قصة عروس الصعيد
البارت الثامن8
بقلم نور زيزو
يقف رجب فى غرفة رهف يعاتبها على ما فعلته
قال رجب بقسوة شديدة ونبرة مخيفة قائلاً : أيه اللى عملتيه ده ها .. انتى ليكى عين تفتحى بؤك وتزعقى لحد بس اللى عملتيه فى نفسك وفى ابوكي وجبتلى العار
صرخت به قائلة وهى تقذف فازة الورد من فوق الترابيزة بقوة : أنت فاكر نفسك أب .. لو أنا عار عليك .. ف أنت والمدام بتاعتك عار على الأبوه والأمومة ... اللى يعمل اللى عملتوا ده متستحقوش تكونوا أب وأم .. الأب مش اللى يرفع مسدسه بنته ويتنازل عن حقها .. أنت خسارة فيك تكون أب .. لو أنا جبتلك العار .. فأنت جبتلى العار وكسرت ضهرى لما خلتنى فاكرة انك سندى فالدنيا ... طلعت سند مكسور هش مينفعش يكون سند ... اللى يتنازل عن حق بنته ميستحقش يكون أب .......
صدمت من حديثه أبنته ولهجتها معه ورمقها بنظره بدهشة ..
سألها وهو فى وهلة من صدمته من حديثها معه : أنتى بتكلمنى كدة يا رهف .. بتكلمى أبوكي كدة
أستدارت وأعطته ظهرها بغضب وهى تتماسك وتمنع دموعها من السقوط وقالت : أنا مش عايزة أتكلم معاك
تركها وخرج بدهشة من حديثها معه ورحل من السراية بأكملها فى صدمته
جلست لطيفة فى غرفتها على الأريكة وهى تقول : انا بجي النهاردة أتاكد أن فى حاجة بنتهم .. شوفت مرت ولدك كيف هبت وطلعت لاوضتها لما شيرين دخلت السراية
قال منصور وهو يخلع حذاءه بنتهيد : خلينا فى حالنا ياحاجة
أجابته وهى تقف وتقترب نحوه : ما أحنا فى حالنا بس برضج دى مرت ولدى
قال منصور وهو ينام على سريره بتعب : وهى مرت ولدك أشتكتلك نامى ياحاجة
هتفت لطيفة وهى ترمقه بنظرها بحدة وتقول : انا خابرة أنك مدارى عليا حاجة أنت وولدك
صعد منتصر السلالم بتهكم وهو شارد الذهن ويفكر فى مايحدث .. دلف إلى غرفته ولم يجدها لم يهتم لعدم وجودها وجلس على الأريكة يخلع حذاءه وعمته وقف وهو يخلع عبايته من فوق أكتافه مع وشاحه .. أقترب من باب الحمام ومسك مقبض الباب بيده وكاد أن يفتحه .. فتحت رهف الباب وهى ترتدي روب الأستحمام وتستدل شعرها المبلل على كتفها وتتساقط منه قطرات المياة على وجهها .. وجدته أمامها رمقته بنظرة قاسية بلا مبالاة له .. نظر لها بهيام من جمالها الساحر هي جميلة مثل الغيّوم ،هادئة كنغمة موسيقية ، أبتسامتها صافية كصفاء السماء ، عيناها مثل سحر تعويذة تلقي علي كل من ينظر بهم ، رقيقة بصوتها كعصفور يغرد فى صباح يوم ، كأول ورقة ملونة، تُشاهدها عندما يهل الخريف ، مثل بداية كل شيء وجمال كل شئ .... هى أقوي من السحر ..
شعر بقلبه ينبض بقوة لها ولجمالها .. طلتها له أقوي من أى تعويذة سحر قد تلقي عليه ..
مرت من جانبه بدون مبالاة وهى تتجاهله .. ذهب معها بنظره وهى تجلس على كرسي التسريحة وتجفف شعرها بالأستشوار .. لاحظت نظراته لها فى المرآة ووقوفه .. نظراته غريبة لها .. نظرات أعجاب لها .. تفيض من عيناه لامعة جاذبة لها .. نظراته لا تحمل قسوة بل عتاب ووجع لم تفهم سبب تلك النظرات .. دخل الحمام ليأخذ دوشه .. غيرت ملابسها وأرتدت قميص نوم قطن لونه زهري فاتح طويل لم يظهر من قدميها سواء أصابعها الصغيرة مغلق من الصدر والظهر بقط على كتفيها .. خرج من الحمام وهو يرتدى جلابية نومه .. رأها وهى تدخل تحت اللحاف فى فراشها كالطفلة الصغيرة هادئة فى تصرفات كما أعتاد أن يراها كلما ذهب لزيارته عمه من أجل رؤيتها ... جلس على الأريكة بحث حوله عن وسادته ولحافه ولم يجدهم .. بحث عنهم فى الغرفة ولم يجدها ...
سأل منتصر دون أن يقترب منها : فين الحاجات اللى كانت اهنا
أجابته وهى نائمة دون أن تنظر له : معرفش أسأل سمرة هى اللى نضفت الأوضة
قال وهو يبعثر جلابيته بيده بغضب : هسأل سمرة دلوجت
لم تجيب عليه .. ذهب لينام على الأريكة بصمت وغضب مكتوم .. أخذت أحد وسادات السرير بيدها وذهبت نحوه بضيق
أردفت رهف بضيق شديد وهى تكتم غضبها منه : أتفضل
لم يأخذها منها بل نظر لجمالها فى هذه الملابس وصفاءها المعتاد بها .. صوتها الرقيق .. قذفته بالوسادة بضيق وعادت لفراشها .. نظر بدهشة من جراءتها وقذفها للوسادة بصدره دون خوف .. ومسك الوسادة بيديه وضغط عليها بقوة وكأنه يريد أن يخنقها هى بدلا من الوسادة ...
يجلس رجب أمام الأسطبل ويضع يده على رأس فرس أبيض وشعره طويل .. وهو يفكر فى حديث أبنته ويتردد فى أذنه حديثها ونبرتها القاسية ( أنت فاكر نفسك أب .. لو أنا عار عليك .. ف أنت والمدام بتاعتك عار على الأبوه والأمومة ... اللى يعمل اللى عملتوا ده متستحقوش تكونوا أب وأم .. الأب مش اللى يرفع مسدسه بنته ويتنازل عن حقها .. أنت خسارة فيك تكون أب .. لو أنا جبتلك العار .. فأنت جبتلى العار وكسرت ضهرى لما خلتنى فاكرة انك سندى فالدنيا ... طلعت سند مكسور هش مينفعش يكون سند ... اللى يتنازل عن حق بنته ميستحقش يكون أب ....... )
ذهب من الأسطبل وهو يمشي وشارد تماماً فى ما يحدث .. أولاً ما فعلته أبنته بيه وكسرت ظهره .. والان حديثها له .. شعر بألم فى قلبه توقف عن المشي ووضع يده على قلبه من الألم .. سقط رجب على الأرض متألم من قلبه حتى فقد وعيه ....
أستيقظت لطيفة على صوت رنين هاتف منصور المستمرة فجراً
أردفت وهى تقظه : ياحاج جوم رد على التلفون
أعتدل فى لجسته بتعب وأجب على الهاتف : ايوا ... مين ....
صرخ بفزع وهو يقول : واااااااا فين دا ... طيب انا جاي حالاً
وأغلق الهاتف وتركه وهو يقف بأستعجال متجهه إلى الدولاب يخرج ملابسه
سألت لطيفة بأستغراب قائلة : هو في ايه ياحاج
أجبها وهو يرتدي عبايته : رجب اخوي فالمشتشفي .. جومى صحى ولدك
قالت وهى تخرج : أستر يارب
ذهبت إلى غرفة منتصر ودقت الباب ... أستيقظ منتصر ورهف على صوت الباب .. فتح منتصر ووجد أمه
سألها منتصر بوجه شبه نائم : فى حاجة ياحاجة
قالت لطيفة بهلع : غير خلجاتك دى ياولدى عمك رجب فالمشتشفى
سمع رهف حديثها وعادت لنومها ووضع وسادتها فوق رأسها ببرود
ذهبت لطيفة وتركه نظر منتصر بدهشة إلى رهف وهى تعود للنوم ولم تتأثر ... بأي شئ وبما سمعت ... غير ملابسه وذهب مع منصور وسليم وشيرين إلى المستشفى ..ووجده الدكتور يخرج من غرفته
هتف منصور بخلع وقلق قائلاً : طمنى ياداكتور
نظر الدكتور لهم وقال : الحمد لله جت سليمه وقدرنا نلحق الأزمة فأولها .. ياريت بلاش نضغط عليه أو نضيقه مش كويس على صحته كدة وده راجل كبير وعنده القلب
هتفت شيرين وهى تبكي بطريقة هستيرية : ممكن أدخل أشوفه
أجابها الدكتور وهو يقول : مفيش مانع بس من غير مانتعبوا أو نتكلم كتير .. عن أذنكم
دخلوا معا لرؤيته .. أسرعت شيرين له ومسكت يديه وهى تبكي
هتفت رجب بصوت مبحوح ويبدو عليه التعب : رهف.. عايز أشوف رهف
قالت شيرين وهى تقبل يديه ببكاء : حاضر حاضر هجبهالك
نظر منصور لمنتصر بمعنى أن يذهب ويحضر زوجته لوالدها وذهب من
تجلس رهف فى الجنينة وهى ترتشف القهوة ومعاها هاجر
هتفت هاجر بهدوء وهى تنظر إليها : مهتروحيش تشوفى عمي
تجاهلت رهف سؤالها وسألتها سؤال أخر : هو أنا فيا حاجة ملفتة
أستغربت هاجر سؤالها وقالت : لا ليه
هتفت رهف وهى تضع مجها وتنظر لها : أصل أخوكي بيبصلى بصات غريبة
قهقهت هاجر من الضحك ولم تتمالك نفسها ولا تستطيع أن تكتم ضحكاتها .. بدأ تحكى لها عن السبب الذي جعل منتصر كل شهرين يزورهم وهو حبه لها وجنونه به .. وكيف كان يصفها بكل دقة دون إهمال أى تفصيل لأخته .. أحب بها كل شئ براءتها .. سداجتها .. رقتها.. دلالتها .. شقاوتها .. أبتسامتها ...عيناها .. هدوءها .. كل تلك الأشياء وغيرها لم تخضع للنسيان فى قلبه حتى بعد ما حدث
قهقهت رهف من الضحك بسخرية على ما تسمع وكيف يحبها ويهينها ويجرحها .. أهو ينتقم منها بهذه القسوة.. نظرت بسعادة لهاجر فهى أعطي سم لقتله .. أخبرتها بأنه يحبها .. وستقتله وتنتقم لما يفعله به بهذا السم الذي يدعي بالحب ... أعطتها سكين حاد لقتله ونزع قلبه من بين ضلوعه ..
جاء منتصر لهم .. رأته من بعيد وأبتسمت بشر وأدارت وجهها .. وصل منتصر أمامها
هتف منتصر بهدوء وهو يقف أمامها : جومي غيري خلجاتك منشان تروحي لعمى
قالت رهف ببرود دون أن تنظر إليه : أنا مش هروح فحتة
كتم منتصر غضبه وقال : عمي عاوز أيشوفك
قالت وهى ترتشف القهوة ببرود شديد لتغيظه أكثر : وأنا مش عايزة أيه عافية
هتفت هاجر بتوتر وأرتباك: طب عن أذنكم هشوف حازم
وذهبت .. مسكها منتصر من ذراعها بقوة وهو يجعلها تقف أمامه وينظر لها بحدة وهو يقول بلهجة قاسية : اللى أجوله تسمعيه وأنتى ساكتة مفهوم
رمقته بنظرة مختلفة نوعاً ما .. نظرة باردة ولكنها تأسر قلبه وتضغط على جرحه بقوة وقالت : عمك فالمستشفى بسببى ... تحب أجي معاك يمكن المرة دى يروح للى خلقه
صدم من حديثها وهى تتحدث عن موت والدها .. أى قسوة هذه التى ملكت قلبها .. أهذا هو القلب الذي أحبه يوماً ما.. هذا هو القلب الذي لا يعلم كيف يقسو أو يحزن ودائماً مبتسم ..
جذبت ذراعها من قبضته وهى تقول : روح قول لعمك أنى مش عاوزه أشوف وياريت يفتكر كلامى اللى قولته أمبارح
وذهبت من أمامه بقسوة قلب .. تحولت ضلوعها إلى أسوار من الحديد تحمي قلب متحجر جاحد على أقرب الناس إليه ... ظل واقفاً مكانه ينظر إليها وهى ترحل رافضة الذهاب إلى والدها ولرؤيته ....
لقراءة جميع حلقات القصة من هنا