رواية أنصاف القدر الفصل الثامن والعشرون 28 بقلم سوما العربى

رواية أنصاف القدر

الفصل الثامن والعشرون 28

بقلم سوما العربى


فى بيت الخطيب كان الموقف مشتعل.

عامر يعطيهم ظهره يبتسم بخبث وانتصار

خلفه يقف محمد وناهد يتوسلون له.

كل ذلك وهى متخشبه.. متسيبه.. لا تربط اى حدث بأى حديث ولا تعى اوتستجمع اى شئ... لا تستطيع حقاً.


تحدث محمد قائلا:يا عامر... مش هو ده اللي انت كنت عايزه... مش جيت قولتلى بحبها.


كبت ضحكته... يعانى كثيراً كى يرسم ملامح الجدية على وجهه.


تدخلت ناهد:يابنى اسمع الكلام بقا... انا مش فاهمه انت ليه بتعمل كده... مش جيت قدام الكل وقولت بحب مليكه...ايه اللي حصل... ماحنا بتقولك اتجوزها اهو.. فى ايه بقا.


على حاله هكذا وهو يتلاعب بهم قليلاً باستمتاع جاء صوت صاحبه الشأن والتى على مايبدو انه قد نسوا أمرها تقريباً... إنها لابد وان توافق... ولما يعتبرونها موافقة مثلاً.


مليكه :هو انتو بتتكلموا فى ايه ماعلش... انا عمرى ماهوافق.


كان مازال يعطى الجميع ظهره.. هو يتلاعب بهم... لكنه يعلم نبرة حديثها تلك... يحفظ مليكه عن ظهر قلب... تتحدث بجديه شديدة لا تلاعب او عبث به.


تخشبت ملامح وجهه واستدار لها يواجهها كالجميع.


ناهد:ايه اللي بتقوليه ده بس يابنتي.


محمد :هو مش ده الى كنتى بتغنيلوا حبيبي اه من حبيبى وكنتى نجاة الصغيرة من كام يوم... ايه اللي حصل بقا.


مازال ينظر لها باعين ثابته.. تتطلق سهام مشتعله.


نظرت له... ثم للجميع وقالت:الكلام ده كان من فتره... بس الظاهر انكوا نسيتوا انى مخطوبه دلوقتي... عدى شاب كويس وبيحبنى.. ماشفتش منه حاجة وحشه.


عادت النظر لاعين عامر تقول :انا اكتر واحدة جربت كثرة القلب... يعنى ايه ابقى بحب حد ويمشى مع غيرى ويسبنى... يعنى ايه اقدر حد وهو مايقدرنيش... وعدى شارينى ومن زمان.. جه وقعد واستحمل كل الى حصل فيه... طلبنى وعززنى وكرمنى... ماعملش حاجة يستاهل عليها انى امشى واسيبه.


نسى لعبته... نسى عبثه وتلاعبه بالجميع... تقدم منها بغيره يقول:انتى شكلك اتجننتى... انتى واقفه قدامي تقولى كده... جرى لمخك حاجة ولا ايه.


رفعت وجهها بشموخ تقول:انا عارفه انا بقول ايه.. والنهارده غير امبارح يا ابيه.


عامر :انا مش ابيه.


مليكه :ابيه مش ابيه... مش قصتى... انا الى عندى قولته.


همت لتغادر فقبض على يديها واوقفها قائلا :هو انتى فاكره انه بمزاجك مثلاً.


مليكه :امال بمزاجك مين.. انت مثلاً.


اصطك على اسنانه وقال :اه يا مليكه... بمزاجى انا... وكل حاجه تخصك بايدى انا.


نفضت يده تقول :وانا قولت لأ.


نظر حوله لهم... وجدهم يشاهدون كل ما يحدث... فهم الجميع أنه موافق. كان يتلاعب بهم فقط... المعضلة الان بمليكه.


مليكه الصغيره تلك بيدها مصير الجميع.


تحدث لهم قائلاً :سيبونا لوحدنا لو سمحتوا.


هم الجميع للمغادرة بصمت ولكن تحدثت ناهد :مليكه...استهدى بالله يا حبيبتي.. انتى دلوقتي فى ايدك مصير العيله كلها.


وأضاف محمد هو الآخر :اقعدوا مع بعض وياريت نوصل لحل انا رايح اتصل بالمأذون عشان يلحق ييجى.


مليكه بغضب:ماتتصلش بحد.. انا مش موافقة ومش هوافق.


ناهد :استهدى بالله ياميكا.. احنا هنسيبكوا لوحدكوا وعامر هيقنعك.. طول عمره الوحيد الى بيعرف يقنعك...كلم المأذون يا محمد.


استشاطت غضبا من ايقان الكل بتأثيره عليها وأنها حتما ستوافق صرخت بغضب:قولت مش هوافق... انتو سامعين.


احتدت عينيه ينطر إليها لكنه يخاطب محمد:سيبونا لوحدنا زى ماقولت... وانت يامحمد كلم المأذون.


مليكه :قولت لا


عامر :روح يامحمد اعمل الى قولت عليه.


تحرك محمد سريعاً ينفذ وناهد صعدت لغرفتها.


وهو يتقدم منها ببطئ وغضب.


كل هذا يحدث للعائلة بالداخل.. الكل منشغل بتلك المفاجأة التى قلبت كل الموازين.. والجميع متناسى ان عدى يجلس الان بالقصر.


لكن اين عدى المناويشى الآن ياترى؟؟......


لا يعلم لما اثرت به كلماتها... حزنها الظاهر بعينيها... من أول يوم بعث له محمد رساله بصورتها وهى لها سحر عليه.


فى البداية امتثل لرغبة محمد ولم يجلب اى معلومه عنها سوى عنوانها فقط.


ولكن لا يعرف لما أمر احد العاملين معه بجلب بعض المعلومات عنها.


لم يكن الأمر سهل.. حتى أهل المنطقة التى تقطن بها هى وشقيقتها لايعلمون عنهم الكثير... فقط معلومات بسيطة عنهم وعن والدهم ووالدتهم... سيرة طيبه... انهم يعملون بأحد المولات.. فقط... هذا كل ما استطاع جمعه من معلومات عنها.


وجد قدماه تسوقانه رغماً عنه ناحية المطبخ من الناحية المطلة على الحديقه.


استمع لشقيقتها تقول :توتا.. اهدى بقا... مالك اتعصبتى فجأه كده.


توتا:تعبت وزهقت.. عمالين نقاوح ونناطح فى الدنيا بعزم مافينا واحنا اصلاً ضعاف... عاجبك الى احنا فيه ده.


تنهدت تحيه وقالت:ومين سمعك... بنضحك ونهزر لكن القلب من جوا حزين.


صمتت الشقيقتان قليلا الى ان أكملت تحيه :بس هنعمل ايه... هى الدنيا كده... ماينفعش نضعف.. لو ضعفنا بان الناس هتاكلنا.. الى بيقع الناس مش بتسنده يقف لأ دى بتخطى عليه ويمكن تقف على جثته عشان تبان.. مش لازم نضعف ابدا ياتوتا.


توتا بحزن:ياااااه... يعنى حتى الدنيا مستكتره علينا الضعف.


تحيه:ايوه يا تغريد.. الضعف مش لينا... ومش عايزه اشوفك كده تانى.


وضعت يدها على الطاوله تستند بوجهها عليه بحزن.


اى حديث لن يصف او يكفى... تشعر بثقل كبير على عاتقها هى شقيقتها.


تحدثت تحيه:انا هروح اغير واجى.. مش عايزه ارجع الاقيكى زعلانه والنبى... ده انا باخد فرحتى وضحكتى منك... عايزين نهونها على بعض ياتوتا.


امأت بوجهها تحاول ان تبتسم... ابتسمت لها تحيه هى الأخرى وغادرت بحزن.


مرت عليها لحظات من الصمت والحزن.. انتفضت فجأه وهى تشعر بيد تغرس بشعرها.


رفعت وجهها وجدت عدى المناويشى هو من يفعل ذلك... ينظر داخل عينها بنظره غريبه.


وقفت بسرعه فانسحبت يده تبعا مت شعرها.


قالت بتلعثم:عدى باشا... فى حاجة؟!


عدى :بتعيطى ليه؟


حمحمت بجديه تقول :لا مافيش حاجة.. انا اعيط؟! ... مافيش الكلام ده.


اغمض عينيه يبتسم ثم قال :بس انتى كنتى بتعيطى... قوليلى فيكى ايه.


نظرت له بضيق واشاحت بوجهها... لم يكن ينقصها هو الآخر... جاء ليتسلى قليلا حتى تعود له خطيبته.. جاء إليها هى. بذلك الوقت تحديدا.. الجميع يعتبرها هى وشقيقتها سلعه.


لاحظ ضيقها.. بل اشمئزازها منه فقال باستغراب :مالك يابنتى بتبوصيلى كده ليه؟


لن تحتمل.. او حتى تنمق وتختار عباراتها.... ستقذق الحديث ربما ترتاح.


انفجرت به:انت عايز ايه... فى حاجة ياباشا... القهوه خلصت مثلا عايز غيرها.. ولا الست مليكه عندها مكالمه وقاعد زهقان قولت تشوف فين البت ام دم خفيف تسليك شويه على ماخطيبتك ترجع... هو انتو ايه... شايفنا مش بنى ادمين... الى مايتسمى الى اسمه محمد يجبنا هنا ومشغلنا خدامين عند الى خلفوه... عمال يتقرب ويتمحك شويه وانت شويه.. احنا مش خدامين ولا لعبه.. روح شوف سكتك بعيد عني الله يخليك انا مش اراجوز جايلى اساليك.


كان يستمع لها... يتوقع ويريد أن تنفجر به... هيئتها يبدو عليها انها تريد الانفجار... تحملت كثيرا وتريد ان تخرج تلك الشحنه السلبيه.


لكنه اقترب منها معلقاً :محمد بيتمحك فيكى ازاى... قرب منك.. غصبك على حاجه؟


توتا بحده:ألزم حدودك.. مش انا الى اتسأل السؤال ده... ده انا توتا.


ابتسم قائلاً :ودى اكتر حاجة عجبانى فيكى.. دكر.


عادت تنظر له بحزن قائله :دكر... كتر خيرك.


عدى :احلى دكر شوفته.


توتا :طب روح شوف طريقك.. يالا.


عدى :انتى يابنتى عماله توزعى فيا كدة ليه انا مستغربك اوى.. انتى عارفه انا مين وكام واحدة تتمنى تقعد تتكلم معايا؟!


توتا :يخربيت الكبر يا اخى.. مش عارفه ومايلزمنيش اعرف.


عدى :يابنتى مش حكاية كبر.. بس دى حقيقة انا بفهمهالك.. انتى بقى ليه مش طيقانى.


صمتت لدقيقه ثم قالت :انا مش طايقه حد ولا طايقه نفسى.. وبصراحه مش ناويه ابقى البلياتشوا بتاعك دلوقتي عشان قاعد فاضى وعايز حد يحكى معاك... شوف طريقك بعيد عني الله يسهلك انا مش رايقه.


كل تلك الضغوطات التى تحدثت بها وعبرت نبرة الشجن بحديثها عنها جعلته يتهور قائلا :تمشى من هنا؟ لو قولتلك تيجى معايا تيجى؟


متت شفتيها باستياء... هممم يريد خادمه.. او ربما يريد انتقال البلياتشو لبيته.


تحدثت وهى تبتسم بسماجه:لا ياسيدى... انا مرتاحه فى الشغل هنا.


عدى :شغل ايه افهمى.... انا عايزك معايا.


توتا :معاك ازاى مش فاهمة.


رفع كتفيه بعصبيه يجيب :ولا انا نفسي عارف بس... مش عارف.. انا عايزك قدام عينى.


ضحكت بسخرية وقالت :إيه.. لأ لأ ماتقوليش.. ماتصدمنيش.. ماتفاجئنيش.... هيييييييح.. حبتنى.


نظر لها بانبهار... يبدوا ان حديثها صحيح... عينيه متسعه يدرك ذلك ببطئ.


رفعت شفتها العليا باستنكار وقالت :شوف سكتك الله يسهلك انا مش ناقصه لعب.. إلى فيا مكفينى.


نظر لها مطولا وقال :انا مش بلعب.


توتا بتنهيده.. تضع وجها على رأسها تغمض عينيها تستعد للنوم قائله بخمول:وانا مش رايقه لا لهزار ولا لعب دلوقتي الله لا يسيئك... تعالى بكره ممكن يبقى مزاجى حلو ونهزر.


صمت قليلاً وقال:هاجى بكره... بس اوعدينى تفكرى فى كلامى.


رفعت وجهها له تقول بسخرية :هفكر حاضر... يالا مع السلامه.


اخذ نفس عميقه يصطك أسنانه من سخريتها به وقال:لا انا مطول بالى عليكى بالعافيه.... لكن خلى بالك انا مش بالأخلاق العاليا دى... قولتلك همشى دولوقتى وفكرى فى كلامى.


نظرت له بعدم اهتمام ثم اعادت وضع رأسها على يديها تغمض عينيها مدعيه النوم.


ركل قدم المقعد المجاور لها وتحرك ناحيه الحديقة مجدداً.


بمجرد شعورها انها أصبحت بمفردها... فتحت عينيها مجدداً تنظر امامها بشرود تتذكر حديث عامر بأحد الايام مع محمد.


فلاش باااك


كانت تمر فى الحديقه تنظر حولها بانبهار لتلك الورود الجميله :ياحليييله.... أول مرة اشوف ورد كتير كده وفى حته واحده.


انتبهت الى صوت أحدهم يتحدث ببعض الغضب... اقتربت قليلاً وجدت نفسها بجوار شرفة مكتب عامر المطله على الحديقه.


وصل إلى اذنيها القليل من الكلمات :محمد.. لو عجباك قول... ومايهمكش لا سمعة العيله ولا الكلام ده.


جذب الحديث فضولها... تقدمت اكثر بخبث تدعو الله الا يراها احد.


التصقت اكثر بالشرفه واستمعت له يجيب :سبق وسألتنى وانا سبق وقولتلك.. اه عجبانى... اوى.. بس ماتنفعنيش.


تملكتها الحيره... تريد ان تعلم عمن يتحدثون.


إلى أن نطق عامر فجحظت عينيها:تغريد بنت كويسه وباين عليها مؤدبه... ده غير أنها جميلة.


لكن جاءت الصاعقه الأكبر من حديث محمد :جميله اه... عجبانى مش هنكر... بس نصابه.. وجبتها بيتى خدامه... تفتكر ينفع اربط اسمى بواحدة زيها.


ابتعدت سريعا بصدمه... لم تخطط لاصطياد محمد يوما... حتى لم تقع بهواه.. لكن مجرد سماعها رفضه لها بهذه الطريقة رغم اعترافه انها جميله وتعجبه صادم... بل قاتل.


فكرة ان المجتمع من حولها لا يتقبلها هى وشقيقتها... أحدهم يعرض عقدى زواج عرفها على اختها والثانى يرفضها بهذه الطريقة رغم أنها تعجبه... هل هم قليلى الشأن لهذه الدرجة.


باااااك


اغمضت عينيها تفر منها دمعة الم وحسرة تضع رأسها على يديها تتذكر كلمات اختها:الضعف مش لينا.


هبت من مقعدها... لابد الا تجلس هكذا... هذه الجلسة وذلك الشرود لا يجلب سوى سوء التفكير... ستشغل نفسها بأى شئ.


وقفت سريعاً على حوض المطبخ تقم بجلى بعض الأشياء وبعدها ستعد قهوة.. وربما كيكه لذيذه بمقادير من مطبخ ال الخطيب لها ولاختها.. نعم.. أموالهم حلال لها...هذه هرد توتا.

اما عند عامر


كان ينظر لها يراها تقف أمامه بتحدى.. تقدم منها وهى تعود للخلف بظهرها.


تقدم اكثر.. وهى عادت اكثر.


الى ان اصطدمت باحد الأعمدة خلفها.. التصق بها ومال عليها قائلا :قولى بقا كنتى بتقولى ايه من شوية؟


مليكه :بقول انى مش موافقة.. وأنى دلوقتي مخطوبه لحد تانى.. مش هجرحه ومش هسيبه.


عامر :انتى شكلك اتجننتى... انتى واقفه قدامى خلى بالك... المفروض تراعى مشاعرى وانتى عارفة انى بحبك.


اهتزت قليلاً من اقترابه منها بهذه الطريقة المهلكه...كلمه بحبك زلزلتها... لن تنكر... ابتلعت ريقها بصعوبة بالغة وقالت :لا انت مش بتحبنى.


تحدث بوله ولهفة :والله العظيم بحبك.. اووى... كل الى حصل ده انا الى عامله.


مليكه :ازاى؟!!


عامر :هقولك... بس خلى كل حاجه تمشى زى ما خططت.


عادت صوره عدى وهو يبتسم لها تلوح بعقلها.... اغمضت عينيها تهز رأسها يمينا ويسارا تقول :مش هينفع.


اتسعت عينيه لا يصدق:ايه؟!!هو ايه اللي مش هينفع؟!


مليكه :انت اتاخرت... اتاخرت اوووى.


عامر بجنون:اتاخرت على ايييه؟


مليكه :اتاخرت عليا.. بقالنا اد ايه فى المتاهه دى.. بقالى سنين بتعذب وانت خايف على شكلك وعلى الكل الا انا.


عامر :كنت غلط... كنت غلط وفوقت.. ماتقفيش فى وشى بقا ياحبيبتى.. انا بحبك اووى... مش عارف ابعد.


مليكه :لا يا عامر انت اتاخرت... دلوقتي مابقتش مليكه بس.. انت اتاخرت لدرجة ان فى واحد تالت مالوش ذنب بقى جوا حكايتنا.. جه وخطبنى واتعشم فيا... مش هعمل فيه الى انت عملته فيا.. انت مش فاهم ولا حاسس.. انا بس الى فاهمة وحاسه.. انا بس الى اقدر اتوقع هو هيحس بايه.


عامر :ياحبيبتى... ياحبيبتى حسى بيا انا كمان... اعتبرى انى غلط وبصلح غلطى... لكن انك ماتبقيش ليا ده صعب... مش هينفع اصلاً.


وضعت يدها على صدره.. ازاحته عنها قليلا وقالت :مش هينفع... حكايتنا خلصت.


تحركت من امامه فقبض على يدها واوقفها قائلا :الحكايه انا بس إلى اخلصها مش انتى... وانا هكتب عليكى النهاردة يعنى هكتب عليكى.


مليكه بتحدى:هتعمل كده ازاى غصب عني؟


عامر :غصب بقا رضا مش فارقه... انا عملت الالى عشان اوصل انهم هما الى يجوزونا تيجى انتى وتقولى لأ... مش هيحصل.. وهتجوزك.


حلت يدها مت قبضته ونظرت له داخل عمق عينيه وقالت :مليكه الصغيره كبرت على فكره.


تحركت من امامه بغضب... ذهبت تجاه الحديقه حيث تركت عدى.


وهو يتابعها بعينين يخرج منها لهب حارق تجلس لجواره تبتسم له تجذب اطراف الحديث معه.


جاء محمد من خلفه ينظر إليهم.. ضرب مقدمة جبهته بعنف وقال :يانهار ابيض... انا ازاى فاتتنى دى... هنعمل ايه فى المصيبه دى؟


التف له عامر بضيق وقال:مصيبه ايه انت كمان؟ قولى الأول كلمت المأذون.


محمد :مأذون ايه وزفت ايه.. احنا نسينا عدى خالص.


عامر بغيره :إيه عدى ده كمان الى هنعمله حساب فى ايه؟


محمد :عامر.. ركز ياحبيبي.. ده ابن وزير الداخلية واحنا اصلاً بنعمل كل ده عشان الانتخابات.. ايه ماسمعتش عن حاجه اسمها الامن الوطنى... اى حد مقدم فى الانتخابات ورقه لازم يعدى من هناك ويتوافق عليه... يعنى سهل اووى كلمه صغيره فى نص ملفك توقف حالك.


عامر :انا سمعتى زى الفل والكل يشهد بكده مش خايف انا.


محمد :استهدى بالله كده وقول هديت عشان هى مش بالسمعه... احنا لازم نأجل كل حاجه يومين نحاول فيها نحل الموضوع بشكل ودى معاه لكن يبقى قاعد مع خطيبته برا واحنا جوا بنكتب كتابها على واحد تانى ماينفعش خالص.


عامر بعصبيه:ايه اللي بتقولو ده.. انت ناسى الورقه اللي مع معتز موسى.. هيوديها بكره لكل الصحف... وانا هقعد لما عدى باشا يحن عليا.


جلس محمد يفكر قليلاً وقال :مش عارف... من ناحية عدى وابوه ومن ناحية الورقه اللي مع الزفت معتز.


صمت قليلا وأخرج هاتفه يقول :استنى كده هكلم سيف اشوف هيقدر يعطل الموضوع اد اية؟


وقف يتحدث بهاتفه تاركا عامر على وضعه يغلى من الغضب وهو ينظر لها تتحدث مع ذلك العدى.


بالخارج في الحديقة... يجلس معها بحيرة شديدة... أليست تلك هي مليكه التى اعجبته من اول مره رأها بها.. لطالما غازلها وتحين اى فرصة كى يكن معها.. فعل وتحمل الكثير كى يقم بخطبتها... ماذا حدث له الآن واين شغفه بها.. أين حتى عقله... عقله للان مازال بداخل مطبخ بيت الخطيب.


ينظر ويبتسم وربما يتفاعل مع حديث مليكه.. لكن جزء كبير به غير حاضر.. غائب


انهى محمد مكالمته يأخذ نفس عميق ووقف خلف عامر يقول :الحمد لله.. لاقينا حل مؤقت.


عامر وهو مازال ينظر ناحيتها :ايه هو؟


محمد :سيف هيقنعه يأجل كام يوم تكون الانتخابات حمية وسخنت عشان يأثر علينا بجد لكن لو عمل كده من دلوقتي الناس ممكن تنسى او احنا نعرف نلم الموضوع... لكن هما يومين بس ياعامر.. يعنى على آخر الأسبوع لازم نكون كتبنا الكتاب.. خلينا نفكر بقا هنعمل ايه مع عدى المناويشى.


لم يهتم بحديثه... انما تحرك بغضب... لن يتركها تجلس لجواره هكذا.


خرج لهم ووقف أمامهم بغضب.. انتشلها من جوار غريمه واوقفها لجواره يقول :أظن كفاية كده... اطلعى اوضتك.


وقف عدى يدرك حجم تلك الاهانه :ايه الى بتعمله ده ياعامر.


وقف يحاول لملمت الأمر بدبلوماسيه.. عدى ضيفه وببيته فقال:عايزك فى موضوع مهم في المكتب.. اطلعى انتى يا حبيبتي اوضتك.


قال الاخيره يتكئ على كل حرف... وعدى ينظر له بتمعن.


ذهبت لغرفتها تدب الأرض بغضب.. وهو اخذ عدى يبعده عنها يلهيه بأى حديث.


اما محمد.. فقد ذهب الى شغفه.. موطن المرح الوحيد الذي اصبح بحياته. المطبخ....توتا.


وجدها تجلى بغض الأوانى النظيفة بالفعل بغضب.. ثم تغسلها بالماء وتعاود جليها من جديد.


محمد :ايه يا بنتى... الحلة بتستغيث.. خلاص نضفت.


توقفت يديها.. نظرت إليه نظرة تحمل الكثير... هههمم.. انتهى يومه وجاء كى يمرح قليلاً مع فقرة الساحر التى جلبها على بيته.


لكن الأمر اصبح فوق طاقتها حقاً.. نظرت له بصمت ولم تجيب. الجميع يأتى إليها يضع حزنه وياخذ طاقه ومرح...وهى لاشئ لديها اليوم لتعطيه لاحد.. هى كتلة كبيره من الشحنات السلبيه.


استغرب كثيراً رد فعلها الصامت هذا.. أين توتا بروحها المرحة ولسانها السليط.


محمد :ايه ده.. تتحسدى.. مش هتطولى لسانك عليا وتردى الكلمه بعشره؟


توتا:لا لاسمح الله...وهى العين تعلى عن الحاجب بردوا يامحمد بيه.


رفع حاجبه مندهش وردد:ده من امتى العقل ده.


نظرت امامها تعاود جلى الأوانى :من دلوقتي... كنت جاى عايز حاجة.


محمد بتعثر:ااا.. للا. ااه.. ااا.. عايز ساندويتش.


ألقت مابيدها بعنف وقالت:العيش قدامك اهو.. طلع واعمل... انا رايحه انام.. واه.. اعمل حسابك انى أخرى معاكوا الاسبوع ده وهمشى من هنا... انا مش خدامه لا انا ولا اختى.


صدم.. بل صعق ولجم لسانه قائلاً :إيه... تمشى ازاى يعنى؟


توتا:هو ايه اللي ازاى ياخويا.. همشى.. يعنى اذهب.. ماخدتوهاش فى المدرسة؟


محمد :وتمشى ليه اصلاً.


توتا :احنا اه نصابين بس مش خدامين.


محمد بسخرية :لا انعم وأكرم... تصدقى طلع النصب أشرف من الشغل.


توتا :بقولك ايه مش ناقصه... انت ماعيشتش ظروفنا عشان تحكم علينا ولا انا جايه اعيطلك واحكيكلك مأساتى انا واختى اول حاجة عشان انا ماليش في جو الصعبانيات ده والحاجة الأهم انك مش بتحس عشان تفهمه... واوعى بقا من خلقتى على المسا.


همت تغادر بغضب فاوقفها قائلاً :انا ممكن أبلغ عنك الصبح وودى صورك النيابة.


نظرت له باستفزاز:طظظظظ... اعمل الى تعمله.


تركته مزهول وغادرت.. الى هنا ويكفى.. نفذت كل طاقتها.


جلست كارما فى غرفتها... تتذكر مافعلته هى ومليكه بنادر كى تثير غيرته.. كرد منها على تلك الرسالة التى جاءت إليه على هاتفه وقرأتها بالصدفه.


فتاه اجنبيه تتغزل به وهو يلعن الحظ.. بعثت له فتاه معجبه به رسالة فى نفس الوقت الذى تقم به كارما بالتقاط الصور لهم معا


ارادت رد الضربة له وخطتت مع مليكه بأن تستعين بمازن المسكين لإثارة غيرته وقد فعلها مازن بجداره واستحقاق.


وها هى الان تفكر كيف تقم بمصالحته.


انتفضت بخوف وهى تشعر باهتزاز هاتفها.


رفعت الهاتف على اذنها وكان الحديث جمله واحدة غاضبة مختصره :انا جاى انا وامى وابويا وهديل بكره عشان اخطبك ويبقى ليا عين المك يامتربيه.


ثم اغلق الهاتف بوجهها وهى فقط متسعة العين والفم


مرت ايام على الجميع


تمت فيها خطبت كارما على نادر بترحيب كبير من كلا العائلتين... أيضا بقى ايام على زفاف كارم ونهى.


محمد يحاول التمهيد لعدى بشأن مليكه.


وعامر فى اقصى درجات العذاب والغيرة وهو يراها يوميا مع شخص آخر...كان يعلم بأنها تتعذب وهو خاطب لهديل... لكن العلم وحده ليس بكافى... تجربة الشعور مؤلمة كثيرا... وهو الآن يحترق.

عند قاسم مهران


جلس امام صديقه يقول :مش هتقولى مالك بقا.


عادل:حبييييت.


قاسم :انت... ماصدقش.


عادل:ليه يعنى؟ مش بنى ادم.


قاسم :لا ياسيدي بنى آدم...بس قولى هى مين؟


حمحم عادل قليلا وتحدث بتلعثم:هديل... بنت خالة عامر الخطيب


صدم قاسم قائلاً :لأ وانت الصادق قصدك خطيبته.


عادل:ايوه بس هى مش بتحبه.


قاسم :وانت عرفت منين. مش يمكن بيحبها.. هو فى حد دلوقتي بيخطب غصب عنه.


عادل :مش غصب.. بس هو شايفها مناسبه مش اكتر.. هى عارفة كده.. ومش بتحبه.. انا حاسس انها بتحبنى بردو بس مستنيه منى انا خطوه جريئه.


قاسم :عادل.. انت اتجننت.. انا مش عايز مشاكل مع عامر الخطيب.. وبعدين البنت دى أكبر منك بكتير.


عادل :وايه المشكلة مانت أكبر من جودى بكتير.


قاسم :ايوه بس انا الراجل وطبيعى وعادى وبتحصل.. لكن ان الست تبقى أكبر من الراجل لأ.


عادل:لأ فى... والمهم انى ابقى انا الى مسيطر على العلاقه.


نظر له قاسم بيأس وصمت... لا يدرى ماذا يقول امام إصرار صديقه 

فى مكان آخر


بتلك الحاره الشعبية وعقب صلاه العصر


جلس الجميع بحضرة رجب.... سيد... خالد.... شكرى.. توفيق. الشيخ منتصر. بعض رجال المنطقه.


بما يعرف بمجلس رجال... أصوات عاليه متداخلة.. اتهامات بالتحايل.. وان رجب خدع الجميع.


الكل يتحدث... ضجه عاليه إلى أن تحدث احد الرجال يبدو أنه الأكبر سنا وقال :وحدوا الله... ايه هتضربوا بعض قدامى ولا ايه.


شكرى :مانت سامع ياحاج بنفسك المعلم لعب على الكل واكلنا البالوظه.


رجب :الزم حدك ياحاج شكرى انا ماعملتش حاجه عيب ولا حرام.


تدخل ذلك الرجل بحسم وقال :صح... انت اتجوزت الست نجلاء على سنة الله ورسوله مش هننكر... بس فى حاجة انت مش واخد بالك منها... هى اتجوزتك على أساس أنك الحل الوحيد عشان تقدر ترجع لجوزها ابو بنتها... مش يمكن هى عايزه ترجع دلوقتي وانت الى ممانع عشان عصمتها فى إيدك؟!


صمت تاااااام خيم على الجميع... وهو كأنه بحلم جميل واستفاق منه للتو... لا حل أمامه.. سيخيرونها..


الان الحل والعقد بيدها.. هى من تملك حياته القادمه بكلمه بسيطة منها.


يسير الان مع جمع الرجال متجه الى شقته حيث تركها... يشعر أنه يسير للخسارة بقدميه... المعادله محسوم نتيجتها لصالح غريمه. زوجها السابق. الباشمهندس المتعلم.. والد ابنتها.


وهو.. من هو.. رجب. الأمى.. جزار الحى... لا يوجد وجه مقارنه على الاطلاق.


جسد بلا روح... يسير معهم وهو يتذكر كل ماكان بينهم الايام السابقة.. تدليله لها.. قربها منه... تلك الهدايا التي جلبها... الطعام الجاهز... ورداته الحمراء التى كان يخبئها لها بجلبابه... كل شئ فعله... سيظل معه ليعينه على فراقها.


فتح الباب ودلفا جميعا... وهاهى المواجهة


توفيق يرفع رأسه بانتصار وهى تقف لا تعلم ماذا تفعل تستمع لحديث اخيها المبطن :احنا جنالك عشان تختارى زى ما المجلس حكم ولو ان الاجابه معروفة بس عشان يبقى عدانا العيب... توفيق.. الباشمهندس توفيق.. ابو بنتك جاى عايز يرجعك.


لو كان الأمر بيده لترك دمعته تخرج من عينه... لكنه لا يستطيع... احكم جفنيه عليها يمنعها من الخروج.


فتح عينيه مجددا ينتظر حكم الإعدام ووجه الجميع منتظره شئ واحد.


شاهدها وهى لم تعترض.. موافقة... حسره كبيره ألقت على قلبه وهو يتذكر ما كان يفعله لأجلها وهى ببساطة عند أول مواجهه تركته... ترك أمره لله ماذا سيفعل هو.


لكن تسارعت دقات قلبه وتعالت أنفاسه وهو يراها تحركت.


سقط فم الجميع أرضا.. مذهولين... وهو توقف به الزمن... يشعر بها تتحرك تقف خلف ظهره.


حركة واحدة تعنى الكثير... تشعره انه ملك مقاليد العالم كله...


   لقراءة الفصل التاسع والعشرون من هنا 

تعليقات