قصة مملكة مصاصي الدماء البارت الواحد والعشرون 21 بقلم مجهولا







قصة مملكة مصاصي الدماء

البارت الواحد والعشرون 21

بقلم مجهولا

أمطار غزيرة خارجاً تأبى التوقف

وتلك الصغيرة لاتزال جالسة كما هي منذ ساعات

وعيناها شاردة في العبوة الصغيرة التي تحتوي سائلاً داكناً وغريباً


كان ذلك السائل المضاد والذي سيجعل جسدها يستعيد قوته كما كان سابقاً


هي قد إختارت إستعادة سلامة جسدها و البقاء هنا


ليس تماماً، فهي تخطط للهرب مجدداً

لن تستسلم أبداً !


إمتدت يدها لتحمل العبوة الصغيرة

ظلت تبحلق بها لفترة قبل أن تفتح غطائها الصغير ثم تشرب السائل دفعة واحدة 

جعدت ملامحها بتقزز كبير

فقد كان طعمه سيئاً للغاية


تعجبت حينما لم تشعر بأي شيء

للحظة إعتقدت أنها ربما خدعة من جيون


لكن كل تلك الأفكار تبددت حينما حاولت الإستقامة وقد وقفت بشكلٍ عادي !


إبتسمت بوسع ثم بدأت بالقفز و الحركة بشكلٍ عشوائي 

جسدها كان بخير تماماً ولا تشعر بأي تعب أو إرهاق


لقد إشتاقت لجسدها النشيط حقاً..


هدأت أخيراً من موجة فرحها 

نظرت لنفسها من خلال المرآة لتتفاجئ من كونها لاتزال بثياب النوم و المعطف 

كذلك شعرها المبعثر بشدة

بعد نصف ساعة تقريبا كانت قد أخذت الصغيرة حماماً سريعاً و إرتدت أحد الفساتين التي في خزانتها رغم أنها لاتحبها ..

أبقت شعرها الطويل منسدلاً بعدم إهتمام 


غادرت غرفتها نحو المطبخ، عليها إيجاد شيء تتناوله فهي تتضور جوعاً


دخلت المطبخ بملامح جامدة و حادة عكس تماماً ماكان الخدم معتاد عليه، هم لايعلمون بأمر هروبها وخداعها 

سوى أليس والتي قد كذبت عليهم وقالت أنها عادت لعالمها قليلاً وحسب


و الصغيرة الآن ستتصرف على طبيعتها ولن تتصنع أي لطف أو رقة..


إرتمت على كرسي كبير قرب المائدة الخشبية وهي تتنهد بضجر، أشارت نحو العجوز ماري لتتقدم منها وقد فعلت الأخرى ذلك


تحدثت الصغيرة بصوتٍ كان آمراً و وقحاً


"فل تصنعوا لي شيئاً حلو آكله!"


"إميليا هل تمـ.."


"آنسة إميليا من فضلك ! لست قريبتكِ لتناديني بإسمي المجرد ! ثم أنتِ رئيسة الخدم هنا فقط، وعليكِ إطاعة أوامر سكان القصر لاغير ! هيا أنا أتضور جوعاً"


كانت نبرة إميليا حادة ومرتفعة، سمع جميع الخدم حديثها وقد كانوا في حالة صدمة من تغيرها هذا

كما أن حديثها المنطقي جعل العجوز ماري المتسلطة تنحني بإحترام رغماً عنها ثم تذهب لتنفذ أوامرها


فهذه العجوز دوماً ما كانت متسلطة و تتجاوز حدودها مع إميليا 

والآن ! هاقد أوقفتها الصغيرة و ذكرتها بمكانتها ..


لم تمر سوى دقائق حتى أتت أحد الخادمات بصينية تحتوي على الكثير من الأطعمة الحلوة و الكعك، وضعت الأطباق أمام التي حملت الشوكة و بدأت الأكل بشراهة 


لقد أنهت جميع الأطباق بدون إستثناء


مسحت فمها من بقايا كريمة الكعك بالمنديل ثم خرجت من المطبخ قاصدة العودة لغرفتها فهي غير قادرة على إحتمال رؤية وجوه سكان هذا القصر الذي أصبحت تمقته وكثيراً


لكن وقبل أن تغادر الرواق الخاص بالمطبخ وقفت أمامها خادمة ثانية و وضعت بين يداها صندوقاً خشبي كبير يحتوي على الحشائش و بعض النباتات المتنوعة


كادت تقع الصغيرة للخلف من ثقل الصندوق الذي ألقته الخادمة بين يديها


"طلب مني السيد جيون جعلكِ توصلين هذا للإسطبل"


"مهلا ماذا"


"كانت تلك أوامره، عليكِ إطعام حصانه"


غادرت الخادمة وتركت إميليا مصدومة

هل يحسبها خادمة له !؟

ترك جميع الخدم و المساعدين و جعلها هي فقط من تطعم حصانه !


لايمكنها فعل ذلك !

الأمطار غزيرة للغاية خارجاً

و إسطبل الأحصنة بعيد عن القصر بعض الشيء

بالتأكيد ستتبلل تماماً و تمرض مجدداً


الغضب كان يملئ وجهها، لكنها إكتفت بالسير نحو مخرج القصر بخطوات مرتفعة و غاضبة والصندوق الخشبي الكبير بين يداها


أخذت نفساً عميقاً ثم عادت خطوات بسيطة للخلف و إنطلقت تركض بأقصى ما لديها أسفل تلك الأمطار القوية نحو الإسطبل 


كانت على وشك الوقوع أكثر من مرة بسبب الأرضية الطينية و الأمطار 


دخلت للإسطبل الخشبي الكبير أخيراً لكنها وقبل أن تتوقف عن الركض قد تعثرت قدها ما جعل الصندوق يقع منها و رأسها يحشر داخله وسط تلك الحشائش الكثيرة


تراجعت للخلف لتقع أرضاً بقوة بينما تبزق النباتات الصغيرة التي دخلت فمها بالخطأ، كذلك تنفض خصلات شعرها التي قد إمتلئت قليلاً بأطراف الحشائش الصغيرة


شعرها و فستانها كانا قد إبتلى بالفعل، فركضها القوي لم يفدها في شيء


نهضت تنفض ثيابها و غضبها قد تزايد، كل شيء حدث لها بسبب جيون اللعين.


إستقامت تحمل الصندوق مجدداً لتقوم بسكب محتوياته أمام حصان جيون القاتم و الهادئ

داعبت رأسه قليلاً ثم غادرت وهي تركض بسرعة كما قبل قليل


تنهدت براحة حينما دخلت القصر مجدداً، كان وقت الغداء بالفعل 

بسبب الأمطار و السماء الغائمة قد إعتقدت أن الوقت كان المساء 


توجهت مباشرة نحو قاعة الطعام، دخلت القاعة و جلست على كرسيها بعدم إهتمام بمظهرها و شعرها المبعثر أو حتى بثيابها المبللة 


كان الجميع قد توقف عن الأكل عدى الغرابي 

البعض كان مستغرباً من مظهرها الغريب

و البعض الآخر غاضب من خداعها لهم لحد الآن


أما هي فقد بدأت بتناول الطعام بملامح متعكرة بعض الشيء

هي تشعر بكونها قد تقفز في أي لحظة و تقتلع شعر الغرابي الجامد


رفعت عيناها وهي تتوقف عن المضغ حينما شعرت بنظرات ڤيورينيكا الغاضبة منها 


رفعت إميليا حاجباً وهي تقوم بتحريك عيناها نزولاً و طلوعاً نحو شكل ڤيورينيكا قبل أن تقلب عيناها بضجر ثم تكمل طعامها بهدوء 


يبدو أن الجميع يعتقد بكونها قد تهتم حيال غضبهم نحوها


كان ذلك آخر همها.


تراجعت للخلف تسند ظهرها على مسند الكرسي وهي تمسد بطنها بخفة، لقد أكلت كثيراً


وبما أنها أول من ينهي طعامه على المائدة قررت مضايقة الغرابي قليلاً


إمتدت ذراعها تمثل أنها تحاول إلتقاط قطعة كعك من الصحن الكبير و دفعت كأس المياه الخاص بالغرابي نحوه


لكنه وقبل أن ينسكب كانت يد جيون خفيفة و إلتقط الكأس بسرعة خاطفة


وسعت عيناها بغيض لتقوم بدفع عبوة الفلفل الأسود بإتجاهه أيضاً

لكنه قد إلتقطها هي الأخرى وبحركة هادئة


رفعت قدمها من أسفل الطاولة لتقوم بدعك قدمه بقوة

لكنها وسعت عيناها بقوة حينما سمعت صرخة المساعد الذي بجانبها الآخر 


قد دعكت قدم المساعد الأسمر

لم تكن تلك قدم الغرابي !


إستدارت نحو المساعد المتألم وهي تعتذر، فقد كانت ترتدي حذاءاً صلباً ما جعل وطئتها على قدمه مؤلمة للغاية 


نظرت نحو الغرابي المبتسم بإستفزاز و يتلاعب بالشوكة بين أصابع يده


هي الآن في موقف محرج للغاية 

و جميع أنظار من على المائدة نحوها

لقد مضى الموقف على خير

والصغيرة جالسة الآن على كرسيها بملل وهي تلتقط حباب العنب و تحشرها داخل فمها


هي شاردة بعض الشيء، خصوصاً حينما إنتبهت أخيراً أن زوراَ لم تكن على المائدة 

ولم تحضر وجبة الغداء 


المائدة الآن كانت فارغة نسبياً

فقد غادر أغلبها ومن بينهم الغرابي


أفاقت من شرودها حينما إمتدت سكينة صغيرة تحمل في طرفها نصف تفاحة 

نظرت نحو مصدها والتي كانت أليكس المبتسمة بخفوت


إلتقطت نصف التفاحة لتبدأ بتناولها بهدوء، هي لا ترغب بالحديث مع أي أحدٍ كان.


شعرت أليكس بالإستياء من تجاهل إميليا لها لكنها لم تظهر ذلك و إكتفت بمغادرة المائدة هي الأخرى


الثانية عشر ليلاً..


كانت إميليا في غرفتها أنذاك، تجلس على الأريكة قرب شرفتها و غطاء حريري صغير يحيط بجسدها ليقيها من البرودة التي تدخل من زجاج شرفتها المفتوح


الأمطار قد توقفت منذ فترة بعد أن أصبحت الأرض و الأشجار جميعها مبتلة


هي كانت تبكي منذ ساعات عدة

لم تتوقف دموعها عن التسرب بغزارة أبداً

لايمكنها كبت ضيقها طويلاً 


رفعت يدها تحاول مسح دموعها 

لكنها توقفت حينما شعرت بتلك اليد التي تمد منديلاً أبيضاً نحوها


رفعت نظرها بسرعة نحو زوراَ التي تمد لها المنديل لتمسح دموعها و هي تشيح وجهها بعيداً

وكان يبدو العبوس واضحاً على ملامحها 


أخذت إميليا المنديل وهي تنظر نحو الشرفة، هي لاتزال غاضبة و بشدة من زوراَ ومن محاولتها لقتلها بتلك الطريقة 


"آسفة"


كانت زوراَ التي نطقت بصوتٍ خافت و بالكاد يسمع وهي تنزل رأسها نحو الأرض ما جعل خصلات شعرها القصير تخفي عيناها 


لكن إميليا رأت بالفعل تلك الدموع الخفيفة وهي تنزل من عيون زوراَ العابسة


الصغيرة متيقنة من أنها ستسامح التي أمامها فوراً


فقد كانت تبدو لطيفة وهي تحني رأسها نحو الأرض مثل طفل يعتذر لأمه بعد إرتكابه لخطأ ما.


إستقامت إميليا نحو زوراَ التي تتدفق دموعها من عيناها ببطء وهي تستمر بالإعتذار بشكلٍ خافت


وقفت الصغيرة أمام زوراَ و التي كانت تتجاوزها طولاً

مسحت دموعها بالمنديل الأبيض وهي تحدق في ملامحها الشاحبة، يبدو أنها لم تنم لفترة


رفعت زوراَ عيناها الواسعة و المحمرة نحو الصغيرة 

هي متفاجئة من ردود فعل إميليا


"لابأس، سامحتكِ زوراَ أنا حقاً أتفهمكِ فأنا من قام بخداعكِ"


لم تنهي إميليا كلماتها حتى قفزت الأخرى تحتضنها بقوة شديدة وقد تعالت شهقاتها الخافته

فهي نادمة للغاية، حتى وإن كانت إميليا من خدعتها فهي قد حاولت قتلها..


"زوراَ قلت لا بأس"


الصغيرة تحاول عدم إظهار ألمها من العناق القوي، ولكنها متوترة كذلك فهي لم ترى زوراَ ضعيفة بهذا الشكل من قبل

إعتادت على رؤيتها تلك المرأة القوية و الشجاعة.


إنتهى الأمر بعودة كلتاهما صديقتين من جديد

وقد قضيا بعض الوقت بالمرح و الحديث قبل أن تخلد إميليا للنوم.


القصر ساكن و الجميع على فراشه

سوى زوراَ التي تركض هنا وهناك 

تبحث عن شيء ما.


لقد كانت تبحث عن ألبرت، فهي تعلم جيداً أنه لاينام عادة إنما يظل مستيقظاً لتفقد أحوال القصر و المملكة أو يسهر مع كتبه 


زفرت أنفاسها حينما لمحت صاحب الشعر الأشقر واقف أمام بوابة القصر و وجهه محشور داخل كتابه، كما المعتاد تركيزه كله في كلمات كتبه حتى أنه لم يشعر بوقوف الأخرى أمامه


"ألبرت!"


نطقت زوراَ أخيراً حينما شعرت بأن الآخر لن ينتبه لوجودها إن ظلت صامتة 

وعلى إثر صوتها الذي كان مرتفعاً قد قفز ألبرت من مكانه بتفاجئ و بعض الخوف


أوقع كتابه من بين يديه وهو ينظر نحو زوراَ ببعض الإنزعاج لمقاطعتها لحظات قرائته 

إنحنى ليلتقط كتابه بضجر، فعليه تقليب الصفحات حتى يجد أين كان في القراءة


تراجع للخلف بتفاجئ مجدداً حينما إنحنت زوراَ له وقد تبعثر شعرها القصير بسبب قوة إنحنائها 

بينما نطقت بصوتٍ كان عاليا 

وقد صدح في الأرجاء الهادئة


"شكرا لك ألبرت !!"


"ه.هاه ؟"


"أشكرك على إنقاذ إميليا من تهوري تلك المرة"


"اوه.لا.لاداعي للشكر"


ألقى كلماته بينما يتراجع للخلف بعيداً عن التي يراها غريبة الأطوار للغاية

هو بالكاد يصدق أنها زوراَ حقاً

فهي أول مرة تشكره أو تحترمه


"و لم أنسى أمر الصفعة بعد"


خرجت كلماتها حادة وقد أصبحت عيناها قاسية عكس تلك الواسعة و اللطيفة قبل لحظات، ذلك ما جعل ألبرت يبتلع ريقه بتوتر

هو متأكد أن التي أمامه تعاني من الإنفصام


عدل وقفته وهو يبحلق نحو التي غادرت المكان بهدوء

بعثر خصلات شعره الشقراء ثم عاد لإكمال قراءة كتابه بعدم إهتمام

غرفة إميليا .


الهدوء يعم الغرفة، حتى صوتُ المطر كان شبه منعدم بسبب الستائر التي تغطي النوافذ و الشرفة بقماشها الثقيل


ذو الهيئة المظلمة جالس على الأريكة القاتمة، جسده مسترخٍ تماما و رأسه يتدلى على مسند الأريكة، عيناه الغرابية القاتمة تحدق بالشموع المضيئة بخمول


و جسد الصغيرة الساكن محشور وسط أفرشة سريرها الدافئ

ملامحها الناعمة هادئة للغاية 

و تنفسها الخافت كل ما يستطيع سماعه الغرابي 


هو من كان يجعل كل تلك الكوابيس تلاحق منامها طوال مغادرتها المملكة وحتى عند عودتها 


لكنه هذه المرة قرر منحها ليلة هنيئة

وخالية من أي كوابيس 


ربما رأفة بها


أو ربما لأن تلك الهالات السوداء أسفل عيناها الجميلة قد جعلته منزعجاً..


أمال رأسه للجانب حيث يقع سريرها، هو هنا منذ ساعات كثيرة

وقد قارب صباح اليوم الجديد على الحلول

لكنه حقاً لايشعر بالرغبة في المغادرة 


عناد و قوة شخصية هذه الصغيرة

يجعله يرغب بقضاء الوقت معها..


هو يميل لها يوماً على يوم


أغمض عيناه الخاملة ببطء

و نام بهدوء غير مهتم بوضعية نومه الغير مريحة البته.

    لقراءة البارت الثاني والعشرون من هنا 

تعليقات