رواية أنصاف القدر الفصل الخامس 5 بقلم سوما العربى







 رواية أنصاف القدر

الفصل الخامس 5

بقلم سوما العربى

 

مرت ايام اخرى ورجب تقريبا لا يذهب لبيته انما فقط يراقب بيت نجلاء وكأنه أصبح يخشى ولا يروق له فكرة أن من الممكن أن يأتى توفيق للعيش معهم مرة أخرى.. بالنسبة له لقد انتهى امره ولا يحق ابدا ان يعود للعيش معهم من جديد. 

وقف بلهفة هو يرى نجلاء.. تلك الجميلة التي يحلم بها ليلاً نهارا... تخرج من البيت ترتدى عباءه سمراء بسيطة. 

تقدم منها سريعاً يقول :يسعد صباحك يا ست البنات. 

نظرت باستغراب وتفاجئ من اين يظهر لها فجأة هذا. ما كلمه ست البنات هذه التى يرددها لها دائما.. أصبحت فى ريبة منه ومن أمره. 

نجلاء :فى حاجة يا معلم.. ممكن توسع عشان اشوف طريقى. همت للتحرك فقال :والنبى مانتى تاعبه نفسك... انتى الى زيك يتخدم ويشال فوق فوق الراس.. امرى ياست البنات شوفى عايزه ايه من برا. 

نجلاء :ماخلاص بقا يامعلم مايصحش كده خلينى افوت اشوف طلبات بيتى فى ايه. 

رجب :انى كان غرضى نخدم بس والله يا ست ام ندى. نجلاء :حصل خير يا معلم بس ماهو ماينفعش في الرايحه والجايه التحقيق ده. رجب بمكر:انى بس شايف البيت مافيهوش راجل قولت اخد بالى منكوا.. انتو تعزوا عليا اوى ياست ام ندى. 

لم تاخذ بالها من كلامه الأخير كل ما شغلها هو جملته الأولى. 

قالت بتلعثم:ووومين قالك ان راجله مش موجود. 

رجب :جرى ايه يا ست ام ندى هو انا الى هقولك.. ده الحته دى مش بيستخبى فيها خبر لساعتين... الكل عارف انك وسى الباشمندس توفيق اتطلقتوا... طلاق بلا راجعه أن شاء الله.

نجلاء :ها؟ 

رجب:لا ولا حاجة بدعى ربنا يصلح الحال. 

كانت فى متاهه بسبب حديثة لم تكن تعلم ان الكل قد عرف... كانت ستتكتم على الأمر حتى لا يعرف الكل وهى تقطن هنا بمفردها مع ابنتها. 

استغل الامر جيدا وقال بسرعه :ها قوليلى طلبات ايه الى عايزاها من برا وانا اشيع اجيبهالك هوا.. انتى عارفه الناس مش بترحم وانتى ست حلوه صغيره. كان يقول الاخيره بصدق واعجاب شديد لكنه لا يخلو من المكر والخبث. 

املت عليه ماتريده بوجه شاحب متعب ودلفت للداخل من جديد لقد تفاجئت أن الكل يعرف. اما هو ظل ينظر لاثرها بوله يردد:قرب البعيد يارب. 

جاء من خلفه صوت ساخر يقول:ههههىى.. ربنا يهدى العاصى يا معلم. 

التفت لذلك الصوت وتغيرت معالم وجهه كليا من الهيام للنفر:خير يا حكمت فى حاجة؟ 

حكمت :ايه ياخويا.. انت لسه عايش على الأمل.. خليك كده لا طايل سما ولا ارض من بنت ال دى. 

رجب بغلظه:لمى روحك يا حكمت عملتلك ايه هى دلوقت عشان تشتمىيها. حكمت بغل:عملت ايه؟ وبتسأل كمان؟ مش هى دى السبب فى خراب بيتى؟ مش هى سبب طلاقى؟ 

رجب :لا مش هى.. انتى وليه مفتربه والعيشه معاكى تقصر العمر... لسانك متبرى منك ومابتكبريش لحد.. كنتى مفكرة امى هتحميكى منى لامتى عشان خالتك يعنى... خلاص الواد الى بينا كبر وبقا راجل مافيش حاجة تجبرني على العيشه الى تطهق دى. 

حكمت :وانت مفكر انها هترضا تتحوزك بعد ماتطلقنى؟

 رجب :بطلى ظلم وافترى.. انا مطلقك من 3سنين وهى كانت لسه على ذمة جوزها... مالهاش دعوة بطلاقك.. انتى الى طفشتينى منك ومن عشرتك 

حكمت بغل :لو مفكر انها ممكن تبصلك تبقى بتحلم يا معلم... خليك كده احلم لحد ماتقع على جدور رقبتك... بكره ترجعلى..بعد ما هى ترفضك وتقول لأ... وحياة شعرى دى ولا يبقى على دكر ان ماجيت بخبة الأمل تلطم وتعدد جنبى.

 احمر وجه رجب بضيق يقول :عرفتى انتى اتطلقتى ليه يا حكمت؟ اخلصى قولى كنتى جايه ليه؟ 

حكمت:ابدا ياخويا وانا هعوز من وشك ايه.. انا جايه لابنى.. يوسف... يا يوسف. 

أخذت تنادى عليه الى ان جاء من الداخل يقول :ماما؟! خير ايه اللي جابك؟ 

حكمت :ابدا يا ضنايا جايه أقولك انى سمعت من الاستاذ رشاد جارنا أن التقديم للكليات آخره النهاردة وبكره وانت ياحبة عينى بترجع كل يوم هلكان من الشغل.. عايزاك تخطف رجلك نص ساعه تروح اى سايبر. 

تقدم يوسف :سايبر ايه ياما انتى قديمه اوى. روحى انتى روحى انا هتصرف. 

حكمت :ماشى. خلى بالك على روحك يا حبيبي. لا إله إلا الله. 

يوسف:محمد رسول الله. 

خلى بالك وانتى ماشيه حكمت:حاضر ياضنايا رجب :مؤمنه اوى ياختى 

حكمت :طول عمرى رحلت حكمت ووقف يوسف ينظر لوالده بغضب شديد فمنذ ذلك اليوم وامام إصرار والده على مايفعله وهو غاضب منه.. تقريبا لا يتحدث معه ذهب سريعا من امامه وترك والده يتنهد بحزن... لا احد يفهمه حتى الآن.. لا احد 

 بقصر الخطيب ومنذ ذلك اليوم وهو تقريباً لا يراها كثيراً.. حاله كله متغير منذ ذلك اليوم الذي رآها فيه وهى شبه عارية بثوب السباحة خاصتها.. كلما اغمض عينيه يراها تقف به وتبتسم له أين هي؟ 

والى متى ستظل هكذا؟ فجأة فتح باب المكتب دخلت هى مالاعصار 

تقول:ابيه عامر... ممكن افهم مين اللي قال لحضرتك انى عايزه أقدم فى جامعة خاصه؟ وأخيرا هى امامه.. كان ينظر لها نظره شمولية بفستانها البيتى القصير وذلك الخف البسيط في قدميها.. شعرها الذى تضفره وتجمعه على جانب واحد... ذراعيها.. صدرها.. خصرها.. اووه لقد كبرت مليكه وأصبحت فتنه متنقله هذا كل ما كان يفكر به.. لم يكن ابدا يفكر لا بعصبيتها ولا بحديثه او اى شئ 

مليكه بغضب :ابيه.. انا بكلمك اخيرا انتبه عليها وقال :فى حاجة يا حبيبتي أصبحت كلمه حبيبتي منه تعصبها... لازال يتحدث مع طفله.. مع ابنته فيقول حبيبتي هكذا.. تلك الكلمة الجميلة التى تتمنى أن تسمعها منه بإحساس وشعور مختلف يستخدمها هو للتعبير عن حبه لابنته التى رباها.. وكأنها كلمه عاديه 

تقدمت منه بغضب وقالت :ماتقوليش ياحبيبتى تانى 

عامر :ليه؟ 

مليكه:هو كده وخلاص 

عامر :ياسلام.. عموما مش موضوعنا.. تعالى اقعدى وقوليلى كنتى بتقولى ايه. 

مليكه :انا مش عايزه اقعد.. كل الى عايزه اقولو انى مش هقدم في جامعة خاصه ولا هدخل هندسه زى ما حضرتك شايف ومخطط 

عامر بحده:نعم؟ امال هتعملى ايه؟ 

مليكه :هقدم فى جامعه القاهره عادى زيى زى اى حد واشوف مجموعى هيودينى فين 

عامر:مجموعك ده يوديكى الملاهي ياحبيبتى.. اسمعى كلام يالا 

مليكه :ايه اسمعى الكلام.. ناقص تقولى اسمعى الكلام يا شاطره.. ابيه عامر لو انت شايف نفسك كبير اوى كده دى مش مشكلتى.. مش هقبل أنى أفضل اتعامل على انى العيله الصغيره اللي المفروض انها تنفذ كلامك انا مش ذنبى انك كبير وانا أصغر منك

نظر لها بزهول يردد:انتى بتقولى ايه؟ 

مليكه :زى ما سمعت حضرتك.. حتى لو كنت شايفنى صغيرة فدا بقا اخر همى.. مش مهم انت شايفنى ايه المهم انك تحترم رائي ورغبتى.. كون أنك شايف نفسك كبير في السن ده مايديش ليك الحق أبدا أنك تشوفنى عيله صغيره وتختزل كل تصرفاتى وقراراتى المصيرية من خلال رغبتك انت.. الصغيره دى ماهى بنى ادمه وليها قلب وعقل وعايزه الكل يحترمهم زى ما هى بتحترم قلب وعقل الى اكبر منها ولا بتقول دول دقه قديمه ولا بتتفزلك عليهم. 

تركته ينظر لها بصدمه وغادرت.. هوى على المعقد خلفه وهو لايصدق ان من كانت تقف أمامه منذ قليل هى مليكه.. تلك الطفله التى رباها على يده... قالت كلام حديد عليه كليا.. منذ متى وهى بهذا النضج والعمق... لقد كبرت مليكه دون ان يدرى او يلاحظ. اخذ الأمر منه أكثر من نصف ساعة حتى يستوعب كل ما قالت... الى ان وقف وخرج من مكتبه يتجه إليها دق الباب مره.. مرتين... ثلاثه. إلى أن جاء صوتها :ادخل فتح الباب ودلف للداخل وجدها متكوره على فراشها تخبئ وجهها فى الوساده. 

تحدثت بوهن:لو سمحتي يا كارما انا مش جعانه دلوقتي زى ماقولتلك اتغدوا انتو وانا هبقى اكل بعدين.

 تقدم منها يرفعها له يقول :بس انا مش كارما نظرت له بزهول مردده:ابيه..فى حاجة؟ 

عامر بحنان:مش عايزه تاكلى ليه؟ 

نظرت له بحزن وقالت ببرود:مش جعانه ماليش نفس. 

عامر:ايه الى مضايقك اوى كده كل ده عشان الكليه؟هو احنا مش اتكلمنا فى الموضوع ده قبل كده وانا قولتل....

 قاطعته هى تتحدث بمراره ووجع :أن مجموعى مش اد كده ولازم ادخل كليه قمه زى كل ولاد الخطيب..مش كده يا ابيه.. هو مين اللي ادى لحضرتك الحق انك تقلل منى كده... بأى صفه يعنى.. وهى كليه القمه الى هتخلينى بنى ادمه؟ يعنى مثلاً لو دخلت حقوق ولا آداب ولا حتى معهد سنتين قمتى هتقل.. الناس بتحترم بس الدكاترة والمهندسين.. احب اقولك انى انا الى هجبر الى قدامى انه يحترمتى بقوه شخصيتى واحترامى... انت ازاى تقولى كلام زى ده عادى كده وقدام الكل وانا ازاى سكت وقبلت كلامك ده.. ولا انا كنت مغيبه وف دنيا تانيه.

 عامر :مليكه... انا مش مصدق انى بسمع الكلام ده منك انتى... انتى امتى كبرتى كده وامتى بقا تفكيرك كبير كده... انا مش متخيل بجد.. ده أنا الى مربيكى 

مليكه :مش مصدق ايه.. انى كبرت. ولا انى بنى ادمه وبحس.. ولا الأصعب انك لا مصدق ولا متخيل ان مليكه هتقولك لا على قرار اخدته فى حياتها؟ 

بالضبط كان هذا جزء من تفكيره.. كيف تستطيع تلك الصغيرة أن تعرى عقله فتظهر أفكاره لها هكذا... ابتسمت بمراره وهى تراه ينظر لها باستغراب فكيف علمت ما يجول بخاطره.. اغمضت عينيها بحزن فهو لطالما اعتبرها تابع له.. فى ذيله... خلفه.. فى الخلف تلهث.. لم ولن يراها يوماً فى المقدمة.. ولا أمامه.. كفى.. كفى كل هذه السنوات. 

تحدث هو قائلا :بصراحة اه.. انا طول عمري باخدلك كل قراراتك وانتى... 

قاطعته مجدداً :كنت بوافق وانا فرحانه ومبسوطه مش كده؟ 

صمت موافقا فقالت:بس خلاص انا كبرت حتى لو حضرتك مش واخد بالك فبراحتك خلاص مابقاش فارقلى. الى مهم عندى دلوقتي انى مش هفضل تابع لحد احتدت عينيه عند هذه الفكرة يقول :يعنى ايه؟ ويعني ايه مش فارقلك؟ 

مليكه:يعنى من هنا ورايح كل قراراتى هاخدها بنفسى وهدخل الكليه إلى انا عايزاها 

عامر بغضب :وهتعملى كده ازاى بقا. ورينى... ماتنسيش أن انا الواصى عليكى يعني بتحكم في كل خطواتك.. ماتقدريش تعملى كده الا بموافقتى. 

وقفت أمامه بغضب تقول :مانا بردوا قررت أن هننقل وصايتى لفادى 

عامر بصدمه :ايه؟ فادى؟؟ 

مليكه :اه.. اهو يتدرب على مسؤليتى ياخد هو قراراتى... كفاية عليك لحد كده تشيل مسؤليتى 

هدر فيها بغضب :وانا كنت اشتكيلك 

مليكه:لو سمحت يا ابيه... خلينا نخلص الموضوع ده بجد... انقل وصايتى لفادى وانا بعرف اتفاهم معاه. 

كل هذا وحديث صديقه يتردد بإذنه.. انه بعد ما حدث اول شئ ستفعله مليكه هى ان أن تخرج من دائرته التى صنعتها حول نفسها لسنوات وتعمل على صنع حياه ودنيا جديدة يكون هو خارجه عندما وصل به تفكيره لهما تزامنا مع حديثها عن فادى 

قال بغضب :يعنى ايه.. بتعرفى تتفاهمى معاه عنى؟ خلاص بقا هو الى فاهمك؟ 

ابتسمت بحزن وتحصر قائله :انتو نافيش ولاحد فيكوا فاهمنى... مافيش غير تيتا بس الى بحس انها فهمانى حتى وهى لا بتتحرك ولا بتتكلم.. صحيح الاحساس ده أكبر نعمه.. تملى تقول انا الى مربيكى انا الى مربيكى.. طيب قولى يا ابيه.. تعرف عنى ايه ها؟ يعنى بحب ايه بكره ايه... طب ايه الالوان الى بحبها. طب بحب اخرج فين... بلاش... عندى مواهب ولا ماعنديش.. بحب القرايه مثلاً ولا بحب الأغانى. طب ايه اكتر اكله بحبها... بحب لما نسافر نسافر فين؟ وقف مبهوت أمامها صامت... عاجز عن الرد. 

فقالت :مش معنى أنى عايشه معاكوا هنا وانت الى مسؤل عن شغل المجموعة يبقى انت الى مربينى.. انت اصلاً مش واخد بالك منى ولامركز معايا... انا.. انا الى دايماً واخده بالى ومركزه.. مركزه فى كل تفاصيلك ياكبير يالى مربينى.. يعنى مثلاً عارفه انك بتحب اللون الاسود والفيروزى والازرق... بتحب تسمع اغانى جاز وغربى اكتر... اكتر اكله بتحبها المكرونه بالبشاميل والبيتزا... بتحب دايما تسافر اسبانيا ولو هتخرج بتحب تروح اماكن مغلقه بس.. تحب اكمل ولا كفاية كده.. انت ولا واخد بالك منى ولا مربينى زى ما كنت فاكر.. انا بالنسبه لك كنت امانه.. واجب وواجب تقيل كمان لما ماما ماتت وبعدها تينا واضطريت اجى اعيش هنا..لكن خلاص بكفايه لحد كده وانا بعفيك من المسؤلية..

 انا كبرت ومش محتاجه حد يبقى بالاسم مسؤل عنى ويختار ويحدد مصيرى على كيفه ومش واخد فى اعتباره غير سمعت عيلته وبس لأول مرة يشعر بكم هو صغير هكذا أمام أحد... وليس اى أحد... إنها مليكه.. أصغر فرد يتعامل معه بحياته... والاكثر من ذلك أنه يستشعر طعم المراره التى تتدفق بقلبها وحلقها... كأن قلبه ممزع من وجعها الظاهر بعينيها وصوتها 

تحدثت بصرامه تقول :لو سمحت اتفضل عشان عايزه انام. 

عامر :مليكه انا... 

قاطعته بقوه :لو سمحت بعد اذنك اتفضل مش عايزه اتكلم تانى كلامى خلص... خلاص الكلام مش هيطول لأنك عايز وحابب نتكلم.. كل ده خلص. دلوقتي انا خلصت الى عندى يبقى الكلام خلص.. هتخرج ولا هتفضل واقف لما اغير قدامك مثلا؟ 

نظر لها بصدمه. لا يصدق ذلك الإصرار والقوه بعينيها أمام كل ذلك خرج بدون التفوه بحرف.. وهى سقطت على الفراش خلفها تبكى بحرقه على طاولة الطعام يجلس وهو يقلب فى طعامه بشرود.. يفكر فيها.. حديثها... صوتها الموجوع.. أيضاً حديث كارم يقفز لعقله كل ثانية... ينظر إلى مقعدها الفارغ وهو صامت يفكر كأنه معزول عن الجميع..

 لكنه انتبه على صوت نادر ينظر له بغضب وحده حين وجده يسأل :هى فين مليكه؟ ماجتش تتغدا معانا ليه؟ وجد حالة يرد بغضب غير مبرر يقول :وانت مالك انت؟ 

نادر:فى ايه يا عامر ماتتكلم كويس... البنت فين مش المفروض حد يناديها على الغدا 

عامر :نادر لو سمحت مالكش علاقة بمليكه ولا اى حاجة تخصها 

نادر:ليه يعني مش فاهم؟... انا هطلع اناديها انا عشان تاكل. 

عامر بغضب :تطلع فين يا استاذ انت.. ده الى هو ازاى يعنى. كل ذلك الشجار وهناااك على الطرف الآخر من المائدة تجلس الجده الفت تمضغ قطعة لحم بتلذذ واستمتاع رهيب تنظر تجاه عامر المشتعل بشماته واستمتاع 

تدخلت ناهد فى تلك اللحظه وقالت :فى ايه يا عامر بتزعق لابن خالتك ليه.. 

الحق عليه انه واخد باله من البنت فى ذلك الوقت دق هاتف نادر فقال:هرد بس على المكالمة وراجعلك.. ها ظل ينظر لاثره بغضب وانتبه على حديث خالته تقول :احمم.. بقولك ايه يا عامر.. كنت عايزة اتكلم معاك فى موضوع كده قبل ما يرجع. 

عاود الجلوس على كرسيه يحاول أن يهدأ وقال :اه طبعا اتفضلى 

هدى:هو يعني.. احمم. فادى بيحب مليكه.. اقصد يعنى عايز يتجوزها اوى؟ 

ضيق عينيه يقول :بتسالى ليه؟ 

هدى :بص بصراحة كده انا واخده بالى أن نادر مشغول ومهتم اوى بمليكه وانا ماصدقت حد يعجبه ويبعد عن بنات برا دول وهو شكله معجب بيها. لا معجب ايه ده ابنى وانا عارفاه هو شكله بيحبها وانا... 

قاطعها بعضب يحرق كل أوردته :بي ايه؟ انتى مين قالك كده؟ 

هدى:باينه اوى. ده من ساعة ماجه وهو دايما مشغول بيها ومش وراه غيرها.. اكلت امتى صحبت ولا لا رجعت من برا ولا لسه. 

عامر :الله الله.. كل ده بيحصل وانا فى شغلى م دارى بحاجه.. وانتى كنتى فين يا امى... والفت هانم فين من كل ده. ابتلعت الفت ما كانت تمضغه تنطر له بوداعه كأنها تخبره :وانا مالى بس يا خويا

 بينما تحدثت ناهد :ايه يا عامر... نادر ماتعداش حدود الأدب معاها ده غير ان مليكه بنت مؤدبه وكل حاجه قدامنا. 

عامر :مش عايز اسمع كلمة واحدة عن الموضوع ده... ولازم اعرف ايه اللي بيحصل من ورا ضهرى وانا قاعد في شغلى. 

القى معلقته بغضب يتجه للدرج كى يصعد لها.

 كارما ببلاهه:هو ماله بيتكلم كده كأن مراته بتخونه مع حد. أشارت لها الفت انها تريد عصير برتقال.. اخذته منها وظلت ترتشف منه بتلذذ وخبث وصل لغرفتها وبدون أي استئذان فتح الباب بغضب جدها تمشط شعرها كأنها تستعد للخروج 

نظرت له بغضب شديد تقول :ازاى تدخل كده من غير ما تخبط اقترب منها وقبض على ذراعها يقول :ايه الى بينك وبين نادر؟ 

مليكه :يعنى ايه مش فاهمة؟ 

عامر :ايه الى بيحصل من ورا ضهرى وانا مش عارف؟ 

نفضت يده من عليها يغضب تقول :ايه الى حضرتك بتقولو ده؟ 

عامر :وطى صوتك وانتى بتتكلمى معايا وجاوبى على الى بسأله

 مليكه :اجاوب على ايه مش لما افهم 

عامر :مهتم بيكى وبخروجك ودخولك واكلك...لا ده كمان عايز يطلع هنا.. فى اوضتك.. من امتى كل ده بيحصل. وايه تانى حصل وانا مش عارف؟ إلى وهنا ولن تتحمل. 

سقطت دموعها رغماً عنها.. لن تستطيع لعب دور القوة أكثر من هذا . 

تحدث وهى تشهق دموعها تسرى على خديها:انت بتقول ايه.. معقول تفكر فيا كده. انا؟ 

وجعه قلبه بشدة وهو يراها هكذا. لم يتحمل أكثر من ذلك... أخذها بين ذراعيه بغضب منها ومن نفسه ومن كل شئ.. أخذ يهدهدها وهو يمسح على طول ظهرها مرددا:انا اسف.. اسف حقك عليا وفى لحظات تغير كل شيء ووجد حاله مستمتع باحتضانها.. يديه التى كانت تهدهدها توقف عن ذلك وبقت كأنها تستكشفها.. يضمها له وداخله تتفجر مشاعر جديده... يتحسس ظهرها عنقها بحرراه استماع رهيب...

لديه شعور جميل ومختلف لها الآن... وجد نفسه دون أن يدرى يضمها له بتملك شديد... تملك رافض أن يخرجها من ضلوعه.. دون أن يدرى وجد حاله مجنون.. يقبل عنقها بوله شديد....


         لقراءة الفصل السادس من هنا 

تعليقات