رواية أنصاف القدر الفصل الثاني عشر 12 بقلم سوما العربى


 رواية أنصاف القدر

الفصل الثاني عشر  12

بقلم سوما العربى

 

الخذلان... ان تخذل مراراً من أهم الاشخاص في حياتك جدير بأن يغيرك إلى شخص اخر.. شخص لا تعرفه حتى انت.


جلست صامته... صامته تماما.. وهو يقتله الألم... لم ولن تفهمه.. ليس من الطبيعي ابدا ولا من المقبول ان توجد علاقة بينهم... هو رجل تقدم به العمر وهى فتاه صغيره... ليس من المعقول أن ينسى كل شء....نظرة الناس... المجتمع... حتى اقرب الأقربون لايعلم كيف سيواجههم ويخبرهم.. ليس جبنا ولكن.. هناك أبعاد أخرى... هو نفسه يشعر بالخجل والتصابى بعشقه لها... ماذا سيحدث بعد عشر سنوات... عشرون سنه... كيف سينسى حياة المظاهر التى اعتاد عليها... مليكه... ماهو شعورها بعدما تصبح زوجته.. هل ستظل على حبها ام... ام سيعحبها شاب اخر... هل من الممكن أن يأتى اليوم الذى تخبره فيه برغبتها بالانفصال.. أو أنه مثلا استغلها... استغل حبها وتعلقها به وتزوجها سريعاً قبلما تنضج وتستفيق من نشوة حبه... الأهم انه على يقين انها لا تلصح له ولا هو يصلح لها.. اغمض عينيه يتنهد بألم فهو احبها.. بالفعل احبها وقضى الامر... قلبه معه.. لكن عقله مازال معه... ولابد أن يظل معه.


عامر الان فى صراع بين الصح والاصح... حبه لتلك التي لجواره... وبين انها صغيره... فارق العمر كبير وغير مقبول.. كذلك هديل... تلك الفتاه اللطيفه... يعلم بخطط خالته للزواجه منها وقد كانت هديل غير مرحبه او مهتمه لكن بعد ذلك التغير الذى يراه منها فى الاونه الاخيره جعله فى حيره ومأزق كبير.


لكن لاااا... هو لا يستطيع الاستغناء عن مليكة قلبه.... لا يستطيع الارتباط بغيرها... وايضا لا يستطيع الارتباط بها.


يقتله الالم وهو يراها بهيئتها تلك تجلس لجواره بطريقهم للعودة الى مصر... وجهها يكسو الألم وخيبة الأمل... يعلم... لقد خذلها.. خذلها بقوه... مليكه التى لجواره الان ليست هى التى عهدها حتى وفى الوقت الذي لم يكن يعشقها به وكانت مجرد فرد فى عائلته لم تكن كذلك... كانت كتله حيوية ومرح تسكن معهم....من أروع ما حدث بحياته هو عشقها له... بات متأكد أن يستحق الضرب كونه رفضها ذلك اليوم وبهذه الطريقة... ومع ذلك اعطته بدل الفرصه اثنين وهو اضاعهم واضاعها...لكن السؤال الان والذى بات يلح على عقله... هل سيسطيع تركها تبتعد... لا يحتاج لتفكير...يعلم لن يستطيع...حتى لو هى ارادت.


اقتربت الطائره على الوصول لأرض الوطن... استدار لها بالحاح يقول وهو يتحسس كفى يدها وهى تقبضهم بغضب والم :مليكه... عشان خاطرى اسمعيني وأدينى فرصه افهمك.


ظلت صامته... كأنها ليست معه... او لا تعير حديثه اهتمام قال كما لم يقل.


عامر :يامليكه افهمى... افهمى وحاولى تستوعبى ماينفعش تشوفى الموضوع من زاويتك انتى وبس.. الدنيا مش انا وانتى... فى ناس... ناس كلامهم زى الحجارة واصعب... والغلط كله هيبقى عليا.. لانى انا الكبير الواعى الى كان المفروض اتحكم فى كل حاجة من الاول ولو شفت بنت صغيره زيك بتحبنى يبقى زهنى حاضر ويوقف كل حاجه.. هيتقال انى استغليتك أو ممكن كمان غصبتك... وانا راجل راس مالى سمعتى... وسمعة عيلة الخطيب كلها.... انتى لو شوفتى واحد من سنى ماشى جنب بنت صغيره وبيقول حبيبتي هتقولى عليه ايه... بلاش انتى ممكن تتعاطفى معاه لكن انتى عارفه كويس الناس هتقول ايه... مليكه لازم تفهمى وتعذرينى.


أخيراً خرجت عن صمتها ونظرت له ببرود قائله: اعذرك على ايه؟


عامر :على الى حصل من شوية انا اس.... قاطعته:وهو كان حصل ايه اصلا.


نظر لها باستغراب يقول :لما.. لما قولت لمعتز انك بنت ابن عمى وبس.


مليكه :طب وانت قولت ايه غلط في كده....مانا بنت ابن عمك.. وبس.


عامر بلهفة :لا يا مليكه لأ انتى مش كده وبس لو سمحتي ماتعمليش كده.. ازعلى منى وزعقى... اعملى اى حاجة بس ماتبقيش ساكته كده.... هدوءك ده مخوفنى.


نظرت له بجانب عينها وقالت:لو سمحت انا مش حابه اتكلم مع حد دلوقتي.


عامر :واحنا مش هننزل من هنا ولا هتروحى في حته الا اما تفهميني وتسامحينى.... وتدينى فرصة تانية.


ردت ببرود صقيعى:اديتك فرص كتير.. خلصت كل الصبر... كتر خيرى.


عامر :يعنى ايه؟


شعروا باهتزاز الطائره معلنة عن احتكاك عجلاتها بالأرض.


عامر:مليكه... ردى عليا.. معناه ايه الكلام اللي بتقوليه ده؟


جمعت أغراضها وهى تتجه إلى باب الطائرة ولا تجيب.


ذهب خلفها قبض على ذراعها يديرها نحوه:مليكه. ردى.. يعنى ايه... عايزه تسبينى؟!!


ابتسمت بجانب فمها تقول :هو انا كنت معاك عشان اسيبك؟


احتدت عينيه وبدأ غضبه يظهر :يعنى ايه كلامك ده... انتى فاكره انك ممكن تبعدى عنى عادى.. انا مش هسمحلك.


كان باب الطائره قد فتح... نظرت له وقالت ببرود :تسمح.. ماتسمحش.. مع نفسك.


ردد ببهوت:مع نفسي.. إيه ده انتى بتكلمى عيل صغير؟


التفتت خلفها تقول :سلام... يا ابببيه.


نظر لاثرها بغضب وهو يراها تغادر... هل ستغادر حياته مطلقاً؟... حسنا سيعطيها بعض الوقت كى تهدأ ثم يتحدث معها بعقل قليلاً ولن يتركها قبل أن يراضيها.. هو مخطئ وعليه أن يتركها لتهدأ.


بعد مرور أسبوعين


وقفت حكمت تحمل ذلك الوعاء الساخن تنادى على ابنها.


يوسف :نعم.. نعم ياما.


حكمت :مابتردش ليه على طول.


يوسف :جاى تعبان ومش شايف قدامى وعايز اريح شويه.


حكمت :طب خد... خد حلة الرز دى وديها عند الاسطى سيد جارنا.


يوسف :هو ايه الحكاية... ماييجو يتغدوا ويتعشوا عندنا بالمره هو كل يومين هتعمليلهم اكلهم ولا ايه؟


حكمت:يابنى خلى في قلبك شويه رحمه. الراجل مراته ميته وبنته لسه صغيره مش عارف يتصرف.


يوسف :مين دى الى صغيره... دى عيله لسانها مترين.. بترد الكلمه بعشره.. انا نفسي مابعرفش الاحق على لسانها ده... مش موديلهم حاجة... انا لو شفتها همسك في خناقها.


حكمت :يالا يايوسف واستهدى بالله.. ده الناس لبعضيها.


حمل الوعاء الساخن بأحد الأقمشة الباليه على مضض وتقدم للخارج.


توقف على اعتاب شقة الأسطى سيد وأخذ يدق الباب.


. سمع صوت من الداخل :ايوه.. حاضر جايه.


فتح الباب وظهرت فتاه صغيره بوجه ابيض مستدير وشعر اسود... ملامحها بريئة جدا ولكن...


لسانها سليط وغير برئ بالمره :نعم خير... هو انت كل ما تبقى فاضى تقول اما اقوم أخبط على باب الجيران شويه... مش مكسوف من طولك وانت بتعمل كده.


يوسف :ايييه.. بلاعه واتفتحت.. اهدى على نفسك شويه فى ايه... مش شيفانى شايل ولاعميتى.


احتد صوتها قائله:هى مين دى الى عميت يا جزار الحمير انت.


يوسف :انا جزار حمير.. لااا ده انتى قليله الادب ومالقتيش حد يربيكى.


مى:احترم نفسك يالا بدل ما افرج عليك امة لا إله إلا الله دلوقتي.


مع ارتفاع صوت شجارهم خرجت حكمت من شقتها... فى نفس الوقت خرج سيد من شقته.


سيد :فى ايه يامى.. ايه يا يوسف هو انتو ديما كده زى النار والبنزين.


حكمت:فى ايه يا عيال ده انتو ولا الى مولودين فرق روس بعض.


يوسف بغضب:ياما دى بت لسانها طويل ومتدلعه وعايزه حد يعدلها.


مى:شايف يا بابا.. شايف بيغلط فيك وانت واقف.. بيقول انك مابتعرفش تربى... شوفت قلة الأدب.


يوسف :شايفه ياما الافترا والكدب.


سيد وحكمت:بسسس.


سيد :مى خلاص.. يوسف مايقصدش.. وكتر خيره جايبلنا الغدا اهو تعبناه معانا هو والست حكمت...الأصول نشكرهم مش نتخانق معاهم.


مى:طنط حكمت ماشى على عينى وعلى راسى... لكن الواد ده لأ.


هاج يوسف يهم لضربها:واد.. واد مين يام واد انتى. احترمى نفسك ولمى لسانك.


سيد:عيب يامى مهما كان ده أكبر منك... يالا اعتذرى.


مى :هعتذر لطنط حكمت بس. غير كده لا.


حكمت:ولا تعتذرى ولا حاجة. انتو الاتنين ولادى بس ياريت تطلبوا منقاره كل ماتتقابلوا ولو صدفه لازم تتخانقوا كده.. ده انتى خلاص كبرتى ورايحه أولى ثانوى وهى داخل الجامعة اهو المفروض نعقل بقا ولا ايه.


مى :اه.


يوسف :شايفه ياما.. دى بتحلن عليكى.. بتتريق. بتستهزق بينا.


مى:والله انا بهزر مع طنط حكمت انت بقا اخدتها على أنها تهزيق لانك حاسس نفسك قليل ومهزق دى حاجة ترجعلك انت اكتر واحد تحس بنفسك.


اغتاظ يوسف اكثر وفهمت امه انه على وشك ضربها فعلا... أخذت تجرجره الى باب شقتهم تحول بينه وبين مى.


يوسف:لاااا...دى بت قليلة الادب... سبينى عليها ياما... والله يامى لأكون معلمك الأدب.. سبينى ياما.. والله ماحد مربيها غيرى البت دى.


اما مى فأخذ والدها يدخلها هو الآخر :شايف يابابا.. شايف قليل الادب. بيقول عايز يربينى... يقصد انك مش عارف تربى.. ماتسكتلوش... ده زودها اووى.


ادخلها سيد لشقتهم وأغلق الباب يقول :بقا كده يامى... بتعلى صوتك وانا واقف.


مى:بابا انت ازاى تسكتله... ده شتمنى وانت واقف.


سيد:ده على اساس انى مش عارف طوله لسانك.. الواد جاى وجايبلنا غدا كمان وبتزعقيلو.


مى:ياسلام.. يعنى هتسكتلوا.. الى عملوا ده هيعدى عادى... طييب... انا بقا مش هسكت.


هز راسه بقلة حيله من ابنته ورأسها اليابس.. ثم فتح ذلك الوعاء من الأرز الساخن وفوقه قطع اللحم تتصاعد منها الابخره.


سيد :طب تعالى... تعالى اتغدى الأول.


مى:هاجى طبعا.. ده أنا بحب طبيخ طنط حكمت اوى.. هاكل دلوقتي وبعدين اقوم اتخانق عادى.


هز راسه باسى ثم شرع فى تناول طعام حكمت اللذيذ.


اما عند حكمت كانت مازالت تدفع ابنها للداخل تحاول تهدئته:خلاص بقا يا يوسف.. اهدى.


يوسف :والله مانا سايبها... انا هعرفها مين يوسف ابن المعلم رجب.. صبرك عليا يا مى يابنت سيد.. والله مانا سايبها وهى كبرت فى دماغى بقا اما اشوف ازاى كل ما تشوف وشى تتطول لسانها عليا.. انا هخليها تخاف من خيالى.. تشوفنى تحط وشها في الأرض... ماشى.. صبرك عليا يابنت سيد.


دلف لغرفته بغيظ وأغلق الباب خلفه بينما حكمت تتنهد بقلة حيله تعلم ابنها حين يضع برأسه شئ


جلست ندى وهى تضع الهاتف على اذنها.. كعادتها منذ أسبوعين.. تتحدث بالساعات مع خطيبها.. مازن.


ونجلاء تقف بالشرفه نقوم بانزال (السبت) للمعلم رجب بعدما هاتفها يطلب منها ذلك.


وكعادته منذ فتره... يحضرلها الكثير من الحلوى وأحيانا طعام جاهز.


وهى لا تعرف من اين لها كل ذلك التعود والقبول... من المفترض انه شخص غريب عنها.. باى صفه وتحت اى بند تندرج كل تصرفاتها وتصرفاته أيضاً.


لاتعلم لما تجيب كل مره يتصل بها.. ربما لأنه لا يتعدى حدوده.. ربما لأنها تستمع لصوته يحدثها بنبرة تحمل كل الاحترام بل والفخر والاعتزاز أيضا.


ذلك اللقب الذى دائما ما كانت تستغربه أصبحت مدمنه عليه.. تحب أن يناديها به.. تعلم سيقال عنها متصابيه او فى مرحلة مراهقة متأخره ولكن... لكن حين يقولها ويناديها بهذا اللقب رغما عنها تشعر بحالها.. انها موجودة... لها وجود وليست ام ندى فقط.. تلك السيدة التى تحيا لتربى ابنتها فقط وتزوجها وتجلس تنتظر اى مشكلة تواجه ابنتها من بعد الزواج كى تتدخل... كل هذا مسؤوليتها الأساسية وهى تعلم ومرحبه ولكن ما المانع من أن يكن لها ركن ولو صغير بحياتها يسعدها... يشعرها انها من الأحياء على هذا الكوكب.


مهلا نجلاء... الى اين وصل عقلك... إنه مجرد وسيلة للعودة الى حياتك العادية مع توفيق وابنتك... اعقلى.


تنصح نفسها بالتعقل... وبعد ثانيه واحده فقط.. ورغما عنها تولدت من جديد روح الطفله التى بداخل كل انثى وهى ترى كل تلك الحلوى التى جلبها لها بجوارها نوع القهوة المفضل لها... ولا تعلم من أين عرف.


انتفضت فجأة على صوت ندى :ايه الحاجات دى ياماما... هو ايه الحكاية.


تلعثمت لا تجد رد... وكأن الحال تبدل.. شعرت كأنها هى فتاه الثامنه عشر وندى هى ولى أمرها وهى لاتجد رد منطقى علي اسئلتها.


نجلاء :ده.. ددده. ده. ده.


رفعت ندى حاحبها تقول باستغراب :ده ده ايه... مالك كده ياماما وكمان ايه حكاية الاكل الدليفرى.. مره سى فود ومره برجر من ماك.. وحلويات وشكولاتات... وايه ده.. ده البن الى انتى بتحبيه وبتمشيلوا مسافه عشان تجيبى من عند الراجل ده بالذات.... لااااا انا عايزه اعرف ايه اللي بيحصل من ورا ضهرى... قولى... عايزه تشمتى الناس فيا... عايزاهم يقولو ايه.. ندى ماعرفتش تربى... قولى.


نجلاء بحدة تدارى بها توترها:بنت.. ايه اللي بتقوليه ده... انا الى امك على فكره.


ندى :مش ضروري.... ساعات الدنيا بيتشقلب حالها... وانا عايزه اعرف انتى ايه حكايتك.


نجلاء :ده المعلم رجب.....قاطعتها ندى :المعللم رجب... إلا قوليلى ياماما هو ايه اللي جابه هو وعم سيد قرايه فتحتى... مش غريبه شويه.


نجلاء :ايوه غريبه... مش عارفه.


قامت ندى بمد يدها وأخذت إحدى الحلوه.. تحل وثاقها وتضعها بفمها بتلذذ تقول وهى تلكها:امممممم.. طعمه اوى... دى كمان من الغاليه... لا صارف ومكلف.


احتضنت ذلك الكيس البلاستيكى الكبير وقالت :انا هاخد الكيس الكبير ده امزمز فيه وانا بفكر الراجل ده بيعمل كده ليه.


ثم ذهبت من أمامها وهى تلك إحدى الحلوى وتفتح أخرى متمتمه:الا يخيبك يا مازن... مش عارف تبقى ربع المعلم رجب الجزار... تعالى اتعلم.


نجلاء بضيق:بنت... طب هاتى واحدة حتى.


رفعت صوتها وقالت :وكمان عايزه واحدة... انتى تدخلى اوضتك لحد ما اشوف الولد ده عايز منك ايه... انا مش نايمه على ودانى.


زمت نجلاء شفتيها بغيظ وندى تسير للداخل متمته:الا عمرى ما جالى كيس زى ده... بترسم على امى يا معلم.. ماااشى.


دلف للبيت وجدهم يجلسون جميعاً... يبدوا ان هناك شئ مهم.


نظر لها بشوق...أصبح لا يراها كثيراً وهو يترك لها الفرصة وبعض الوقت كى تهدأ.


لكنها لا تنظر له... وحتى لو تقابلت عيناهم.. تكن نظره عاديه... لا حب.. لا كره...ولا حتى خطط.. لا شئ.. تلك اللمعه التى كانت تخصها به انعدمت.. حتى فى تلك الفترة بعدما رفض حبها يوم اعترافها له لم تكن تلك هى نظرتها كان مايزال هناك شئ.. لكن الآن.. لا شئ... والا شئ هذا يقتله... كأنه ينحر عنقه نحرا.


ابتلع ألمه داخله يعلم أن الخطأ منذ البدايه عنده حتى لو كان معه عذره.


تقدم منهم يقول:مساء الخير يا جماعه... ايه بتعملوا ايه كده.


قالها بشموخه المعتاد.. سؤال غير مباشر يحافظ على هيبته وبنفس الوقت يعلم ماذا هناك وهل الأمر يخصها او لا.


كانت الإجابة من طرف كارما التى قالت:دى ميكا.. كانت بتبعت الرغبات بتاعت الكليات على موقع الوزاره... لسه المرحلة الأخيرة فاتحه من يومين.


نظر لها بغضب وقال:وانا مش قولت ان مجموعك ده مش نافع وانك هتقدمى في جامعة خاصه.


وقفت بكبر... لن تسمح له بالتقليل منها ثانيه لمجرد انها لم تصبح دكتورة ام مهندسة... لمجرد انها حصلت على درجات سيئة في اختبارها... حتى لو... من قال ان الشأن العالى يكن بدرجات التعليم.. وان كانت بسذاجتها مررت حديثه القديم فلن تمرره ثانيه.


مليكه :انا دى درجاتى وهى عجبانى.. مش مهم هدخل كليه ايه.. المهم هخرج منها ايه... ودرجات الثانوية العامة مش هى نهايه العالم.


احتد صوته.. عاد لتحكماته الفطرية :ولو فى فرصه انك تحسنى كل ده وتدخلى جامعه خاصه خصوصاً انى معايا الى يكفى ويفيض.


نظرت له مباشره. فى بؤبؤ عينيه تقول بقوه :تؤتؤ.. قصدك انا الى معايا... مش حضرتك خالص... حضرتك مش بتصرف عليا ولا بتتفضل بفلوسك.. ده ببساطة ورثى... حقى.. حضرتك بس واصى عليا لحد ما قريب ان شاء الله هتم السن القانوني.


كان الكل في حالة زهول... خصوصا وهم معذورين.. لا يعرفون ماذا حدث معها وجعلها أصبحت تتحدث هكذا وبتلك الهعجرفه من وجهة نظرهم.


أمام هو.. فصدمته أيضا لم تكن قليله... خصوصا مع نظرات عيونها تلك.


عامر :امممم.. وايه كمان يا مليكه... فى حاجة كمان تحبى تضفيها.


مليكه :لما يبقى فى حاجة هبقى اعرفك.. لكن انا هدخل كلية عاديه حتى لو جالى معهد سنتين.. وعايزه عربيتى.. انا قدمت فى مدرسة تعليم سواقه وعايزه اسوقها...عنئذنكوا.


تحركت بقوه... تنهى تلك الجلسه.. تاركه الكل مستغرب.. وهو فى حالة صدمه.


ظل على وضعه... كأنه صنم... من تلك التي كانت تقف تناظره بقوه وتحدى.


اغمض عينيه.... يعلم... لقد اغضبها.. اغضبها كثيرا.


بعد دقائق اجتمع الكل على طاولة الطعام.


ناهد :كارما... اطلعى نادى مليكه عشان تيجى تتغدى.


كارما :حاضر.


فى نفس اللحظه... دلف محمد للداخل بغضب :عامر... فى مشكله.


عامر :خيير.. مشكلة ايه.


محمد :ال100 فدان بتوع مشروع العالمين الجديدة.. الف عين اتفتحت علينا فيه... وبيشككوا ان الارض مش من حقنا واننا خدناها برخص التراب رشوة ومحسوبيه.


عامر :نعم... ده أنا دافع فيها ملايين ماتتعدش.


محمد :بعد الصفقه الاخيره والمكاسب الى حققناها والعيون بقت علينا... عامر.. انا قتيل المشروع ده... انت سامع.. دول نفس الناس اللي مشاركينهم فى مشروع ارض السويس... وعندهم المشروعين مرتبطين ببعض... ده هينقلنا للعالميه... مش هينفع نوقفه.


اغمض عينيه يقول :قدامك حلول ايه.


تقدم منه بجشع يقول :الحصانه... كرسى في مجلس النواب... والانتخابات قربت... لو نجحت ماحدش هيقدر يفتح بؤو معانا... واسم الخطيب هيبقى مش فى مصر والشرق الأوسط بس.. هنوصل للعالميه بقولك.


عامر:لأ لا.. لا يامحمد... انا ماليش فى الجو ده.. ولا عمرى فكرت فيه.. السلطه مش حاجة مفيدة دايما... ساعات بتحطك تحت الميكرسكوب.. خلينا بعيد.. نشتغل ونكسب.. من غير مانبقى تحت العيون.


تدخلت خالته هدى وعيونها تلتمع. ترى به زوج ابنتها... ستكن هديل زوجة لعامر خطيب... رجل الأعمال والبرلمانى الكبير.


هدى:وفيها ايه يا عامر... زيادة الخير خيرين.. وبدل ماتدفع عشان تمشى مصالحك... تبقى انت نفسك حصانه... بيتك ده.. هيبقي حصانه.. محدش يعرف يكلمك.


عامر :لأ.. لا بردو.. انا مش موافق.


لكزت هديل بمرفقها فتدخلت:عامر...دى هتبقى حاجة كويسة اوى ليك.. وافق دى ميزه واضافه ليك.


قالت الاخيره بنعومه.. تعلم أنها مراقبه من قبل امها.


تزامناً مع هبوط ملكيه الدرج خلف كارما.. تراها مقتربه منه بعض الشئ تتحدث بنعومه.


رفع نظره وجدها تنظر تجاه هديل.. الأكثر انه لم يزجرها... لم يوقفها عند حدها.. أبعدت عينها عنه... تحاول تدربة حالها على اعتياد كل تلك الأفعال.


مجرد أبعاد عيونها عنهم جعله بحالة ضيق... منذ متى لا تهتم بانتمائه لغيرها.


جلست على طاولة الطعام مثلها مثل المقعد الذى تجلس عليه... تستمع لحديث هديل المبالغ فيه معه... ترحاب الكل على وجود علاقة بينهم... تحسى فقط الشوربه الساخنه... معدتها من كثرة الحزن تؤلمها... والفت تنظر لها وله... تشعر بتغير كبير.. سعيدة لتغير وقوة مليكه لكنها ليست مرحبه بكل ما يحدث.


ولجوار الفت... يجلس نادر يستمع لحديث محمد غير راضى عن كل هذا القدر من الجشع... لا يرى أمامه غير ذلك المشروع الذي سيصل بهم للعالميه.


ابتلعت بعض من الشوربة الساخنه على مضض.. ثم وضعت معلقتها وجففت فمها ووقفت تعتذر منهم.


ناهد :بس انتى ما كلتيش حاجة.. طبقك زى ما هو.


نادر :مليكه مالك... فيكى حاجة.


احتدت أعين عامر امام هذا الإهتمام الموجه منه لمليكته.


والاكثر هو جوابها الرقيق له:لا مافيش حاجة.. انا هطلع انام شوية بس.


جوابها عادى... لكن بالنسبة لعامر هو أكثر من رقيق.


ذهبت لغرفتها... تشعر بالوحده... حتى ندى ومنذ خطبتها لمازن أصبحت منشغلة به فقط... فتحت هاتفها...ثم تطبيق الفيس بوك.


أخذت ترى المنشورات عليه.. تعلق على أحدهم... دخلت فى الحديث بالتعليقات مع إحدى الفتيات بمرح.


مره وأخرى... ثم بعثت لها طلب صداقة.. قبلته الأخرى.


تناست قليلا جرحها وهى تتعرف على تلك الفتاه:الحمدلله تمام... انتى اسمك ايه؟


الفتاه:جودى.. وانتى اسمك مليكه.. صح.


مليكه :ايوه صح.


جودى :شفته مكتوب كده بس بتاكد يكون اسم بنتك او اسم مستعار.


مليكه :لا بنتى ايه.. انا لسه صغيره... 18ونص.


جودى :وانا كمان.. 17ونص.


ثم بدأو بحديث طويل مع بعضهم... لم تشعر هى بمرور الوقت وهى تتحدث مع تلك الفتاه العفويه الجميله.


لكن تفاجئت بمن يفتح الباب فجأة ويقتحم غرفتها.


أغلقت الهاتق تقول بغضب :ايه ده.. إزاى تدخل كده من غير ما تخبط.


لم يهتم أو يبالى بحديثها إنما قال:أظن كده كفاية اوى.. سبتك فتره اهو عشان تهدى.. ياريت نقعد ونتكلم بعقل.


مليكه :وحد قالك اني مجنونه مثلاً.


عامر :مليكه بلاش طريقه الكلام دى عايزين نتكلم مع بعض.


مليكه بغضب:هو حضرتك عايز ايه دلوقتي مخليك جاى لحد اوضتى وداخل بالطريقة دى.


عامر:عايزك ترجعيلى... عايز نرجع لبعض.


نظرت له تضحك باستنكار:نرجع لبعض؟! مش تعرف انت بتقول ايه الأول.. نرجع لبعض دى تتقال لما يبقي كان فى بنا حاجة... نكون مع بعض في علاقه من اى نوع.. انا وانت عمرنا ما كنا حاجة لبعض... انا لا مراتك.. ولا خطيبتك ولا حبيبتك ولا حتى بنتك او اختك.. انا بالنسبه لك مش اى حاجة.. انا فرد.. فرد عايش معاك في الاوتيل الكبير ده.. جاى ازاى تقولى نرجع لبعض عايزه افهم.


كل هذا وهو يقف لا يملك اجابه على كل حديثها هذا....


      لقراءة الفصل الثالث عشر من هنا 

تعليقات