ولا فى حبي لها مكنتش أديتهالها جين يا شريف ولا خليتها مراتي وأم بنتي ولا كنت فتحت قلبي ليها، لكن أنا فاض بيا، أنا فى حد وس*خ بيلعب معايا وحد جبان مش قادر يواجهني فبيضرب فى مريم، والأستفادة الوحيدة اللى هو عايزها من كل دا هو أنه يفرقني عن مريم وأنا عملت اللى هو عايزه بس عشان أمسكه وأخليه يطلع من جحره اللى مستخبيه فيه، أقسم بالله بس أمسكه لأقطع رأسه على وجع مريم اللى سببه لها ودموعها اللى نزلته بسببه، مين ما كان ورب الكعبة لأفصل رأسه عن جسمه لأجل مريم .. ولحد ما أوصل له لازم مريم تتحمل الفراق.