رواية جبروت صعيدي
الفصل العاشر 10
بقلم سامية صابر
وقفت الحاجة فتحية تُرتب الاطعمة في المطبخ بهدوء وهي تقول بألم فى قدمها
=يالا يا بنات شهلوا شوية.
تذكرت حينها ثريا وحاولت الا تبكي وان تتماسك، ولكنها شعرت بمن يحتضنها من الخلف
=وحشتيني يا توحة...
=ثريا يالهوي يا بنتي انتِ جيتي ولا بيتهيألي..
=مقدرتش ما أجيش واسيبك فى مناسبة زي دي.
=أصيلة وبنت أصول يا بنتي...
بالفعل شمرت عن ساعديها ووقفت تساعد فتحية في إعداد الاطعمه ويضحكان مثل الماضى.
بينما فى الخارج انتهت عهد من الزينة بأكملها قائلة لباسل
=انا ماشية هروح أغير واظبط نفسي وأرجع.
=متعمليش حاجة نفس الخِلقة هتتغير مثلاً؟
=احترم نفسك
=عيوني.
بالفعل غادرت لكي تُبدل ملابسها وصعد هو الاخر ليغتسل ويُبدِل ملابسه ، بينما هبط فاروق الى الاعلي بعدما أبدل ملابسه ولكنه غاضب فهي ليست نظيفة أو مكوية بطريقة جيدة، من يوم التي رحلت ثريا وهو لا يستطيع الارتداء بصورة صحيحة قال بغضب
=عيشة زي الزفت انا مبقيتش فاهم ولا عارف أعمل إيه...
دلف الى المطبخ من الخلف ليتحدث مع والدته ظنًا أن الخدم في الامام، تفاجيء بمن تقف تُبدِل ملابسها بعبائه ثانية وتَضِبُط شعرها، إنها ثريا حبيبته وزوجته، شهقت وهي تراه امامها وتراجعت للخلف وهى تضع العباءة فوقها بغضب قائلة
=انت مجنون ازاي تدخل هنا من غير ما تخبط!!
=والله انا داخل بيتي هخبط على بيتي .
=اطلع برا يا فاروق لو سمحت... اطلع برا...
بالفعل خرج وترك لها حرية المساحة فشعرت هى بالخجل الشديد وانتهت بسرعة من ارتداء ملابسها وحجابها ثم خرجت لتري وفاء التى تهبط ببرود وتقف بجانب فاروق بغرور ، لم تعطيهم أي اهتمام وأكملت عملها ... بينما قالت وفاء بعصبية
=ايه جاب العقربة دي تاني؟
=معرفش يا وفاء بس مش عايز كلام ولا خناق خلى الليلة تعدي علي خير...
خرجت فقالت لإبنها
=مش عايزاك تمسها بكلمة ، أو تعملها حاجة فاهم هي هتقضي الليلة دي وتمشى.
تابعت لوفاء
=وانتِ اياكي تمسيها بحرف انتِ فاهمة ولا لاء؟؟
=جرا ايه يا حماتي هي من باقي عائلتك ولا ايه دا انا حتى بنت اخو جوزك !
=على الاقل هي غيرك مش عقربة وحية ،وجت تساعدني مش زيك مش بتمدى ايدك فى حاجة والله الغني عنك يا ختي...
قال فاروق بضيق
=المفروض كنتي تقوليلي قبل ما تجبيها ياما انتِ عارفة الوضع.
=البيت بيتى كمان يا ولدي!
=مقصدتش ياما بس..
=خلاص يا فاروق اسكت خالص اقعد علشان اخوك ومرته زمانهم جايين.
بعد نصف ساعة، جاءت عطر برفقة ياسين ومعهم ميرا ويونس الصغير فبعدما أوصلهم انتظرهم ثم جاء بهم مرة اخري ومعهم وعمران وعهد قاموا بالقاء التحية علي بعضهم البعض، وجاء الحاج يونس بعدما أدي فريضته وجلس مع عمران كالعادة يلعبون طاولة...
وهبط باسل بعدما أبدل ملابسه ليرى عهد في أفضل حال لها حقا جميلة ولطيفة، نظر لها بهدوء وابتسامة ،مختلفة عن باقي ما عرفهم وتلك الفترة هى فى عقله كثيرا ،ولا يعلم سبب لذالك رُبما لانه بدأ يبتعد عن السوء رويدًا...
فى حين دلفت عطر تساعد النساء في الاطعمة كانت فتحية غير مرتاحة ف ربطت ثريا على كتفها قائلة.
=بصي للروح يا توحة مش لاي حاجة ، يمكن ربنا يحطنا في نفس الموقف دا ... ولا ايه؟
تنهدت فتحية قائلة
=عندك حق وهي بت كويسة برضك يلا على بركة الله.
=اوعي تحبيها أكثر مني!
=هو انا اقدر احب حد اكثر منك؟! دا انتِ بنتي.
عانقتها بحب وهى تبتسم ثم اكملوا عملهم.
بينما فى الخارج، خرجت عطر تُرتب الطاولة والمفرش ذهب اليها ياسين وقال لها بلُغة فُصحيَ
=جميلة انتِ بشكلٍ أعمق ممّا أحتمل، بشكل يُشعرني
بأنّي آسف تجاه شيء ما كُلّما نظرتُ إليكِ.
ابتسمت عطر قائلة
=كفاية كلام من دا يا ياسين العائلة بتبص علينا عيب ، بعدين ممكن أفقد توازُني وقتها
=أبوس ايدك بلاش مش هقدر أشيلك.
=قصدك اني تخينة؟
=اه..
=ايه..
=ها.. لاء انتِ قمر..
=ماشي يا ياسين ماشي والله لأوريك...
=طيب طيب إهدي، انا بهزر معاكِ.. صح عايز افتح موضوع الجواز النهاردة تاني مع ابوكي بم اني الأجواء هتبقى لطيفة..!
=انا خايفة اوي يا ياسين .
=مبقاش فيه حاجة تخوف كل الصعب عدي ، بعدين ميرا بقت معانا ومفيش حاجة تمنع جوازنا اصلاً.. المهم انتِ إية؟
=هفكر.
=نعم لاء ربنا معاكي بقا.
=خلاص خلاص استني... كلم بابا وانت هتعرف جوابي.
=أما نشوف يا عم التقلان.
ابتسمت بمرح وبادلها هو الابتسامة بحُب هاديء.
بينما فى الخارج، وصل حسن برفقة مُهرة ، وهبطا معاً الى الداخل وتجمع الجميع في دائرة واحدة بعدما نبأهم باسل بقدومهم فتجمعوا ليفاجئونهم، ما ان دلفوا القوا عليهم زينة جميلة قائلين بصوت واحد
=حمدالله على السلامة يا مُهرَّة.
تفاجئت مهرة بتلك الفعلة ثم دمعت عينيها واقتربت تحتضن والدها بقوة لاول مرة من بعد طفولتها ، عانقها بحب وادمعت عيناهُ قائلا
=حمدالله على السلامة يا حبيبتي وياقُرة عيني ...
مسحت دموعها وهي تنتفض ثم احتضنت شقيقتيها معاً وهي تبكي بقهر ربطوا على كتفها بحب ومنعوا نفسهم من البكاء هم الاخرون، وعانقت فتحية وثريا والجميع وهي تبتسم ثم قالت وهي تمسك البالون الكبيرة المكتوب عليها " حمدالله على السلامة يا مهرة "..
=شكرا ليكم بجد مش عارفة اقول ايه، انا للمرة الاولى أحِس اني عندي أهل الف شكر ليكُم كلكم ..
قالت فتحية وهي تبتسم
=يالا ياولاد يالا ناكل عملالكم اكل يرم عضمكم.. والاصح ثريا اللى عملاه..
قال باسل بإبتسامة
=ايوا كدا نورتي البيت يا قمري، والله وحشنى أكلك، بدال أكل الموتي اللى كنا بناكله دا..
رمقتهم وفاء بغضب ثم صعدت الى الاعلي بعصبية مفرطة وهي تتوعد للجميع بالاسوء، فقال باسل
=أحسن العقربة رحلت نقوم نفرح بقا...
قال فاروق بضيق
=بااسل احترم نفسك..
اقترب منه باسل قائلا بصوت خفيض
=انت غلطان فيه حد يسيب لهطة القشطة علشان ياخد عقربة، دى حتى عقربة.
بالفعل ذهب الجميع الى الطاولة يجلسون في دائرة لطيفة وجميلة ،ووضعت ثريا الطعام للجميع فيما عدا فاروق الذي تذمر قائلا
=على فكرا محطتيش ليا!
=اظن مراتك تبقى تحطلك يافاروق بيه..
ضحك الجميع خفية على تعذيب ثريا لفاروق وغضبه الشديد منها، جلست بجانب يونس الصغير لتعطمه، فقبل يديها وأكل لقمة صغيرة قائلا
=خلاص يا ماما انا مش هقدر اكل منك تاني، علشان أأكل ميرا.
قال ياسين بضيق
=ابعد أبنك عن بنتي يا فاروق
نطق فاروق بضحك
=ياعم انت تطول يونس ابنى يتجوز بنتك ...
قالت عطر بتذمر
=معلش بقا انا بنتي ست البنات.
قالت ثريا وهي تبتسم
=وابني راجل ملو هدومه...
قالت فتحية وهي تضحك
=خلاص يا ولاد كلهم حلوين بس يكبروا الاول ، المهم شد حيلك بقا يا حسن انت ومهرة عايزين أطفال كتير يملوا علينا البيت كدا...
أصابت الكُحه حسن ثم قال وهو يتنهد
=أحم... انا كلت.
نهض ببرود تام من على الطاولة ،ليضحك الجميع على خجله بينما حاولت هي عدم التركيز، وبدأت الاحاديث يبن شد وجذب وسعادة وألفة بينهم...
بعد الطعام ،، جلس ياسين بجانب عمران ومعه والده ووالدته وقال بهدوء
=ياعمى قدام امي وابويا، انا طالب منك أيد عطر للمرة المليون وهفضل أكرر طلبي ورغبتي لحد ما توافق، وأظن دلوقتي مفيش عوائق، ميرا بقت معانا.
لم تتحدث فتحية فهي قررت أن تترك لإبنها حرية الاختيار بعد الضغط عليها طوال الفترة الماضية كما أنها بدأت تحب عطر وتتقبلها...
فقال عمران وهو يبتسم
=معنديش اي مانع، شرف ليا أناسبكم للمرة التانية.
قال يونس وهو يهمس له
=وأدعي متبقاش الاخيرة..
=آآآه منك يا راجل انت، عيالك خلصوا على بناتي.
ضحكوا معاً بسعادة ليقول يونس
=زيادة الخير خيرين.
ف نطق ياسين بحماس
=نقرأ الفاتحة بقا ونتفق.
قال عمران بضحك
=ابنك مستعجل أوي يلا على بركة الله.
بالفعل بدأو قراءة الفاتحة معًا، بينما في الخارج يقف الاربع فتيات يسترقون السمع لهم فقالت عهد بحماس
=هيييه مُبارك يا عطر بيقرأو فتحتك ...
عانقتها مهرة وهى تقول
=مُبارك يا قلبي ربنا يتمم بخير ويسعدك ولعلها المرة اللى فيها الخير ليكِ..
=يارب يجماعه يارب..
عانقتها ثريا هي الاخري وباركت لها بحب ،كانت ليلة سعيدة واختتمت بقراءة فتحة عطر وياسين.. نطق ياسين بحماس
=كتب الكتاب الشهر الجاي كويس؟
=انت مستعجل ليه يا بني؟
=ياعمي رمضان داخل علينا ،ومش هعرف أتجوزها وهفضل مستني كتير ،انا جاهز وهي جاهزة يبقي ليه لاء...
=خلاص على خيرة الله.
دلفت عطر اليهم ثم احتضنت والدها بحب وحماتها وقبلت يد حماها بينما قال ياسين بإبتسامة عذبة
=مُبارك عليا انتِ
قبل يديها بحب ثم ابتعدت هى عنه بخجل ولكن بداخلها سعادة تكفى لسنين طويلة.
بدأو يلتقطون الصور معاً فى فرحة وسعادة حتي تركتهم ثريا وإستأذنت للرحيل ، ذهب خلفها فاروق قائلا بنحنحه
=ثريا استني.
=نعم!
=انا ممكن أوصلك..
=لاء مش عايزة.. وياريت متحاولش تتكلم معايا تاني عن إذنك.
تركته وغادرت بينما ظل هو واقف قليلا ثم دلف هو الاخر ف لا يحق له أن يتحدث اليها.
بينما مهرة وخرجت الى الخارج ووقفت تستنشق الهواء، حياتها تغيرت كثيرا من الجحيم للسعادة، بدت كواحدة اخري، من حول حياتها وجعلها هكذا هو شخص واحد حسن ،كان اكثر شخص أذاها، واكثرهم نفعها...
كانت اكثر شخص تكرهُ، ولكن الآن بدأت مشاعرها تتغير نحوه بقوة كبيره، لكنها في حاجة لعلاج قلبها، والشيء الوحيد لعلاجه الحب ، الحب الحقيقي ابتسمت بخفة وهي تتخيل أن يعشقها ذالك الصعيدي ذو الجبروت ثم قالت وهي تضرب جبهتها
=حسن! دا اخر حد المفروض كُنت أفكر فيه..
تابعت وهي تضغط علي شفتيها
=يعنى ايه حٌب؟!
شعرت بمن يضع يديه على كتفها التفتت بسرعة ولهفة قائلة
=حسن!!
ولكنها صُعِقت مما رأت كان فرغلي، توترت بقوة قائلة
=ا.. انت؟!
=ايوا انا فرغلي يا ست مهرة ، إبن عم جوزك المصون ، انا قولت اجي اشوفك وازورك بم انك خفيتي وبقيتي كويسة... وبصراحة اتوحشناكى من اخر عملية معاكي ...
=اسمعني كويس انا اتغيرت وبطلت الشغل المقرف دا ، ف مالكش دعوة بيه وابعد عني ، ولا تحاول تلمحلى بالكلام دا بعد كدا فاهم ولا لاء...
=مش عيب تنسي العمليات اللى ما بينا ولا ايه !
=عمليات ايه؟
قالها حسن الذي وقف أمامهم بشك ،بينما هي أحمر وجهها وشعرت بالخوف الشديد من معرفة هذا الشيء ايضا لن يُسامحها عليه على الإطلاق...