ررواية معشوقة رحيم
الفصل الرابع
بقلم سامية صابر
تنهدت شادية بحيرة ناطقة فى تساؤل
=مالكم يا بنات هو انا قولت حاجة غريبة لسمح الله.. ؟ هاه يا ريم ردي عليا موافقة ولا لاء وانتِ يارهف ايه رأيك...
نظرت لها رهف بدهشة ودموع ترقرت فى عينيها ثم قالت بغصة في حلقها
=كويس.. ربنا ربنا يتمم على خير.
ثم نهضت بسرعة البرق الى المرحاض ثم اغلقته خلفها بقوه وهى تستند على الباب كاتمة شهقاتها المؤلمة ثم انهارت باكية بقهر.. شعور مؤلم حقاً ان ما تُحبه يذهب لغيرك امام عينيك... إنهُ القهر ف حد ذاته .!
بينما فى الخارج نهضت ريم بغضب قائلة
=هو يوم ما اتجوز اتجوز اللى اسمه يونس دا لاء طبعا مش من مستوانا ومش حلو كمان
=ايه يا بت اللى بتقوليه دا الفلوس مش كل حاجة يا بنت بطنى ولا نسيتي كنا فين وبقينا فين هاه ؟ دا كفاية اهله ناس قيمة وهو نفسه كويس..
=معرفش بقا كل اللى اعرفه انه مش ذوقي ومش موافقة هو الجواز بالعافية لو كدا جوزيه ل بنتك اللى جوا.
=قلة حياء ايه اللى مش من زوقك اتظبطي كدا وفكرى فى الموضوع والا اقول لاخوكى رحيم يوفقك عند حدك... بنات اخر زمن اومال ! يا بت دا راجل ومحترم وشكله بيحبك وهيعملك اللى انتِ عايزاه غير رحيم هيخرجك ويجبلك اللى نفسك فيه بعدين هو الجواز بكرا بقولك فكرى كدا خليكي ذكية
نظرت لها ريم بهدوء ثم مطت شفتيها للامام قائلة
=دا لو صحيح يبقي موافقة.. لو هيعملي كل حاجة ليه لاء!؟ .. هفكر وارد عليكي يا ماما.
هبطت ريناس من السيارة وهي ترتدي فستان سوارية انيق رقيق ومعها اوراق مهمة ومن الامام نهض يونس من السيارة وبعدهم هبط رحيم وهو يتألق في بدلته السوداء ثم خلع نظاراته ببرود وسار وخلفه الجميع استقبلهم مدير المطعم فى المكان الهاديء المخصص لهم ..
كانت طاولة كبيرة وهناك رجال أعمال آخرين ينتظرون معهم قام رحيم بالقاء التحية ببرود ثم جلس على المقدمة والجميع حوله وخصوصا ريناس جلست بجانبه ملتصقة بهِ...
نطق يونس بنبرة هادئة
=دلوقتى هنبدأ نتكلم فى العقود واول ما نتفق العشاء هييجي يا رحيم بيه تمام.
هز رحيم رأسه وبدأ فى الحديث عن العما بمنتهى الثقة والبرود ويتحدث يونس وريناس بين الفنية والاخرى .. بينما فى الداخل تقف روتيلا تُرتب الاطباق بطريقة احترافية راقية..
دلف لها مُسعد قائلا وهو يبتسم
=ايه الاخبار .. عايز كل حاجة جاهزة بالله عليكِ دا رحيم الهواري بنفسه مش عايزين نزعله او نعصبه النهاردة.
=محسسنى انه ابن برم ديله ليه ...
=لاء دا اسوء من كدا بكتير ، ربنا يكفينا شر رجال الاعمال وقرفهم...
قطع كلامهم صوت صديقتهم تقول بسرعة
=رحيم بيه بيقول ندخلهم الاكل يلا بسرعة مش عايزين نتأخر..
هزت رأسها في سرعة ثم خرجت على عجلة وهي تضع الاطعمة بسرعة على الطاولة ولكن صوتها كان نسبيًا عالى ف نطق رحيم وهو يجز على اسنانه
=حطى الاطباق بأدب وهدوء...
هزت رأسها له بتوتر ثم رحلت وهى تشعر بالتوتر قائلة
=هو دا رحيم ايوا هو استرها يارب اهدي كدا علشان متغلطيش يا روتيلا دا لسه اول يوم ما صدقت طاقة القدر فتحت فى وشى.
ظلت هكذا ما يقرب الدقائق وهى تضع الاطعمة مع بعض زميلاتها ..
حتى قال لها مُسعد بأمر
=روحى اسأليه لو عايز حاجة علشان انا لازم اكلم امي ضروري بالله عليكي.
=هاه انا؟
=سدي مكاني علشان خاطري..
هزت رأسها بتوتر ثم تأففت بضيق وذهبت اليه وهي تشعر بالخوف ،توقفت بجانبه قائلة بتوتر
=حضرتك تؤمر بأي حاجة تانية.. يا يا رحيم بيه ؟
نظر لها بطرف عينيه قائلا وهو يجز على اسنانه
=لاء
=تمام لو عوزت ح..
=قولتلك لاء روحى شوفي هتعملى ايه من غير صداع.
هزت رأسها بقلق ثم ذهبت الى المرحاض بعد قليل نهض رحيم وذهب الى المرحاض هو الاخر يغسل وجهة ويديه معاً ثم خرج مرة اخري ليتقابل معها وهى تخرج من المرحاض نظرت له بتوتر ثم اشاحت بنظرها وحاولت الرحيل ولكنه استوقفها بصوت آجش
=إستني؟
التفت له بهدوء ولم تتحدث فقال ببرود
=الاوتيل اللى ف اخر الشارع دا، أوضة 576.
=نعم ؟
=نعم ايه ! هتعملى فيها عبيطة.
تنهدت بنفاذ صبر قائلة
=عبيطة ايه حضرتك بس انا بسألك تقصد ايه بكلامك دا لاني فعلا مش فاهمة .!!
=لاء والله ... يعني حركاتك دي كلها مفهومة متفكرنيش عبيط ف اختصرت عليكي الطريق وقولتلك العنوان ..
=عنوان ايه يا فندم.
=بت انتِ متعصبنيش! انتِ تطولي رحيم بيه يعمل كدا بنفسه.. بعدين مش كفاية نازل بمستوايا لحتة خدامة لا راحت ولا جت.
تنهدت بغضب شديد ثم احتقنت الدماء وجهها قائلة بصوت عالي غاضب
=بقولك ايه انا خلقي يدوبك ،ومش ناقصة واحد زيك يزعقلي، انا مش هسمح لحد تاني يزعقلي اصلا ، ف مش من حقك تزعق او تعمل الحركات دي وبعدين الخدامة دي افضل منك بمراحل فاهم .. وكلامك الوسخ دا تحتفظ بيه لنفسك .. لاني لا شبهك ولا من النوع الحقير اللى انت بتفكر فيه دا وتحمد ربنا انى هحترم نفسي ومش هقلع شبشبي وأنزل بيه عليك علشان وقاحتك وقلة ادبك معايا..
=شششش انتِ ازاي تتجرأي تتكلمي مع رحيم الهواري كدا.. انتِ مش عارفة نفسك انتِ مين ولا إيه دا انتِ مجرد حشرة وسخة افعصها بإيدى، وانتِ او الكلب اللى باعتك مالكوش عندي غير التراب فاهمة ولا لاء...
أمسك يديها بقسوة شديدة قائلا
=ودلوقتي هعرفك قيمتك كويس أوي.
ابعدت يديه القاسية عنها ثم قامت بصفعة مرة واحدة قائلة بغضب وهي تفرغ كل ما داخلها فيه
=دا علشان متفكرش تلمس ايدي مرة تانية مهما كانت اسبابك !
مالت على نعلها الاسود ثم خلعته وقامت بقذفه في وجهة بغضب
=دا بقا علشان سمحت لنفسك تفكر فيا بطريقة وسخة..
خلعت الفردة الثانية قائلة وهي تضربها في صدره بغضب
=دا هدية مني ليك عادي... ولو عايز تحبسني او ترفدني أو تعمل اي حاجة اتفضل انا اصلا معنديش حاجة اخسرها ..
ثم التفتت تركض بعيدًا عن موضعه وهى حقا تشعر بالغضب والحنق كل ما تعرضت له واكثر اخرجته في رحيم مُقررة، أنها لن تدع جنس بشر يهينها أو يصرخ في وجهها مُجردِ صِراخ مهما كانت النتيجة.
نظر رحيم بأعيُن مُحتقِنة الدماء فى الفراغ بصمت رهيب، هدوء ما قبل العاصفة .. ابتعد عن المرحاض ودلف الي المكان مرة اخري قائلا بنبرة قاسية قوية ارعبت كل من حوله
=يووووونس تعالي ورايا.
نهض يونس بسرعة وحيرة خلف رحيم وهو يشعر بالقلق ف حاله لا يبشر بالخير ،اعتذرت ريناس للرجال وغادرت خلفهم.. بينما فى الخارج استندت روتيلا على جذع الشجرة وهي ترتجف بخوف قائلة
=احيه على اللى عملته في نفسي.. دا انا كدا وديت نفسي في داهية اكبر ،اخلص من حاجة ادخل فى حاجة أكبر منها ياربي ،اعمل ايه بس اعمل ايه .. دا انا بهدلته خالص اكيد هيمحيني من على وش الارض اكيييد!!
كانت قوية امامه لكنها حقا خائفة جدا، ظلت تبكي لمدة ساعة منطوية على نفسها بخوف وقلق حتى غفت مكانها ناسية نفسها تمامًا.
___
وقف الحاج محمد مع زوجته بقلق امام غرفة العناية المشددة، ف قالت وهى تبكي بقهر
=ابني ابني بيروح مني .. انا عايزة اشوف ابني يا محمد عايزه اشوفه بالله عليك..
=اهدي يا ام هيثم بالله عليكي مش عارف هنلاقيها من البوليس اللى جاي يحقق ويستجوب، ولا من إبنك وأعماله اللى مبتخلصش دي ولا إيه بالظبط ...
=انا لازم اعرف مين عمل فى ابني كدا ومش هرحمه.. انا شاكة في بنت الكلب اللى اسمها روتيلا اكيد حبت تقتل ابني بس وربنا مش هرحمها.
=آدي البوليس بيحقق ولما نشوف هيوصل ل ايه بالظبط.
خرج الطبيب فى تلك اللحظة ليخبرهم بهدوء
=حالته مستقرة الحمدلله الاصابة مش خطيرة ،هيبقي كويس بعد مدة قصيرة بس هيفضل تخت العناية حمدالله على سلامته
=طيب نقدر نشوفه يا دكتور ولا إيه.
=ايوا يا حاج محمد بس مش كتير ياريت.
تنهدوا براحه ثم دلفوا اليه ليطمئنوا على صحته ف نطق محمد بهدوء
=بفكر أتصل ب رحيم ييجي يساندنا.. هو هيعرف يمشي الامور اكثر مني ...
=ياريت رحيم هيحل كل حاجة ياريتني سمعنا كلامه وسيبنا ابني عنده كان زمانه فى امان دلوقتي بدال ما جه يا حبة عيني واتبهدل حسبي الله ونعم الوكيل في كل اللى اذي ابني...
_ فى صباح اليوم التالى _
جلس رحيم بمنتهى البرود على الطاولة ليتناول الإفطار والجميع حوله، ولكن رهف في عالم اخر تماما لا تأكل ولا تهتم لأي شيء اطلاقا .. كل تفكيرها في حبيبها ! تنهد رحيم قائلا بنبرة تساؤلية
=ايه رأيك فى العريس يا ريم.؟
نظرت له ريم بتوتر وابتلعت ريقها قائلة
=انت إيه رأيك يا أبيه؟
=شايف ان يونس كويس وهيسعدك..
هزت رأسها وهي تمط شفتيها بخبث قائلة
=موافقة، بس عندي شرط.. لو خطوبة الاول تمام.. يعني بحيث نتعرف.
=اكيد مفيش جواز على طول.. يبقي على بركة الله هو زمانه جاي هقوله.. عقبالك يا رهف يا حبيبتي.
قالها وهو يملس على يد رهف بعشق وحنان، بادلته بنظرة باهتة ضائعة تماما ، دلف يونس حينها بهدوء والقي السلام عليهم، ثم قال بهدوء ل رحيم
=رحيم.. كل اللى آمرت بيه حصل .. وزمانهم وصلولها دلوقتي، وهبلغك بآخر التطورات.
نظر رحيم امامه ببرود وضيق قائلا في نفسه بتحدي
=علشان تبقى تفكري تتحدي رحيم بيه الهواري مرة تانية... والله لأعلمك الادب على اللى عملتيه امبارح كله واعرفك مين هو رحيم الهواري.
جاءت الخادمة بهدوء تقول
=رحيم بيه.. التليفون دا من البلد من الحاج محمد علشانك.
نهض رحيم وأخذ الهاتف ليتحدث مع عمه بينما قالت شادية وهى تبتسم
=اقعد يا يونس هو انت غريب .. عندي ليك اخبار عنب ..
=بالله صحيح !
نظرت لهم ريم وهى تُمثل الخجل بجدارة واضحة ،فى حين راقبتهم رهف عن كثب دقائق.. دقائق علمت فيهم ان حبها مستحيل.. وخصوصا لو كان لشخص لا يراها .. تنهدت وهى تحسم امرها ثم نهضت بهدوء وصعدت للاعلى دون أدني كلمه .. تاركة حبيبها يعشق اختها.
خرج مسعد بخوف وتوتر وهو يبحث عن روتيلا بقلق في كل مكان، حتى واخيرا وجدها قال بلهفة
=ياه اخيرا لاقيتك يا روتيلا...
ذهب اليها ثم جسي على ركبتيه لتصحو قليلًا، ففاقت قائلة بفزع
=ايه حصل ايه في ايه ؟؟
=كنتى فين بس يا روتيلا كلنا عمالين ندور عليكي بقالى شوية.... الدنيا مقلوبة برا...
=ح.. حصل ايه ؟؟
=البوليس مستنيكي برا للاسف !
=ب... بوليس ! ليا !! ليه .. انا انا عملت إيه؟