قصة انصهار قلب البارت الثامن والعشرون28 بقلم فاطمة سلطان


قصة انصهار قلب
البارت الثامن والعشرون28
بقلم فاطمة سلطان


 
في بيت عائلة خالد 
كانت تجلس والدة خالد تبكي بحرقه فلم تجف دموعها منذ العثور علي جثة خالد تبكي بحرقه فحرق قلبها منذ ان تركهم من دون خبر لشهور ومن ثم جاء الخبر وهو اسوء ما قد تتحمله الأم هو فقدان ابنها حتي وإن كان شيطان
أردف عماد  ( شقيق خالد ) قائلا
- انا جهزت شنطتكم علشان تيجوا تقعدوا معايا خلاص الصيدلية اتقفلت وقعداكم هنا اللي رايح واللي جاي بيقول كلمة ويسأل حصل ازاي ومحصلش ازاي وكان فين ولا حد حاسس، فملوش لزوم قعداكم
بكت والدة خالد اكثر ولم تتحدث فما يوجعها فقدان ابنها ولتقول الناس ما تريده ما يهمها فقدان عزيزها، فأردف والد خالد ( محمد ) قائلاً بحزن ودموع صامته لا تتوقف
- انا مش همشي واسيب بيتي بعد العمر ده كله خلاص
عماد بتأفف وانزعاج
- يا بابا الكلام ده مش وقته بقا تحكيم الرأي ولا له لزوم  
أردف محمد قائلا
- افرض رجعت مراتك، ساعتها هنرجع بيتنا تاني علشان منضايقكوش  يبقي ملوش لزوم من الاول
عماد تحدث في نبرة غاضبة حينما لامس والده جرحه فتذكر محاولة أخيه للصلح بينه وبين طليقته والتي افسد فيها صورته بل اكثر الإشعاعات عليه وحاول ان يتودد لها بل زادت الأقاويل انها استجابت له مما جعل عماد يدخل في مشاجرة بينه وبين شقيق زوجته وبينه وبين أخيه حتي انه لشهور طويله لم يأتي الي هنا   
- مش هرجعها لغايت ما اموت وبلاش نفتح في القديم ونجيب سيرة اللي مات 
ثم توجه ناحية الباب فأردفت والدته بين دموعها قائلة 
- لسه بدري عقبال ما اختك وجوزها يجوا
أردف عماد بنبرة حاول جعلها هادئة بقدر الإمكان
- هستناهم في المطار وفكروا هتعملوا ايه وقولوا ليا وانسب حل انكم تمشوا
خرج عماد من البيت صافعاً الباب خلفه، فاردفت والدته بغضب وهي توجه حديثها الي محمد
- لازم تجيب سيره مراته صح انتَ عارف انه مش هيرجعها مهما حصل عايز توصل لايه تخليه يحصل خالد
أردف محمد بنبرة خافتة تحمل الكثير من الغضب والانزعاج من نفسه
- مكنش قصدي
-  يا شيخ حسبنا الله ونعم الوكيل فيك
- بتحسبني فيا ؟
أردفت بغضب شديد وقلبٍ مفتور
- اه هحسبن فيك وذنب موت خالد في رقبتك انتَ
نهض من مكانه قائلاً بغضب فهي تجعله يشعر بالذنب وتحمله مالا يستطيع تحمله
- انتِ اتجننتي وله ايه موت خالد ايه اللي في رقبتي
- انتَ اللي خليته يعمل كل ده انتَ اللي دايما تقارنه بفلان  وبمصطفي وتقارنه بعماد وباي حد من صحابه 
- كنت عايزه يعتمد علي نفسه
أردفت بصراخ وبكاء شديد ونبرة غاضبة منه
- خليته يكره اللي حواليه حسبنا الله ونعم الوكيل مش مسحماك انتَ السبب انه يتخطف مني انتَ اللي دايما محسسه انه قليل مهما عمل، كأنه مش ابنك ياما كلمتك وانتَ مش حاسس، حسبنا الله ونعم الوكيل هحسبن فيك من هنا لغايت ما اموت
____________________________
دخلت زينة شقتها بمفردها، ووضعت الحقيبة في اول مكان قابلها لتجده يجلس علي الأريكة ويضع قدماً فوق قدم عاقداً ساعديه
قالتها بدهشه شديدة لا تصدق ابدا ما تراه
- مصطفي  !!
نهض ليقف أمامها قائلا وهو يفرض ذراعيه
- ايوه يعني مهما روحتي وبعدتي هسيبك ؟؟ لو روحتي اخر الدنيا هجيبك، وبعدين حتي لو بعدتي مش هتقدري توقفي قلبك عن حبي او تخرجيني منه قولنا كلمة السر مهما حصل زينة لمصطفي ومصطفي لزينة مفيش حاجة هتغير الحقيقة دي
لتذهب له وتحتضنه وتدفن رأسها في عنقه ليعانقها بشدة ..
___
تململت في أحضانه وكانت تضع رأسها علي صدره وكأن احلامها قد اختلطت بالواقع قليلاً اليوم 
فلم تذهب ولم تتحرك من مكانها مازالت نائمة علي فراشها منذ ليلة امس، أنفاسها  منتظمة ومُغلقه العينين يتصبب جسدها عرقاً من تلك الادوية التي تأخذها ويشعر بدفء جسدها ليس من العشق بل من المرض هذه المرة
تأمل هيئتها الشاحبة والمبعثرة تماماً وكثرة الهالات السوداء اسفل عينيها، يشعر بجسدها النحيل الذي ضعف أكثر مما سبق فكيف لم يشعر بها امس وهو يحدثها هل كان الغضب يعميه لتلك الدرجة
استند بذقنه علي رأسها فمنذ نصف ساعة تقريبا يأخذها في أحضانه استغرب من سكونها وعدم استيقاظها فما يعرفه عنها ان نومها خفيف، تفيق عند شعورها باي حركة بجانبها فهي عكسه، لم يكن حاله افضل منها في الشحوب والإرهاق فلم ينم منذ ليلة أمس بعد ان تركه رجب بعد أذان الفجر ..
فتحت زينة عينيها ببطيء لترمش بعينيها عدة مرات وتغلقها مرة أخري ولكن مهلاً .. وتلك الرائحة تعرفها جيداً وذلك الجسد الذي يحتجزها بقبضته وتضع رأسها علي صدره تعرفه، لم تعد تعلم هل مازالت في حلمها ام علي ارض الواقع توجهت ببصرها علي حوض الاسماك لتعلم انها ليست في بيتها تخشي ان ترفعه بصرها او ان تبتعد عنه او انها خيالات قد كونها عقلها الباطن
- صباح الخير
قالها مصطفي حينما أحس بحركتها وبأنفاسها، صبغها بنبرة حانية وشدد من قبضته عليها ليشعرها بأنها هنا لم تؤثر عليها ارتفاع درجة حرارتها الي تلك الدرجة او لم يصيبها  الجنون بعد، أردفت زينة قائلة بخفوت وصوت به بقايا نومٍ
- اتجننت صح !! هتطلع مخدة بهلوس !
ابتسم ابتسامة هادئة، وأردف هامساً
- لا حقيقه يا زينة
أردفت قائلة بحسرة من ألا تجده
- لو بعدت راسي هلاقيك ؟
قالها بنبرة حاول جعلها مرحة رغم انها تعبر عن الحزن الذي يكنه بداخله
-   مش هلحق اجري
ابتعد برأسه الذي يستند بها علي رأسها، لترفع بصرها قليلاً له وتنظر في عينيه الحزينة ، مازال محاوط خصرها لترفع يديها وتحركها علي أحدي وجنتيه وتمررها علي ملامحه وتتأكد من انه أمامها وأنها في أحضانه لعل ما مضي كان كابوساً مزعجاً وافاقت لتحل محله الأحلام الوردية بين أحضان حبيبها قالتها بنبرة تائهة أمام عينيه
- انتَ بتعمل ايه هنا
- مش انتِ هنا ؟؟ يبقي لازم اكون هنا، هو انا يعني هعمل ايه في مكان انتِ مش فيه
حاوطت عنقه قائلة ببلاهة فمازالت لا تصدق فحديثه ليلة أمس لم يكن يبشر بأي خير، كانت تتحدث بكلمات طفله صغيرة خائفة من أن يتركها والدها وسط الزحام وتفقد امانها، فكلما تصل الي الحل تجد ان العقدة لم تتفكك بعد
- انا مبحلمش صح  قولي اني مبحلمش واني مش نايمة
قبل رأسها بحنان يحتاجه قبلها
- قولنا مبتحلميش بقا هنخش علي شغل الجنان  انتِ في حضني   
أردفت قائلة وهي تحاوط عنقه بتملك ينافر تماماً ما تتفوه به
- نفسي اقتلك وارتاح منك 
- بقالك سنة بتقولي نفس الشيء زهقت بالنيابة عنك، بعدين دكتور ايه اللي جابوه ده وتعبانة
أردفت قائلة بحنق ومازالت تحتضنه وكأنه طير إن لم تتمسك به لن تجده
- قالوا ليك ؟؟  والله انا غلطانة اني بثق فيهم 
أردف قائلا بتفكير
- رجب هو اللي قالي بس وبعدين مش عيزاني أعرف ليه
لم تكن تنظر له وتحاوط عنقه  قائلة بغباء
- علشان متفتكرش اني تعبانه بسببك  او هموت من غيرك يعني
- انا قولت كده برضو اومال انتِ تعبانه ليه ؟؟
قالها بمرح لتجيب عليه بحنق
- علشان مهزقة وكدابة انتَ اللي واجعني
قبل رأسها قائلا بانزعاج لا يعلم هل ينزعج من نفسه ام من كان السبب في كل ذلك
- آسف، وبعدين  انا قولتلهم مفيش داعي تحيبوا دكتور، انا عارف هي اخرها حضن هتقوم في ثواني تهد البيت وتخلع في حنفيات الشقة  وهتأخد power متين انا عارف الاشكال دي كويس
لتضحك معه وهي تنظر في عينيه  ليختلط الضحك بالبكاء لتبكي وتكتم شهقاتها في صدره لتشعره بما تحمله بداخلها من حزن ووجع لا يقل عنه حاول منع دموعه من السقوط، فلتكن هي الوطن الذي يريد ان يحتضنه وقت الحزن ووقت الفرح فلا يسعه الكون اكثر من حضنها فقبله معبأ بالسواد وبعده صافي
مسح دموعها بأنامله قائلاً
- حضنك هو النجاة  اللي في وسط الهلاك، انتِ النور والأمل  اللي عارف أني  هلاقيه لما اخرج من السواد ده، انتِ الحاجة الحلوة في وسط القرف والزعل والغدر، اسمك اسم علي مسمي انتِ زينة حياة مصطفي   
لتدمع عيونها فليبكيها ويحزنها ويكن سببٍ في ألمه ووجعها ولكنه ماهر في محو تلك الآلام، استكمل حديثه قائلا
- اسيبك تمشي ازاي ؟؟ وانا مين هيقدر يحيي كل اللي مات فيا غيرك ؟؟ عايزة تمشي يا زينة وبتهدديني انك هتمشي لو كل مشكلة هتحصل هتسبيني يبقي بتحبيني ازاي
أردفت قائلة من بين دموعها بضعف
- مش محتاجة اقولك اني بحبك علشان هيبقي بضيع وقت في شرح حاجة شايفها في عيني، بحبك وكنت عيزاك تقولي حتي خليكي جنبي وبكلمة واحدة كنت هستني واداوي جرحك لكن انتَ سكت
أردف قائلاً وهو يمسح دموعها فتؤلمه دموعها أكثر مما يشعر به
- البعد مبقاش اختيار للأسف!
مبقاش ينفع تبعدي عني بمزاجك او غصب عنك وقت انك تختاري طريق غير طريقي كانت فرصة زمان بس دلوقتي ختي مؤبد في قلبي
- مستفز، بياع بتسبني في دقيقة بحس ان روحي بتروح او يمكن بحس اني انا اللي مغفلة 
أردف قائلا ومازالت زينة في أحضانه
-   انا موجوع ومبقتش فاهم حاجة ومش عارف اي حاجة فاقد الثقة في صوابع ايدي، حتي مش عارف المفروض ازعل منك وله لا مبقتش عارف أفكر او افهم حاجة
بس اللي اعرفه لما حسيت انك هتروحي مني معرفتش افضل مش فاهم علي الأقل قلبي حاسس قولتي اني اعمى ووافقتك الرأي كمان، بس قلبي مش اعمى علشان يسيبك تاني
- انا فاشلة .. فاشلة اني ابطل احبك
قبل رأسها مبتسماً بهدوء
- هو انِت كنتي بتحلمي في ايه وبتحسبي في مين هو انا استنتجت انك بتحسبني عليا بصراحة
تحدثت بمراوغة وكأنها فقدت تركيزها بكل شيء سوي انها في أحضانه
- مش هقولك بحلم في ايه بس انا مكنتش بحسبن في الحلم
- كنتي بتعملي ايه ؟؟
- ملكش فيه وابعد عني انا تعبانة وهتتعدي مني
أردف قائلا باستغراب مما تقوله ومما تفعله
- انتِ لسه فاكرة اني هتعدي وبعدين ابعد ايه انتِ اللي قافشة في رقبتي علي فكرة   
لم تبتعد او تفك قبضتها عن عنقه قائلة بإرهاق لمشاعرها ولقلبها المتيم به 
- هتسبني تاني
- مبقاش اختيار، حبك مش من ضمن الاختيارات بقي فرض، عدينا مرحلة التخلي وعدينا مرحلو اننا نتراجع 
أردفت قائلة بغضب مكتوم
- عمري ما اتخليت انتَ دايما اللي  تمشي وتبعد 
- انا مش عارف اقولك غلطتي في ايه او انا غلطت وله الذنب كان علي مين لاني انا نفسي تعبت من التفكير
انا منمتش من امبارح شوية بصلي شوية بفكر شوية بتكلم مع رجب فضلت افكر كتير موصلتش لحل للي حصلي  بس اتخيلت غيابك مقدرتش، مما اكون ضليت وعقلي مبقاش فيا بس قلبي لسه واعي انك الحاجة الحلوة في الحكاية دي كلها
- انتَ مين ؟ والله بكلمك بجد يعني انتَ ايه ؟
أردف مصطفي قائلا بنبرة تتخللها الثقة قليلاً
- مش عارف انا مين توهت بس معرفتش اتوه او اتردد اني عايزك معايا تحيي اللي باقي فيا وعلي العهد القديم ان حياتي معاكي انتِ
أردفت قائلة باستغراب من كل شيء تشعر بها فلديها كمية من المشاعر المتناقضة
- انا مش عارفة ابطل عياط ولا عارفه ابعد عن حضنك وعايزة اضحك مش عارفه .. انا اتجننت
أردفت قائلة بابتسامة عجيبة رغم ان هناك دموع تغلبت عليها وتنهمر
- مصطفي هو ايه اللي رابطتني بيك ؟؟ معتقدش اني بحبك بس ؟؟ انا بحس كل يوم روحي بتتعلق فيك اكتر .. والله بقي صعب تفسير احنا بنمر بايه،  حتي الشر والخير ليا بقوا مربوطين بيك كل الاحوال في قربك بقت خير وكل الأحوال في بعدك شر
- قدرنا واحد، اللي رابطتني بيكي شيء أقوي من الحب واقوي من اي كلام ممكن يتقال، لو حكينا محتاجين سنين طويلة ومش هتكفي، كفايا تبقي عارفة اني قدرك ونصيبك 
ليبعدها عنه وينهض ممسكاً بيديها
- قومي ياله مش هتفضلي نايمة كده الظهر اذن، قومي متكسفنيش انا نفخت نفسي انك هتقومي وحش  اول ما احضنك
لتبتسم ابتسامة من قلبها علي دعابته لتنظر في المرأة وتعدل شعرها قليلاً وتضع فوق بيجامتها الشتوية وشاح ثقيل ليراقبها؛ فأردفت زينة قائلة
- هتوجع قلبي تاني ؟
- لازم تفهمي حاجة وحدة
- افهم ايه
- مفيش مرة قلبك اتوجع لوحدك انا كنت بوجع نفسي قبلك ويمكن قلبك بيتوجع علي قلبي مش منه
- انتَ مفيش فايدة واثق في نفسك عايز تشلني
- مبقتش واثق في نفسي في حاجات في الدنيا مينفعش تتغير زي الليل بعد الصبح و زينة مش لحد تاني غير مصطفي ولا مصطفي كان في يوم لغير زينة
- هو انتَ عرفت اللي فات كله منين يا مصطفي
- بلاش  نتكلم في القديم وله ايه
أردفت قائلة باستغراب فماذا حدث هل تصالحوا حقا
-  عندك حق بس انا ليه حاسة ان اضحك عليا
- فعلا اضحك عليكي مؤبد،  هتخرجي تاكلي عدل
كادت ان تتحدث ليقاطعها قائلا
- والله لو اكلتك انا وقعدت فوقك زي ما عملتي لما كنت تعبان، الناس هتفتكر الموضوع بنية مش حلوة تحرش بقا حاجات ألعن من كده مش بنية الاكل خالص
ثم استكمل حديثه قائلا وهو يعود اللي الموضوع الأساسي
- عارفه اتعلمت ايه من السنين اللي فاتت كلها
- ايه يا مصطفي
- انك ليا مهما اتعقد الوضع، اني متخلهاش واتحمل مسؤولية وان مش سهل اني أكون معاكي تحت سقف واحد تحسي اني بشقي معرفش ليه علشان اكون معاكي مع انك في نفس الوقت معايا شيء غريب
- احضني تاني يا مصطفي يمكن لسه  بحلم وهقوم من نومي اخذ شنطتي وامشي حسسني اني معاك
ليأخذها في أحضانه بشدة ويرفعها قليلا مشدد قبضته علي خصرها لتضع رأسها علي كتفه وتحاوط عنقه فأردف قائلا بهمس
- انا لسه عايش رغم اللي حصلي ومخسرتش حاجة بس حسيت انك يوم ما تمشي انا هكون خسرت كل حاجة انتِ املي ونجاتي، خليني اكون الراجل الوحيد اللي اترجي واحدة تبقي معاه العمر كله وبيقولها ان بعدها يعني الموت
- خليني اكون الست الوحيدة اللي هقولك متتحايلش عليا لاني ليك ومعاك
لينزلها ويحاوط كتفها قائلا
- ممكن تبقي كويسه مش عايز اشوفك بالشكل ده مش عايزك اشوفك ضعيفة
- انا بستقوي بيك، انا بحبك من يوم ما عرفتك لغايت دلوقتي حبي ليك ولا قل ولا اتغير يمكن نضج وزاد، عيزاك تفهم اني والله العظيم عمري ما سمحت لحد يضرك ودايما كنت عيزاك مبسوط
- احييني !!خليني احس بنفسي تاني نفذي كلمتك ان لو اتخلي عني العالم كله انتِ مش من ضمن العالم ده مش تتكلم عن البعد في اول مشكلة تسبيني
- اسيبك ايه ان بكلمة واحدة اترميت في حضنك
ليقبل جبهتها، ثم خرجوا من الغرفة وكانت همس تحمل طفلتها ورحمة تذاكر علي السفرة ونجاح تجلس بجانب همس ومعها شقيقتها
اردفت والدة بشار قائلة
- صباح الخير اخيرا خرجتها من اوضتها
مصطفي أردف قائلا بهدوء وغرور
- عيب عليكم مش قولت هتقوم علطول
همس بخبث " احنا كنا واثقين من ده  "
نجاح أردفت بسعادة لهما " ربنا يهديكوا وتبطلوا نكد علي نفسكم وقهرة بقا، وتعرفوا قيمة الوقت اللي ببضيع في الزعل "
____________________________
بعد مرور شهرين
كانت تجلس زينة في شقة مصطفي ويحتسوا أحدي المشروبات الساخنة، وهو يقص عليها إنجازه اليوم بإنهاء ذلك المعرض الجديد، معرض اخر يحمل اسم والده الحبيب  والافتتاح غدا فكانت تشاركه انجاز جديد في حياته
- الف مبروك لسه ياما الدنيا هتديك صدقي انتَ تستاهل كل خير
ابتسم ابتسامة هادئة بسيطة وغير متكلفة
- كل خير معايا انا لما ببص ليكي بحس اني محظوظ في حاجات كتير
- ربنا يخليك ارجع اقولها تاني لسه هتكون احسن وهنرمي كل اللي فات ورا ضهرنا
- الحمدلله علي كل شيء، لسه هرمي كل شيء ورا ضهري لما تكوني في بيتي
- انا في بيتك فعلا سلامة النظر
أردف مصطفي بنبرة ساخرة
- لسان طويل متحرك مش بني ادمه، قصدي نكون في شقتنا اللي عماله تتوهي من غير سبب 
تمتمت بانزعاج فعلي ما يبدو تمر بفوبيا
- انتَ اللي مصمم اننا نعمل فرح وفي حالات وفاة
- هو انا عارف اننا منحوسين واننا اغرب اتنين في الدنيا بس مش للدرجة دي يا زينة انا مشوفتش واحدة مش عايزة تلبس فستان فرح زيك يعني المفرض العكس طيب
حاولت زينة تغير الموضوع فلا يمكنها تفسير نظريتها
- مصطفي ممكن تخلينا فرحانين بنجاحك ده وبلاش نتكلم في حاجة تانية
- بت علشان هديكي بالجزمة لو في ظرف اسبوعين اشتريتي الفستان وله فصلتي وله هتعملي ايه انا مبحبش الدلع
- انا تديني بالجزمة ده انتَ ما شاء الله عليك بقا   
- اه هديكي بالجزمة بعدين انا حددت ميعاد السيشن وكل حاجة مبقاش بمزاجك بعد ما امتحانات رحمة ما تخلص بأسبوع
- يا سلام طب ممكن أعرف الميعاد يا مصطفي وله مينفعش
- هفكر يا زينة اقولك وله لا ؟  وحتي الفستان متعدلتيش هجيبه علي مزاجي وانا حافظ المقاسات كلها من فوق من تحت كله حافظه الحمدلله
أردفت بحنق وغضب
- قليل الادب
- هو مقاسات الفستان قلة ادب ؟؟ اومال لو دخلت في العميق تكون ايه
- هتلبس ايه بكرا في الافتتاح
- متغيريش الموضوع
أردفت قائلة بنبرة قلقة لم تكن يوماً تريد ان تتحدث بتلك الطريقة عن يوم زفافها ولكنها تعودت ان تشاركه مخاوفها
- انا بصراحة بقيت بتشاؤم احنا بنجيب سيرة الفستان او الفرح والكلام ده يقرب انا  بحس ان الدنيا بتتقلب
- سلكيها وهي هتسلك وبلاش تقولي كده تاني يعني كله قدر، طب انا راضي ذمتك مادونا  اتجوزت  ورجب اتجوز وخلف ورحمة داخله الجامعة انا عارفك من  وهي في ابتدائي اساسا وعندك بشار  شكلة هيخطب واحنا بدل ما نكون معانا تلت عيال احنا متوقفين عند نقطة مبنتحركش منها
أردفت قائلة بمرح
- بصرحة انا مكنتش اعرف ان الموضوع صعب او وصل لكده او اننا رخمنا بالشكل ده
احتضنها قائلة
- شوفتي، يعني احنا ماجلين الخلفة انا حتي مش برضي انام في الشقة تحت رغم انها خلصت بس عايزها فعلا تكون بداية حياة لينا وبفضل نايم في الشقة اللي كلها ذكريات  سوداء لكن كتير انا دخلت في الثلاثينات يا زينة انا محتاج اخلف
- خلاص جسمي قشعر حسيت بكمية معناة عجيبة الدمعة هتفر مني
أردف مصطفي قائلا بخبث
- خلاص صالحيني وسلكي الدنيا يا ماما عايز اعيش مرتاح وحياة طبيعية بقا
- خلاص يا صاصا صعبت عليا بجد هتصرف، بتحبني
- لا بضيع سنين معاكي علشان مش لاقي حاجة اعملها منتظر شهور طويلة علشان البسك فستان صدقة جارية
- بيعجبني فيك تأدية واجبك الديني
- بحبك انتِ لسه عندك شك فيها يا زينة
- لا ما زلت بخاف يا مصطفي خايفة افرح نرجع ...
- خلاص بقا متبقيش كئيبة ان شاء الله مش هيحصل حاجة
قبل وجنتيها قائلا
- مش هنبعد يا زينة
- انا وانا معاك بتكلم مبخافش ابدا الا لما انفرد بنفسي وافكر
- مش عايزك تخافي ابدا مهما حصل احنا علاج بعض وكل حاجة لبعض في المُرة قبل الحلوة
ابتسمت قليلاً فقبل رأسها بحنان ثم عينيها وكل إنش في وجهها ثم أردف قائلاً
- انتِ شعلة الامل اللي في حياتي فاوعي تنطفئ
- حاضر يا مصطفي مش قصدي اكون نكدية انتَ عارف بس انا بخاف من خسارتك اوي
- متخافيش من حاجة يا زينة كله هيبقي كويس
ابتسمت قائلة بعد تنهيدة طويلة
- ان شاء الله يا مصطفي
- اللي صحيح عاملة ايه 
- بقالي ساعة بتكلم لسه فاكر 
- لا دي غرضها مش برئ دي 
- احنا أغرب اتنين ومفيش حاجة مفهومه
- مفيش حاجة مفهومه غير انك نصي التاني اللي بيربطنا أكبر بكتير من حاجات ينفع تتوصف انتِ عمر مش هيتعاد تاني ومفيش حاجة توصف اللي بينا
أردفت قائلة بابتسامة هادئة
- فعلا
هبط برأسه الي عنقها ليقبلها بتمعن وهدوء فقد اشتاق لها فطوال تلك المدة لم ينفرد بها الا قليلاً وكان يحاول ان يستجمع نفسه
- مش هتقولي طيب حجزت وله عملت ايه
- لا مش مهم دلوقتي انتِ جاية تستفسري دلوقتي ده يا ساتر عليكي
- أحلي  حاجة ان كل حاجة ماشية بالعكس عن الطبيعي
- بحبك والباقي يجي صح ؟؟؟  مش قولتي اي حاجة تهون مدام احنا سوا
ابتسمت بهدوء وهي تمرر اصابعها واناملها علي وجهه ووجنتيه
- مفيش حاجة مهانتش طول ما انا معاك وان شاء الله كله هيعدي
- ماشي أكون محترم شوية النهاردة زي الفترة اللي فاتت
- ياريت يا استاذ مصطفي مترجعش في كلامك كمان دقيقة
- عرفتي منين فعلا انا رجعت المغامرة ان الواحد يكون معاكي الكلمة والهمسه واللمسة فيها الحياة وفيها بيتنسي كل الغدر وكل السواد بس بحس اني عايش وانا جنبك
____________________________  
مرت الأيام والليالي والاسابيع
كان الجميع يجلس في شقة نجاح، قبل ليلة الامتحان الاولي لرحمة وكانت رحمة  تبكي تارة اخري تذاكر وتارة تصلي، كان همس ورجب ونجاح يجلسوا وكذلك بشار
أردف بشار قائلا
- بصي بقا يا بنتي انا هديكي خلاصة الامتحانات معاكي العبدلله بشار جايب 94 في المية
تمتم رجب بانزعاج
- كان بيحضر تاريخ كمان
بشار أردف بغرور
- اهو يعني كنت بعمل حاجات كتير بصي هتمسكي الورقة مسكتيها اوعي تتخضي وتشوفي الورقة بيضاء وتنادي علي المراقب وتقوليله مش شايفة وتحولي، ياااه نسيت خطوة مهمه
رحمة  باستغراب " خطوة ايه دي "
بشار اردف قائلا بتفسير
- في عيال تؤتؤ مبيفطروش والكلام ده انتِ تروحي عارفة المطعم اللي في الشارع اللي ورا تاكلي تلاته فول علي واحد طعمية تشربي عصير قصب بصي شبرقي نفسك
زينة تحدثت بمرح وهي تحاوط كتفيها وتحتضنها 
- الاكل يكبس علي مرواحها وتروح تنام في اللجنة
بشار وهو يخبط جبهته
- والله انتم اللي بوظتوا دماغ العيال
همس وهي تحكي خلاصة تجاربها
- انا كنت بأكل شكولاتة وبشرب عصير علي الصبح
بشار " ربنا يخليك لك بنتك انتِ ام ناجحة "
رجب تاركاً تلك الهرائات " بصي يا رحمة اسمعي كلامي "
بشار " تسمع كلامك انتَ ايه بس بصي هتخشي وارد متعرفيش اي سؤال دي مش نهاية الدنيا، بقوا سؤالين متقلقيش وصلوا لتلاته متخافيش اتوقعي كل الاحتمالات اهم حاجة تكوني صامدة اوعي تكوني من البنات  اللي بيغمي عليها  وترجع ووجع بطن بقا  وقرف"
رحمة " انا كده بتوتر اكتر "
زينة حاولت ان تلطف الأجواء
- اهدي يا قلبي انتِ طول السنة تعبتي جامد وعملتي اللي عليكي وربنا مش هيضيع تعبك ابدا
رجب تحدث بنبرة هادئة
- بصي انتِ تقومي  تصلي ركعتين وتهدي نفسك خالص زيه زي اي امتحان وتقومي بعدها تراجعي اللي عايزة تراجعيه من غير توتر،  تكون الساعة جت 12 او 1 تنامي وتصحي علي الساعة خمسه كده تراجعي بعد ما تصلي الصبح لو ملحقتيش الفجر لغايت ما يقرب وقت الامتحان تروحي المدرسة واعرفي ربنا مش هيضيع تعب حد وهيوفقك ويحطك في المكانة اللي تستحقيها وتقدري توصلي لحاجة فيها 
رحمة تحدثت بانزعاج
- ان شاء الله ادعولي
نجاح أردفت بنبرة هادئة
- كلنا بندعيلك يا بنتي ربنا يوفقك يارب ان شاء الله يوفقك انتِ واللي زيك
رجب باستغراب فهمس تحلق بصرها عليه حينما كان يتحدث
  -  بتبصيلي كده ليه
همس " انا فخورة بيك "
رجب " انتِ لسه متعرفة عليا وله ايه "
همس " تقريبا "
رحمة بنبرة هادئة وهي تتوجه الي غرفتها
- عن اذنكم
نجاح بتفهم " ماشي يا بنتي  " 
_____________________________
مرت امتحانات رحمة بهدوء ليتجهز الجميع لحضور الشيء الذي طال انتظاره ..



تعليقات