قصة غرام المغرور البارت السابع 7 بقلم نسمة مالك


قصة غرام المغرور
البارت السابع 7
بقلم نسمة مالك



قوة!!.. 
"خديجه"..
كانت بطريقها نحو غرفة "إسراء" حين اندفع منها "فارس" بخطوات مسرعه ووجه يظهر عليه الغضب الشديد.. فهرولت خلفه وهي تقول بقلق.. 
"فارس.. مالك يا حبيبي.. حاجه حصلت؟!".. 
دفع باب غرفته بقدمه، وخطي للداخل وبدأ ينزع كنزته السوداء ذات الحمالات العريضه، والقاها أرضاً وظل عاري الصدر.. رغم برودة الجو الشديده.. كان جسده يتصبب عرق غزيراً، 
وانفاسه متهدجه.. يلتقطها بصوت مسموع.. لا يعلم ما السبب الحقيقي وراء سلب أنفاسه لهذه الدرجه.. 
اهو غضبه من حديث "إلهام" وثقتها بأن ابنتها سترفض الزواج به.. 
أم قربه من تلك الساحره.. حين ضمها داخل صدره.. أقسم بأنه لأول مره يذق طعم الدفء وهي بين ضلوعه.. 
أطبق جفنيه بعنف، ومسح على شعره بقوه كادت ان تقتلعه من جذوره مغمغماً من أسفل أسنانه.. 
"متقدرش ترفض طلبي.. دي ما هتصدق أكيد أني طلبتها للجواز".. 
نظرت له "خديجه" بدهشه متمتمه.. 
"انت فعلاً بتتكلم جد يا فارس؟!.. عايز تتجوز البنت دي؟!.. انا لحد دلوقتي فكراك بتهزر!!".. 
التزم الصمت، وخطي لداخل الحمام.. لتسرع خلفه "خديجه" التي أكملت بحده قائله.. 
"انا بكلمك رد عليا يا فارس باشا، ولا نسيت أني عمتك؟!".. 
أخذ "فارس" نفس عميق يحاول به السيطره على غضبه العارم، والتفت لها، وتحدث بابتسامة يخفي بها مدي ألمه وحزنه.. 
" انتي مش بس عمتي يا خديجه.. انتي امي اللي ربتني، ورفضت تتجوز واكتفت بيا".. 
صمت لبرهه، وتابع بغصه مريره.. 
" رغم أني مش يتيم، وامي وابويا عايشين".. 
ترقرقت أعين "خديجه" بالعبرات، واقتربت منه احتضنت وجهه بين كفيها، وبصوت متحشرج بالبكاء قالت.. 
"أنت ابني اللي مخلفتهوش يا فارس.. وعلشان كده بقولك بلاش تتجوز البنت دي.. مش لونك ولا شبهك خالص، وكمان انت ناسي انك خاطب بنت رئيس الوزاره؟!.. هتعمل مشاكل لنفسك انت في غني عنها.. خلينا نساعدها هي ووالدتها ونمشيهم من هنا.. أكتر من كده هتبقي بتجازف بكل حاجه.. انا خايفه عليك يا حبيبي".. 
ربت" فارس" على يدها برفق، ورفع يده ومسح عبراتها التي هبطت على وجنتيها ببطء مدمدماً.. 
" اممم..خايفه عليا يا ديجا؟!.. شكلك نسيتي ابنك يبقي مين!".. 
أنهى جملته، واختفي داخل غرفة الاستحمام ذات الزجاج العاتم الذي يمنع الرؤيه.. بينما توجهت "خديجه" نحو غرفة الملابس.. احضرت له ثيابه وعادت مره أخرى، وتحدثت بفضول قائله..
"طيب فهمني يا ابني.. انت ناوي على أيه بالظبط، واشمعني البنت دي اللي طلبتها للجواز على طول كده؟!"..

"بختار واحده تنفع تكون أم ولادي يا ديجا، و إسراء انسب واحده شوفتها لغاية دلوقتي"..

قالها "فارس" بصوت عالِ نسبياً لتستطيع "خديجه" سماعه من صوت هديل المياه الغزيره المنسكبه فوقه..

" إسراء!!!.. دي اللي اختارتها تكون أم أحفاد الدمنهوري يا فارس؟! "..

أردفت بها" خديجه" بذهول، وعدم تصديق..

ليغلق" فارس" المياه.. ومد يده لمئزر الحمام ارتداه على عجل، وسار للخارج.. لتعطيه "خديجه" ثيابه ببعض العنف، وهي ترمقه بنظرات عاتبه..

أخذها منها، وسار لغرفة الملابس اختفي بداخلها، وتحدث بتعقل، وهو يرتدي ثيابه..

" ايوه إسراء يا ديجا..البنت دي جميله فوق الوصف.. مش بس شكل.. لا كمان معدنها نضيف، ويمكن نادر.. انتي متخيله يا ديجا ان رغم فقرها الشديد دا وتقريباً مش لقيه تاكل إلا انها محافظه على شرفها.. في غيرها عندهم كل حاجه ومع ذلك معندهمش ريحة الشرف"..

انتهي من ارتداء ثيابه المنمقه.. عباره عن سروال جينز بلو بلاك، وكنزه زرقاء وحذاء رياضي أبيض اللون ذات ماركات عالميه..

اقترب من المرآه وبدأ يمشط شعره بعنايه حتي انتهي، وأمسك زجاجة العطر الخاص به نثر منه بكثره، والتفت ينظر للشاشه التي تظهر غرفة ساحرته وتابع بابتسامة إعجاب قائلاً..

"شوفتي إسراء جميله إزاي وهي في عز تعبها"..

اقترب للشاشه وتأمل "إسراء" الجالسه على الفراش بجوار والدتها.. شعرها الحريري متناثر على وجهها الملائكي بأعين منبهره مكملاً..

"عايزك تتخيليها يا ديجا.. لما تبقي مرات فارس الدمنهوري.. هخليها ملكه.. ملكة جمال، وهتكون ملكي لوحدي"..

تلاشت ابتسامته، وحل مكانها الغضب، وهو يري "إسراء" تغادر الفراش بضعف، وسارت نحو ثيابها، وبدأت ترتديها..

رفع "فارس" الصوت ليتمكن من الإستماع لحديثهما.. ليصطك على أسنانه حين استمع لصوتها الرقيق تقول بتعب..

"اطمني يا ماما هنمشي من هنا ومحدش هيقدر  يمنعنا، ولا حتي اللي اسمه فارس السافل دا"..

شهقت "خديجه" بصوت خفيض وبذهول قالت..

"عرفت منين انك سافل يا ولد.. أنت عملت أيه بالظبط لما كنت عندها في الاوضة؟!"..

"انا لسه معملتش حاجه يا ديجا.. بس شكلي هوريها سافلتي حالاً "..

قالها "فارس" وهو يسير لخارج جناحه بخطوات مسرعه..

........................................
.. بمنزل تامر..

تجلس "إيمان" حامله الصغيره" إسراء " وتضمها بحب شديد، وتنظر لزوجها الجالس بعيداً عنهما.. واضع رأسه بين كفيه، ويبكي بصمت..

بكت زوجته لبكاءه، وبصوت حنون قالت..

" وحد الله يا تامر.. وفهمني ايه بس اللي حصل يوصلك للحاله دي؟!"..

"أخويا "رامي" كان زينة الشباب.. طول عمره ماشي بما يرضى الله.. عمره ما أذى حد، ومن أول ما خطب وهو اتكفل بخطبته، وأمها كمان.. كان بيشتغل 16 ساعه علشان ميحرمهاش من حاجه..عمره ما قصر معاها علشان تتسبب بموته، وتمرمغ شرفه بالمنظر دا"..

أردف بها" تامر" بقهر، وحزن شديد.. 

لتسرع" إيمان" بالرد عليه بلهفه قائله..

" لا يا تامر أوعى تظلم.. إسراء عمرها ما تعمل كده أبداً..دي كانت روحها في أخوك و؟! "..

" اخررررررسي".. 

صرخ بها" تامر" جعل زوجته تنكمش بخوف، وتضم الصغيره التي انتفضت بفزع، وتربت على ظهرها بحنان بالغ.. 

ليتابع "تامر" بذهول مقارب للجنون..

"دي في قصر عاشقها يا هانم، وبعتت خدت أمها".. وجه نظره للصغيره، وتابع بأسف..

"وسابت بنتها كأنها ما صدقت تخلص من البت.. زي ما خلصت من أبوها".. 

اشتعلت عيناه بنيران حارقه، وتابع بوعيد..

"بس وحياة حرقة قلبي على أخويا الوحيد اللي موتته في عز شبابه ما هسبها"..

..................................

.. بمكان اخر. 

"يعني البت الصغيره في بيت عمها دلوقتي؟! "..

قالها" سيد" بتساؤل..

ليجيبه" عماد" قائلاً.. "أيوه يا فخامه.. انا موصله بنفسي، وسايب رجالتي بتراقبه"..

أردف" سيد" بأمر.." ميغبش عن عينك لحظه واحده، وقصر الدمنهوري يتراقب 24ساعه..أول ما ام البت تظهر تجبهالي علشان أعرف منها بطريقتي قالت حاجه لفارس باشا ولا لاء.. لو معرفتش تجبهالي.. متسبهاش عايشه.. تجبلي خبرها.. مفهوم"..

" عماد".. " مفهوم يا فخامه.. بس كله بتمنه"..

......................................

.. بغرفة إسراء..

"انا خايفه عليكي من اللي اسمه فارس دا يا إسراء.. دا بيقولي ملكيش حرية الرفض"..

قالتها "إلهام" بصوت متحشرج بالبكاء..

اقتربت منها" إسراء" بخطي مرتجفه تظهر مدي تعبها.. بعدما انتهت من ارتداء عباءتها، ولف حجابها..

جلست جوارها على الفراش، وتحدثت بضعف قائله..

"متخفيش يا ماما.. لو هو قوي.. ف ربنا أقوى منه"..

" إلهام" بتنهيده.. "ونعمه بالله يابنتي.. بس ربنا قال اعقلها وتوكل.. دلوقتي انا وانتي لوحدنا، وتامر الشر مالي عينه نحيتك يابنتي، وعايز يأذيكي،وفارس دا شكله جرئ أوي ومش زينا خالص.. بس قلبي بيقولي انه عمره ما هيأذيكي مش عارفه ليه"..

جذبت" إسراء" الكرسيي المتحرك الموضوع جانب الفراش، وتحدثت بهدوء قائله..
"اللي ربنا معاه.. مافيش عبد يقدر يأذيه.. خلينا نمشي من هنا يا ماما .. بنتي واحشتني"..
" هجبهالك لحد عندك.. لكن انتي مش هتخطي بره القصر"..
أردف بها "فارس" بعدما فتح باب الغرفه دون استأذان كعادته، واندفع للداخل حتي أصبح على مقربه من ساحرته..
شهقت "إلهام" بعنف من وجوده المفاجئ .. بينما
" إسراء" ثابته ترمقه بنظرات محتقره تروقه كثيراً، وبقوه قالت..
" انا هخرج من هنا انا وأمي، ومحدش هيقدر يمنعنا يا عديم الزوق والأخلاق.. يلي وصلت بيك الجرائه تجبني بيتك، وتحضني قدام أمي بمنتهي الوقاحه"..
جحظت أعين "إلهام وخديجه"..
"متغلطيش، والزمي حدودك وأنتي بتتكلمي معايا"..
أردف بها "فارس" بنبره محذره، وهو يرمقها بنظرات حارقه تظهر مدي غضبه..
ابتعدت "إسراء" عن عينيه المحاصره لها، وتحدثت بحده قائله..
"أنا مبغلطتش في حد".. نظرت له بابتسامة مزيفه، وتابعت بقوه اذهلته..
"بس مبسكتش للي يغلط فيا، وبالنسبه لحدودي فأنا عرفها كويس.. فلزم أنت حدودك معايا يا فارس بيه"..
ابتسم لها ابتسامة مخيفه،وهو يقترب منها بخطوات بطيئه مريبه حتي أصبح أمامها مباشرة، ومال عليها مغمغماً بغرور..
" فارس الدمنهوري ملوش حدود يا"..
تأمل محياها بنظرات وقحه جعلت وجنتيها تتورد بحمرة الخجل لشده خجلها، وتابع بتلذذ..
" ساحره"..
عقد حاجبيه، وهو يري الدماء تنسحب من وجهها، وحل الشحوب الشديد على ملامحها، وبدأ يظهر على محياها بوادر ألم يجتاحها..
لانت ملامحه ونظر لها بلهفه فشل في اخفائها، وتحدث بهدوء قائلاً..
"اقعدي، وارتاحي انتي لسه تعبانه، وليكي علاج لازم تاخديه"..
همت" إسراء" بالرد عليه ولكنها تأوهت بألم حاد، ورفعت يدها أمسكت معدتها مردده بضعف..
"ااه بطني.. الحقيني يا ماما"..
بلمح البصر كان جذبها "فارس" لداخل حضنه، وتحدث بأمر موجهاً حديثه ل "خديجه"..
"ديجا هاتي الدكتوره بسرعه"..
" ابعد إيدك عني"..
همست بها" إسراء" بصوت يكاد يسمع، وهي تدفعه عنها بوهن شديد، وبصعوبه تابعت..
"عايزه أرجع".. 
حملها "فارس" وسار بها بخطوات مهروله لحمام الغرفه، ومن ثم نحو المرحاض، وعدل وضعها جعل ظهرها مقابل صدره.. لتبدأ هي بالتقيأ بقوه، وتتأوه بصوت عالِ..
بكت "إلهام" بنحيب وهي تري مدي تدهور حالة وحيدتها..
بينما "فارس" جلس بها أرضاً.. وبدأ يبعد عنها حجابها حين شعر بها لا تستطيع التنفس، وتحدث بأذنها بنبره حانيه عكس صرامته وحدته منذ قليل قائلاً ..
"أهدي يا إسراء، وخدي نفسك واحده واحده متخفيش"..
حاولت تدفعه بعيداً عنها، ولكنه ذاد من ضمها مغمغماً..
"قولتلك متخفيش مني.. مش هأذيكي، وانتي تعبانه كده.. عايزك تخفي،وترجعي شرسه علشان انا بحب الشراسه"..
شعرت بدوار يجتاحها بعنف.. فرتمت بجسدها عليه، بهمس قالت..
" انا بكرهك"..
هب واقفاً بها، وقام بغسل وجهها، وفمها بالمياه بنفسه تحت أنظار "خديجه" المنذهله، وسار بها للخارج، وهو يهمس بأذنها..
" هعرف ازاي اخليكي تعشقيني.. مش بس تحبيني يا ساحره"..

# واحده تتأكد من ذهابه.. لتتفاجئ به يقف على باب الغرفه ينظر لها ببراءه مزيفه، وهو يقول..

"شوفتي يا إسراء أنا مؤدب إزاي وبسمع الكلام وهخرج دلوقتي.. بس طبعاً هرجعلك تاني في كلام كتير لازم أقولهولك وأنتي هتسمعيه، وتنفذيه بالحرف"..

غمز لها بعبث مكملاً.. "يا ساحره".. 

أنهى جملته وأغلق الباب خلفه.. لتتنهد" إسراء" براحه وتعتدل جالسه وتتحدث بأصرار قائله.. 

" إحنا لازم نمشي من هنا يا ماما قبل ما السافل المغرور دا يرجع"..

" هنمشي نروح فين يا إسراء؟! "..

قالتها" إلهام" بأسف، وهي تمسد على شعر ابنتها بحنو.. 

عقدت "إسراء" حاجبيها، وبدهشه قالت..

"هو ايه اللي هنروح فين يا ماما؟!.. هنرجع بيتنا طبعاً"..

حركت "إلهام" رأسها بالنفي وببوادر بكاء قالت..

" مش بالسهوله دي يا حبيبتي"..

نظرت لها" إسراء "بعدم فهم.. فتابعت هي بعدما ابتلعت غصه مريره بجوفها..

"الموضوع طلع كبير أوي.. أكبر مننا وممكن نروح فيها انا وأنتي وبنتك كمان لقدر الله يا بنتي"..

اذدردت" إسراء" لعابها بخوف، وبقلق قالت..

"دا مكنش رأيك أصبح، وكنتي بتصحيني علشان نمشي من هنا.. أيه اللي حصل يا ماما.. احكيلي"..

بكت "إلهام" واردفت بحسره قائله..

"سلفك عرف إنك هنا في بيت صاحب الشركه اللي كان جوزك شغال فيها، ومش بس هو اللي عرف.. دا الحته كلها، وسمعتنا بقت على كل لسان يا إسراء، وتامر حالف ليخلص عليكي ويغسل عار أخوه"..

ضحكت" إسراء" بسخريه ودمدمت بتساؤل قائله..

" اممم، ومين بقي اللي قالك الكلام الفارغ دا.. أكيد المغرور فارس بيه علشان يلوي دراعنا، ونفضل تحت رحمته هنا صح؟! "..

اخرجت" إلهام " زفره نزقه من صدرها واجابتها بأسف.. " لا مش هو.. انا اتصلت على "إيمان" من تليفون الست "خديجه" اللي تقرب للواد الجرئ دا علشان اطمن على بنتك، وهي اللي قالتلي"..

شحبت ملامح" إسراء" والتزمت الصمت.. لتكمل"إلهام" حديثها بتعقل قائله..

" لازم نفكر كويس قبل ما نعمل اي حاجه يا بنتي.. انا مش مستغنيه عنك، ولا عن حفيدتي.. انا عايشه علشانكم يا إسراء"..

أنهت جملتها، واجهشت ببكاء مريره.. لتضمها

"إسراء" وتربت على ظهرها بحنان مغمغمه..

"أهدي يا ماما.. أكيد هنلاقي حل"..

صوت طرقات رقيقه على باب الغرفه.. جعلت

"إسراء" تنتفض بفزع، وتبتعد عن والدتها، وتختبئ سريعاً أسفل الغطاء..

ضحكت" إلهام" من بين دموعها، واردفت بثقه..

"لا دا مش هو المعدول.. هو مبيخبطش وهو داخل.. اطمني"..

"معدول ايه بس يا ماما.. قولي معوج.. مايل.. منيل"..

هتفت بها "إسراء" بغيظ شديد وهي تصك على أسنانها..

"ممكن ادخل"..

قالتها "خديجه" بنبره مرحه، وهي تطل برأسها من باب الغرفه.. 

ابتسمت لها "إلهام" وهي تقول..

" طبعاً يا ست "خديجه".. دا البيت بيتكم، واحنا ضيوف عندكم"..

خطت "خديجه" لداخل واغلقت الباب خلفها، واقتربت منهما جلست امامهما على الفراش، وتحدثت بابتسامة بشوشه قائله..

" خديجه بس يا إلهام، وبعدين أنتو أصحاب مكان، ولا أيه يا إسراء.. طمنيني عليكي عامله ايه دلوقتي".. 

لم تجبها" إسراء".. بل تطلعت بها بأعين متسعه بعدما التمعت برأسها فكره ستكون منقذها الوحيد، وحسمت أمرها بتنفيذها..

"حضرتك والدة فارس بيه؟!".. 

اردفت بها "إسراء" بلهفه.. لتبتسم لها"خديجة" ابتسامه تخفي بها حزنها وهي تقول..

" لا يا حبيبتي.. انا عمته،وفارس بيعتبرني زي مامته"..

وجهت "إسراء" نظرها للهاتف الذي بيد "خديجه" وهمست بخجل..

"طيب ممكن اعمل مكالمه اطمن على بنتي؟! ".. 

" طبعاً ممكن.. اتفضلي".. 

قالتها" خديجه، وهي تعطي لها الهاتف بعدما قامت بفتحه.. 

طلبت" إسراء" الرقم الوحيد الذي تحفظه.. ليأتيها الرد على الفور.. 

"الو ايوه يا خالتي الهام.. طمنيني إسراء فاقت ولا لسه".. 

اجابتها "إسراء" قائله.. " أنا إسراء يا إيمان"..

بكت "إيمان" وهي تقول بلهفه.. "إسراء.. انتي كويسه يا حبيبتي؟! ".. 

"الحمد لله على كل حال.. طمنيني على بنتي.. بتعيط يا إيمان".. 

"إيمان".. "بتعيط شويه، وبتلعب شويه.. متخفيش انا معاها واكلتها وحمتها وحطاها جوه عنيا.. بس المهم انتي أوعى تيجي يا إسراء.. تامر قايد نار، وحالف ليرتكب جنايه لو شافك".. 

اعتلت ملامح" إسراء " الغضب وهي تقول.. 

" هيعملي ايه يعني..فهمي جوزك إني معملتش حاجه غلط يا إيمان"..

صمتت لبرهه، واكملت بجمله جعلت اعين" خديجه" تتسع على أخرها حين قالت..

"انا بشتغل عند الست خديجه خدامه علشان أصرف على علاج امي وبنتي يا إيمان "..

شهقت "إيمان" بعنف مردفه..
"خدامه يا إسراء؟!".. 
" إسراء " بقوه مزيفه.. " ايوه خدامه.. لا عيب، ولا حرام مدام بالحلال، واعملي حسابك وعرفي جوزك اني هاجي اخد بنتي"..
"علشان خاطر ربنا بلاش تيجي دلوقتي يا إسراء.. انا خايفه عليكي يا حبيبتي، واطمني على بنتك، والله انا بعتبرها بنتي وانتي عارفه يا إسراء.. خليكي عندك، وانا هحاول اجبهالك..بس انتي خليكي.. علشان متحصلش نصيبه، ونرجع نندم كلنا"..
ترقرقت أعين" إسراء" بالعبرات، وبصوت اختنق بالبكاء قالت..
" طيب بوسهالي، واحضنيها اوي يا إيمان على ما أشوفها"..
" عنيا يا حبيبتي، وانتي خلي بالك من نفسك وابقي طمنيني عليكي علشان انا لازم اقفل.. تامر شكله جه.. سلام دلوقتي"..
اغلقت" إسراء" الهاتف، واعطته ل "خديجه" مغمغمه..
"شكراً"..
"على ايه بس يا إسراء، وليه قولتي انك بتشتغلي هنا.. انتي متعرفيش ان فارس طلب إيدك من والدتك؟! ". 
قالتها "خديجه" بهدوء، وهي ترمقها بنظرات متفحصه.. تود رؤية رد فعلها..
" مستحيل اتجوز بعد جوزي الله يرحمه.. هو كان أخر الرجاله المحترمين بعد والدي الله يرحمه هو كمان، وبنظري مبقاش في رجاله خلاص في الدنيا دي، وخصوصاً فارس بيه المغرور بزياده"..
قالتها" إسراء" بحده، وملامح جامده رغم عبراتها التي تهبط على وجنتيها ببطء..
"انتي عارفه لو فارس سمع كلامك دا هيعمل فيكي ايه؟! "..
اردفت بها" خديجه " بنبره محذره..
أخذت" إسراء "نفس عميق، وتحدثت بقوه زائفه قائله..
"مبخفش غير من اللي خلقني، ولو حضرتك معندكيش شغل ليا.. قوليلي وانا هدور على مكان تاني استرزق منه.. لو عندك يبقي جزاكي الله كل خير، وجميلك هفضل شيلاه على راسي العمر كله"..
نظرت لها" خديجه" بنظرات منذهله مردده..
"بترفضي تبقي صاحبة القصر، وعايزه تشتغلي خدامه فيه؟!"..
أطبقت "إسراء" جفنيها بعنف، وفتحت عينيها، ونظرت ل" خديجه" تستجديها قائله..
" انا طالبه مساعدتك.. فارس بيه شكله مش هيسبني أخرج من هنا بسهوله، وحضرتك بتقولي انه بيعتبرك زي مامته.. يبقي اكيد ليكي كلمه عليه.. فارجوكي احميني منه.. يا تخرجيني من هنا.. او توافقي اشتغل عندك"..
احتضنت "خديجة" وجهها بين كفيها، وتحدثت بأسف قائله..
"حبيبتي لا انا ولا غيري لينا كلمه على فارس، ورفضك ليه دا هيسبب مشكله مش هينه.. فنصيحتي ليكي تفكري كويس، وبلاش تعاندي"..
هبت واقفه، وسارت نحو الخارج وهي تقول..
"فكري كويس يا إسراء، وانا هبعتلكم العشا علشان تاخدي علاجك"..
استدارت ونظرت لها نظره ارتعد منها قلب" إسراء" واكملت بابتسامة مصطنعه..
" واوعي تقولي الجمله بتاعت مافيش رجاله دي قدام فارس.. صديقيني هتزعلي أوي من رد فعله، واللي هيعمله وقتها"..
وجهت نظرها ل" إلهام" وتابعت..
" عقليها يا إلهام"..
انهت جملتها، وسارت للخارج غالقه الباب خلفها..
"انا ليه بيحصلي كل دا؟!"..
همست بها "إسراء" بصعوبه من بين شهقاتها الحاده.. لتزيد والدتها من ضمها، وتربت على ظهرها بحنو متمتمه بصوت متحشرج بالبكاء..
"استغفري ربنا يا بنتي، وارضي وقولي الحمد لله، وبمشيئة الله ربنا هينصرك"..
تأوهت "إسراء" بقوه، وبنحيب قالت..
"انا خايفه يا ماما.. لو كدبت على نفسي مش هكدب عليكي أنتي..انا مرعوبه من فارس المغرور دا.. مش عارفه هو ناوي يعمل ايه معايا بعد اللي عملته، وقولته لعمتو،وأكيد هي هتقوله"..
رفعت وجهها ونظرت لوالدتها بأعين تغرقها الدمع، وتابعت بلهفه شديده..
"خوفي عليكي انتي وبنتي أكتر من خوفي على نفسي.. لو عليا انا بتمني أموت وأرتاح"..
" بعد الشر عليكي.. دا أنا ما صدقت لقيتك يا ساحره".. 
همس بها" فارس" الذي يتابع حديثهما بهتمام، وقلب زحف له القلق حين رأي بكاء ساحرته الذي يهدد بالانهيار..



                  البارت الثامن من هنا 


تعليقات