رواية جبروت صعيدي
الفصل الرابع 4
بقلم سامية صابر
توقفت عطر مكانها بصدمه عندما رأت امامها زوجها القديم، قال جمال بنبرة غليظة
=ايوة جمال يا ست عطر.. شكلى جيت فى وقت مش مناسب..
قالت وهي تقترب منه بغضب
=ايه الكلام اللى انت بتقوله دا ممكن افهم ايه اللى جابك هنا بتعمل ايه؟!
=جاي اشوفك واشوف بنتي.. ونرجع!
=على جثتي انا وانت نرجع تانى ، انا اصلا تعبت وقرفت منك ومن مشاكلك ...
=بقولك ايه من غير كلام كتير هترجعيلي يعنى هترجعيلى ولا انتِ مبسوطة بالقرف اللى بتعمليه دا
=قرف ايه انت شكلك اتجننت يلا امشى من هنا حالا !
قال جمال بنبرة مزمجره
=الاخ اللى انتِ واقفه معاه دا ويعالم بتعملوا ايه هو دا الادب والاحترام فى نظرك...
كادت ان تتكلم بغضب فسبقها ياسين قائلا بنبرة صارمة
=احترم نفسك يا استاذ واحترم المكان اللى انت فيه واحترم مراتك ام بنتك ... والا تمشى من هنا دا مكان محترم...
=اخرس ياجدع انت انا محترم غصب عنك...
اقترب منه جلال بغضب تُكادِ تنشب حرب بينهم ف امسكته عطر قائلة بأسف
=بس يا جمااال... انا اسفه يا استاذ ياسين.. امشى يا جلال امشى..
=ما نيش ماشي الا اما تيجى معايا مفهوم...
امسكها من يديها بقسوة وغصبَ ليوقفهُ ياسين وهو يجذبها للناحية الاخري قائلا
=امشى انتِ يا مدام عطر.. وانا هعرف اتصرف مع الاستاذ دا كويس جدا .
قطع كلامهم الحاد دخول العمال الذي يعملون في مصانعهم ومعهم حسن على نقالة حديد فاقد الوعي، ما ان لمح ياسين مظهر اخوه صُعق قائلا
=حسن اخويا حصله ايه يا رجالة؟!
=اتصاب يا ياسين بيه ارجوك الحقه...
قال ياسين بسرعه
=يلا يا عطر على اوضة العمليات بسرعه...
=حاضر حاضر استرها يارب.. ياعيني عليكِ يا عطر.
ركضت الى الغرفة تضبطها وركض خلفها ياسين بأخيه يُجرى الاسعافات الأولية لهُ بقلق وخوف عليه اخيه وحبيبه وعاونتهُ عطر تاركين جمال في الخارج الذي جز على اسنانه قائلا
=ماشى يا عطر بس مسيرنا نرجع يعنى نرجع
ظلت تتلوي في ربطتها وهي تبكى وتضرب رأسها في الفراش ، لماذا لا يوجد أحد حنون عليها في تلك الحياة؟! لماذا لا يوجد من لا يضربها او يحبسها، لو رأت احد حنون عليها رُبما لم تتمرد لهذة الدرجة...
بكل قوتها حاولت فك قيودها بعد ساعات متواصلة حتى نجحت مسحت دموعها المتمردة على وجنتيها ثم نهضت قائلة وهي تلف حول نفسها
=لازم امشى من هنا لازم اهرب بعيد لازم امشى... هيحبسنى تاني هيعذبنى تاني انا بكره بكرهك يا حسن بكرهك يا كلب انت وامى وكلكم اوساااخ...
شعرت بجسدها يضعف ورغبة مُلِحة وشديدة في تناول جرعة أخري تسند بها نفسها ، اقترب من حقيبتها التى تخبئها وأخذت منها الحبوب ثم اشتمت بعض انواع المُخدِر وشعرت ان جسدها بدأ فى الرخاء والهدوء...
انتشلها من سكونها صوت فتحية التى تقول بقوة
=يالهووووي الحقوووني الحقوووني ابنى حسن ابنى حسن اتصااااب
نهضت من مكانها بسرعة تستوعب كلام السيدة العجوز حتى ارتسمت بسمة على وجهها قائلة
=ح.. حسن هيموت! وهبقي حرة... !!
لفت حول نفسها بفرحة وسعادة املاً فى موت حسن وان تكون حرة طليقة .....
بينما فى غرفة ثريا وفاروق ،لم تستطيع ان تتحرك فهى لا تريد الطلاق منه وفى الوقت نفسه لا تود البقاء ف كرامتها اهم من اي شيء ، انتشلهم من لحظتهم المؤلمه صراخ والدته ركض خارج الغرفة وخلفه ثريا...
قال فاروق وهو يمسك والدته الباكية
=جرا ايه ياما حصل ايه ؟
=الحق اخوك يا فاروق... اخوك حسن فى المستشفي ولاد الحرم ضربوه الحق اخووك..
ركض هو للخارج وترك ثريا تحتضن حماتها توسيها ببعض الكلمات واخذ هو الرجالة والسيارة ورحلم معاً....
ركض الى الخارج نهائيًا ثم استند على جذع شجرة يأخذ انفاسه بصعوبة بالغة، ثم أخرج هاتفه يتصل بأحدهم قائلا
=بعد ما خلصت كنت مستخبى فى المخزن.. وفجأة طلعلى اللى ميتسمى حسن قومت ضاربه وسيبته سايح فى دمه وهربت.
=غبي هتفضل طول عمرك غبي.. شاف وشك؟!
=لاء مالحقش ضربته على طول.
=طيب مات؟!
=معرفش لكن ما اظنش...
=حسن لو مات نهايتك على ايدي.
حك الاخر مؤخرة رأسه قائلا
=ما انت على طول بتحاربه في شغله وحياته اشمعنا مش عايزة يموت!
=اعذبه واطلع عينه دلوقتي بعدين الموت ... مهما كان دا ابن عمي !
=لاء ونعم صلة الرحم.
=اقفل انت دلوقتي واختفى عن الانظار مش عايز المحك لحد ما الاوضاع تهديء لانى حسن مش هيقعد فى مكان خالص.
=تحت امرك.
اغلق الاخر وركض بعيدًا للإختباء، بينما اغلق فرغلي الخط ووضع الهاتف بجانبه ، فرغلي هُو ابن عم حسن ،يكره جدا، فى العموم يكره العائله كلها ولكن حسن تحديدًا لانه منافسه الاول والاخير ودوما يُقارن بهِ ولذالك يود الفتك به كما انهُ يمتلك اعمال غير مشروعه...
حك ذقنه قائلا
=اما نشوف عمرك لحد فين يا ولد عمى.
بعد مرور ساعة.
خرج ياسين من غرفة العمليات يشعر بالارق والتعب في أنحاء جسده استقبله فاروق قائلا بخوف
=طمنى يا ياسين اخونا عامل ايه ؟
ابتسم ياسين ابتسامة باهتة
=متقلقش انقذت اخوك متنساش احنا ولاد العسال منتهزش مهما حصل...!
=عفارم عليك يا اخويا ... عايز اشوفه واطمئن عليه.
=هو في البنج دلوقتي لما يفوق كلنا هنشوفه هو بقا كويس جدا بس هيحتاج استمرار الأدوية والتغيير على الجرح وعلاج طبيعي لرجله، ان شاء الله خير اتصل بأهل البيت طمنهم كدا واوعي تخلى ابوك او امك يقلبوا صحتهم على ادَّهم...
=حاضر يا خويا.
تركه ياسين ورحل الى الغرفة لخلع تلك الملابس وتبديلها بأخري، رأي عطر التى تقف تُعقم يديها قال بنبرة خجولة
=عطر.. الف شكر على اللى عملتيه معايا مع انك مكونتيش مجبورة اسف لو تعبتك..
التفتت اليه قائلة بإبتسامة رقيقة
=لا طبعا مفيش شكرا فى الموضوع دا ، دا اخوك زي اخويا بالظبط انا قومت بواجبي... والمفروض انى اعتذر على اللى عمله جمال.
عبس قليلا قائلا
=انسان وقح ... انا اسف يعنى بجد
=لاء انت معاك حق فعلا..
=احم هو انتِ ناوية فعلا ترجعيله؟!
=لاء طبعا مستحيل ارجعله !
=أحسن برضوا.
رفعت نظرها اليه قائلة ببلاهة
=ها؟!
=ولا حاجة عن اذنك.
رحل عنها وتركها واقفة في حيرة ثم اكملت عملها محاولة التركيز ولكن لا تُنكر خوفها من المدعو جمال .
فى المساء
خرجت عهد من الجامعه وودعت صديقاتها التى تعرفت عليهم اليوم ، ثم ذهبت الى الباب الخلفى فهو مهجور ولا يوجد به اى شخص سوي جراش مهجور ...
التفتت حولها تتأمل المكان ومن بهِ صُعِقت عندما جذبها احدهم الى الجراش ووقعت ارضاً بكتبها وحقيبتها صرخت بصوت عالى خائف
=ميين!!
ظهر اليها اصدقاء باسل وهم ليسوا فى وعيهم على الإطلاق وواقفين امامها قال صديق باسل
=شش احنا هنتسلي بس.. مش كدا يا باسل؟!
=مع نفسكوا يابوص!
قالها باسل الذي يجلس فاقد للوعي اطلاقاً ولا يفهم شيء حوله من كم المُخدِر والمشروبات التى تناولها بكثرة ، صرخت عهد وهى تبتعد عنهم
=لاء باسل باسل فوق يا باسل انا عهد الحقني بالله عليك الحقني...
نظر لها بعدم وعي ثم تراجع للخلف واستسلم للنُعاسِ، بينما قال صديقه وهو يضحك بعدم وعى هو الاخر
=باسل خارج الخدمة... احنا موجودين.
حاولت القيام وان تأتي بشيء تضربهم به ولكن لم يمهلوها الفرصه وجذبوها من البنطال و..
ارتدت الحجاب الخاص بها ثم خرجت الغرفة على عجلة دقت على غرفة مُهرَّة التى تجلس بالداخل ، انتفضت مُهرَّة بخوف من مكانها قائلة بتوتر
=انتِ مين!.
=انا ثريا افتحي.
فتحت مُهرَّة الباب ببطيء قائلة
=تيجى معانا نشوف حسن فى المستشفى دا مهما كان جوزك ، اصله يعنى تعبان شويه بس الوضع ميخوفش اطمئني.
خطرت فى عقلها فكرة الهروب منهم فى الخارج فهزت رأسها وذهبت ووضعت شال على رأسها حتى لا يوبخها احد فقط فهى فى العادة لا ترتدي شيء على رأسها وتترك شعرها حُر طَليقْ....
خرجت مع ثريا ووالدتهم فتحية للاطمئنان على حسن واخذوهم الرجالة بالسيارة ...
ماهى الا اقل من ساعة ووصلوا، دلفوا معاً يسألون عن رقم الغرفة من ثم اليها استقبلهم فاروق بضيق قائلا
=ياما تعبتى نفسك ليه دا حسن كويس حتى فرغلي ابن عمى عنده جوا..
خرج فرغلي في تلك اللحظة ممتعض الوجه بعدما تحدث مع حسن والذي كان كلامه تلقيحًا عليه وكأنه يشك فى فرغلي انه وراء تلك الفعلة...
قال بنبرة باردة
=اهلا يا مرات عمي.
=اهلا يابني..
اخذت ثريا وفاروق ودلفوا الى حسن بينما توقف فرغلي بصدمة امام مُهرَّة التى حاولت اخفاء وجهها فقال بضحكة شريرة
=اهلا الهانم ! ياكش تكوني انتِ ست الحسن والجمال مرات حسن ..
رمشت عدة مرات بتوتر ثم ازاحته بيدها ودلفت الى الداخل بسرعة واغلقت الباب بينما حك فرغلي ذقنه قائلا
=دا انت كدا وقعت يا حسن ومحدش سمى عليك... بقا مراتك الحلوة هي هي نفسها تاجرة المخدرات بتاعتنا !