قصة مملكة مصاصي الدماء البارت الثاني والعشرون 22 بقلم مجهولا







قصة مملكة مصاصي الدماء

البارت الثاني والعشرون 22

بقلم مجهولا

فتح ذو الخصلات الغرابية عيناه الداكنة بخمول شديد، إستقام وقد رفع يده القوية يدعك بها خلفية رقبته المتشنجة


يحدق في الأرجاء بعين واحدة بسبب الضوء الغير معتاد عليه


نوافذ و ستائر الغرفة مفتوحة على وسعها ما يجعل أشعة الشمس الدافئة تنير جميع أركان الغرفة الهادئة


نظر نحو جسده الذي يغطيه بطانية حريرية صغيرة، إرتفع حاجبه بسخرية


هل الصغيرة من غطته؟


إستقام من الأريكة يبعد عنه البطانية الصغيرة ثم بدأ بتمديد أطراف جسده المتشنجة بسبب وضعية نومه 

وعيناه الحادة تحدق نحو ذات الجسد الرقيق التي تجلس على الكرسي أمام المرآة و بين أصابع كفها مشط ذهبي مرصع تمرره بسلاسة على خصلات شعرها الطويل الأسود و المنسدل على كتفيها و ظهرها، كان شعرها على وشك لمس الأرض وهي جالسة على الكرسي من شدة طوله


وضعت المشط على المكتب الصغير الذي يقع فوقه العديد من العطور و مستلزمات زينة النساء


إمتدت أنامل يدها الرقيقة لتلتقط أحمر الشفاه الخوخي ثم تضع منه على شفتاها 


طبطبت بسبابتها بخفة على شفاهها تثبت أحمر الشفاه ذو لون الخوخ الخفيف ثم وضعته جانباً وقد إرتفعت عيناها العسلية نحو إنعكاس جيون في المرآة والذي كان يشابك ذراعيه خلف ظهره و عيناه الحادة تتابع كل حركة تقوم بها إميليا ولو كانت بسيطة 


نزلت الصغيرة من على الكرسي الذي كان مرتفعاً بالنسبة لها فأقدامها كانت تتدلى من عليه بالمعنى الحرفي!


أعادت خصلات شعرها التي كانت على كتفها نحو الخلف وقد سيطرت إبتسامة وقحة على ملامحها 


إقتربت لتقف على مقربة من الغرابي الهادئ ثم شابكت ذراعيها خلف ظهرها مثله

تحاول تقليده في أبسط الأشياء


"أحدهم أصبح يتجسس علي وأنا نائمة وكذلك ينام في غرفتي"


نطقت وهي تميل برأسها نحو الجانب بإستفزاز


كانت لاتزال بثوب النوم الأبيض الطويل


ملامحها تعكرت حينما لم تتلقى أي رد فعل من الغرابي أمامها

هو جامد في كل شيء


"أنت ! لا تتجاهلني !"


رفعت سبابتها نحوه وعيناها تشع غيضاً

أكثر ما تكرهه أن يتم تجاهلها


لم تلبث حتى إستدارت بسرعة نحو باب غرفتها الذي فتح بهمجية من قبل أليس المبتسمة

عادة أليس تدخل لغرفة الصغيرة بدون طرق كونهما رفيقتان مقربتان ولا وجود للرسمية بينهمن


توسعت أعين أليس بصدمة من وجود جيون في الغرفة، إنحنت سريعاً وهي تقبض على طرف ثيابها بتوتر كبير


من قوانين قصر جيون طرق الأبواب قبل الدخول

لكنها قد خرقتها و أمامه أيضاً


وجهت إميليا أنظارها نحو التي تنحني بقوة و إرتباك ثم نقلت نظرها نحو الغرابي بعدم إهتمام

لقد حذرت أليس عدة مرات من الدخول بذلك الشكل لكنها لا تصغي لها


أشارت الصغيرة بذراعيها من خلف ظهرها نحو أليس بالإنصراف، وقد نفذت الأخرى على الفور 


أما جيون فقد غادر غرفتها هو الآخر بعد لحظات قليلة بسكون


"قرد متعجرف"


صرخت بصوتٍ خفيف قبل أن تتوجه نحو حمام غرفتها

ترغب بأخذ حمام يريح أطراف جسدها


الواحدة ظهراً


حيث حقول الأزهار المتنوعة الواقعة قرب القصر، كانت الصغيرة ذات الفستان الأرجواني الباهت و الشعر المنسدل محشورة بين زهور التوليب البيضاء 


وبين يداها سلة خشبية بيضاء تضع فيها الأزهار التي تلتقطها أو تنال إعجابها


هي مهووسة بأزهار التوليب التي تراها أكثر جمالاً في هذه المملكة

فرغم أنها في قصر موحش لكنه يحتوي على بعض الأشياء و التفاصيل الفاتنه


كانت هيلينا برفقة إميليا فقد تحسنت علاقتهما نوعاً ما مؤخراً

رغم الشجارات التي تندلع بينهما كل حين


جلست إميليا على البساط الأبيض المفروش وسط حقل الأزهار بينما تضع سلتها في حجرها وقد بدأت بحمل الأزهار و تشكيلها 

هي ترغب بصنع تاج من زهور التوليب البيضاء


"إميليا أنظري ماذا وجدت !"


صاحت هيلينا وهي تركض نحو الصغيرة بفستانها الأسود القصير

ويداها متكورة على شكل قبضة حول شيء ما


إنحنت لتجلس قرب إميليا المنشغلة بصنع تاج الزهور الخاص بها 


"أنظري !"


صرخت هيلينا بعصبية نحو التي تتجاهلها تماماً وقد مدت قبضة يدها نحوها والتي كانت تحمل حلزوناً صغيراً للغاية


نظرت إميليا نحوه ثم نحو هيلينا بسخرية

أهذا ما وجدته حقاً !


إبتسمت الصغيرة بوسع حينما أنهت صنع طوق الزهور الأبيض ثم رفعته لتضعه فوق رأسها


كان يبدو جميلاً للغاية مع خصلات شعرها الأسود المنسدل


"إميليا إميليا !!"


"ماذا الآن !"


"هنااك !"


صرخت هيلينا بصوتٍ خافت وهي تشير نحو جهة معينة من حقل الزهور 


رفعت الصغيرة نظرها نحو المكان لتتوسع عيناها بإستغراب حينما لمحت الغرابي بقميص أبيض و بنطال أسود ضيق وهو يسير بهدوء و بجانبه فتاة قصيرة بعض الشيء بفستان طويل ذهبي و شعر بني مائل للأشقر 


ذلك لايصدق!

لم يتنزه جيون مع إمرأة من قبل !


ما لفت إنتباهها أكثر هو أذرع الفتاة التي تتمسك بذراع جيون الذي يرفع أكمام قميصه الأبيض للأعلى قليلاً


شخرت إميليا بسخرية 

فكل ما فكرت به هذه اللحظة 

هو أن المنظر أمامها يعبر عن ..


قردة متعلقة بذراع قرد !


إستلقت إميليا على بطنها فوق البساط بعدم إكتراث وهي تجمع الزهور على شكل باقة أما هيلينا فهي متجمدة مكانها و تستمر بالتحديق بالرئيس جيون و الفتاة التي برفقته 


لكنها إنتفضت تنحني نحو الأرض بسرعة حينما لاحظت نظرات جيون التي توجهت نحوها في لحظة خاطفة


وعلى إثر إنحنائها السريع ذاك قد وطئت بقدمها على يد الصغيرة التي كانت تحاول حمل أحد الأزهار 


أطلقت إميليا صرخة متألمة وهي تلوح بيدها في الهواء في محاولة لتخفيف الألم، فقد كانت هيلينا ترتدي حذاء ذو كعب متوسط


فزعت هيلينا وقامت بوضع كف يدها على فم الصغيرة تحاول كتم صرختها، هي لا ترغب بمعرفة جيون أنهما هنا رغم أنها لا تعرف السبب 


هدأت إميليا من موجة تألمها قبل أن تبعد كف الأخرى بغضب شديد ثم تستقيم وهي تحمل باقة الزهور خاصتها ثم تصرخ في وجه الأخرى 


"بحقك !! هل أنتِ بقرة ! ألا ترين أمامكِ أم ماذا ؟ كدتِ تكسرين يدي "


"ليس ذنبي أنكِ مستلقية بذلك الشكل، ثم أخفضي صوتكِ !"


"بقرة سخيفة، لم أرى من قبل شخصاً في مزرعة وهو يرتدي حذاء ذو كعب"


"ياا ليس من شأنـ.."


لم تنهي هيلينا كلماتها حتى رأت أن الغرابي ينظر نحوهما بالفعل و تلك الفتاة تحدق بإميليا بشكلٍ غريب


وقد إنتبهت الصغيرة لنظراتها بالفعل ما جعلها تقلب عيناها وقد غادرت مزرعة الزهور وهي تحشر أنفها في باقة زهورها بين الحين و الآخر، رائحتها رائعة حقاً


حالما دخلت القصر حتى إصطدمت بألبرت الذي كان مستعجلاً في سيره ولم ينتبه لها

تراجعت للخلف بينما قد تبعثرت بعض خصلات شعرها الطويل


إعتذر ألبرت على الفور وقد إمتدت يده لترتب خصلات شعرها لكن إميليا قد أعادت رأسها للخلف بإعتراض 

ما جعل الآخر يتحمحم بحرج وقد سحب يده بعيداً عنها


فهي لا تحب أن يتم لمس شعرها من طرف أي أحد، سوى من يستحق 


مثل جيون ؟


"أعتذر لم أنتبه"


"لا بأس"


ألقت كلماتها بضجر وهي تتخطاه متوجهة نحو المطبخ

وقد وقعت منها زهرة على الأرض بدون أن تنتبه 


نظر ألبرت نحو الزهرة الملقاة أرضاً قبل أن ينحني ليلتقطها بين أصابع يده التي تلتف حولها ضمادات بيضاء عديدة 

فقد كان يتمرن بكثرة مؤخراً


نظر طويلاً نحو الزهرة وقد إستقام في وقفته

هو لا يعلم سبب معاملة الصغيرة الوقحة له

هو يرى أنها وقحة مع الجميع، لكنها أكثر شدة معه هو بالذات


وضع الزهرة في جيب سترته الصغير حيث جانب صدره ثم غادر القصر بهدوء، الكثير من الأشغال في طريقه


وكل ذلك تحت أنظار زوراَ التي تختبئ خلف جدار أحد الممرات و تكتف يداها أمام صدرها 

ملامحها كانت مزينة بإبتسامة جانبية 


قد حذرت ألبرت من إنغماسه في حبه نحو إميليا لكنه لم يصغي، تحب رؤية كيف يتلقى التجاهل و القسوة من الصغيرة 


دخلت الصغيرة للمطبخ الذي كان فارغ نسبياً عدى من تلك الخادمات اللواتِ يتجمعن حول مائدة خشبية صغيرة و يتبادلن الأحاديث الخافته


وضعت باقة زهورها على رخام المطبخ ثم توجهت حيث الرف الخشبي الكبير الذي يحتوي على العديد من المزهريات الزجاجية الصغيرة


أخذت أحدهما بحذر ثم ملئته بمياه البرميل الكبير

حشرت داخل المزهرية الزجاجية أزهارها وقد رتبتها لتبدو بمظهر جيدٍ


توقفت مكانها حينما حاولت حمل المزهرية و المغادرة

فقد سمعت للتو صوت الخادمات اللواتِ يتحدثن حول هروبها من المملكة سابقاً

فيبدو أن الأخبار تنكشف بسرعة


حملت مزهريتها وقد إحتدت ملامحها


"أغلقن أفواهكن قبل أن أكسرها."


كان صوتها حاداً للغاية ما جعل الخادمات يسكتن على الفور 


إبتسمت بسخرية وهي تغادر نحو غرفتها، لن تحاول تعكير مزاجها لأي سبب كان.


مساء اليوم حيث الساعة الحادية عشر ليلاً


كان الجميع مجتمع حيث صالة الأكل

قد إنتهى العشاء قبل ساعات عدة لكن ليس بإمكان أحدٍ المغادرة وفق قوانين القصر بسبب أن للرئيس ضيوف من مملكة لم تستطع الصغيرة معرفة ماهيتها 


وعلى ذكر أمر إميليا فهي تجلس على كرسي قرمزي بعيد عن المائدة كثيراً


تضع قدم فوق الأخرى بفستانها القصير شديد القتامة و شعرها المسرح على شكل ضفيرة طويلة 


تحمل بين أصابع يدها اليمنى كأس عصير القصب و اليد الثانية تمسك بكتابٍ لأحد القصص الخيالية

هي منغمسة في أحداث القصة بشكلٍ كبير، حتى أنها لم تسمع شيئاً مما يقال على المائدة

وهي لا تهتم أصلاً


إحتدت ملامحها حينما شعرت بكتابها يسحب من بين يدها 


رفعت نظرها نحو الفتاة الممتلئة قليلاً ذات الشعر البني و العيون السوداء والتي كانت تنظر نحوها بنظرات متعالية 


هي ذات الفتاة التي كانت تتمشى برفقة جيون في حديقة الزهور


تحدثت الفتاة بصوتٍ متكبر وهي تكتف يداها حول كتاب الصغيرة


"من أنتِ ؟!"


"من ستحطم وجهكِ إن لم تعيدي لي الكتاب و تغربي عن وجهي"


"وقحة أيضاً !"


تعمدت الفتاة رفع صوتها لتجذب أنظار الجميع نحوها، ذلك ما أشعر إميليا بالغضب فهي تكره هذا النوع من الأفاعي كثيراً


إستقامت إميليا بقوة ما جعل كرسيها يرتد للخلف مصدراً صوتاً مرتفعاً وقد رفعت أكمام فستانها العريضة و الشفافة


"رفعتِ صوتكِ للتو؟"


توترت الفتاة قبل أن تتراجع للخلف فجأة ثم تسقط أرضاً مدعية أن إميليا من دفعتها 


أطلقت إميليا ضحكة ساخرة مرتفعة 


التي أمامها تشبه شقيقتها الكبرى في التصرفات المقرفة و الغبية

وهي تجيد جيداً كيفية التعامل معها !


توقفت عن الضحك ثم تقدمت من الجالسة أرضاً و بعض مساعدات جيون الإناث يحاولن جعلها تستقيم 


كانت أعين إميليا مظلمة وقد حاولت التقدم أكثر نحو الفتاة لكن زوراَ التي قامت بشد ذراعها و منعها عن ما تقدم عليه


فالصغيرة كانت تحمل بين أصابع يدها سكيناً صغيرة للغاية دوماً ما تأخذها معها إحتياطاً


"إميليا، إرجعي لوعيكِ"


"أتركيني زوراَ!"


"ليس عليكِ فعل ذلك إميليا"


إنصاعت الصغيرة لحديث زوراَ و تراجعت للخلف تعيد إخفاء سكينتها الصغيرة وقد عادت ملامحها لتلك اللطيفة و الهادئة من جديد 


أما الفتاة فقد هربت نحو المائدة حيث والداها بقلق من إميليا الغريبة


و جيون فقد كان يسند ذقنه على ذراعيه فوق الطاولة وعيناه الهادئة تحدق بتركيز نحو الصغيرة


إبتسم بخفوت


تروقه شخصية إميليا التي بدأت بالظهور على حقيقتها و أخيراً.

الثالثة بعد منتصف الليل


كانت إميليا بفستان النوم و تستعد للنوم 

لقد تأخر الوقت كثيراً وتم منعها من العودة لغرفتها بسبب ضيوف الرئيس جيون 


وقبل أن ترتمي على سريرها قد سمعت طرقاً خافتاً على زجاج شرفتها المغلق

إستغربت و إعتقدت أنه مجرد وهم 

لكنها سمعت الطرق مرة ثانية و ثالثة 


وهي متأكدة أن ذلك ليس نقر أحد الطيور على زجاج شرفتها


تقدمت بحذر شديد نحو شرفتها 

فتحت زجاجها بعد تردد كبير، طلت برأسها لكنها لم تعثر على أي شيء خارجاً


تراجعت للخلف تحاول إغلاق الشرفة لكنها شهقت بخوفٍ حينما قفزت تلك الهيئة المظلمة الضخمة لداخل غرفتها بسرعة خاطفة


وقعت أرضاً وهي تحدق نحو صاحب العبائة السوداء الجالس أرضاً على مقربة منها 


"من أ..أنت "


تحرك الرجل الملتحف ليبعد قبعة عبائته السوداء 

كان شاب في العشرينات نوعاً ما، بشكلٍ داكن و عيون قاتمة

بشرة شاحبة بعض الشيء


هي متأكدة من كونه مصاص دماء


"لا تقلقي"


نطق بصوتٍ ضعيف بعض الشيء بسبب أنفاسه اللاهثة

و تعب جسده الوهن.

  لقراءة البارت الثالث والعشرون من هنا 

تعليقات