قصة مملكة مصاصي الدماء
البارت الثامن 8
بقلم مجهولا
مساءاً، كانت إميليا تجلس على أريكة كبيرة بنية اللون بالقرب من شرفت غرفة النوم خاصتها بينما تحمل في يدها اليمنى كتاباً عن مصاصي الدماء و حياتهم
واليد الثانية تحمل كوب قهوة خفيفة قد أعدتها لنفسها
قد تناولت عشائها بالفعل
لكن جيون لم يكن متواجداً هو و بعض مساعديه
سألت زورا عن السبب وقد قالت لها بكون الرئيس له شيء عليه إنهائه مع أعدائه
لذا خرج هو و مساعديه الأقوياء منذ وجبة الفطور صباحاً
هي تشعر بملل شديد رغم كِبر القصر و ضخامته
و تفتقد عالمها البشري و رفاقها و ثانويتها
حسناً نوعاً ما هي لا تفتقد ثانويتها، ففي نظرها قد إرتاحت من الواجبات المنزلية و الأساتذة المتسلطون
تنهدت ترخي جسدها على تلك الأريكة الكبيرة و المريحة
وضعت كوب قهوتها بعدما أنهته على طاولة صغيرة تقع جانب الأريكة
كان شعرها الطويل و الأسود منسدلاً، هي تمتلك شعراً حريرياً و طويل للغاية
يكاد طوله يتجاوز خصرها النحيف
ترتدي فستان النوم الحريري العريض و الطويل الأبيض
ثياب النوم هنا تشبه خاصة العصر الملكي القديم
تغطي قدماها بجوارب قطنية صغيرة
السماء كانت مظلمة و غائمة فالآن الساعة تشير للواحدة بعد منتصف الليل
الأشجار تتحرك ببعض القوة و الأمطار بدأت الهطول بغزارة و الإصطدام ضد زجاج الشرفة المغلق
غالباً ما يكون الجو في هذه المملكة عاصفاً أو ممطراً
زفرت أنفاسها براحة، فهي تحب هذه الأجواء كثيراً
تركت الكتاب جانباً و تمددت أكثر على الأريكة حتى أصبحت شبه نائمة عليها
أبعدت عيناها عن المنظر خارج الشرفة و وجهتها نحو باب غرفتها الذي طرق بخفة يليه دخول زوراَ رفقة إحدى الفتيات و التي تدعى أليكس
أليكس مصاصة دماء أيضا مثل جميع مساعدي جيون
لكنها لم تحاول إيذائها بأي شكل ولا أي أحد في هذا القصر حاول حتى
ربماَ لأنهم يعتقدون بأنها ضيفة رئيسهم هناَ
أليكس كانت ممتلئة الجسد بعض الشيء و ذات شعرٍ أسود مجعد و عيون واسعة و عسلية
إبتسمت لهن حينما تقدمتاَ و جلست كلٌ منهن على أحد الأرائك الموزعة بقربها
"ظننتكِ نائمة الآن "
"كما ترين، لست كذلك "
بادرت أليكس بالحديث و إكتفت إميليا بالإجابة و نظرها معلق على الأمطار القوية للغاية خارجاً
هي فكرت، هل جيون يتعرض الآن لهذه الأمطار القوية؟
فبطبيعة الحال هنا في عالم مصاصي الدماء لا وجود لأي تكنولوجيا أو سيارات و أجهزة تواصل و مصابيح كهربائية
كل شيء هنا بدائي للغاية
وهم يتنقلون على الغالب بإستعمال قواهم، قوى مصاصي الدماء
إستدارت إميليا نحو الفتاتين اللواتي ينظرن نحو الشرفة و بشعورهم بنظراتها نحوهن إستدرن لها على الفور
يعلمان بالفعل بما تفكر به، المزيد من الأسئلة الفضولية عن مصاصي الدماء و حياتهم !
فلم تتوقف عن طرح الأسئلة منذ قدومها لهناَ
"لماذا جيون يقتل كل من يدخل الغابة الخاصة به في عالم البشر ؟"
"لأنها تحتوي على البوابة لعالم مصاصي الدماء"
"يمكنه إبعادهم فقط ! لما يقتلهم بتلك الطريقة الوحشية و يمتص دمائهم؟!"
تلك طبيعته كملك مصاصي الدماء، فالملوك يكونون أكثر تعطشاً للدماء من باقي الشعب، ثم إنك تعلمين جيداً أن أي بشري فضولي علم بأمر البوابة سيمرر الخبر لأنحاء عالمكم كله، حينها سنضطر لسفك دمائكم جميعاً!"
كان حديث زورا مقنعاً للغاية، فهم لا يفعلون شيئاً سوى حماية مملكتهم من البشر المتطفلين
"لكن لماذا جيون بالضبط الذي يحرس البوابة
"واجب أي ملكٍ يحكم مملكة مصاصي الدماء حمايتها بنفسه و تحمل كل مسؤولياتها، لا تعتقدي أنه الملك فيعني ذلك أنه سيتربع في القصر و يأمر فقط كما في عالمكم"
شعرت إميليا بالفضول أكثر و بدأت بطرح أسئلة أكثر
"ولماذا يتواجد بشريون في القصر هنا ؟"
"بسبب إقدام بعض رجال شعب مصاصي الدماء بالزواج من بشريات "
"أمسموح بذلك؟"
"أجل مادام قلب البشرية طاهراً و خالياً من أي تطفل"
"لماذا تشبهون البشر كثيراً في المظهر"
تنهدت روزا من هذه الفضولية الصغيرة والتي تلمع عيناها تشوقاً للأجوبة لكل أسئلتها
"نحن لا نختلف بشيء عن البشر سوى أننا نملك مظهراً آخراً مخيفاً و قوى عظماَ"
"هل يتواجد بعض من مملكتكم في عالم البشر ؟"
" أجل، أغلب شعبنا يعيش مع البشر و مختلط معهم بشكلٍ عادي، لكنه سيعاقب من طرف الملك إن قام بأي خطأ مثل إظهاره لشكله الوحشي"
صفقت إميليا بيداها بمرح
فهي بدأت تحب سماع الكثير عن حيات مصاصي الدماء
لمعت عيناها أكثر حينما قالت سؤالها الأخير بفضول شديد
"و.. كم عمر الامبراطور جيون؟"
" الخامس و الثلاثون "
أجابت أليكس ببساطة وهي تضم قدماها نحو صدرها
توسعت أعين إميليا بصدمة
"ماذا؟؟!، أليس من المفترض أن يكون عمره يتجاوز الألف عام كما في الأفلام ؟!"
"ألف عام! هل أنتِ جادة ! بالكاد يصل عمر مصاصي الدماء لعمر المئة سنة"
"عزيزتي إميليا، تلك مجرد أفلام لا صحة لها، مصاصي الدماء شبيهون بالبشر كثيرا، و يكبرون في السن و يموتون كما البشر"
كتفت إميليا ذراعيها نحو صدرها وهي تستمع لحديث زوراَ و أليكس
كانت غبية للغاية بتصديقها للأفلام السخيفة
ضلت على نفس الحالة وهي تسأل و الأخريات يجاوبن لفترة طويلة وقد تجاوزت الساعة الثالثة بعد منتصف الليل
لذا إنصرفت زوراَ و أليكس لتناما
بينما إميليا إستلقت على سريرها تناظر المطر الذي لايزال يتساقط
"الخامس و الثلاثون إذاً، قارب على أن يصبح عجوزاً "
كانت تحادث نفسها بخفوت وهي تبتسم ببلاهة، لم تعتقد أن جيون سيكون بهذا العمر
مر الكثير من الوقت وقد أطفأت الشموع المضيئة للغرفة و أغلقت ستائر الشرفة لتصبح الغرفة شديدة الظلام
للآن لم تستطع النوم، ربما بسبب القهوة التي شربتها أو ربما بسبب تزاحم الأفكار داخل رأسها
أغمضت عينها تتنهد بهدوء، تحاول النوم بأي شكلٍ كان
مرت دقائق قليلة إلاَّ وهي تشعر بالسرير ينزل قليلاً من الجهة الأخرى و بتلك الأذرع القوية تحيط خصرها بهدوء
تستطيع تمييز ذلك العطر المخدر جيداً، هي متجمدة مكانها وليست قادرة على فتح عيناها حتى
تلك الأنفاس الدافئة التي تصطدم برقبتها و ذلك الصدر الصلب التي يلتصق بظهرها من الخلف و كذلك تلك اليد الكبيرة التي تحيط و تضغط بخفة على خصرها و معدتها
تشعر بدفئ كبير للغاية...
هي تعلم جيداً أنه يعلم بكونها مستيقظة و تمثل النوم
لكنها و بحق جسدها مخدر تماما و تعجز عن إصدار أية رد فعل فبحضرته و قربه منها تفقد كل قوى جسدها !
كانت تلك الذراع تحيط بها بإحكام
للحظة شعرت إميليا بفراشات تداعب مشاعرها بسبب أصابع كف جيون التي تحيط معدتها
فتحت عيناها ببطء لتقابل أمام ناظريها ضوء القمر الخافت الذي يدخل عبر ستائر الشرفة
إستجمعت ماتبقى لها من قوة و شجاعة لتستدير نحو ذاك الجسد الساكن
واجهت صعوبة في الإستدارة بسبب ذراعه
حالما إستدارت نحو صَدمت أنفها بفكه
لم تكن مدركة أنه بذاك القرب الشديد منها
كان وجهها يقابل رقبته و فكه الحاد
أبعدت رأسها بخفة نحو الخلف لتتمكن من رؤية ملامحه
عيناه كانت مغمضة و أنفاسه تخرج بوتيرة هادئة
لوهلة ظنت أنه نائم لكنها فوجئت به يفتح عيناه الغرابية و يحدق بها بهدوء شديد
لايمكنها في هذه اللحظات الشعور سوى بأنفاسه و ذراعيه
تناست تماماً صوت المطر الغزير و الرعدٍ في الخارج و صوت دقات الساعة القديمة
نطقت أخيراً بصوتٍ متوتر قليلاً
"لما أ.. أنت هنا ؟"
خرج صوتها بتأتأة، لعنت نفسها كثيراً بسبب ضعفها الغير مفسر أمامه
لم يكلف الغرابي نفسه الرد عليها حتى
و إنما دنى يحشر وجهه ضد بشرة رقبتها التي وجدها ناعمة للغاية
لايمكنه تمالك نفسه أمامها
رائحة جسدها و دمائها تجعله لا يرغب سوى بحشر نفسه عندها أكثر فأكثر
كانت تشعر بشفتاه الرقيقة ملتصقة صد بشرة عنقها جيداً
لكنها لم تكن قبلة
حاولت التصرف بشكلٍ عادي و عدم إظهار ضعفها أمامه
لكنها تعلم جيداً بكونه يعلم بكل ما تشعر به من ضعف في حضرته
رفعت كفها الرقيقة تخلل أصابعها بين خصلات شعره الغرابية
لا تعلم لما فعلت ذلك لكنها تنفذ رغبتها في تلمس شعره الذي يعجبها حقاً
وذلك التصرف قد جعله يسترخي أكثر
أنزل رأسه من على رقبتها ليتخذ صدرها وسادة له
وهي وسعت عيناها من فعلته
تشعر بأنها ستنفجر من الخجل وهي تشعر بخده متكئ على صدرها
لكنها إكتفت بالهدوء إلى أن أغمضت عيناها ببطء مستسلة للنوم الذي قد زارها وبقوة فجأة
ولم تعد تشعر بشيء بعدها، وقعت في نومٍ عميق
صباح اليوم الآخر ..
فتحت عيناها ببطء و إنزعاج بسبب أشعة الشمس التي تنعكس على وجهها
إستقامت بجذعها العلوي تناظر الغرفة
باب الشرفة و الستائر مفتوحة على وسعها و الأمطار قد توقفت و لم يبقى منها سوى قطرات المياه الصغيرة العالقة على أوراق الشجر
و تربة الأرض المبتلة خارجا
هي تتذكر أنها قامت بإغلاق الشرفة و الستائر
فنجان قهوتها الخاص بأمس لايزال مكانه على المائدة رفقة كتابها
سرعان ما تذكرت أحداث ليلة أمس لذا نظرت سريعاً للجهة الأخرى من السرير و التي كانت فارغة و فراشها مبعثر بعض الشيء دلالة على نوم أحدهم هناك
إحمرت خداها بشدة، هي لا تصدق أن جيون شاركها النوم بل وكذلك قام بإحتضانها و النوم على صدرها
هي تستطيع إشتمام عطره العالق على أفرشة سريرها بوضوح
بعثرت شعرها الطويل بكلتا يداها بهمجية، لا تعلم كيف ستنظر لوجهه
رفعت نظرها نحو الساعة الخشبية القديمة والتي كانت تشير إلى الثامنة و الربع صباحاً
ستتأخر على الفطور الذي يبدأ خلال التاسعة
نهضت سريعاً نحو حمام غرفتها لتستحم بسرعة
أخذت حماما بعطر زهرة الخُزاما بشكلٍ سريع ثم إرتدت فستاناً أحمراً قاتماً رفقة حذاء بذات اللون ذو كعبٍ متوسط العلو
هي قصيرة حقاً، وعليها أن تطول قليلاً، فهي الأقصر بين فتيات القصر هنا
رفعت شعرها على شكلِ ذيل حصان ومن ثم وضعت مرطباً تقليدياً على شفاهها
أخذته من زوراَ!
نزلت سريعاً نحو صالة الطعام والتي كان أغلب المتواجدين يتخذون مكانهم بالفعل سوى القليل ومنهم الرئيس جيون الذي لم يأتي بعد
جلست في مكانها المعهود و ناظرت تلك الشقراء الواقعة في حب جيون و المدعوة هِيلي ببغض
فهي لا تطيقها أبداً فتصرفاتها الدرامية تقرفها
حولت نظرها سريعاً للغرابي الذي دخل من باب الصالة متوجهاً نحو مجلسه
كانت يرتدي السواد كما هو معتاد لكن هذه المرة كان قميصه أحمر قاتما وذو قماش خفيف بعض الشيء
مهلاً ! هو يرتدي ذات لون فستانها !
شعرت ببهجة غامرة، فهما يبدوان كثنائي الآن
لم يكن يرتدي أحد على المائدة ذات اللون الأحمر القاتم سواهما
إبتسمت ببلاهة كعادتها لكنها سرعان ما تحولت ملامحها الى أخرى متفاجئة حينما نظر لها الغرابي و إبتسم إبتسامة خفيفة بالكاد تُرى
لكنها إستطاعت رؤيتها !
هل إبتسم لها للتو بحق الجحيم!!
تمالكت مشاعرها المضطربة و بدأت تتناول طعامها بعدما رأت أن الرئيس بدأ بالأكلِ بالفعل
و إبتسامة سخيفة تزين وجهها
كانت تبدو مثل المجنونة !
هل من أحد يبتسم وحده.