رواية أنصاف القدر الفصل الثالث عشر 13 بقلم سوما العربى


 رواية أنصاف القدر

الفصل الثالث عشر  13

بقلم سوما العربى


كان مازال يقف أمامها متخشب... تحاصره وتضيق عليه الخناق.. من ظنها صغيره غلبته بالحديث لدرجة انه لا يجد رد... لكنها مازالت ضيقه الافق والرؤية... ترى كل شئ من وجهة نظرها هى... وجهة نظر بنت صغيرة مراهقة... تريد أن تحيا فقط... ترى الحياة من الجانب الوردى.


كانت على وضعها... تنظر له بقوة.. تنتظر رد او.. ليغادر ويتركها لسبيلها... لكنه كالمعتاد لاينسبها له ولا يعطيها حريتها.


تقدم منها يقول :طيب حطى نفسك مكانى... هتقولى ايه للى حوالينا... ها.. اروح اقول لهم ايه.. عايز اتجوز.. عايز اتجوز مليكه... مش خوف.. مش جبن بس هى فعلا حاجة تكسف.


اتسعت عينيها والصدمه اخذت منها نصيبها وقالت:تكسف؟!! انا حاجه تكسف!!


اقترب منها بتوتر:يا مليكه افهمى... مش قصدى انتى انا قصدى الوضع.. اقصد... قاطعته تقول :مش عايزه اسمع.


عامر :لا هتسمعى.


اقترب هى هذه المره وقالت :لا مش هسمع حاجة... وياريت مش عايزه اشوفك قدامى تانى... انا مش حابه اشوفك.


صدم كليا وردد بزهول:مش حابه تشوفينى؟! مش حابه تشوفينى انا يا مليكه.


نظرت له باستفزاز وتحدى :ايوه انت... ولو سمحت تطلع برا مش عايزه اشوفك.


ظل على وضعه ينظر لها بزهول... لا يصدق.. مليكه لا تستطيع الاستغناء عنه... عن رؤيته.. عن التواجد معه في كل مكان والالتصاق به... لكن مايحدث الآن لهو درب من دروب الجنون.. او الخيال.


رأته واقف لا يحرك ساكناً فتحركت هى تجاه الفراش جلست عليه وقامت بفتح هاتفها من جديد واخذت تلمس باناملها على شاشته دليل على انشغالها.


حاول أن يتحلى بالصبر


تقدم منها يقول مبتسماً :مش عيب اكون بكلمك وتدينى ضهرك كده.


نظرت له بغضب وصمت فقال :طيب ايه اللي يرضيكى؟


مليكه :انا تعبت.. بجد تعبت من العلاقه المرهقه دى.. انا الى دايماً بقدم تنازلات.. وفى المقابل وعند اول موقف انت اتكسفت توضح علاقتك بيا... انت حتى مش موضحهالى... انا عايشه على القليل.. راضيه باى كلمه او بسمه ترميهالى بس يكون في آخر.. فى نهاية لكل ده... وانت مش ناوى تاخد خطوة لقدام حتى مش عايز تاخد خطوه بينى وبينك انا مش عارفة انا بالنسبه لك ايه.


غرس يده في شعرها بلهفة يقول :كل ده ومش عارفة... مش شايفه لهفتى عليكى مش شايفه انى مش قادر ولا عارف استغنى عنك.


. كان من المفترض أن تفرح كثيراً لحالته تلك التي تراها... لكن ما حدث كان العكس.


اغتاظت بشده وهى تراه يكابر...تحدثت بغضب:انت مستكتر تقولها... هو انا هشحتها منك... بقالى اد ايه بحبك.. بقالى اد ايه مستنيه... مافيش بنت بتروح هى تقول لواحد انها بتحبه ومع ذلك انا عملتها... وانت مش عايز تقول.. وياترى بقا مستكبر ولا مستكترها عليا.


عامر :مش كدة مش كده والله بس.. انا.. انا لازم اما اقول حاجة ابقى قدها.. ابقى مستعد للى المفروض يتعمل بعدها.


ابتسمت بحزن:كانت هتكفينى حتى لو ماعملتش حاجة.


عامر :لا بتقولى كده عشان فعلاً لسه صغيره وعقلك لسه مانضجش كفاية...دلوقتي مش هتبقى عايزه غير كده بس بعد فترة هتقولى طب وبعدين... اخرتوا اية كل ده وهتبقى عايزه فعل مش بس كلام وانا لحد دلوقتي مش عارف هجيبها للى حوالينا ازاى.


مليكه :هه يعنى انت كمان عايز تقولى ان كفاية عليكى كده ودلوقتي او مستقبلا ماتطلبيش منى حاجة.. ماتجيش تقولى وبعدين انا حذرتك أن معايا مافيش جديد.


عامر :هو مع الى فهمتيه بس.. ماخدتيش بالك انى بقولك مش عارفة هجيبهالهم ازاى.


مليكه :لو مش عارف هتجيبهالهم ازاى تبقى هى دى مشكلتك... لما تبقى بسنك ده ومش قادر تواجه الكل بالى انت عايزه... ده لو كنت فعلاً عايزه.


عامر :احنا مش هينفع نتنتاقش وانتى كده.. متعصبه.. ومش عايزه تسمعينى.


مليكه :احنا مش هينفع نتكلم مع بعض تانى اصلاً.


عامر :مش بمزاجك يا مليكه.


احتد صوتها وقالت :امال بمزاجك انت؟


عامر :ولا حتى بمزاجى... انا مش هسيبك حتى لو انتى عايزه تسبينى.. ومش هسيبك تسبينى سامعه.


خرج من غرفتها مستاء من كل شيء حتى من نفسه.

صباح يوم جديد


جلس رجب لجوار سيد وقد نفذ صبره بالفعل :وبعدين يا سيد.. هفضل كده تحت رحمته كتير.. ده احنا بقالنا شهور على الحال ده.. هو هيطلقها رسمى امتى بقا.


سيد :مافيش فى اديدنا حاجة غير اننا نستنى بسلامته لما يتعطف ويتكرم ويفضى نفسه ويفتكر ويوروح يطلق.


رجب :انا اكلمها تقولو عشان نخلص الليلة دى.


سيد:انت ياجدع انت جرى لمخك حاجة. عايزها تروح تقولو طلقنى خلص عشان يفضحها ويقول مستعجله على جوازك من غيرى ليه... انت عايز تكشفنا.. ماشفوهمش وهما بيسرقوا شافوهم وهما راحين يقولولوا طلقها بقا انت عايز تجبلى جالطة.


تنهد بضيق وقال :يعنى هفضل تحت أمره كتير.


سيد :اقعد يا رجب. اقعد واشرب الشيشة بتاعتك وخلى كل حاجه تمشى زى ماتكتنا لها بالظبط بدل ما تعك على دماغك.. اقعد. اقعد ياجدع واستهدى بالله.


حاول أن يهدئ من نفسه ويجلس فقد صبر عمرا فلا بأس من الصبر قليلا أيضا كله يهون امام النظرة فى عينى ست البنات نجلاء.



بعد مرور شهر


جلس يضع قدم فوق الأخرى فى حديقة المنزل.. ينتظرها


توقفت خارج القصر بعدما ترجلت من سيارة الاجرى. وتقدمت للداخل وجدته كأنه ينتظر أحدهم.


لن تكابر.. لقد ارتعبت قليلا ولكن حاولت التماسك.. المضى قدما للداخل وان الأمر لا يعنيها لكنه مشى بخطوات متمله رزينه:كنتى فيين.


ابتلعت رمقها بصعوبه وقالت:كنت بتفسح شويه.


رفع حاجبه وقال:اوووو.. ده عامر بقا نايم على ودنه بقا... فكرك انى مش عارف بكل خطواتك... بتخرجى وتشترى لبس مع انى محرج عليكى وقايلك أن انا الى هشتريه بس قولت ماشى... عصيتى كلامى وروحتى ادمتى فى حقوق وقولت مااشى... لكن تروحى تتعلمى سواقه من غير ما اعرف وكمان تخلى واحد هو الى يعلمك ده بعدك.. فاهمه.. انا مش هسيبك تعملى كده ولو فكرتى بس فى كده هقطعلك رجلك قبل ما تفكرى تخطى باب البيت.


احتد صوتها.. تملكتها كل شياطين العالم:انت بتزعقلى كده ليه... وبتشخط وتزعق فيا كده ليه وباى حق.


عامر:انا اعمل فيكى الى انا عايزه.. انا حر فيكى.


مليكه :لا مش حر.. بأى حق تعمل كده.. انا حره ماحدش ليه عندى حاجة.


عامر:لاااا.. ده انتى خلاص اتجننتى... وانتى مش حرة.. وانا ليا عندك وليا كتير اوى... انا سبتك لمزاجك كتير اوى والظاهر ان ده كان غلط... بعد كده مافيش خروج غير معايا انتى سامعه.


مليكه :ماتزعقليش كده انت مش من حقك تعلى صوتك عليا.


عامر :لاوهعلى واعلى واعلى.


مليكه بسخرية :ومش خايف الى فى البيت يشفوك ويسمعوك.


عامر :لا ماهو ماحدش هنا.. كلهم خرجوا.


مليكه :ااااه وعشان كده واقف بقلب جامد ومعلى صوتك اوى.. لو كان حد هنا كنت اتداريت وانت بتكلمنى... وأفضل قدامهم مليكه الصغيرة مش كده.


عامر :طول مانتى مخك صغير كده مش هتناقش معاكى.


مليكه :ايوه انا مخى صغير ولسه مانضجتش زى م أنت بتقول سبنى لحالى بقا.


عامر :ماهو لو بمزاجى كنت سبتك اكيد.. بس زى ماقولتلك قبل كده انا مش عارف... حتى وانتى لسه مش ناضجة... حتى وانتى لسه عايشه في عالم الروايات بتاعتك حتى وانتى مش عايزه تشوفى ولا تسمعى غير وجهة نظرك وبس.


مليكه :بقا انا كل ده.. انت شايفنى كده.


عامر:اه.


مليكه :وماسألتش نفسك انا بقا شيفاك ازاى؟


مال عليها وهو يرفع حاجبه يبتسم بثقه قائلاً بإذنها:عارف... فيا العبر.


اكمل بهمس استفزها:بس بتحبينى... وشيفانى حبيبك وفارس احلامك.


احمر وجهها غيظا تقول :انت مستفز.. دى كانت أكبر غلطة في حياتى.


التف يعطيها ظهره يغادر بهدوء وخطوات واثقه يتبختر.


وهى تصرخ خلفه :انت يا بيه... انت يا استاذ... انت بتقولى اوامرك وبعدها تستفزنى وسايبنى وماشى.


توقف والتفت نصف التفاته وقال :احسنلك امشى دلوقتي.


مليكه بعصبيه شديدة :يا بارد يا مستفز.. انا غلطانه انى.... قاطعها بعدما تقدم بخطواته سريعاً يضمها له ويلتهم شفتيها بقبله جائعه طال انتظاره وتصوره لها.


كأنه بالنعيم وأكثر.. قبلتها عصفت به وبكيانه... مليكته التى غرق بها عشقا... بعد قبلته هذه كأنه بدلا من الفرار بقلبه.. ختم على قلبه بوشمها لباقى العمر.


فصل قبلته بصعوبه ونظر لها كانت خجله جدا... ومصدومه أيضاً... قبله مع عامر الخطيب... كرحله في الادغال اختطفها إليها.


الان استوعب الى اى درجه يعشقها هو.


ضمها لحضنه أكثر يقول :مش هقدر استغنى عنك يام عقل صغير ومخ ضلم.


اعترضت بين ذراعيه على حديثه فقال :ايوه ماهو انتى كده فعلاً.. مافيش حد ناضج كفاية ولا حد وصل للعمق الى بيقول ان هو بيقول عليه... كلنا لسه بننضج كل ما بنكبر ونقابل ناس.


شدد على احتضانها اكثر ياخد نفس عميق يحمل في طياته رائحتها :عشان خاطري ماتسبنيش.. خليكى معايا.. انا مش هعرف استغنى عنك... خلاص انا هبدا امهد لموضوعنا.. مش هعرف استحمل اشوفك قدامى كده بس مش ليا ومش بتاعتى.


مليكه :بجد يا عامر... الله يخليك ماتعشمنيش تانى.. المره دى لو ماعملتش حاجة انا مش هثق فيك تانى ولا هبقى معاك حتى لو روحى فيك.


اغمض عينيه يقول :بجد يا مليكه بس خليكى جنبى... قريبه منى بلاش البعد والعند بتوعك دول انا مابقتش قادر.


ابتسمت قائله:حاضر.


أخيراً تنهد بارتياح وقال:طيب ممكن نقعد مع بعض شويه... احكيلى الفتره اللي فاتت عدت ازاى بقالك شهر بعيد عني.


هزت رأسها بالإيجاب... أخذها باحضانه التى جعلتها تتخدر كليا.. راحته المهيبه وجسده الضخم.. كل ذلك امتزج ليعطيها شعور بالفخر بحالها... هى من حظت باحضانه.


شعور الراحه مع الإمان والأمل بغد افضل لجوار حبيبها كذلك كونها باحضانه هو حولها طيف رائحته جعلها تتحدث بأريحية وحماس.. تخبره كل شئ.. عن عضبها من ندى بسبب انشغالها بمازن أكثر منها.. صداقتها الجديدة مع جودى... استعدادها للجامعة. تعلمها القيادة.. كل شئ.. كل شئ وهو فقط يستمع لها ويبتسم.. بات يعشق ثرثرتها تلك حتى لو كانت بلا هدف...


بعد مرور شهرين


كان الحال أكثر من مستقر وممتع بين عامر وحبيبته... مليكه.. مليكه مكرم الخطيب تلك الصغيرة التى احبها.. يعشق كل تفاصيلها... ويعشقها هى.. هى جميله جدا.. جمالها طبيعي وساحر.. يعشق النظر داخل عينيها... يحب شعرها الجميل هذا. بشرتها البيضاء... جسدها الملفوف... كل شئ.. كل شئ بها يحبه. إلا شئ واحد. مرحها.. يكره ذلك المرح الذى يجذب إليها الأنظار.. مرحها مع محمد.. نادر أصبح شئ خارج عن طاقة تحمله.


اليوم هو موعد قدوم فادى للبيت... فهو كان ينقصه فادى أيضاً ليكتمل الشلل الرباعى.


دلف فادى بمرح:وحشتونى وحشتونى وحشتونى اووى.


ركض تجاه الفت يقول :تيتا.. وحشتينى اووى... عامله ايه.


ضمته الفت اليها تحتضنه بحب شديد تهز رأسها له.


سلم على الجميع وتقدم ناحية مليكه يقول :ميكا... وحشانى مووت عامله ايه.


همت تجيب عليه بحماس لكن أجاب ذلك الإمبراطور:الحمدلله كويسه. اقعد يافادى كده وخد نفسك انت جاى من سفر مالحقتش يعنى.


ناهد :اطلع ياحبيبي خد دش وانزل عملالك الأكل الى بتحبه.


فادى:اوكى عشان عايزكوا فى موضوع مهم.


صعد فادى لغرفته وعامر ينظر تجاه مليكه بنظرات مشتلعه جعلتها تتململ فى جلستها.


وهو يحذرها بعينيه عن اى تصرف اهوج


على سفرة طعام ممتلئه بكل أصناف الطعام الفاخر.


جلست ناهد بحماس تقول :اما انا عملالك سفره يا واد يا فادى هتاكل صوابعك وراها.. تلاقيك هفتان وماكنتش بتاكل كويس.


فادى:هو ده اكل ولا انتو شوفتوا اكل... ده أنا كان بيجيلى يوماتى ملوخيه فلاحى يالهوووى... ريحتها لوحدها تجيب تخمه... ولا البيض بالسمنة البلدى.. بيسيحوا السمنه كده من غير حساب ويحطو عليها البيض ياميييىى.


محمد :وده مين اللي كان مهتم بيك كل الاهتمام ده.


فادى مبتسما بسماجه:حماتى.


انتبه الجميع يقولون بصوت واحد :ايه.


فادى :اتعرفت هناك على بنت إنما ايه.. مش عارف تقولكوا ايه... تتحط على الجرح يلتهب. لسانها ده طولو مترين... البت بتفطر شتيمه وتتغذى شتيمه ماشاءالله.. حاجه استغفر الله العظيم ما تتوصفش.. بس قمر قمر قمر.. انا ماكنتش اعرف ان فى الأرياف في بنات حلوه كده لا ومتعلمه ومتخرجه كمان وبتشتغل.. ده غير انها شيك اوى فى نفسها... الفلاحين اتقدموا اوى.. قال واحنا الى بنقول عليهم ارياف.. طب والله احنا الى ارياف.. انا قولت هروح الاقى شوارع ضيقه.. ترعه. حمير بهايم.. يالهوووى.. الشوارع هناك نضيفه... كافيهات.. مطاعم.. سوبر ماركتز.. وفى القرى جوا نضاف كمان والناس بتنضف قدام بينها مش هنا زباله في كل حته.


محمد:خلصت... عمال تحكى وتتحاكى.. غفلتنا كده يعنى؟ انت ايه الى عمال تقولو بقا ده... ومليكه... مش المفروض انكوا في حكم المخطوبين.


فادى:انا ومليكه اتفقتا اننا نبقى اخوات وولاد عم وبس... انتى ما قولتيلهمش يا مليكه.


ابتسمت تجاه عامر قائله:قولت لأبيه عامر.


بينما عامر يكاد يطير فرحا من كل شئ... حبيبته معه.. لم تبتعد... فادى أعلن بوضوح ارتباطه بأخرى... وهى الان تخبر الكل ان عامر هو الأقرب إليها وتخبره بكل شئ وبأدق تفاصيلها.


تحدث اخيرا وقال :ايوة قالتلى بس كنت مستنى انت تقول يا فادى.. على العموم الف مبروك المهم تكون مبسوط ومرتاح.


ابتسم فادى براحه ولكن قاطعه محمد يحتج بعنف:مبسوط ايه وهباب ايه عاة على دماغه... انت هتسيب مليكه الى مننا وزينا وبنت عمنا وتروح تتجوز واحده تانيه.


مليكه :وفيها ايه يا محمد... انا مش بحبه ولاهو بيحبنى.. سيب كل واحد يرتبط بالى بيحبه.


. قالت الاخيره تنظر بعيينى عامر تخصه بها فانشرح قلبه أكثر وأكثر.


محمد:الى بيحصل ده جنان ومش مقبول... مين دى ولا عندها ايه عشان تروح تتجوزها... الواحد يتجوز جوازه ترفعه مش تقل منه.


وقفت كارما تنظر له بزهول... لأول مرة ترى ذلك الجانب من محمد.


غادرت دون قول اى شئ.. غافله عن نادر وهو ينظر لها باستياء وعلى الوضع الذى ارتضت بوضع نفسها فيه مع ذلك الجشع.


لكنه عاود العبث بصمت في صحنه.


بينما هدى تلكز هديل بكتفها كى تزيد من جرعة الاهتمام.


اغمضت هديل عينيها... لقد سئمت ذلك الوضع.. لكن لا مفر او خيار امامها.


اكمل فادى الرد على اخيه بقوه:انا واعى وكبير كفاية انى اخد قرار زى ده لوحدي وانا مش عويل يا محمد عشان ابقى بدور على جوازه ترفعني وياعالم هعيش مرتاح ولا لأ.. انا حفيد الخطيب يعنى عندى الى يكفى عيال عيالى.


نظر محمد حوله وجد انه الوحيد تقريبا المعترض فقال :ايه. كله موافق. هتسكتوا على المهزله دى.


ناهد:فى ايه يا محمد.. انا كأنى اول مره اشوفك... من امتى وانت كده وبتفكر كده... ماتسيب كل واحد لحاله.


القى بمقعده خلفه وخرج من المكان سريعاً بغضب.


بعد انتهاء الطعام


جلست مليكه وبيدها وعاء متوسط تضع به حبات الفراوله الذيذه... فاكتها المفضله.


تأكل منها بنهم وتلذذ تضع كل واحده على اول فمها ثم تلتهمها ببطئ واستمتاع... وهناك يجلس هو من ينظر لها وهو منعزل تقريباً عن الجميع. فقط ينظر لفاتنته والى كل حبة فراوله تقف عن اول شفتيها ثم تدخل فهمها... هممم كم هى محظوظة تلك الفراوله...على آخر الزمان أتى اليوم الذي يتمنى به لو كان حبة فراوله.


تقدمت هديل تحمل قهوته بعدما صنعتها اتقاء لشر امها.


جلست لجواره بهدوء تبتسم قائله :عامر. القهوه بتاعتك... ظبطهالك بايدى.


عينه لم تتحرك من على قطعه الفراوله التى توقفت عند أول شفتيها تنظر لهم بغيظ.


وهو حرفياً بعالم آخر... استمعت لصوت كارما تناديها فتركت الوعاء وهى تزجره بغضب وذهبت لها.


لكنه كان فعلاً بعالم آخر والدليل على ذلك أنه وقف من مقعده وتقدم نحو الوعاء يحمل تلك الحبه التى قطمت نصفها يريد التلذذ بها... لكنه وجد الفت تخرجه من أحلامه تشير إليه بالحاح.


عامر :حاضر. هخلى حد يجبلك.


.. اشارت له من جديد وبالحاح اشد.. إنها تريد تلك القطعه بالذات.


نظر لها بشر.. يقسم تلك السيدة تعلم كل شئ وتعانده بالتأكيد.


عامر :اتفضلى يامرات عمى.. اهم حاجه تكونى ارتاحتى... اتفضلى بالهنا والشفا... اصل خلاص الفراوله خلصت من البيت والأسواق ووقفت على دى.


خرج بسخط كأنه طفل صغير وهى وضعت باقى الحبه بفمها تأكلها بشماته وفرحه لايعلم بها او سببها احد.


مرت ايام اخرى وأخيراً بدأت الدراسة.


ياخذها معه يوميا ويجلبها أيضا.. لا يتركها.


اما توفيق.


ذهب إليه شكرى قائلا :وبعدهالك ياجدع انت.. انت هتفضل بارد كده لامتى.


توفيق :فى ايه بس ياشكرى... ايه اللي حصل.


شكرى :ماهو المصيبه أن ماحصلش حاجة... مشكلة وحصلت وقعدنا وسبحان من بعتلنا الحل وانت واقف محلك سر ومش عايز تخلص وتنجز... انا عايز اعرف انت وضعك دلوقتي ايه. وضع مراتك وبنتك ايه.. ولا مراتك ايه بقا قول طليقتك.


توفيق:شكرى اهدى كده ووطى صوتك.. انا شغلى واكل كل وقتى ومش بفضى ولما بفضى ببقى عاوز اروق دماغى.


شكرى :انت اخويا انت.. ده انت جبلة.


توفيق :انا لو جبله ماكنتش هبقى ببعت لهم مصروفهم كل شهر وكل الى يكفيهم.


شكرى :وهى الدنيا مصاريف وبس... اسمع ياجدع انت... بكره الجمعه وبعده السبت اجازه تنزل الحد تخلص الموضوع ده خلينا ننجز انا الناس كلت وشى وانت حاطت ايدك فى ميه بارده... ولا مستنى لما الراجل اللى وافق يرجع في كلامه وساعتها حلنى بقا على ماتلاقى حد يرضى بالوضع ده... احنا نا صدقنا وانت ولا حاسس او دارى... انا مش عارف دى كانت معشراك ازاى من غير ماتتجنن ولا عقلها يشت.... ومن غير سلام.


خرج وترك خلفه توفيق ينظر له باستغراب واستخفاف يراه يضخم الأمور ويعطيها أكبر من حجمها... لكنه سيذهب فعلا لينتهى من ذلك الإلحاح.....


       لقراءة الفصل الرابع عشر من هنا 

تعليقات