قصة انصهار قلب البارت السادس6 بقلم فاطمة سلطان


قصة انصهار قلب
البارت السادس6
بقلم فاطمة سلطان


إنْ كَانَ الحُب سَحَرَ فَقَدْ سحرني للأبد  رُبما هُنَاك حَقِيقَةٌ وَاحِدَةٌ يَجِبُ أَنْ أَسْلَمَ بِهَا وَ يَجِبُ أَنْ يُسَلم بِهَا قَلْبِي
أَنَا لستُ لَكَ وَ لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَكُونَ لِغَيْرِك و سابقي طِوَال عُمْرِي أُومِن بِهَذِهِ الْحَقِيقَةِ و لَا شَيْءَ يَسْتَطِيع تَغْيِيرُهَا سَوِيّ مَحو الْمَاضِي وَ هَذا لَا يُمْكِنُ فِعْلُهُ
هُنَاكَ أَشْيَاءَ لَن تَأْتِي مَرَّة أَخِّرِي كَتِلْك السَّنَوَات الْخَمْسَ الَّتِي ضَاعَتْ فِي حُبُّك و تِلْك الْكِسْرَةِ الَّتِي كَسَرْتهَا لِي
اِبْتَسَم و لاَ تُقْلِقْ لَقَدْ فَعَلْتَ أَكْثَرَ شَيْءٍ قَدْ يُضرني لَيْسَ هُنَاكَ شَيْءٌ تَسْتَطِع فَعَلَه يؤلمني فِي المُستقبل فَقَطْ مَا يؤلمني هُوَ مَعْرِفَةُ الْمَاضِي .
____________________________________

مصطفي بنبرة يتخللها بحور من الألم و وجع القلب
" خلاص يعني اللي ما بينا ورق "
زينة بغضب " ايوة و متخلنيش انفجر فيك انا زمان كنت مستعدة ابيع الدنيا كلها بكلمة قالها مصطفي و مستعدة بكلمة واحده اغير حياتي بس مصطفي اللي كنت بعمل علشانه كده مش موجود انتَ واحد باعني في لحظة قالي انا مش موجود و كل شئ نصيب
انتَ واحد تاني معرفش عنه حاجة غير انه يبيع زينة في دقيقة لو مش موافق علي كلامي انا هلم حاجتي و همشي "
مصطفي تنهد بقلة حيلة فما الذي يجب ان يقوله لها و كأنها قالت شيء غير الحقيقية فكيف للجاني ان يدافع عن نفسه ؟؟ تحديداً بسبب ما يمروا به و أيضاً يُعتبر اولي احداثيهم و كأن لغة التواصل أصبحت صعبة بينهم و رُبما هو ليس جاهز ان يواجه الحديث الذي ستتفوه به يوماً، فهو متأكد انه سيأتي يوم للعتاب القوي الذي لم يأتي وقته حتي الآن
- زي ما انتِ عاوزه يا زينة ليكي حق متثقيش فيا و مش هقدر حتي اناقشك في الموضوع ده و لا حتي هقدر اقولك ثقي فيا، بس لو عايزاني امضيلك بدل الورقة ألف انا متأكد انك عمرك ما هتعملي حاجة تأذيني حتي لو انا عملت كده
لا يدري أنه اغضبها بهذا الحديث و كأنه يخبرها انها لا تستطيع فعل شيء معه فمازال يستخف بها لا تري أنه يؤكد علي اصالتها إطلاقاً
- بلاش الثقة دي اوي انا مش زينة اللي كُنت تعرفها
كان يريد أن يجب عليها بالشيء الذي يقوله قلبه و هي أنها حتي و ان تغيرت سلوكياتها، نبرتها، حتي إن تفوه اللسان بما قد يقلل من غضبها لكي تشعر بأنها فعلت شيء يريح نفسها المتذمرة و الغاضبة ستظل هي زينة التي أحبها و التي يعلم انها لن تطمع في شيء و لن تضره مهما فعل من سوء و لكنه لم يكن يريد ان يثير غضبها فاكتفي بالصمت
و ما هي إلا دقائق حتي خرجت نجاح من الغرفة، فهي تريد  معرفة قرارهم و اخبرها مصطفي بأن زينة موافقة ولكنه لم يخبرها شرطها الأساسي و لم تقل زينة عنه .
__________________________________

في الأعلى تحديداً في شقة رجب و همس كان رجب قد الي النادي  ليقابل اصدقائه فهو يقضي معظم الوقت في الإسماعيلية تبع المكان الذي يخدم به، و نادراً ما قد يري اصدقائه فالمدة الذي ينزل بها يقضيها اغلبها في المنزل او يذهب لزيارة أقارب زوجته و ان كانت هناك مواضيع تستدعي الخروج من أجلها، كانت همس خائفة من أن يعلم رجب ما فعلته و لكنه  حينما اتي امس خلدَ الي النوم و لم يتحدث و في الصباح ذهب الي النادي .
فتح الباب بالمفتاح فجاءت همس من المطبخ حينما سمعت صوت الباب فهي علمت أنه اتي فجاءت لاستقباله
- اهلا اهلا يا زوجي العزيز
- اهلا بيكي
- اوعي تكون كلت برا يا رجب ده انا مستنياك
- لا مكلتش ياستي
ابتسمت ابتسامة خلفها الكثير من المكر و التصرفات الجنونية و كان هو يخلع حذائه
- طب كويس تحب تأكل ايه يا قلبي
تحدث بلا مبالاة و هو يتخطاها و في طريقة الي الغرفة
- أي حاجة
دخل الي الغرفة حتي يغير ملابس فذهبت خلفه و هي تتحدث في نبره متسائلة
- لا يا قلبي لازم تختار تأكل ورق عنب و فراخ ؟؟  وله ورق عنب و فراخ ؟؟
و كان علي وشك الاجابة المعروفة لدي أغلب المصريين انه لا يفرق معه و لكن فجأة تذكر ما تفوهت به
- انتِ قولتي اكل ايه وله ايه علشان حاسس اني سمعت غلط
تحدثت بكل تلقائية و براءة و هي تعيد له الاختيارات  " سالتك هتاكل ورق عنب وله ورق عنب "
تحدث بسخرية عاقداً ساعديه
- اه فين الاختلاف طيب يمكن انا مبفهمش هختار انا ايه كده يا اذكي إخواتك
همس بهدوء و ابتسامة واسعه و مشاغبة
- مفيش اختلاف كده كده الاكل علي النار يعني هناكلوا انا حبيت بس افرفش معاك يا حبيبي و اخد رايك
تحدث و هو لا بعلم هل يجب ان يشكر امه اولا علي هذا الإختيار الرائع ام يهنئ نفسه لأنه وافق علي هذا الاختيار
- عارفه يا همس ايه اللي مصبرني عليكي   
اجابت بثقه و وقفت بغرور و راعت رأسها و فكه ربطة شعرها الناعم و لكن يتخلله بعض الموجات و يصل الي منتصف ظهرها
- بتحبني اكيد و يمكن لجمالي  هي دي محتاجه كلام يا بيبي 
رجب بابتسامة عَلِيّ ثقتها الزَّائدة و دلالها الأنثوي الَّذِي لَا يَلِيقُ مَع جِلْبَابهَا ولكنها تشعره بِأَنَّ عارضه ازياء تقف أمامه  ، رُبما أَكْثَرَ مَا يُقَوّي علاقتهما سهولة الحديث و عَدَم تكبير الْأُمُور ، رُبما تَظْهَر هَمَس فَتَاة مَجْنُونَة مرحه الْكَثِيرِ مِنْ الصِّفَاتِ ولكن أَجْمَل مَيَّزَه فِيهَا وَجْهِهَا البَشوش و حَدِيثِهَا الَّذِي لَا يجعل زوجها  يُكْرَهُ الْجُلُوسُ في المنزل
- اكيد بس يعني دماغك الطايره دي بتعجبني و مخلياني صابر اكتر
همس جلست علي طرف الفراش عاقده ساعديها
- والله انا مش عارفة اجيبهالك  ازاي انا مش فاهمة انتَ كده بتمدحني وله لا بس خير ان شاء الله هحاول احسن فيك الظن
ثم حاولت ان تتحدث بنبرة مختلفة و كأن قد رحل ذلك المرح
- شوفت دكتور بقا وله انتَ مش مهتم و يمكن تكون مش عايز تخلف مني الله اعلم انت بتفكر في ايه
رجب جلس بجانبها " همس بطلي هبل  "
همس رجعت لها تلك النبرة التي رُبما لن تتغير
" هتلاقيك طمعان في ورثي و هتقتلني "
رجب و كأنه علم عاداتها ليجلس بجانبها
" انا مش  هتعصب و لا هضايق و لا هشتمك  ورث ايه اللي طمعان فيه " 
- ابدا انا قريت قصة بتحكي عن كده فقولت ان الرجالة كلها اسبابها واحده مش محتاجة فقاقه يا دُفعة و بعدين انا معنديش ورث اصلا
رجب " ربنا يصبرني عليكي و يهديكي انا خايف نخلف بسبب هبلك ده "
همس نظرت اه و فتحت عينيها و كأنها تنادي علي شخصاً ما و لكن ربما لم يكن صوتها مرتفع
" يا طنط نجااااح يا طنط نجاح ابنك مش عايز يخلف مني و اعترف اهو شوف قفشتك ازاي "
رجب " يا بني اتهدي و بطلي جنان انتِ مبتاخديش في أيدي غلوه "
همس " ليه شايفني شوربة "
رجب تحدث ببرود و منع نفسه من الابتسام
" مبضحكش "
همس " لا بضحك جدا انتَ بس مش واخد بالك "
رجب " شوفي انتِ دكتور يا همس او دكتورة يكونوا كويسين و نروح "
همس " بس انا مش عايزه اروح "
رجب " ياستي اقوم انتحر و اريحك مني انت مش عاجبك حاجه مش انتِ اللي مقترحه أساسا و قولتي نروح "
لا تعلم همس لما هي تشعر بالقلق من أن لدي احدهما عيب، لا تعلم لما يراودها أحيانا الكثير من الأفكار السيئة و لا تريد ان تذهب الان، فأردفت قائله و الدموع تتحجر في عينيها في ثواني و كأن المرح قد اختفي و ظهرت همس أخري
- لا امي و امك اللي اقترحوا و انا سمعت  كلامهم بس انا مش عايزه اروح دلوقتي احنا مش بقالنا  كتير متجوزين
رجب مسح دموعها و اخذها في أحضانه
- متخلنيش الطشك قلم عشان تبطلي عياط، بتعيطي ليه يا هبله أساسا انا عايز اروح علشانك والله انا الموضوع مش في بالي و سايبها لربنا
احتضنها، قَبْل رَأْسِهَا و مَرَّر يَدَيْهِ فِي خصلاتها بِالتَّأْكِيد يُرِيدُ أَنْ يَكُنْ أَبٌ و لَكِنَّهُ لَا يُرِيدُهَا أَنْ تَذْهَبَ مُجْبَرَة و كَانَ يَظُنُّ أَنَّهَا هِيَ مِنْ تُرِيدُ ذَلِكَ وَ لَكِن لما كُلُّ ذَلِكَ الذُّعْر فهو يَعْلَمُ أَنَّهَا تَخَافُ و تَخَاف كَثِيرًا مِنْ يُفَرِّقُهُمَا الْقَدْر يوماً تَخَافُ إنْ يُخبرها الطبيب أَنْ هُنَاكَ عَيْبٍ بِهَا رَبَّما هِي طِفْلِة عنيدة و بِهَا طُبِع الْجُبْن و الْخَوْف ، اردفت قائله و هي مازالت في أحضانه
- ممكن نتكلم في الموضوع ده وقت تاني احنا ان شاء الله هنروح بس مش هيجري حاجه لو شهرين تاني وله حاجه يمكن ..
حاول رجب أَنْ يُغَيِّرَ الْمَوْضُوعِ أَوْ يُنْهِيه
- ماشي نتكلم بعدين،  قوليلي نزلتي عن ماما النهاردة
همس مازالت في أحضانه " لا منزلتش و بعدين هو صحيح  انتَ امبارح لما روحت مع مصطفي و هو بيخيط ايده مقالكش عرف منين ان ايتن اللي عملت كده "
رجب باستغراب  " مقالش بس اكيد من عوض او الناس  اللي راحوا عنده  "
همس  بتوتر و لحسن الحظ بسبب انها في احضانه لو ينظر لعينيها و يجعلها ترتبك  " بس "
رجب " بس ايه "
همس بعدت عن صدره التي كانت تتكأ عليه
" اقصد يعني جته نيله عوض ده السبب في ضرب وليه دي اطحنت ملهاش صوت يا قلب امها كله حسبي الله في أي حد السبب في دموع حواء و اهانتها "
رجب بسخرية  " دموع حواء ؟؟ بقي بذمتك و دينك انتِ زعلانه عليها ده انتِ مش بطقيها "
همس " مسمحلكش يا رجب تشُك فيا طب وحياتها عندي انا زعلت انها اضربت في الاول و الأخر احنا ستات زي بعض يمكن انا اخف و اطعم و اجمل بس ده ميمنعش ان اخوك كان لازم  يتقل ايده اكتر "
رجب بلا مبالاة  " ربنا يهدي الحال بس عموما مصطفي عمره ما فكر يمد ايده علي واحده الا لو جاب اخره،  بس لما حد يطلع اسرار البيوت برا يستاهل الدبح دي مش بس طلعت اسرار لا دي الفت حكايات مصطفي عمره ما كان عصبي انا مش عارف ايه اللي حصل و وصله لكده "
كانت هي يُعتبر في احضانه،  ليستغل الوضع فنادراَ ما هذه الماكرة تسكن و تتحدث بهدوء، فحتي يستطع ان يقترب منها تتحدث قبلها بالكثير من الاحاديث و المراوغة التي بالرغم انها احيانا تجعله يُجَنّ مِن الشَّوْق بالانفراد بها ولكنه لا ينكر انها فعل لونت حياته ببهجتها و احاديثها الذي لا تجعله يشعر بالملل
فرُبما لم يعيش معها قصة حب قبل الزفاف و كأنت خطوبه خمسه اشهر، بعدما اجبرته والدته ان يذهب معها الي جلسة التعارف متعللة انه يراوغها و لن يتزوج او يدخل علي قلبها السرور، خمسة شهور  لم تكن كافية للاقتراب منها او التعرف عليها و لكنه يشعر انها روحه حتي و ان لم يستطع ان يعبر عن حبه أحيانا
- طيب نسيبنا من الكلام ده اللي مفيهوش فايدة  ده و نخلينا في موضوعنا
نظرت في عينيه بينما اقترب هو منها اكثر و سند علي جبتها فأردفت قائله ببراءة عجيبة تستطيع تتصنعها حينما تشاء و احيانا تستطيع ان تشعره بدلالها الانثوي العجيب، آهِ مِنْ جِنْسِ حَوَّاء
- موضوع ايه مش احنا قولنا نستني شوية و لو محصلش حاجه نكون الفترة دي بندور علي دكتور شاطر و نعمل التحاليل
رجب "  مش ده موضوعنا، ركزي شوية ابوس ايد اهلك "
- و لا رجلي يا رجب و لا كتفي، قولتلي بقا  رجعنا لنفس الافكار القذرة اللي بشوفها بتجري كده في عينك
- علي اساس انك بنت اختي مثلا مهي لازم تبقي كده
- انا كل مادا بتصدم فيك اكتر من الاول يا رجب و بعدين اتغزل فيا و في جمالي و في دلالي عارفه ان شعري منكوش بس ميضرش ممكن يكون ريحتي ورق عنب بس انا حلوه قولي بحبك مثلا
- يعني بلاش الافكار القذرة و اتغزل فيكي عادي ؟  و بعدين فصلتيني ورق عنب ايه دلوقتي
- لا ابدا متتفصلش يا قلبي خلاص بص مش لازم غزل صريح عارف انتَ الغزل العفيف اللي بيذكر الحاجات المعنوية كده للمرآه و مفيهوش حُرمانيه
ليقهقه  رجب ضاحكاً حتي ادمعت عيناه، ثم أردف قائلاً
" مفيهوش حرمانيه ؟؟ يعني انا لو اتغزلت في مراتي و قولت الصريح و الغزل البجح الوقح اي مسمي قذر علي رأيك  فيه حُرمانيه ياللي في اسلاك ضاربة في مخ امك ده "
تحدثت بدلال
- بس متنكرش اني علي قلبك زي العسل اسكوزمي بقا علي راي فوفا
لمعت عيناه ببريقها و بتلك النظرة التي تعرفها جيدا ان لا شي سيبعده عنها دون أن يتمتع قليلاً بتلك المزاجية " خلاص ادوق العسل بنفسي لازم أتأكد  "
و ما ان اقترب من شفتيها و تاهت في  بُحور عينيه و حتي انها شعرت بأنفاسه و كاد يتلقط شفتيها في عناق من نوعٍ خاص،  اردفت بخفوت " شاط "
ليبتعد عنها بصدمة كأنها فصلته عن كل تلك المشاعر و الوصال الحميمي الذي كاد ان يبدأ 
- هو ايه اللي شاط
لتبتعد عنه و تركض و هي تقول " الورق عنب شاط يا رجب "
رجب و هو يصيح بعنف  " الله يخربيت ام المحشي علي ام الورق عنب انا اساسا مش عارف امي اختارتك علي ايه ده وقت محشي "
و شم تلك الرائحة التي كانت مشاعره فاصله حاسة الشم تقريبا اخذ باله الآن يريد "  ده شاط كلمة قليله علي الريحة دي "
ليذهب خلفها المطبخ و بالفعل قد احترق الورق عنب
 _______________________________
 
بعد مرور اسبوع في الصباح الذي ربما تهدأ به نفوس الحاقدين و يذهبوا الي عملهم، و من الممكن ان ينشغل العُشاق في حياتهم و ينسوا تلك الجروح و الأشواق
تسللت أشعة الشمس غرفة زينة و رحمة التي كانت في قديم الزمان لمصطفي و رجب و هي الغرفة الوحيدة المطلة علي الشارع فتمتلك نافذة كبيرة، و بعدما ذهبت رحمة الي امتحانها و بالطبع ذهبت معها زينة حتي وصلتها الي المدرسة
و رجعت الي المنزل حتي حينما يقترب موعد انتهاء الإمتحان تذهب لها؛ دخلت نجاح الغرفة بعدما دقت الباب و سمحت لها زينة بالدخول  دخلت و جلست بجانبها علي الفراش و كانت نجاح تحمل صندوق صغير 
نجاح بنبرة هادئة يمكنها ان تشعرك بالحنان و الأمومه بها
- انا عارفه ان مفيش واحده في ظروفك تبقي سعيدة  في كتب كتابها بالشكل ده و الوقت ده و مع واحد زي مصطفي حتي لو هو ابني انا عارفة انه غلط في حقك كتير بس لازم العروسة تاخد شبكتها
وضعت الصندوق أمام زينه
نجاح أردفت برفقٍ و حُب  " افتحيها و شوفيها  "
زينة باحراج و عدم رضا  " ارجوكِ انا مش .... "
قاطعتها نجاح قائلة  " افتحيها يا زينة و متتعبنيش "
فتحتها زينة لم يكن صعب عليها  ان تُميز تلك الدبله .... والخ،  تقريبا شبكتها القديمة كاملة لم يُكن ينقصها شيءٍ
زينة بصدمة شديدة " دول "
نظرت لها بعلامات مستفهمة فهي تظن انهم تخلصوا منها بالطبع فلما يحتفظوا بها من الأساس هذا آخر ما تتوقعه
نجاح فهمت نظرتها و لكنها جاهلة بالأمر مثلها و استغربت حينما أعطاها مصطفي في الصباح هذا الصندوق
-  انا اتفاجئت زيك مصطفي ادهاني هي حقك من الاول مكنش ينفع يسيبك و تبعتيها  و تقريبا هي كانت معاه و لو سالتي اي سؤال انا معنديش إجابة لاني افتكرت انه باعها زي ما قالي زمان
زينة برفض تام  " انا مش هلبس دبله و لا هلبس شبكه"
نجاح " براحتك يا بنتي حتي لو مش هتلبسيهم خليهم معاكي "
___________________________________

بعد مرور شهر
و تم عقد قران مصطفي و زينة التي برغم انهم  خططوا لهذا اليوم كثيرا في الماضي الا انهما لم يشعروا سوي بالمزيد من التعقد تم الاشهار بين الناس و مازالت تبحث عن عمل لم تجد اي شي يناسبها 
و مازالت ايتن ممنوعة  من الخروج، و لكن زينة لم تفرح قط، رغم انه فعل ما تريده لكنها لم تشعر بأي شيء و كأنها فقدت شعورها ايضا بينما مصطفي هذا الشهر يسهر في العمل او علي القهوة مع أصدقائه حتي انه أحيانا كان ينام في المعرض و لا يأتي المنزل
في بيت مادونا التي غضبت منها بشده تحديد انها عقدت قرانها دون ان تأخذ رأيها او تخبرها و قاطعتها لمده شهر فذهبت لها زينة و رحبت بها والدة مادونا و ادخلتها الغرفة بينما مادونا كانت جالسة في شرفة غرفتها
ذهبت زينة و قبلت وجنتيها " ايه يا جرجس هتفضل زعلان مني "
و جلست علي الكرسي المقابل لها، مادونا كانت تنظر في ناحيه أخري
- اسمي مادونا مش جرجس
- لا انتِ مادونا بنت عم جرجس يعني احنا معندناش حريم تتنادي باسمها  هتكسفيني بقا انا جايه لغايت عندك
- و تيجي ليه هو انا مين يعني خليكي مع مصطفي و عيلته ياستي و اكتبي كتب  كتابك و خدي قراراتك من غير ما اعرف ايه المشكلة
- مادونا سامحيني والله اسفه لو كنتي بتكراشي عليا و انا اتجوزت بس انا محبتش اعمل فتنه طائفية عارفه اختلاف الاديان مش هيسمحلنا بالجواز
تحدثت بطريقه جعلت مادونا تبتسم و لكن تمالكت نفسها
- بصي مهما قولتي مش هضحك
- لا كدابه ضحكتي اهو يا بكاشة  شهر بحالة متفكريش تسالي عني و اكلمك مترديش عليا 
- مش هكلمك طول ما انتِ بضري نفسك خليكي كده اقعدي اقهري نفسك اقعدي تحت رحمه الزفت ده 
تنهدت زينة بضيق و انزعاج فيكفي اللوم علي اي قرار تاخذة الا يشعر بها احد
" مادونا ارجوك كفايا انا مش ناقصه "
مادونا اردفت بنبرة معاتبه لها فهي تكره ان تحزن صديقتها و تعلم ان مصطفي سيكون دوماً سبب حزنها
 انا مش هنافقك انا صاحبتك انتِ ازاي وافقتي علي كده تكوني رقم اتنين ازاي وافقتي علي الكلام ده اساسا ايه اللي يضمنلك انه يطلقك وقت ما تحبي و اساسا طايقه الزفت ده ازاي، ده انا نفسي ببقي عايزه ادلق عليه ميه نار و هو معدي من تحت بيتنا او احدف عليه طوب متقوليش علشان كلام الناس، كده كده هيتكلموا برضو لما اتجوزتيه نش بعيد تكوني خرابه بيوت
-  في حاجات انتِ متعرفيهاش يا مادونا لو فعلا بتحبيني متوجعيش قلبي بالكلام ده انا اكتر واحده موجوعه و يولعوا الناس ارحموني.. ارحموني متبقيش انتِ كمان عليا و توجعيني،  انا اكتر حد عارف هيحصل ايه الفترة الجاية و هفهمك كل حاجه لو فعلا باقيه عليا بلاش تبعدي عني و تسبيني انا مليش غيرك و حتي لو خايفة عليا متوجعنيش انا تعبت
نزلت دموعها و حاولت مسحها، فأردفت مادونا بانزعاج من ان تكن هي سبب حزنها
- مش هسيبك تأذي نفسك انا عارفه كويس انك لسه بتحبيه بس اوعي ترخصي نفسك باسم الحب، انا اسفة يا زينة علشان خاطر رؤوف متعيطيش انا اسفة والله
- صدقيني يا مادونا لو مصطفي لو رَجع الزمن سنتين لورا و مسح كل اللي فات باستيكه يبقي ساعتها اسامحه بس انا مش هرخص نفسي، اسمعيني انا عايزه سمسار كويس بعيد عن اللي انا معاه لان حاسه انه بيطنشني بيجبلي حاجات غير اللي عايزاها  مش عارفه مصطفي هو السبب قاله حاجه وله هو راجل بارد بطبعه عايزه سمسار يجبلي شقه تكون كويسه و معاه تلت شهور عقبال ما الوديعه تتفك لاني حطيت الفلوس كلها في وديعه و بعت جهازي كله و حطيت فلوسة برضو في البنت و فتحت حساب
 - ليييييه بعتي جهازك طيب
- كده ملهوش لزمة انا بعت كل الاجهزة و الحاجات دي و خليت بس اللي هنحتاجة بدل الحاجات اللي باظت في شقتنا
- اقعدي كده اتصرفي من دماغك
ابتسمت زينة بهدوء
- ملوش لزمة يا مادونا و خليكي معايا، في شركه هروحها بعد بكره كول سنتر   اتمني ان يحصل نصيب المشكله اني مليش خبره او اي حاجه و كل حاجه عايزين ليها خبره حتي لو محل ملابس عايزين خبره 
مادونا " ماشي انا هقول لبابا علي حكاية السمسار دي و هشوفلك حاجة جنب الشغل عندي، صحيح انتِ كنتي فين و جايه منين كده "
زينة " كنت بودي رحمة العلاج الطبيعي الدكتور قال خلاص مبقاش ليه لزمة يجي البيت هي تقدر تروح المركز و نسيت إشاعات عملتها تاني المفروض اوريها للدكتور جايه اجبها و راجعه هناك بس كده كده هي بتاخد ساعتين تقريبا فقولت اعدي عليكي "
___________________________________

دخلت زينة من بوابة المنزل و هي وجدت مفتاح الشقة في الباب من الخارج فاخبرتها نجاح علي الهاتف بأنهم ذهبوا الي عائله همس لظرفٍ طارق .
وجدت ايتن تنزل علي الدرج و تحمل طفلها بيد و  باليد الاخري تحمل حقيبه سفر .
كانت زينة علي وشك ان تدخل الشقة و تغلق الباب و تتجاهلها و لكن استوقفها صوتها 
- استني يا زينة انا عايزه اتكلم معاكي 
- مليش كلام معاكي 
- اسمعيني لو سمحت علشان انا عيزاكِ علشان اريح ضميري 
- عايزة ايه يا ايتن انا مليش دعوه  بيكي و لا عايزه اعمل مشاكل معاكي، و استحمليني فتره و هغور من وشك
تحدثت ايتن بنبره خافته و متصنعة الطيبة و متجاهلة  حديث مصطفي بالا تخرج من شقتها
- انا عموما مسافرة عند اختي طنطا و هريحك خالص و لما ارجع هخلي مصطفي يطلقني و يرجعلك كده كده اللي حصل زمان غصب عننا كلنا 
زينة بعدم فهم تلميحاتها
-  افندم ؟؟؟؟  يا ايتن انا مليش دعوه و اطلقي متطلقيش مليش فيه برضو انا هنا ضيفه و ايام و همشي فريحي نفسك خالص مني و فضي دماغك انا مصطفي و لا يهمني و صدقين و لا ليه لزمة عندي و حتي طلاقك منه مش هيفرق فمتعمليش نفسك مضحية
ايتن بخبث و لُؤم و كأنها تعرفها ما حدث و لكن بطريقةٍ أخري
- مصطفي كان بيتسلي معايا و تقريبا قبل فرحكم بتلت شهور و انا كنت حملت في زين و كان لازم يتجوزني لان الموضوع  مش مجرد تسليه زي ما هو فاكر  
هل انقطع النفس؟ ام توقف الزمن او ماذا حدث لا تشعر زينة بشيءٍ هل كان يخونها أيضاً و هي معه الي متي سيظل يؤلمها و يوجعها، لا تسمع سوي ضربات قلبها العنيفة الصارخة بألمٍ و وجع
إجابت ببرود رغم انها تتأكل من الداخل
- انتِ مريضة نفسية يا ايتن والله العظيم مريضة انا مشفقة عليكيو صدقيني اللي بتقوليه ده مش محل فخر و لا هتحرقي بيه دمي لو مصطفي خاين فانتِ شيطان بصراحه المفروض تتكسفي تبصي في مرايتك ده انا هرجع من كلامك انا عايزة اعرف انتِ جايبة البجاحة دي منين يا شيخة ربنا يهديكي
فتحت باب الشقة و اغلقته و توجهت الي غرفتها و هي تضع يديها علي فمها و تجاول كتم شهقاتها و بكائها لا تريد لأحد يسمع صوتها المجروح و كرامتها ماشا سيفعل بعد بها دائماً يقص جناحاتها  
هل كان يخونها ؟؟؟ هل كانت بذلك الرُخص علي ما يبدو مادونا مُحقة، تريد تكسير اي شيءٍ كأنها طُعنت مره اخري فهي تصنعت في الخارج اللا مبالاة و لكن قلبها ينزف من الدماء ليصنع بحور من الألم  تريد تكسير اي شي قد يشفي غليلها
و لكن بعد ربع ساعة افاقت  من نوبة البكاء علي هذا الصوت ...  
_____________________________

في المعرض كان مصطفي جالس مع صديقه خالد
خالد " عامل ايه يا  زوج الاتنين "
مصطفي " و انت مال اهلك ده انا متجوز تلاته مش اتنين و انت الاول  "
خالد " مقبوله منك يا صاحبي  "
مصطفي بابتسامة " سيبك من الوش ده كله امك عامله ايه دلوقتي ايه اخبارها بعد العملية "
خالد بامتنان " الحمدلله يا مصطفي احسن بكتير اساسا هي كانت مرعوبة قبل عملية القلب المفتوح بس دلوقتي صحتها احسن بكتير والله لولاك و فلوس العملية الله و اعلم ايه اللي كان حصل  "
مصطفي  بانزعاج " امك دي امي يا اهبل و الفلوس دي و لا حاجة اهم حاجة انها بقت بخير الحمدلله قولها اني هاجي اكل من ايديها طاجن لحمه حلاوه انها خرجت بالسلامه مش هتاكلوا عليا العزومة "
خالد " يا سلام انت تؤمر ده احنا نعملك  مية طاجن و في موضوع بخصوص الشركة ... "
قاطعهم دخول حمصه و هو شاب في التاسعة عشر من عمرة يعمل معهم منذ سنه تقريبا و كان يدرس في نفس الوقت الذي كان به مرحلة الثانوية العامة و الان هو في كلية تجارة و لكنه يجب مصطفي كثيرا و مصطفي يحبةه ايضا و يحب كفاحه و اصراره علي ان يصرف علي اهل بيته و اخوته و والدته تحديدا بعد وفاة والدة الذي كان يعمل صنايعي، اسمه اسلام و لكن  مشهور بحمصه 
ليقول " في راجل كبير معرفهوش بيسال عنك و معاه شابين  "
مصطفي " قسما بالله انا شكلي همشيك "
حمصه  " ليه بس كده يا استاذ مصطفي "
مصطفي " من ساعة ما جيت يا حمصه باشا و انا بيجيلي زيارات زفت و انا بقلق من دخلتك و اللي بيدخل بعدك، دخله ربنا يسترها "
يدخل رجل يتكأ علي عكازة في اوائل السبعون من عمرة 
عمران " انت مصطفي العدوي ؟ "
مصطفي " ايوه مين حضرتك "
عمران " انا عم زينة "




تعليقات