قصة مملكة مصاصي الدماء
البارت العشرون 20
بقلم مجهولا
مساحة خضراء واسعة و أشجار شاهقة،ظلام و بهتان يسيطر على أجواء تلك المنطقة
و كوخ خشبي قاتم
تقدمت الصغيرة نحو الكوخ، رفعت كفها الرقيقة لتفتح الباب الخشبي المتهالك
همت بالدخول له بخطواتٍ مترددة و خائفة
كان الكوخ فارغاً تماماً سوى من طاولة مستديرة صغيرة و كرسي خشبي مكسور و خزانة صغيرة مغلقة
تقدمت بخطواتٍ بطيئة نحو داخل الكوخ أكثر، ومع كل وطأة من قدمها تصدر أرضية الكوخ الخشبية صوت صرير مزعج و مُربك
إنتفض جسدها حينما سمعت صوتاً غريباً حيث الخزانة الصغيرة القديمة، حدقت بتركيز نحوها لتلاحظ قطرات حمراء خفيفة تتسرب من بين فراغات الخزانة
أخذت خطوات متوترة لتفتحَ الخزانة ببطء
وسعت عيناها حينما عثرت على جثة بشرية مشوهة بشكلٍ مرعب
إنتفض جسد الصغيرة لتستقيم بجذعها العلوي تنظر حولها بخوف، كان كابوس آخر..
الكوابيس الدموية البشعة تلاحقها طوال الليل وهي تخاف و بشدة الدماء
حدقت في الساعة الرقمية الموضوعة على مكتب غرفتها الصغير، كانت الساعة تشير إلى الثانية ليلاً، أبعدت الغطاء الأبيض عن جسدها ثم نهضت من السرير تأخذ خطواتها نحو خارج الغرفة ببطء شديد بسبب ألم جسدها
نزلت الدرج وهي تتشبث بسياجه المعدني
ترغب بالذهاب للمطبخ من أجل شرب كأس مياه يزيل جفاف حلقها، إستغربت من وجود والدتها التي تجلس على كرسي و تسند رأسها على الطاولة الخشبية البيضاء و أمامها شمعة مشتعلة قاربت على الذوبان بأكملها
حاولت إميليا تشغيل ضوء المطبخ من الزر الخاص به لكنه لم يعمل، يبدو أن الكهرباء قد قطعت أو شيء من ذلك
وهذا يفسر سبب إستعمال والدتها للشموع
تقدمت أكثر نحو والدتها لتنفخ على الشمعة ما جعلها تنطفئ على الفور، ثم فتحت الثلاجة لتستخرج منها عبوة المياه الزجاجية
سكبت لنفسها في كأس كبير ثم شربته دفعة واحدة..
رفعت والدتها رأسها حينما سمعت صوت إغلاق باب الثلاجة الذي كان مرتفعاً بعض الشيء فقد غفت من دون أن تدرك ذلك
نظرت بتعجب نحو إميليا التي أعادت القنينة إلى الثلاجة ثم سحبت كرسياً من على المائدة البيضاء و جلست عليه ترمي بثقل جسدها المنهك على مسنده
"إميليا؟ لمَ أنتِ مستيقظة للآن؟!"
"لا أدري"
"لا تدرين؟"
لم تتلقى جواباً من الصغيرة التي ضمت ذراعيها فوق الطاولة ثم حشرت وجهها بينهما بتعبٍ كان واضح، فالألم الذي تشعر به بكامل جسدها لا يستهان
ذهبت الكثير من المرات للطبيب و المستشفيات، أجرت فحوصات عديدة و شربت أدوية مضادة للألم و مسكنات لكن لاشيء من ذلك أعطى نتيجة أو فائدة ..
والدتها تعلم بكل تعب جسد الصغيرة وذلك ما يجعلها قلقة عليها للغاية، فلم تلبث أن تفرح بعودة إبنتها حتى رأت كيف هي صحتها المتدهورة و حالتها التي تسوء يوماً على يوم
رغم أن جميع الفحوصات الطبية تأكد بعدم وجود أي مرض أو مشكلة في جسدها
"إميليا، ألن تخبريني بما حدث لكِ في الغابة طوال الأسابيع الماضية ؟"
"لا أتذكر شيئاً"
"هذا غير منطقي !"
لم تتلقى الأم جواباً من إبنتها ما جعلها تشعر بالإستياء
لذا غادرت المطبخ تاركة الصغيرة على وضعها
مرت نصف ساعة ولم تتحرك إميليا من مكانها أو تغير وضعيتها، كانت تكتفي بالنظر نحو النافذة الصغيرة المطلة على الشارع الساكن و تلك الأعمدة الكهربائية المنيرة
نهضت فجأة وصعدت نحو غرفتها بسرعة غير آبهة بكون صوتِ طرق أقدامها مع أرضية الدرج كان عالياً و سبب إستيقاظ شقيقتها
فتحت باب غرفتها لتحمل معطفها و حقيبتها بهمجية
نزلت مجدداً و بسرعة بينما تحاول إرتداء المعطف فوق ثياب النوم المتكونة من قميص و بنطال فضفاض
لم تحاول حتى جمع شعرها المبعثر و المنسدل على ظهرها
خرجت من المنزل وصفعت الباب خلفها ثم ركضت بأقصى ما لديها نحو الشوارع الرئيسية
عليها التحقق مما يدور في بالها
رغم أنها متأكدة من كل ما فكرت به طوال الأيام السابقة !
متأكدة من أن إرهاق جسدها له علاقة بالغرابي..
وقفت على الرصيف أمام الطرق الخالية نسبياً وهي تلتفت يميناً و يساراً في محاولة منها لإيجاد سيارة أجرة رغم أن ذلك مستحيل في هذا الوقت المتأخر جداً
أشرت بذراعها بسرعة حينما لمحت سيارة أجرة تسير بعيداً
إستطاع السائق لمحها لذا غير وجهة سيره ثم توقف أمام التي همت بالصعود في المقاعد الخلفية بسرعة
وهي تنظر نحو الرجل العجوز بعض الشيء والذي نطق كلماته وهو ينظر نحوها من خلال المرآة الصغيرة
"لقد إنتهى دوامي بالفعل، لكن بما أنكِ تبدين مستعجلة فلا بأس بتوصيلة أخيرة، أين آخذكِ آنستي؟"
"أشكرك، خذني لغابة الموت رجاءاً"
"متأكدة؟ في هذا الوقت؟!"
"أجل، من فضلك أنا مستعجلة"
تنهد السائق ثم بدأ بالقيادة نحو الغابة و بعض الإستغراب يملئ وجهه
فمن ذا الذي يذهب للغابة الخطيرة وفي الثانية ليلاً ؟
أعطت إميليا تكلفة الأجرة للسائق حينما توقف أمام مدخل الغابة الحجري الكبير
ثم نزلت وهي ترتدي حقيبتها على كتفها
سارت بخطوات مستعجلة وهي تحكم إغلاق المعطف حول نفسها فقد كان الجو بارداً
تخطت تلك اللافتات المحذرة ثم توغلت في الغابة في ذات الطريق التي سلكتها في أول مرة دخلت بها هنا
هي لم تعد تتذكر أين قد تجد البوابة الخاصة بمملكة مصاصي الدماء
لكنها تعلم جيداً أن الغرابي يشعر بوجودها هنا
فهو المكلف بحراسة الغابة و البوابة
أعادت خصلات شعرها الطويل لخلف أذنها و أنفها قد إحمر بفعل الهواء البارد الذي يلفح وجهها
مضت دقائق عديدة وهي تسير في تلك الغابة ولم يظهر الغرابي بعد، هي متأكدة الآن أنها تائهة في الغابة بالفعل
"لم أتوقع عودتكِ بهذه السرعة"
إنتفض جسدها بخوفٍ و تفاجئ على إثر ذلك الصوت الهادئ
رفعت رأسها بسرعة نحو الغرابي الذي كان يجلس القرفصاء على غصن شجرة كبيرة وبين أصابع يده سيجارة قديمة الطراز يستنشق سمها بين الحين و الآخر و ينفث دخانها الرمادي الباهت في الظلام الدامس سوى من نور القمر الساطع
منذ متى وهو يدخن
"هل و بالصدفة أصبحت قرداً سيد جيون؟"
نطقت كلماتها بسخرية من طريقة جلوسه على غصن الشجرة الشاهقة ثم تراجعت للخلف قليلاً لتتمكن من رؤية هيئته المظلمة بوضوح أكبر
تستطيع سماع صوت ضحكته الخافته و الساخرة من كلامها
"إنزل من عندك علينا التحدث و الآن"
"بشأن ماذا"
"بشأن ما فعلته بجسدي ! أنا متأكدة أنك وراء كل ما يحدث لي !"
"أوه، تلك كانت هدية بسيطة"
"هدية هل تمزح جسدي قارب على الإنهيار تماماً "
"لم أرغمكِ على تناول المكسرات تلك المرة"
"مهلا ماذا ! ألم تكن تلك المكسرات هدية"
"هي كذلك"
توسعت أعينها بصدمة شديدة حينما أدركت أن تلك الشوكولا و المكسرات التي جلبها لها تلك المرة كانت سامة و ملعونة
تعالت ضحكات الغرابي الساخرة في أنحاء الغابة الساكنة من ملامح الصغيرة المصدومة والتي قد تداركت و أخيراً موضوع الهدية
"مهلاً، لا تخبريني أنكِ كنتِ تعتقدين أنها هدية لطيفة مني"
تصاعد الغضب لجسد الصغيرة التي أصبحت تشتم نفسها لظنها أنه كان لطيفاً بينما هو كان شديد المكر
"تباً لك أيها الماكر! فل تفعل شيئاً لتبطل مفعول هذه اللعنة "
"ألفاظكِ"
إحتد صوته حينما قامت الصغيرة بشتمه لكنه سرعان ما إبتسم بجانبية وهي إستطاعت رؤية ذلك
أهو منفصم
تراجعت للخلف بتفاجئ حينما قفز من مكانه ليقف أمامها مباشرة بهيئته المظلمة و الضخمة، السيجارة معلقة بين شفتيه و عيناه مصوبة خلفها
"زائر جديد"
قال كلماته بإبتسامته الجانبية و عيناه تنظر بحدة نحو أحد الأشجار الكبيرة
إلتفتت إميليا بدورها نحو الشجرة بإستغراب
لكنها صدمت حينما رأت ذلك الجسد يختبئ خلف الشجرة بإرتجاف
لقد كانت شقيقتها تمارا.
حدقت الصغيرة نحو جسد التي تختبئ خلف الشجرة الكبيرة بخوف
شعرت بالغضب فلم تتوقع أن وقاحة شقيقتها قد تصل لدرجة اللحاق بها، بلا شك قد سمعت كل الحوار الذي دار بينهم
"تمارا مالذي تفعلينه هنا"
خرجت تمارا من خلف الشجرة بتوتر كبير حينما سمعت إسمها و أدركت أنها أصبحت مكشوفة لهما
كانت تتقدم نحو إميليا بخوف من نظرات عيون الغرابي الحمراء الذي قد ألقى سيجارته أرضاً ثم دعس عليها بقدمه
"أ..أنا فقط.."
"أنتِ فقط تتجسسين علي"
"ليسـ.."
"غادري المكان الآن وإياكِ وقول أي شيء مما حدث وإلا صدقيني سأجعلكِ طعاماً لهم بنفسي "
"ل..لكني تائهة هنا"
"لايهمني"
رفعت الشقيقة الكبرى نظرها نحو الغرابي الذي كان يقترب من الصغيرة بخطوات هادئة، شعرت بذعر أكبر من هيئته المظلمة و بنيته الكبيرة ما جعلها تركض بسرعة حيثما أتت
إلتفتت الصغيرة نحو الخلف حالما إختفت شقيقتها عن أنظارها لكنها تفاجئت قليلاً حينما قابلها صدره العريض الملتحف بقميص شديد السواد
تراجعت للخلف بينما تبعد خصلات شعرها التي تضايقها و تلتصق بوجهها
"فل تجد لي حلاً "
تحدثت تخاطب الذي إستدار نحو وجهة معينة و أخذ خطواته الهادئة بعيداً
لم تكن لإميليا القدرة على السير طويلاً لكنها مضطرة على اللحاق به
عليها إيجاد حل لإبطال مفعول اللعنة على جسدها
جسدها ينهار أكثر فأكثر
وإن إستمرت على ذلك فستنتهي قريباً..
حاولت الركض نحوه لكنها إصطدمت بقوة بجسدٍ قد إعترض طريقها، تراجعت للخلف بينما تدعك ملامح وجهها المتألمة ثم نظرت نحو زوراَ التي كانت ترتدي ثياب جلدية صلبة وملامح قاسية تعتلي وجهها الحاد
حاولت تجاهل زوراَ واللحاق بالغرابي الذي قد إبتعد كثيرا لكنها تلقت دفعة قوية منها جعلتها تتراجع للخلف بقوة
"زوراَ إبتعدي عن طريقي"
"ليس قبل تصفية الحساب"
شعرت إميليا بقلق أكبر حينما رأت زوراَ التي قد بدأت بالتقدم نحوها ببطء وهي تحمل بين أصابع يدها خنجر فضي
مع كل خطوة تتقدمها زوراَ تتراجع معها إميليا للخلف إلى حين إلتصاقها بشجرة كبيرة
أغمضت الصغيرة عيناها بقوة وهي ترى الأخرى تركض بسرعة نحوها
هي عاجزة عن الحراك أو إصدار أي رد فعل من تقدم الأخرى نحوها بسبب صدمتها الشديدة من تغير زوراَ لذاك الشكل و كذلك بسبب ضعف جسدها المنهار تماماً
شعرت إميليا بأذرع تسحب جسدها سريعاً بعيداً عن زوراَ التي قد إخترق خنجرها جذع الشجرة الكبيرة
رفعت الغاضبة عيناها بحقدٍ كبير نحو ألبرت الذي يحاوط جسد الصغيرة الضعيف بين يداه و عيناه كانت تلمع بغضبٍ كبير
قد تدخل في الوقت المناسب..
"ألبرت !! متى ستتوقف عن التدخل بشؤوني "
"شؤونكِ؟ مثل محاولة قتل إميليا!؟"
"تلك مجرد ماكرة و خبيثة، قد خدعتنا جميعاً ومن بينهم أنت"
"وماذا تنتظرين من شخص تم إختطافه وإبعاده عن عالمه و حياته إلى عالم موحش!"
"ذلك لا ينفي أنها مجرد خبيثة و متصنعة!"
حوار حاد يدور بين ألبرت و زوراَ تحت أنظار الصغيرة التي قد فقدت جميع قوى جسدها و عيناها لاتزال متوسعة بصدمة بينما تحدق في الخنجر الفضي المغروس في جذع الشجرة والذي كان من المفترض أن يخترق جسدها هي..
هي لا تصدق أن زوراَ حاولت فعل ذلك
تعلم جيداً أنها غاضبة منها بسبب ماحدث تلك الليلة
وهي لم تكن تقصد خدشها بالسكينة الملعونة..
كانت تعلم أن زوراَ ستحاول اللحاق بها لذا لم يكن أمامها شيء لفعله سوى منعها ..
سحبت زوراَ الخنجر من على الشجرة و أنظارها الحادة موجهة نحو إميليا التي كانت على وشك إغلاق عيناها بإرهاق، كانت في حالة إغماء..
إستقام ألبرت بينما يحمل بين يداه الصغيرة مقرراً أخذها معه لكن أوقفته زوراَ التي بدأت تتقدم بخطوات بطيئة نحوه
أصبح يشعر بالغضب الكبير من تصرفاتها التي يراها طفولية للغاية
"زوراَ ! لاتكوني طفلة ! هي مجرد بشرية ضعيفة كل ما ترغب به هو عالمها وحياتها، لا ترغب بالبقاء في المملكة الموحشة"
هي تعلم ذلك جيداً لكن الغضب من إميليا ومن خداعها جعلها معمية تماماً، كل ما تفكر به في هذه اللحظة هو الإنتقام من التي كانت تعتبرها صديقتها المقربة
رفعت الخنجر ثم إنطلقت بسرعة فائقة نحو ألبرت، ولكنها وقبل أن تصل له قد تلقت صفعة قوية جعلت منها تقع أرضاً
رفعت كفها تتحسس خدها الذي قد طبعت عليه أصابع ألبرت من قوة الصفعة وعيناها متوسعة بصدمة
"لا أحب رفع يدي على إمرأة، لكنكِ تستحقينها"
ألقى كلماته ثم سار بخطوات بطيئة بعيداً
لكنه توقف للحظات حينما سمع كلمات زوراَ الصارخة
"أنت تفعل ذلك فقط لأنك تحبها ألبرت"
ظل واقفاً للحظات قبل أن يكمل سيره وبين يداه الصغيرة الفاقدة لوعيها منذ فترة
أما زوراَ فقد ضربت الخنجر الفضي مع الأرض بقوة وغضب
تشعر بمشاعرها هائجة للغاية
وقعت عيناها نحو الشجرة التي تحمل شقاً كبيراً بعض الشيء بسبب الخنجر
هدأت أنفاسها المتسارعة و مشاعرها وقد بدأت تعي أفعالها وما كانت ستؤدي به
لو لم يتدخل ألبرت هل كانت ستكون قد أفقدت إميليا حياتها ؟
بعثرت شعرها بغضبٍ من نفسها ثم حشرت وجهها بين يداها وهي لاتزال جالسة على الأرض
فتحت ذات الشعر الغرابي الطويل عيناها البنية الداكنة بخمول شديد، ظلت تحدق في الجدران الباهتة و الشموع التي تتحرك نارها ببطء بسبب الرياح الخفيفة
غيرت نظرها نحو الشرفة الكبيرة و المفتوحة بتلك الستائر التي ترفرف ببعض القوة نظراً للرياح
"أووه آسفة نسيت إغلاق الشرفة"
حركت رأسها تنظر بإستغراب نحو ذات الجسد القصير بثياب الخدم وهي تدخل لباب الغرفة و تسرع نحو الشرقة لتقوم بإغلاقها
وسعت عيناها حينما أدركت أن تلك الفتات كانت أليس و الغرفة التي فيها هي ذاتها غرفتها في مملكة مصاصي الدماء
إستقامت بسرعة تغادر السرير لكنها ما إن حاولت الوقوف حتى هوى جسدها أرضاً و ألم شديد يفتك كامل جسمانها
سارت أليس نحوها لتجلس على الأرضية المفروشة بسجادة حمراء صوفية وهي تتفقد إميليا المتألمة و المرعوبة بذات الوقت
"يا إلهي إميليا هل أنتِ بخير؟"
"مالذي أ..أفعله أنا هنا"
"أنا لا أعلم، فقد جلبكِ ألبرت، أرجوكِ تماسكِ فأنتِ متعبة"
رفعت إميليا نظرها نحو باب الغرفة الذي قد فتح و دخل من خلاله ألبرت القلق
في الحقيقة كان طوال الوقت أمام باب غرفتها وحينما سمع صوتها الشبه صارخ دخل ليتفقد الأمر
إمتلئت ملامح إميليا بالغضب وهي تحاول النهوض نحو ألبرت القلق لكنها سرعان ما وقعت مجدداً، هي غير قادرة على الوقوف أو الشعور بقدماها !
حاول الآخر التقدم نحوها لكن صوتها الصارخ و الغاضب قد أوقفه
"ألبرت أنا أهرب من المملكة وأنت تعيدني "
"إميليا أنتِ متعـ.."
"أغلقي فمكِ أليس "
حاولت أليس جعل الصغيرة تهدأ فقد كانت في حالة هستيريا لكنها فقط تلقت هسهسة حادة منها
تنهد ألبرت وهو يتقدم نحوها
كان يعلم أن هذا سيحدث حينما تستيقظ
"لقد فقدتِ وعيكِ إميليا"
"لدي عائلة ومنزل ! فقدت وعيي أعدني لعائلتي أو خذني للمستشفى ! لا أن تعيدني إلى هذا المكان اللعين !"
"لا فائدة من وجودكِ هناك، عليك أن تبقي هنا إلى حين العثور على حلٍ لفك اللعنة التي أصابتك إميليا!"
لم تكن الصغيرة تصغي لحديثه حتى
كانت كل ما تحاول فعله هو النهوض
لكنها في كل مرة تسقط بدون فائدة
"لمَ لا أستطيع الوقوف و الجحيم"
لايمكنها تصديق ما يجول في تفكيرها
لكنها متأكدة أن ذلك بسبب المكسرات التي تناولتها
لقد بدأ جسدها بالإنهيار بالفعل وقد كانت البداية من قدماها ..
دفعت أليس لتبتعد عنها ثم وقفت هذه المرة و أخيراً لكن وبصعوبة شديدة لثوانٍ قليلة و وقعت مجدداً
"فل يخرج الجميع من هنا لا أريد رؤية أحد"
صوتها كان مرتفعاً للغاية و غاضباً
وقد إنصاع ألبرت و أليس لرغبتها وخرجاَ من الغرفة
ربما هي بحاجة لبعض الوقت
أسندت ظهرها على طرف السرير ثم إنهارت بكاءً مثل الطفلة
لكنها سرعان ما مسحت دموعها بأكمام ثيابها حينما لاحظت الذي يجلس على كرسي شرفتها ويضع قدماً فوق الأخرى
إبتسامة ساخرة على وجهه..
كان يسخر منها ومن ضعفها !
"قرد وقح! "
"بطة سمينة"
مهلا لحظة
هل وصفها للتو بالبطة و السمينة
"سمينة ! ياصاحب أسنان الأرانب البرية"
لم تتلقى منه رداً إنما قد نهض من مكانه
تقدم لينحني قريباً منها وعيناه تشع مكراً
"لسانكِ طويل، يحتاج للتربية"
"إ..إبتعد عني!"
تنحى للخلف قليلاً ثم جلس بقربها
هي ترغب بالنهوض و الهرب من هنا، لكنها غير قادرة على الوقوف حتى..
"لديكِ خيارين لاغير"
"لا، أعتقد أني أملك خيارين و حبة طماطم"
حتى في أضعف حالاتها لاتزال سليطة اللسان..
كانت ملامحها ساخرة لكنها تحولت لأخرى متوترة
فملامح الغرابي كانت جامدة و جدية
لم يكن هناك مجال للمزاح.
" حسنا ما الخيارين الذي ..لدي؟"
"العودة لعالمكِ بجسدٍ مشلول تماماً، أو البقاء هنا بجسدٍ سليم."
"م..ماذا"
كانت أقصى مخاوفها أن تصبح مشلولة يوماً ما
وهو يستغل ذلك لصالحه..
يسعى لكسر عنادها بأي طريقة كانت..
والتي تبعتها إلى هنا من دون أن تشعر.