رواية جبروت صعيدي
الفصل الثاني 2
بقلم سامية صابر
ظلت تضربه بقوتها المعهودة الى ان ابتعد عنها ووقعت هي ارضا تُلملم فستانها حولها وهي تبكى بقهر وبشدة ، تراجع هو للخلف قائلا بنبرة قاسية
=كُنتِ عامله فيها من شوية شبح.. دلوقتي رجعتى فجأة.. ولا انتِ فعلا بتحبى الحرام ... عموما انا ميهمنيش اي حاجة واصلا يوم ما أفكر مش هفكر المسك انتِ هتكون ست محترمة عليها القيمة، انتِ يكفيكي شرف خدتي لقب زوجتي لا اكثر ولا اقل ، وزواجنا صفقة اصلا علشان شغلى ما ابوكي يمشي يا مُهرَّة، وادينى بحذرك تغلطي تاني... اتنيلي قومي غيرى..
نهضت بسرعة البرق الى المرحاض واغلقته بقوة وانهارت في المرحاض تبكي وترتعش وهي تتذكر الماضى بقساوته وحقارته...
انفصل عمران عن زوجته بعد خلافات عديدة، وكانت مهرة في سن صغير نوعاً ما متعلقة بوالدتها حقاً، ف اختارت البقاء معها مدي الحياة، بينما اختارت الطفلة عهد وعطر التى كانت كبيرة البقاء مع والدها...
والدة مُهرَّة إمرأة زانية وليعاذُ بالله، تلتقي مع الرجال في الغرف مٌقابل جزء من المال ،وهذا ما اكتشفه عمران مؤخرا ولم يتحمل وطلقها وكان سيقتلها، رأت مُهرَّة تلك المشاهد القذرة اكثر من مرة ،وكانت والدتها تعاقبها لانها رأتهم بالذل والضرب بأشد الانواع وأجبرتها في سن السادسة عشر ان تختلى مع الرجال وتكون مكانها ،أدمنت كُل انواع المُخدر، والتقت مع كثير من الرجال، أصبحت نسخة من والدتها رغم انها تكره ذالك لكنها اعتادت...
حتى توفت والدتها وعلم والدها بالامر وقرر أخذها معه وحاول اكثر من مرة ان يعالجها، لكنها في اخر مرة هربت من المستشفى وكانت تلقى بنفسها من برج القاهرة ، فقرر والدها ان يزوجها لرجل قوي يحكمها، ولم يرَ أقوي من حسن فى شخصيته...
تركت نفسها اسفل الماء شاردة جامدة تحاول ان تكون قوية ولكن حسن هزها بما كان سيفعله اذاً لماذا خشيت رغم انها كانت تلتقي مع الرجال عادةً؟! حتماً هُناك سر !
انتهى حسن من تغيير ملابسه وغط فى النوم على الفراش بينما خرجت هي بعدما ارتدت منامه قُطنية، وقالت بنبرة متعجرفة
=انت نايم على السرير ليه.. وانا هنام فين ؟!
=اترزعي فى الارض.. ولو سمعت حرف منك ليلتك مش هتعدي على خير...
حدجته بغضب وبقرف، ثم فرشت على الارض ونامت عليها وهى تتوعد لهم بالكثير ولم تعلم ان حسن قرر تربيتها من الاول وجديد .
نهضت عهد ورفعت الاباجورة لتضرب بها هذا الرجٌل على رأسه ، نهض هو بتثاقل على أثر صوتها واشغل النور قائلا وهو يتدحرج
=ايه دا انتِ مين يا مرا...
=انت اللى مين يا حيوان يا كلب يا سافل... انت انت ازاي تدخل عليا الاوضة كدا يا حراامييي
=ششش اسكتي يا وليه.. دي دي اوضتى انا... يعنى يارب يوم ما يبقي فيه واحدة نسوان فى اوضتى تبقى البومة دي ؟!
دلف ياسين على أثر صوتهم قائلا بدهشة
=الله يخربيتك يا باسل انت سكران تاني
=مين مين المرا دي يا ياسين؟!
=اخرس خالص بدال ما انادي ابوك يرقعك علقه..
تابع ل عهد قائلا
=انا اسف يا عهد بس دى اوضة باسل وهو طبعا دخلها اصله ميعرفش انكم هنا ف انا اسف يعنى جدا هنخرج دلوقتي اسف لأزعاجك، واقفلى باب الاوضة عليكى كويس...
قال باسل بتثاقل
=لااااء اوضتااااي...
اخذه ياسين بصعوبة الى غرفته واغلقت عهد باب الغرفة بخوف قائلة
=باينها ايام سعيدة في البيت اللطيف داا
انتهت ثريا من ارتداء قميص نومٍ أحمر اللون المُفضل لزوجها، ثم فردت شعرها وانتهت من تزيين نفسها ، خرج فاروق من المرحاض يشعُر بضيق في نفسه ولا يعلم سبب ظل يستغفر قدر المستطاع...
اقتربت منه بدلال قائلة
=وفيت بوعدي اهو وهنسهر سواء...
نظر لها بضيق قائلا
=مش فايق يا ثريا تعبان وعايز انام...
=على فكرا انا من الصبح واقفة على حيلى وتعبانه ،بس لانك طلبت منى نسهر سواء متأخرتش عليك وركنت تعبى على جنب!
=انتِ هتعملى حوار من غير حوار.. يلا يا ستى تصبحي على خير...
تركها ونام على الفراش بضيق ،بينما مسحت هي دمعه متمردة على وجنتيها بحيرة من تصرفات زوجها الغريبة، لم يكُن يوماً كذالك اطلاقا كان هو الباديء في كل شيء ويوم فعلت هى ذالك لم يهتم بها...
ابدلت ملابسها بنفس حزينة مكسورة وعادت الى الفراش تنام وهي تمنع نفسها من البكاء وبررت ان ربما يكون هناك شيء يضايقه فلن تضغط عليهِ....
فى صباح اليوم التالى....
القي حسن كوب ماء على وجهة مُهرَّة التى تنام ارضاً غارقة فى نومها قائلا بنبرة قاسية
=قومييي
فتحت عينيها بفزع ورهبة قائلة
=آآآه آآآه فيه ايه ... ايه داا
مسحت الماء من على وجهها بقلق وهي تنظر حولها بحيرة ،قال بنبرة باردة
=مفيش ست في بلدنا بتفضل صاحية لحد الساعه 8 انا وجبت معاكى لانه اول يوم بعد كدا من الفجر تبقى صاحية وتساعدى الستات فى كل حاجة...
=انت مجنون ولا ايه.. انت عايزانى انا اقوم اعمل معاهم فى البيت ؟!
امسك ذراعها بقسوة قائلا
=احترمى نفسك وانتِ بتتكلمى معايا فاهمة ولا لاء... وقومي اخلصى يلا..
نهض والقى بوجهها عبائه فلاحى لترتديها قائلا
=لبس مصر دا تنسيه دا لبس الستات عندنا خمس دقائق وقلاقيكى تحت..
نهضت بغضب تقف امامه قائلة
=بقولك ايه شغل سي السيد وجبروت صعيدي وقسوته، تعمله على واحدة متخلفة ضعيفة مش انا لو قتلتني مش هنزل...
=هتنزلي.
=مش هنزل
=هتنزلييييييي
=مش هنزلللللللل
______
ربطت ثريا الايشارب الخاص بها على شعرها وانتهت من اعداد نفسه واستعدت للنزول لتحضير الطعام ، رمقت فاروق الذي يقف يرتدي ملابسه دون أدني كلام انتظرت منه ان يعتذر منها او يُطيب خاطرها عما حدث في الامس ولكن لا حياة...
ف تنازلت هي واقتربت منه قائلة بإهتمام
=مالك يا فاروق ايه مزعلك بس يا حبيبى؟! انا؟!
=مش زعلان يا ثريا انتِ هتخلينى كمان زعلان ولا ايه.. انا رايح الشغل ومش هفطر وممكن ارجع متأخر...
تركها وغادر من الغرفة لتجلس هى مرة اخري على الفراش تمنع دموعها من الانهيار قائلة
=هو حصله ايه ما كان كويس امبارح الله ! ياربي استرها يارب ...
_____
تجمع النساء فى المطبخ ومنهم مهرة التى كرهت نفسها حقاً فقد أجبرها فى النهاية ان تنزل رغماً عنها ، وقفت بغضب مع الخدم لتقول لها فتحية بقلق
=مالك يا بنتى دا انتِ عروسة ازاي في صباحيتك، توقفى فى المطبخ...
=ابنك هو اللى نزلنى.. جايبنى اشتغل م خدامه عندكم...
=حاشا لله يا بنتى اقعدي بس كدا واستهدى اتعرفى علينا وكلمينا ومتمديش ايدك في حاجة رجالة البيت مش بيحبوا ياكلوا الا من ايد ثريا...
جلست مهرة بضيق على احد المقاعد دلفت ثريا بعدها وحاولت تبدو طبيعية وبدأت في تحضير الطعام جاءت بعدها عطر التى قالت بإبتسامة
=عايزة اساعدكم في الاكل.. ياما كان نفسى اطبخ فى بيت كدا صعيدي...
قالت فتحية بإبتسامة
=مش عايزين نتعبك يا بنتى..
=ولا تعب ولا حاجة...
بدأت رحلة النساء بين المرح والهزار وانضمت اليهم عهد وما هى الا دقائق، واصبحت السفرة جاهزة ،جلس عليها الجميع بطريقة راقية وجميلة، يتحدثون بمرح وفرحة ، وبدأو في تناول الطعام ،نظر باسل بضيق الى تلك عهد لتخرج لسانها اليه بغيظ ليشعر بإنه يود قتلها...
ونظرات متوترة ما بين عطر وياسين التوتر يحضر معهم فقط ولا يوجد سبب لذالك، بينما نظرت مُهرَّة بعند وكبرياء الى حسن الذي بادلها نظرة جبروت، وكانت ثريا تنظر إلى زوجها بقلق كل فترة ولكن هو شارد يشعر بضيق دائم لا يعلم سببه...
ما ان انتهوا من الطعام نهضت عهد قائلة
=بابا انا هروح الجامعه اول يوم ليا ف لازم اروح بدري اعرف كل حاجة هناك...
قال يونس بهدوء
=وباسل كمان رايح نفس الجامعه.. وصلها يا باسل يابنى..
استفرغ باسل بعض الماء قائلا بغصه في حلقه
=هاا.. انا؟!
=عندك اعتراض !
=ها لاء ابدا.. اتفضلي يا آنسة عهد .
نهضت عهد ببرود تام الى الخارج وهو خلفها قائلا وهو يجز على اسنانه
=مارفضتيش ليه...
=كيفى كداا
=كيفك ايه هو احنا بنحشش، بومه هانم .. خليكِ لطيفة وبعيدة عنى مش عايز اختلط بيكى...
=على اساس انى هموت واختلط ب اللى زيك واخلص بقا مترغيش كتير والا هقول لابوك انك كنت سكران امبارح.. ..
جز على اسنانه قائلا
=صبرنا يااارب
بينما في الداخل نهض ياسين قائلا
=انا رايح شغلى يمكن اتأخر شوية يا ابا الحاج....
=ربنا يوفقك انت كمان خد عطر معاك بدال ما تروح لوحدها فى بلد متعرفش فيها اي حاجة..
قال عمران بخجل
=بس دا كتير اوي يا عم يونس..
=ولا كتير ولا حاجة دول زي اخواتهم عادي.
لم يستطيع ياسين الاعتراض ف قال بتنهيدة
=ماشى اتفضلي.
نهضت عطر بخجل شديد ومعها أبنتها الصغيرة الشغوفة ، ركضت الى ياسين تمسك يديه قائلة
=انت اسمك ياسين؟!
=ايوا يا ستى وانتِ اسمك ايه ؟!
=ميرا.. نبقي اصحاب بقا يا ياسين.
قالت عطر بضيق
=عيب كدا يا ميرا.. !
=ايه يا مامي هو صاحبي عادي مش انت صاحبي؟!
هز رأسه بضحك وهو يقرص خدها قائلا
=ماشى موافق يا ستى.. سيبيها يا مدام ااا
=عطر.
ابتسم لها بنظرة ذات مغزى من اسمها الراقي النادر ثم دلفوا معاً الى السيارة وجلست ميرا في الخلف تنظر لهم بإبتسامة قائلة فى نفسها
=واو ... ماما واونكل شكلهم حلوين اوي مع بعض.. يارب يبقي هو بابا علشان جميل...
ضحكت ضحكة طفولية شريرة وهي تنوي ان تقربهم من بعضهم البعض.
____
بينما قال يونس وهو ينهض
=اما انت بقا يا عمران لازم تيجى معايا علشان عندنا شغل عن اذنكم.. وابقي تعالالي بليل با حسن عايزاك .
هز حسن رأسها بينما اخذ يونس عمران وخرجوا معاً لأعمالهم، بينما نهض فاروق قائلا
-وانا عندي شغل وخارج سلام عليكم.
بالفعل خرج هو الاخر لتنهض فتحية قائلة
=قومي بينا يا ثريا نلم الوكل قومي...
نظر حسن الى مهرَّة بقسوة لتنهض بسرعة تحاول لملمه الاطباق فقال
=تؤ تؤ.. مش عايزك تلمى الاطباق.. على فوق.. عايزك في موضوع خاص.