رواية أنصاف القدر الفصل السابع والعشرون 27 بقلم سوما العربى

رواية أنصاف القدر

الفصل السابع والعشرون 27

بقلم سوما العربى


وقف توفيق مع شكرى على أعتاب شقه خالد شقيق نجلاء يدقون الباب.


ثوانى وفتح خالد الباب يقول :يا اهلا يا أهلا.. اهلا ياحاج شكرى... اتفضل.. اتفضل يا توفيق.


دلف الرجلين بملامح يابسه صلبه.. خصوصاً شكرى


خالد بحفاوه:ده احنا زارنا النبى... تشربوا ايه.


صمت شكرى... كأنه يميت محدثه بهدوئه القاتل... ينظر له من أعلى لاخمص قدميه ثم يتحدث ببطئ:قهوة... مظبوط ياخالد... اصلى احب كل حاجه تبقى مظبوط.


ابتلع خالد رمقه بصعوبة وقال:طول عمرك... طول عمرك يا حاج.


تحرك خطوتين واختفى بالداخل يوصى بالقهوه ثم عاد ثانية مرحبا.... كثرة ترحيبه تظهر مدى ارتباكه.


خالد:منورين... منورين والله.


شكرى :خالد... انت عارف احنا جايين في ايه... انا عايز اعرف انت ازاى سكت على سفر اختك مع رجب كل ده.. اديلهم مده مسافرين... دول ولا الى بيعملوا شهر العسل الى بنسمع عنه في التليفزيونات ده... طيب وجه وخلص ولو انه غلط بس هعديها بمزاجى... جم من السفر والمولد انفض.. ايه بقا.... مش هنفضها سيرة وعيشه ترجع لام الخير؟!


خالد...نظراته مرتبكه.. غير واثقه وغير ثابته... مهتز.. لطالما كان مهتز... شكرى كلماته قويه وفى الصميم.


حاول التحدث قائلا :عداك العيب... انا عارف انى انشغلت حبتين المده الى فاتت... اصل جالى مدير جديد في الشغل وانت سيد العارفين.. الغربال الجديد له شدته.


شكرى:ده انت موظف حكومه ياخالد... يعنى بتبدأ شغل عشرة... على ماتفطر وتاخد الشاى وتقلع الجزمه تهوى رجلك تحت المكتب تكون بقت 12... واحدة ونص بالظبط بتكون قايم تمضى انصراف....وكده ولا كده انا مش جاى اسمع لا كلام ولا أعذار... انا جاى احط النقط فوق الحروف... الجدع ده الى اسمه رجب ايه اللي فى دماغه بالظبط ولا ناوى على ايه؟ ده عمل عقد الشقه باسمه سمعت انه عارض على صاحب البيت يشتريها... الجدع ده كان بينيمنا ولا ايه انا عايز افهم.


كل ذلك وخالد تحت السيطرة التى تفرضها هيبه شكرى... يتسمع ويهز رأسه المنكسه فقط.


وتوفيق.... صامت... لما يتحدث... لقد ذهب على الفور لشكرى كى يتحدث ويتحمل هو الموقف برمته.


وقف شكرى على الفور وقال بحزم:غير هدومك دى يالا وقوم بينا.


وقف خالد مهتز.. متلجلج:على فين يا حاج.


شكرى :هنروح لرجب المحل نتكلم معاه ونشوف اخرتها.. مش على آخر الزمن هيتلعب بينا... قوم يالا... انا مشتنيك تحت انا وتوفيق.


خالد:والقهوه؟!


نظر له شكرى نظرة تعنى الكثير وقال :احنا في ايه ولا فى ايه.... يالا قوام وانجز.



خرج من مكتبه يبحث عنها... مازال يتذكر قبلتهم ليلة امس... يحبها من كل وجدانه يشعر انها جزء منه... هى من خلقت من ضلعه.. هى نصفه الثاني.


أين هى تلك السارقه المحتاله.. من سرقة قلبه وكل عقله.


وقف على باب الغرفة بعدما اصطدم بمحمد الذى وكأنه يبحث عن شئ حوله غير منتبه لما امامه.


عامر :مش تفتح يابنى.


محمد:ماعلش ماخدتش بالى.


عامر :مالك كده... بتدور على حد.


محمد :هااا.. ااا... عايز قهوه... هى توتا فين.


رفع عامر حاجبه قائلاً :هى القهوه مابقتش تتشرب غير من ايدها ولا ايه و بعدين مش هى اسمها تغريد بردو.


محمد باعين زائعه:ا. اه. اه.


عامر :امال ايه توتا توتا دى... بقولك ايه يا محمد لعب العيال الى انت بقالك يومين فيه ده لازم يخلص.


محمد :لعب.. لعب ايه.


عامر :انت عارف.. البنتين الى جايبهم وتقريبا خاطفهم... إزاى تعمل كده ومبلغ ايه الى انت متحجج بيه ده.


محمد :عامر انا... قاطعة قائلا :انت ايه.. مش شايف ان كل دى حجج فارغه... عاجباك؟


اتسعت أعين محمد فردد مجددا :انطق.... عاجباك؟؟


صمت قليلا... يحارب ذلك الصراع الذى بداخله وعامر ينتظر الاجابه.


صمت خيم عليهم الى ان رفع محمد وجهه وقال:عجبانى... بس مستحيل.... انا محمد الخطيب ودى عيله نصابه.... مش هينفع.


صدم عامر... صدمه عمره... لطالما تأكد انه سيأتي اليوم الذى ينهار به قلب محمد ويقع للحب... لم يهتم لأى شئ.. لا بمظهر اجتماعى او اى فوارق.. لكن حقا الطبع غالب.


نظر له ثوانى باشمئزاز وتقزز ودون اى حرف واحد ترك له المكان... سيندم كثيراً وهو يعلم.


ذهب حيث طاولة الطعام وتغريد تضع آخر صحن من يدها على الطاولة... نظر لها بتعاطف كبير وقال:صباح الخير يا تغريد.


استدارت بزهول تقول :صباح الخير يا خويا... مانت حلو اهو وبتعرف تصبح.


عامر :وحد قالك انى أخرس مثلاً.


تغريد:لا والنبى الشهادة لله انت شكلك طيب وابن حلال.


ابتسم ابتسامه صغيره وقال :فين الجماعه فين مليكه.


ابتسمت بمكر:هروح اناديهم دلوقتي.


نظر لها بسخط.. لم تجيب على أهم جزء.


ابتسمت تلك المخادعه وقالت تلاعب حاجبيها:خرجت من شوية هى وست كارما... ماتقلقش كانت لابسه فستان طويل ورابطه شعرها.


نظر لها بصدمه... من أين علمت.. دارت حوله تغادر وهى تدندن:بنحب يا ناس.. نكدب لو قولنا مابنحبش... بنحب ياناس وماحدش فى الدنيا ماحبش... ههئ.. حتى عامر الخطيب.


رغما عنه ابتسم يحدث نفسه :غبى يا محمد... وهى خسارة فيك اصلاً.



جلست فى إحدى المقاهى الشهيره تستمع الى حديث جودى وريتال تفكر بعمق إلى أن قالت :بصى احنا لازم نأدبه وكمان نكسب وقت.


جودى :ازاى بس.


فكرت أكثر وأكثر الى ان رفعت هاتفها وقالت :استنوا هكلم ندى.


قامت بالاتصال بندى:الو.. ازيك عامله ايه... هو مازن خلاص بقا فى مستشفى هنا في القاهرة مش كده.


ندى :اه ليه؟


مليكه :تعاليلى عشان عايزينه فى حوار وماحدش هيقنعه غيرك.


ندى:مش عارفة تيتا هتسبنى اخرج دلوقتي ولا لأ... انا قاعده عندها اليومين دول.


مليكه :لا بصى بجد أتصرفى عشان خاطرى.


ندى:تمام هحاول. اقفلى انتى.


انهت الاتصال وكارما تجلس لهم تشاهد كل ما يحدث قائله :انتى ناويه على ايه؟


مليكه :هقولكوا.


جلس رجب على مقعد أمام محل الجزاره خاصته يتكئ عليه يدخن ارجيلته... يستند بظهره يستند على يديه... يشعر كأنه ملك زمانه بكل ما تعنيه الكلمة من معنى.


يرفع رأسه يخرج من فمه وانفه دخان الارجيله عاليا بشموخ... هو حقا ملك كل ما اراده... وماذا يريد بعد أن اجتمع أخيراً مع سيدة قلبه أحلامه.


تقدم سيد منه قائلا :هل هلالك شهر مبارك... ايه يا رجب.. فينك غايب عننا كده.


رجب براحه كبيره وزهو :موجود يا صاحبى.


سيد :شكلك مبسوط.. باين على وشك.


رجب :انت جاى تقر عليا بقا ولا ايه.


سيد :ياعم ولا اقر ولا حاجة.. انا جايلك فى حاجة تانيه بصراحة.


رفع حاجبه بتوجس يراقب توتر صديقه وقال:هممم قول انا سامعك.


رغم شخصية سيد القويه الا انه ازداد توتر من طريقة رجب وقال:بصريح العبارة كده... انا جاى اديك خبر ان كتب كتابى على الست حكمت بعد بكره.


اخذ رجب نفس عميق من ارجيلته وزفره على مهل عاليا وقال :اه جاى تعرفنى يعنى.


سيد:رجب انت عارف انا راجل دوغرى.. انا مش بعمل حاجة غلط... وماتخدهاش من الناحية دى.. اعتبرنى صاحبك وجاى يعزمك على كتب كتابه يا جدع.


نظر له رجب بثبات ثوانى ثم قال ووجهه لا يبدو عليه اى رد فعل :مبروك يا سيد.


فهم سيد على الفور... طالما لم ينهى كلماته كما اعتاد منه ب(ياصاحبي) يعنى انه لم يصفو بعد... صمت... لقد فعل كل ماعليه... صبر كثيراً واعطاه وقت كى يستوعب الموقف... هى امرأه مطلقه وهو رجل ارمل.. لما لا يتزوجا... وان كان هو فعل الأكثر من ذلك للفوز بالسيدة نجلاء... لا حرج عليه إذا.


وقف من المقعد المجاور لرجب يقول :ماشى يا صاحبي الله يبارك فيك... همشى انا.. لو احتجتنى هتلاقينى... سلام.


رجب بهدوء :سلام يا سيد.


ذهب سيد وهو اخذ يعيد محاسبة حاله... لابد وأن يتقبل الموضوع.. هذا حقها وحق سيد.. لابد وان يتقبل.


استمر في تدخين ارجيلته بشموخ يفكر الى ان شاهد من بعيد اقتراب ذلك السمج برفقة أخيه شكرى وخالد شقيق نجلاء


زم شفتيه جانباً بسأم واستمر على وضعه... كما هو يدخن بشرود ظاهريا... لكن بداخله يستعد لتلك المواجهه.


تقدموا حتى اصبحوا امامه وهو على جلسته.. يضع قدم فوق الأخرى ملامح وجهه لا تفسر.


ينظر لهم وهو هكذا كأنه يقول :هات ما عندك.


بالطبع من سيتحدث هو شكرى... الوحيد الذي لديه تلك الجرئه والقوه :مش لما يجيك ضيوف تقف تستقبلهم يا رجب.


وفر الدخان من انفه على مهل... ثم وضع المبسم جانباً... يقف بتروى على مهل... كله شموخ وقوة الى ان مد يده لشكرى يقول :وانا هقوم لاعز منك يا حاج شكرى... خطوة عزيزه... اتفضلوا.


شكرى :نتفضل فين يا معلم.


رجب :ماطرح ما تحط رجلك هتنور..عايز هنا في المحل ماشى.


صمت برهه ثم استأنف حديثه يقول عن عمد :عايز تطلع فوق فى بيتى ماشى.. بس... ثانية بس أدى خبر للجماعة عشان يفضوا السكه.


اشتعلت أعين توفيق وصرخ به:انت اتجننت ولا رافع حبيتين... ده بيتى انا والى فوق دى تبقى مراتى.


بدون اى مقدمات ركل رجب الارجيله بقدمه يصرخ وهو يتقدم منه يقول :مرات مين ياعين امك.


اشتعلت أعين شكرى وهو يراه يذكر سيرة والدته وأيضا يقبض على عنق شقيقه.


شكرى بصوت جهورى:ررججب... انت اتجننت ولا ايه.


تجمهر البعض على صوت الشجار وتقدم سيد سريعاً من ورشته يقصل بين رجب وتوفيق... يزيل يد رجب من على رقبة الآخر بعدما بدأ وجهه بالشحوب.


سيد:رجب.. انت اتجننت... الجدع همو"ت في ايدك.


رجب :وهقطعله لسانه الى جاب سيرتها بيه كمان.


شكرى :لا ده انت اتجننت بجد بقا يارجب.


رجب :حاج شكرى الزم حدودك.


شكرى:ولو مالزمتش هتعمل ايه يعني يا رجب.


احتدم الموقف كثيراً فتدخل سيد:استهدوا بالله يا جماعه مش كده.


أخيراً نطق خالد يقول :انت مش كنت حاضر يا سطى سيد وشهدت على اتفاقنا... الاتفاق انه يبقى محلل مش يكمل فى الجوازه.


صمت سيد لا يجد رد بينما تحدث رجب :كان فى وخلص والاتفاق ده اعتبره لاغى.


شكرى:يعنى ايه لاغى هو لعب عيال.


رجب بغضب:انا لسه محترم سنك ومقامك يا حاج مش عايز ازعلك.


شكرى :وهتزعلنى ازاى يا رجب انا عايز اعرف.


تدخل سيد مجدداً :استهدوا بالله. استهدوا بالله يا جماعه مش كده.. وانت يا حاج شكرى خد استاذ توفيق واستاذ خالد دلوقتي... مش عايزنها تقلب بخناقه.


شكرى :تقلب زى ما تقلب ياسيد... مش احنا الى هنتقرطس ونتخرس كمان.


تقدم الشيخ منتصر يقول :وحدو الله.. وحدوا الله يا جماعة الخير فى ايه بس.


سيد:الحقنا يا شيخنا... انا مش قادر عليهم لوحدى.


وضع منتصر يده على كتف شكرى يقول :ايه ياح صلى على النبي كده فى قلبك.


الجميع :عليه الصلاة والسلام.


منتصر :احنا نهدا دلوقتي وبإذن الله نتجمع ونعمل قاعده نحل بيها الخلاف ده.. مش عايزين حد يقع فى النص لو نقدر نلم الدنيا نلمها ولا يا حاج شكرى.


شكرى :وانت شايف ان ده شكل ولا طريقة واحد ناوى يلم.


نظر منتصر تجاه رجب وقرأ بعينه الكبر والتمادى بما هو به.. لكنه قال :خير... خير ان شاء الله.. مش عايزين الموضوع يكبر... يالا.. استهدى بالله وخد اخوك واستاذ خالد وروحوا دلوقتي


على مضض تحرك من امام ذلك الرجب وخلفه توفيق وخالد.


ورجب ينظر لاثرهم بغضب.. لن يتركها مهما حدث.


وقف سامح أمام تحيه ينظر لها بمكر وانتصار وهى مصدومه... كيف لم تنتبه بأن بهاتفه خاصية التتبع يمكنه تحديد مكان السارق.


لا تعلم بماذا تجيب ولا ماذا تفعل.. لا تعلم لما يحدث معها هكذا هى وشقيقتها هذه الأيام.


تحدثت بصوت هامس ساخط:ماطول عمرها ماشيه معانا زى السكينه في قلب الحلاوة مش عارفة منحسه معانا اليومين دول ليه؟ دى اكيد علامه يامارد.


يستمع لبعض حديثها يقول :بتبرطمى تقولى ايه يابت.


تحيه باندفاع:بت اما تبتك.. ايه بت دى.


اتسعت عينيه بزهول من سلاطه لسانها وقال :نعم؟!


أدركت سريعاً ما فعلت وقالت :ااا.. انت تقول الى انت عايزه يا باشا.


سامح :والله... هممم اعمل انا ايه فيكى دلوقتي.


تحيه:ولا تعمل ولا تغلب روحك ياكبير... خد الموبيل اهو وفوقيها المحفظه بتاعتك كمان.


سامح بزهول :المحفظه كمان يابنت ال... بجد لسانى عاجز حتى عن الوصف.


تحية :ماخلاص بقا خلصنا خد حاجتك اهى.... يالا الحرام ما بيدومش.


سامح :بالسهولة دى... انا سهل اوى احبسك على فكره.


ارتعبت عينها تقول :ليه بس ياباشا هو انا كنت عملت حاجة.. ده حتى الموبيل ماغبش عنك غير سواد الليل واهو زى ماهو بحالته.. وبعدين ليه.. ليه أقسام وبوليس ماحنا نوصل للترضيه الى تعجبك.


ابتسم سامح بخبث وقال :اى حاجة اى حاجة.


تحدثت بلهفه:اى حاجة يا باشا.


سامح :حتى لو كان الحاجة دى اتتى؟


تحية :لو اسد ماعنديش مانع.. انا ابيع نفسى لأول مشترى آت.


ضحك يهز رأسه ثم قال:حلو... متفقين.


اخرج من جيب بذلته زوجى من العقود يقول :خدى أمضى.


تحية :ايه ده؟


سامح:ورقتين عرفى.


تحية :جبتهم منين.


سامح :مابمشيش من غيرهم.


تحية :ما شاء الله.


سامح :هتمضى ولا ايه؟


تحية بسرعه :امضى ياخويا مامضيش ليه مش أو انا مضيت هتسبينى؟


سامح :اه.... اصلك عجبانى اوى.. مزه.


تحية :انشالله يجبر بخاطرك... امضى فين بقا.


كان ينظر لها بزهول... من المفترض أن تخاف وترفض حتى لتمثل عليه دور الشرف والنزاهه.. لأول مره يخاف هو بدلا من تخاف منه فريسته.


أشار لها بزهول شديد... تتسع عينيه أكثر وأكثر وهو يجدها توقع باسمها ثم تقول :خلاص كده... امشى.


سامح بزهول :عادى كده.


تحية :اه عادى احنا هنفتح عكا يعنى.


رفع العقدين بيده ينظر لهم يتأكد من توقيعها.. ثم اخذ احد العقدين يعطيه لها قائلا :طب خدى نسختك.


مدت يدها ترجع يده ناحية جسده تقول :خليه معاك ياخويا... هو انا هخونك... ده الحاجه فى ايدك تزيد.


فكه وصل للأرض... لا يصدق ولا يستوعب.


تحية :خد بقا موبيلك اهو والمحفظه.. حبايب؟


من شده زهوله لم يجيب فاجابت هى عوضا عنه:حبايب... اتمسى بالخير ياخويا.


ثم اختفت من امامه سريعاً وهو مازال على صدمته من هذه التحية.. لم يسبق وقابل لها مثيل... لا يصدق حقاً.


 وهى لجواره بعدما نفذت خطتها مع جودى.. يسير بغضب شديد من كل شئ.


نظرت له بغضب قائله :ممكن اعرف انت ازاى تكلمنى كده قدام الناس؟


عامر :نعم... وكمان انتى الى مش عاجبك... يقرب منك كده ازاى وكمان يقولك ياحبيبتى... انتى الظاهر اتجننتى.


عادت تحاول الهدوء تنظر أمامها بصمت فجأة جعلته ينظر لها بغضب مختلط بالاستغراب.


مليكه وكأنها شخص جديد عليه... يعلم عليه كل الذنب... هو من حولها الى تلك التي لا يعرفها ولا توقع ردود أفعالها.


اغمض عينيه يحاول أن يهدأ وقال وهو يكبت غضبه:انتى مش عارفة انى بغير عليكى... مش عارفة انتى ايه بالنسبه لي... تروحى سيباه يقولك كده طب اعملى حساب حتى لمشاعري.


نظرت له فجأة بحدة تقول :وهو انت كنت راعيت مشاعرى عشان انا اراعى مشاعرك... ولا هو الكبار بس الى عندهم مشاعر.


صمت... لم يجد مايقوله.


صمت قليلاً ثم جذب يدها. يشبكها بيده يقبلها ثم يضمها له قائلاً :حقك عليا... هصلح كل ده.


جذبت يدها من يده تقول :سيب ايدى... انا مش زيك ابقى خاطب واحدة وماسك أيد واحدة تانية... انا دلوقتي مخطوبه يعنى على اسم راجل تانى.


احتدت عينيه يصرخ :انتى بجد اتجننتى.. انتى بتقولى ايه؟


مليكه :زى ما سمعت يا ابيه.


توقف أمام باب القصر يقول :ماشى يا مليكه انا هفضل ماسك نفسى عنك لحد بس ماكل حاجة ترجع زى الاول... ارجعك ليا وبعدين نتحاسب.


لم تهتم او تعير حديثه انتباه.. اعتادت وسئمت من تلك الكلمات التى لا يتبعها اى فعل.


فتحت باب السيارة وخرجت سريعاً تصعد غرفتها لا تريد مقابلة او حديث احد معها.. وهو ظل ينظر لاثرها بشرود يغمض عينيه بتعب.


جلست تحيه تكمل طعامها باستمتاع غير مهتمه بتغريد حينما شهقت تضرب صدرها بيدها على ماقصته عليها اختها تقول بعويل:ياحزن الحزن.. اتجوزتى عرفى يابنت عبسلام.


توقفت تحيه عن الطعام لثانيه واحده ترفع شفتها العليا باندهاش لانفعال اختها الغير مبرر.. هزت رأسها باستغراب ثم عاودت اكمال الطعام.


صرخت تغريد مجددا:ردى عليا يابت... ايه اللي هببتيه ده... انتى عايزه تفضحينا.


تحدثت تغريد وهى تلك الطعام :اسم الله ده احنا لا أهل ولا صحاب.... مقطوعين من شجرة... حتى مانعرفلناش قرايب.


تغريد :تقومى تتجوزى عرفى؟!


اغمضت عينيها بسأم تجيب :انتى هبله يابت؟ هو الجواز اعرفى دلوقتي بقى جواز بحق وحقيقى.. دى ورقة هبله قالى امضى مضيت.


صممت تغريد تقول:يعنى ايه؟


تحيه:يعنى ايش ياخد الريح من البلاط هيعمل ايه يعنى.. آخره ايه؟


تغريد:انتى مستقله بنفسك ده انتى ملكه جمال وسيد مين يتمناكى... اكيد طمعان فيكى انتى.


تحية بزهو:هو انا حلوه اه هو الصراحه معذور.


وضعت ملعقه محملة بالطعام فى فمها وتتحدث:بس بردوا هيعمل ايه.. دى ورقة سكته بيها زى اللعبة كده لما تشتريها لعيل زنان.. مش اخدها كبيره هيعمل ايه؟


تغريد:هو مش قالهالك بصريح العبارة كده وعلى بلاطه.. انتى عجبانى... اكيد عايز يطولك.


تحيه :وماله ياختى... خليه يقرب وانا اصوت والم عليه امة محمد والى يحصلنى يفرجنى.


زمت تغريد شفتيها وقالت:مش مرتاحه يا توحا.


وضعت تحية المعلقه من يدها تقول :انا مش عارفة هى ملعبكه معانا اليومين دول كده ليه.. ماكانت ماشيه معانا زى الحلاوه.. مش عارفة غفلقت كده ليه.


تغريد:انا عايزه امشى من هنا.. احنا عمرنا ماكنا خدامين... نشتغل ونجمعله الفلوس اللي علينا.


صمتت تحية برهة ثم قالت:عندك حق.. هو كده زودها اوى... انا كمان مابقتش متحمله.. انا طول عمرى احب الشغل الطيارى...ماحبش اتقيد.


نظرت تغريد للفراغ تقول بشرود :مش عارفة عارفه يابت. بس حاسه ان احنا خلاص... عيشة الحريه راحت وهنتقيد.


وقفت نجلاء تعد الطعام وهى تفكر بشرود.... كيف كانت الامس.. واين أصبحت اليوم.


خلطه عجيبه من المشاعر تجول بصدرها... تحديدا قلبها... الأغرب انها لا تريد تفسير لما هى به.. او مواجهة نفسها.


هل احبت ورضت بالعيش مع رجب الجزار..... هل ستترك نهائيا حياه توفيق... والد ابنتها.


وقفتها لإعداد الطعام هذه المره مختلفه... تعلم وتثق انه سيثنى على طعامها مهما كانت النتيجه.


اغمضت عينيها تبتسم وهى تستمع لصوته يقول :اللهم صلى على سيدنا محمد... ايه الروايح الحلوه دى.


لم يخيب ظنها يوماً منذ تزوجا... ابتسمت بمرارة تتذكر توفيق.. كان دائما يذم طعامها ولا يحبه.... حتى لايقدر انها تعبت به حتى لو لم يعجبه.


وضعت تلك المعلقه من يدها واستدارت له تقول :حمد الله على السلامة.


رجب :الله يسلمك ياست البنات.


شعرت أن به خطب ما... نظرت له بحيرة وقالت :مالك... فى حاجة مضيقاك.


ابتسم براحه وقال:والله وبقيتى تحسى بيا.


ابتسمت بحرج تنظر ارضا... رفع وجهها بيده ينظر لها قائلا :ربنا مايحرمنى منك ابدا.


نجلاء:طب ماتقولى مالك.


رجب مبتسماً :ولا حاجة... يمكن اكون جعان... فين اكلك الحلو؟


ابتسمت بحماس قائله :هوا.. ده أنا عملالك بريانى تحفه.


رجب :ايه؟


نجلاء :بريانى... دوق بس هتعجبك.


رجب وهو يراقص حاجبيه:طالما من ايدك يبقى هتعجبنى ياعسل.


اغمضت عينيها مت من شدة الحرج واختفت من أمامه تجلب الطعام... لا تصدق كل ما أصبحت تحياه.


مر اسبوع على الجميع


وطوال هذه المدة كانت هديل منشغلة عن الجميع بعادل.


يساعدها فى جمع عدد من مهندسى البرمجة بمصر.


بعدها أصبحت المشكلة في ايجاد مكتب ولو صغير لبدئ مشروعها من ابجدياته.


اما سيد فقد عقد قرانه على حكمت أخيراً وهى الان تجمع اشياءها لتنتقل لشقه سيد الملاصقة لشقتها هى وابنها.


كانت مى تساعدها بجمع أغراضها وهى تثرثر :قام الراجل ابو حامد مديها بالكف على صرصور ودنها... الوليه أم حامد قامت راقعه بالصوت لامت عليه العماره كلها... على مجية حامد من الجيش.. اه لو شوفتيه.. بقا قمر.


حكمت :مش قولت مية مرة ماترميش ودنك مع الجيران يا مى.


مى ببراءة :وانا كنت رميت حاجه بقولك صوتت ولمت الناس.


هزت حكمت رأسها بيأس وذهبت تجلب بعض الأشياء من غرفتها.


استدارت مى تكمل جمع الأغراض... شهقت برعب وهى تجد يوسف يقف خلفها ينظر لها بغيظ قائله :مش ترن الجرس... مش عارف ان فى حد غريب هنا... قول احم ولا دستور.


يوسف :والله انا واحد داخل بيتى... الدور والباقى على الى مركزه مع الشباب.


مى:شباب مين ياض انت.


تقدم منها بغضب يقبض على رسغها قائلا :انا ماقبلتش فى طولة لسانك حد.. انتى جايبه البجاحه دى منين... أما عيله ماتربتيش صحيح.


نفضت يده عنها بعنف... لكن لم تستطع ترقرق عينيها بالدمع... كل ما استطاعت فعله بتلك اللحظة هو حبس دمعها بقوه والفرار من امامه.


ذهبت لشقه والدها وتركته لا يشعر باى راحه او نصر بعد سبها وتعنيفها وملاحظته ضعفها... بل ماشعر به كان على النقيض تماما.


اما كارم ونهى فقد فعلا ما برأسها... قامت بتأجيل العرس اسبوع اخر.


جلس كارم بغيظ يقول لصديقه:دماغها جزمه قديمه... عملت الى هى عايزاه بردو وكل الى عليها اننا كده بنستعجل.


عامر :على فكره هى عندها حق.. انت نفسك مش عارف تخلص كل ترتيبات الفرح والمعازيم.


ارتفع رنين هاتفه قابتسم بخبث وفتح الهاتف يقول :الو... ايوة يا محمد... مالك؟ مصيبه؟ لالا مصيبه ايه وقعت قلبى... طب انا جاى.. جاى حالا ماتقلقوش.


أغلق الهاتف يقول لكارم:طب همشى انا بقا.


امعن كارم النظر له وقال:فى ايه ياض.. شكلك عامل مصيبه.


عامر :انا؟ انت تصدق عنى كده.. بقا انا وش ذلك؟


كارم :ده انت ذلك بذات نفسه.


عامر :مظلوم يا صاحبي.


وقف كارم يقول :لا انا جاى اشوف فى ايه. اتحرك قدامى.


بعد مده وصلوا اثنتيهم للقصر... لاحظ وجود سياره عدى.. سب بصوت واضح... الن يبتعد عنهم.


كانت مليكه تجلس معه... لا تشعر بالراحه او الإنتماء له... لم تحبذ يوما علاقتها به لكنه حقا شاب ممتاز ماذا تريد اكثر من ذلك.


جارها اتصال من جودى... استأذنت منه وابتعدت تجيب عليه.


فى نفس الوقت خرجت توتا تحمل معها القهوة لعدى.


توقفت امامه تقول بضيق:القههههوووه.


اتسعت عينيه ينظر لها بخوف يقول:ايه يابنتى مالك بتقوليها زى ريا وسكينة كده ليه.


توتا:اهو هو كده.. ينفع.


عدى :ينفع... ينفع... ياساتر... انتى مالك مكشىره كده... انا دايماً بشوفك بتضحكى وتملى المكان حواليكى بهجة.


توتا بضيق مما مرت به هى واختها:انت مالك ومركز معايا ليه من الأساس القهوة عندك اهى عجباك اشربها مش عجباك ارميها... ياساتر... هو انتو كنتوا اشتريتونا.


ذهبت من امامه بغضب تركته ينظر لاثرها بزهول... عقله منشغل... يريد معرفة سبب ضيقها هذا.


على بعد.


جلست مليكه تتحدث فى الهاتف وعامر يقترب منها بغضب.... لم ينسى ماحدث منذ أسبوع فى المشفى والان تجلس مع ذلك العدى.


استمع لها تقول لمحدثها:يانهار اسود. ايه اتكشفنا؟!


استدارت برعب وهى تستمع لصوته بجانبها يقول:هو ايه الى اتكشفتوا... عملتى ايه تانى.


رددت بخوف :ابيه عامر؟!


زاد غضبه منها :ايه. . هى خلاص لزقت فى لسانك.. ابيه ابيه... انا مش ابيه... انا عامر بس.


اشاحت وجهها عنه بغضب فقال:تمام... قولتلك الحساب يجمع... استعدى بقا للمفاجئه الى جوا.


مليكه :مفاجئة؟! مفاجئة ايه؟!


عامر :تعالى وانتى تعرفى.


سار معها للداخل متجنبا الطريق الذى يجلس به عدى.


دلفوا معا فاستقبلهم محمد بهلع:مصيبه.. مصيبه يا عامر... انت لازم تكتب على مليكه حالا.


صعقت مليكه وهى تستمع لناهد تقول هى الأخرى :مافيش وقت يا عامر قبل ما بكره ييجى لازم تكون كاتب عليها.


ابتسم لها جانبيا وهى فقط متسعة الفم والعين ثم قال :ايه الى حصل بس يا جماعه.


وقف شاب فى منتصف العشرين وقال:انا سيف الى محمد بيه زارعنى وسط حمله معتز الموسى الانتخابيه... الورقة دى كان ناوى يوديها لكل الصحف بكره عشان يفضحك.


عامر... وكأنه لا يعلم :ياخبر...ورقه ايه دى؟


سيف:دى ورقه جواز عرفى... باسمك انت وانسه مليكه... عايز يسوق سمعتك.


استدار ينظر لمليكه ويبتسم ثم استدعى الجديه ونظر لامع بغضب :اتجوز مليكه.. العيله الصغيره... مستحييل.. وبعدين انا راجل خاطب... خاطب بنت خالتى لا لا مش ممكن.....


   لقراءة الفصل الثامن والعشرون من هنا 

تعليقات