رواية أنصاف القدر الفصل السابع عشر 17 بقلم سوما العربى


 رواية أنصاف القدر

الفصل السابع عشر  17

بقلم سوما العربى

 

صباح اليوم التالى مباشرة

بعد ذلك اليوم الكارثى كان هناك حالة جديدة بينهم... لا توصف بكلمات مزيج من العناد.. الحب والكبرياء.

المعضله ان كل منهم يرى أنه صحيح والآخر هو الظالم والمخطئ.


ولكن.... مليكه بعدما فعلت فعلتها تلك امس اصبحت اهدئ بكثير.. لقد ثأرت لنفسها وبقلبها بنفس الاحداث.. الوقت.. المكان. حتى صوت الضحكات وعدد الانفاس.


حينما يكون هناك ثأر على دم او اى شئ ويقم الشخص بأخذ ثأره تهدأ روحه واعصابه فكما يقال لقد بردت ناره.


كذلك الأمر بالنسبه لمليكه بالضبط.. لقد تمادى معها كثيراً. جار على حقها كثيرآ... تحكم بكل شيء بها كأنها دميه... استهزاء بها في بادئ الأمر... اخذ الأمر منها عام تقريباً حتى قال إنه يحبها.


فعل وقال أشياء تقلل من شئنها كثيراً واخرهم عرضه الاخير المشين.


لكنها ومنذ الأمس اهدئ بكثير... فى عامها التاسع عشر هذا تتنفس براحه أكثر من عامها الثامن عشر.


روح السباق الذى كانت به كى يحبها هدأت فهو بالفعل احبها.... قالها اخيرا.


المشكلة الان انها لديها الشعور وعكسه فى آن واحد.. بالإضافة الى أشياء كثيرة غير مفسره.


هى حتى لا تستطيع تحديد وجهتها القادمة...هل ستزيله نهائيا من عالمها وتنتظر شريك أفضل ام ان عامر ورغم اى شئ عالق بقلبها وروحها وقد كبر داخل قلبها كما يكبر الجسد.


صراعات كثيره ومشاحنات... امور لم تحسمها مع نفسها أولا.


على بعد عرفات... بالتحديد داخل غرفته... كان قد ارتدى كل ثيابه مستعد للنزول.


الغريب أنك لو رأيته الان لشعرت انه ليس بعامر القديم... كأنه شخص آخر.. هناك شئ تغير به.


هل يجلس الان بعند طفولى ينتطر استماعه لفتح بابها وغلقه دليل على خروجها من غرفتها؟


هل يتعمد ان تجلس هى تنتظره ولا ينتظرها هو؟


لو رأيته بجسده مكتمل البنيان... وهيئته المهيبه... لن تصدق انه نفس الشخص الذى يفكر هذا التفكير الان.


وقف من مكانه وهندم بذلته الزرقاء ثم تحرك بخطى ثابتة ليبهط لهم اوو.. لها.


جلست فى مكانها المعتاد.. لجوار فادى رغم اى شئ.. تبحث بعينيها عنه.


هبط الدرج بفخامه ووقار ينظر امامه بزهو.


تقدم بخطى واثقه يلقى تحية الصباح.


واول شئ نطقه:امال فين خالتي وهديل؟


ناهد:رجعوا بيتهم امبارح.. بصراحة يا عامر انا حاسه ان خالتك عايزاك لهديل.. وانا كلمتك كتير فى الموضوع ده وانت لا بترفض ولا بتوافق... انت شايف بنفسك ازاى البنت مهتمه اوى بيك... عيب لو فضلنا نمثل اننا مش فاهمين.


بتصرف غير محسوب منه قال :خلاص يا امى... حددى معاهم معاد بكره نروح نخطبها.


سعلت مليكه وسط طعامها.. نظرت له باعين جاحظه.. والفت تود القاء اى شئ بوجهه.


اما على الطرف الآخر فالكل يهنئه.. وأخيرا عامر سيتزوج.


الكل سعيد الا حزب المعارضة.. مليكه والفت.


وقفت من مقعدها.. رغم مافعلته ورغم اى شئ تشعر بآلام والمرار فى قلبها.


تحدثت ياختناق:انا شبعت.. هطلع اجهز شنطتى.


. همت للانصراف ولكنه تحدث بثبات وهو عينه على صحنه:استنى عندك.


وقفت تقبض على اصابع يدها... تحاول السيطرة على ذلك الحريق بداخلها.


مليكة :نعم؟


تحدثت وهو مازال على جلسته :رايحه فين؟


مليكه:زى ما حضرتك سمعت وعارف ان كل سنه بعد عيد ميلادى بسافر اسكندرية لخالتو.


ابتسم نصف ابتسامه وقال بثبات :ده كان قبل كده... من هنا ورايح فى نظام جديد.. من بعد امبارح.


. قالها يقصد بها الكثير الذى لا يعرفه غيره هو وهى.


تدخلت ناهد تقول :ايه يا عامر فى ايه... سيبها على راحتها.. ماهى كل سنه متعوده تروح ليه التحكمات دى وبعدين هو ايه اللي حصل امبارح.


عامر بلا مبالاه :الى حصل انها كبرت سنه.. بقت انسه... ماينفعش تروح تبات فى شقه فيها شاب كبير كده.


ناهد :ده ابن خالتها ومتربيين سوا وخطيب صاحبتها.


عامر :ابن خالتها.. مش اخوها.


مليكه:ثانية ثانيه بس يعني اعذروني... هو حضرتك بتتحكم كده على اساس ايه مش فاهمة؟!!


قادره على استحضار شياطينه ببراعه.. مرهقه مرهقه مرهقه.


وقف عن مقعده يقبض على يدها يسحبها معه داخل مكتبه.


ناهد :عامر... رايح فين بالبنت؟


قال وهو يسير بها :مش عايز ازعقلها قدام حد يا امى.. هفهمها واجى.


تقدم بها وهى تتماشى مع خطواته.. لا تعلم لما تطاوعه قدماها.


أغلق الباب خلفه ينطر لها بغضب ولكنها هى من بادرت تقول بعصبيه:ايه الى انت بتعمله دى... مش من حقك تتحكم فيا كده.


عامر :لا بصى.. انا سكتلك كتير... وعديتلك كتير. قولت عيله... قولت مش مستوعبه.. انت بردو مضايقها.. لكن توصل للى عملتيه امبارح ده؟.. كنتى بترديهالى؟ كل ده شايفنى زى باباكى او اخوكى الكبير ومشاعر مراهقة؟


مليكه :انا مش بردلك حاجة.. دى الحقيقة.


اغتاظ كثيرآ من ذلك العناد فهو يرى اهتزاز مقلتيها جيدا.


. اقترب منها اكثر يقول :كدابه.. وأكبر دليلا.. قلبى الى انتى لسه معلقاه فى رقبتك وانا ملبسهولك بأيدي.


نظرت له بغيظ.. تسب وتلعن نفسها. بالفعل صعب عليها كثيرا ان تتخلى عن سلساله المميز هذا وظلت مرتديه اياه كما البسه لها بيده.


ابتعد عنها بعدما زلزلها كليا وقال :من هنا ورايح فى نظام جديد عشان انا شكلى دلعتك بزيادة.. ومافيش ولا سفر ولا خروج غير بأذنى.. واعتبريها زى ماتعتبريها... اصل انا راجل ظالم.


نظرت له قائله :مش من حقك هو انت اشترتنى.


عامر :اه اشتريتك... ايه رأيك بقا.. انتى الى وصلتى بينا لهنا...انتى السبب فى كل الى بيحصل.


مليكه :احلى حاجة فيك انك مش بتعرف تشوف نفسك... ولا عمايلك ومش شايف انك انت الى وصلتنا لهنا وللنقطه دى... هتفضل شايف نفسك صح لامتى.


نظر لها يكابر اى شئ وقال:اه انا صح وانتى الى غلط.. وسفر مافيش.. لو عايزة تروحى لخالتك استنى يوم نسافر فيه كلنا وابقى روحى قضى معاها اليوم لكن بيات هناك لا.


هاجت ثورتها تتحدث بانفعال:انت بتتحكم فيا بتاع ايه ولا بأماره ايه... بأماره مانت رايح تخطب هديل.. انا مش هسيبك تتحكم فيا ولا تعمل اى حاجة من الكلام ده.. عايز تخطب.. تتجوز انا حر... حر في نفسك بس مش حر فيا.


عامر بغضب :ماتعليش صووتك.


مليكه :انا حره هعلى واعلى واع... قاطعها بنفاذ صبر.. لقد اشتاقها رغم كل شئ.. ابتلع كلمتها فى فمه وهو يضمها له يقبلها.


بعد مرور ثوانى بطيئه على كلاهما فصلت قبلتها ينظر كل منهم بعجز.


عجز امام عند كل منهم... امام الظروف.. وفارق العمر.. والقرارات الخاطئه.


افلتت نفسها من بين ذراعيه تهرب لغرفتها سريعا... مايحدث غير مقبول وغير طبيعي او حتى منطقى.


هل مازالت تحبه.. أم ستكمل مع غيره.. مع شخص يستحقها.. هل لقصتهم نهاية سعيدة؟ هل سيخطب هديل حقا.


افكار كثيره ومشاعر مخطلته.. لا تعلم لما نفذت حديثه ولم تذهب للاسكندريه.


بعد ساعه من القيادة فى الشوارع... لم يذهب لعمله ككل يوم.


وجد حاله يتوقف امام قسم الشرطة الذى يعمل به كارم.


صف سيارته وذهب اليه.


وآلان بعد أن أنهى حديثه مع قهوته يجلس كارم فى مقابله ينظر له بصمت واستغراب.


عامر :بتبصلى كده ليه انا مش فايقلك.


كارم :انت ياض حمار. ولا اهبل ولا عندك ربع ضارب.


اغمض عينيه يصطك على أسنانه. بارع فى إثارة غضبه مثلها :ماتلم لسانك ده بدل ما اقل ادبى عليك.


كارم:لا بس ابلع ريقك كده وأهدى على نفسك عشان انت مبهدل الدنيا... انا عايز اعرف ايه العك الى انت بتعكه فى حياتك ده... ولما انت مش عارف تبعد عنها ولا تشيلها من بالك وعمال تفرض تحكمات وأوامر عليها كده رايح تتسحب من لسانك وتقول هتخطب بنت خالتك ليه ياقفل مصدى انت.


انفجر به كالقنبله:مش عارف.. مش عارف... طيرتلى برج من نفوخى.. حاسس انى... مش عارف بس متعصب على متغاظ على زن من امى ومحمد.. واهتمام هديل الى واضح للكل.كذا حاجة كذا حاجة.


كارم :لا هو انت بس عامل زى الى واخذ خبطه فوق نفوخه وعمال يضبش.. بتلوش هنا وهنا.. انت عايز تضايقها بس ياعامر وترد علي الى هى عملته امبارح... بس كده غلط... انت داخل فى خطوبه ومش من اى حد دى بنت خالتك الى زى ما بتقول بنفسك انها طيبه وكويسه وانك لسه مش عارف تخرج مليكه من حياتك.. طيب براحه كده بقا وواحدة واحده.. دلوقتي انت هتخطب بنت خالتك لمجرد شويه عند فى دماغك الى هما فى الاخر هيلبسوك فى حيته عارف ليه. لأنك لسه عايز مليكه ليك ومش هترضا تسيبها لحد كمان رايح تخطب بنت خالتك طيب هتكمل وتتجوزها وتخسر مليكه للأبد ولا كمان شوية وبدون أسباب تفسخ خطوبتك من البنت وتخسر خالتك وبنتها... انت مدرك انت رايح على فين؟


ارجع رأسه للوراء... يغمض عينيه بتعب.. انه يخطئ بكل تلك التصرفات الهوجاء.. لازال طعم شفتيها عالق بشفتيه.. إحساس لا يوصف ولا ينسى.


عاد للبيت تدور برأسه صراعات كثيره.


دلف لغرفتها مباشرة.. وجدها تجلس على احد الارائك تنظر أمامها بشرود... لم تشعر حتى بدلوفه عندها.


لكن شعرت باحدهم يجلس لجوارها... نظرت له فقال :مليكه انا بحبك.


اغمضت عينيها رغم اى شئ تستمتع لتلك الكلمه التى لاطالما حلمت بها.


مد يده وهو يتنفس بهد تنهيده طويله يتحسس مجموعة خصلات بين اصابعه يقول :انا عارف انك متضايقه منى ومن تحكماتى.. بس انا بحبك وانا حبى كده.


مليكه:بتحبنى لدرجة انك رايح تخطب هديل.


عامر :هكلم امى نلغى كل ده.


مليكه:امك كلمت خالتك خلاص... قولى بقا ياكبير هتحلها ازاى.


عامر :قوليلى انتى اعمل ايه. حطى نفسك مكانى.. ولا اقولك انا هحطك مكانى فعلاً. تعالى معايا.


مد يده يسحبها خلفه. يبحث عن الجميع واين هم.


وجد امه تجلس مع الفت وكارما.. محمد بالعمل.. فادى يهبط الدرج لينضم لهم.


جلس أمامهم بعدما جلست هى لجوار كارما.


طريقة دلوفهم معا هكذا آثار انتباه الفت خصوصاً مع حديثه الغير مقبول صباحاً واخذه لها داخل مكتبه بهذه الطريقة.


لكنها كذبت نفسها وعقلها.. لا يمكن أن يكن هناك شئ بين ابنها ومليكه بالتأكيد.


جلس عامر يقول :انا فى موضوع بقالى فتره عايز اكلمكوا فيه.


كارما :موضوع ايه؟


عامر :بصراحة انا بقالى فتره كبيره بحب بنت وعايز اخد خطوه.


اتسعت اعينهم جميعا ماعدا الفت.


تحدثت ناهد بزهول وشك:وهى مين؟هديل؟


عامر:لا مش هديل... وفى كذا مشكلة في الموضوع أولها انها صغيره اوى.


زاد الشك داخل ناهد وقالت:صغيره باد ايه يعني.. ست سبع سنين؟


زم شفتيه وقال :لأ... اكتر من كده بكتير.


كل ذلك وهى تجلس... تراه يضعها بقلب الاحداث. يخبرها ان انظرى بعينك.


كارما :طب وهديل؟


عامر :قرارا غلط ومتسرع... انا بحب واحده تانيه.


هبت ناهد من موضعها:متسرع ايه وغلط ايه... انا خلاص كلمت اختى وهى كلمت جوزها واعمام بنتها وليله كبيره وانت جاى زى العيال ترجع فى كلامك... ثم انك ازاى عايز ترتبط ببنت صغيره كده.. وباين اوى إنها أصغر منك بسنيين.. انت عايز تضحك الناس علينا وعليك.. ده انت كبير البيت والعيله.


تدخل فادى :عامر... انت بتتكلم بجد؟ انت ياعامر؟ ماصدقش ابدا... ده انت رمز للخطوات الصح والقرارات الصح... معقول بتفكر بجد ترتبط ببنت أصغر منك بكل ده... طب هتتعامل معها ومع دماغها ازاى.. فى فجوة زمنية بينكو.


ناهد:انسى ياعامر مش على آخر الزمن هنضحك الناس علينا...خطوبتك على هديل لازم تتم مش لعب عيال هو.


عامر :طيب يا أمى لو قلتلك انى سعادتى مع البنت دى. هتقولى ايه؟


ناهد :هقولك أن بكره بالتفاهم تلاقى سعادتك مع هديل واحده من سنك ومن قيمتك وهتعرف تتعامل معاها. لكن انا هتكسف وانا واقفه فى فرح ابنى على عيله صغيره أصغر منه بكل ده... هنورى وشنا للناس ازاى... خد نصيبك وهى تاخد نصيبها.


فادى :طنط عندها حق ياعامر.. فعلاً حاجة محرجة جدآ ومش مقبولة... وشكلك كدة بيقول ان البنت اندر ايدج هتعمل كده ازاى...انسى الموضوع ده لأنه غلط من كل الجهات.


تستمع لكل شخص منهم.. كل منهم يلقى بكلمه تزيد الأمر صعوبه عليها وعليه... لقد وضعها فى قلب المواجهة.. يريها ماسيحدث لو تحدث. كل هذا وهو لم يصرح لهم انها هى مليكه... فما العمل لو صرح انه يحب ربيبته مليكه.. لكان رد فعلهم اقوى واعنف.


صمت كل شخص منهم وهو ينظر لها بألم وهى لأول مرة تنتبه الى ماكان يقوله وأنه قد يكن فعلاً معذور.


مرت أشهر كثيره ورجب مازال على موقفه من سيد.


انقطاع علاقتهم منذ ذلك اليوم أمر محزن جدا خصوصا بعد صداقه سنوات بينهم.


حسم أمره وقرر الذهاب لرجب.. لن يجلس يضع يده على وجنته هكذا كالعاجز.


تقدم من سيد الذى زم شفيته ونظر للناحيه الأخرى اول ما رأه.


سيد :سلام عليكم يا صاحبي.


رجب :عليكو السلام والرحمه.


سيد :ومالك بتقولها من غير نفس كده؟


رجب :عايزنى اقولهالك أزاى يعنى؟


تنهد سيد وجلس لجواره قائلاً :وبعدهالك يارجب. هتفضل مقاطعنى كده لامتى.. ده أنا طالب شرع الله.


رجب :وهو شرع الله ده ماينفعش غير مع طليقتى.. الناس تقول علينا ايه؟


سيد :وانت يعنى كنت عملت حساب للناس وكلامهم والكل عارف انك راضى على نفسك تبقى محلل


احتدت أعين رجب يقول :انت بتعايرنى يا سيد.


سيد :مش القصد يا صاحبى وانت عارف. مش اخلاقى ابدا... بس انا بعرفك انك لو عايز تعديها هتعديها.


رجب:الستات مالية الدنيا.. ماجتش على حكمت يا سيد.


سيد:يا سيد البت بتحبها وراضيه بيها.. دى يتيمه.. يتيمه يا رجب.. هتكسر بخاطر بنت يتيمه بتدور على ام ليها.


رجب :ولاااا. هتصيع عليا... الى عملناه فى توفيق هتيجى انت تعمله عليا.. انا وانت نغنى على الناس اه... لكن هتيجى انت تغنى عليا مش هياكل.. سامع.


فى نفس الوقت


وصل احد الصبيا للمعلم رجب يحمل بيده شئ يقول :الطلب جهز يامعلم.


رجب :براوه عليك يا سحس.. روح كمل شغلك انت.


اخرج هاتفه من جلبابه لا يستطيع السيطرة لا على خفقات قلبه ولا على تلك الابتسامة الواسعة.. يبعث رسالة نصها (نزلى السبت يا ست البنات).


تهلل وجهه وهو يراها تقوم بإنزال ذلك الوعاء بخجل كبير.. ترتدى الزى الأسود حداد على شقيقتها... وكم بدت بديعة به.


قاربت رقبته على الالتواء وهو يركز بعينيه عليها ويرفع رقبته لأعلى حتى سحبت الوعاء ثانية تنظر لمحتواه بفرحة.. تنظر له بخجل ثم تختفى فى الداخل سريعاً.


اغتنم سيد اللحظه واقترب منه يهمس :فكها يارجب على الى تحت عشان ربك فوق يفكها عليك... ارحم ترحم ياصاحبى.


زفر بضيق فقد عاد بصوته وحديثه لأرض الواقع.


نظر له مطولاً ثم قال :ربنا يسهل ياسيد.


ثم أعطاه ظهره واتجه لمحله.


اما سيد فقد تهلل وجهه.. لقد اقترب كثيراً من إقناع رجب وحل عقدته.


تعب من كثرة التفكير وهى منذ تلك الجلسة تختفى داخل غرفتها لايعلم بماذا تفكر ولا الى اين وصل عقلها.


وقف أمام غرفتها بتردد ولكنه حسم أمره... سيتركها قليلا تستوعب.


خرج مقررا الذهاب وحده لمكان هادئ.. يجلس يفكر وحده.


فى احد المقاهى الفخمه.


كان يجلس على طاولة فخمه بعيده عن اى شخص.


بعد دقائق وجد احدهم يضع يده على كتفه يقول بفرحة :عامر الخطيب؟! عاش من شافك يا راجل.


نظر خلفه وتهلل وجهه وقالا :قاسم مهران... وحشنى والله. بتعمل ايه هنا.


قاسم :انا بعمل معظم اجتماعات الشغل هنا عشان جنب مقر المجموعه.. انت عامل ايه وايه اخبارك.. سمعت انك داخل الانتخابات الجايه


عامر:غالبا اه.. محتاجين الخطوة دى الفترة الجاية.


قاسم :ولو انى مش بفضل الحياة السياسية. بتخليك تحت الميكرسكوب.. بس الى انت شايفه صح اعمله.


عامر :تؤ.. سيبك منى.. قولى انت ايه سر السعادة الى فيك دى.. ماكنش شهر الى انشغلت عنك فيه... آخر مره شوفتك كنت قاسم الكئيب الى انا اعرفه.


قاسم بسعادة وابتسامة :حبيييت.


رفع عامر حاجبه يقول :نعم؟ انت؟


قاسم :اه انا ايه مش بنى آدم؟


عامر :يعنى مش اوى.


قاسم :لم نفسك يالا.


عامر :طب هى مين؟


قاسم :لا مش هتعرفها طبعا.


عامر :مش مصريه؟


قاسم :لا مش الفكره بس هى بنت صغيره.. وسنها صغير مش من معارفنا عشان كده مش هتبقى عارفها.


نظر له عامر بتركيز يقول :بنت صغيره؟ عندها كام سنة يعنى ولا الفرق بينكوا كام؟


قاسم :بص هى فعلاً أصغر منى باكتر من 12 سنه... بس انا اول مره ابقى متعلق بحد كده... أول مره احس انى بحب.. بحب نفسى وانا معاها.. عندى استعداد أواجه اى حاجة عشان ابقى معاها وتبقى ليا.


عامر : مش خايف من كلام الناس عليك؟


قاسم :ليه يعنى 12 سنه مش أوفر.. كتير اه بس اشطا.. انا راضى وهى راضيه مالهم هما ولا انا اول ولا اخر واحد يتجوز واحده أصغر منه بكل ده.. التوافق مالوش سن.. مجرد روحين توافقوا مع بعض خلاص.. بيختفى العمر والتعليم وكل حاجه.


عامر:عندك حق بس.... قاطعه قاسم :مابسش.. اقولك على حاجه... مافيش اى تمن يتقدر بيه سعادتك... احساسك وانت ماسك ايد حبيبتك.


ضحك عامر قائلا بسخرية :هههه قاسم مهران زير النسا بيتكلم عن مسكة الأيد بس... ده انت سيديهاتك معايا


ابتسم قاسم وقال بحب:بالظبط كده... انت لخصت الى عايز اقولوا.... لما تبقى بعد كل ده.. تحس ان لمسة كف حبيبتك احلى من 100 بوسه... لما نبقى عايز تفضل تمرر صوابعك كده فى باطن ايدها تحس بيها... احساس حلو.. خالى أن اى حاجه تانيه.. فاهمنى.


شرد عامر معه بحديثه يقارن بين تفكيره وتفكير قاسم....


      لقراءة الفصل الثامن عشر من هنا 


تعليقات