رواية جبروت صعيدي
الفصل الخامس عشر 15
بقلم سامية صابر
فى الصباح خرج باسل وياسين الى الحديقة يتمطعون بخفة فقال باسل وهو يضحك
=الحق روميو اخوك نايم هو ومراته...
=ايه دا حسن مش معقول ، دا لاول مرة اشوفه كدا !
=الحب بيسوي الهوايل يا ياسين يا خويا...
نطق ياسين بحب
=انت هتقولي دي حقيقة، فى ثانية ممكن يغير حياتك !
=ايه ياخواتي المحن دا..
=انت عايز تفهمني انك محبتش؟ او مثلا مبتطلتش تسهر أو تشرب سجاير وحشيش والقرف دا كله علشان الحب...
=هاه؟ لاء طبعًا .. هو انا وش ذالك؟ انا اتغيرت علشان كلام أبويا..
=كلام ابوك برضك.. ! مهو طول عمره بيكلمك ايه الجديد.. انا شاكك انى عهد ليها يد فى الموضوع قول متتكسفش...
=طيب بس بقا تعالى نصحي حسن احسن ، علشان نشوف هنعمل ايه فى حوار البيت والكلام دا كله يا خفيف..
ذهبوا الى حسن فقال باسل بنبرة مقلدة مضحكة
=سونة... يا سونسن..
فتح حسن عيناه بغضب قائلا
=غور يا كلب من هنا..
=دا انا بدلعك بس..
=امشي يلاااا
ركض باسل وظل ياسين يضحك عليه قائلا
=أحسن علشان تبقي تعمل فيها قوي أوي يا خويا...
=انا مش هصحى حد فيكم تاني انا غلطان...
ظل ياسين يضحك علي تذمره، بينما التفت حسن الى مهرة التى تنام بسلام في احضانه كالملاك ، لاعب وجنتيها بحب قائلا بصوت دافيء
=مهرة...
=امممم
=اصحي يا كسولة اصحي..
فتحت عينيها بحب قائلة بدفيء
=صباح الخير يا حسن...
=صباح النور يا قلب يا حسن..
قبل وجنتيها بحب لتنهض من تحت يديه بصعوبة قائلة وهي تعدل حِجابها بصرامة
=كفاية بقا يا حسن يلا قوم انت عندك شغل كتير اوي النهاردة...
=هقولك حاجة واحدة بس...
=لاء مفيش حاجات قوووم
نهضت وهي تركض ضاحكة بينما راقبها وهو يبتسم بسعادة قائلا بقلق
=حُبَّك هيودينى على فين يا مُهرة...؟ إمتى هتوب عن حُبِك..
نهض برفق الى الداخل ليري الجميع يجلس فقال يونس
=تعالى يا حسن علشان نشوف هنعمل ايه فى موضوع البيت
=محدش يشيل هم خالص.. حوار البيت هيتحل بسرعه انا كنت شاري البيت الكبير اللى في الزراعية ، من غير ما اقولكم لوقت الزنقة ناقص بس حبة ترتيبات هنروح احنا والرجالة نظبطهم ونقعد فيه...
اقترب من والدته يقبل جبينها قائلا بحنان
=البيت دا جديد علينا نعمل ذكريات جديدة والمهم اننا مع بعض مش مهم هنقعد فين!
هزت رأسها وهي تبتسم برضا
=الحمدلله انكم كلكم معايا يا بنى... الحمدلله على كل حال...
تابع حسن بصوت عالى
=يلا بينا علشان نمشي يا رجالة نلحق نشوف الشغل اللى ورانا... ومهرة وعهد متنسوش اللى انا قولته ماشى...
هزوا رأسهم فى خبث بينما عطر لا تفهم شيء لكنها أثارت الصمت ثم نظر حسن الى مهرة يودعها بعينيه غامزًا لها ف ابتسمت برقة شديدة وخجل في حين رحل الجميع الى المنزل الجديد...
كل شخص اهتم بشيء، وقف حسن مع العُمال لإعادة الدهان والديكور وذهب ياسين مع باسل يشتروا باقي العفش وكان فاروق يهتم بالعمل الذي أُهِمل لفترة..
وطبعا قامت مهرة وعطر بإعداد الطعام واعطوه للرجالة، انتهت كُل الترتيبات بحلول موعد آذان العصر، أدوا الرجالة فريضتهم وكان والدهم الامام في منزل عمران...
ما ان انتهوا نطق يونس بهدوء
=تقبل الله منا ومنكم يا ولاد... يلا جهزوا كل حاجة علشان ننقل..
قال عمران بضيق
=اخص عليك يا يونس ما انت في بيتك برضوا مستعجل على ايه...
=انا عارف طبعا بس الافضل ننقل علشان الستات يرتاحوا انت عارف.. بس هستناك بليل علشان الموضوع اياه...
غمز لهُ عمران قائلا بهمس
=هتبقى مفاجأة للاولاد ... ربنا يتمم بخير ياخويا..
=يارب..
عانقه ثم استأذن ورحل وودعت مهرة شقيقتها ورحلت مع زوجها ورحل ياسين الاخر بعدما ودع عطر والصغيرة، ولم يكُن بوسع باسل الكلام الا ان عيناهُ نطقت !
بعدما تمت جميع الترتيبات على أكمل وجهة، في منزل عمران دلفت عهد وبيديها فستان رقيق طويل وفستان صغير للطفلة ميرا وضعتهم على الفراش قائلة ل عطر بخبث
=البسي علشان خارجين..
=خارجين! فين ؟!
=أصل فاروق رايح يطلب أيد ثريا ويرجعها تاني ..
=طيب ما نلبس اي حاجة لازم الفستان دا؟
ابتسمت عهد قائلة بخبث
=ايوا لازم.. يلا البسي بقا .. يلا يا ميرا البسي.
قالت ميرا بجدية
=لازم يكون محترم يا أبلة علشان يونس مش يزعقلي..
=احيه ياختي ميرا المفعوصة بتحب وخايفة منه كمان اروح انا اشرب اللبن بقا وانام..
قالت ميرا وهي تضحك بخفة
=انتِ كدا بقيتى عانس
=اتلمي يابت انا لسه صغيرة... ما تلمي بنتك يا عطر ، الله الله انتِ كمان بتضحكي!
كانت عطر تكتم ضحكتها بصعوبة حتى انفجرت قائلة
=آسفة والله بس حالتك تصعب على اي حد...
=منكوااااا لله هتجنونيييي
انفجرت ميرا وعطر في الضحك على عهد التى تشعر بالغيظ الشديد ...
وقف فاروق يرتدي بدلة لأول مرة في حياته عن عبائته المعتادة، ووقف بجانبه باسل وياسين يهتمون بأنفسهم قال فاروق بقلق
=انا خايف وقلقان أوي ل ثريا ترفضني ..
قال ياسين بهدوء
=اللى بيحب بيسامح وهي بتحبك بس زعلانه ودا حقها يا فاروق الحقيقة متزعلش ، بس طالما انت غلطان اعتذر واكسب قلبها الحب قليل اوى لما نلاقيه صح في الحياة دي ...
قال باسل برفض شديد
=لاء يا بنى الستات مش عايزة المناهدة، عاملها بقسوة وقوة هتجيب معاك سكة ،زي حسن ومهرة كدا لكن الحنية بتذل صاحبها..
نطق ياسين بضيق
=اسكت انت متعرفش حاجة اللى بيحب مش بيقسي فيه أوقات نقسى فيها واوقات لاء.. انت فاهم غلط خالص سيبك منه..
قهقه باسل قائلا
=طيب شوف عطر هتعمل معاك ايه النهاردة لما تعرف انك هتعمل كتب الكتاب النهاردة وهي متعرفش حاجة وقال ايه عايز تفاجئها، دي هى اللى هتفاجئك وتفتح نفوخك...
=ششش ان شاء الله مش هيحصل حاجة..
قال فاروق بنفاذ صبر
=ششش اسكت انت وهو...
وقفت مُهرة أمام المرآه تضبُط حِجابها، ثم وضعت من الكُحِل فِ عينيها ليقف خلفها حسن يضع يديه حول خصرها يُقربها منهُ برفق قائلا
=الجميل ملامحه باهتة ليه؟
التفتت اليه وهي ترمُشِ بعينيها ناعِسة
=عايزة انام اوي يا حسن اليوم كان شاق جدا ...
ملس على وجهها بحنان قائلًا
=معلش يا حبيبتي هنفرح النهاردة وبعدين اما نرجع هننام براحتنا..
ابتسمت بهدوء قائلة بتساؤل
=بتحبنى يا حسن؟
صمت قليلاً يتأمل ملامحها ثم قال بلُغة مُنقمة
=أحبُّك حبًّا لو يُفَضُّ يسيرُهُ على الخلق،
مات الخَلـق من شـدَّة الحُـب."
ابتسمت قائلة بشحُوب
=كُل لما أشوفك بييجي في بالي جملة ، لو كان فيه إثنين بيحبوا بعض ف مفيش نهاية للحُب دا ،حاسة اني الحب دا مش هيكمل.
=طول ما إحنا سوا وانتِ مش بتخبي أو بتكذبي عليا ف مفيش حاجة تقدر تفرقنا..
هزت رأسها بقلق وتوتر ليقول بخبث
=تعالى هقولك حاجة في ودنك...
=يووه يا حسن بقا..
ضربته بخفة في صدره ليضحكِا معاً ، استمعت لصوت فتحية العالى تقول
=يلا يا ولاد بقا هنتأخر كدا دا المأذون جه حتى...
بالفعل هبط الاربعة رجال أوسم رجال البلد ،يمتلكون من القوة والجمال الكثير وكانت مهرة خلفهم لانها الانثي الوحيدة الموجودة الان، قالت فتحية مبتسمة
=اللهم بارك ربنا يحفظكم من عيون الاعداد يا ولاد بطني.
قبل كل منهم يد والدتهم ووالده ثم خرجوا جميعًا الى السيارات وانقسموا ، في نفس الوقت خرج عمران بسياراته ومعه بناته الاثنين والطفلة ميرا ثم غادروا الى منزل ثُرِيا، التى كانت تجلس في الصالون ووالدها بجانبها يشاهِد التلفاز ...
دق الباب عليها لتنهض تفتح برفق وتري امامها العائلة كلها تصمرت مكانها في حيرة لتقول فتحية بإبتسامة
=ايه يا ثريا مش هتدخلينا ولا ايه يا بنتي ؟
=لاء طبعا ياما اتفضلوا..
عانقتها فتحية بحب ثُم عانقتها عطر وكذالك البقية، ودلف فاروق الذي نظر لها بحب شديد واشتياق لكنها أخفضت نظرها بحرج وتوتر دلف اخرهم باسل الذي همس لها في اذنها
=منورة يا مرات اخويا يا عسل..
ضربته بخفة في كتفه قائلة وهي تبتسم
=بطل لماضة يا باسل وادخل..
=عيوني.
شعر فاروق بالغيرة من اخيه الصغير لانها ضحكت وتحدثت معه وتجاهلتهُ هو فهو يريد ان يحصى حبها واهتمامها كالسابق ، طلبت من الخادمة تقديم القهوة للجميع وصعدت تُبدِل ملابسها بشيء أفضل ثم هبطت الى الاسفل مرة اخري وجلست على المقاعد بجانبهم دون ان تتحدث...
ف بدء الحاج يونس حديثه قائلا
=اسمعي يا ثريا انتِ بنتى قبل ما تبقى مرات فاروق ، عارف اني ابنى غلط ويستاهل كتير اوي، بس انا هسيبه للايام تربيه ولربنا وليكي كمان لانه فى الاخر كان تحت ضغط حاجة مش فى ايدينا على الإطلاق، بس الموضوع دا انتهي واحنا هنا النهاردة نعتذر منك ومن ابوكي الراجل المحترم دا ونرجعك لفاروق...
شكره والد ثريا قائلا
=مفيش بينا حاجة يا حاج يونس مهما كان احنا أهل ولكن القرار يرجع لثريا..
قالت ثريا بهدوء
=كلكم على راسي .. بس انا مش هقدر أرجع لفاروق مرة تانية... كل حاجة بيننا انتهت انا آسفة.
حاولت ان تنهض ولكن فاروق منعها واقترب منها بحب جاثيًا على ركبتيه دون خجل ، هو رجل نعم وصعيدي ولكن كونه يفعل كل شيء لحبيبته لا يُقلل من قيمته اى شيء....
نطق بحب واشتياق
=انا مكونتيش عارف بعمل ايه أو بتصرف ازاي... كُنت زي الاعمي والله مابين عايزاك ولاء انا دلوقتي فوقت انا فاروق بتاع زمان اللى بيحبك وعايزك، انا مش قادر أعيش من غيرك يا ثريا علشان خاطري اديني فرصة وخلينا نرجع لمرة واحدة وبس...
أمسك كفيَّ يديها يُقبلهم بعشق شديد لتهبط دموعها بقهر شديد ، في حين قالت فتحية
=ارجعي يا بنتي كلنا محتاجينك، وابنك محتاجك ارجعي يا بنتي..
ركض يونس بإتجاهها وعانق والدته قائلا
=ارجعي يا ماما البيت دمار من غيرك..
هزت رأسها وهي تبكي
=انا هرجع علشانكم كلكم ...
ابتهج وجهة فاروق بقوة وكاد يحتضنها فقال باسل وهو يمنعه
=هوب هوب عندك يا خويا مش هيصه هي... دي طليقتك لازم ترجعلك الاول بعدين يبقي احضن براحتك...
قالت فتحية بضجر
=اتلم يا واد...
بينما ابتسم الجميع على ما حدث ، جلس المأذون في المنتصف وأعاد فاروق لثريا ك زوجته شرعاً وقانونًا ثم بعد ذالك لم يتحمل وإحتضنها بقوة داخل أحضانه بينما حاولت هي الابتعاد بخجل قائلة بصوت هامس
=يافاروق عيب بتعمل ايه بس..
تركها وهو يُقبل جبينها قائلا
=مُبارك عليا رجوعك ليا..
ابتسمت بسعادة قائلة
=مُبارك لينا يا حبيبي... بس عارف يا فاروق لو عملت اي حاجة تاني...
=توبة.. توبة..
قبل يديها بحب بينما قالت مهرة بسخرية
=واضح انى التوبة عندكم عالية اوي...
قال حسن وهو يضحك
=ايوا متعرفيش ولا ايه...
ابتسمت بخفة في حين نهض ياسين قائلا بصوت عالى
=ششش اسمحولي بقا أتكلم لانه جه دوري...
راقبه الجميع فى ضحك فقال الى عمران بتساؤل
=عمي انا طالب ايدك بنتك للمرة التانية ،وبطلب اني النهاردة يكون كتب الكتاب قبل رمضان لاني مش هستحمل فراق أكثر من كدا...
ابتسم عمران قائلا بتصنع
=انا عن نفسى موافق يا بنى الاهم رأي عطر..
قالت عطر بصدمة
=ك.. كتب كتاب النهاردة؟ ازاي..!
تابعت بغيظ
=انتوا كنتوا عارفين وبتمثلوا عليا ماشي ماااشي
قال ياسين بحيرة
=يعنى موافقة ولا لاء دلوقتي ؟
=هفكر !
=لاء معاكي ربنا يلا يا مولانا هروح أكتب على واحدة تانية...
=خلاص يا ياسين والله خلاص ...
ضحكوا الجميع ليبدأون في عقد قرآن عطر وياسين أخيراً، زغردت فتحية وكذالك ثريا ثم نهض ياسين وعانق الجميع واخذ التهنئات، وكذالك عطر الى ان ذهب اليها وعانقها بعشق شديد قائلا
=واخيراً بقيتي ملكى يا عطر...
=وهبقى ملكك دائمًا وابدًا...
=كما بَدأت معك سَأنتهي معك، و كَما نبض
قلبي للقائِك، سأبقى على وَعد أنّي أحبّك."
ابتسمت فرحة وسعادة شديدة، فقال يونس الصغير وهو يقترب من ميرا بهمس
=ايه رأيك نكتب كتب كتابنا احنا كمان ؟
=لاء انا مش هتجوز دلوقتي يا يونس انا عايزة أكمل تعليمي واشتغل...
=وانا قولت لاء.. هتتجوزيني وتقعدي معايا في البيت..
قطبت ذراعها أمامها قائلة بعند
=لااء
=ااه
قالها بجبروت وصرامة يبدو أنها قصة جديدة ستشتعل بها حرب مسلوبة الراء !
في حين همس حسن الى مهرة في أُذنها
=تيجي نتجوز مرة تانية؟
التفتت اليهِ بحٌب قائلة
=كل يوم اصلًا بحبك وبتجوزك ... يمكن أحسن حاجة حصلت في حياتي هي اني اتجوزتك ولو غصب عني..
قبل جبينها بحب شديد وسعادة، فى حين جاء باسل بالكاميرا الكبيرة ليقوم بالتصوير قالت عهد بسعادة
=باسل خلينى أنا اصور علشان خاطري...
=وتديني كام ؟
=طول عمرك مصلحجي يا باسل عايز إيه؟
=عايز أتجوزك...
=ايه؟!
=ها؟
=ايه؟
=ولا حاجة صوريني حلو بس...
تركها وركض اليهم ليقفون للتصوير بينما ابتسمت هى بسعادة وخجل وهي تتيقن انها استمعت لعرض جوازه عليها بالفعل ،جلسوا الكبار على الكنبه ووقف الجميع حول بعضهم البعض معاً وشغلت عهد الكاميرا ثم ركضت لتقف معهم والتقطت الكاميرا صورة كبيرة للعائلة بعدما إكتملت وأخيرًا ويبدو أن للقدر رأي آخر في هذا التكَامُل..!