رواية جبروت صعيدي
الفصل الثاني عشر 12
بقلم سامية صابر
دلفت وفاء الى منزل أبيها وخصوصاً غرفة أخيها فرغلي ، أغلقت الباب خلفها ودلفت قال فرغلي بحيرة
=بتعملى ايه يا وفاء...
=ايه يا خويا عايزة أتكلم معاك ولا هو حرام ولا حاجة؟!
=ولا حرام ولا بتاع... بس اصلك عمرك ما اتكلمتي معايا...
جلست بهدوء قائلة
=سمعتك اليوم اياه وانت بتتكلم مع البت مرات حسن.. كنتوا بيتكلموا في ايه وكذبتوا على حسن فيه؟
=هاه.. لا ابدا مفيش حاجة مهمة يعنى...
=لاء متلفش وتدور عليا والا هقول لحسن على طول
=انتِ عايزة ايه يا وفاء؟
=بالبلدي تساعدني أكره اهل فاروق فى ثريا علشان اعرف اخد راحتي في البيت واعيش ... وفى المقابل اخلصلك من حسن .. والجو يفضى ليك فى السوق..
رمقها لبعض الوقت ثم قال
=ماشى موافق اهو وجودك فى البيت هيساعدنى شوية...
=ماشى.. هعمل ايه بقا؟
=اسمعيني كويس...
توقف ياسين بالسيارة في أحد الازقة الهادِئة بغضب شديد ينفس عنه فقالت عطر بعصبية
=مكنش ليه لازمة اللى انت عملته دا خالص يا ياسين ايه الافورة دي كلها؟
=اوفرة ! انتِ شايفة غيرتي عليكِ وخوفي عليكِ أفوره يا عطر دا اسمه حب واهتمام ان كُنتِ تعرفي دا بس طالما مش عاجبك يبقى خلاص انا هبطل أعمل كدا وهفكر في علاقتنا ...
=انت .. انت بتقول ايه؟
=بقول زي ما حضرتك فكرتي وعملتي انا قولت اني غلطان بس لاء انا مش غلطان لان دا خوف وقلق عليكِ ...ومن اول مرة زعلتي ومشيتي وكمان مش بتردي عليا... ! وعايزة تفكري في علاقتنا...
ادمعت عينيها قائلة بتنهيدة
=ياياسين انا خايفة وقلقانة محتاجة منك تطمئني شوية مش عايزة اجرب نفس التجربة اللى فاتت والتحكمات، وانى استأذن والكلام دا كله ...
=انا قصدت منك تقوليلي على الاقل اظن دا من حقي يا عطر ولما حد يعاكسك قدامي لازم اتصرف وأتكلم... انا عملت اللى عليا الباقي عليكِ ..
=أنا عايزة أروح.
=تمام...
بينما فى المقاعد الخلفية، كان يونس يجلس بغضب شديد فقالت ميرا
=والله انا مش كلمت حد يا يونس ... انا اسفة
نطقت عطر بغضب
=شش متعتذريش يا ميرا هو بيتحكموا على ايه اصلًا؟
قال ياسين بعصبية
=فكك منها يا يونس واوعي تكلمها لحد ما الهانم تعرف غلطها...
قالت ميرا بعبوس
=لاء يا ماما انا غلطانة كان لازم اقوله مش هو حبيبي وخايف عليا مش عمل حاجة غلط...
تابع يونس قائلا بهدوء
=ولو هي ما اتكلمتش انا هكلمها لانى بحبها وبخاف عليها ياعمي ف لازم اراضيها وافهمها غلطها براحة.. وهي مش هتعمل حاجة من غير ما تقولى تاني.. صح يا ميرا ؟.
هزت رأسها وهي تبتسم ، فنظروا لهم بحيرة الاطفال أكثر عقلانيه منهم ، يجب الا نترك الخلافات والمشاكل تؤثر علينا بشكل سلبي، الحياة ابسط بكثير، من تضييع الوقت وخسارة كل لحظة مع بعضنا ففى لحظة واحدة سهل جدًا ان نخسر بعضنا البعض ونندم على ما فتنا من وقت فلنستغل الفرص ... ومن اخطأ يعتذر ليس بعيب..!
تنهدت عطر قائلة
=انا اسفة يا ياسين يمكن فعلا انا غلطانه بس اي حاجة في الماضي خلتني خايفة ، وخوفي ارضخ ليك تتقلب وتتحول وتعمل زي جمال...
=انا مش جمال يا عطر جمال دا انسان حقير ولا اقبل اني اكون مكانه انا مش بتحكم، انا بطلب اعرف منك ،ولما نبقى متخانقيين تتكلمي معايا مش ترفضي المكالمة وتخليني أقلق عليكِ!
=خلاص انا اسفة بعد كدا هقولك...
=وانا اسف اني زعلتكَ مِني...
امسك كفيها يُقبلهم بحب شديد قائلا
=تُشبهينَ "ال" التعريف ، تجعلين لكُلِ الأشياءِ موطِناً كُلما كانت في حيزُكِ ...
ابتسمت بخجل شديد وهي تشعر بسعادة تعتري قلبها فكلِماتهُ المغازلة لها تجعل قلبها يُرفرِف، بينما صفق يونس وميرا بسعادة لتصالحهم وقرر ياسين الذهاب بهم ليتناولون طعام العشاء ...
فى المنزل..
يجلس عمران ويونس كعادته يلعبان الطاولة دلف اليهم حسن يحمل تلك الصغيرة على كتفه كشوال البطاطا نظروا لهم بصدمة شديدة فقال عمران
=ايه دا انت شايل مُهرة كدا ليه يابنى؟
=الحقنيي يا بابا خليه ينزلنييي
=لا اله الا الله هو جرا ايه تاني !
قال يونس بتنهيدة
=سيبهم يا عمران حسن مش هيعملها حاجة بس للافضل مندخلش بينهم دلوقتي ولو حصل حاجة نتدخل .
=ربنا يستر يارب ..
القى حسن بمهرة على الفراش بقوة شديدة لتتألم من ظهرها ثم نهضت قائلة بغضب شديد
=انت بتتصرف معايا كدا ليه انت إتجننت !
=انتِ تخرسى خالص... انتِ ازاي تخرجي من الصبح لبليل ومترديش عليا كمان!!
نهضت بغضب تقف امامه
=وانت قولت انك مش مهتم بيا واعمل اللى عايزاه فعملت اللى عايزاه وكمان بعد كلامك دا مش هرد انا حرة...
=حرة دا ف عالم الأحلام عندي انا مفييش حرة والكلام والهبل دا كله .... ! وكمان الزفت اللى كان واقف جنبك دا سيباه يشدك يرقص معاكِ انتِ عبيطة!
=انا مسمحلكش.. انا كنت بزعق وهضربه كمان لو ممشيش..
=شش انا إللى غبي اصلًا المفروض افهم انى حاجة زي دي عادية بالنسبة ليكِ اساساً!
أظلمت عيونها وأدمعت قليلا وهي تتذكر ايامها السيئة بينما اعطاها هو ظهره وبدأ فى خلع ملابسه لتقول بصوت ضعيف
=مكنش بأيدي.. غصب عني...
التفت لها فجأة ليرى مدي الحزن وتأثير كلماته عليها ، لا يجب ان نُلقى كلام عبثًا على القلوب كي لا تبقى اثارها طُوال العُمِر ...
تنهد بضيق فى صدره شاعرًا بخطأه الكبير فى حقها اقترب منها ومسح دموعها برفق شديد قائلا بصوت هاديء
=انا اسف يا مهرة مكنش قصدي أزعلك...
ثم تنهد بغضب يكتمه بداخله
=بس كنت هموته من رغبته فى الرقص معاكي.. وكُل ما أفتكر ماضيكي ب...
قاطع كلماته ثم قال بهدوء
=انا اسف يا مُهرة... انا اسف ..
رفعت نظرها اليه بحيرة وهي تتعجب من اسفه لها وهى فى تلك الفترة تعلمت جبروته وان يُلقي الكلام ويتخطي لا يعتذر أو يتأسف على الإطلاق... اهو الان واقف امامها يعتذر؟
ضغطت على شفتيها بحيرة من جملته ، ولكنها لم تُلاحظ ذالك الذي اشتعلت الرغبة فيه بها ولأول مرة تشتعل به تجاه فتاة وكأنها خُلِقت له فقط لتحرك ذالك الجبل الحديدي القوَّي....
مال على شفتيها يُقبلهما بإهتمام كبير ، وهي فقط مصدومة من فعلته تلك معها ، ولم يكُن بوسعها فعل شيء الا الانجراف حول مشاعرها تجاهُ وبقوة ، لينجرفا فى عالم خاص بهم.. لاول مرة وكلاهما ليس لديه مُبرر لما يفعل... ولكن الفكرة تكمُن فى حُب هذا الشيء ..
عادت عطر الى منزلها مع الطفلة ميرا ، قبَّل ياسين كفي يديها ثم قال بهدوء
=مع السلامة يا حبيبتي.
ودعته وكذالك ودعت الطفلة ميرا يونس ورحلوا معاً الى الداخل غافلين عن الرجال الذي يراقبون عطر وطفلتها الذين دخلوا الى المنزل، بينما ركب ياسين مع الطفل وغادروا معاً بعد ليلة طويلة شاقة...
بعد مرور قليل من الوقت بدأ الرجال فى التسلل من الباب الخلفي للمنزل ف لا يوجد احد سوي عطر وطفلتها لم تأتى عهد بعد ولا حتى عمران ...
دلفت الى المطبخ تحضر لبن لطفلتها التى جلست تبعث في العابها، حتي صرخت بقوة شديدة
=مامااااااا
دلف الرجال وأخذوها بسرعة ف خرجت عطر صارخة فيهم بخوف
=سيبوا بنتي سيبوها ابوس ايدكم... سيبوها.. انتوا مين وعايزين ايه ؟
=ارجعي لوراء أحسن ليكِ والا هنقتلها...
=سيبها ابوس ايدك دي طفلة وخايفة طيب خدني انا ... خدني انا...
=ارجعي بقولك..
رجعت الى الخلف ليخرجوا بسرعة غالقين الباب ، ركضت خلفهم عطر صارخة ببكاء
=ميرا ميرااا
رحلوا بسرعة داخل سيارتهم ولم تلحقهم لتلتفت تري عهد وباسل آتين، هرولت الى عهد قائلة
=الحقيني يا عهد الحقيني.. الحقني يا باسل
=اهدي اهدي يا عطر حصل ايه؟
=خ...خدوا ميرا بنتى خدوها مني ...
=ايه بتقولى ايه ....
قال باسل بسرعة
=اركبوا بسرعة نروح لياسين ونشوف هنعمل ايه ونبلغ الشرطة..
دلفتا الى السيارة ولم تكفُ عطر عن البُكاء بقوة وشدة على إبنتها..
نهض حسن من على الفراش الى الشرفة ينظر لها بفراغ شديد بينما ارتدت هي روب طويل على جسدها بتوتر وقلق ، فقال حسن بصدمة شديدة
=انتِ ازاي بنت... انا عايز أفهم انتِ ازاي بنت؟!
ابتلعت ريقها بتنهيدة قائلة
=محدش لمسنى ولا حد كان يقدر يقرب مني...
التفت لها بغضب وعروقه بارزة بقوة قائلا
=ازاي... انتِ مش ..**؟
ادمعت عيونها بخوف شديد قائلة
=هى أجبرتني.. بس انا مكونتيش بحب كدا نهائي.. ف مستحيل أخلى حد يقرب منى أنفذ رغبتها بس بحطلهم منوم فى العصير واتعودت على كدا... كنت بقرف حد يلمسني... بس هي السبب في كل حاجة هي... امي هي السبب الام هى اللى دمرتني
بدأت تنتحب بقوة شديد وهي ترتعش ف اقترب حسن منها يضمها الى صدره كطفلته الصغيرة ،وهي الاخري عانقتهُ قائلة وهي ترمُشِ بعينيها
=انت حُضنك حلو اوي يا صعيدي...
لاحت شبه ابتسامه على محياه ثم ضمها أكثر رابطًا على ظهرها قائلا
=وانتِ مجنونة خالص يا مُهرة...
ابتعدت عنه بعبوس قائلة
=بقا انا مجنونة.. !
ابتسم لاول مرة بخفة في وجهها يقول في نفسه
= شكلى انا إللى مجنون ... لاني هحب واحدة زيك!
نهض بهدوء قائلا
=ادخلي خدي شاور وتعالي.
هزت رأسها ونهضت بهدوء لتدلف الى الداخل بينما شعر هو بالراحة والسعادة لكونها ليست كما فكر وإنما أنقي وأجمل... نطق بقلق
=خايف أحبّك بجد يا مُهرة... وجت اللى تخليني أخاف.
جاء باسل ل ياسين الذي قد وصل للتو ويركن سيارته مع يونس التفت بصدمة قائلا
=عطر فيه ايه؟!
=الحقني يا ياسين خطفوا ميرا خطفوها...
=ايه.. ! خطفوها ازاي يعني ..
بدأت تحكي ما حدث تحت صدمته وغضب يونس الذي قال بصرامة
=ازااي يخطفوا حبيبتي ازاي... انا لازم أجيب السكينة وأقتلهم كلهم واحد واحد ازاي يتجرأو ويخطفوا حبيبتي...
=أهدي يا يونس انت كمان...
تابع ل عطر بحب
=اهدي يا حبيبتي اهدي علشان خاطري.. اهدي.. انا هتصرف دلوقتي هعمل اي حاجة وهنرجع ميرا ...
قاطع كلامه رن هاتفه برقم غريب أجاب قائلا
=مين...
=ميرا معايا..
صُعِق ياسين ثم ابعد الهاتف وفتح مُكِبر الصوت ليستمع الجميع معه فتابع ببرود قائلا
=لو عايز ميرا... يبقي تعمل اللى هقولك عليه..
=انت مين وعايز ايه بالظبط ؟!
=اولا تسيب عطر ... وتخليها ترجع لجوزها جمال ، والا مش هتشوف بنتها خالص... معاك بكرا لحد العصر بعدها ميرا مش موجودة في مصر كلها وانسي تشوفها تانى...
أغلق الهاتف فجأة ليلقى الهاتف فى الارض بغضب قائلا
=دي لعبة من جمال الكلب... بس على مين مش هسمحله وهرجع ميرا...
مسحت عطر دموعها برعشة وخوف قائلة
=هياخد مني بنتى .. هيبعدها بعيد عني... لاء مش هقدر!
=يعنى موافقة على شرطه !
=انا اسفة بس دي بنتي يا ياسين... ايوا موافقة.