رواية جبروت صعيدي
الفصل السادس عشر 16
بقلم سامية صابر
بعد مرور إسبوع في منزل يونس الجديد ، يركض الجميع هُنا وهُناك لتعليق الزينة ووضع المقاعد في الحديقة، ف اليوم اقامة عِرس ياسين وعِطر، بينما تقف ثريا في المطبخ لتشرف على الاطعمة دلف اليها فاروق قائلا بتساؤل
=بتعملي ايه ياحبيبتي؟
=بجهز الاكل وكل حاجة انت عارف مفيش وقت، واه هتلاقي هدومك كلها مكوية ومتظبطه فوق وكله تمام ماشى اطلع إستحمى والبس وانزل علشان تستقبل الرجالة...
قبل يديها بحب شديد قائلا بدموع
=انا لو لفيت العالم كله مش هلاقي زيك فى حياتي كلها مهما حصل ربنا يديمك ليا صديقة وحبيبة وزوجة...
=ويديمك ليا سندي في الحياة..
قبل جبينها بحب ثم قال بحذر
=المهم متضغطيش على نفسك وتخلصي وتطلعى تلبسي ماشي...
=عيوني حاضر...
بالفعل ذهب ليُبدِل ملابسه ويهتم بنفسه...
مر اليوم بسلام في مركز التجميل حيثُ أصبحت عطر جميلة ورقيقة جدا في حجابها والميك آب الخفيف الخاص بها وكانت الطفلة ميرا ترتدي فستان قصير جميل بالفعل وكذالك عهد ومُهرة التى كانت أجمل واحدة فيهم حقاً...
جاء ياسين مع اخوته الاثنين حسن وباسل والطفل يونس كانت الزغاريد عالية وصدح صوت الاغاني بشدة حينها، دلف اليهم وهو سعيد يمسك باقة من الورد أعطاها لعطر ثم قبل جبينها وأخذها في احضانه وقام باسل بالتصوير فى سعادة ثم ذهب حسن الى مهرة يأخذها في أحضانه قائلا بغزل
=كُل يوم تحلوي أكثر من اليوم اللى قبله !
ابتسمت بخجل قائلة
=انا حِلُوة علشان معاك يا حسن ...
ملس على عينيها برفق شديد قائلا بنبرة عاشقة
=كُل ما بشوف عيونك بتمني يكون عندي قلبين كُل قلب يعشق عين ..
=خلاص يا استاذ حسن دا انت رومانسي جدا.. خلينا نشوف العروسين بقا..
بالفعل أخذ حسن مهرة وخرجوا وراء عطر وياسين وأخذ باسل عهد في سيارته مع الطفلة ميرا ويونس الذي كان يمسك يديها بخوف شديد عليها...
وصلوا الى المنزل بعد وقت قصير وكانت التجهيزات تمت على أكِمل وجهة واستقبلهم فاروق وعمران ويونس مع الاغاني وهبطت ثريا بعدما أبدلت ملابسها بعبائه مُزينة جميلة وفضفاضة ، عانقت العروس وباركت لها وجلسوا بعدها العروسين في المكان المخصص لهم مع الاغاني الشعبية ورقص يونس وعمران سوياً وفرحة الجميع في أجواء بسيطة...
حتى اشتغلت موسيقي رقيقة هادئة ليرقص العروسين عليها وأخذ يونس ميرا في احضانه يرقص معها في الحديقة طفلين ولكن يبدوان كعاشقان وأخذ حسن ميرا يرقصان سوياً، كذالك أخذ فاروق ثريا بصعوبة فهي كانت تشعر بالخجل ولكن إستسلمت في النهاية ورقصوا معاً بحب ...
نظر باسل الى عهد التى تظاهرت بعدم الاهتمام لكن بداخلها ودت لو لها الحق في الرقص معه بأي طريقة كانت.....
بعد مرور أفضل ليلة على الجميع، ذهب العروسين الى غرفتهم التي اُعدت لهم فى المنزل الجديد كانت مُزينة وجميلة بشكل لائق، أوصلت مهرة وثريا العروس الى الغرفة وطمئنوها قليلا بينما عند ياسين قال باسل بهمس
=عايزاك تشرف أخوك يا ياسين متعرناش..
=عيب عليك..
=اخويا الاسد..
بينما قال فاروق بهدوء
=صلوا أهم حاجة وان شاء الله ربنا يبارك في الجوازة دي...
=حاضر يا خويا ،وانت يا حسن مش عايز تقولى حاجة؟
نطق حسن بهدوء
=ربنا يوفقكم ويكرمكم يلا نسيب العروسين..
باسل / لو احتاجت حاجة قولي على طول...
حسن/يلا يا لمضِ بقا يلا ...
رحل الجميع بينما دلف ياسين الى غرفة عطر التى كانت جالسة أمام المرآه تفك الحِجاب الخاص بها اقترب ياسين منها ثم سحبها الى احضانه بحب قائلا
=مش مصدق بجد انك بقيتى معايا خلاص... بقيتي مراتي وحبيبتي وملكي...
ابتسمت عطر بخجل قائلة
=وانا مبسوطة اكثر منك... لما اتجوزت جمال كنت فرحانه وبحسبه هو الشخص اللى أتمنيته، بس اتخذلت ومكنش هو نهائي، لكن كنت حاسة اني لسه هقابل اللى اتمنيته وفعلا انت الشخص اللى اتمنيته من زمان يا ياسين من اول مرة شوفتك فيها بتوتري وخوفي كنت حاسة بحاجة معاهم ...
عبس ياسين قليلا ولم يتحدث فقالت بتساؤل
= انت زعلان علشان إتجوزت مرة تانية ؟
=زعلان اننا متقابلناش فى الأول، اني مكونتيش أول حد يدخل القلب دا...
=ماهو انا مشاعري كانت غلط تجاه جمال.. ف انت فعلا اول راجل احبه واديله مشاعري...
=قولى والله.
=آآآه والله ..
قالتها وهي تضحك ليحملها بين ذراعيه لتشهق قائلة
=ياسين انت بتعمل اي...
=هقولك كلمة سر !
=ياسين انت طلعت قليل الادب؟
=ايوا طبعا اومال...
ليأخذها ويعيشوا لاول مرة في عالمهم اللطيف النقي الجميل مع مشاعرهم ...
______
فى صباح اليوم التالى..
كانت مهرة تنام على الفراش من الارهاق وشعرها منتشر حولها برقة ، لاعب حسن وجنتيها قائلا بحب
=غيبوبة هانم لسه نايمة.. فوقي وصحصحي كدا...
=حسن انا عايزة أسألك سؤال بجد..
=قولي.
=لو مكونتيش قابلتني كنت هتحب غيري؟!
=طبيعى!
=نعم!! يعني ايه يا حسن يعني ايه ! بتخونى كدا عادى؟!
قهقه حسن بشدة قائلا
=مهو انا مكونتيش هقابلك كنت هخونك ازاي بقا؟
=معرفش دي خيانه برضوا المفروض تعرف انك هتحبني وتقابلني...
نطق بحنان وهو يتأمل ملامحها
=عموماً لو كنت قابلت الف واحدة غيرك ، ف ما أظُنش انى فيه واحدة ممكن تخليني أحِبها غيرك...
ابتسمت ببلاهة قائلة برومانسية
=بجد يا حبيبى؟
=ايوا طبعا يلا قومي بقاا
=بس انت كنت هتخونى عادي !!
نهض ينفذ عن صبره قائلا
=ربنا يخفف هرموناتك يا حبيبتى...
هبط الجميع الى الاسفل فيما عدا ياسين وعطر الذي لم ينزلوا بل صعدت لهم ثريا بالطعام ثم هبطت مرة اخري لتضع الطعام للجميع فقبل فاروق يديها قائلا
=يسلم ايدك في كل حاجة ياحبيبتي..
قال باسل بغيظ
=كفاية رومانسية بقا الواحد سنجل ومش لاقي كلبة تعبره...
قالت فتحية وهي تضحك
=شوفلك عروسة انت كمان يا باسل خلينا نخلص...
ما بين ضحك وجذب دلفت الخادمة اليهم تقول بصوت هاديء
=حسن بيه فيه واحد مستني حضرتك برا تبع الشغل...
=طيب روحي انتِ وانا هروحله...
نهض برفق قائلا
=انا خارج يا جماعه وكمان هحجز تذاكر النهاردة لشهر العسل بتاع ياسين وعطر ،وان شاء الله هطلع انا ومهرة بس دي مفاجأة ليها محدش يقولها، وانت يا فاروق هتيجي معايا وثريا كمان...
قالت ثريا برفض
=لاء مش هسيب امي لوحدها..
قالت فتحية بإبتسامة
=أصيلة يا بنتي بس لاء روحي علشان خاطري فككوا من النكد اللى حصل وافرحوا وانا قاعدة في بلدي مبسوطة بس الاهم تخلوا بالكم من نفسكم...
قالت ميرا بفرحة
=وانا هاجى معاكم يا آبية صح...؟
قال يونس الصغير بضيق
=لاء يا ميرا مش هنروح هناك فيه رجالة وحاجات كتير مش هتعجبني وتفضلي تقوليلي البس مايوه والكلام العبيط دا كله مش هوافق على الكلام دا على الإطلاق...
=لاء انا رايحة مالكش دعوة بيا بقا...
ضحك الجميع على تلقائيتهم وحكايتهم التى يرفرف لها القلب في حين نهض يونس الصغير بغضب وغادر غاضبا من ميرا العنيدة التى قررت الا تتحدث معه فهو يتحكم فيما تحب وهى لا تحب ذالك على الإطلاق...
فى حين بعد ذهاب كل منهم لاعماله ، فى غرفة ياسين وعطر ،قالت وهي تترجاه بقوة
=يا ياسين علشان خاطري سيبني أقوم شوية مينفعش نفضل فى الاوضة كدا بجد عيب جدا ...
=عيب ايه انا ما صدقت اتملكتك، اقوم اسيبك؟
=طيب شوية بس علشان خاطري وهرجع تانى...
=ماشى يا ستى.. اتفضلي...
نهضت عطر بصعوبة ابدلت ملابسها خرجت من الغرفة الي غرفة مهرة تجلس معها لتراها جالسة مع ثريا وعهد قالت بعبوس
=كدا من غيرى كدااا؟.
نطق الجميع في صوت واحد
=عروستنا الحلوة...
اتوا بها لتجلس فى المنتصف فقالت عهد بفضول
=ها بقا احكيلي حصل ايه...
=مبدأيا انتِ لسه صغيرة، إتفضلي يلا من هنا يا طفلة..
=يووه لاء انا هقعد معاكم ماليش دعوة...هاه..
بدأو الضحك والهزار والتحفيل، كانت جلسة خفيفة لذيذة بينهم تحتوي الاخوة الثلاثة وانضمت اليهم ثريا ك شقيقة لهم ايضاً...
حتى شعرت مهرة بالغثيان لتنهض بسرعة الى المرحاض تفرغ الكثير ثم خرجت وهي مرهقة ووجهها شبه أصفر ، قالت عطر بقلق
=مالك يا مهرة انتِ كويسة ؟!
=مش عارفة مالى مش قادرة..
قالت ثريا بحماس
=انا حصلى كدا لما كُنت حامِل فى يونس ، يبقى بإحتمال كبير انتِ حامل... !!
=اييه حامل ايه هو انا لحقت؟! اكيد لاء ممكن يكون برد...
قالت عطر بهدوء
=هنعرف دلوقتي، ثريا عندك إختبار حمل؟
=ايوا عندي ..
=هاتيه وتعالى ودلوقتي نعرف وان شاء الله خير متقلقيش يامُهرة...
بالفعل جاءت ثريا بعد قليل بالاختبار وقامت مهرة بعمله وانتظروا قليلا حوله بقلق وحماس، حتى قالت عطر وهي تقفز من الفرحة
=مُبارك يا مهرة انتِ حامل !!!
بينما فى الاسفل شعرت ميرا بالضيق والملل فمن كان يُسليها يونس وهو الان فى خصومه معها ذهبت على أطراف اصابعها اليه قائلة بطفولية
=يونس.
لم يجيب عليها لتقول تتراقص ك طفلة صغيرة جميلة
=يونس يونسي حبيبي اسفة يا حبيبي سماح المرة دي بس سماح...
ابتسم بخفة عليها ثم قال بصوت دافيء
=تعالى يا ميرو..
ذهبت تجلس جانبه ف ابعد خصله عن عينيها خلف أذنها قائلا
=انا بس خايف عليكي علشان بحبك مش أكثر، مش بحكمك ! بعدين لما أكبر هعملك بحر في بيتنا وتعومي براحتك ماشى؟
=ماشى مسامحني بقا...؟
=مقدرش أزعل منك...
جذب يديها لتجلس على المرجيحة ويقوم بهزها وهي تضحك بسعادة.
انتهى حسن من اداء عمله هذا اليوم ثم نهض وهو يأخذ التذاكر في جيبه الايسر ، ثم حاول الخروج ولكن دلف فرغلي بغضب شديد قائلا
=إنت بتعلي عليا فى السوق يا ابن عمي؟
قالت السكرتيرة بقلق
=والله حاولت امنعه بس هو دخل غصب عنى...
قال حسن بهدوء
=ماشى اطلعى انتِ...
تابع بنبرة قوية ل فرغلي
=التجارة مكسب، والشاطر يكسب يا فرغلي انا معملتش اي حاجة غلط بشتغل بس...
=طالما هي كدا ف اكبر مصايب حرمك معايا؟
تجمدت تعابير وجهة بقوة قائلا
=تقصد ايه...؟
=أقصد انى مهرة تاجرة مخدرات عارف يعنى ايه تاجرة، يعني عملت كذا عملية تهريب واشتغلت معايا بالصدفة ومع كذا حد ،تخيل تبقى حرم استاذ حسن تاجرة مخدرات...
=انت بتقول ايييييه؟
اقترب منه بغضب وتهور ثم لكمه بقسوة وظل يضربه ليدلف رجالة الامن ويفصلوهم عن بعض بصعوبة شديدة فترك حسن كل شيء وغادر والنار تتطاير من عينيه بقسوة وقوة...
وصل الى المنزل فى غضون قليلا دون ان يتحدث الى احد وملامح وجهة متجمدة ، ذهب الى غرفتهم ليفتحها على مصارعها ويري النساء جالسات بفرحة وسعادة قال بنبرة قاسية
=الكل يطلع برا.... براااا
نظروا لهم بقلق وخوف ثم خرجوا جميعًا فنهضت مهرة قائلة بصدمة
=مالك يا حسن فيه حاجة مزعلاك؟
امسك يديها بقسوة قائلا بغضب شديد جدا
=انتِ تاجرة مخدرات يا مهرة ؟ مش كفاية انك كنتى مدمنة لاء وكمان تاجرة انطقييي قولييي حاااجة...
قالت ودموعها تهبط على وجنتيها
=ايوا تاجرة بس دا كان زمان وغصب عنى والله يا حسن انا بطلت كل القرف دا...
ترك يديها وملامح وجهة تجمدت نطق بقهر شديد
=انا قولتلك بلاش الكذب بلاش تخدعيني يا مهرة شكلى ايه وانا مرات تاجرة مخدرات لاء وفوق كل دا الحب والمشاعر كله مبني على اكاذيبك اللى مش بتنتهي... انا مش هقدر استحملك تاني....
=يع..يعني ايه؟
=يعني اطلعي برا يا مهرة...
أمسك يديها بقسوة لتخرج برا وهي تتجراه ان يسمعها وتحاول الشرح له وامسكت ملابسه بقوة تحاول ان تفهمه
=اسمعني بس يا حسن اسمعني...
القي بيديها بعيدا عنه لتتدحرج الى الخلف وتقع من اعلى ليمر جسدها بدرجات السلالم ويبدو أنها سوف تُجهِض طفل لم يمر وقت على علمها بوجوده بعد...